• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

فصل الخطاب في كفر أهل الكتاب

فصل الخطاب في كفر أهل الكتاب
إيهاب كمال أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/5/2012 ميلادي - 11/6/1433 هجري

الزيارات: 127704

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فصل الخطاب في كفر أهل الكتاب

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل القرآن بالحق مصدقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه، أنزله على عبده هدى للناس ولم يجعل له عوجًا، قيمًا لينذر بأسًا شديدًا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرًا حسنًا، ماكثين فيه أبدًا، وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدًا، ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا، وأشهد أن محمدًا عبده المصطفى ونبيه المرتضى، أرسله على حين فترة من الرسل، وانطماس من السبل، فهدى به من الضلالة وبصّر به من العمى وأرشد به من الغي وأغنى به من العيلة وأخرج به من الظلمات إلى النور، وفتح به أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوباً غلفاً وأمر الناس باتباعه وطاعته وتكريمه وتوقيره والصلاة والتسليم عليه، وشرح له صدره، ورفع له ذكره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، وأوجب محبته على العالمين أعظم مما نحب أنفسنا وآباءنا وأمهاتنا وأولادنا والناس أجمعين، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين، وعلى آله وأزواجه وأصحابه الأخيار الطاهرين.


وبعد:

فإن عرى الدين تنقض عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية، وندر في الأمة من يبصّر الناس بأمور دينهم، ويعلمهم كتاب ربهم، ويأمر فيهم بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله على بصيرة ويجهر بالحق لا يخشى في الله لومة لائم.


ولقد رأينا في زماننا قلّة العلم وانتشار الجهل واتباع الأهواء، حتى ضاعت عند البعض الأصول، وتغيرت الثوابت، وخولفت قواطع الأدلة، حتى رأينا من يجادل في المحكمات وينكر البدهيات ويضاد الإجماعات ويجحد ما دلت عليه النصوص الواضحات البينات، ثم تراه بعد كل ذلك ينسب نفسه للعلم وأهله، أو ينسبه البعض للإمامة والمشيخة.


ومن ذلك إنكار البعض لكفر اليهود والنصارى، وقولهم إنهم ليسوا كفارًا ولكنهم أهل كتاب، وهم يظنون لجهلهم أن عدم تكفير أهل الكتاب من سماحة الإسلام، وربما ظن بعضهم أن عدم تكفيرهم من عدل الإسلام وإنصافه، وقد يراه آخرون بابًا من أبواب الورع والتقوى؛ لأنه ليس من حق أحد من الناس تكفير غيره بزعمهم.


ومن العجيب أن يصدر مثل ذلك ممن ينسبون أنفسهم للعلم والفقه، فترى أحدهم يبدي أسفه من وصف الدعاة للنصارى بالكفر، أو تراه يتورع عن تكفير أحد رؤوس الكفر من قساوسة الكنيسة المحاربين للإسلام زاعمًا أن هذا ليس من حقه!!


والأعجب من ذلك أن يبرر البعض عدم تكفيره لليهود والنصارى بأنهم موحدون ومؤمنون بالله وبالأنبياء على حدّ زعمه.


والحق أن كفر أهل الكتاب من اليهود والنصارى أمر ظاهر دلت عليه قواطع الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع، وتفصيل ذلك على النحو التالي:

أولاً: أن الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، واتباع دينه وشريعته أمر فرض لازم واجب على الإنس والجن كافة، لا يسع أحد الخروج عنه، ولا يقبل منه سواه، ولا نجاة له بدونه.


فكل من بلغته دعوة الإسلام ثم لم يؤمن بها ولم يتبع النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم فهو كافر مخلد في النار أبدًا.


قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران:85].


قال الطبري: "يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يطلب دينًا غير دين الإسلام ليدين به فلن يقبل منه ﴿ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ يقول: من الباخسين أنفسهم حظوظها من رحمة الله عز وجل"[1].


وقال الألوسي: "بيّن تعالى أن من تحرى بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم غير شريعته فهو غير مقبول منه"[2].


وقال الله سبحانه: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [آل عمران:19 - 22].


قال ابن كثير: "وقوله: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ إخبار من الله تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام، وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين، حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم، الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لقي الله بعد بعثته محمدًا صلى الله عليه وسلم بدين على غير شريعته، فليس بمتقبل. كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾، وقال في هذه الآية مخبرًا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾[3].


وقال الله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 68].

 

قال ابن كثير: "يقول تعالى: قل يا محمد ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ ﴾ أي من الدين ﴿ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴾ أي حتى تؤمنوا بجميع ما بأيديكم من الكتب المنزلة من الله على الأنبياء، وتعملوا بما فيها، ومما فيها الإيمان بمحمد، والأمر باتباعه صلى الله عليه وسلم، والإيمان بمبعثه، والاقتداء بشريعته"[4].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار"[5].

 

قال النووي: "وأما الحديث ففيه نسخ الملل كلها برسالة نبينا صلى الله عليه وسلم..وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يسمع بي أحد من هذه الأمة) أي ممن هو موجود في زمني وبعدي إلى يوم القيامة، فكلهم يجب عليه الدخول في طاعته، وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيهًا على من سواهما؛ وذلك لأن اليهود والنصارى لهم كتاب، فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابًا فغيرهم ممن لا كتاب له أولى"[6].

 

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب، فقرأه النبي صلى الله عليه وسلم فغضب فقال: "أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟! والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني"[7].

 

وفي لفظ أن عمر بن الخطاب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسخة من التوراة فقال: يا رسول الله هذه نسخة من التوراة فسكت، فجعل يقرأ ووجه رسول الله يتغير، فقال أبو بكر: ثكلتك الثواكل ما ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فنظر عمر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله صلى الله عليه وسلم رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل، ولو كان حيًا وأدرك نبوتي لاتبعني"[8].

 

فبيّن هذا الحديث أنه لا يسع أحد من الناس أدرك نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ألا يؤمن به ويتبع شريعته ولو كان نبيًا أو رسولاً من عند الله، وأن شريعة الإسلام قد نسخت أي شريعة قبلها.

 

فلو افترضنا أن لدينا الآن التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام والإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام وأن هذه الكتب باقية لم تحرف، فلا يجوز اتباعها لأنها نسخت بشريعة الإسلام، فكيف وقد وقع فيها التحريف زيادة ونقصًا، وتبديلاً وتغييرًا.

 

بل لو أن أحد أنبياء الله عليهم السلام جميعًا، كان حيًا بيننا اليوم ما وسعه إلا أن يتبع محمدًا صلى الله عليه وسلم وأن ينقاد لشريعة الإسلام.

 

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران:81].

 

قال ابن عباس وغيره من السلف: "ما بعث الله نبيًا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بُعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بُعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه"[9].


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقوله: ﴿ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ﴾ هي ما الشرطية، والتقدير: أي شيء أعطيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، ولا تكتفوا بما عندكم عما جاء به، ولا يحملنكم ما آتيتكم من كتاب وحكمة على أن تتركوا متابعته، بل عليكم أن تؤمنوا به وتنصروه، وإن كان معكم من قبله من كتاب وحكمة فلا يغنيكم ما آتيتكم عما جاء به، فإن ذلك لا ينجيكم من عذاب الله، فدل ذلك على أنه من أدرك محمدًا من الأنبياء وأتباعهم وإن كان معه كتاب وحكمة فعليه أن يؤمن بمحمد وينصره"[10].


ولذلك فعيسى عليه السلام حينما ينزل في آخر هذا الزمان فإنه سوف يحكم بالقرآن وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ويتبع شرع الإسلام.


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم فأمكم منكم"[11].


قال ابن أبي ذئب للوليد بن مسلم - وهما من رواة الحديث -: "تدري ما أمكم منكم؟" فقال الوليد: تخبرني، قال: "فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم"[12].


وعن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة"[13].


وقد نقل ابن حزم إجماع العلماء على أن " محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي المبعوث بمكة المهاجر إلى المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جميع الجن والإنس إلى يوم القيامة، وأن دين الإسلام هو الدين الذي لا دين لله في الأرض سواه، وأنه ناسخ لجميع الأديان قبله، وأنه لا ينسخه دين بعده أبدًا، وأن من خالفه ممن بلغه كافر مخلد في النار أبدًا"[14].


ثانيًا: أن أهل الكتاب كفروا من قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بانحرافهم عن دين الأنبياء وتحريفهم لكتبهم واتباعهم أهواء البشر، ومن ثم صار كفرهم بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم واقعًا من وجهين رئيسين:

الأول: تبديلهم لدين رسولهم وتحريفهم لكتبهم وابتداعهم لعقائد وثنية شركية زعموا أنها من عند الله.

الثاني: عدم إيمانهم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم له ولبعض الأنبياء الآخرين.


فلا هم بقوا على دين النبي الذي بعث فيهم، ولا هم آمنوا بالنبي الذي جاء بعده وجاءت به البشارات في كتبهم، فصار كفرهم ظاهرًا بينًا من كل وجه.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن دين النصارى الباطل إنما هو دين مبتدع، ابتدعوه بعد المسيح عليه السلام، وغيروا به دين المسيح، فضل منهم من عدل عن شريعة المسيح إلى ما ابتدعوه.


ثم لما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم كفروا به فصار كفرهم وضلالهم من هذين الوجهين: تبديل دين الرسول الأول، وتكذيب الرسول الثاني.


كما كان كفر اليهود بتبديلهم أحكام التوراة قبل مبعث المسيح، ثم تكذيبهم المسيح عليه السلام.


ونبين إن شاء الله أن ما عليه النصارى من التثليث والاتحاد، لم يدل عليه شيء من كتب الله: لا الإنجيل ولا غيره، بل دلت على نقيض ذلك، ولا دل على ذلك عقل بل العقل الصريح مع نصوص الأنبياء تدل على نقيض ذلك، بل وكذلك عامة شرائع دينهم محدثة مبتدعة، لم يشرعها المسيح عليه السلام.

 

ثم التكذيب لمحمد صلى الله عليه وسلم، هو كفرهم المعلوم لكل مسلم، مثل كفر اليهود بالمسيح عليه السلام وأبلغ"[15].


ثالثًا: أن وصف اليهود والنصارى بأنهم ﴿ أَهْلَ الْكِتَابِ ﴾ لا ينفي عنهم وصف الكفر، ولا يتعارض مع كونهم على الكفر والشرك والضلال، ولكنه يعطي له مزية على غيرهم من الكفار الوثنيين في بعض الأحكام كجواز نكاح المحصنات منهم، وأكل ذبائحهم كما جاء في قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [المائدة:5].


وقد اكتسب أهل الكتاب هذه المزية عن غيرهم من الكفار لأنهم يؤمنون بكتب ما زال فيها بعض الحق وإن كانت قد حرفت وبدلت، فهم أقرب للمسلمين من غيرهم، وهذا يشير إلى شيء من العدل والقسط الذي جاءت به شريعة الإسلام.


لكن تميز أهل الكتاب عن غيرهم من الكفار بهذه الأحكام لا ينفي عنهم وصف الكفر والشرك الذي دلت عليه نصوص كثيرة منها:

قوله تعالى: ﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾.[البقرة: 105].


وقوله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ. يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران:71].


وقوله عز وجل: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ.قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [آل عمران: 98-99].


وقوله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ [النساء:171].


وقوله سبحانه:﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة:59-60].


وقوله عز وجل: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 68].


وقوله تعالى: ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ.رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً. فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ. وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ. وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ [البينة:1-6].


قال الطبري: "يقول تعالى ذكره: إن الذين كفروا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فجحدوا نبوته، من اليهود والنصارى والمشركين جميعهم ﴿ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ يقول: ماكثين لابثين فيها (أبدًا) لا يخرجون منها، ولا يموتون فيها ﴿ أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ يقول جل ثناؤه: هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين، هم شر من برأه الله وخلقه"[16].


رابعًا: أن أهل الكتاب غير مؤمنين بالله في الحقيقة وغير عارفين به حق معرفته، وما هم عليه من معتقدات باطلة في معبودهم تخرجهم عن دائرة المؤمنين بالله كغيرهم من الكفار المشركين.


قال الله تعالى: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة:29].


وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: "إنك ستأتي قومًا أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.."[17].


وفي لفظ عند مسلم: "إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم.."[18].


قال القاضي عياض رحمه الله: "هذا يدل على أنهم ليسوا بعارفين الله تعالى... ما عرف الله تعالى من شبّهه وجسمه من اليهود أو أجاز عليه البداء أو أضاف إليه الولد منهم، أو أضاف إليه الصاحبة والولد وأجاز الحلول عليه والانتقال والامتزاج من النصارى أو وصفه بما لا يليق به أو أضاف إليه الشريك والمعاند في خلقه من المجوس والثنوية،فمعبودهم الذي عبدوه ليس هو الله، وإن سموه به إذ ليس موصوفًا بصفات الإله الواجبة له؛ فإذن ما عرفوا الله سبحانه"[19].


خامسًا: أن أهل الكتاب ليسوا من أهل التوحيد، بل هم مشركون غارقون في الشرك من وجوه منها:

1- عبادتهم للرهبان والأحبار:

قال الله تعالى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 31].


قدم عدي بن حاتم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نصراني فسمعه يقرأ هذه الآية:﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ قال: فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه، قال: قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم"[20].


"وهكذا قال حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن عباس، وغيرهما في تفسير: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ إنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا.


وقال السدي: استنصحوا الرجال، وتركوا كتاب الله وراء ظهورهم؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا ﴾ أي: الذي إذا حرم الشيء فهو الحرام، وما حلله حل، وما شرعه اتبع، وما حكم به نفذ"[21].


2- عبادة النصارى للمسيح، وادعائهم أن الله هو المسيح ابن مريم:

قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 17].


وقال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة:72].


3- قول النصارى بالتثليث المضاد للتوحيد، وزعمهم أن معبودهم مثلث الأقانيم هي الأب والابن والروح القدس:

قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ. قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة:73-77].


وقال تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ [النساء:171].


سادسًا: أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يسبّون الله عز وجل، وينسبون له الولد، ويلحقون به النقائص والعيوب سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا، وهذا من أشد الكفر وأقبحه.


قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 66].


وقال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [آل عمران:181].


وقال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ. اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ. يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ. هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة:30-33].


وقال تعالى: ﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ. قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ. مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾ [يونس:68-70].


وقال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا. قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا. مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا. وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا. مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾ [الكهف:1-5].


وقال تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا. تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا. أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا. وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا. إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا. لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم:88-95].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك. فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته. وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدًا وأنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفئًا أحد"[22].


ومما جاء في كتبهم من الإساءات للرب تبارك وتعالى:

1- ادعاؤهم أن الله يندم وهذا يلزم منه جهل معبودهم بعواقب الأمور.

فقد جاء في سفر الخروج: "فندم الرب على الشر الذي قال أنه يفعله بشعبه"[23].


2- ادعاؤهم أن الله عز وجل تعب واحتاج للراحة بعد أن خلق السموات والأرض، كما جاء في سفر التكوين "وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل.فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه.لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل"[24].


وقد ردّ عليهم القرآن وكذّبهم فيما قالوا، قال الله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ﴾ [ق:38].

واللغوب: التعب والنصب[25].


3- ادعاؤهم أن الله يغفل ولا ينتبه للظلم كما جاء في سفر أيوب "من الوجع أناس يئنون ونفس الجرحى تستغيث والله لا ينتبه إلى الظلم"[26].

وقد قال الله عز وجل: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 123].


4- ما جاء في سفر المزامير من وصف فاجر لمعبودهم: " فاستيقظ الرب كنائم كجبار معيط من الخمر"[27]!!


5- تشبيههم معبودهم بالخروف كما جاء في رؤيا يوحنا اللاهوتي: "هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم، لأنه رب الأرباب وملك الملوك والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون"[28].


سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا.

 

ومن هنا يظهر خطأ مَن زعم أن اليهود والنصارى عارفون بالله، كما يتضح بجلاء بُعد قولهم إنهم مؤمنون بالله وموحدون له.

 

سابعًا: أن أهل الكتاب ينسبون لأنبياء الله أشنع التهم ويرمونهم بأفظع الذنوب والموبقات، ومن ذلك:

ما جاء في سفر صموئيل الثاني: "وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. كَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا. فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: أَلَيْسَتْ هذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ، فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا،وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: إِنِّي حُبْلَى"[29].

قاتلهم الله أنى يؤفكون.


والأدهى من ذلك أنهم ينسبون للأنبياء أحطّ أنواع الزنى، وهو زنى المحارم، كما نجد في قصة سيدنا لوط عليه السلام في سفر التكوين:"وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ، وَابْنَتَاهُ مَعَهُ، لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ، وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: أَبُونَا قَدْ شَاخَ، وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا، وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ، فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاَ، فسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا، وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا، فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا" [30].

قبحهم الله ولعنهم بما افتروا على أنبياء الله إفكًا وزورًا.


ولم يتوقف الأمر على قذفهم الأنبياء بالفواحش والزنى، بل رموهم فوق ذلك بالكفر والشرك كما جاء في سفر الملوك في حق نبي الله سليمان عليه السلام: "وَأَحَبَّ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ: مُوآبِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَأَدُومِيَّاتٍ وَصِيدُونِيَّاتٍ وَحِثِّيَّاتٍ، مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: لاَ تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ، لأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ، فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ،وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ، فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ.


وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ، فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلهةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ، وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ، حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ، هكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لآلِهَتِهِنَّ، فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، وَأَوْصَاهُ فِي هذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبعَ آلِهَةً أُخْرَى، فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ"[31].


وهذا غيض من فيض حشيت به كتب القوم من إساءات بالغة للمصطفين الأخيار، وهم فوق ذلك يتهمون خير البرية محمدًا صلى الله عليه وسلم بأنه مفترٍ كذاب مدعٍ للنبوة، وهذا من أعظم الكفر وأوضحه، فهل يصح بعد كل ذلك أن يقال إنهم مؤمنون بأنبياء الله!!


ثامنًا: أن كفر أهل الكتاب بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم يقدح في إيمانهم بالله وكتبه ورسله؛ لأنهم لو كانوا مؤمنين بما بأيديهم إيمانًا صحيحًا لقادهم ذلك إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم.


قال ابن كثير: "فهم في نفس الأمر لما كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، لم يبق لهم إيمان صحيح بأحد من الرسل، ولا بما جاءوا به، وإنما يتبعون آراءهم وأهواءهم وآباءهم فيما هم فيه، لا لأنه شرع الله ودينه؛ لأنهم لو كانوا مؤمنين بما بأيديهم إيمانًا صحيحًا لقادهم ذلك إلى الإيمان بمحمد، صلوات الله عليه، لأن جميع الأنبياء بشروا به، وأمروا باتباعه، فلما جاء وكفروا به، وهو أشرف الرسل، علم أنهم ليسوا متمسكين بشرع الأنبياء الأقدمين لأنه من عند الله، بل لحظوظهم وأهوائهم، فلهذا لا ينفعهم إيمانهم ببقية الأنبياء، وقد كفروا بسيدهم وأفضلهم وخاتمهم وأكملهم؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا اليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب.. ﴾[32].


تاسعًا: لقد أجمع العلماء على أن الشك في كفر اليهود والنصارى أو تصحيح معتقدهم، أو القول بأنهم يسعهم عدم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم يعدّ كفرًا أكبر من نواقض الإسلام.


قال القاضي عياض بعد أن نقل في الشفا عن الجاحظ وثمامة زعمهم أن كثيراً من العامة والنساء والبله ومقلّدة اليهود والنصارى وغيرهم؛ لا حجة لله عليهم، إذ لم يكن لهم طباع يمكن معها الاستدلال: "وقائل هذا كله كافر بالإجماع على كفر من لم يكفر أحداً من النصارى واليهود وكل من فارق دين المسلمين أو وقف في تكفيرهم أو شك، قال القاضي أبو بكر: لأن التوقيف والإجماع اتفقا على كفرهم فمن توقف في ذلك فقد كذّب النص والتوقيف أو شك فيه، والتكذيب أو الشك فيه لا يقع إلا من كافر "[33].


وقال أيضاً: "ولهذا نُكفّر من لا يُكفّر من دان بغير ملّة المسلمين من الملل أو وقف فيهم أو شك أو صحّح مذهبهم، وإن أظهر بعد ذلك الإسلام واعتقده واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك"[34].


وقال الحجاوي رحمه الله تعالى: (من لم يكفر من دان بغير الإسلام كالنصارى، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم فهو كافر)[35].


وقال الشيخ عبد الله أبابطين: "قد أجمع العلماء على كفر من لم يُكفر اليهود والنصارى أو يشك في كفرهم هذا إجماع أهل الإسلام في قديم الدهر وحديثه استنادًا إلى نصوص الوحي"[36].


وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن من لم يُكفر اليهود والنصارى ويقول عنهم "أهل كتاب" فقط؟! فقالت: "من قال ذلك فهو كافر؛ لتكذيبه بما جاء في القرآن والسنة من التصريح بكفرهم، قال الله تعالى: ﴿ يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون.. ) الآيات من سورة آل عمران، وقال: ﴿ لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم.. ﴾ الآيات من سورة المائدة، وقال: ﴿ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة.. ﴾ الآيات من سورة المائدة، وقال: ﴿ وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون.. ﴾الآيات من سورة التوبة، وقال تعالى: ﴿ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة.. ﴾ الآيات من سورة البينة،وقال: ﴿ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ﴾ إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة. وبالله التوفيق،وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"[37].

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.

نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي.

عضو: عبدالله بن غديان.

 

وذكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله من نواقض الإسلام:

"الثالث: من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، كفر"[38].

 

قال الشارح الشيخ عبد العزيز الراجحي: "هذا الناقض معناه: أنه لا يعتقد كفر المشركين، فالمشركون عام يشمل جميع أنواعه الكفار؛ فكل كافر مشرك.


فمن لم يكفر الكافر فهو كافر مثله، من لم يكفر اليهود أو لم يكفر النصارى أو لم يكفر المجوس أو لم يكفر الوثنيين، أو لم يكفر المنافقين أو لم يكفر الشيوعيين فهو كافر، وكذلك منّ شك في كفرهم فقال: أنا ما أدري، اليهود يمكن أن يكونوا على حق، أو يمكن للإنسان أن يتدين باليهودية، أو بالنصرانية، أو بالإسلام كلها أديان سماوية كما يدعوا بعض الناس إلى التقارب بين الأديان الثلاثة، من اعتقد هذا الاعتقاد فهو كافر؛ لا بد أن يعتقد أن اليهود كفار، وأنهم على دين باطل، ويتبرأ منهم ومن دينهم , ويبغضهم ويعاديهم في الله، وكذلك النصارى لا بد أن تعتقد كفرهم، وكذلك الوثنيون، والمجوس، وجميع أنواع الكفرة.


وكذلك أيضا يكفر لو شك في كفرهم كأن يقول: لا أدري هل اليهود كفار أم ليسوا كفارًا، يمكن أن يكونوا على حق هذا يكفر، لا بد أن يجزم، ويعتقد كفرهم جزماً.


وكذلك إذا صحح مذهبهم قال: هم على دين صحيح أو على دين حق فيكون كافراً مثلهم؛ وذلك لأن من لم يكفر المشركين فإنه لم يكفر بالطاغوت، وليس هناك توحيد إلا بأمرين: إيمان بالله، وكفرٌ بالطاغوت، فالذي لم يكفر المشركين، واليهود، والنصارى لم يكفر بالطاغوت؛ فلا يصح له توحيد، ولا إيمان"[39].


وقال الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب: "اليهود والنصارى كفارٌ بنص القرآن، ونص السنة، فالواجب على المكلفين من المسلمين اعتقاد كفرهم وضلالهم، ومن لم يكفرهم أو شك في كفرهم يكون مثلهم، لأنه مكذب لله ولرسوله"[40].


وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن ما يبثه أحد الوعاظ بأوروبا من المتأثرين بالأفكار العصرانية من أنه لا يجوز تكفير اليهود والنصارى، فقال: "من أنكر كفر اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وكذبوه فقد كذب الله عز وجل، وتكذيب الله كفر، ومن شك في كفرهم فلا شك في كفره هو... إن كل من زعم أن في الأرض ديناً يقبله الله سوى دين الإسلام فإنه كافر، لا شك في كفره؛ لأن الله عز وجل يقول في كتابه: ﴿ ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ﴾"[41].


وقال أيضًا رحمه الله: "من زعم أن مع دين محمد صلى الله عليه وسلم ديناً سواه قائماً مقبولاً عند الله تعالى من دين اليهود، أو النصارى، أو غيرهما؛ فهو مكذب لقول الله تعالى: ﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾. وقوله: ﴿ ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ﴾. وإذا كان الإسلام اتباع الشريعة القائمة، فإنه إذا نسخ شيء منها لم يكن المنسوخ ديناً بعد نسخه ولا اتباعه إسلاماً"[42].


وقال الشيخ بكر أبوزيد رحمه الله رئيس مجمع الفقه الإسلامي السابق: " يجب على كل مسلم اعتقاد كفر من لم يدخل في هذا الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم، وتسميته كافراً، وأنه عدو لنا، وأنه من أهل النار..ولهذا: من لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر، طرداً لقاعدة الشريعة من لم يكفر الكافر فهو كافر "[43].

 

وقال أيضاً: "والحكم بكفر من لم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب؛ من الأحكام القطعية في الإسلام، فمن لم يكفرهم فهو كافر؛ لأنه مكذب لنصوص الوحيين الشريفين"[44].

 

عاشرًا: أن الشرع قد نهى عن موالاة اليهود والنصارى وحكم بكفر من يتولاهم، فإن كان تولي أهل الكتاب الذي يعني محبتهم ونصرتهم يعدّ كفرًا وردة عن الإسلام، فكيف يقال إنهم ليسوا كفارًا؟!

 

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة:51].

 

قال الطبري: "إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعًا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارًا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله وغيرهم، وأخبر أنه من اتخذهم نصيرًا وحليفًا ووليًّا من دون الله ورسوله والمؤمنين، فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منه بريئان.. ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم؛ فإنه لا يتولى متول أحدًا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه"[45].

 

وقال ابن كثير: "ينهى الله تعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى، الذين هم أعداء الإسلام وأهله، قاتلهم الله، ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض، ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك فقال: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾[46].

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فالمخاطبون بالنهى عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة، ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون الأمة، وهو لما نهى عن موالاة الكفار وبين أن من تولاهم من المخاطبين فإنه منهم، بين أن من تولاهم وارتد عن دين الإسلام لا يضر الإسلام شيئًا، بل سيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه فيتولون المؤمنين دون الكفار ويجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم، كما قال في أول الأمر ﴿ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ ﴾، فهؤلاء الذين لم يدخلوا في الإسلام وأولئك الذين خرجوا منه بعد الدخول فيه لا يضرون الإسلام شيئًا بل يقيم الله من يؤمن بما جاء به رسوله وينصر دينه إلى قيام الساعة"[47].

 

وقال: ومثله قوله تعالى: ﴿ تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ فذكر جملة شرطية تقتضي أنه إذا وجد الشرط وجد المشروط بحرف (لو) التي تقتضي مع انتفاء[48]الشرط انتفاء المشروط، فقال ﴿ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾ فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه.


ومثله قوله تعالى: ﴿ لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ فإنه أخبر في تلك الآيات أن متوليهم لا يكون مؤمنًا، وأخبر هنا أن متوليهم هو منهم، فالقرآن يصدق بعضه بعضاً"[49].


وقال: "فبيّن سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزم لعدم ولايتهم فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم"[50].


وقال ابن حزم: صح أن قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم ﴾ إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين"[51].


وذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من نواقض الإسلام: "الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾[52].


وقال الشيخ حمد بن عتيق: "الأمر الثالث مما يصير المسلم به مرتدًا: موالاة المشركين، والدليل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾[53].


وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم"[54].


وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: "موالاة الكفار التي يكفر بها من والاهم هي محبتهم ونصرتهم على المسلمين، لا مجرد التعامل معهم بالعدل، ولا مخالطتهم لدعوتهم للإسلام، ولا غشيان مجالسهم والسفر إليهم للبلاغ ونشر الإسلام"[55].

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.

نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي.

عضو: عبدالله بن غديان.

عضو: عبدالله بن قعود.

 

ورغم وضوح الأدلة وظهورها إلا أن البعض بسبب جهلهم بكتاب الله تعالى يتأولون الآيات على غير مرادها ويستدلون بها على غير مقصودها فيظنون أنها قد تدل على عدم كفر طائفة من أهل الكتاب ومن ذلك:

قوله تعالى: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة: 82].


والحق أن هذه الآية لا حجة لهم فيها مطلقًا لأنها نزلت في نصارى آمنوا بالإسلام واتبعوا الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم ـ مثل النجاشي وأصحابه - ومما يدل على ذلك الآيات التي تتلو هذه الاية وهي قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ. وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ. فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 83-85].


جاء في تفسير ابن كثير: "وقال عَطاء بن أبي رَباح: هم قوم من أهل الحبشة، أسلموا حين قدم عليهم مُهَاجرَة الحبشة من المسلمين، وقال قتادة:هم قوم كانوا على دين عيسى ابن مريم، فلما رأوا المسلمين وسمعوا القرآن أسلموا ولم يَتَلَعْثَمُوا. واختار ابن جرير أن هذه الآية نزلت في صفة أقوام بهذه المثابة، سواء أكانوا من الحبشة أو غيرها.


فقوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ تضمن وصفهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع...


ثم وصفهم بالانقياد للحق واتباعه والإنصاف، فقال: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾ أي: مما عندهم من البشارة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ أي: مع من يشهد بصحة هذا ويؤمن به.

 

وقد روى النسائي عن عمرو بن علي الفَلاس، عن عمر بن علي بن مُقَدَّم، عن هشام بن عُرْوَة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال:نزلت هذه الآية في النجاشي وفي أصحابه: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾.

 

وقال الطبراني: حدثنا أبو شُبَيْل عُبَيد الله بن عبد الرحمن بن واقد، حدثنا أبي، حدثنا العباس بن الفضل، عن عبد الجبار بن نافع الضبي، عن قتادة وجعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قول الله: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ﴾ قال: إنهم كانوا كرابين - يعني: فلاحين- قدموا مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم القرآن آمنوا وفاضت أعينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولعلكم إذا رجعتم إلى أرضكم انتقلتم إلى دينكم"، فقالوا:لن ننتقل عن ديننا. فأنزل الله ذلك من قولهم.

 

وروى ابن أبي حاتم وابن مَرْدويه، والحاكم في مستدركه، من طريق سِماك عن عِكْرِمة، عن ابن عباس في قوله: ﴿ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ أي: مع محمد صلى الله عليه وسلم، وأمته هم الشاهدون، يشهدون لنبيهم أنه قد بلغ، وللرسل أنهم قد بلغوا، ثم قال الحاكم:صحيح الإسناد ولم يخرجاه"[56].

 

ومما يتعلق به أولئك أيضًا قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110].

 

والحق أن هذه الآية حجة عليهم لا لهم؛ لأن فيها إلزام اليهود والنصارى باتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فالمؤمنون منهم من آمنوا به، ومن لم يؤمنوا فهم فاسقون خارجون عن اتباع أنبيائهم وكتبهم.

 

قال الطبري في تفسير هذه الآية: "يعني بذلك تعالى ذكره: ولو صدق أهل التوراة والإنجيل من اليهود والنصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به من عند الله؛ لكان خيرًا لهم عند الله في عاجل دنياهم وآجل آخرتهم ﴿ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾، يعني: من أهل الكتاب من اليهود والنصارى، المؤمنون المصدقون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاءهم به من عند الله، وهم: عبد الله بن سلام وأخوه، وثعلبة بن سعية وأخوه، وأشباههم ممن آمنوا بالله وصدقوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، واتبعوا ما جاءهم به من عند الله ﴿ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾، يعني: الخارجون عن دينهم، وذلك أن من دين اليهود اتباع ما في التوراة والتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم، ومن دين النصارى اتباع ما في الإنجيل، والتصديق به وبما في التوراة، وفي كلا الكتابين صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ومبعثه، وأنه نبي الله، وكلتا الفرقتين -أعني اليهود والنصارى- مكذبة، فذلك فسقهم وخروجهم عن دينهم الذي يدعون أنهم يدينون به"[57].

 

ومما سبق يتضح جليًا أن اليهود والنصارى كفار مشركون لا يؤمنون بالله ولا كتبه ولارسله ولا اليوم الآخر، وأنهم لا يدينون دين الحق، وأنهم لا نجاة لهم إلا بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولا يقبل منهم إلا اعتناق الإسلام واتباع شرعه، فمن شكّ في كفرهم أو صحّح معتقدهم، أو قال بأنهم يسعهم عدم اتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو والاهم وأحبهم ونصرهم فهو كافر كفرًا أكبر ناقلاً عن ملة الإسلام إلا أن يكون معذورًا بأحد الأعذار الشرعية التي ينبغي مراعاتها عند الحكم على المعين.

 

لكن ينبغي في هذا المقام الإشارة إلى أن إن الحكم بكفر اليهود والنصارى ووجوب بغضهم والبراءة منهم لا يعني في الوقت ذاته رجاء الشر لهم وتمني وقوع العذاب الأليم بهم، بل على العكس ففي ذات الوقت الذي نكنّ فيه مشاعر البغض لهؤلاء الكافرين، فنحن نحب لهم الخير ونتمنى لهم الهداية، ونعد هداية رجل واحد خير من الدنيا وما فيها.

 

ولذلك أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب قبل أن يغزو قومًا فقال: "ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم"[58].

 

فإذا تابوا إلى الله ودخلوا في دين الإسلام فهم إخواننا لهم من المحبة والود والموالاة ما للإخوة والأحباب.

 

﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة:11].

 

فليس البغض والعداء لهوى أو نزعة شخصية أو غضبة للنفس وإنما هو تمام الولاء لله وكمال المحبة له سبحانه.

 

ثم إن هذا البغض والعداء لا يكون مبررًا أبدًا لظلم الكافرين أو الاعتداء عليهم أو استحلال أموالهم ودمائهم أو هضم حقوقهم، بل نحن مأمورون بالعدل فيهم مهما كانت مشاعر البغض والعداء نحوهم.

 

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة:8].


وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر لتقدير الخراج - وكان مسترضعًا فيهم - ففرحوا به وقالوا: مرحبًا بك وبمن جئت من عنده، كيف أنت وكيف صاحبك الذي تركت وراءك؟


فقال: أما أنا فصالح، وأما صاحبي فو الله لهو أحب إلي من نفسي التي بين جنبي، ولأنتم أبغض إلي من عددكم من القردة والخنازير.

قالوا: فكيف تعدل علينا؟

قال: لن يحملني حب صاحبي على أن أجور له عليكم، ولا يحملني بغضي إياكم أن لا أعدل عليكم.

قالوا: بهذا قامت السموات والارض.


فطاف في النخل ونظر، فقال: إن شئتم أن أكيل لكم كذا وكذا، ولنا الحطب وسواقط النخل قال: ففرحوا بذلك وقبلوه، ثم كالوا التمرة فلم يجدوها نقصت شيئًا مما خرص ولا زادت[59].


كما أن هذا البغض لأهل الكتاب ليس حاجزًا للمسلم عن برِّ غير المحاربين وليس مانعًا من معاملتهم بالحسنى، والتخلق معهم بخلق الإسلام الكريم، والعمل على تأليف قلوبهم وتقريبهم من الإسلام والمسلمين[60].


قال الله تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الممتحنة:8-9].

 

إن السماحة بحق هي أن نبين للكافر الخطر الذي ينتظره إن ظل على كفره، وأن نسعى لإنقاذه وتخليصه من الكفر والشرك الذي هو غارق فيه، وأن نخرجه من عبادة الخلق إلى عبادة الخالق ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.


أما التلبيس على الكفار، وتركهم يغترون بما هو عليه من الكفر، وتصحيح معتقدهم أو مداهنتهم في مسائل العقيدة فهو أكبر إضرار بهم، لأنه سيعرضهم لعذاب الله الأبدي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.


فيا أيها الساكتون عن كفر أهل الكتاب، المحسنون لشركهم، المزينون لمعتقدهم، المداهنون لقساوستهم ورؤوس الكفر منهم، إن ظننتم أنكم بذلك ترضون ربكم فقد أبعدتم النجعة وضللتم الطريق وخالفتم كتاب ربكم وسنة رسولكم صلى الله عليه وسلم واتبعتم غير سبيل المؤمنين، وإن ظننتم أنكم بذلك ترضون أعداءكم فقد خاب ظنكم فلن يرضوا عنكم حتى تصيروا مثلهم.


قال الله تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة:120].


نسأل الله أن ينوّر بصائرنا، وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يرزقنا اتباع الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.


وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد خير الأنام، وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.



[1] تفسير جامع البيان للطبري (6/ 85).

[2] تفسير روح المعاني للألوسي (3/ 347).

[3] تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 531).

[4] تفسير القرآن العظيم (2/ 128).

[5] مسلم (218).

[6] شرح النووي على صحيح مسلم (1/ 279).

[7] أخرجه أحمد (14623) وقال ابن كثير في البداية والنهاية (2/ 122): إسناده على شرط مسلم، وحسنه ابن حجر العسقلاني في تخريج المشكاة (1/ 136)، والألباني في تخريج كتاب السنة(50).

[8] أخرجه الدارمي (436).

[9] أخرجه ابن جرير وغيره عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وعن السدي، انظر: تفسير الطبري (3/ 237)، وتفسير ابن كثير (1/ 227).

[10] الجواب الصحيح على من بدل دين المسيح (2/ 123).

[11] أخرجه مسلم (224).

[12] صحيح مسلم، باب نزول عيسى عليه السلام (4/ 137).

[13] أخرجه مسلم (225).

[14] مراتب الإجماع ص267.

[15] الجواب الصحيح على من بدل دين المسيح (1/ 109-110).

[16] تفسير جامع البيان للطبري (30/ 335).

[17] البخاري (1401)، مسلم (27).

[18] مسلم (28).

[19] شرح النووي على صحيح مسلم (1/ 90).

[20] أخرجه الطبري في تفسيره (12925) ورواه الترمذي(3020) بلفظ مقارب وحسنه، وحسنه ابن تيمية في كتاب الإيمان (111) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (3095).

[21]تفسير ابن كثير (2/ 544).

[22] البخاري (4592).

[23] سفر الخروج (32/ 14) وهذا مما يؤمن به اليهود والنصارى.

[24] سفر التكوين (2/ 2-3).

[25] مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ص742.

[26] سفر أيوب (24/ 12).

[27] سفر المزامير (78/ 65).

[28] رؤيا يوحنا اللاهوتي (17/ 14).

[29] سفر صموئيل الثاني (11/ 2-5).

[30] سفر التكوين (19/ 30-36).

[31] سفر الملوك (11/ 1-10).

[32] تفسير القرآن العظيم (2/ 542).

[33] الشفا (2/ 280).

[34] الشفا (2/ 286).

[35] كشاف القناع (6/ 170).

[36] الانتصار لحزب الموحدين والرد على المجادل عن المشركين ص 43.

[37] فتاوى اللجنة الدائمة (2/ 18).

[38] مجموعة التوحيد ص22.

[39] شرح نواقض الإسلام للشيخ عبد العزيز الراجحي، محاضرة مسجلة، بتصرف يسير.

[40] موقع الشيخ ابن باز، فتاوى نور على الدرب.

http:/ / www.binbaz.org.sa/ mat/ 18159.

[41]الصحوة الإسلامية: ضوابط وتوجيهات، ص 196-201.

[42]تقريب التدمرية ص123.

[43] معجم المناهي اللفظية ص92.

[44] معجم المناهي اللفظية ص166.

[45] تفسير جامع البيان للطبري (6/ 374).

[46] تفسير القرآن العظيم (2/ 108).

[47] مجموع الفتاوى (18/ 300).

[48] هذه الكلمة غير موجودة بالأصل لكن لا بد من إثباتها ليستقيم المعنى.

[49] مجموع الفتاوى (7/ 18).

[50] اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة اصحاب الجحيم ص78.

[51] المحلى (11/ 138).

[52] مجموعة التوحيد ص23.

[53] سبيل النجاة والفكاك ص77.

[54] مجموع الفتاوى والمقالات (1/ 274).

[55] فتاوى اللجنة الدائمة (2/ 72).

[56] تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/ 138).

[57] تفسير جامع البيان للطبري (4/ 63).

[58] البخاري (2724) ومسلم (4423).

[59] أخبار المدينة، ابن شبه أبو زيد بن عمر النميري، (1/ 179)، وانظر أحكام أهلة الذمة لابن القيم ص 391.

[60] انظر: أخلاق الحروب الإسلامية في سيرة خير البرية لأبي عبد الله الصارم ص193.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بعض صفات أهل الكتاب
  • أسباب قتال أهل الكتاب لنا
  • دعوة أهل الكتاب
  • فصل الخطاب... فهم ثاقب

مختارات من الشبكة

  • التحليل الرقمي للروض المربع من: فصل فيما يحلق من النسب، إلى نهاية: فصل تقتل الجماعة بالواحد(كتاب - موقع مواقع المشايخ والعلماء)
  • فصل الخطاب بين التغني بالقرآن وتلاوته على المقامات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فصل الخطاب في شرح المنظومة البيقونية في سؤال وجواب في علم مصطلح الحديث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ألمانيا: رفض فكرة فصل الجنسين أثناء فصول التربية الرياضية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فصل المقال فيما لا يقال (الكتاب الثاني) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فصل المقال فيما لا يقال (الكتاب الأول) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مذكرات رحالة عن المصريين وعاداتهم وتقاليدهم في الربع الأخير من القرن 18 (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الخطاب للمرأة غير الخطاب للرجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص الفصل الخامس عشر: فيما تتوقف عليه الأحكام من كتاب: رفع النقاب عن تنقيح الشهاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغيث سبيل السلامة وليس موضع الملامة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
23- chiraz chishette
sirine loliloli - algeria 24-11-2013 07:48 PM

choukran la ilkoum ktire wllah hida le ktabe 3djbni ktire

22- شكرا
سعد الحسينى - مصر 13-07-2013 02:51 AM

بارك الله فيكم

21- كلمة الحق ودعاة التضليل
أبو عبد الله السلفي - مصر 17-05-2012 12:14 PM

إن كان الجهل متصورًا في المسألة فينبغي أن يعذر الجاهل بجهله.
بالنسبة لمصر يتصور الجهل في هذه المسألة خاصة مع وجود بعض المنسوبين للعلم والدعوة الذين يقوم بتضليل الناس والتلبيس عليهم في ملف النصارى عمومًا وزعمهم أنهم إخوان لنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا وأننا نعبد إلهًا واحدًا وأن النصارى الآن هم أتباع المسيح ونحو ذلك من الزخرف الباطل والتلبيس الذي يؤدي إلى إفساد عقائد الناس بالإضافة لتقصير قطاع كبير من الدعاة والعلماء في تبيين الحق في هذه القضية باعتبارها قضية حساسة يعتبر المتحدث فيها بالحق متهمًا بإشعال الفتنة الطائفية وتكدير صفو المجتمع ونحو ذلك من عمليات إرهاب فكري يقصد بها إسكات صوت الحق وقد نجحت لحد بعيد
ولذلك أرى أن نشر مثل هذا المقال ضروري جدًا خاصة في مثل هذه الأزمان التي انتشر فيها الجهل ودعاة التضليل

20- هذا السؤال
غريب - مصر 15-05-2012 10:13 AM

نعم إذا تصورنا إمكانية وجود الجهل بهذه المسألة يكون القول بالعذر فيها متجهًا لكن هل يتصور الجهل بهذه المسألة في بلاد كمصر أو السعودية مع كثرة العلماء والدعاة وانتشار الكتب والشرائط ووجود القنوات الفضائية الإسلامية؟
ولو وقع الجهل من شخص رغم انتشار العلم فهل يعذر في ذلك ؟

19- يجب أن نعذر الجاهل
علي الأزهري - مصر 14-05-2012 12:37 AM

طالما المسألة يمكن أن يحدث الجهل بها فيجب أن يعذر الجاهل فيها بجهله
بالإضافة إلى وجود بعض الدعاة الذين يسببون هذا اللبس عند العوام للأسف الشديد

18- رأي
ناصر - الدمام 13-05-2012 09:00 AM

ما تعلمناه من مشايخنا الكرام ومنهم سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه أن مثل هذه المسائل من أصول العقيدة التي لا عذر بالجهل فيها خصوصا إذا لم يكن الشخص حديث عهد بالإسلام أو لا يعيش في بلاد لا علم فيها ولا دعوة كبادية مهجورة مثلا

17- بوركتم
سليم زهران - مصر 12-05-2012 11:27 PM

بوركتم وسدد الله خطاكم وجعلكم من أنصار الحق دائمًا

16- العذر بالجهل؟
سيد مسعد - مصر 12-05-2012 08:21 PM

هل الذي يقول إن النصارى ليسوا كفار يعذر بجهله أم يحكم بكفره؟
بمعنى آخر هل هذه المسألة يعذر فيها بالجهل أم لا؟

15- الولاء والبراء
عصام الخولي - الإسكندرية- مصر 12-05-2012 02:53 PM

أرجو من شيخنا الكريم إيهاب إكمال كتابة بحث خاص عن موضوع الولاء والبراء

14- قضية شائكة
ناصر محمد الغانم - الكويت 11-05-2012 12:43 PM

كفر أهل الكتاب معلوم من الدين بالضرورة أو من المفترض أن يكون كذلك لكن القضية الشائكة هي الجمع بغض النصارى وإباحة الزواج منهم في نفس الوقت
فكيف يتزوج الإنسان من امرأة يكرهها ؟
لكن كما تفضل الإخوة أن الحب بالطبيعة والغريزة لا شيء فيه لكن الحب العقدي هو المنهي عنه
وبذلك ينحل الإشكال فنقول يجوز للرجل المسلم أن يحب زوجته النصرانية الحب الغريزي لكن لا يجوز أن يحبها الحب العقدي
وشكرا

1 2 3 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب