أبيات للحافظ ابن ناصر الدين في سماع سنن أبي داود

أبيات للحافظ ابن ناصر الدين

في سماع سنن أبي داود

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فإن الإسناد من الدين، وهو من خصائص أهل الإسلام، ولا يحصي مخلوقٌ رواة الحديث ومن اشتغل به عبر الدهر في شتى البلدان، بل إن حصر جميع الكتب المؤلفة في الحديث وعلومه ورجاله يكاد يُعجز عنه.

ومما اعتنى به أهل الفن ضبطُ المرويات للرواة وصيغ السماع، ولهم في ذلك تدقيقٌ عجيب، وما ذاك إلا صيانة للحديث النبوي وحفظاً له.

ومن ذلك ما وقع في رواية سنن أبي داود رواية اللؤلؤي، حيث انتهى علُوُّ سماعها من طريق مُسْنِد وقته المعمر أبي حفص عمر بن محمد بن مُعَمَّر البغدادي، المعروف بابن طَبَرْزَذ (ت607)، وهو سمع الكتاب على اثنين ممن سمعه على الحافظ الخطيب البغدادي راويه، وهما مُفْلِح الدُّوْمي - نسبة إلى دُوْمَة الجَنْدَل - (ت537)، والبدر إبراهيم بن محمد الكَرْخي (ت539)[1].

لكن لم يتفق لابن طبرزذ سماعه كاملاً على أحدهما، بل كَمُل له سماع الكتاب بالتلفيق عليهما، فاعتنى غير واحد من الحفاظ في بيان ذلك تنبيهاً لراوي الكتاب من طريقه، ليُعرف إسناد الحديث من طريق أيِّهما عن الخطيب.

فنصُّوا[2] أنه سمع على الكرخي وحده الأجزاء: الأولين، والخامس، والسادس، والثامن، والثاني عشر، والرابع عشر، ومن أول السابع عشر إلى آخر الجزء الثاني والعشرين، ومن أول الرابع والعشرين إلى آخر الثلاثين، والثاني والثلاثين، وهو الأخير، وهذا بتجزئة الخطيب البغدادي للكتاب.

وسمع على الدومي: باقي الكتاب، والثاني، والثاني عشر أيضا.

فاشترك في السماع عليها معاً في الجزأين: الثاني، والثاني عشر.

ثم نظم الحافظ العراقي ذلك في أبيات خمسة[3]، وهي قوله:

وقد وَقَعَ التَّلفيقُ لابنِ طَبَرْزَذٍ بجَمْعِ أبي داودَ فاضبطْهُ بالشِّعرِ فَمِنْ مُفْلِحٍ ثانٍ وتِلْواهُ سابعٌ وتاسِعُهُ والأربعُ التِّلْوُ في الإِثرِ وخامِسُ عَشْرٍ ثم تِلْوٌ وثالثٌ وعشرونَ مع حاديْ ثَلاثينَ في الحَصْرِ وباقيهِ والثانيْ وثانيَ عَشْرِهِ جميعاً عَنِ الكَرْخِيِّ أَعنيْ أبا البَدْرِ وتَجْزِئةُ الأَجْزاءِ ليستْ خَفِيَّةً وذاكَ بأَجْزاءِ الخَطيبِ أبي بَكْرِ

• ثم جاء الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي فنظم ذلك بخمسة أبيات أيضاً، وهي من بحر الطويل.

وأقرأ أبياته في منزل تلميذه الحافظ ناصر الدين ابن زُريق (ت900) في الصالحية، جوار دَيْر الحنابلة، وذلك عقب ختم سنن أبي داود، وقبيل قراءة رسالة أبي داود لأهل مكة، وحضر ذلك جمع، منهم الحافظ النجم محمد المدعو عمر بن فهد -وهو قارئ الأبيات-، والشهاب أحمد بن زيد، والمسندان: عبد الرحمن بن الطحان، وعائشة ابنة الشرائحي، وأثبت كل ذلك ابنُ زُريق المذكور في ثَبَته (2/ق54/أ-ب، المتحف البريطاني)، ومنه نقلت الأبيات.

ورفع من قيمة نقله تصحيحُ شيخه الناظم بخطه لما كتب آخر محضر السماع، كما تكرر كثيراً في الثبت المذكور.

وأثبتُّ العنوان الذي كتبه ابن زريق للأبيات بالهامش.

• ورواها ابن طولون في الفهرست الأوسط (1/200/ب) قال: أنشدنا شيخنا أبو البقاء، -هو ابن زريق-، قال: أنشدنا حافظ دمشق الشمس أبو بكر محمد بن أبي بكر عبد الله بن ناصر الدين الحَمَوي الأصل من لفظه لنفسه، فقال: .. فذكر كلامه مع الأبيات بحروفها[4].

وبالله التوفيق، وله الحمد والشكر دائماً.

وكتبه محمد زياد بن عمر التُّكْلَة

في منزله بالرياض، ليلة الأحد

مستهل ربيع الأول سنة 1431

أبيات للحافظ ابن ناصر الدين

في سماع سنن أبي داود

قال ناصر الدين بن زُريق:

وأنشدنا العلامة الحافظ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن ناصر الدين، قال: ومما نظمتُ في سماع ابن طَبَرْزَذ لسُنن أبي داود مُلَفَّقاً من الشيخين مُفْلِح الدُّوْمِيِّ وإبراهيم الكَرْخِيّ:

كِتابُ أبيْ دَاوُدَ أَجْزاءُ أَحْمَدِ الْ خَطِيْبِ رَوَاهُ المُسْنِدُ ابْنُ طَبَرْزَذِ عَنِ الدُّوْمِي وَالكَرْخِيِّ جُزْأَيْنِ ثانِياً وَثانيَ عَشْرٍ ثُمَّ تَلْفِيْقَهُ خُذِ فَثالِثُ جُزْءٍ رابِعٌ ثُمَّ سابِعٌ ومِنْ تاسِعٍ لِلْثّالِثِ العَشْرِ أَنفِذِ وَخامِسُ عَشْرٍ سادِسُ العَشْرِ ثالِثاً وَعِشْرِيْنَ والحادِيْ الثَّلاثِيْنَ فَالَّذِيْ ذَكَرْنا عَنِ الدُّوْمِيْ رَوَاهُ وَباقِياً رَوَاهُ عَنِ الكَرْخِيِّ فَاحْفَظْهُ وَالْذَذِ

• وصح بقراءة نجم الدين محمد عمر بن فهد القرشي العلوي المكي، في يوم الأحد، عِشْرِيْ محرم سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، بمنزل كاتبه بصالحية دمشق.

وسمع ذلك معي الجماعة الفضلاء:

شمس الدين محمد، وبدر الدين حسن ابنا أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي، وأولاد محمد المذكور: عبد الرحمن، وعبد الله في الثالثة، وعمر في الأولى، ووالدتهم: فاطمة بنت عبد الله المملوك، وبرهان الدين إبراهيم بن أحمد بن حسن العجلوني، وسيدي الخطيب جمال الدين عبد الله بن أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن سليمان، والحاج محمد بن عثمان بن نمير، ومحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الياسوفي، وإخوتي: أبو بكر عبد الوهاب، وأبو الخير أحمد، وأسماء، وابنتها زينب ابنة القاضي شهاب الدين أحمد بن القاضي ناصر الدين محمد بن زريق، ووالدتي ست الوزراء ابنة شهاب الدين أحمد بن محمد الحبال السكري، وشهاب الدين أحمد بن عبد اللطيف بن موسى بن عميرة اليُبْناوي المكي الحنبلي، وعبد اللطيف وعثمان -حضر- ولدا محمد بن محمد بن محمد الياسوفي، والشيخ خلف بن محمد بن إسماعيل الحسباني، ومحمد بن عمر بن درع الجبراضي، وابنا أخته محمد وفاطمة ولدا شعبان بن علي الحريري، وجمال الدين عبد الله بن محمد بن جمعة الشاغوري، وابناه إبراهيم وعلي، ومحمد بن سعيد بن سالم بن السقا الطرابلسي، وشهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن زيد، وشمس الدين محمد بن محمد المردكي الضرير، وعبد الوهاب بن عبد الله بن الجمال، وشيخنا العالم الفقيه زين الدين عبد الرحمن بن يوسف بن الطحان، وشيختنا عائشة ابنة إبراهيم بن خليل ابنة الشرائحي، وشهاب الدين أحمد بن إسماعيل بن خليل المصري المؤدب، وابنته خديجة حاضرة، وعلي بن شرف الدين محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن المعتمد ابن^صح ابن أخت كاتبه، ومحمد بن عبد الكريم بن القاضي شمس الدين محمد بن عبادة، وأحمد بن أبي بكر بن عمر بن الناصح، وأبو بكر بن الحاج عمر بن محمد الطرابلسي، ويحيى بن محمد بن قضاه، وأحمد بن أحمد بن الحسام الفراء أبوه، وأحمد بن الشيخ محمد الضحاك، وآخرون.

وأجاز المُسْمِع لمن ذُكر، ولأهل دمشق بسؤالي.

وكتب محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن سليمان بن حمزة، الشهير بابن زُريق، والحمد لله وحده.

الحمد لله، السماع والإجازة صحيحان، كتبه محمد بن أبي بكر، عفا الله عنهما.