• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

الدليل من القرآن على صحة خلافة الشيخين

وائل حافظ خلف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/8/2012 ميلادي - 9/10/1433 هجري

الزيارات: 99176

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدليل من القرآنِ على صحة خلافة الشيخينِ

(أبي بكرٍ وعُمَرَ)

 

الحمدُ لله رب العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على الرسلِ والنبيينَ، لاسيما خاتمِهم العربيِّ محمدٍ ذي المقامِ المأنوقِ في أعلى عِلِّيِّينَ، والرِّضاءُ عن آلِهِ الطاهرينَ، وأصحابِهِ والذين اتبعوهم بإحسانٍ أجمعينَ.


أما بعدُ:

فقد قال الإمامُ العلامة أبو جعفرٍ أحمدُ بْنُ محمدِ بْنِ سَلامةَ الطَّحَاوِيُّ الْحَنَفِيُّ المتوفى سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة، - رحمه الله - في عقيدته الشهيرة، التي قال فيها الإمام تاجُ الدين عبدُ الوهاب السبكيُّ[1]: ((جمهور المذاهب الأربعة على الحق يُقرِّون عقيدةَ أبي جعفرٍ الطحاويِّ، التي تلقاها العلماء سلفًا وخلفًا بالقبول)):

((... وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا نُفْرِطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ.

 

وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ، وَبِغَيْرِ الْخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلَا نَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ.

 

وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ.

 

وَنُثْبِتُ الْخِلَافَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلًا لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، تَفْضِيلًا لَهُ وَتَقْدِيمًا عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ. ثُمَّ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. ثُمَّ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. ثُمَّ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

 

وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَالْأَئِمَّةُ الْمَهْدِيُّونَ)). انتهى.

 

وقد أجمع أهل السنة على صحة خلافتهم طُرًّا - رضوان الله عليهم -، وعلى تضليل مَن شك فيها أو تردد في إثابتها.

 

قال الإمام أبو الحسن الأشعري:

((أثنى الله - تعالى - على المهاجرين والأنصار والسابقين إلى الإسلام، وعلى أهل بيعة الرضوان، ونطق القرآن بمدح المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم أجمعين - في مواضعَ كثيرةٍ، وأثنى على أهل بيعة الرضوان، فقال تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ﴾ [الفتح: 18]، وقد أجمع هؤلاء الذين أثنى الله عليهم ومدحهم على إمامة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وسموه خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبايعوه، وانقادوا له، وأقروا له بالفضل، وكان أفضل الجماعة في جميع الخصال التي يستحق بها الإمامة من العلم والزهد وقوة الرأي، وسياسة الأمة وغير ذلك)) انتهى[2].


وقال شيخُ الإسلام أبو العباسِ أحمدُ بن عبد الحليم ابنُ تيمية من كلامه على معتقد أهل السنة: ((أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ. وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلاَفَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلاءِ؛ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ))[3].

 

وهم في الفضل عند جمهور أهل السنة على ترتيبهم في الخلافة.

 

عن أبي عبد الرحمن عبدِ الله بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قال: ((كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ))[4].

 

وعن أبي القاسم محمد ابن الْحَنَفِيَّة - رحمه الله - قال: قُلْتُ لِأَبِي: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: ((أَبُو بَكْرٍ))، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ((ثُمَّ عُمَرُ))، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَالَ: ((مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ))[5].

 

عن عبد الله بن أيوبَ قال: قال رجلٌ عند محمد بن عُبَيد: أبو بكرٍ، وعمرُ، وعليٌّ، وعثمانُ!، فقال له: ((وَيْلَكَ! مَن ْلَم ْيَقُلْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ؛ فَقَد ْأَزْرَي عَلَى أَصْحَابِ رَسُول ِاللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-))[6].


وعن سفيانَ بنِ وكيعٍ، قال: حدثنا حفصٌ، قال: سمعت سفيانَ (هو الثوري)، يقول:

((مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ؛ فَقَدْ أَزْرَى عَلَى اثْنَىْ عَشَرَ أَلْفًا، قُبِضَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، الَّذِينَ أَجْمَعُوا عَلَى بَيْعَةِ عُثْمَانَ))[7].


• • •

 

وأمر إثبات خلافة الأربعة الأئمة المهديِّين المكرمين لم يختلف فيه أحدٌ من الشرب الأول من المسلمين، والأدلة على ذلك مبسوطة تطفح بها كتب أهل العلم الثقات، فمن شاء الاطلاع عليها فليطلبها من مظانها.


لكني مَعْنِيٌّ هنا بذكر الدليل على صحتها من القرآن.


والباعث لي على كتابة هذه الكلمة المختصرة حوارٌ كان قد دار بيني وبين رجل يميل للرفض من أهل تونس، وكانت رحاه تدور حول كلمة قالها العلامةُ ابنُ خَلدون - رحمه الله - في "المقدمة". وقد تكلمنا في أمورٍ منها الخلافةُ، فتجاذبنا أطراف الحديث فيها، وكنت كلما ذكرت له حديثًا أَزَّ وامتعض، وقال: ((نح عنا الأحاديثَ! فأمرُ صحتها كَيْتَ وكيت، ولأئمتنا من الأقوال في ردها إن هي ثبتت ذَيْت وذيت!! أريد آية من القرآن تثبت خلافة أحد من الثلاثة قبل أمير المؤمنين عليٍّ)).


فذكرت لها آية بينة من الكتاب العزيز، فغص بها أول مرة، ولم يرد جوابًا، ثم مَنَّ الله - تبارك وتعالى - عليَّ وعليه فأذعن، فثَلِجَت لذلك نفسي.


فبدا لي أن أذكر في هذه العجالة بعضَ دلائلَ من القرآن المجيد، عسى الله أن يهدي مَن شاء هدايته بها.


وأنا سائل أخًا اطلع على كلمتي هذه أن لا يغفل العمل بهذا الحديث.


عن عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -، قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

((قُل: اللهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ بِالْهُدَى: هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ: سَدَادَ السَّهْمِ))[8].

 

الآية الأولى:

قال الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾  [النساء: 115].

 

فهذه الآية دليلٌ على أن الإجماع حجة لا تجوز مخالفتها، كما لا تجوز مخالفة الكتاب والسنة؛ لأن اللَّه - عز وعلا - جمع بين اتِّباع سبيل غير المؤمنين، وبين مشاقة الرسول في الشرط، وجعل جزاءَه الوعيدَ الشديدَ، فكان اتباعهم واجبًا كموالاة الرسول - عليه الصلاة والسلام -[9].


وقد تقدم آنفًا أن الصحابة بايعوا أبا بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليًّا على بكرة أبيهم، وما كان اللهُ ليجمعَ أمة رسوله على ضلالة، فقد عصمها من ذا، وكيف تجتمع على ضلالة وقد جعل - سبحانه - إجماعَهم حجةً توعد مَن خالفها؟!


فثبت يقينًا أن ما أجمعوا عليه من مبايعة الأربعة حَقٌّ، وحجة لازمة لكل أحد.

 

فمن سلك الدرب المعوج بعد هذا وتشكك في خلافة الأربعة المبجلين؛ فقد خالف سبيل المؤمنين، وطعن عليهم أجمعين؛ فليس له إلا ما ثبت من الوعيد لأضرابه ممن شاق الرسول الأمين.

 

• • •

دليلٌ ثانٍ:

قال ربنا - جل ثناؤه -: ﴿ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح: 16].

 

وهذه الآية كالنص على صحة خلافة أبي بكر - رضي الله عنه -، فإن الآيةَ خطابٌ للأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله حين أراد مكة عام الحُدَيْبِيَة، وظنوا أن الرسول سيهلك في هذه السفرة هو ومَن معه، ثم أخبر اللهُ رسولَه أن هؤلاء المخلفين سيقولون له إذا هو خرج لأخذ غنائم خيبر التي وعد الله بها أهل الحديبية خالصة لهم من دون الناس: ﴿ ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ﴾ [الفتح: 15]، فأمره الله أن يقول لهم: ﴿ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا﴾  [الفتح: 15].

