• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

تحقيق متن المنظومة البيقونية في علم الحديث

تحقيق متن المنظومة البيقونية في علم الحديث
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/5/2012 ميلادي - 10/6/1433 هجري

الزيارات: 102865

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

متن المنظومة البيقونية

نظم

عُمر، أو طه بن فَتُّوح البيقوني الدِّمشقي الشافعي رحمه الله


تحقيق

أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام

 

مقدمة المحقِّق

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الحمد لله نَحْمَده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [سورة آل عمران: 102].

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [سورة النساء: 1].

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [سورة الأحزاب 70 - 71].

 

أما بعدُ:

فإنَّ أصْدَق الحديث كتاب الله، وأحسنَ الهَدي هديُ محمد صلَّى الله عليه وسلَّم وشرَّ الأمور مُحْدَثاتها، وكل مُحْدَثة بِدعة، وكل بِدعة ضلالة.

 

هذه الرسالة هي الرسالة الرابِعة من سلسلة: (توثيق تراث الأمة) التي أقوم فيها بمقابلةِ المتون والشروح والنصوص على أصولٍ خطيَّة، خاصَّة المهْمَل منها، والرسالة الأولى كانت بعنوان: (فتح الأقفال بشرح تُحفة الأطفال والغلمان)؛ لـ: سليمان بن عمر الجَمْزُوري، وكان موضوعها: بيان القواعد النافعة لقِراءة القرآن الكريم، وقد اعتمدتُ في إخراجها على أربع نسخ خطيَّة، وعدد من النُّسخ المطبوعة، منها نُسخة قام على تحقيقها الشيخ/ عبد الفتاح القاضي - رحمه الله - ونسخة أخرى عليها حاشيةٌ للشيخ علي محمد الضَّباع - رحمه الله.

 

أمَّا الرِّسالة الثانية فكانتْ بعنوان: "تعليم الصبيان التوحيد"؛ لشيخ الإسلام محمَّد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وكان موضوعُها تقرير مباحِث ميسره لعلم التوحيد، وهو يصلُح للصِّغار والمبتدئين، وقد لاقتْ هذه الرِّسالة من القَبول ما جَعَلني أقوم على إخراج الرِّسالة الثالثة مِن هذه السِّلْسلة التالية لها وهي بعنوان: "القواعد الأربع"؛ لشيخ الإسلام محمَّد بن عبدالوهَّاب - رحمه الله - وتشتمل على أربعِ قواعدَ تُعين الإنسان على فَهْم جوهر قضية الشِّرْك، وبيان مساوئه، وأنَّ خطورة شرْك مشركي هذا الزمان أشدُّ وأقوى من مشركي قريش.

 

وها هي الرسالة الرابعة، تصدر بعدَ أن لاقتِ الرسائل الثلاث الفائتة قَبولاً، وهي بعنوان: "المنظومة البيقونية"، تأليف عمر أو طه بن فَتُّوح البَيْقوني، وقد قُمتُ بإخراجها على أربع نُسخ خطيَّة، وعدد مِن النسخ المطبوعة، يأتي بيان حالها في المقدِّمات - إن شاء الله.

 

وقد اعتمدتُ في تحقيقي لهذه المنظومة الرائِعة على عددٍ مِن شروحها المتداولة، منها:

شرح محمَّد الزرقاني على المنظومة البيقونية، نشر دار إحياء الكتب العربية، عيسى الحلبي البابي.

 

"حاشية عطية الأجهوري على شرْح الزرقاني على المنظومة المسمَّاة بالبيقونية في مصطلح الحديث"، نشر دار إحياء الكُتُب العربية، عيسى الحلبي البابي.

 

"صقل الأفهام الجليَّة بشرح المنظومة البيقونية"، لشيخي مصطفى بن محمد بن سلامة.

 

"التيسير والتأصيل والسلفيَّة في شرْح البيقونية"؛ تأليف عبدالمنعم إبراهيم أبو عائِش.

 

"الجواهر السليمانية شرح المنظومة البيقونية"؛ تأليف أبي الحسَن مصطفى بن إسماعيل السُّليماني المَأْربي.

 

"شرح البيقونية في مصطلح الحديث"؛ تأليف محمَّد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله - طبعة مكتبة السُّنة، بتحقيق سيِّد عباس الجليمي.

 

• "النخبة النَّبْهانيَّة شرح المنظومة البقونية"؛ تأليف محمد بن خليفة النبهاني، طبعة مكتبة العلم - القاهرة، بتحقيق سيد عباس الجليمي.

• "التقريرات السَّنيَّة شرح المنظومة البيقونية"؛ تأليف حسن بن محمد المَشَّاط، نشر مكتبة ابن تيمية بالقاهرة، ومكتبة العلم بجدة.

• "إظهار المكنون من نظْم البيقون"، تأليف المحقِّق، مخطوط يسَّر الله طبعَه.

 

هذا بالإضافةِ إلى عدد مِن المراجع الأخرى المساعِدة، والتي أذكُر اسمها في محلِّها من الكتاب.

 

واللهَ أسأل أن ينفع بها عامَّةَ المسلمين، وطلاَّبَ العلم في العالَم الإسلامي، وأن يجعلها في ميزانِ حسناتي يوم لا ينفعُ مالٌ ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب سليم.


خُطَّة البحث

قسمتُ البحث إلى:

1- مقدِّمات تشتمل على:

المقدمة الأولى:

مبادئ في: (علم مصطلح الحديث).

 

المقدمة الثانية:

التعريف بالناظم.

 

المقدمة الثالثة:

التعريف بالمنظومة.

1- (المنظومة البيقونية) مضبوطة ومشكولة

2- بيانات المخطوطات التي اعتمدتُ عليها في إخراج المتن.

3- صور المخطوطات التي اعتمدتُ عليها في مقابلة المتن.

4- متن: (المنظومة البيقونية).

 

مُحقَّقًا بالمقابلةِ على المخطوطات، والضبْط والتعليق.

الفهارس.

 

المقدمة الأولى: مبادئ علم (مصطلح الحديث):

قال الصبَّان - رحمه الله -:

إِنَّ مَبَادِي كُلِّ فَنٍّ عَشَرَهْ
الحَدُّ وَالْمَوضُوعُ ثُمَّ الثَّمَرَهْ
وَنِسْبَةٌ وفَضْلُهُ وَالوَاضِعْ
الِاسْمُ الاسْتِمْدَادُ حُكْمُ الشَّارِعْ
مَسَائِلُ وَالبَعْضُ بِالْبَعْضِ اكْتَفَى
وَمَنْ دَرَى الْجَمِيعَ حَازَ الشَّرَفَا
1- الحد:

الحدُّ في اللغة: الحاجِز بين شيئين.

ومِن كلِّ شيء: طرَفه الدقيق الحاد ومنتهاه.

ويقال: وَضَع حدًّا للأمر: أنهاه.

وفي الاصطلاح: عبارة عن المقصودِ بما يحصُره، ويُحيط به إحاطةً تمنع أن يدخُل فيه ما ليس منه.

 

وشرْطُه أن يطَّرِد ويَنعكِس، فيُوجَد بوجودِه، وينعدم بعدمِه.

 

ومصطلح: (مصطلح الحديث) من المصطلحات المركَّبَة، ولذِكْر حدِّ أي مصطلح مركَّب ينبغي تناولُه من وجهَيْن:

• باعتبار مفرداته.

بمعنى أن نعرِف كلَّ كلمة مِن مركَّباته على حِدَةٍ.

 

• وباعتبار أنه لقبٌ على عِلم خاص.

يَعني اعتبار المركَّب اللفظي لقبًا للعِلم المراد تعريفه، إذا أُطلق عُلِمَ أنَّه المراد من الإطلاق.

 

أولاً: (تعريف مصطلح الحديث باعتبار مُفرداته):

يتكوَّن هذا المصطلح المركب من كلمتين:

• المُصطلح.

• الحديث.

 

أمَّا المصطلح فهو: عبارة عن رمْز، أو لفْظ، يستخدمه أهلُ فنٍّ من الفنون، أو عِلم مِن العلوم للدَّلالة على أشياءَ خاصَّة بعِلمهم أو بفنِّهم.

وقيل: لكلِّ علم مصطلحاته الخاصَّة به.

 

وقدْ تشترك عدَّةُ علوم أو فنون في استخدام مصطلح واحِد، ويكون له معنًى خاصٌّ في كلِّ موضع، وقد يُساء فَهْم هذا المصطلح، أو يُحمَل على معناه في علمٍ آخَر، فيحدث الاختلاط، وكم مِن إشكال وقَع وكان سببه الاشتراك اللفظي.

 

أمَّا (الحديث) في اللُّغة فيأتي على عِدَّة معانٍ، منها:

• كل ما يُتحدَّث به مِن كلام وخبَر.

• الجديد.

 

أمَّا في الاصطلاح فهو: ما أُضيف إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من قول، أو فعل، أو إقرار، أو صِفة خُلُقية، أو خِلْقية وصِف بها الحبيبُ صلَّى الله عليه وسلَّم في اليقظة أو المنام، حالَ النبوَّة.

 

وعِلم الحديث ينقسم قسمَيْن:

• عِلم الحديث رِواية.

• وعِلم الحديث دِراية.

 

والمقصود بالأوَّل: هو النَّقْل، والمقصود بالثاني: القواعِد التي تحكُم هذا النقْل.

 

ثانيًا: علم مصطلح الحديثِ باعتبار أنَّه لقبٌ على عِلم خاص:

هو عِلمٌ بقواعدَ يُعرَف به أحوالُ الراوي والمروي.

 

2- الموضوع:

موضوع علم (مُصطلح الحديث): السَّنَد والمتن وما يتعلَّق بهما.

والسند: سلسلةُ الرُّواة الموصلة إلى المتن.

والمتن: ما يَنتهي إليه السَّند مِن الكلام.

 

3- الثمرة:

يُحصِّل الإنسانُ بدِراسته لهذا العلم فوائدَ عِدَّة، منها:

• معرفة الصحيح مِن السقيم في الحديثِ المنسوبِ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حتى يُتَّبع الصحيح، ويُطرَح السقيم.

• تنقيةُ السُّنَّة وحفظها من عبَث العابثين.

 

4- النسبة:

نِسبة هذا العِلم إلى غيرِه التبايُن.

 

يعني الاختلافَ، فهو يختلف عن غيرِه من العلوم الشرعية، ونِسبته إلى علم الحديث كنِسبة عِلم أصول الفقه إلى الفِقه، وكنسبةِ علم أصول التفسير إلى التفسير.

 

5- الفضل:

هو مِن أفضل العلوم الشرعيَّة، وأشرفها، وفضْلُه يأتي من موقعِه من حديثِ رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – ومن كونه الحصن الذي تتكسَّر عنده مطامعُ المفسدين والعابثين بدِين ربِّ العالمين، وسُنَّة خير المرسَلين.

 

ومِن كونه وسيلةَ الاتباع الصحيح للرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – والوسائل لها أحكامُ المقاصد؛ قال – تعالى -: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31].

 

6- الواضع:

واضِع هذا العِلم هو أبو محمَّد الحسن بن عبدالرحمن بن خلاَّد الرَّامَهُرمُزي، المُتوفَّى سَنَة 360 هـ، وكتابه: (المُحدِّث الفاصِل بين الرَّاوي والواعي) يُعدُّ أوَّل كتاب صُنِّف استقلالاً في هذا العلم.

 

7- الاسم:

يُطلَق على هذا العِلم عِدَّةُ أسماء منها:

• علم أصول الحديث.

• مُصطلح الحديث.

• علوم الحديث.

• علِم الحديث دراية.

 

8- حُكم الشَّارع:

تعلُّم هذا العلمِ فرْضُ عين على كلِّ مَن أراد النظرَ والاستدلال من الكتاب والسُّنة، وفرض كفاية على مَن سواهم.

 

9- الاستمداد:

تُستمدُّ قواعدُ هذا العِلم من الكتاب والسُّنة، وأقوال أئمَّة الشأن.

 

10- المسائل:

السند والمتن وما يتعلَّق بهما.

 

المقدمة الثانية

التعريف بالناظِم

اختُلِف في اسمِه، فقيل: عمر، وقيل: طه ابن فَتُّوح البَيْقوني الدمشقي الشافعي.

 

ولا يُدرَى له تاريخ ميلاد، أو تاريخ وفاة، وإنَّما أقْصَى ما يُعرَف أنه كان حيًّا قبل 1080هـ، 1669م.

 

وله معرفةٌ بالحديث والأصول، وله كتاب: (فتح القادر المغيث في مصطلح الحديث) أيضًا، ولكنَّه فُقِد فلا يُعلم مِن مؤلَّفاته سوى المنظومةِ البيقونية.

 

المقدمة الثالثة

التعريف بالمنظومة

1- تتكوَّن المنظومة مِن (34) بيتًا، على بحر الرَّجَز.

 

وتفعيلته:

مستفعلن مستفعلن مستفعلن، في كلِّ شطر.

 

• وهو مِن أسهل البحور الشِّعريَّة للقارض، والقارئ، والحافِظ.

 

ومن أقسامه:

التام: وهم ما تَألَّف مِن ثلاث تفعيلات في كلِّ شطر.

والمجزوء: وهو ما تألَّف مِن تفعيلتين في كلِّ شطر.

والمشطور: وهو كل ما بُنِي على أساسِ الشطر، وليس الأبيات، وكانَ مؤلَّفًا من ثلاثِ تفعيلات في كلِّ شطر.

والمنهوك: وهو ما بُني على أساسِ الشَّطر، وليس الأبيات، وكان مؤلَّفًا من تفعيلتين في كلِّ شطر.

 

• وما يُنظَم على هذا البحر يُسمَّى: (أرجوزة).

 

• وهذا البحر يَسهُل فيه تركيبُ المزدوج، وهو التقفية على الشطرين فقط.

 

لذلك أكْثَرَ أهلُ العِلم مِن نظْم متونِهم وكُتبهم عليه.

 

كما أكْثَر الحُكماءُ والمعلِّمون نظْمَ حِكمهم ونصائحهم عليه.

 

2- اعتمد الناظِمُ - وإن لم يُصرِّح - على مُقدِّمة ابن الصلاح في استقاء أغلب مادته العِلميَّة؛ لذا استدرك غيرُ واحد عليه قوله في تعريف بعضِ أنواع الحديث التي أُخِذت على مُقدِّمة ابن الصلاح، كما في: العزيز، والمرسَل مثلاً.

 

3- ومِن المآخذ على المنظومة:

• قِلَّة المذكور فيها مِن علوم الحديث، وأنَّ ما تُرِك منها أكثر ممَّا أورد.

 

• تفريق الناظِم بين أنواع متماثلاتٍ فلم يذكرْها مجاورة، وكان مِن اللائق ذِكْر كل نوْع إلى جانبِ ما يُناسِبه.

 

• عدم التزام قافيةٍ واحدةٍ طوال النَّظْم، أو حتى دمْج القوافي المتشابِهة بعضها إلى بعضٍ لتسهيل الحِفْظ على الطلاَّب لا سيَّما وهذا هو المقصِد الأسْمَى مِن النَّظم عامَّة.

 

قلتُ: ويُجاب عن هذه المآخِذ بما يلي:

• أوردَ الناظمُ بعضًا من أنواع الحديث وأهْمل بعضًا؛ لأنَّه اكتفى بذكر الأنواع الكثيرة الاستعمال فقط، وهذا مِن محاسن تصرُّفه؛ لأنَّه قصَد بها المبتدئ، وأغْلَبُ ما ترك مما لا يَنتفع به المبتدئُ كثيرًا.

 

• ضِفْ إلى ذلك أنَّه لم يقصدِ الاستقصاء.

 

حيث قال:

وَذِي مِنَ اقْسَامِ الْحَدِيثِ عِدَّهْ ♦♦♦ وَكُلُّ وَاحِدٍ أَتَى (وَحَدَّهْ)

 

• ويُجاب عن مسألةِ الترتيب، بأنَّ الناظم ما قصَد الترتيب، ولكنَّه قصَد إيراد بعضِ أنواع الحديث فقط، ومَن كان هذا شرْطه فإنَّه لا يُلام على مِثْل هذا.

 

• ويُجاب عن عدمِ الْتزام الناظِم لقافيةٍ واحدةٍ في المنظومة كلها بأنَّه مِن المعلوم عندَ أهل العَروض والقافية أنَّ هناك نوعًا مِن أنواع القافية يُسمَّى: (المُزْدوج)، وهو الذي يُبنَى على (التصريع) [1] في كلِّ بيت مع اختلافِ الأبيات عن بعضِها عَروضًا وضربًا، وذلك جوازًا لا وجوبًا، وذلك النوع أكْثر ما يُستخدَم في المنظومات العِلميَّة؛ مِثل: (تحفة الأطفال)، و(المقدِّمة الجَزَرية).

 

• أمَّا عدم دمْج القوافي المتشابِهة، فيُجاب عنه بأنه قد يُمتَنع مِن وجهين:

 

• اتِّصال البيت بما بعْدَه، ويكون ما بَعْدَه مشابهًا له في القافية.

 

• أنَّ هذا غيرُ موجود ابتداءً في أبيات المنظومة، فلا يوجد فيها قافيتان متشابهتان.

 

4- مِن محاسِن (المنظومة البيقونية):

• الإيجاز في العِبارة، حيث ذَكَر الحدود بأقلِّ عبارةٍ ممكنة.

• سُهولة الألْفاظ.

• رَشَاقة القوافي التي تُساعِد على سُرْعة الحِفْظ.

• ذَكَر الناظِمُ الراجحَ عنده في تعريف الأنواع التي أوْرَدها - وإن اسْتُدرِكت عليه بعضُ التعريفات

• فلم يُدخِل القارئَ في أقوال الناس في كلِّ نوع؛ لأنَّ غرضَه من النظم كما مرَّ آنفًا هداية المبتدي إلى تعريفات بعضِ أنواع الحديث المهمة.

 

5- المُستدَرك على الناظم:

استدرَك محمودُ أحمد عمر النشوي الأزهري - صاحب طراز البيقونية في مصطلح الحديث - على الناظِم بعضَ أنواع الحديث التي لم يُوردْها، ونظمَها شعرًا، ومنها:

• الحديث المُعلَّق، فقال:

مُعَلَّقُ السَّاقِطُ فِي بَدْءِ السَّنَدْ ♦♦♦ رَاوٍ أوَ اكْثَرْ فِيهِ مِنْ هَذَا العَدَدْ

 

• ومنها: (المحفوظ والمعروف)، فقال:

وَمَا رَوَاهُ الْأَرْجَحُ عَمَّنْ خَالَفَهْ
سَمَّوْهُ بِالْمَحْفُوظِ حَقًّا فَاعْرِفَهْ
أَوْ خَالَفَ الرَّاجِحُ للضَّعِيفِ
فَسَمِّهِ إِنْ شِئْتَ بِالمَعْرُوفِ

 

• ومنها: (المُتابع والشَّاهِد)، فقال:

وَإِنْ يَكُنْ مَتْنُ حَدِيثٍ وَارِدَا
عَنْ شَيْخِ رَاوِيهِ وَبَعْدُ اتَّحَدَا
فَسَمِّهِ مُتَابِعًا وَإِنْ يُرَى
لَهُ شَبِيهٌ فِي الْمَعَانِي ظَهَرَا
فَذَاكَ ذُو الشَّاهدِ فِي مَعْنَاهُ
فِيهِ سَتَزْدَادُ بِهِ قُوَاهُ

 

• ومنها: (الحديث الغريب)، فقال:

وَإِنْ يَكُنْ مُسْتَعْصِيًا فِي فَهْمِهِ ♦♦♦ فَبِالْغَرِيبِ لِلْحَدِيثِ سَمِّهِ

 

• ومنها: (المشتبه)، فقال:

وَإِنْ يُكَوَّنْ مِنْهُمَا مُشْتَبِهُ ♦♦♦ وَبَعْضُهُمْ بِالْكُتْبِ قَدْ أَفْرَدَهُ

 

• ومنها: (مشتبه المقلوب) فقال:

وَفِي اشْتِبَاهِ الذِّهْنِ لاَ فِي الخَطِّ ♦♦♦ مُشْتَبِهُ المَقْلُوبِ فَافْهَمْ رَبْطِي

 

6 - أهم شروح (المنظومة البيقونيَّة):

• (فتح القادر المعين بشرح منظومة البيقوني)؛ تأليف: عبدالقادر بن جلال الدين المحلِّي.

 

• (تلقيح الفكر بشَرْح منظومة الأثَر)؛ تأليف: أحمد بن محمد الحسين الحمودي الحنفي.

 

• (شرح الزرقاني على المنظومة البيقونية في المصطلح)؛ تأليف: العلامة محمد الزُّرقاني.

 

• (صفوة المُلَح بشرْح منظومة البيقوني في فنِّ المصطلح)؛ تأليف: محمد بن محمد البديري الدِّمياطي، المعروف بـ: ابن الميِّت.

 

• (الدُّرَّة البهيَّة في شرْح المنظومة البيقونيَّة)؛ تأليف: محمد بدر الدين بن يوسف المدني الدِّمَشْقي.

 

• (النُّخبة النبهانية شرْح المنظومة البيقونيَّة)؛ تأليف: محمد بن خليفة النَّبْهاني.

 

• (التقريرات السَّنيَّة شرْح المنظومة البيقونيَّة)؛ تأليف: حسن بن مُحمَّدٍ المَشَّاط.

 

• (شرح البيقونيَّة في مصطلح الحديث)؛ تأليف: العلاَّمة محمد بن صالح العثيمين.

 

• (الباكورة الجنية من قطاف متن البيقونية)؛ تأليف: محمد أمين بن عبدالله الإثيوبي.

 

• (القلائِد العنبريَّة على المنظومة البيقونيَّة)؛ تأليف: عثمان بن المكي التُّوزري الزبيدي.

 

• (شرْح المنظومة البيقونيَّة في مصطلح الحديث)؛ تأليف: عبدالله سراج الدين.

 

• (التعليقات الأثريَّة على المنظومة البيقونيَّة)؛ تأليف: علي حسن علي عبدالحميد الأثري.

 

• (صقل الأفهام الجليَّة بشرْح المنظومة البيقونيَّة)؛ تأليف: مصطفى بن محمد بن سلامة.

 

• (خُلاصة التيسير والسَّلفيَّة في شرح البيقونيَّة)؛ تأليف: عبدالمنعم إبراهيم عمارة.

 

• (الثمرات الجنيَّة شرح المنظومة البيقونية)؛ تأليف: عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين.

 

• (حواشٍ على المنظومة البيقونيَّة)؛ تأليف: عبدالرحمن بن سليمان بن يحيى الأَهْدَل[2].

 

مضبوطة ومشكولة

بسم الله الرحمن الرحيم


1- أَبْدَأُ بِالْحَمْدِ مُصَلِّيًا عَلَى
مُحَمَّدٍ خَيْرِ نَبِيٍّ أُرْسِلاَ
2- وَذِي مِنَ اقْسَامِ الْحَدِيثِ عِدَّهْ
وَكُلُّ وَاحِدٍ أتَى (وَحَدَّهْ)
3- (أَوَّلُهَا) الصَّحِيحُ وَهْوَ مَا اتَّصَلْ
إِسْنَادُهُ وَلَمْ يَشُذَّ أوْ يُعَلّْ
4- يَرْوِيهِ عَدْلٌ ضَابِطٌ عَنْ مِثْلِهِ
مُعْتَمَدٌ فِي ضَبْطِهِ وَنَقْلِهِ
5- وَالْحَسَنُ الْمَعْرُوفُ طُرْقًا وَغَدَتْ
رِجَالُهُ لا كَالصَّحِيحِ اشْتَهَرَتْ
6- وكُلُّ مَا عَنْ (رُتْبَةِ) الحُسْنِ قَصُرْ
فَهْوَ الضَّعِيفُ وَهْوَ أَقْسَامًا كَثُرْ
7- وَمَا أُضِيفَ لِلنَّبي الْمَرْفُوعُ
وَمَا لِتَابِعٍ هُوَ الْمَقْطُوعُ
8- والمُسْنَدُ الْمُتَّصِلُ الإِسْنَادِ مِنْ
رَاوِيهِ حَتَّى المُصْطَفَى وَلَمْ يَبِنْ
9- وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يتَّصِلْ
إِسْنَادُهُ لِلْمُصْطَفَى فَالْمُتَّصِلْ
10- مُسَلْسَلٌ قُلْ مَا عَلَى وَصْفٍ أَتَى
مِثْلُ أَمَا وَاللَّهِ أَنْبَانِي الفَتَى
11- كَذَاكَ قَدْ حَدَّثَنِيهِ قَائِمَا
أَوْ بَعْدَ أنْ حَدَّثَنِي تَبَسَّمَا
12- عَزِيزُ مَرْوِي اثْنَيْنِ أَوْ ثَلاثَهْ
مَشْهُورُ مَرْوِي فَوْقَ مَا ثَلاثَهْ
13- مَعَنْعَنٌ كَ: عَنْ سَعِيدٍ عَنْ كَرَمْ
وَمُبْهَمٌ مَا فِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمّْ
14- وَكُلُّ مَا قَلَّتْ رِجَالُهُ عَلاَ
وَضِدُّهُ ذَاكَ الَّذِي قَدْ نَزَلاَ
15- وَمَا أَضَفْتَهُ إلَى الْأَصْحَابِ مِنْ
قَولٍ وَفِعْلٍ فَهْوَ مَوْقُوفٌ زُكِنْ
16- وَمُرْسَلٌ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ سَقَطْ
وَقُلْ غَرِيبٌ مَا رَوَى رَاوٍ فَقَطْ
17- وَكُلُّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِحَالِ
إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعُ الأَوْصَالِ
18- وَالْمُعْضَلُ السَّاقِطُ مِنْهُ اثْنَانِ
وَمَا أَتَى مُدَلَّسًا نَوْعَانِ
19- الأوَّلُ: الإِسْقَاطُ لِلشَّيْخِ وَأَنْ
يَنْقُلَ مِمَّنْ فَوْقَهُ بِ: عَنْ وَأنْ
20- وَالثَّانِ: لا يُسْقِطُهُ لَكِنْ يَصِفْ
أوْصَافَهُ بِمَا بِهِ لاَ يَنْعَرِفْ
21- وَمَا يُخَالِفْ ثِقَةٌ فِيهِ الْمَلاَ
فَالشَّاذُ، وَالْمَقْلُوبُ قِسْمَانِ تَلاَ
22- إِبْدَالُ رَاوٍ مَا بِرَاوٍ (قِسْمُ)
وقَلْبُ إِسْنَادٍ لِمَتْنٍ (قِسْمُ)
23- وَالْفَرْدُ مَا قَيَّدْتَهُ بِثِقَةِ
أَوْ جَمْعٍ اَوْ قَصْرٍ عَلَى رِوَايَةِ
24- وَمَا بِعِلَّةٍ غُمُوضٌ اَوْ خَفَا
مُعَلَّلٌ عِنْدَهُمُ قَدْ عُرِفَا
25- وَذُو اخْتِلافِ سَنَدٍ أوْ مَتْنِ
مُضْطَرِبٌ عِنْدَ (أُهَيْلِ) الفَنِّ
26- وَالْمُدْرَجَاتُ فِي الحَديثِ مَا أتَتْ
مِنْ بَعْضِ ألْفَاظِ الرُّوَاةِ اتَّصَلَتْ
27- وَمَا رَوَى كُلُّ قَرِينٍ عَنْ أَخِهْ
مُدَبَّجٌ فَاعْرِفْهُ حَقًّا وَانْتَخِهْ
28- (مُتَّفِقٌ) لَفْظًا وَخَطًّا مُتَّفِقْ
وَضِدُّهُ فِيمَا (ذَكَرْنَا) الْمُفْتَرِقْ
29- مُؤْتَلِفٌ مُتَّفِقُ الْخَطِّ فَقَطْ
وَضِدُّهُ مُخْتَلِفٌ فَاخْشَ الغَلَطْ
30- وَالْمُنْكَرُ الفَرْدُ بِهِ رَاوٍ غَدَا
تَعْدِيلُهُ لاَ يَحْمِلُ التَّفَرُّدَا
31- مَتْرُوكُهُ مَا وَاحِدٌ بِهِ انْفَرَدْ
(وَأَجْمَعُوا) لِضَعْفِهِ فَهْوَ كَرَدّْ
32- (وَالْكَذِبُ المُخْتَلَقُ الْمَصْنُوعُ
عَلَى النَّبِي (فَذَلِكَ) الْمَوضُوعُ
33- وَقَدْ أَتَتْ كالْجَوْهَرِ الْمَكْنُونِ
سَمَّيْتُهَا: (مَنْظُومَةَ الْبَيْقُونِي)
34- فَوْقَ الثَّلاثِينَ بِأَرْبَعٍ أتَتْ
أَقْسَامُهَا ثُمَّ بِخَيْرٍ خُتِمَتْ

 

بيانات المخطوطات التي اعتمدتُ عليها

في إخراج المتن

المخطوطات الأربع مِن محتويات المكتبة الأزهرية بأرقام: 315146 مجاميع، 315633 مجاميع، 315766 مجاميع، 322871 مجاميع.

 

المخطوطة (أ): تقع في ورقتين، ولم أَدرِ مَن هو كاتبها، كُتبت بخط نسخ جميل.

 

المخطوطة (ب): وتقع في ثلاثِ ورقات، عدد سطور كلِّ ورقة 13 سطرًا، كُتبت بخط نسخ عادي، كاتبُها اسمه: محمود العالم.

 

المخطوطة (ج): وتقَع في ثلاث ورقات، عدد سطور كل ورقة 17 سطرًا، كُتبت بخط نسخ جميل، ولم أَدرِ مَن كاتبها.

 

المخطوطة (د): تقَع في ورقةٍ واحِدة، كُتبت بخط نسخ عادي، ولم أَدرِ مَن هو كاتبها، وهي ناقصة تبدأ مِن البيت رقم (23):

وَالْفَرْدُ مَا قَيَّدْتَهُ بِثِقَةِ ♦♦♦ أَوْ جَمْعٍ اَوْ قَصْرٍ عَلَى رِوَايةِ

 

وهي أفضلُ هذه النُّسَخ، فهي مشكولة، وقليلة الخَطَأ، ولولا نقصها لاتَّخذتُها أصلاً.

 

وقد اعتمدتُ على النسخة (ب) في إخراج الكتاب؛ لأنَّها واضحة الخط، مكتملة، وأقل النسخ خطأ، وقد اعتمدتُ على عدد كبير من النسخ المطبوعة، منها المُنفرد، ومنها المشروحة التي ضبطها شارحوها، ومِن هذه النسخ:

• المتن الموجود ضِمن: (الجامِع للمتون العلمية) ص 467، إعداد/ عبدالله بن محمد الشمراني، نشر دار الوطن للنشر الرياض.

 

• مطبوعة مكتبة السُّنة بالقاهرة.

• مطبوعة مكتبة ابن تيمية بالقاهرة.

• مطبوعة دار السلام بالقاهرة.

 

• ضبْط الشيخ أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني المأربي في شرْحه المُسمَّى: (الجواهر السُّليمانية شرْح المنظومة البيقونيَّة)، دار الكيان - السعودية.

 

• ضبْط الشيخ عبدالمنعم إبراهيم في شرْحه المُسمَّى: (التيسير والتأصيل والسلفية في شرح المنظومة البيقونية)، الناشِر مكتبة نزار مصطفى الباز - السعودية.

 

• ضبط الشيخ مصطفى بن محمد بن سلامة في شرْحه المُسمَّى: (صقل الأفهام الجليَّة بشرح المنظومة البيقونيَّة)، نشر مكتبة الحرمين للعلوم النافعة - القاهرة.

 

(صور المخطوطات التي اعتمدت عليها في مقابلة المتن)

 

 

النص المحقق

بسم الله الرحمن الرحيم[3]

1- أَبْدَأُ بِالْحَمْدِ[4] مُصَلِّيًا عَلَى
مُحَمَّدٍ[5] خَيْرِ[6] نَبِيٍّ أُرْسِل[7]
2- وَذِي[8] مِنَ[9] اقْسَامِ الْحَدِيثِ عِدَّهْ[10]
وَكُلُّ وَاحِدٍ أَتَى[11] (وَحَدَّهْ)[12]
3- (أَوَّلُهَا)[13] الصَّحِيحُ[14] وَهْوَ مَا اتَّصَلْ
إِسْنَادُهُ[15] وَلَمْ يَشُذَّ أوْ يُعَلّْ
4- يَرْوِيهِ عَدْلٌ[16] ضَابِطٌ عَنْ مِثْلِهِ
مُعْتَمَدٌ فِي ضَبْطِهِ وَنَقْلِهِ[17]
5- وَالْحَسَنُ الْمَعْرُوفُ طُرْقًا[18] وَغَدَتْ
رِجَالُهُ لا كَالصَّحِيحِ اشْتَهَرَتْ[19]
6- وكُلُّ مَا عَنْ (رُتْبَةِ)[20] الحُسْنِ قَصُرْ
فَهْوَ الضَّعِيفُ وَهْوَ أَقْسَامًا كَثُرْ[21]
7- وَمَا أُضِيفَ لِلنَّبي الْمَرْفُوعُ[22]
وَمَا[23] لِتَابِعٍ هُوَ الْمَقْطُوعُ[24]
8- والمُسْنَدُ الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ مِنْ
رَاوِيهِ[25] حَتَّى المُصْطَفَى[26] وَلَمْ يَبِنْ[27]
9- وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يتَّصِلْ
إِسْنَادُهُ لِلْمُصْطَفَى[28] فَالْمُتَّصِلْ[29]
10- مُسَلْسَلٌ قُلْ مَا عَلَى وَصْفٍ[30] أتَى
مِثْلُ أمَا[31] وَاللَّهِ أنْبَانِي[32] الفَتَى[33]
11- كَذَاكَ قَدْ حَدَّثَنِيهِ قَائِمَا
أَوْ بَعْدَ أنْ حَدَّثَنِي تَبَسَّمَا[34]
12- عَزِيزُ[35] مَرْوِي[36] اثْنَيْنِ أَوْ ثَلاثَهْ[37]
مَشْهُورُ[38] مَرْوِي[39] فَوْقَ مَا ثَلاثَهْ[40]
13- مَعَنْعَنٌ كَ: عَنْ سَعِيدٍ عَنْ كَرَمْ[41]
وَمُبْهَمٌ مَا فِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمّْ[42]
14- وَكُلُّ مَا قَلَّتْ رِجَالُهُ عَلاَ[43]
وَضِدُّهُ ذَاكَ الَّذِي قَدْ نَزَلاَ
15- وَمَا أضَفْتَهُ إلَى الْأَصْحَابِ[44] مِنْ
قَولٍ وَفِعْلٍ[45] فَهْوَ مَوْقُوفٌ[46] زُكِنْ[47]
16- وَمُرْسَلٌ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ سَقَطْ[48]
وَقُلْ غَرِيبٌ مَا رَوَى رَاوٍ فَقَطْ[49]
17- وَكُلُّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِحَالِ
إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعُ الأوْصَالِ[50]
18- وَالْمُعْضَلُ السَّاقِطُ مِنْهُ اثْنَانِ[51]
وَمَا أتَى مُدَلَّسًا نَوْعَانِ[52]
19- الأوَّلُ: الإسْقَاطُ لِلشَّيْخِ وأَنْ
يَنْقُلَ مِمَّنْ فَوْقَهُ بِ: عَنْ وَأنْ[53]
20- وَالثَّانِ: لا يُسْقِطُهُ لَكِنْ يَصِفْ
أوْصَافَهُ بِمَا بِهِ لاَ يَنْعَرِفْ[54]
21- وَمَا يُخَالِفْ ثِقَةٌ فِيهِ الْمَلاَ[55]
فَالشَّاذُ[56]، وَالْمَقْلُوبُ قِسْمَانِ تَلاَ[57]
22- إِبْدَالُ رَاوٍ مَا[58] بِرَاوٍ (قِسْمُ)[59]
وقَلْبُ إِسْنَادٍ لِمَتْنٍ (قِسْمُ)[60]
23- وَالْفَرْدُ مَا قَيَّدْتَهُ بِثِقَةِ
أَوْ جَمْعٍ اَوْ قَصْرٍ عَلَى رِوَايةِ[61]
24- وَمَا بِعِلَّةٍ غُمُوضٍ اَوْ خَفَا[62]
مُعَلَّلٌ[63] عِنْدَهُمُ[64] قَدْ عُرِفَا[65]
25- وَذُو اخْتِلافِ سَنَدٍ أوْ مَتْنِ
مُضْطَرِبٌ عِنْدَ (أُهَيْلِ)[66] الفَنِّ[67]
26- وَالْمُدْرَجَاتُ فِي الحَدِيثِ مَا أتَتْ
مِنْ بَعْضِ[68] ألْفَاظِ[69] الرُّوَاةِ اتَّصَلَتْ[70]
27- وَمَا رَوَى كُلُّ قَرِينٍ[71] عَنْ أَخِهْ[72]
مُدَبَّجٌ[73] فَاعْرِفْهُ حَقًّا وَانْتَخِهْ[74]
28- (مُتَّفِقٌ)[75] لَفْظًا وَخَطًّا مُتَّفِقْ[76]
وَضِدُّهُ ِفيمَا (ذَكَرْنَا)[77] الْمُفْتَرِقْ[78]
29- مُؤْتَلِفٌ[79] مُتَّفِقُ الْخَطِّ[80] فَقَطْ
وَضِدُّهُ مُخْتَلِفٌ[81] فَاخْشَ الغَلَطْ[82]
30- وَالْمُنْكَرُ الفَرْدُ بِهِ رَاوٍ غَدَا
تَعْدِيلُهُ لاَ يَحْمِلُ التَّفَرُّدَا[83]
31- مَتْرُوكُهُ مَا وَاحِدٌ بِهِ انْفَرَدْ
(وَأَجْمَعُوا)[84] لِضَعْفِهِ[85] فَهْوَ[86] كَرَدّْ[87]
32- (وَالْكَذِبُ الْمُخْتَلَقُ الْمَصْنُوعُ
عَلَى النَّبِي (فَذَلِكَ)[88] الْمَوضُوعُ[89][90]
33- وَقَدْ أَتَتْ كالْجَوْهَرِ الْمَكْنُونِ
سَمَّيْتُهَا: (مَنْظُومَةَ الْبَيْقُونِي)[91]
34- فَوْقَ الثَّلاثِينَ بِأرْبَعٍ أتَتْ
(أقْسَامُهَا)[92] ثُمَّ بخيْرٍ (خُتِمتْ)[93]



[1] يعني التزام القافية في شطري البيت..

[2] هذه المقدِّمات مأخوذةٌ بتصرف مِن شرحي على المنظومة البيقونيَّة، الذي سميته: (إظهار المكنون مِن نظم البيقون).

[3] وقَع اختلافٌ في نسخ البيقونية، فبعضُها لا يبدأ بالبسملة، وأكثرُها يبدأ بها.

وقد أرْجَع بعضُ الشُّرَّاح ذلك إلى أنها - يعني: كتابة البسملة - من عمل بعض النسَّاخ، واستدلوا لذلك بأنَّ الناظم استفتح بعدَ ذلك بالحمد.

قلتُ: وفي ما ذَهبوا إليه نظر مِن وجوه:

أنَّ المثبت مقدَّم على النافي.

القول مِن أنها مِنْ تصرُّف بعضِ النُّسَّاخ، يحتاج إلى دليل، والبينة على المُدَّعي.

أنَّ أكثر النُّظَّام يَبدؤون بالبسملة، ثم يُثنُّون بالحمد، ولا غَرابة؛ حيث إنَّ أغلب النُّظَّام يَجمعون في الاستفتاح بين البسملة والحمدلة.

[4] البَدْء بالحمْد سُنَّة ثابتةٌ بالكتاب والسُّنة، فقدِ استفتح الله - عزَّ وجلَّ - بها كتابَه العزيز بعدَ البَسْملة في سورة (الفاتحة)؛ فقال تعالى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [سورة الفاتحة: 1 - 2]. وكان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يبدأ بها خُطبة الحاجةِ التي كان يَستفتح بها كلامَه، وأولها: إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرورِ أنفسنا ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له... إلخ.

ولم يثبتْ في البَدء بالحمدِ سُنَّة قوليَّة، وإنَّما غاية ما ثبَت في البَدء بها ما مرَّ مِن سُنن فِعليَّة.

وحمد الله هو: الثَّناء عليه بأسمائه وصِفاته الدائِرة بين الفَضْل والعدْل.

[5] لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [سورة الأحزاب: 56].

والصلاة منَّا على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم طلَب الثناء عليه، والصلاة مِن الله عليه هو ذِكْره في الملأ الأعْلى، كما قال أبو العالية، وقد ذَكَر بعض الشُّرَّاح أنَّ الصلاة من الله هي الرَّحْمة.

وهذا القول معارَض بقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: 157].

فلو كانتِ الصلاةُ من الله هي الرحمة، لكان في الكلام تَكْرار، والأصلُ هو التأسيسُ - كما ذكَرْنا آنفًا.

[6] خير: أفعل تفضيل، بمعنى: أخْيَر، لكن حُذِفت الهمزة، وهذا مشهورٌ في لغة العرَب، وقد قال بعضُهم:

وَغَالِبًا أَغْنَاهُمُ خَيْرٌ وَشَرّْ ♦♦♦ عَنْ قَوْلِهِمْ: أَخْيَرُ مِنْهُ وَأَشَرّْ

[7] كان مِن الممكن للناظِم أن يكتفي بذِكْر النبوَّة أو الرِّسالة فقط، ولكنَّه ذكرهما معًا لسببين:

أ- أنَّ الرسالة أعمُّ من النبوَّة، فلو قال: خير نبي، لم يدخلْ في ذلك الرُّسُل، فلمَّا جمع بينهما صار المعنى أوْسَع، يعني: هو خيرُ مَن بعثة الله إلى البشَر.

ب- أنَّه لو عبَّر بالرسالة فقط لوقَع إشكال، وهو أنَّ لفظ الرسول مِن المشترَك اللفظي؛ حيث إنه قد يُطلق على المُرسَل بين الناس، وعلى المُرسَل مِن الله للناس لتبليغِ شرْع لهم، فلمَّا ذكر لفظ نبي، خرَج لفظ الرَّسول مِن إشكاله.

[8] اسم إشارة للمفردة المؤنَّثة القريبة، وقد يُضاف إليها (ها) للتنبيه.

وقد اختُلف في مدلول اسمِ الإشارة هنا؛ فقدْ يكون لشيءٍ محسوس؛ يعنى: المنظومة، فيكون الناظِم قد كتَب المقدِّمة بعدَ الانتهاءِ مِن كتابة المنظومة، وقد يكون لشيءٍ معنوي بمعنَى أنَّ الناظم كتَب المقدِّمة قبل كتابة المنظومة، وليس في المنظومة ما يدلُّ على أحدِ المعنيين.

[9] الأصل في (مِن) أنَّها ساكنة، إلا أنَّ الناظمَ حرَّكها لالتقاء ساكنين.

[10] يعني: أنَّ شرطه فيها ذِكْر بعض أنواع الحديث المهمَّة مِن جِهة نظره؛ لا كل الأنواع؛ لذا لا يُستدرك عليه ما فاتَه مِن أنواع الحديث.

[11] أتى: بصِيغة الماضي، وهذا فيه احتمالٌ مِن احتمالين: الأول: أنْ يكون الناظِم - رحمه الله - كتب المقدِّمة بعدَ الانتهاء مِن النَّظْم، وهذا كثيرٌ جدًّا.

والثاني: أنَّ العرَب تستعمل الماضي أحيانًا فيما يحدُث في المستقبل إنْ كان وقوعُه حادِثًا؛ قال تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [سورة النحل: 1].

[12] ما بين قوسين في المخطوط (ج): (وَعَدَّهْ).

الواو في (وحَدَّه) واو المعية، يعني: ومعه حدّه؛ أي: الاصطلاحي عندَ المحدِّثين.

[13] ما بين القوسين في المخطوط (أ): (أوَّله).

[14] يعني حدَّ الحديث الصحيح.

فائدة: وقد بدأ الناظِمُ بالحديث الصحيح؛ لأنَّه أشْرَفُ أقسام هذا العِلم، وهو الغاية المرجوَّة مِن هذا العِلم.

[15] يعني: بسماع كلِّ راوٍ عن مَن فوقه سماعًا صحيحًا، بلا انقطاع إلى منتهاه.

والانقطاع يقَع في السند على صورتين:

أ- الانقطاع الجلي: يعني الظاهر، وسُمِّي جليًّا؛ لأنَّه يعرف بمجرَّد معرفةِ التواريخ، ويستطيع اكتشافَه المبتدئُ.

فلو فرضْنا أنَّ راويًا وُلِد سنة 100 هـ، حدَّث عن راو آخرَ مات سَنَة 90 هـ، فأنَّى له السماع منه؟ ولا يحتاج الأمر إلى كثيرِ عناء لمعرفةِ الانقطاع، ويقع الانقطاع الجلي في السَّند على أربعِ صُور:

1- المُرسَل: وهو قولُ التابعي: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ِمن غير ذِكْر الواسطة.

وسيأتي مزيدُ بيان لهذا المبْحَث عندَ شرْح البيت رقم: (16).

2- المُنقطِع: وهو ما سقَط من سَنَده راوٍ واحد.

وسيأتي مزيدُ بيان لهذا المبحَث عندَ شرْح البيت رقم: (17).

3- المُعضَل: وهو ما سقَط من سندِه راويانِ متتابعان.

وسيأتي مزيدُ بيان لهذا المبحَث عندَ شرْح البيت رقم: (18).

4- المُعلَّق: ما سقَط من سنَده راوٍ أو أكثر مِن مبتدأ السَّند مِن جهة المخرِّج.

ب- الانقطاع الخفي: وسُمِّي بذلك؛ لأنَّه لا يَعلمه إلا المتبحِّرُ في هذا العلم.

ويقَع في السند على صورتين:

أ- التدليس.

ب- الإرسال الخفي.

وسيأتي بيانُ ما فيهما البيتين رقم (16)، و(18) وما بعده.

(يُشَذّ): يصح فيها ضمُّ الياء في أولها ((يُشَذّ)) لبناء المجهول، ويَصحُّ فيها أيضًا فتح الياء: (يَشُذّ).

والشاذُّ مِن الحديث هو: مخالفةُ الثِّقة مَن هو أَوْلى منه.

وسيأتي مزيدُ بيان لهذا المبحَث عندَ شرْح البيت رقم: (21).

(أو يُعَلّ): هكذا على البناء للمجهول، ولو يرد فيها غير هذا الوجه.

والعِلَّة: سبب خفي يقدح في صحة الراوي والمروي.

وسيأتي مزيد بيان لهذا المبحث عند شرح البيت رقم: (24).

[16] والعدالة في اللغة: الاستقامة.

وفي الاصطلاح: هي مَلكَة تحمل صاحبها على ملازمة أسباب التقوى، واجتناب الأعمال السيئة مِنْ شِرْك، أو فسق، أو بدعة، واجتناب خوارم المروءة.

والملَكة: استعداد ذهني أو وجداني لتناول أعمال معينة بحذق ومهارة.

وقد وقَع الاتفاق على أن شرْط العدالة اجتناب الشِّرْك، والفِسْق، والبِدْعة، واختلفوا في اشتراطِ خوارم المروءة لاختلافِ الأسباب الحامِلة على اعتبارِها؛ حيث إنَّها تعتمد على العُرْف أكثرَ مِن اعتمادِها على الشَّرْع، فبعضُ الأمور تُقبَل في أماكنَ وأزمنة، وقدْ لا تُقبل في أماكنَ أخرى، وأزمنةٍ أخرى، كالأكْل في الطَّريق، ولبْس الثوب إلى نِصْف الساقين للرِّجال، والخلاصة: اعتبارها إذا وافقتِ الشَّرْع.

[17] والضبط لغة: الحِفْظ والصيانة.

وفي الاصطلاح: أن يحفَظ الرَّاوي الحديثَ مِن شيخه ويَعيَه؛ بحيث إذا حدَّث به عنه حدَّث به على الوجه الذي تحمَّله به، والحفظُ ينقسِم إلى قسمين:

أ- حِفْظ صدْر: وهو أن يحفظ الحديث، ويَعيَه بقَلْبِه، مِن غير تغيُّر، من لدن سماعِه إلى أن يكُفَّ عن الرِّواية.

ب- حِفْظ الكتاب: وهو أن يحفظَ الحديث في كتاب عندَه، ويحافظ عليه من عبَث العابثين، وورَّاقي السُّوء.

ويُعرَف الضبط بعرْض حديثِ الراوي على مَن شاركوه فيه، فكلَّما ازدادتْ موافقاته لهم، كلَّما علاَ ضبطُه عندَ المُحدِّثين، وكلَّما قلَّت قلَّ ضبطه.

وقدِ اختُلف في التعبير الواجِب استخدامُه في بيان درجة الضبْط لراوي الحديث الصحيح، فعبَّر البعض عنها بقولهم: (تام الضبْط)، وقال بعضهم: (الضَّابط)، وعبَّر الفريق الأوَّل بتَمامِ الضبط؛ احترازًا من راوي الحديث الحسَن؛ حيث إنَّ له من الضبط مرتبةً أقلَّ مِن مرتبة راوي الحديث الصحيح، وعبَّر الفريق الثاني بـ: (الضَّابط) فقط؛ حيث إنَّ تمام الضبط ممتنع، ولا يوجد راوٍ يبلغ تمامَ الضبط أصلاً، وإنما يوجد من يُقبَل منه أغلبُ ما يَروي، ومن هو أخفُّ ضبطًا بحيث يقبل منه ويُرد، وهذا الأخير هو راوي الحديث الحسَن.

وعمومًا احترز ناظمُ البيقونية عن هذا كله، فقيَّد الضبط بأنَّ صاحبه: (مُعْتمَدٌ في ضبْطه ونقله)، فلم يُطلقِ الضبط إلى درجة التمام، ولم يقيِّده بحيث يختلط براوي الحديث الحسَن.

[18] طُرْقًا: جمع طريق، وسُكِّنت الراء إمَّا للتخفيف، وإما للنَّظْم، وقد وقَع تحريكُ الراء بالضمِّ في بعض النُّسخ، والأوَّل أشهر.

[19] واضحٌ مِن كلام الناظم أنَّه يُشترط في الحديث الحسَن شرْطان:

الأول: أن تكون طُرقه معروفة.

والثاني: اشتهار رِجاله شُهرةً لا تبلُغ شهرةَ رجال الصحيح.

والمقصود بالشُّهرة هنا الضبط؛ حيث إنَّ للراوي شرطين من الشروط الخمْسة لقَبول الحديث، هما: الضبط، والعدالة, والتعامُل مع الراوي من جِهة العدالة لا فَرْق فيه بين راوي الحديث الصحيح وراوي الحديث الحسَن.

وهذا التعريف مِن الناظم عليه مآخذ:

- الأَوْلَى: المأْخَذُ الأول: وهو أن تكون طرقُه معروفةً، يشترك فيها الحديث الصحيح والحديث الحسَن، وقد يُشكل بأن الحديث الضعيف والحديث الموضوع يَشتركانِ فيه أيضًا، بأنَّ الأوَّل طُرقه تكون معروفةً بالضعْف، والثاني تكون طُرقه معروفةً بالوضِع، ولكن يُجاب على هذا بأنَّ بقية كلامِ الناظم لا تشملهما، ويبقَى إشكال اشتراك الحديث الصحيح، والحديث الحسَن في هذا الشَّرْط، وعليه فهذا الشَّرْط غير مانع.

- المأخذ الثاني: أنَّ اشتراطه الطرق يُفهَم منه اشتراط العدَد؛ ممَّا يترتب عليه قصورُ التعريف على الحديث الحسن بمجموع الطرق، وهذا يَتنافى مع قوله في رِجال الحسن: (رِجَالُهُ لاَ كَالصَّحِيحِ اشْتَهَرَتْ)؛ حيث إنَّ هذا الشَّرْط يُناسب تعريفَ الحديث الحسَن لذاته؛ حيث إنَّ رجال الحسَن بمجموع الطرق أقرب إلى الضَّعْف، أمَّا رِجال الحديث الحسَن لذاته فهم أقربُ إلى التَّوثيق.

- المأخذ الثالث: ويُؤخَذ على الناظم إطلاقُه شرْط الشُّهرة الأقل مِن رواة الحديث الصحيح في رُواة الحديث الحسن، وهي تقَع لِغَيْرهم مِن رواة الحديث الضعيف أيضًا، ولكن يُجابُ عن هذا بأنَّ السياق يدور في نِطاق الضبط، فيكون المقصود بالشهرة هنا الضبط. والله أعلم.

- المأخذ الرابع: قوله: (رِجَالُهُ لاَ كَالصَّحِيحِ اشْتَهَرَتْ) ظاهره أنَّ رِجال سندَ الحديث الحسَن كلُّهم لا كَرِجال الحديث الصحيح، بل يَكْفي أن يُوجَد في السند راوٍ واحدٌ بهذا الوصف، فيندرج الحديث به تحتَ الحديث الحسن، إلا أن يُجاب على ذلك بأنَّ المقصود هنا هو جِنس الحسَن، فيوجه كلام الناظم إلى الكلام على الجمْع لا على الفَرْد.

- المأخذ الخامس: أنَّ الناظمَ - رحمه الله - لَم ينصَّ على: اتِّصال السنَد، وعَدالة الرُّواة، ونفْي الشذوذ، وهذه الشُّروط أركان في تعريفِ الحديث الحسَن، كما أنَّهم أركانٌ في تعريفِ الحديث الصحيح.

وقد عدَّل الأستاذُ عبدالستار أبو غُدَّة هذا البيت فجَعَله:

وَالْحَسَنُ الْخَفِيفُ ضَبْطًا إِذْ غَدَتْ ♦♦♦ رِجَالُهُ لاَ كَالصَّحِيحِ اشْتَهَرَتْ

[20] ما بين القوسين في المخطوط (ج): (روية).

والرُّتبة: المنزلة والمكانة.

[21] ومع ذلك هي على مراتبَ متفاوتةٍ من الضعْف، بحسب حال سببِ الضعْف، فالضَّعْف الناتِج بسبب عنعنة مدلِّس الإسناد، أو مَن رُمي بالاختلاط أقلُّ بكثير مِن ذلك الناتج عن حديث من عُرِف بالوضع، أو حديث الراوي المُتفق على ترْك حديثه.

فائدة: وقدِ اختُلِف في حُكم روايةِ الحديث الضعيف على ثلاثة أقوال:

أ- حيث قال فريقٌ بجواز روايته مطلقًا، وهو قولُ بعض الفقهاء.

ب- وقال فريقٌ بردِّه مُطلقًا، وهو قولُ بعض أهلِ الحديث.

ج- بينما توسَّط الفريقُ الثالث، وقال بجواز رِوايته بشُروط، وهو قولُ بعضِ الفقهاء وأغلب المتأخِّرين مِن أهل الحديث، وشروط قَبول الحديث الضعيف عندَهم:

ألاَّ يكون شديدَ الضعف.

أن يوافق أصلاً من الكتاب والسُّنة.

ألا يعتقد راويه نسبتَه إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.

أن يُبيِّن ضعْفَه، بأن يقدِّمه بصيغة تمريض؛ نحو: رُوي، ورَد، قِيل، ونحو ذلك.

أن يُحتجَّ به في فضائلِ الأعمال فقط.

والرأي الراجِح عدم جواز الاعتدادِ بالحديث الضعيف، لا في فضائلِ الأعمال ولا في غيرها، وأنَّه لا يجوز العمل في شرْع الله إلا بالحديثِ الصحيح أو الحسَن.

ويُجاب على مَن قال بالجواز مطلقًا بأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - حكيم، ومِن حِكمته ألاَّ يتفرَّد حديثٌ ضعيف بحُكم شرعي يحتاج إليه المسلمون، فيكون سببًا في اتِّساع هُوَّة الخلاف بينهما، وأنَّ هذا الحُكم إنْ كان في غيْره من الأحاديث والآيات لَم يُلتفت أصلاً لهذا الضعيف، وإنْ كان منفردًا به، فهذا لا يجوز لِمَا ذَكَرْناه آنفًا.

ويُجاب على مَن قال بجواز ذلك بِشُروط: أنَّ هذه الشروط تؤدِّي إلى القول بعدم جواز الاحتجاج بالحديث الضعيف مطلقًا.

فقولهم: ألاَّ يكون الحديثُ شديدَ الضعف، يحتاج إلى معرفة تامَّة بالصنعة الحديثيَّة، وأغلب مَن يحتجُّون بالحديث الضعيف مِن غير أهل الحديث أصالة.

وقولهم: أن يكون له أصلٌ مِن الكتاب والسُّنة، إنْ كان الحديث موافقًا لهذا الأصل تمامًا فيُستدل بهذا الأصل، وهنا لا يحتاج المستدلُّ إلى الضعيف، وإنْ كان يَزيد عليه، فهذه الزيادة لن يُستدلَّ بها أصلاً؛ لأنَّها لا أصلَ لها، وإنَّما الأصل وافَق البعض، وهذا البعضُ يُستدلُّ بما ورَد في الأصل لا به.

أمَّا قولهم: ألاَّ يُحتجَّ به إلا في فضائلِ الأعمال، فلا يوجد حديثٌ يخلو مِن حُكم شرعي.

وقدْ يحتجُّ بعضُهم بِقَوْل الإمام النووي - رحمه الله - في مقدِّمة (شرح الأربعين النووية) ص 9:

"وقد اتَّفق العلماءُ على جواز العملِ بالحديث الضعيف في فضائلِ الأعمال)؛ ا. هـ.

بل توسَّع البعضُ وادَّعى الإجماع على ذلك، ويُردُّ عليهم بأنَّ دعوى الإجماع مرْدودة، واتِّفاق الجمهور له اعتبار ولكن لو خالَف نصًّا أو أصلاً، أو تمَّ الرد عليه، فالقول مع الحجَّة والبينة، وقد استوفينا الردَّ على القولين؛ قول مَن يحتج مُطلقًا، وقول مَن يشترط للاحتجاج شروطًا، والله المستعان.

[22] يعني: ما أُضيف إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مِن قول، أو فِعل، أو تقرير.

وهذا يُسمَّى المرفوع الصريح، وفات الناظِمَ - رحمه الله - ذكرُ القسم الثاني من المرفوع، وهو ما يُسمِّيه العلماء المرفوع حُكمًا، وهو في الأصل غير منسوب للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم صراحة، ولكن يُفهم بقرائن خارجيَّة أنَّ هذا الحُكم لا يمكن أن يَعرِفه الصحابي من غير النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وقدِ اختلف في دخولِ الإقرار في حدِّ الحديث الموقوف، والراجِح دخوله، وأقْصى ما استدلَّ به المانعون أنَّ سكوت الصحابة كانتْ له أسبابٌ مُتعدِّدة، وخاصَّة في عصْر بني أُمية، ممَّا يعني أنَّ السكوت قد يكون لغير الإقرار.

قلتُ: هذا على الأصل؛ لأنَّ ما حدَث في هذه الفترة يشمل الجوانبَ السياسية، بينما سلمت منه جميعُ الجوانب الأخرى الفقهيَّة والعقدية، ثم إنَّ ما سكَت عنه البعض ربَّما بيَّنه البعض، فيكون الفائتُ قليلاً، فلا يُبنى على القليل كما هو معلوم؛ حيث إنَّ التعاريف والحدود تُبنى على الأكثر.

ومثال المرفوع الحُكمي قول الصحابي: (أُمِرنا بكذا)، و(نُهينا عن كذا)، وكذا قوله: (كنَّا نفعل كذا)، وقوله: (من السُّنة كذا).

ومِن المرفوع حُكمًا قول التابعي عن الصحابي: يرفعه، أو ينميه، أو يسنده، أو يبلُغ به، ونحو ذلك مِن دون ذِكْر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

ومِن المرفوع حُكمًا أن يكونَ القوْلُ منْسُوبًا للصحابي من قوله أو مِن اجتهاده، وتتوفَّر فيه شروط أربعة:

أ- أن يُعلم عن الصحابيِّ الفِقهُ والاجتهاد.

ب- ألاَّ يُعارَض بقول صحابي آخَر.

ج- ألاَّ يُخالف نصًّا من الكتاب أو السُّنة.

د- إذا كان الصحابيُّ كتابيًّا قبل إسلامه كعبدِالله بن سلاَم وصُهَيب وسلمان، أو أكثر من السماع عن أهل الكتاب؛ كعبدِ الله بن عمرو وأبي هُرَيرة، يُشترَط التوقُّف فيما تفرَّدوا به من قصص السابقين، والغيبيات؛ كأخبار القيامة، ووصف العرْش، ونحو ذلك، وعدم رفْعها لاحتِمال أخْذِهم إيَّاها عن أهل الكتاب، فإذا ما استوفَى قول الصحابي الصريح هذه الشروط الأربعة أخَذَ حُكْمَ الرفع.

[23] يعني: وما أُضيف.

[24] هذا هو الاصطلاح المُتَّفق عليه عندَ أهل الحديث، وهو أنَّ قول وفعل التابعي يسمَّى: (مقطوعًا), وقد يأتي في بعضِ المواضع على خلافِ ذلك، فقد أطْلَقه البرديجي على (المنقطع)، بينما أطلق الشافعيُّ، والطبراني، والحميدي، والدارقطني على (المنقطع) اسم المقطوع.

والعِبْرة باصطلاح أهلِ الشأن، فلا يجوز الانتقالُ عنه إلا بعدَ البيان.

ويُعتذر لبعضهم كالشافعي أنه أَطْلَق هذا قبل استقرارِ الاصطلاح، أمَّا مَن عُلم منه هذا الاستخدام بعدَ استقرار الاصطلاح، فإذا لم ينصَّ على ذلك، أو إذا عُلِم منه الاضطراب في استخدامِه - فهذا يُعابُ عليه هذا الأمْر.

وقد اخْتُلِف في إقرار التابعي، هل يدخُل في حدِّ الحديث المقطوع أم لا، والراجِح دخوله.

[25] مِن جهة المصنِّف؛ كالبخاري، وأحمد وغيرهما.

[26] اعلم أنَّ (المصطفى) ليس اسمًا للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأنَّ ما يُنسب للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم من أسماء على ثلاثة أقسام:

الأول: أسماء صحيحة ثابِتة بالكتاب والسُّنة؛ مثل: أحمد، قال تعالى: ﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [سورة الصف: 6]، ومثل محمَّد؛ قال تعالى: ﴿ مُّحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [سورة الفتح: 29].

الثاني: أوصاف وردتْ في بعض الآيات والأحاديث، وليستْ مِن أسمائه، مثل: البشير، والنذير.

قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ﴾ [سورة البقرة: 119].

قال تعالى: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [سورة التوبة: 128].

الثالث: ما هو ليْس بأسماء ولا أوصاف، ولا يصحُّ التسمية به؛ مثل: طه، ويس، ونحو ذلك من مقاطِع الحروف في أوائل السور.

وأما الاصطفاء فهو وصفٌ له صلَّى الله عليه وسلَّم وليس اسمًا.

عن واثلةَ بن الأسقع أنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ الله اصطفى كنانةَ مِن ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)).

أخرجه مسلم في صحيحه: (كتاب الفضائل/ باب: فضل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وتسليم الحَجَر عليه/ح 1).

[27] لم يبن: لم ينقطع.

اعتمَد الناظمُ - رحمه الله - تعريفَ الخطيب البغدادي - رحمه الله - للحديثِ المسند، وللمُسند عِدَّة تعريفات، قال الخطيبُ البغدادي - رحمه الله -: (هو ما اتَّصل إسنادُه إلى منتهاه). اهـ، وقال الحاكم: (ما اتَّصل إسناده إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم). اهـ.

وقال ابن عبدالبر: (هو المرويُّ عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم سواء كان متَّصلاً أم منقطعًا). اهـ

قلتُ: فهذه الحدودُ غير مانِعة، يدخُل فيها المتَّصل على تعريفِ الخطيب، وتُصبح الصحة شرطًا فيه على قول الحاكِم، ولا فرْقَ بينه وبين المرفوع على قولِ ابن عبدالبر.

ومِن أجود التعاريف للحديث المسند، ما قاله الحافظ في (نخبة الفكر)، حيث قال: (هو مرفوعُ صحابي بسندٍ ظاهرُه الاتصال)؛ ا هـ.

[28] سبَق بيان أنَّ المصطفى ليس اسمًا من أسماء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم، إنما هو وصفٌ له، راجع الحاشية رقم: (26).

[29] آخر اللوحة الأولى من المخطوط: (ج).

هذا التعريف من الناظِم - رحمه الله - فيه نظرٌ من وجوه:

أولاً: قوله: (وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يَتَّصِلْ) يُوهِم أنه يشترط أن يكون الاتصال مقرونًا بالسماع، وأنَّ ما عداه لا يُعدُّ اتصالاً عنده، وهذا القول غير مسبوق، ولكن العبارة مُغلَقة عليه، فلعلَّه اضطرَّ لذلك في النظم.

وقد يُقال: إنَّه مثَّل بالسماع لبقية أشكال التحمُّل. والله أعلم.

ثانيًا: أنَّ المتأمِّل في هذا البيت وسابقِه لا يَجِد كثيرَ فرْق بين تعريف الحديث المسنَد والحديث المتَّصل، انظرْ لقوله في تعريف المسند:

والمُسْنَدُ الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ مِنْ ♦♦♦ رَاوِيهِ حَتَّى المُصْطَفَى وَلَمْ يَبِنْ

وقوله في تعريف الحديث المتصل:

وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يتَّصِلْ ♦♦♦ إِسْنَادُهُ لِلْمُصْطَفَى فَالْمُتصِلْ

فليس هناك كبيرُ فرْق بين التعريفَيْن، فأركان التعريف الأول:

أ - اتصال السند.

ب - أن يكون السندُ منتهاه إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وأركان التعريف الثاني:

أ- الاتصال.

ب- أن يكون منتهاه إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

والتعريفُ المختار للحديث المتَّصل هو: ما اتَّصل سندُه إلى منتهاه.

لذا أقترح تعديلَ هذا البيت إلى:

وَمَا بِنَقْلِ كُلِّ رَاوٍ يَتَّصِلْ ♦♦♦ إِسْنَادُهُ لِلْمُنْتَهَى فَالْمُتَّصِلْ

فائدة: الفرْق بين المُسْنَد والمتَّصل:

المسند والمتصل بينهما عمومٌ وخُصوص، أمَّا العموم فهو اشتراطُ الاتِّصال ولو في الظاهِر.

وأمَّا الخصوص فمُنتهى كلٍّ منهما، حيث يَنتهي المسند إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والمتصل قد يَنتهي بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم وقد ينتهي بصحابي أو تابعي.

[30] واحد؛ يَعْني: للراوي أو الرِّواية، وقد أتَى بأمثلةٍ تشتمل على الصِّنفين - كما سيأتي.

[31] أمَا: بفَتْح الهمزة، وتخفيف الميم، بمعنَى (ألا) الاستفتاحية.

[32] أنباني: أصلها (أنبأني)، ولكن قُلِبت الهمزةُ الثانية ألفًا لضرورةِ النظم.

[33] وصْفٌ في الراوي حيث يلتزم الرُّواة صِفةً واحدة في التلقِّي؛ مثل أن يقول كلُّ راو: أنبأني شيخي، حدَّثَني شيخي، فيلتزمون جميعًا صيغةَ سماع واحِدة.

[34] يعني: يلتزم الرُّواةُ هيئةً واحدةً عندَ السماع، كأنْ يأخذَه كلُّ واحد عن شيخه وهو قائِم، أو يبتسم كلُّ شيخ مثلاً عقِبَ تحديثه به، ولا يشترط في المُسلسل أنْ يكونَ الوصف في السَّند كله، وإنَّما مِن الممكن أن يُكتفى بالتسلسل إلى موضِع معيَّن؛ بشرْط أن يُقال فيه: مسلسل إلى فلان.

[35] عزيزُ: بالضمِّ مِن غير تنوين؛ مراعاةً للنظم.

[36] مَرْوِي: حُذِفتِ الياء المتحرِّكة لفظًا للوزن، وثبتَتْ خطًّا، ثم حُذفت الياء الساكنة لمنع التقاء الساكنين، ووُضعت كسرةٌ تحت الواو لتدل عليها.

[37] وهذا التعريفُ خلاف المشهور عندَ المتأخِّرين من أهل الاصطلاح، وما ذكره الناظم ذَهَب إليه ابن مَنْدَه، ووافقه عليه ابنُ طاهر المقدسي، وابن الصلاح، وابن دقيق العيد، والنووي، والعراقي، وابن الجَزَري.

وقد استقرَّ المتأخرون مِن أهل الاصطلاح على أنَّ العزيز هو: ما رَواه اثنانِ في أقل طبقةٍ مِن طبقات السَّند، وقد اقترح الأستاذُ عبدالستار أبو غُدَّة تعديل هذا البيت إلى:

عَزِيزُ مَرْوِي اثْنَيْنِ لاَ ثَلاَثَهْ  ♦♦♦ .............................

[38] مشهورُ: بالضم من غير تنوين، مراعاة للنظم.

[39] مروي: فيها وجهان، أولهما: إثبات الياء الساكِنة؛ لأنَّ ما بعدَها متحرِّك، والثاني: حذفها مع إثباتِ التنوين (مروٍ).

[40] قوله: إنَّ الحديث المشهور هو ما رواه أكثرُ مِن ثلاثة في أقل طبقة مِن طبقات السند.

قلتُ: وأنا أميل إلى القول بما استقرَّ عليه الاصطلاح، ولكني لا أُخطِّئ الناظمَ؛ حيث إنَّه مسبوق في قوله بجمهرة مِن أهل الشأن، وقسم أهل الحديث المشهور إلى قسمَيْن:

مشهور اصطلاحي، وهو ما أشار إليه الناظم.

مشهور غير اصطلاحي: ويُقصَد به ما اشتهرَ مِن الحديث على ألسِنة الناس، وإنْ لم يستوفِ الشروط السابقة، بل يكفي أن يكون مشهورًا عندَ طائفة من الناس، كحديث: ((المَعِدَة بيتُ الداء)) مشهور عندَ الأطباء، وكحديث: ((نعم العبدُ صُهَيب؛ لو لم يخفِ الله لم يعْصِه))، مشهور عندَ أهل اللُّغة، وكحديث: ((إنَّ أبغضَ الحلال إلى الله الطلاق))، مشهور عند الفقهاء.

وهذه الأحاديث كلُّها لا أصلَ لها، على الرغم مِن اشتهارها، ويرجع ذلك إلى أنَّها مشتهرةٌ بين مَن لا علم لهم بتطبيق قواعدِ المحدِّثين في تصحيح وتضعيف الأحاديث؛ بل اعتمدوها في فنونهم لمَّا أعجبهم ما فيها من كلام، وحُسن الكلام لا يَعني نسبتَه إلى النبي - صلَّى الله عليه سلَّم - أو غيره، وعلم الحديث يَعتني في المقام الأول بنِسبة الأقوال إلى قائليها، وقد فات الناظمَ ذِكْر المشهور غير الاصطلاحي.

وقد اقترَح الأستاذُ عبدالستار أبو غُدَّة تعديلَ هذا البيت إلى:

............................ ♦♦♦ مَشْهُورُ مَرْوِيٍّ عَنِ الثَّلاَثَهْ

[41] يعني: أنَّ المعنعن هو: ما يَرويه الراوي عن شيْخه بلفظ (عن)، دون أن يَذكُر سماعًا، أو تحديثًا، أو نحو ذلك من ألفاظِ التحمُّل، وقدِ اختلف أهلُ الحديث في حُكم الحديث المعنعن على ثلاثةِ أقوال: فمِنهم مَن قبِله مُطلقًا، ومنهم مَن ردَّه مُطلقًا، ومنهم مَن قبله بشُرُوط، وهي:

أ- أن يكون الراوي عدلاً في دِينه، ضابطاً في حفظه.

ب- ألاَّ يكون المُعنعِن مدلِّسًا.

ج- أن يكونَ الراوي الْتقَى بشيخه.

وقدِ اختلفوا حولَ هذا الشَّرْط إلى فريقَيْن: فمِنهم مَن قال بشرط اللِّقاء ولو لمرَّة واحدة وهو مذهب ابنِ المديني، والبخاري، ونسبَه ابن رجب في (شرح علل التَّرمَذي) إلى المحقِّقين، ومنهم مَن اكتفى بالمعاصَرة مع إمكان اللِّقاء، وهو قولُ مُسْلم في مُقدِّمة صحيحه، وقد ادَّعى الإجماعَ عليه، وفي دعواه الإجماع نظر، وإنْ كان مذهب أغلب أهلِ الحديث.

قلت: والصواب في حُكم الحديث المَعنعَن أنَّ الراوي إنْ كان معاصرًا لشيخه، عدلاً في دِينه، متَيَقظًا في حِفْظه، ولم يغمز أحدُ النقَّاد سماعَه من شيخه المعنعن عنه، وخلا مِن تُهمة التدليس - يجب قَبولُ الحديث منه ولو بصِيغة العنعنة؛ لأنَّه ليس فيه ما يَدْعوه إلى إسقاطِ أحدٍ مِن السند عمدًا، ولا سهوًا.

[42] يعني: لم يُعيَّن اسمه.

والإبهام يكون في السَّنَد، ويكون في المتن، وقدِ اكْتَفى الناظمُ بذِكْر مبهم الإسناد فقط، وقد يُعتذر له في ذلك بأنَّه اكتفَى بمبهم الإسناد؛ لأنَّه هو المؤثِّر في الحديث صِحَّةً وضعفًا، أما مبهم المتْن فليس له تأثيرٌ في ذلك، ووجود الإبهام في السَّنَد يضرُّه ويضعفه، حتى لو قال الراوي: حدَّثَني الثِّقة؛ فهذا الثِّقة عندَه، ولو كشَفه كما حدَث للشافعي - رحمه الله - لمَّا قال: حدَّثَني الثقة، ثم تبيَّن أنه إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى، وهو كذَّاب، فلو قبلنا حديثَ الشافعي حدَّثَني الثقة لقبلنا حديثَه، وهذا لا يصح، ومِن هنا نرد على مَن يقول: مِن الممكن أن نَقبل الإبهامَ في قول بعض الأئمَّة: حدَّثَني الثقة؛ لأنَّهم أدرى بشيوخهم، وهم لا يكذبون، وعندَهم من القواعد التي تُصحِّح توثيقهم لهذا المبهم، ويُقبل مُبهم الإسناد في حالةٍ واحدة أن يكونَ المبهم مِنَ الصحابة وإلا فلا - كما مرَّ آنفًا.

[43] وينقسم العلو إلى خمسة أقسام:

أ- ما كان قريبًا منَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم هو أشرفُ أنواع العلو، إنْ كان عنِ الثقات، أمَّا إنْ كان عن الضعفاء فلا كرامةَ له، قال الإمام الذهبيُّ - رحمه الله -: "متى رأيتَ المحدِّث يفرح بعوالي هؤلاءِ فاعلم أنَّه عامي"؛ اهـ

ب- ما كان قريبًا مِن إمام حافِظ؛ كالأعمش، والزُّهري، ومالك، مع صِحَّة السَّند إليهم.

ج- علوُّ السَّند إلى كتاب مِن كُتب السُّنة؛ كالكُتب السِّتة، أو مسند أحمد، أو موطأ مالك.

وصُورته أن تَروي صحيحَ البخاري مثلاً بإسناد إلى شيخ البخاري، أو شيخ شيخه، أو أبعد مِن ذلك، ويكون رجالك في الحديث أقلَّ مِن رجال البخاري نفسه.

فإذا انتهى الإسنادُ إلى شيخ البخاري يُسمَّى بـ(الموافقة)، أمَّا إذا انتهى السندُ إلى شيخِ شيخِه أو مِثل شيخه يسمى بـ: (البدل)، أما إذا كانتِ الرواية مِثل رواية البخاري سميتْ بـ: (المساواة)، وإذا نزَل عن البخاري سُمِّي بـ: (المصافحة).

د- تَقدُّم وفاة الشيخ الذي تَروي عنه عن وفاةِ شيخ آخَر، وإنْ تساويَا في الإسناد.

هـ- التقدُّم في السماع، فمَن سمِع من الشيخ قبل غيرِه فهو أعْلَى سماعًا منه.

(ذاك): ذا اسم إشارة، تُستخدَم مُجرَّدة للمشار إليه القريب، والكاف للمشار إليه المتوسِّط، واللام للمشار إليه البعيد.

[44] يعني: أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

[45] وكذا التقرير، فالصحابة لا يُقِرُّون شيئًا منكرًا يُفعل بحَضْرتهم إلاَّ لو كان دفعُه مفسدتُه أكبر، ويجب علينا ألاَّ نردَّ الأصل لفرع، فالسكوت لمصلحة أقل بكثيرٍ مِن القيام للتغيير.

فإنْ قال قائل: ربما يذهلون، قلت: إذا أجْرَيْنا هذا الاحتمالَ لم نُثبِت قاعدةً قطُّ.

[46] لأنَّ رَاويه وقَف به عندَ الصحابي ولَم يَتعدَّاه.

[47] زُكِن: زَكِنَ الأمر زَكْنًا: ظنَّه ظنًّا يقرُب مِن اليقين.

[48] تعريف الناظِم - رحمه الله - فيه نظَر؛ حيث إنَّ المرسل يُعدُّ مِن أقسام الضعيف؛ لأنَّ التابعي لما قال فيه: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم نعلمْ كُنهَ الساقط، فلو كان الساقطُ مِن صحابة رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما ضرَّنا هذا السقوطُ؛ حيث إنَّ الصحابةَ كلهم عُدول، ولكن لما جَهِلنا عددَ مَن سقط لاحتمال سقوط أكثر مِن واحد بيْن التابعي والنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حيث سقَط في بعض الأحيان ثمانية رُواة؛ حَكَمْنا عليه بالضعف.

لذا فالتعريفُ الأمْثَل له: ما قال فيه التابعيُّ: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِن غير ذِكْر الواسطة.

وأهل الحديث يخصُّون المرسلَ برِواية التابعين عن رسولِ الله مِن غير ذكْر الواسطة، أما الفُقهاء وأهل الأصول فيُوسِّعونه، قال ابنُ الحاجب: (قول غير الصحابي قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم). اهـ.

وقدْ يُطلقونه على المنقطع، فيقولون: هذا حديثٌ مرسَل؛ فلان لم يُدرِكْ فلانًا.

أقسام المرسَل:

ينقِسم المرسَل إلى ثلاثةِ أقْسام:

المرسل الجلي: وهو الذي عرفناه آنفاً.

المرسل الخفي: وسمي خفيًّا - كما أشرنا في مبحث الانقطاع من الحديث الصحيح - لأنَّ معرفته عسيرة تحتاج إلى معرفة دقيقة لأحوال الرواة، فالمرسل الجلي يُعلم بمجرد معرفة تواريخ الميلاد، وتواريخ الوفيات فقط.

مرسل الصحابي: وفيه يُسقط صحابي آخر من السند، ويرويه مباشرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم.

والقسم الأول والثاني من باب الضعيف، أما الثالث فهو من باب الصحيح إذا صح السند إلى الصحابي؛ حيث إن الحديث حيثما دار كان عن صحابي، كما أن الساقط صحابي وهو عدل.

[49] يعني: في أقل طبقة من طبقاتِ السَّند.

قال ابنُ كثير في "اختصار علوم الحديث" (ص: 236):

"أمَّا الغرابةُ فقد تكون في المتْن؛ بأنْ يتفرَّد بروايته راوٍ واحد أو في بعضه، كما إذا زاد فيه واحد زيادةً لم يقلْها غيرُه، وقد تكونُ الغرابةُ في الإسنادِ كما إذا كان أصلُ الحديث محفوظاً من وجهٍ آخرَ أو وجوه، ولكنَّه بهذا الإسناد غريب). اهـ.

والحديث الغريبُ يكون على صورتين:

أ- غريب مُطلَق: وهو ما كان التفرُّد فيه في أصلِ السَّند - مِن عند الصحابي.

ب- غريب نِسبي: وهو ما كان التفرُّد فيه بالنِّسبة لشيخ، وإنْ كان أصلُ الحديث غيرَ غريب.

وهذا يُقال فيه: تفرَّد به فلانٌ عن مالِك مثلاً، ويكون لمالك فيه متابع أو أكثر.

وسُمِّي نسبيًّا؛ لأنَّ التفرد فيه وقَع بالنسبة لشخصٍ معيَّن، دون اعتبار لبقية السَّند، الذي قد يكون متواترًا، أو مشهورًا، أو عزيزًا.

ومِن صُور الغَرابة النسبيَّة: تفرُّد أهل بلدٍ بحديث، فيُقال: تفرَّد به أهلُ العراق مثلاً، وقد يتفرَّد به أهلُ بلدٍ عن أهل بلدٍ آخَر، فيُقال: تفرَّد به أهلُ مصر عن أهلِ الشام مثلاً.

[50] الأوصال: هي المفاصِل، وواحدها: وَصْل، وهو المِفْصل.

وهذا التعريف مِن الناظم ممَّا استدرَكَه عليه أغلبُ الشُّرَّاح؛ حيث إنَّه - رحمه الله - عمَّم بـ(كل) جميع الأسانيد غير المتصلة، وقد سبَق في مبحث الاتِّصال في الحديث الصحيح بيان أنَّ السقط له أسماءٌ متعدِّدة يُطلق كل واحد منها حسب موضِع السقط، وعدد الرُّواة الساقطين مِن السند، فإنْ كان السقط مِن بعد التابعي سُمِّي: (إرسالاً)، وإنْ كان من عندَ المصنِّف سُمِّي (تعليقًا)، وإنْ كان الساقط اثنان كان (إعضالاً)، وإنْ كان الساقط واحدًا سُمِّي (انقطاعًا).

فصنيعُ الناظِم أدخل كلَّ هذه الأنواع في المنقطِع، وهذا يُناقِض صنيعَ الناظم نفسِه؛ حيث أوْرَد (المعضل) و(المرسل)، فخصَّهما بالموضِع والعَدَد، وما ذَهَب إليه الناظمُ في نَظْمه سبقَه إليه الخطيبُ البغدادي في "الكفاية" (ص: 384)، ومال إليه ابنُ الصلاح في "علوم الحديث" (ص: 51)، حيث قال عندَ استعراض أقوالِ الناس في تعريفِ المنقطع:

"ومنها: أنَّ المنقطع مثل المرسَل، وكلاهما شاملانِ لكلِّ ما لا يتَّصل إسنادُه، وهذا المذهبُ أقربُ، صار إليه طوائف مِن الفقهاء وغيرهم، وهو الذي ذكَرَه الخطيب في (كفايته)، إلا أنَّ أكثر ما يُوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعيُّ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأكثر ما يُوصَف بالانقطاع ما رواه مَن دون التابعيِّ عن الصحابة؛ مثل: مالك عن ابن عمر، ونحو ذلك، والله أعلم". اهـ.

قلتُ: والتعريف الأمْثَل للحديث المنقطع هو: ما سقَط منه أثناءَ إسناده راوٍ أو أكثر، ليس على التوالِي.

قولنا: (أثناء) تمييزٌ له عن المعلَّق؛ حيث يُشابهه في بعضِ الأحيان لولا مجيئُه في أوَّل السند من جِهة المصنِّف، وعن (المرسل)؛ حيث يُشابهه في بعضِ الأحيان، لولا مجيئه في آخرِ السَّنَد من جِهة الصحابي، وقولنا: (ليس على التوالي) تمييزٌ له عن المعضَل الذي يُشترط فيه تَوالي السُّقوط، أمَّا المنقطع فيُشترَط فيه سقوط راوٍ واحد، وإنْ تعدَّدت مواقِع السقوط في السَّند الواحِد.

[51] أو أكْثر أثناء السَّنَد، بشرْط أن يكون هذا السُّقوط على التوالي؛ تمييزًا له عن المنقطِع كما مرَّ آنفًا، وقولنا: أثناء السند حيث إنه يشابه المعلق في بعض الأحيان، والفرق بينهما مجيء المعلق في أول السند من جهة المصنف.

[52] اتَّبع الناظِم - رحمه الله - في تقسيمِه التدليس إلى قِسمين: الخطيب البغدادي، وابن الصلاح، والنووي، وابن المُلقَّن، ومال إليه الحافظُ ابن حجر، بينما قرَّر العراقي مثلاً أنَّه ثلاثة أقسام، وأضاف إلى تدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ اللَّذين ذُكِرَا في النظم - تدليسَ التسوية.

قلتُ: بل هو أكثرُ ممَّا ذُكِر، وسيأتي بيانُ بقية الأنواع بعدَ الكلام على ما أوْرَده الناظمُ من أنواع التدليس.

[53] وهذا يُسمَّى بـ(تدليس الإسناد)، وصورته: أن يُسقِط المدلِّس شيخَه ويحدِّث عن شيخ شيخِه الذي سمِع منه في الجُملة ما لم يسمعْه، ويعبر عن السماع بلفظٍ يحتمل.

والفرْق بين التدليس والكذِب أنَّ المدلِّس لا يقول: سمعتُ أو حدَّثني، فلو قال هذا فهو كذَّاب، ولكنَّه يُعبر بلفظ يحتمل أن يكونَ سَمِعَه مباشرةً أو بواسطة.

والفرْق بين التدليس والإرسال: أنَّ المدلس يكون قد سَمِع مِن شيخ شيخه، أمَّا في الإرسال فإنَّ المرسل لا يُعرَف له سماع مِن الشيخ الذي أرْسَل إليه، والحامل على تدليسِ الإسناد:

- إسقاط راوٍ ضعيف من السند.

- عُلو الإسناد بإسْقاط الوسائطِ بينه وبين شيخِه الذي عُرِف بملازمته له.

[54] قوله: (لا يَنْعَرِف) لحنٌ مِن الناظم - رحمه الله - وهو غير مسبوقٍ في العربية.

وهذا يسمى بـ: (تدليس الشيوخ)، وصورته أن يُحدِّث المدلِّس عن شيخه في الحديثِ مِن غير إسقاط لأحدٍ، ولكنَّه يَصِفُه بلقب أو اسم أو كُنية أو نِسبة لا يُعرَف بها، لإيهام السامعِ أنَّه غير الشخْص الذي يُحدِّث عنه.

والحامل على تدليس الشيوخ:

إخفاء حال راوٍ ضعيف، بإيهام أنَّ المتحدِّث عنه غيرُه.

تعديد الشيوخ وتَكثيرهم، بأن يُحدِّث عن شيخه مرَّةً باسمه، ومرَّة بكُنيته، ومرَّة بلقِبه؛ فيظن السامِع أنَّه سمِع من عددٍ مِن الشيوخ، والحقُّ أنَّه سمِع مِن شيخ واحدٍ فقط.

قلتُ: وفات الناظمَ أنواعٌ من التدليس، منها:

أ- تدليس التسوية: وفيه يُسقِط المدلِّس شيخَ شيخه على أنْ يكون شيخُه سمِع منه في الجملة، ثم يجعل صيغة السماع بينهما بلفظ محتمل؛ كـ: (عن )، و: (أن)، و: (قال).

ب- تدليس القَطْع، وفيه يَحذِف المدلِّس صيغةَ السَّماع ويقتصر على اسمِ شيخه فقط.

ج- تدليس السُّكوت، وفيه يأتي الراوي بصِيغة السماع، ثم يسكُت وينشغل بشيء؛ ثم يذكُر اسمَ راوٍ لم يسمع منه هذا الحديث، فيظنُّ السامع أنه سمِعه منه، وليس كذلك.

د- تدليس العَطْف، وهو أن يُصرِّح بالسماع مِن راو قد سمِع منه الحديث، ويَعطِف عليه راويًا آخر هو معروف بالسَّماع منه في الجملة، ولكنَّه لم يسمع منه هذا الحديث، فيظن السامع أنه سمِعه مِن كليهما وليس كذلك.

قد يقول قائل: إنَّ هذه الأنواع الأربعة تدخُل في تدليس صِيَغ السَّماع، فهي تشترك مع تدليس الإسناد، فلا يصحُّ استدراكها على الناظم.

قلتُ: هذا يصح لو لَم يُعرِّف الناظِمُ تدليسَ الإسناد، فلمَّا عرَّفه قَصَرَهُ على ما عرَّفه به.

هـ- تدليس الأماكن والبلدان: قال الحافظ ابن حجر في "النكت" (2/651):

"وهو إذا قال المصري: حدَّثَني فلان بالأندلس، وأراد موضعًا بالقَرَافَة، أو بزُقاق حلب، وأراد موضعًا بالقاهرة، أو قال البغدادي: حدَّثَني فلان بما وراء النهر، وأراد نهْر دِجلة". اهـ.

وقدْ ألحق الحافظُ ابن حجر هذا النوعَ بتدليس الشيوخ، حيث قال في الموضِع المشار إليه آنفًا: "ويلحق بتدليسِ الشيوخ تدليسُ البلدان". اهـ.

قلتُ: هما فِعلاً يشتركان في (التعمية) على السامِع، ولكنَّهما يفترقانِ في محلِّ التعمية، والحامل عليه، فتدليس الأماكن يُريد المدلس منه إثباتَ الرِّحلة لنفسه، بادِّعاء السماعِ في أماكنَ لم يسمع بها، وهذا لا تأثيرَ له في صحَّة الحديث من عدمِه، عكس تدليس الشيوخ، فإنَّ له - غالبًا - تأثيرًا في ضعْف الحديث.

[55] المَلاَ: بالقصر لضرورة النظْم، وأصلها: الملأ بالهمز.

[56] وهذا التعريفُ مشهور مِن قول الإمام الشافعي - رحمه الله - ومخالفة الثِّقة للملأ لا تَكْفِي إلاَّ إذا قُيِّد الملأ بالثِّقات.

وقد عرَّف الحافظ ابن حجر الشاذَّ بتعريف أدقّ مِن تعريف الناظم؛ حيث قال في "نزهة النظر" (ص: 98):

"الشاذ هو: مخالفةُ المقبول لمَن هو أَوْلى منه". اهـ.

وقوله: (المقبول) ليدخل تحتَه راوي الحديث الصحيح والحديث الحَسَن.

وقوله: (لمَن هو أولى منه) ليدخلَ فيه الواحد الأوثق، والعددُ مِن الثقات.

[57] تلا: تَبِع.

[58] (ما) هنا نكرةٌ واصِفة؛ يعني: أنك تستطيع إبدالها بـ(أي)، فيكون المعنى: إبدال راوٍ أي براو.

[59] ما بين القوسين في المخطوط (أ): (قِسْما).

[60] ما بين القوسين في المخطوط (أ): (قِسْما)، وهذا البيت هو آخر اللوحة الأولى من المخطوط (أ).

وقد ذَكَر الناظم نوعًا واحدًا من أنواع القَلْب، وهو قلْب الإسناد، وهو كما أشارَ الناظم - رحمه الله - على قِسمين:

إبدال جزئي، وهو إبدالُ راوٍ بآخَر، كما أشار الناظم.

إبدال كلي، وهو أن يُؤخَذ إسنادُ متن فيُجعل لمتنٍ آخَر.

وفات الناظمَ - رحمه الله - أن يذكُر قلْب المتن، وهو أيضًا على قسمين:

قلْب جُزئي: وفيه يُبدل الراوي كلمةً مكان أخرى فيتغيَّر المعنى، ومثاله: عن أبي هريرة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((سبعة يُظلُّهم الله في ظله يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه: الإمام العادل، وشابٌّ نشأ في عبادة الله، ورجلٌ قلْبُه مُعلَّق في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعَا عليه وتفرَّقَا عليه، ورجل دعتْه امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدَّق بصدَقةٍ فأخفاها، حتَّى لا تعلم يمينُه ما تُنفِق شماله، ورجل ذَكَر الله خاليًا ففاضتْ عيناه))؛ أخرجه مسلم في صحيحه، وهو ممَّا استدرك على مسلم، والصحيح فيه: ((حتَّى لا تعلم شِمالُه ما تنفق يمينُه))، كما في رواياتِ الصحيحين الأخرى؛ كما أنَّ أصل الإنفاق باليمين لا بالشمال.

قلب كلي: ويكون بإبدال جُمْلة مكان أخرى.

ومثاله: ما رواه ابن حبَّان في صحيحه عن عبدِالله بن عمر - رضي الله عنهما - أنَّه قال: رقيتُ فوق بيت حفْصة فإذا أنا بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم جالسًا على مقعدته مستقبلَ القِبلة، مستدبرَ الشام.

وهذا يُخالِف ما اتَّفق عليه الشيخان: عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: ارتقيتُ فوق ظهْر بيت حفصة لبعضِ حاجتي، فرأيتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقضي حاجته مستدبرَ القِبْلَة مستقبلَ الشَّأْم.

فقلب بعض رُواته الجملتين: ((مستدبِر القِبلة مستقبلَ الشأم))، فجعلها:((مستقبِلَ القِبلَة، مستدبرَ الشأم)).

[61] اقتصر الناظمُ - رحمه الله - على نوعٍ واحد مِن قِسمي الحديث الفرْد، وهو الفرْد النِّسبي، وذكَر له ثلاثة أمثلة:

المقيَّد بالثقة، وإليه أشار الناظم بقوله: "مَا قَيَّدْتَهُ بِثِقَةِ".

المقيَّد بأهل بلد، وإليه أشار الناظم بقوله: "أَوْ جَمْعٍ"، وقد اسْتَدرك هذا اللفظ الزُّرقانيُّ على الناظم، واقترح إبدال كلمة (جمع) بـ(مِصْرٍ).

المقيَّد بقصره على راوٍ معيَّن، بِغَضِّ النظر عن كونه ثِقة من عدمه، كأن يُقال: لم يروه عن فلان إلا فلان.

وفاتَه القسم الثاني مِن أقسام الفرد وهو: الفرد المطلَق، وهو الذي ينفرِدُ به راوٍ واحدٌ في أصل السند؛ يعني: في الموضع الذي عليه مدار السَّنَد، ولو تعدَّدتِ الطرق إلى هذا المتفرد.

وقد يكون المتفردُ بالحديث شخصًا ثقة كان أو غير ذلك، وقد يكون أهل بلد دون غيرِهم.

[62] قوله: "غُمُوضٍ اَوْ خَفَا" من باب عطف البيان، و(أو) هنا بمعنى الواو.

[63] مُعلَّل: اسم مفعول، مِن علَّله؛ أي: ألهاه، والأفصح فيه: مُعَل؛ لأنَّه القياس الصرفي من أعَل، أما قولهم فيه: (معلول) ففيه خطأ؛ لأنَّ اسم المفعول مِن الرباعي لا يكون على وزن مَفْعول.

[64] يعني: أهل الحديث.

[65] والعِلَّة: سبب خفيٌّ يقدَح في صحَّة الراوي والمروي، مع أنَّ الظاهر السلامةُ منه.

[66] ما بين القوسين في المخطوط (د): (أهل).

أُهيل: تصغير (أهل)، وهذا مما أُخِذ على الناظم، فالمقصود بـ(أهيل الفن) أهل الحديث، والتصغير يكون فيه تقليلٌ مِن شأن المشار إليه، ومقام أهلِ الحديث رفيعٌ كما لا يخفَى على القاصي والداني، واعتُذِر له بأنَّه قد اضطرَّ لذلك لضرورة النظْم.

[67] آخر اللوحة الأولى من المخطوط (ب).

وتعريف الناظم - رحمه الله - فيه قصور؛ حيث إنَّ مجرد الاختلافِ لا يُعدُّ من باب الاضطراب؛ حيث إنَّ الاختلاف المقصود في مبحَث الاضطراب هو ما تساوتْ فيه الأطرافُ المختلفة، بحيث لا يُستطاع ترجيحُ بعضها على بعضٍ أو الجمع بينها، أما لو أمكن الترجيحُ أو الجمع بيْن بعضها، فهذا ليس مِن باب الاضطراب.

قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص: 367):

"الاختِلافُ على الحُفَّاظ في الحديث لا يُوجِب أن يكون مضطربًا إلا بشرطَيْن: أحدهما: استواء وجوه الاختلاف، فمتَى رجح أحدُ الأقوال قُدِّم، ولا يُعلّ الصحيح بالمرجوح.

ثانيهما: مع استواء أن يتعذَّر الجمع على قواعِد المحدِّثين، ويَغلِب على الظن أنَّ ذلك الحافظ لم يضبطْ ذلك الحديث بعينه؛ فحينئذٍ يُحكم على تلك الرِّواية وحدها بالاضطراب، ويُتوقَّف عن الحكم بصحة ذلك الحديث لذلك"؛ اهـ.

[68] ما بين القوسين في المخطوط (أ): (بَعْد).

[69] ألفاظ: ذُكِرتْ للضرورة، لكي يستقيمَ الوزن.

[70] يعني: أنَّ المُدرج من الحديث هو: ما أُدخِل في الخبر، سندًا أو متنًا، مِن أحد رُواته، دون تمييز بينه وبين الخبر الأصلي؛ بحيث يظنُّ الرائي لهما أنهما خبر واحد، وقد يقَع الإدراجُ في السَّند، وقد يقَع في المتن.

[71] القرين: المصاحِب، ويجمع على أقران.

[72] أَخِه: الأصل أخيه، ولكن جاء بالنقْصِ على اللُّغة النادرة للأسماء السِّتَّة.

[73] والمدبَّج سُمِّي كذلك من دِيباجة الوجه؛ أي: جانب الوجه؛ لأنَّ كلَّ قرين يلتفتُ إلى صاحبه ليُحدِّثَه فيلتفت إليه صاحبه ليحدِّثَه، فيكون قدْ قابله بدِيباجة وجهه، وقد قصَر أهلُ الحديث هذا الصِّنفَ على الأقران فقط؛ حيث إنَّه من الممكن أن يكونَ بين الشيخ وتلميذه أو العكس.

ويجب أن يُفرَّق هنا بين رِواية الأقران والحديث المدبَّج؛ حيث إنَّ الأول يَروي فيه قرينٌ عن قرينه - والأقران هم: الرُّواة المتقاربون في السِّنِّ، والإسناد، والأخْذ عن الشيوخ على قول - أما المدبَّج فلا بدَّ فيه مِن رِواية كل قرين عن الآخَر، ولا يُسمَّى مُدبَّجًا إلا إذا رَوى كل قرين عن قرينه.

[74] انتخه: افتخرْ بمعرفته؛ حيث إنَّ الانتخاء: الافتخار والتعظيم.

[75] الكلمة بين القوسين ترك الكاتب مكانها ولم يدوِّن فيه شيئًا.

[76] (مُتَّفِق): يعني في اللَّفْظ والخط؛ بأن يكون الاسمُ واحدًا كتابةً ونطقًا.

[77] ما بين القوسين في المخطوط (أ): (ذكرتُ).

[78] بأن يكون الاتِّفاق في اسم واحد لأشخاص عديدين مفترقين.

قال الحافظ في "نخبة الفكر": "الرواة إذا اتَّفقتْ أسماؤُهم وأسماء آبائهم فصاعدًا واختلفتْ أشخاصهم، سواء اتَّفق في ذلك اثنان منهم أمْ أكثر، وكذلك إذا اتَّفق اثنان فصاعدًا في الكنية والنِّسبة، فهذا النوع الذي يُقال له: المتفق والمفترق". اهـ.

وعبارة الناظِم تُوحي بأنَّ المتَّفق والمفترق نوعان، ولكنَّهما نوعٌ واحد يكون فيه الاسمُ المتَّفق واحدًا لأشخاص متَعدِّدين - مُفترقين - كما مرَّ آنفًا.

[79] من أسماء الرُّواة.

[80] ما كانتْ حروفُه متطابقةً.

[81] يعني: يختلف نطقًا.

[82] أي: احذرْ من الوقوع في التصحيفِ بسبب جهْله.

قال الحافظ في "نزهة النظر"": "إذا اتَّفقتِ الأسماءُ خطًّا واختلفت نطقًا، سواء كان مرجِع الاختلاف النَّقْط أم الشَّكْل، فهو المؤتلِف والمختلِف". اهـ

وعبارة الناظم تُوحي أنَّهما نوعان، وليس كذلك، بل هما نوعٌ واحدٌ اتَّفقت فيه الأسماء خطًّا، واختلفت نطقًا.

[83] ما عرَّف به الناظمُ المنكرَ أخَذَه مِن كلام ابن الصلاح - رحمه الله - في "علوم الحديث" (ص: 64) بعد أنْ ذكَر كلام البِرْدِيجي في المنكر وأقسامه - عنده -: "والصواب فيه التفصيلُ الذي بينَّاه آنفًا في تعريف (الشاذ)، وعندَ هذا نقول: المنكَر ينقسِم قسمين على ما ذَكَرْناه في الشاذِّ، فإنَّه بمعناه.

الأول هو: المنفرِد المخالِف لما رواه الثِّقات.

والثاني: هو الفرْد الذي ليس في رَاويه من الثِّقة الإتقان ما يُحتمل معه تفرُّده". اهـ (بتصرف).

وذهَب الإمامُ مسلمٌ في مقدمة الصحيح إلى أنَّ الحديث المنكر هو ما تفرَّد به المتروك - وهو مَن غلبَتْ على حديثه النَّكارَة.

وقد ذُكر عن البِرْدِيجي أقوالٌ أخرى في تعريفِ المنكر لا تخلو من نقْد وتعقُّب.

والراجح: أنَّ الحديث المنكَر لا يخرُج عن قولي ابن الصلاح - رحمه الله - والله أعلم.

[84] ما بيْن القوسين في المخطوط (د): (واجتمعوا).

[85] لضعفه: اللام هنا بمعنَى على؛ يعني: على ضعْفه.

[86] الكلمة بيْن القوسين ساقطةٌ مِن المخطوط (ج).

[87] قلتُ: لا يلزم مِن كون الرَّاوي مجمعًا على ضَعْفه أن يكونَ متروكًا, فقد يتَّفق العلماءُ على سُوء حفظ راوٍ، ومع ذلك يصلُح حديثُه للاستشهاد والمتابعات.

والصواب أن يُعرَّف بأنَّه: ما انفرَد به الذي تَنْجَبر روايته, ما لم يكن كذَّابًا.

[88] مابين القوسين في المخطوط (د): (فهو).

[89] المُختلَق, والمصنوع, والموضوع, ثلاثة ألْفاظ مترادِفة المعاني, وجِيء بها متتابعةً للتنفير مِن هذا القسم المذموم عندَ أهلِ الحديث.

[90] هذا البيت في المخطوط (أ):

(وَالْكَذِبُ المُخْتَلَقُ المَوْضُوعُ ♦♦♦ عَلَى النَّبِي فَذَلِكَ المَصْنُوعُ).

وهذا التعريف أخَذه الناظمُ بلفظه مِن تعريف ابن الصلاح - رحمه الله - في "علوم الحديث" (ص: 77).

وقد أحسن الناظم بأنِ افتتح المنظومة بأفضل أنواع الحديث وهو الحديث الصحيح؛ حيث إنَّه هو المراد والغاية من هذا العِلم, فمعرفة الصحيح يترتَّب عليه الأحكام والعقائد والأخلاق، وغير ذلك.

[91] البَيْقوني: بتخفيف الياء للقافية, ولا يُدرَى ما هذه النِّسْبة, هل هي لبلدٍ أم لغير ذلك.

[92] ما بين القوسَيْن جاء في المخطوط (ب), و(ج) و(د): (أقسامها).

[93] آخر المخطوط (أ)، وزاد: (تمَّت).

وآخر المخطوط (ب) وزاد: (تمَّت بحمدِ الله وعونِه وحُسن توفيقه على يدِ كاتبها: محمود....- الكلمة الثانية وفيها تكملة اسم الكاتب غير واضحة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المجالس النورانية لحل ألفاظ البيقونية
  • منظومة بواعث الفكرة إلى حوادث الهجرة لابن ناصرالدين الدمشقي
  • أقسام الحديث من حيث ورود العلة عليه
  • مبادئ علم الحديث
  • أهمية علم الحديث
  • متن المنظومة البيقونية في علم مصطلح الحديث
  • الحديث الحسن والضعيف (شرح البيقونية)
  • التعريف بكتاب "الفتوحات الوهبية بشرح المنظومة البيقونية"

مختارات من الشبكة

  • التعليقات المرضية على المنظومة البيقونية: شرح ميسر وسهل مناسب للمبتدئين في علم مصطلح الحديث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فصل الخطاب في شرح المنظومة البيقونية في سؤال وجواب في علم مصطلح الحديث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كيف تشتري كتابا محققا؟ وكيف تميز بين تحقيق وآخر إذا تعددت تحقيقات النص؟(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التقليد في تحقيق المناط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حاجة كتاب (غاية النهاية) لابن الجزري للتحقيق ، وحاجة التحقيق للتنسيق(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • شرح البيقونية في علم المصطلح(محاضرة - موقع الشيخ عبدالمحسن بن عبدالله الزامل)
  • التحقيقات التي حظي بها كتاب البرهان للإمام الزركشي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أقسام الحديث - الحديث الصحيح (2) (شرح المنظومة البيقونية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • منهج تحقيق نسبة النص النثري لمحمد علي عطا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رأي الإمام الشَّاطبي في أقسام تحقيق المناط في الاجتهاد (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر وتقدير
عمر - لبنان 13-03-2016 07:02 AM

بارك الله بكم ونفع بعلمكم فالمقال جميل ونافع وماتع وفيه فوائد جميلة وجليلة جعله الله في ميزان حسناتكم وجزاكم الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب