تحقيق تخريج مسألة ( إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم )

تحقيق تخريج مسألة ( إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم )

للإمام الحافظ أبي محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي

509- وسئل أبو زرعة عن حديث رواه ربيعة بن أبي عبدالرحمن، فاختلف عنه: فروى بشر بن المفضل، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد ابن سويد الأنصاري، عن أبي حميد الساعدي، [أو] [1] عن أبي أسيد الساعدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك".

ورواه سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد، عن أبي حميد، وأبي أسيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو زرعة: عن أبي حميد وأبي أسيد كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، أصح.

قلت: لم يكن أخرج أبو زرعة من خالف بشر بن المفضل في روايته عن عمارة ابن غزية، وأحسب أنه لم يكن وقع عنده.

وأخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة عليه، عن ابن وهب، عن يحيى بن عبدالله ابن سالم، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد، عن أبي حميد وأبي أسيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. كما رواه سليمان بن بلال.

فدل أن الخطأ من بشر بن المفضل.

رجال الإسناد:

• ربيعة بن أبي عبد الرحمن التيمي مولاهم، المعروف بربيعة الرأي (ت136هـ).

ثقة فقيه مشهور متفق على توثيقه وإمامته.

انظر الحلية 3/259، تهذيب الكمال 9/123، السير 6/89، التقريب (1911).

• عمارة بن غزية الأنصاري: لا بأس به، تقدمت ترجمته في المسألة 503.

• بشر بن المفضَّل بن لاحق الرَّقاشي، أبو إسماعيل البصري (ت187هـ).

ثقة ثبت عابد. قال أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة.

انظر تهذيب الكمال 4/147، التهذيب 1/458، التقريب (703).

• عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري المدني، من الثالثة.

روى عن جابر بن عبد الله، وأبي حميد الساعدي، وأبي أسيد، وغيرهما.

روى عنه بكير بن عبد الله الأشج، وربيعة بن أبي عبد الرحمن.

وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: ليس به بأس.

وروى له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

قال ابن حجر: ثقة.

انظر تهذيب الكمال 18/316، التهذيب 6/395، التقريب (4182).

• أبو حميد الساعدي: المنذر بن سعد بن المنذر، وقيل اسمه عبد الرحمن، وقيل عمرو. صحابي مشهور، شهد أحداً وما بعدها، وعاش إلى أول خلافة يزيد سنة ستين.

انظر الاستيعاب 11/199، السير 2/481، الإصابة 11/89.

• أبو أسيد الساعدي: مالك بن ربيعة بن البَدَن، مشهور بكنيته.

صحابي جليل شهد بدراً وما بعدها، وهو آخر من مات من البدريين.

انظر الاستيعاب 11/321، السير 2/358، الإصابة 9/47.

• سليمان بن بلال التيمي مولاهم، أبو محمد وأبو أيوب المدني (ت177هـ).

ثقة، متفق على توثيقه.

انظر تهذيب الكمال 11/372، السير 7/425، التقريب (2539).

• يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة الصّدَفي، أبو موسى المصري (ت 164هـ).

ثقة، متفق على توثيقه.

انظر تهذيب الكمال 32/513، الكاشف 2/403، التقريب (7907).

• عبدالله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم، أبو محمد المصري (ت 197هـ).

ثقة حافظ فقيه عابد، متفق على توثيقه.

انظر تهذيب الكمال 16/277، السير 9/223، التقريب (3693).

• يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب المدني (ت 153هـ).

روى عن عمارة بن غزية، وموسى بن عقبة، وهشام بن عروة، وغيرهم.

روى عنه ابن وهب، والليث بن سعد، ويحيى بن أيوب، وغيرهم.

قال الدار قطني: ثقة مدني حديثه بمصر. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أغرب.

وقال النسائي: مستقيم الحديث.

وروى له مسلم، وأبو داود، والنسائي.

وقال الساجي: قال ابن معين: صدوق ضعيف الحديث.

قال الذهبي، وابن حجر: صدوق.

تهذيب الكمال 31/408، التهذيب 11/239، الكاشف 2/369، التقرب (7584).

تخريج الحديث:

روى ربيعة بن عبدالرحمن هذا الحديث واختلف عليه، وعلى بعض الرواة عنه:

أولاً: رواه عمارة بن غزية، واختلف عليه:

1- فرواه بشر بن المفضل، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة، عن عبدالملك بن سعيد، عن أبي حميد، أو عن أبي أسيد.

وتابع عمارة عليه: سليمان بن بلال،والدراوردي، كما سيأتي.

2- ورواه يحيى بن عبدالله بن سالم، عن عمارة، عن ربيعة، عن عبدالملك، عن أبي حميد وأبي أسيد معاً.

وتابع عمارة عليه: سليمان بن بلال - في أحد الأوجه - كما سيأتي.

3- ورواه إسماعيل بن عياش، عن عمارة، عن ربيعة، عن عبدالملك، عن أبي حميد.

وتابع عمارة على هذا الوجه:الدراوردي - في أحد الأوجه عنه - كما سيأتي.

4- ورواه إبراهيم بن محمدالأسلمي، عن عمارة، عن عبدالملك، عن أبي حميد.

ثانياً: ورواه سليمان بن بلال، واختلف عليه:

1- فرواه يحيى بن يحيى، وابن أبي مريم،والقعنبي، ويحيى الحماني، عن سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن عبد الملك، عن أبي حميد أو أبي أسيد.

وتابع سليمان عليه: عمارة بن غزية، كما تقدم،والدراوردي، كما سيأتي.

2- ورواه أبو عامر العقدي، ويحيى الحماني، عن سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن عبد الملك، عن أبي حميد، وأبي أسيد معاً.

وتابع سليمان على هذا الوجه: عمارة بن غزية في أحد الأوجه عنه، كما تقدم.

ثالثاً: ورواه عبدالعزيزالدراوردي، واختلف عليه:

1- فرواه يحيى بن حسان،ومحمدالدمشقي،وأبوالجماهر، عن الدراوردي، عن ربيعة، عن عبد الملك، عن أبي حميد،أوأبي أسيد.

وتابع الدراوردي عليه: عمارة بن غزية، وسليمان بن بلال، كما تقدم.

2- ورواه عبدالعزيز الأويسي، عن الدراوردي، عن ربيعة، عن عبدالملك، عن أبي حميد فقط.

وتابع الدراوردي: عمارة بن غزية، في أحد الأوجه عنه، كما تقدم.

وفيما يلي تفصيل ماتقدم:

أولاً: رواه عمارة بن غزية، واختلف عليه:

1- فرواه بشر بن المفضل، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة، عن عبدالملك بن سعيد، عن أبي حميد، أو عن أبي أسيد:

أخرجه مسلم 1/495، كتاب المساجد، باب مايقول إذا دخل المسجد، رقم 713، عن حامد بن عمر البكراوي.

وابن حبان 5/397، رقم 2048، وأبو نعيم في المستخرج 2/308، رقم 1606 - ومن طريقه ابن حجر في نتائج الأفكار 1/274، ورواه البيهقي في الكبرى 2/441، وابن السني في عمل اليوم والليلة (80) رقم 156. من طريق مسدد.

وأبو نعيم في المستخرج 2/308، رقم 1606، من طريق محمد بن بكير، وبشر بن معاذ وأحمد بن المقدام.

والبزار 9/169، رقم 3720، وأبو أحمد الحاكم في الكنى 2/45، رقم 421، وفي شعار أصحاب الحديث (121)، رقم 25، من طريق نصر بن علي الجهضمي.

والبزار 9/169، رقم 3720، عن محمد بن يحيى بن الفياض.

والمزي في تهذيب الكمال 18/317، وابن حجر في نتائج الأفكار 1/274، من طريق سوار بن عبد الله العنبري.

كلهم عن بشر بن المفضل، عن عمارة بن غزيه، به.

وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحسن من هذا الإسناد.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه، فذكرنا هذا الحديث لعلة عمارة بن غزية، وذكرناه عن أبي حميد وأبي أسيد، وإن كان يروى عن غيرهما؛ لقلة ما يرويان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: وتابع عمارة على هذا الوجه: سليمان بن بلال،والدراوردي، كما سيأتي.

2- ورواه يحيى بن عبدالله بن سالم، عن عمارة، عن ربيعة، عن عبد الملك، عن أبي حميد، وأبي أسيد معاً.

أخرجه أبو عوانة 1/414، والمصنف في هذه المسألة، عن يونس بن عبدالأعلى.

والطبراني في الدعاء 2/993، رقم426 - ومن طريقه ابن حجر في نتائج الأفكار 1/275، من طريق أحمد بن سعيد الهمداني.

كلاهما عن ابن وهب، عن يحيى بن عبد الله بن سالم، به.

وتابع عمارة على هذا الوجه: سليمان بن بلال في أحد الأوجه عنه.

3- ورواه إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة عن عبد الملك، عن أبي حميد، ولم يذكر: أبا أسيد:

أخرجه ابن ماجه 1/254، كتاب المساجد، باب الدعاء عند دخول المسجد، رقم772.

عن عمرو بن عثمان الحمصي، وعبد الوهاب بن الضحاك، كلاهما عن إسماعيل، به.

وتابع عمارة على هذا الوجه: الدراوردي في أحد الأوجه عنه، كما سيأتي.

قلت: وإسماعيل: صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم (التقريب 473).

4- ورواه إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن عمارة، عن عبد الملك، عن أبي حميد:

أخرجه عبد الرزاق 1/426، رقم 1665، عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن عمارة بن غزية، عن عبد الملك، عن أبي حميد.ولم يذكر فيه ربيعة.

قلت: وإبراهيم بن محمد: متروك (التقريب 241).

ولعل الوجه الأول أرجح هذه الأوجه؛ حيث رواه بشر، وهو ثقة، كما تابع عمارة عليه سليمان ابن بلال، والدراوردي - في الراجح عنهما -، كما سيأتي.

أما الوجه الثاني، فمن رواية يحيى، وهو صدوق، كما تقدم في ترجمته، وأما متابعة سليمان بن بلال لعمارة على هذا الوجه، فسيأتي أنها مرجوحة.

وكذا الحال في الوجه الثالث، فهو من رواية إسماعيل، وهو مخلط في روايته عن غير أهل بلده، وقد رواه هنا عن غيرهم.وأما متابعة الدراوردي له فسيأتي أنها مرجوحة.

وأما رواية إبراهيم بن محمد في الوجه الرابع فمنكرة؛حيث تقدم أنه متروك، والله أعلم.

ثانياً: ورواه سليمان بن بلال، واختلف عليه:

1- فرواه عدد من الثقات، عن سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن عبدالملك، عن أبي حميد، أوأبي أسيد:

أخرجه مسلم 1/494، الموضع السابق، رقم 713 - ومن طريقه ابن حزم في المحلى 4/60-ورواه أبو نعيم الحداد في الجامع بين الصحيحين (ق109) والبيهقي في الكبرى 2/441، وفي الصغرى 1/191، رقم 484.من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري.

وأبو عوانة 1/414، وابن حجر في نتائج الأفكار 1/274.من طريق سعيد بن أبي مريم.

وأبو نعيم في المستخرج 2/308، رقم 1607، ومن طريقه ابن حجر في نتائج الأفكار 1/275، والمزي في تهذيب الكمال 18/317. من طريق يحيى بن عبدالحميد الحماني.

وأبو نعيم في المستخرج 2/308، رقم 1607، والبزار 9/170، رقم 3721، من طريق أبي عامر العقدي.

والدارمي 2/203، رقم 2694 - ومن طريقه ابن حجر في نتائج الأفكار 1/275، عن عبد الله بن مسلمة القعنبي.

كلهم عن سليمان بن بلال، به.

2- ورواه أبو عامر العقدي، ويحيى الحماني، عن سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن عبد الملك، عن أبي حميد وأبي سعيد معاً:

أخرجه النسائي 2/52، كتاب المساجد، باب القول عند دخول المسجد، رقم729، وابن حبان 5/398، رقم 2049، وأحمد 3/497، و5/425، وابن عساكر في معجم شيوخه (ق39/ب).

كلهم من طريق أبي عامر العقدي، عن سليمان بن بلال، به.

وتابعه يحيى الحماني:

قال مسلم عقب ذكره للوجه السابق: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبت هذا الحديث من كتاب سليمان بن بلال. قال: بلغني أن يحيى الحماني يقول: وأبي أسيد.

قلت: وعلى هذا فالراجح من رواية سليمان بن بلال هو الوجهالأول؛ حيث إن من رواه كذلك أوثق وأكثر عدداً ممن رواه على الوجه الثاني، إضافة إلى أن راوييه في الوجه الثاني قد روياه أيضاً على الوجه الأول، فيقدم من روايتيهما ما وافقا فيه غيرهما،والله أعلم.

ثالثاً: ورواه عبد العزيز الدراوردي، واختلف عليه:

1- فرواه محمد الدمشقي، ويحيى بن حسان، عن الدراوردي، عن ربيعة، عن عبد الملك، عن أبي حميد أو أبي أسيد:

أخرجه أبو داود 1/317، كتاب الصلاة، باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد - ومن طريقه البيهقي في الكبرى 2/442، وفي الصغرى 1/191، رقم 483، وفي الدعوات الكبير 1/48، رقم 66.

ورواه البيهقي في الكبرى من غير طريق أبي داود، من طريق أبي الجماهر: محمد بن عثمان الدمشقي.

والدارمي[2] 1/264، رقم 1401 - ومن طريقه ابن حجر في نتائج الأفكار 1/274. عن يحيى بن حسان البصري.

كلاهما عن عبد العزيز الدراوردي، به.

قلت: ومحمد بن عثمان، ويحيى: ثقتان (التقريب6135، 7529).

2- ورواه عبد العزيز الأويسي، عن الدراوردي، عن ربيعة، عن عبد الملك، عن أبي حميد فقط:

أخرجه أبو عوانة1/414، عن محمد بن النعمان، عن عبد العزيز الأويسي، عن عبد العزيز الدرواردي، عن ربيعة، عن عبد الملك، عن أبي حميد، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا دخل المسجد: "اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وسهل لنا أبواب رزقك".

وتابع الدراوردي على إسناده: عمارة بن غزية، في وجه مرجوح عنه، كما تقدم.

قلت: ومحمد بن النعمان، وعبد العزيز الأويسي: ثقتان (التقريب 6357، 4106).

ولعل الوجه الأول أرجح، حيث رواه ثقتان كذلك، في حين خالفهما ثقة واحد في الوجه الثاني، وأما متابعة عمارة له على إسناده، فهي مرجوحة كما تقدم.

إلا أنه يمكن القول بأن الوجه الثاني محفوظ أيضاً عن الدراوردي إذ الراوي عنه ثقة.

ولعل الحمل في هذا الاختلاف على الدراوردي نفسه، وهو صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطيء (التقريب 4119)، فلعل هذا مما أخطأ فيه، أما الوجه الأول فلم يخطيء فيه وهو محفوظ؛حيث تابعه أكثر من ثقة، كما تقدم، والله أعلم.

النظر في المسألة:

مما تقدم يتضح أنه اختلف على ربيعة بن عبد الرحمن، وعلى الرواة عنه، وخلاصة ما تقدم من الاختلاف عليه ما يلي:

1- رواه عمارة بن غزية، وسليمان بن بلال،والدراوردي - في الراجح عنهم -، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي حميد أو عن أبي أسيد.

2- ورواه عمارة بن غزية، وسليمان بن بلال - في وجه مرجوح عنهما -، عن ربيعة، عن عبد الملك، عن أبي حميد وأبي أسيد معاً.

3- ورواه عمارة بن غزية،والدراوردي - في وجه مرجوح عنهما -، عن ربيعة، عن عبد الملك، عن أبي حميد.

والوجه الأول أرجح هذه الأوجه، حيث رواه كذلك عمارة، وابن بلال، والدراوردي في الراجح عنهم.

وأما بقية الأوجه فمرجوحة عنهم، كما تقدم ذلك مفصلاً أثناء التخريج.

وقد سأل ابن أبي حاتم أبا زرعة عن رواية بشر بن المفضل عن عمارة على الوجه الأول.

فرجح أبو زرعة الوجه الثاني، وأعل رواية بشر برواية سليمان بن بلال على الوجه الثاني.

وأيَّدَه ابن أبي حاتم بروايته للحديث عن طريق يحي بن عبد الله، عن عمارة، على الوجه الثاني.

وفي ذلك نظر؛ حيث اتضح من خلال ما تقدم خطأ ما ذهبا إليه، وذلك لعدة أمور:

1- أن سليمان بن بلال قد ثبت أنه رواه على الوجه الآخر أيضاً، ولم يقتصر على الوجه الذي ذكراه، وتقدم أن هذا الوجه هو الراجح عنه، وقد أخرج مسلم روايته على هذا الوجه المرجوح عندهم.

2- أن عمارة بن غزية قد توبع على ما رواه عنه بشر، ولم ينفر دبه، حيث تابعه سليمان ابن بلال، وعبد العزيز الدراوردي.

3- أن من رواه على الوجه الثاني المرجوح عندهما، أكثر وأوثق ممن رواه على الوجه الراجح لديهما، فهو أقوى.

4- أن بشر بن المفضل لم يخطئ فيه، كما ذكر ابن أبي حاتم؛فهو ثقة، كما تقدم، وأما مخالفة يحيى بن عبد الله له، والتي أخرجها ابن أبي حاتم للدلالة على خطأه، ففيها نظر؛إذ إن يحيى صدوق، وبشر ثقة، كما تقدم، ورواية الثقة أرجح، والله أعلم.

ويضاف إلى ذلك أن أبا زرعة قد أعلَّ رواية بشر عن عمارة عن ربيعة، برواية سليمان عن ربيعة، وكان الأولى أن يُعلها برواية يحيى بن عبد الله عن عمارة، ويحتمل أن تكون رواية يحيى لم تقع له كما ذكر ابن أبي حاتم، والله أعلم.

والحديث من وجهه الراجح صحيح كما تقدم، وقد أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والله أعلم.