 

ثم أمر الله - عز وجل - نبيه محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يقول لهؤلاء الذين تخلفوا عنه: ﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح: 16].

 

وقد علم المحققون أن أول قتال دُعي إليه القومُ بعد نزول هذه الآية كان في عهد أبي بكر - رضي الله عنه-.

 

عن رافع بن خَدِيجٍ الأنصاريِّ - رضي الله عنه - قال: ((إِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ فِيمَا مَضَى، وَلَا نَعْلَمُ مَنْ هُمْ، حَتَّى دَعَا أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - إِلَى قِتَالِ بَنِي حَنِيفَةَ؛ فَعَلِمْنَا أَنَّهُمْ أُرِيدُوا بِهَا)).


وقد وعد اللهُ مَن يستجيب لهذا القتال مع أبي بكر بأن يؤتيه أجرًا حسنًا، وتوعدهم بأن مَن تخلف عنه كما تخلف عام الحديبية فسوف يعذبه عذابًا أليمًا.

 

ألا قُل لِلْأُلَى: هل لمَن أُوتي ذَرْوًا من عَقْلٍ مع صدق إيمانٍ أن يتردد في إثبات صحة خلافة أبي بكر والإقرار بفضله بعد سماعه لهذه الآية المكرمة؟!!

 

قال الإمام الكبيرُ أبو الحسن عليُّ بنُ إسماعيل الأشعريُّ:

((قد دَلَّ الله - تعالى - على إمامة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - في سورة براءة، فقال - تعالى - للقاعدين عن نصرة نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -والمتخلفين عن الخروج معه: ﴿ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ﴾ [التوبة: 83]، وقال - تعالى - في سورة أخرى: ﴿ سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [الفتح: 15]، يعني: قولَه: ﴿ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا ﴾[10] [التوبة: 83]، ثم قال - تعالى -: ﴿ كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الفتح: 15]، وقال - تعالى -: ﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا ﴾ [الفتح: 16] يعني: تعرضوا عن إجابة الداعي لكم إلى قتالهم ﴿ كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح: 16].


والداعي لهم إلى ذلك غيرُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي قال الله - عز وجل- له: ﴿ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ﴾ [التوبة: 83]، وقال - تعالى - في سورة الفتح: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [الفتح: 15]، فمنعهم الخروج مع نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجعل خروجهم معه تبديلاً لكلامه، فوجب بذلك أن الداعي الذي يدعوهم إلى القتال داعٍ يدعوهم بعد نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.


وقد قال الناس: هم أهل فارس، وقالوا: أهل اليمامة.


فإن كانوا أهل اليمامة، فقد قاتلهم بعد نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -.

 

وإن كانوا الروم، فقد قاتلهم الصديق أيضًا.


وإن كانوا أهل فارس، فقد قُوتلوا في أيام أبي بكر - رضي الله عنه -، وقاتلهم عمر - رضي الله عنه - من بعده وفرغ منهم.


وإذا وجبت إمامةُ عُمَرَ - رضي الله عنه -؛ وجبت إمامة أبي بكر - رضي الله عنه -، كما وجبت إمامة عمر - رضي الله عنه -؛ لأنه العاقد له الإمامة.


فقد دل القرآن على إمامة الصديق - رضي الله عنه - والفاروق - رضي الله عنه -.


وإذا وجبت إمامة أبي بكر - رضي الله عنه - بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وجب أنه أفضل المسلمين)) انتهى[11].

 

وقال الإمامُ أبو القاسم الزمخشريُّ:

((قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ ﴾ [الفتح: 16] هم الذين تخلفوا عن الحديبية ﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ [الفتح: 16] يعنى: بنى حنيفة قومَ مُسيلمة، وأهل الرِّدَّة الذين حاربهم أبو بكرٍ الصديقُ - رضي الله عنه -؛ لأن مشركي العرب والمرتدين هم الذين لا يُقْبَلُ منهم إلا الإسلام أو السيف عند أبى حنيفةَ، ومَن عداهم من مشركي العجم وأهل الكتاب والمجوس تُقْبَلُ منهم الجزية، وعند الشافعيِّ لا تُقْبَلُ الجزيةُ إلا من أهل الكتاب والمجوس دون مشركي العجم والعرب.


وهذا دليلٌ على إمامة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -؛ فإنهم لم يُدعوا إلى حربٍ في أيام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولكن بعد وفاته، وكيف يدعوهم رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع قوله - تعالى -: ﴿ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ﴾ [التوبة:83].


وقيل: هم فارس والروم)) انتهى[12].

 

وقال الإمامُ أبو عبد الله القرطبيُّ في الكلام على آية الفتح:

((فيه أربعُ مسائلَ:

الأولى: قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ ﴾ [الفتح: 16] أي: قل لهؤلاء الذين تخلفوا عن الحديبية: ﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾  [الفتح: 16] قال ابنُ عباسٍ وعطاءُ بن أبي رباحٍ ومجاهدٌ وابنُ أبي ليلى وعطاءُ الخراسانيُّ: هم فارس.


وقال كعبٌ والحسنُ وعبدُ الرحمن بنُ أبي ليلى: الروم.


وعن الحسن أيضًا: فارس والروم.


وقال ابنُ جبير: هوازن وثقيف. وقال عكرمةُ: هوازن. وقال قتادةُ: هوازن وغطفان يوم حنين. وقال الزهريُّ ومقاتلٌ: بنو حنيفة أهل اليمامة أصحاب مسيلمة. وقال رافعُ بنُ خَدِيج: ((والله لقد كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى ﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ [الفتح: 16] فلا نعلم مَن هم حتى دعانا أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم هم)). وقال أبو هريرة: ((لم تأتِ هذه الآيةُ بعدُ)). وظاهر الآية يرده.


الثانية: في هذه الآية دليل على صحة إمامة أبي بكرٍ وعمرَ -رضي الله عنهما-؛ لأن أبا بكر دعاهم إلى قتال بني حنيفة، وعمرَ دعاهم إلى قتال فارس والروم.


وأما قول عكرمةَ وقتادةَ: إن ذلك في هوازن وغطفان يوم حنين، فلا؛ لأنه يمتنع أن يكون الداعي لهم الرسول - عليه السلام -، لأنه قال: ﴿ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ﴾ [التوبة: 83]؛ فدل على أن المراد بالداعي غيرُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.


ومعلوم أنه لم يدعُ هؤلاءِ القومَ بعدَ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا أبو بكر وعمرُ - رضي الله عنهما -...)) انتهى المقصود منه[13].


• • •

 

دليلٌ ثالث من القرآن:

قال ربنا - جل وعلا -: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [ النور: 55].

 

((قال بعض السلف: خلافة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - حَقٌّ في كتاب الله، ثم تلا هذه الآية))[14].


قال العمادُ ابن كثير - رحمه الله -:

((هذا وعد من الله تعالى لرسوله - صلوات الله وسلامه عليه - بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض،أي: أئمة الناس والولاة عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد، وليبدلنهم من بعد خوفهم من الناس أمنًا وحكمًا فيهم، وقد فعله -تبارك وتعالى -، وله الحمد والمنة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يمت حتى فتح الله عليه مكة وخيبر والبحرين وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكمالها، وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام، وهاداه هرقلُ ملكُ الروم، وصاحب مصر وإسكندرية وهو المقوقس، وملوك عمان، والنجاشي ملك الحبشة الذي تملك بعد أصحمة - رحمه الله وأكرمه -.


ثم لما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واختار الله له ما عنده من الكرامة، قام بالأمر بعده خليفته أبو بكر الصديق، فَلَمَّ شعث ما وَهِيَ بعد موته - صلى الله عليه وسلم -، وأطَّد جزيرة العرب ومهَّدها، وبعث الجيوش الإسلامية إلى بلاد فارس صحبةَ خالد بن الوليد - رضي الله عنه -، ففتحوا طرفا منها، وقتلوا خلقا من أهلها، وجيشًا آخرَ صحبة أبي عبيدة - رضي الله عنه - ومَن اتبعه من الأمراء إلى أرض الشام، وثالثًا صحبة عمرو بن العاص - رضي الله عنه - إلى بلاد مصر، ففتح الله للجيش الشامي في أيامه بُصرى ودمشق ومخاليفهما من بلاد حوران وما والاها، وتوفاه الله - عز وجل - واختار له ما عنده من الكرامة.


ومَنَّ على أهل الإسلام بأن ألهم الصديقَ أن يستخلف عمرَ الفاروق، فقام بالأمر بعده قيامًا تامًّا، لم يدر الفلكُ بعد الأنبياء على مثله في قوة سيرته وكمال عدله. وتم في أيامه فتح البلاد الشامية بكمالها وديار مصر إلى آخرها وأكثر إقليم فارس، وكسر كسرى وأهانه غاية الهوان وتقهقر إلى أقصى مملكته، وقصر قيصر، وانتزع يده عن بلاد الشام، وانحدر إلى القسطنطينية، وأنفق أموالهما في سبيل الله، كما أخبر بذلك ووعد به رسول الله، عليه من ربه أتم سلام وأزكى صلاة.


ثم لما كانت الدولة العثمانية امتدت الممالك الإسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها، ففتحت بلاد المغرب إلى أقصى ما هنالك الأندلس وقبرص، وبلاد القيروان، وبلاد سبتة مما يلي البحر المحيط، ومن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد الصين، وقُتل كسرى وباد ملكه بالكلية، وفتحت مدائن العراق وخراسان والأهواز، وقتل المسلمون من الترك مقتلة عظيمة جدًّا، وخذل الله ملكهم الأعظم خاقان، وجبي الخراج من المشارق والمغارب إلى حضرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، وذلك ببركة تلاوته ودراسته وجمعه الأمة على حفظ القرآن، ولهذا ثبت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِيَ مِنْهَا))[15]. فها نحن نتقلب فيما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، فنسأل الله الإيمان به وبرسوله، والقيام بشكره على الوجه الذي يرضيه عنا))[16].

 

وقال الإمامُ أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ:

((اعلموا - رحمنا الله وإياكم - أن خلافة أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ - رضي الله عنهم - بيانها في كتاب الله - عز وجل - وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبيان من قول أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبيان من قول التابعين لهم بإحسان.

 

ولا ينبغي لمسلم عَقَلَ عن الله - عز وجل - أن يشك في هذا.

 

فأما دليل القرآن: فإن الله - عز وجل - قال: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور: 55].

 

فقد واللهِ، أنجز اللهُ الكريمُ لهم ما وعدهم به، جعلهم الخلفاء من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكنهم في البلاد، وفتحوا الفتوح، وغنموا الأموال، وسبوا ذراري الكفار، وأسلم في خلافتهم خلقٌ كثيرٌ، وقاتلوا مَن ارتدَّ عن الإسلام حتى أجلوهم، ورجع بعضهم، كذلك فعل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، فكان سيفُه فيهم سيفَ حقٍّ إلى أن تقوم الساعة، وكذلك الخليفة الرابع وهو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان سيفه في الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة، فأعز الله الكريم دينه بخلافتهم، وأذلوا الأعداء، وظهر أمر الله، ولو كره المشركون، وسنوا للمسلمين السنن الشريفة، وكانوا بركة على جميع أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - من أهل السنة والجماعة))[17].

 

• • •

دليلٌ رابعٌ:

من سورة الفاتحة: ﴿ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة:6، 7].

 

قال الإمام أبو عبد الله الحاكمُ - رحمه الله - في "المستدرك على الصحيحين": حدثني عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا أبو النضر، ثنا حمزة بن المغيرة، عن عاصم، عن أبي العالية، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، في قوله - تعالى -: ﴿ الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، قال: ((هو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم – وصاحباه)).

 

قال: فذكرنا ذلك للحسن، فقال: ((صدق واللهِ، ونصح واللهِ، هو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ وعُمَرُ - رضي الله عنهما -))[18].

 

قال الحاكم - رحمه الله -: ((هذا حديث صحيح الإسناد))، ووافقه الإمامُ أبو عبد الله الذهبيُّ - رحمه الله - في "تلخيص المستدرك".

 

وقال الفخر الرازي:

((قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾.


يدل على إمامة أبي بكر - رضي الله عنه -؛ لأنا ذكرنا أن تقدير الآية: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، والله – تعالى - قد بَيَّنَ في آية أخرى أن الذين أنعم الله عليهم مَن هم، فقال: ﴿ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ﴾ الآيةَ، [النساء: 69].

 

ولا شك أن رأس الصديقين ورئيسَهم أبو بكر الصديقُ - رضي الله عنه -، فكان معنى الآية: أن الله أمرنا أن نطلب الهداية التي كان عليها أبو بكر الصديقُ وسائرُ الصديقين، ولو كان أبو بكر ظالمًا لما جاز الاقتداءُ به؛ فثبت بما ذكرناه دلالة هذه الآية على إمامة أبي بكر - رضي الله عنه -)).


• • •

 

وأخيرًا:

أقول لمن يطعن على الصحابة:

هاك هديةً أُهديكها، فاعمل بها، إن كنت تُوَقِّر أهلَ البيت حقًّا، وتجلهم صدقًا، وصية من السيد الإمام أبي جعفرٍ محمدِ بن عليِّ بن الحُسين بن عليٍّ الباقرِ - قدس الله رُوحه في الجنة-.


عن سفيانَ الثوريِّ، عن جعفر بن محمدٍ قال: ((قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ، إِنَّ سَبَّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ الْكَبَائِرِ، فَلا تُصَلِّ خَلْفَ مَنْ يَقَعُ فِيهِمَا))[19].

 

هذا، والحمد لله أولًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.



[1]انظر "مُعِيد النِّعَم ومُبِيد النِّقَم" للسبكي (ص22-23) ط/ مكتبة الخانجي.

[2]"الإبانة عن أصول الديانة" (ص222) ط/ دار البصيرة.

[3]"العقيدة الواسطية".

[4]رواه الإمام البخاري في "صحيحه"، كتاب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، باب: فضل أبي بكر بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، حديث رَقْم (3655).

[5]رواه الإمام البخاري في "صحيحه"، كتاب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، باب: قول النبي: ((لو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً))، حديث رَقْم (3671).

[6]رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغذاذ" (ج3/ص171)، في ترجمة أبي عبد الله محمد بن عُبيد الطَّنَافِسِيِّ.

[7]رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (4/249)، في ترجمة أبي العباس أحمدَ بْنِ إسحاقَ الصَّفَّارِ، وصحح إسنادَه الحافظُ ابنُ حجرٍ العسقلانيُّ في "الإصابة في تمييز الصحابة" (ج1ص5) ط/ مكتبة مصر.

[8]رواه الإمامُ مسلمٌ في "صحيحه"، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، حديث رَقْم (2725). قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (17/43-44): ((السَّدَاد هنا بفتح السين، وسداد السهم: تقويمه، ومعنى: ((سَدِّدْنِي)): وفقني واجعلني منتصبًا في جميع أموري مستقيمًا، وأصل السداد: الاستقامة والقصد في الأمور. وأما الهدى هنا فهو الرشاد، ويذكر ويؤنث، ومعنى: ((اذْكُرْ بِالْهُدَى: هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ: سَدَادَ السَّهْمِ)) أي: تَذَكَّرْ ذلك في حال دعائك بهذين اللفظين؛ لأن هادي الطريق لا يزيغ عنه، ومسدد السهم يحرص على تقويمه، ولا يستقيم رميه حتى يقومه، وكذا الداعي ينبغي أن يحرص على تسديد علمه وتقويمه ولزومه السنة. وقيل: ليتذكر بهذا لفظ السداد والهدى لئلا ينساه)).

[9]"الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل" (2/149) ط/ مكتبة العبيكان.

[10]قد كنت أرى صحة هذا التفسير، ثم تبين لي أن فيه نظرًا، فإن آية التوبة نزلت على رسول الله مُنْصَرَفَهُ من تبوكَ، وعُني بها الذين تخلفوا عنها، وهذا في آخر عمره - صلى الله عليه وسلم-، وآية الفتح نزلت في سنة الحديبية، وهي قبل تبوكَ باتفاق، فكيف يقال: إن المراد بكلام الله المذكور في سورة الفتح ما ذُكر في سورة براءة؟! والراجح في تأويل قوله - تعالى-: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ﴾، وفي قراءة: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلِمَ اللَّهِ ﴾، أي: يريدون أن يغيروا وعد الله لأهل الحديبية بأن غنائم خيبر لهم خاصةً دون من تخلف عنها من هؤلاء الأعراب، وليس المراد بكلام الله هنا القرآن؛ إذ لم ينزل في ذلك قرآنٌ يومئذ. وقد نبه على ذلك الإمامُ الطبريُّ في "جامع البيان في تأويل القرآن"، ومن بعده ابنُ عطية في "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" (5/131) ط/ دار الكتب، وأقره العلامةُ الطاهرُ ابنُ عاشور في "التحرير والتنوير" (26/168) ط/ الدار التونسية للنشر. وإذ قد تقرر هذا، فالتعويل إذن على ما جاء عن الصحابة وغيرهم من أن أول دعوة دُعي لها المخلفون من الأعراب كانت لقتال بني حنيفة، وعلى قولٍ لبعضهم: لقتال فارس، وفي ثالث: للقاء الروم، ومهما يكن من أمر القوم الذين دُعوا لقتالهم بعد رسول الله، فإن هذا دليل على صحة خلافة الأمير لذلك العهد.

[11]"الإبانة عن أصول الديانة" (ص222-223).

[12]"الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل" (5/541).

[13]"الجامع لأحكام القرآن" (16/180) ط/ دار الكتب العلمية.

[14]"تفسير القرآن العظيم" لأبي الفداء ابن كثير (5/341) ط/ الصفا.

[15]رواه الإمام مسلمٌ في "صحيحه"، كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث رَقْم (2889)، من طريق أبي قِلابَةَ، عن أبي أسماء الرَّحَبِيِّ، عن ثَوْبَانَ - رضي الله عنه -، مرفوعًا.

[16]"تفسير القرآن العظيم" (5/340-341).

[17]"الشريعة" للإمام الآجُرِّيِّ (ص438) ط/ دار الحديث.

[18]"المستدرك على الصحيحين" (2/311) رَقْم (3084)، ط/ دار الحرمين. وانظر "الدر المنثور في التفسير بالمأثور" للحافظ جلال الدين الأسيوطي - رحمه الله -، (1/79)، تحقيق الدكتور عبد الله التركي - مركز هجر للبحوث والدراسات العربية والإسلامية.

[19]رواه الخطيبُ البغداديُّ في "تاريخ بغداذ"، في ترجمة أبي عبد الرحمن عبد الله بن الحسن بن نصر الواسطيّ (9/443).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علي بن أبي طالب والشيخان أبو بكر وعمر
  • لماذا يخافون من القرآن؟ (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أدلة الأحكام (4) (استصحاب العدم الأصلي عند عدم الدليل الشرعي)(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • الأدلة على ثبوت النسخ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • الدليل المختصر لصحة من حج أو اعتمر (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قيام الدليل على صحة تسمية ((سُبْحَانَ)) ببني إسرائيل (WORD)(كتاب - موقع الشيخ فريح بن صالح البهلال)
  • قيام الدليل على صحة تسمية (سبحان) ببني إسرائيل(كتاب - موقع الشيخ فريح بن صالح البهلال)
  • أدلة الأحكام (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدليل من القرآن على مشروعية الأضاحي(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الدليل على وجوب الهجرة من القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإمام الجليل شيخ الدليل والتعليل: عبدالله بن عبدالعزيز العقيل(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب