• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون

{ حتى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون }
إيهاب كمال أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/4/2012 ميلادي - 25/5/1433 هجري

الزيارات: 207562

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

"حتَّى يُعْطُوا الجِزْيةَ عَنْ يَدٍ وهم صَاغِرُون"

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خير خلْق الله أجمعين، وعلى آله وأزواجه وأصحابه الأخيار الطاهرين.


وبعد:

فإن أزمنة الاستضعاف يقلّ فيها الحديث عن بعض الشرائع الإلهية والشعائر الربانية التي ترتبط في أصلها بعزة المسلمين وتمكينهم كالجهاد والاسترقاق والخراج والفيء والجزية.


والجزية من الشعائر الربانية التي يحاول البعض جعلها في طي النسيان، إلى درجة ادعاء البعض أنه لا مجال للحديث عن الجزية في زماننا الذي ينبغي أن يسود فيه مفهوم المواطنة الذي لا يجعل فرقًا بين مسلم وكافر تحت مظلة الوطن.


في حين يرى آخرون أن الحديث عن الجزية الآن هو درب من إثارة الفتنة بين شركاء الوطن والدم على حد تعبيرهم.


والحق أن الجزية شريعة إلهية وشعيرة ربانية ثابتة بالأدلّة القطعية من الكتاب والسنة النبوية، وإجماع علماء السلف والخلف المتبعين للطريقة المرضية، لم ينسخها نص، ولا يغيّبها اجتهاد، ولن يزيلها تحريف المتخاذلين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.


وسأحاول فيما يلي إلقاء بعض الضوء على تلكم الشعيرة وما يتعلق بها من فقه وأحكام، في محاولة لإحياء ذلك الفقه في قلوبنا حتى يأذن الله بتطبيقه في أرضنا، مستعينًا في ذلك بالأدلة الصحيحة وأقوال الراسخين في العلم.


تعريف الجزية:

إن الجِزْية في أصلها مشتقّة من الجزاء، كأنّها جزاء تركنا لأهل الذمة ببلادنا وإسكاننا إيّاهم في دارنا، وعِصْمتنا دماءهم وأموالهم وعيالهم.


وقيل: إنها من الإجزاء لأنها تكفي من توضع عليه عصمة دمه.


وقيل: هي مشتقّة من جزى يجزي إذا قضى، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا ﴾ [البقرة:48] أي: لا تقضي عنها [1].

 

وقيل: سميت جزية لأنها تجزي من القتل أي تعصم منه[2].

 

قال الجوهريّ: "الجزية ما يؤخذ من أهل الذّمّة، والجمع الجِزى مثل لحية ولِحى" [3].

 

وقال ابن منظور: "وهي عبارة عن المال الّذي يعقد الكتابيّ عليه الذّمّة، وهي فعلة من الجزاء كأنها جزت عن قتله" [4].

 

وقال الخوارزميّ: "ومن أبواب المال: أخماس المعادن وأخماس الغنائم، وجزاء رؤوس أهل الذّمّة جمع جزية، وهو معرّب: كزيت، وهو الخراج بالفارسيّة"[5].

 

وقال الماوردي: "فأما الجزية فهي موضوعة على الرؤوس واسمها مشتق من الجزاء، إما جزاء على كفرهم لأخذها منهم صغارًا، وإما جزاء على أماننا لهم لأخذها منهم رفقًا" [6].

 

وقال ابن رشد: "ما يؤخذ من أهل الكفر جزاء على تأمينهم وحقن دمائهم مع إقرارهم على الكفر، وهي مشتقة من الجزاء وهو المقابلة؛ لأنهم قابلوا الأمان بما أعطوه من المال فقابلناهم بالأمان وقابلونا بالمال" [7].

 

وقال ابن قدامة: "وهي الوظيفة المأخوذة من الكافر لإقامته بدار الإسلام في كل عام، وهي فعلة من جزى يجزي إذا قضى" [8].

 

وقال ابن القيّم: " الجزية هي الخراج المضروب على رؤوس الكفّار إذلالاً وصغارًا "[9].

 

وعرّفها الحصنيّ الشافعي بأنّها: "المال المأخوذ بالتّراضي لإسكاننا إيّاهم في ديارنا، أو لحقن دمائهم وذراريّهم وأموالهم، أو لكفّنا عن قتالهم" [10].

 

وعلى هذا فالجزية هي: مقدار من المال يُفرض إذلالاً وصغارًا على رؤوس من دخل في ذمة المسلمين وعهدهم، وسكن في ديارهم من أهل الكتاب ومن في حكمهم، وهي تطلق على المال، وعلى العقد، وعليهما معًا.


هذا ويطلق العلماء على الجزية عدّة مصطلحات وألفاظ منها: خراج الرّأس، والجالية - وجمعها الجوالي- ومال الجماجم[11].

 

مشروعية الجزية:

وقد ثبتت مشروعيّة الجزية بالكتاب والسّنّة والإجماع.

قال ابن قدامة: "والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع" [12].

 

أمّا الكتاب فقوله تعالى: ﴿ قَاتِلُوا الَّذينَ لا يُؤمنونَ باللَّهِ ولا بِاليومِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ورسُولُه ولا يَدِينونَ دِينَ الحَقِّ من الَّذينَ أُوتُوا الكِتَابَ حتَّى يُعْطُوا الجِزْيةَ عَنْ يَدٍ وهم صَاغِرُون ﴾ [التوبة:29].


قال الماوردي: "أما قوله سبحانه ﴿ الَّذينَ لا يُؤمنونَ باللَّهِ ﴾ فأهل الكتاب وإن كانوا معترفين بأن الله سبحانه واحد فيحتمل نفي هذا الإيمان بالله تأويلين: أحدهما لا يؤمنون بكتاب الله تعالى وهو القرآن، والثاني لا يؤمنون برسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن تصديق الرسل إيماناً بالمرسل[13].

 

وقوله سبحانه ﴿ ولا بِاليومِ الآخِرِ ﴾ يحتمل تأويلين أحدهما: لا يعرفون وعيد اليوم الآخر وإن كانوا معترفين بالثواب والعقاب، والثاني: لايصدقون بما وصفه الله تعالى من أنواع العذاب.


وقوله: ﴿ ولا يُحَرِّمونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ورسُولُه ﴾ يحتمل تأويلين: أحدهما ما أمر الله سبحانه بنسخه من شرائعهم، والثاني: ما أحله الله لهم وحرمه عليهم.


وقوله ﴿ ولا يَدِينونَ دِينَ الحَقِّ ﴾ فيه تأويلان، أحدهما ما في التوراة والإنجيل من اتباع الرسول وهذا قول الكلبي، والثاني الدخول في الإسلام وهو قول الجمهور.


وقوله ﴿ من الَّذينَ أُوتُوا الكِتَابَ ﴾ فيه تأويلان: أحدهما من دين أبناء الذين أوتوا الكتاب، والثاني: من الذين بينهم الكتاب لأنهم في اتباعه كأبنائه.


وقوله تعالى: ﴿ حتَّى يُعْطُوا الجِزْية ﴾ َفيه تأويلان، أحدهما: حتى يدفعوا الجزية، والثاني حتى يضمنوها لأن بضمانها يجب الكف عنهم.


وفي الجزية تأويلان: أحدهما: أنها من الأسماء المجملة التي لا نعرف منها ما أريد بها إلا أن يرد بيان، والثاني: من الأسماء العامة التي يجب إجراؤها على عمومها إلا ما قد خصه الدليل.


وفي قوله سبحانه وتعالى ﴿ عَنْ يَدٍ ﴾ تأويلان أحدهما: عن غنى وقدرة[14]، والثاني: أن يعتقدوا أن لنا في أخذها منهم يداً وقدرة عليهم.


وفي قوله ﴿ وهم صَاغِرُون ﴾ تأويلان: أحدهما أذلاء مستكينين. والثاني أن تجري عليهم أحكام الإسلام، فيجب على ولي الأمر أن يضع الجزية على رقاب من دخل في الذمة من أهل الكتاب ليقروا بها في دار الإسلام" [15].

 

وقال ابن كثير: "هذه الآية الكريمة أوّل الأمر بقتال أهل الكتاب بعدما تمهّدت أمور المشركين ودخل النّاس في دين اللّه أفواجًا واستقامت جزيرة العرب، أمر اللّه رسوله بقتال أهل الكتابين، وكان ذلك في سنة تسع...


وقوله: ﴿ حتَّى يُعْطُوا الجِزْيةَ ﴾ أي إن لم يسلموا ﴿ عَنْ يَدٍ ﴾ أي عن قهر لهم وغلبة، ﴿ وهم صَاغِرُون ﴾ أي ذليلون حقيرون مهانون فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين بل هم أذلاء صغرة أشقياء"[16].


وقال الطبري: "ومعنى الكلام: حتى يعطوا الخراج عن رقابهم الذي يبذلونه للمسلمين دفعًا عنها" [17].


فالآية تدلّ على مشروعيّة أخذ الجزية من أهل الكتاب، وأنهم ينبغي أن يعطوا هذه الجزية عن قهر لهم وذلة وغلبة وهم صاغرون.


واختلف العلماء في تفسير معنى الصغار "والصواب في الآية أن الصغار هو التزامهم لجريان أحكام الملة عليهم وإعطاء الجزية، فإن التزام ذلك هو الصغار" [18].


قال الشّافعيّ: "وأشدّ الصّغار على المرء أن يحكم عليه بما لا يعتقده ويضطرّ إلى احتماله" [19].


وأمّا السّنّة فقد وردت أحاديث كثيرة منها:

• عن بريدة رضي الله عنه قال: "كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميرًا على جيش أو سريّة أوصاه في خاصّة نفسه بتقوى اللّه ومن معه من المسلمين خيراً، ثمّ قال: اغزوا باسم اللّه في سبيل اللّه، قاتلوا من كفر باللّه، اغزوا ولا تغلّوا ولا تغدروا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليداً.


وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال - فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثمّ ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثمّ ادعهم إلى التّحوّل عن دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنّهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين.


فإن أبوا أن يتحوّلوا منها فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم اللّه الّذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء، إلاّ أن يجاهدوا مع المسلمين.


فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم فإن هم أبوا فاستعن باللّه وقاتلهم" [20].


• وعن جبير بن حية أن المغيرة بن شعبة قال لكسرى: "أمرنا نبينا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية"[21].

 

وأمّا الإجماع فقد أجمع العلماء والفقهاء على جواز أخذ الجزية في الجملة، وقد أخذها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما دون إنكار من أحد من الصحابة، وكذلك أخذها سائر الخلفاء دون إنكار من المسلمين فكان إجماعًا.


وقد نقل الإجماع غير واحد من العلماء:

قال ابن قدامة: "وأجمع المسلمون على جواز أخذ الجزية في الجملة"[22].

وقال ابن القيم: "أجمع الفقهاء على أن الجزية تؤخذ من أهل الكتاب ومن المجوس"[23].

 

وقال ابن حزم: "واتفقوا على وجوب أخذ الجزية من اليهود والنصارى، ممن كان منهم من الأعاجم الذين دان أجدادهم بدين من الدينين، قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن معتقًا ولا بدّل ذلك الدين بغيره، ولا شيخًا كبيرًا، ولا مجنونًا ولا زمنًا ولا غير بالغ، ولا امرأة ولا راهبًا ولا عربيًا.. "[24].

 

الحكمة من مشروعيّة الجزية:

لمشروعيّة الجزية حكم كثيرة منها:

1- إظهار سيادة الدولة الإسلامية وإعلان خضوع وانقياد أهل الذمة لحكم المسلمين، وبيان عزة الإسلام وأهله، وصغار وذلة الكفر وأهله، وهذا ظاهر قول الله تعالى: ﴿ حتَّى يُعْطُوا الجِزْيةَ عَنْ يَدٍ وهم صَاغِرُون ﴾ [التوبة:29].


2- أن الجزية وسيلة تساعد على ترك أهل الذّمّة لدينهم ودخولهم إلى الإسلام، قال القرافيّ: " إنّ قاعدة الجزية من باب التزام المفسدة الدّنيا لدفع المفسدة العليا وتوقّع المصلحة، وذلك هو شأن القواعد الشّرعيّة، بيانه: أنّ الكافر إذا قتل انسدّ عليه باب الإيمان، وباب مقام سعادة الإيمان، وتحتّم عليه الكفر والخلود في النّار، وغضب الدّيّان، فشرع اللّه الجزية رجاء أن يسلم في مستقبل الأزمان، لا سيّما باطّلاعه على محاسن الإسلام، والإلجاء إليه بالذل والصغار في أخذ الجزية "[25].


وقال إلكيا الهرّاسيّ في أحكام القرآن: " فكما يقترن بالزّكاة المدح والإعظام والدّعاء له، فيقترن بالجزية الذّلّ والذّمّ، ومتى أخذت على هذا الوجه كان أقرب إلى أن لا يثبتوا على الكفر لما يتداخلهم من الأنفة والعار، وما كان أقرب إلى الإقلاع عن الكفر فهو أصلح في الحكمة وأولى بوضع الشّرع"[26].


وقال ابن حجر: "قال العلماء: الحكمة في وضع الجزية أنّ الذّلّ الّذي يلحقهم يحملهم على الدّخول في الإسلام، مع ما في مخالطة المسلمين من الاطّلاع على محاسن الإسلام"[27].

 

3- الجزية وسيلة لحفظ أهل الذمة وعصمة دمائهم وأموالهم والكف عن قتالهم، وإفساح الفرصة لهم ليتعرفوا على الإسلام ويدخلوا فيه.


قال ابن العربي: "لو قتل الكافر ليئس من الفلاح ووجب عليه الهلكة، فإذا أعطى الجزية وأمهل لعله أن يتدبر الحق ويرجع إلى الصواب، لا سيما بمراقبة أهل الدين والتدرب بسماع ما عند المسلمين؛ ألا ترى أن عظيم كفرهم لم يمنع من إدرار رزقه سبحانه عليهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس أحد أصبر على أذى من الله يعافيهم ويرزقهم وهم يدعون له الصاحبة والولد "[28].


4- الجزية مورد من موارد الدولة الماليّة، تستعين به الدّولة الإسلاميّة في الإنفاق على المصالح والخدمات والمرافق العامّة والحاجات الأساسيّة للدولة، كالأمن والتعليم والصحة والطرق والمساكن ونحو ذلك.


قال ابن العربيّ في الجزية: "في أخذها معونة للمسلمين وتقوية لهم ورزق حلال ساقه اللّه إليهم "[29].


"وجباية المال ليست هي الهدف الأساسيّ من تشريع الجزية، وإنّما الهدف الأساسيّ هو تحقيق خضوع أهل الذّمّة إلى حكم المسلمين، والعيش بين ظهرانيهم ليطّلعوا على محاسن الإسلام وعدل المسلمين، فتكون هذه المحاسن بمثابة الأدلّة المقنعة لهم على الإقلاع عن الكفر والدّخول في الإسلام، والّذي يؤيّد ذلك أنّ الجزية تسقط عمّن وجبت عليه بمجرّد دخوله في الإسلام، وأنّ الحكومة الإسلاميّة لا تقدم على فرض الجزية على الأفراد إلاّ بعد تخييرهم بين الإسلام والجزية، وهي تفضّل دخول أهل البلاد المفتوحة في الإسلام وإعفاءهم من الجزية على البقاء في الكفر ودفع الجزية ; لأنّها دولة هداية لا جباية"[30].

 

الجزية الصّلحيّة والجزية العنويّة:

وتنقسم الجزية باعتبار رضا المأخوذ منه وعدم رضاه إلى جزية صلحيّة، وجزية عنويّة، والجدول التالي يوضح بعض وجوه الفرق بينهما:

وجه المقارنة

الجزية الصّلحيّة

الجزية العنويّة

تعريفها

هي الّتي توضع على أهل الذّمّة بالتّراضي والصّلح

هي الّتي توضع على أهل البلاد المفتوحة عنوة بدون رضاهم

محلها

تفرض على أهل الصّلح من الكافرين الّذين طلبوا باختيارهم ورضاهم من المسلمين المصالحة على الجزية

تفرض على المغلوبين من أهل البلاد المفتوحة عنوة بدون رضاهم، وتضرب عليهم إجمالاً وتفصيلاً

مقدارها

ليس لها حدّ معيّن وإنّما تكون بحسب ما يقع عليه الاتّفاق

محدّدة المقدار عند بعض الفقهاء على خلاف في تحديدها

شروطها

لايشترط لها شروط معيّنة وإنما يعمل بما اتفق

يشترط لها شروط معيّنة كالعقل والبلوغ والذّكورة والقدرة

 

ما تضرب عليه

يجوز أن تضرب على الأموال والأشخاص

تضرب على الأشخاص لا الأموال

 

ممن تقبل الجزية؟

وقد اتّفق الفقهاء على أنّ الجزية تقبل من أهل الكتاب من العجم ومن المجوس، واختلفوا في العرب من أهل الكتاب وفي المشركين وعبدة الأوثان، والراجح أنها تقبل من جميع الكفار؛ لما دلّ عليه حديث بريدة رضي الله عنه: "وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال- فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم..." إلى أن قال: "فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم فإن هم أبوا فاستعن باللّه وقاتلهم" [31].


قال ابن القيم: "وفي هذا الحديث أنواع من الفقه... منها: أن الجزية تؤخذ من كل كافر؛ هذا ظاهر الحديث ولم يستثن منه كافرًا من كافر"[32].

 

شروط فرض الجزية:

واشترط الفقهاء لفرض الجزية على أهل الذّمّة عدّة شروط تدور في جملتها على أن يكونوا من أهل المقاتلة، مع وجود القدرة المالية على أداء الجزية، واستدلّوا لهذا بقوله تعالى بآية الجزية: ﴿ قَاتِلُوا الَّذينَ لا يُؤمنونَ باللَّهِ ولا بِاليومِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ورسُولُه ولا يَدِينونَ دِينَ الحَقِّ من الَّذينَ أُوتُوا الكِتَابَ حتَّى يُعْطُوا الجِزْيةَ عَنْ يَدٍ وهم صَاغِرُون ﴾"[التوبة:29].


فقالوا: إن المقاتلة مفاعلة من القتال تستدعي أهليّة القتال من الجانبين، فلا تجب على من ليس أهلاً للقتال.


ولذلك اشترطوا: البلوغ، والعقل، والذّكورة، والحرّيّة، والمقدرة الماليّة، والسّلامة من العاهات المزمنة.


قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن لا تؤخذ من صبي ولا من امرأة جزية، وأجمعوا على أن لا جزية على العبيد"[33].

 

قال ابن قدامة: "ولا جزية على صبي ولا زائل العقل، ولا امرأة، لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في هذا، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ وأحمد وأبو ثور، وقال ابن المنذر، لا أعلم عن غيرهم خلافهم"[34].

 

وقال القرطبي: "قال علماؤنا رحمة الله عليهم: والذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من الرجال المقاتلين، لأنه تعالى قال: " قاتلوا الذين " إلى قوله: " حتى يعطوا الجزية " فيقتضي ذلك وجوبها على من يقاتل.

 

ويدل على أنه ليس على العبد وإن كان مقاتلاً، لأنه لا مال له، ولأنه تعالى قال: "حتى يعطوا" ولا يقال لمن لا يملك حتى يعطي.

 

وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني.

 

واختلف في الرهبان، فروى ابن وهب عن مالك أنها لا تؤخذ منهم.

 

قال مطرف وابن الماجشون: هذا إذا لم يترهب بعد فرضها فإن فرضت ثم ترهّب لم يسقطها ترهبه"[35].

 

والخلاف في الرهبان واقع في الّذين انقطعوا للعبادة في الصّوامع، ولم يخالطوا النّاس في معايشهم ومساكنهم، أما المخالطون منهم للنّاس، والمشاركون لهم في الرّأي والمشورة، فقد اتفق العلماء على أن الجزية تؤخذ منهم؛ بل هم أولى بها من العوام، لأنهم العلماء والرؤوس.


مقدار الجزية:

وقد اختلف الفقهاء في مقدار الجزية[36]:

• فذهب بعضهم إلى أنها مقدرة بمقدار لا يزاد عليه ولا ينقص ثم اختلفوا في هذا المقدار.


• وذهب بعضهم إلى أن أقلها مقدر بدينار أما أكثرها فغير مقدر.


• وذهب بعضهم إلى التفصيل، فقالوا: إن الجزية العنوية مقدرة، أما الجزية الصلحية فتتقدّر بحسب ما يتّفق عليه الطّرفان، ولا حدّ لأقلّها ولا أكثرها.


• وذهب البعض إلى أن الجزية عمومًا غير مقدرة وإنما يرجع فيها إلى تقدير الإمام في الزيادة والنقصان، وهو القول الراجح الموافق للأدلة.


واستدلّ أصحاب هذا القول بقوله تعالى: ﴿ حتَّى يُعْطُوا الجِزْيةَ عَنْ يَدٍ وهم صَاغِرون ﴾ [التوبة:29].


فقالوا: إن لفظ الجزية في الآية مطلق غير مقيّد بقليل أو كثير، فينبغي أن يبقى على إطلاقه، غير أنّ الإمام لمّا كان وليّ أمر المسلمين جاز له أن يعقد مع أهل الذّمّة عقدًا على الجزية بما يحقّق مصلحة المسلمين؛ لأنّ تصرّف الإمام على الرّعيّة منوط بالمصلحة.


وقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها على أهل اليمن: "من كلّ حالم دينارًا"[37].


• وصالح أهل نجران على ألفي حلّة، النّصف في صفر والباقي في رجب[38].


• وجعل عمر بن الخطّاب الجزية على ثلاث طبقات على الغنيّ ثمانية وأربعين درهمًا، وعلى المتوسّط أربعة وعشرين درهمًا، وعلى الفقير اثني عشر درهمًا[39]، وصالح بني تغلب على ضعف ما على المسلمين من الزّكاة[40].


وهذا الاختلاف في مقدار الجزية يدلّ على أنّها إلى رأي الإمام، لولا ذلك لكانت على قدر واحد في جميع هذه المواضع ولم يجز أن تختلف.


ويؤيّد ذلك ما روى البخاريّ عن ابن عيينة عن أبي نجيح قال: قلت لمجاهد: ما شأن أهل الشّام عليهم أربعة دنانير، وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال: جعل ذلك من أجل اليسار[41].


قال ابن القيم: "الجزية غير مقدرة بالشرع فيؤخذمنعروضه بقدر ما عليهمنالجزية، هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه التي لا معدل عنها، فقد تبين أن الجزية غير مقدرة بالشرع تقديرًا لا يقبل الزيادة والنقصان، ولا معينة الجنس.


قال الخلال:العمل في قولأبي عبد اللهعلى ما رواه الجماعة أنه لا بأس للإمام أن يزيد في ذلك وينقص على ما رواه عنه أصحابه معينة الجنس في عشرة مواضع، فاستقر قوله على ذلك.


وهذاقول سفيان الثوري وأبي عبيد وغيرهم من أهل العلم.

وأول من جعل الجزية على ثلاث طبقات عمر بن الخطاب رضي الله عنه، جعلها على الغني ثمانية وأربعين درهمًا، وعلى المتوسط أربعة وعشرين، وعلى الفقير اثني عشر، وصالح بني تغلب على مثلي ما على المسلمين من الزكاة.


هذايدل على أنها إلى رأي الإمام، ولولا ذلك لكانت على قدر واحد في جميع المواضع ولم يجز أن تختلف.


وقال البخاري:قال ابن عيينة: عن ابن أبي نجيح قلت لمجاهد:ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير، وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال: جعل ذلك من أجل اليسار.


وقد زادها عمر أيضًا على ثمانية وأربعين فصيرها خمسين درهمًا" [42].

 

الجزية وبنو تغلب[43]:

وقد تصالح عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع بني تغلب على أن يدفعوا ضعف ما يدفعه المسلم في الزكاة تحت مسمى الصدقة عوضًا عن الجزية بعد أن انحازوا ولحقوا بالروم وكانوا ذوي عدد وبأس وقوة مما قد يشكل خطرًا عسكرياً على المسلمين، وكان بنو تغلب قوماً لا مال لهم لكن لهم في العدو نكاية، فنُصح عمر رضي الله عنه بألا يعين عدوه على نفسه بهؤلاء المقاتلين الأشداء، وعلم عمر أنه لا ضرر على المسلمين من إسقاط اسم الجزية عنهم، مع استيفاء ما يجب عليهم من الجزية وزيادة[44].

 

فعن زرعة بن النعمان أنه كلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بني تغلب وقال له: إنهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عدوك بهم، فصالحهم عمر على أن أضعف عليهم الصدقة فاشترط عليهم: أن لا ينصّروا أولادهم" [45].

 

وقال أبو عبيد: "حدثنا أبو معاوية حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن السفاح عن داود بن كردوس قال: صالحت عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن بني تغلب بعدما قطعوا الفرات وأرادوا أن يلحقوا بالروم على ألا يصبغوا صبيًا ولا يكرهوا على دين غير دينهم، وعلى أن عليهم العشر مضاعفًا، من كل عشرين درهمًا درهم" [46].

قال أبو عبيد: قوله لا يصبغوا في دينهم يعني: لا ينصِّروا أولادهم.

 

• وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "هؤلاء حمقى رضوا بالاسم وأبوا المعنى" [47].

 

وقال ابن قدامة: "بنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية فدعاهم عمر إلى بذل الجزية فأبوا وأنفوا وقالوا: نحن عرب خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة، فقال عمر: لا آخذ من مشرك صدقة فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين إن القوم لهم بأس وشدة وهم عرب يأنفون من الجزية فلا تعن عليك عدوك بهم وخذ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عمر في طلبهم فردّهم وضعف عليهم من الإبل من كل خمس شاتين، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين، ومن كل عشرين دينارًا دينارًا، ومن كل مائتي درهم عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقي بنضح أو غرب أو دولاب العشر، فاستقر ذلك من قول عمر، ولم يخالفه أحد من الصحابة فصار اجماعًا، وقال به الفقهاء بعد الصحابة" [48].

 

ومن الروايات السابقة يتبين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد استطاع أن يحقق جملة من المصالح الراجحة ويدفع مفسدة كبرى بارتكاب ضرر لا يكاد يذكر، وإليكم تفضيل ذلك في الجدول التالي:

المصالح المتحققة

المفسدة المدفوعة

الضرر المتحمل

1- كفّ شر بني تغلب عن المسلمين وحرمان الروم من معاونتهم لهم في القتال.

2- دخول بني تغلب تحت سلطان المسلمين والخضوع لحكمهم صاغرين.

3- منع بني تغلب من تنصير أبنائهم.

4- دفع بني تغلب الصدقة مضاعفة للمسلمين.

5- تقريب بني تغلب من المسلمين مما يساعد على اعتناقهم للإسلام.

 

اشتراك بني تغلب مع الروم في قتالهم ضد المسلمين وهم أصحاب شوكة وقوة وبأس ونكاية في العدو.

أخذ الجزية من بني تغلب تحت مسمى الصدقة، وهو ضرر لا يكاد يذكر لا سيما في ظل المصالح التي تم تحصيلها.

 

وينبغي هنا التنبيه على أمور منها:

1- أن المال المأخوذ من بني تغلب على الصحيح هو جزية في الحقيقة وإن كان باسم الصدقة؛ لأن الصدقة قربة، والكافر لا قربة له.

 

قال الجصاص: "والمأخوذ من بني تغلب هو عندنا جزية ليست بصدقة وتوضع مواضع الفيء؛ لأنه لا صدقة لهم، إذ كان سبيل الصدقة وقوعها على وجه القربة ولا قربة لهم، وقد قال بنو تغلب: نؤدي الصدقة مضاعفة ولا نقبل أداء الجزية فقال عمر: هو عندنا جزية وسموها أنتم ما شئتم، فأخبر عمر أنها جزية وإن كانت حقًا مأخوذة من مواشيهم وزروعهم" [49].

 

وقال الشافعي: "المأخوذ منهم جزية وإن كان باسمِ الصدقة" [50].

وقال ابن قدامة: " هذا المأخوذ منهم جزية باسمِ الصدقة فإن الجزية يجوز أخذها من العروض" [51].

 

2- أن بعض العلماء قد نصّ على أن هذا الحكم خاص ببني تغلب لا يتعدى لغيرهم.

 

قال ابن القيم: "وهذا الحكم يختص ببني تغلب، نص عليه أحمد" [52].

 

3- ذهب بعض العلماء إلى أن الصدقة لا تؤخذ من بني تغلب ولا من غيرهم من الكفار، ورفض الأخذ بهذا الخبر لضعفه واضطرابه.

 

قال ابن حزم: "لا تؤخذ زكاة من كافر لا مضاعفة ولا غير مضاعفة، لا من بني تغلب ولا من غيرهم، وهو قول مالك، وقال أبو حنيفة والشافعي كذلك إلا في بني تغلب خاصة؛ فإنهم قالوا: تؤخذ منهم الزكاة مضاعفة، واحتجوا بخبر واهٍ مضطرب في غاية الاضطراب.. ولو كان هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حل الأخذ به لانقطاعه وضعف رواته، فكيف وليس هو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! " [53].

 

4- أنه كما لا يجوز تغيير ما وقع عليه الصلح مع بني تغلب إلا إن نقضوا عهدهم، فكذلك لا يجوز نقض ما اصطلح عليه غيرهم ليكونوا مثل بني تغلب.

 

"قال علي بن سعيد: سمعت أحمد يقول: أهل الكتاب ليس عليهم في مواشيهم صدقة ولا في أموالهم إنما تؤخذ منهم الجزية إلا أن يكونوا صولحوا على أن يؤخذ منهم كما صنع عمر رضي الله عنه بنصارى بني تغلب حين أضعف عليهم الصدقة في صلحه إياهم إذا كانوا في معناهم، أما قياس من لم يصالح عليهم في جعل جزيتهم صدقة فلا يصح" [54].

 

وقال ابن القيم: "إن بني تغلب كانوا ذوي قوة وشوكة لحقوا بالروم وخيف منهم الضرر إن لم يصالحوا ولم يوجد هذا لغيرهم، فإن وجد هذا لغيرهم فامتنعوا من أداء الجزية وخيف الضرر بترك مصالحتهم فرأى الإمام مصالحتهم على أداء الجزية باسم الصدقة جاز ذلك إذا كان المأخوذ منهم بقدر ما يجب عليهم من الجزية أو زيادة" [55].

 

ومن هنا يتبين خطأ ما ذهب إليه البعض من جواز إسقاط الجزية عن أهل الكتاب لأنهم يدفعون الضرائب قياسًا على بني تغلب، وهذا قياس باطل لتخلف العلة وهي الصلح الذي وقع للأسباب المذكورة آنفًا، فكيف يُقاس من صالحوا على الجزية وعاشوا قرونًا في بلاد المسلمين صاغرين تحت حكم الإسلام على بني تغلب وما تبين من حالهم؟ لعَمْر الله إن هذا في القياس عجيب.

 

حكم معاقبة وتعذيب أهل الذمة:

ويجوز للإمام أن يعاقب الذّمّيّ إذا تأخّر عن أداء الجزية في وقتها المحدّد إن كان موسراً ومطل بها، وأمّا إن كان معسرًا فلا تجوز عقوبته.


قال القرطبيّ: "قال علماؤنا: أمّا عقوبتهم إذا امتنعوا من أدائها مع التّمكّن فجائز، فأمّا مع تبيّن عجزهم فلا تحلّ عقوبتهم، لأنّ من عجز عن الجزية سقطت عنه" [56].

 

ولا يجوز إيذاء أهل الذمة أو تعذيبهم أو التعدي عليهم بظلم أو تحميلهم فوق طاقتهم في أداء الجزية.


فعن هشام بن عروة عن أبيه قال: مر هشام بن حكيم بن حزام على أناس من الأنباط بالشام قد أقيموا في الشمس، فقال: ما شأنهم؟ قالوا: حبسوا في الجزية، فقال هشام: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا".. وزاد في رواية: وأميرهم يومئذ عمير بن سعد على فلسطين فدخل عليه فحدثه فأمر بهم فخلوا[57].

 

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة" [58].

 

قال ابن قدامة: " ولا يشتط عليهم في أخذها، ولا يعذبون إذا أعسروا عن أدائها، فإن عمر رضي الله عنه أُتي بمال كثير، قال أبو عبيد: وأحسبه من الجزية، فقال: إني لأظنكم قد أهلكتم الناس، قالوا: لا والله، ما أخذنا إلا عفوًا صفوًا، قال: بلا سوط ولا بَوط[59]؟ قالوا: نعم، قال: الحمد لله الذي لم يجعل ذلك على يدي، ولا في سلطاني.


وقدم عليه سعيد بن عامر بن حذيم فعلاه عمر بالدرة، فقال سعيد: سبق سيلك مطرك، إن تعاقب نصبر، وإن تعف نشكر، وإن تستعتب نعتب. فقال: ما على المسلم إلا هذا ما لك تبطئ بالخراج؟ فقال: أمرتنا أن لا نزيد الفلاحين على أربعة دنانير، فلسنا نزيدهم على ذلك، ولكن نؤخرهم إلى غلاتهم، قال عمر: لا أعزلنك ما حييت.


رواهما أبو عبيد، وقال: إنما وجه التأخير إلى الغلة الرفق بهم قال: ولم نسمع في استيداء الخراج والجزية وقتًا غير هذا.


واستعمل علي بن أبي طالب رجلاً على عكبرى، فقال له على رؤوس الناس: لا تدعنّ لهم درهمًا من الخراج، وشدد عليه القول، ثم قال: القني عند انتصاف النهار، فأتاه فقال: إني كنت أمرتك بأمر، وإني أتقدم إليك الآن، فإن عصيتني نزعتك، لا تبيعن لهم في خراجهم حمارًا، ولا بقرة، ولا كسوة شتاء ولا صيف، وارفق بهم"[60].

 

قال الشّافعيّ في الأمّ: "إن أخذ الجزية منهم أخذها بأحمال، ولم يضرّ أحد منهم ولم ينله بقول قبيح " [61].


وقد نقل ابن القيم عن طائفة من أهل العلم أنهم قالوا الصغارمعناه" أن يأتي بها - أي الجزية - بنفسه ماشيًا لا راكبًا ويطال وقوفه عند إتيانه بها، ويجرّ إلى الموضع الذي تؤخذ منه بالعنف ثم تجر يده ويمتهن".


ثم قال: "وهذا كله مما لا دليل عليه ولا هو مقتضى الآية ولا نقل عن رسول الله ولا عن الصحابة أنهم فعلوا ذلك، والصواب في الآية أن الصغار هو التزامهم لجريان أحكام الملة عليهم وإعطاء الجزية فإن التزام ذلك هو الصغار "[62].

 

سقوط الجزية:

وأجمع العلماء على أنّ الجزية تسقط عمّن دخل في الإسلام من أهل الذّمّة، وأنه لا يطالب بها فيما يستقبل من الزّمان، لقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "لا تصلح قبلتان بأرض، ولا جزية على مسلم" [63].

 

قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن لا جزية على مسلم" [64].

 

وكذلك إذا عرض لمن وجبت عليه الجزية ما يعجزه عن أدائها من فقر أو مرض أو عاهة سقطت عنه الجزية وعيل من بيت مال المسلمين.


جاء في كتاب الصّلح بين خالد بن الوليد رضي الله عنه وأهل الحيرة: "وجعلت لهم أيّما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدّقون عليه طرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام، فإن خرجوا إلى غير دار الهجرة ودار الإسلام فليس على المسلمين النّفقة على عيالهم" [65].

 

• وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ بباب قوم وعليه سائل يسأل: شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه وقال: من أي أهل الكتاب أنت؟ قال: يهودي، قال: فما ألجأك إلي ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، قال: فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضرباءه فوالله ما أنصفناه، أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾"والفقراء هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه[66].

 

وينبغي على المسلمين في مقابل أخذهم للجزية أن يوفروا الحماية لأهل الذّمّة، وأن يدافعوا عنهم، ويمنعوا من يقصدهم بالاعتداء، وأن يعملوا على استنقاذ من أسر منهم، واستعادة ما أخذ من أموالهم ظلمًا.


قال الماوردي: " ويلتزم لهم ببذلها ـ أي الجزية ـ حقان، أحدهما: الكف عنهم، والثاني: الحماية لهم ليكونوا بالكف آمنين وبالحماية محروسين" [67].

 

وقال القرافي: "وكذلك حكى ابن حزم في مراتب الإجماع له: أن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ونموت دون ذلك صونًا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة وحكى في ذلك إجماع الأمة.


فعقد يؤدي إلى إتلاف النفوس والأموال صونًا لمقتضاه عن الضياع؛ إنه لعظيم " [68].

 

فإن عجزت الدّولة الإسلاميّة عن حمايتهم والدّفع عنهم تسقط الجزية عنهم لا سيما إن اشترطوا في عقد الجزية حفظهم وحفظ أموالهم.


ذكر أبو يوسف أن أبا عبيدة بن الجرّاح عندما أعلمه نوّابه على مدن الشّام بتجمّع الرّوم لمقاتلة المسلمين كتب أبو عبيدة إلى كل والٍ ممن خلّفه في المدن التي صالح أهلها يأمرهم أن يردّوا عليهم ما جُبي من الجزية والخراج، وكتب إليهم أن يقولوا لهم: "إنّما رددنا عليكم أموالكم، لأنّه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع، وأنّكم اشترطتم علينا أن نمنعكم، وإنّا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم، ونحن لكم على الشّرط وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا اللّه عليهم".


فلما قالوا ذلك لهم وردوا عليهم الأموال التي جبوها منهم، قالوا: ردكم الله علينا ونصركم عليهم، فلو كانوا هم لم يردوا علينا شيئًا وأخذوا كل شيء بقي لنا حتى لا يدعوا لنا شيئًا"[69].

 

وقال البلاذريّ في فتوح البلدان: "حدّثني أبو حفص الدّمشقيّ قال: حدّثنا سعيد بن عبد العزيز قال: "بلغني أنّه لمّا جمع هرقل للمسلمين الجموع، وبلغ المسلمين إقبالهم إليهم لوقعة اليرموك ردّوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الخراج، وقالوا: قد شغلنا عن نصرتكم والدّفع عنكم، فأنتم على أمركم.


فقال أهل حمص: لولايتكم وعدلكم أحبّ إلينا ممّا كنّا فيه من الظّلم والغشم، ولندفعنّ جند هرقل عن المدينة مع عاملكم.


ونهض اليهود فقالوا: والتّوراة لا يدخل عامل هرقل مدينة حمص إلاّ أن نغلب ونجهد فأغلقوا الأبواب وحرسوها".


وكذلك فعل أهل المدن الّتي صولحت من النّصارى واليهود، وقالوا: إن ظهر الرّوم وأتباعهم على المسلمين صرنا إلى ما كنّا عليه، وإلاّ فإنّا على أمرنا ما بقي للمسلمين عدد" [70].

 

والأصل عدم اشتراك الذّمّيّين في القتال مع المسلمين إلا عند الحاجة؛ لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر، فلما كان بحرّة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا، قال: فارجع فلن أستعين بمشرك.


قالت: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة قال: فارجع فلن أستعين بمشرك، قالت: ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فانطلق" [71].

 

قال سليمان الباجيّ: "من ليس بمسلم لا يقاتل جهادًا وليس حضوره بجهاد ولا نصرة للإسلام؛ لأن معنى الجهاد أن يقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، والمشرك لا يقاتل لذلك، ولأنه ممن يلزم أن يقاتل عنه، وتمنع الاستعانة به في الحرب وإن استعين به في الأعمال والصنائع والخدمة " [72].

 

فإن اشترك أهل الكتاب في القتال مع المسلمين فالصحيح أن الجزية لا تسقط عنهم؛ لأن الجزية إنما وضعت صغارًا وإذلالاً للكفار[73] وإظهارًا لسيادة المسلمين وعزتهم وخضوع أهل الكتاب لهم، وليس في مقابل عدم اشتراكهم في القتال.


حتى إن قلنا أن الجزية تجب بدلاً عن النصرة، فهذا لا يسوّغ القول بسقوطها عن أهل الذمة حال اشتراكهم مع المسلمين في القتال؛ لأن الجزية من علامات الصغار الذي جاء النص القرآني بوجوب فرضه على أهل الكتاب من جهة، ومن جهة أخرى فإن الشرع جعل طريق النصرة في حق الذمي المال دون النفس، فاعتبار قتال الذمي بديلاً عن دفعه مال الجزية يؤدي إلى تغيير الشرع وهذا لا يجوز.


جاء في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: "فإن قلت: لا نسلم أن الجزية بدل عن النصرة، ألا ترى أن الإمام لو استعان بأهل الذمة سنة فقاتلوا معه لا تسقط عنهم جزية تلك السنة، فلو كانت بدلاً لسقطت.


قلت: إنما لم تسقط لأنه يلزم حينئذ تغير المشروع وليس للإمام ذلك، وهذا لأن الشرع جعل طريق النصرة في حق الذمي المال دون النفس.


فإن قلت: الجزية حق مالي وجب على الكافر على كفره فوجب أن لا يسقط بالإسلام كخراج الأرض.


قلت: خراج الرأس فيه صغار بالنص، ولهذا لا يوضع على المسلم أصلاً بخلاف خراج الأرض، فإنه ليس فيه صغار، ولهذا يؤخذ في أرض خراجية للمسلم فافترقا" [74].


وقال ابن القيم: "فإن الله سبحانه وتعالى مد القتال إلى غاية وهي إعطاء الجزية مع الصغار، فإذا كانت حالة النصراني وغيره من أهل الجزية منافية للذل والصغار فلا عصمة لدمه ولا ماله وليست له ذمة"[75].


مصارف الجزية:

وقد اتّفق الفقهاء على أنّ الجزية تصرف في مصارف الفيء، حتّى رأى كثير منهم أنّ اسم الفيء شامل للجزية[76].


ومن ثم فالجزية تصرف في المصالح العامّة للمسلمين ومرافق الدّولة الهامّة: كأرزاق المجاهدين وذراريّهم وسدّ الثّغور، وتمهيد الطرق وشق القنوات، وبناء الجسور والمساجد والمدارس والمستشفيات ومحطات الطاقة والقناطر، وإصلاح الأنهار الّتي لا مالك لها، ورواتب الموظّفين من القضاة والعلماء والمفتين والمدرّسين والأطباء والمهندسين والعمّال وغير ذلك.

• • • •

 

وأخيرًا فإن تشريعات الجزية وأحكامها موافقة لمقاصد الشريعة الإسلامية التي تحفظ للمسلمين عزتهم وكرامتهم وعلوهم، وتوفر من التدابير ما يؤدي إلى حفظ الدين وتيسير سبل انتشاره وتقريب الناس له وتمهيد طرق الهداية للعالمين.


وكما ضمت الجزية تشريعات تحفظ للمسلمين دينهم وعزهم فقد أبرزت في ذات الوقت ما يدلّل بقوة على السمو والرقي والسماحة في التعامل مع الآخرين، والشفقة والرحمة بخلق الله أجمعين، في أنموذج رباني متفرد شهد له المؤرخون والكُتّاب من غير المسلمين.


يقول ول ديورانت: "لقد كان أهل الذمة، المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون يتمتعون في عهد الخلافةالأموية بدرجة من التسامح، لا نجد لها نظيرًا في البلاد المسيحية في هذهالأيام، فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، ولم يفرض عليهم أكثر من ارتداء زيّ ذي لون خاص، وأداء ضريبة عنكل شخص باختلاف دخله، وتتراوح بين دينارين وأربعة دنانير، ولم تكن هذهالضريبة تفرض إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح، ويعفى منهاالرهبان والنساء والذكور الذين هم دون البلوغ، والأرقاء والشيوخ، والعجزة،والعمي والفقراء، وكان الذميون يعفون في نظير ذلك من الخدمةالعسكرية..ولا تفرض عليهم الزكاة البالغ قدرها اثنان ونصف في المائة من الدخل السنوي، وكان لهم على الحكومة أن تحميهم..." [77].

 

ويقول المؤرخ آدم ميتز: "كان أهل الذمة يدفعون الجزية، كلمنهم بحسب قدرته، وكانت هذه الجزية أشبه بضريبة الدفاع الوطني، فكان لايدفعها إلا الرجل القادر على حمل السلاح، فلا يدفعها ذوو العاهات، ولاالمترهّبون، وأهل الصوامع إلا إذا كان لهم يسار" [78].

 

فالحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا نعمة الشرع، ورضي لنا الإسلام دينًا، ونسأله تعالى أن ينوّر بصائرنا، وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعل مصيبتنا في ديننا، ولا يجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، وأن يستعملنا في خدمة الدين، وأن يولي أمورنا خيارنا، ويهيئ لنا أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.


وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد خير الأنام، وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.



[1] فتح الباري في شرح صحيح البخاري (16 / 20).

[2] معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية (1 / 530).

[3] الصحاح (2 / 1677).

[4] لسان العرب (14 / 147).

[5] مفاتيح العلوم ص85.

[6] الأحكام السلطانية ص142.

[7] حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني (4 / 33).

[8] المغني (10 / 557).

[9] أحكام أهل الذمة ص22.

[10] كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (2 / 215).

[11] انظر الموسوعة الفقهية الكويتية (16 / 143).

[12] المغني (10 / 557).

[13] وهم غير مؤمنين بالله وغير عارفين به لما يعتقدونه في الله من معتقدات كفرية شركية، قال القاضي عياض: "ما عرف الله تعالى من شبّهه وجسمه من اليهود أو أجاز عليه البداء أو أضاف إليه الولد منهم، أو أضاف إليه الصاحبة والولد وأجاز الحلول عليه والانتقال والامتزاج من النصارى أو وصفه بما لا يليق به أو أضاف إليه الشريك والمعاند في خلقه من المجوس والثنوية، فمعبودهم الذي عبدوه ليس هو الله، وإن سموه به إذ ليس موصوفًا بصفات الإله الواجبة له؛ فإذن ما عرفوا الله سبحانه" شرح النووي على صحيح مسلم (1 / 90).

[14] وقد ضعف ابن القيم هذا القول فقال: " وأما قوله: "﴿ عَنْ يَدٍ ﴾ فهو في موضع النصب على الحال أي يعطوها أذلاء مقهورين هذا هو الصحيح في الآية. وقالت طائفة: المعنى من يد إلى يد نقدًا غير نسيئة: وقالت فرقة من يده إلى يد الآخذ لا باعثًا بها ولا موكلاً في دفعها، وقالت طائفة: معناه عن إنعام منكم عليهم بإقراركم لهم وبالقبول منهم والصحيح القول الأول وعليه الناس، وأبعد كل البعد ولم يصب مراد الله من قال: المعنى عن يد منهم أي عن قدرة على أدائها فلا تؤخذ من عاجز عنها وهذا الحكم صحيح وحمل الآية عليه باطل ولم يفسر به أحد من الصحابة ولا التابعين ولا سلف الأمة وإنما هو من حذاقة بعض المتأخرين"اهـ، أحكام أهل الذمة ص22.

[15] الأحكام السلطانية ص143.

[16] تفسير القرآن العظيم (2 / 542 - 543).

[17] تفسير جامع البيان للطبري (10 / 141).

[18] أحكام أهل الذمة ص23.

[19] الأم (5 / 208).

[20] أخرجه مسلم (3261).

[21]أخرجه البخاري (2925).

[22] المغني (10 / 558).

[23] أحكام أهل الذمة ص7.

[24] مراتب الإجماع ص196، ولم يتعقبه ابن تيمية في نقد مراتب الإجماع.

[25] الفروق (3 / 10).

[26] أحكام القرآن لإلكيا الهراسي (3 / 77).

[27] فتح الباري (6/ 259)، وانظر: نيل الأوطار للشوكاني (12/ 336).

[28] أحكام القرآن لابن العربي (2/ 482)، والحديث أخرجه البخاري (5634)، ومسلم (5016) بلفظ مقارب.

[29] أحكام القرآن لابن العربي (2/ 482).

[30] انظر الموسوعة الفقهية الكويتية (16/ 146).

[31] أخرجه مسلم (3261) وسبق ذكره قريبًا.

[32] أحكام أهل الذمة ص10.

[33] الإجماع ص81.

[34] المغني (10/ 572).

[35] تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/ 112).

[36] انظر: المغني لابن قدامة (10/ 566)، والشرح الكبير (10/ 592).

[37] أخرجه النسائي (2407) والترمذي (566) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وصححه الألباني في إرواء الغليل (3/ 269).

[38] أخرجه أبو داود (2644) وسكت عنه.

[39] أخرجه البيهقي في السنن الصغير((4/ 7 مرسلاً.

[40] انظر المحلى (6/ 112) وقال أحمد شاكر: خبر بني تغلب هذا روى من طرق كثيرة تطمئن النفس إلى أن له أصلاً صحيحاً.

[41] صحيح البخاري(6/ 257)، باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب.

[42] أحكام أهل الذمة ص28.

[43] قال ابن القيم: "بنو تغلب بن وائل بن ربيعة بن نزار من صميم العرب انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية وكانوا قبيلة عظيمة لهم شوكة قوية واستمروا على ذلك حتى جاء الإسلام فصولحوا على مضاعفة الصدقة عليهم عوضًا من الجزية" أحكام أهل الذمة ص60.

[44] انظر: الأموال لأبي عبيد ص651.

[45] المحلى (6/ 112) وقال أحمد شاكر: خبر بني تغلب هذا روى من طرق كثيرة تطمئن النفس إلى أن له أصلاً صحيحاً.

[46] أحكام أهل الذمة ص60، وقال أبو عبيد: والحديث الأول – أي حديث داود بن كردوس- هو الذي عليه العمل.

[47] تلخيص الحبير (2326)، والمغني (10/ 582).

[48] المغني (10/ 581).

[49] أحكام القرآن للجصاص (3/ 140).

[50] أحكام أهل الذمة ص62.

[51] المغني لابن قدامة (10/ 582).

[52] أحكام أهل الذمة ص65.

[53] المحلى لابن حزم (3/ 813).

[54] أحكام أهل الذمة ص67.

[55] أحكام أهل الذمة ص66.

[56] تفسير الجامع لأحكام القرآن (8/ 115).

[57] أخرجه مسلم (4737).

[58]أخرجه أبو داود (2655) وسكت عنه، وقال العجلوني في كشف الخفا(2/ 342): إسناده حسن، وقال العراقي في التقييد والإيضاح (264): إسناده جيد، وحسنه ابن حجر العسقلاني في موافقة الخبر الخبر (2/ 184)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3052).

[59] البَوط: الذل بعد عز، والفقر بعد غنى، انظر: المعجم الوسيط (1/ 96).

[60] المغني (10/ 621).

[61] الأم (5/ 208).

[62] أحكام أهل الذمة ص23.

[63]أخرجه أحمد (1848) وأبو داود (2655) والترمذي (574)، قال ابن تيمية في المستدرك على المجموع، وابن القيم في أحكام أهل الذمة: إسناده جيد، وحسنه ابن حجر في تخريج المشكاة، وصححه أحمد شاكر.

[64] الإجماع لابن المنذر ص81.

[65] الخراج لأبي يوسف ص 156.

[66] الخراج لأبي يوسف ص126.

[67] الأحكام السلطانية ص143.

[68] الفروق للقرافي (3/ 14) ولم أقف على ما نقله عن ابن حزم في مراتب الإجماع.

[69] الخراج لأبي يوسف ص139.

[70] فتوح البلدان ص187.

[71] أخرجه مسلم (3388).

[72] المنتقى في شرح الموطأ (3/ 37).

[73] أحكام أهل الذمة ص24.

[74]تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (9/ 444).

[75] أحكام أهل الذمة ص23.

[76] الموسوعة الفقهية (16/ 204)، أحكام أهل الذمة ص64.

[77] قصة الحضارة (12/ 131).

[78] الحضارة الإسلامية (1/ 96).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجزية ، وعلى من تجب ؟
  • تاريخ الجزية ومقدارها
  • الجزية والخراج
  • متى تسقط الجزية ؟

مختارات من الشبكة

  • كتاب الجزية - صحيح البخاري(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الجزية وأحكامها في الفقه الإسلامي (PDF)(كتاب - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • حديث: لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حتى تعود لنا (أرضنا المباركة)، وحتى نعود لها بإذن الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علامات الساعة الصغرى التي ظهرت وانقضت (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حديث: إذا أكل أحدكم طعاما، فلا يمسح يده حتى يَلعقها أو يُلعقها(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • شرح حديث: إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • شرح حديث: فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)

 


تعليقات الزوار
18- حتى يعطوا الجزية
omar - maroc 13-07-2012 06:32 AM

{حتى يعطوا الجزية عَنْ يَدٍ وهم صَاغِرُون} أي حتى يعطوا نفس الجزاء الذي ارتكبوه أي القصاص عن يد وهم صاغرون لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بقتال المنافقين من المسلمين وذلك لسياق سورة التوبة لأنهم لايؤمنون بالله واليوم الآخر ومن لا يحرّم ما حرّم الله ورسوله اي من يعرف الحرام ويرتكبه اي الخطاب موجّه للمسلمين ليس لغيرهم لأن الهندوسي والبوذي لايمكنه معرفة الحرام والحلال لأنه لم يشرح الكتاب أي القرآن وبالتالي نُدرج مع هذه المقدِّمات كل من يتخد من دون الله وليًّا أو يؤمن ببعض الكتاب ولا يؤمن ببعض أي بمعنى آخر لا يَدِينونَ دِينَ الحَقِّ من الَّذينَ أُوتُوا الكِتَابَ ألسنا نحن من المخاطبين انْنا أيضا أوتينا الكتاب أي القران والشرح طويل جدا

17- وفقك الله
مهاب عبد الله - دبي 03-05-2012 08:01 AM

مقال علمي من الدرجة الأولى جزى الله شيخنا الحبيب كل الخير على ما نفعنا به من العلم

16- وفقكم الله
أحمد مصطفى الشناوي - مصر 28-04-2012 06:45 AM

أشكر الشيخ على البحث الماتع النافع وأتمنى له التوفيق

15- في انتظار المزيد
أبو عبد الرحمن - مصر 26-04-2012 06:48 AM

جزاكم الله شيخنا الكريم وبارك الله فيك
وفي انتظار المزيد من المقالات حول أحكام التعامل مع اليهود والنصارى بنفس هذا المنهج .

14- مفيد وممتع
حسين مدكور - مصر 24-04-2012 10:10 AM

بارك الله فيك شيخنا الحبيب أبو عبد الله الصارم.
المقال كما عودتنا رائع ومفيدوأسلوبه جميل وسهل ومرتب والحجج قوية ومقنعة.
نسأل الله ألا يحرمك أجره...

13- جزاكم الله خيرا
أم عبد الرحمن - الكويت 23-04-2012 11:29 PM

جزى الله الشيخ خيرًا وبارك له في علمه

12- الرد على القرضاوي
أبو معاذ المصري - مصر 23-04-2012 06:53 AM

مقال رائع ومفيد ويعتبر بحث قيم في موضوع الجزية وأعجبني أسلوب الشرح الجميل واستخدام الجداول الذي سهل لي الفهم واستيعاب الموضوع
كما أعجبني الرد على القرضاوي والشيخ محمد حسان بقولهم إن الضريبة تغني عن الجزية
والرد على بعض مرشحي الرئاسة القائلين بإلغاء الجزية
فهم لو قالوا هذا من باب السياسة فقد يقبل منهم لكن أن يقال ان هذا حكم الله والشرع فهذا غير مقبول.
جزاك الله خيرًا شيخنا الحبيب أبا عبد الله .

11- خالص التقدير
د/ حمدي سلطان - مصر 22-04-2012 11:48 AM

مقال جيد موضوعه مهم قل الحديث عنه وإظهار هذا اللون من الفقه مهم وضروري في هذا العصر
المادة العلمية للمقال متميزة والأسلوب جذاب ومرتب والنقولات موفقة.
المقارنات والمناقشات كانت تحتاج لمزيد من إيضاح الرأي المخالف وما يستند عليه لكن ربما الرغبة في الاختصار حالت دون ذلك.
شكري وتقديري وخالص احترامي للكاتب والألوكة.

10- تحية
محمد عبد المقصود - مصر 21-04-2012 01:24 PM

أحيي الكاتب على هذا البحث الرائع وعلى أسلوب العرض المختصر السهل وأرجو أن يتحفنا بالمزيد من الأبحاث في موضوعات النوازل الحديثة أيضًا

9- من باب التفاؤل
عبد العزيز السعد - الدمام 21-04-2012 03:20 AM

جزى الله كاتب المقال الخير وكما قال اننا في زمن ضعف لا يتكلم أحد عن الجزية والخراج وفقه الرقيق .
ورأيي أننا واجب علينا أن نتكلم ونتعلم مثل هذه الأمور من باب التفاؤل برجوعها .

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب