• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

التسعير في الفقه الإسلامي والأنظمة الوضعية

التسعير في الفقه الإسلامي والأنظمة الوضعية
ناصر إسماعيل بورورو

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/3/2012 ميلادي - 5/5/1433 هجري

الزيارات: 214444

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التسعير في الفقه الإسلامي والأنظمة الوضعية

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)


المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الشريعة الإسلامية منهج حياة للأفراد والمجتمعات، مهما اختلفت أعصارهم وأمصارهم، فقد جاءت بمبادئ عقدية، وتشريعات مدنية، ولم تترك مجالا من مجالات الحياة إلا وتناولته بالتقنين والتنظيم.

 

وإن من أهم مجالات الحياة التي أحكمت الشريعة تنظيمها مجال التعاملات الاقتصادية، وهو من أخطر المجالات في حياة الأفراد والمجتمعات. وقد اختلفت فيه رؤى الفلاسفة والمفكرين خاصة في العصر الحديث، فنتج عن ذلك الاختلاف بروز مذهبين بل معسكرين هما: الرأسمالية والاشتراكية.

 

ومن أهم محددات النظام الاقتصادي وعناصره قضية التسعير، وهي قضية عالجتها الشريعة الإسلامية في نصوصها العامة والخاصة، واختلفت بشأنها الرأسمالية والاشتراكية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:

ما هي نظرة الإسلام إلى قضية التسعير؟ وما هي نظرة الأنظمة الرأسمالية والاشتراكية إلى هذه القضية؟

 

وللإجابة عن هذه الإشكالية قسم الباحث الموضوع إلى خمسة مباحث، وكل مبحث إلى عدد من المطالب حسبما يقتضيه كل مبحث، فجاءت خطة البحث كالآتي:

المبحث الأول: مفهوم التسعير وصوره، تطرق فيه إلى تعريف التسعير لغة واصطلاحا، وبيان صور التسعير وحالاته.

 

أما المباحث الثاني والثالث والرابع فتطرق فيها الباحث إلى ثلاث حالات من حالات التسعير، وبين اختلاف الفقهاء في كل منها، وبين الأحكام والضوابط التفصيلية التي ذكرها الفقهاء لكل منها، وهذه الحالات هي: التسعير ابتداء، البيع بأقل من سعر السوق أو أكثر، التسعير على المحتكر.

 

أما المبحث الخامس فقد خصص لنظرة الأنظمة الرأسمالية والاشتراكية إلى التسعير، وكيفية تعاملها معه.

 

وفي الأخير أرجو الله تعالى أن يجعل هذا البحث عملا متقبلا، ويثيبني عليه ثواب طلب العلم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.

 

المبحث الأول: مفهوم التسعير وصوره:

يهدف هذا المبحث إلى توضيح مفهوم التسعير، وذلك ببيان تعريفه في اللغة والاصطلاح، ومن ثم ذكر أركان التسعير وصوره.

 

المطلب الأول: تعريف التسعير لغة:

مادة (سعر) لها في قواميس اللغة معان كثيرة منها:

1- التسعير: تقدير السعر، والسعر هو ما يقوم عليه الثمن أو هو واحد أسعار الطعام، وجمعه: أسعار، وسعّروا وأسعروا: اتفقوا على السعر.

 

2- سعَر، يسعَر، سعرا، وأسعر وسعّر النار: أوقدها أو هيجها، والسعير والساعورة: النار، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ﴾ [التكوير: 12]، وقال: ﴿ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا ﴾ [النساء:55].

 

3- سعَرت الحرب: هيجتها وألهبتها، ورجل مِسعر: تحمى به الحرب.

 

4- سعَرت الناقة فهي سَعور أو مسعورة: كأن بها جنونا من سرعتها، ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ﴾ [القمر: 24].

 

5- سَعَرت اليوم في حاجتي: طفت.

 

6- السُّعْرة: لون يضرب إلى السواد.

 

7- سَعَر القوم شرا وأسعرهم وسعّرهم: عمهم به[1].

 

المطلب الثاني: تعريفه عند الفقهاء:

اختلف الفقهاء في تعريف التسعير، وهذه بعض تعريفاتهم:

أ- عرفه البهوتي قائلا: "وهو أن يسعر الإمام أو نائبه على الناس سعرا ويجبرهم على التبايع به"[2].

 

ب- ابن عرفة المالكي: "حد التسعير تحديد حاكم السوق لبائع المأكول فيه قدرا للمبيع المعلوم بدرهم معلوم"[3].

 

ت- ابن قدامة: "هو أن يقدر السلطان أو نائبه سعرا للناس ويجبرهم على التبايع بما قدره"[4].

 

ث- الشوكاني: "هو أن يأمر السلطان –أو نوابه أو كل من ولي من أمور المسلمين أمرا- أهل السوق أن لا يبيعوا أمتعتهم إلا بسعر كذا، فيمنعوا من الزيادة عليه أو النقصان، لمصلحة"[5].

 

ج- الدريني: "هو أن يصدر موظف عام مختص بالوجه الشرعي أمرا بأن تباع السلع أو تبذل الأعمال أو المنافع التي تفيض عن حاجة أربابها وهي محتبسة أو مغالى في ثمنها أو أجرها على غير الوجه المعتاد والناس أو الحيوان أو الدولة في حاجة ماسة إليها، بثمن أو أجر معين عادل بمشورة أهل الخبرة"[6].

 

يمكن أن نستنتج من هذه التعاريف أركان التسعير وضوابطه كالتالي:

• المسعِّر: وهو الحاكم أو نائبه أو أي موظف يوكل إليه الحاكم مهمة التسعير، وأضاف الدريني قيدا هاما هو استشارة أهل الخبرة.

 

• المسعر عليهم: وهم أهل السوق فقط أو عامة الناس.

 

• المبيع المسعر: حصره ابن عرفة بالمأكول، وهو يشمل الأمتعة كلها عند الشوكاني، بل الأعمال والمنافع أيضا عند الدريني.

 

• شروط التسعير: انفرد الدريني بذكر شروط التسعير بأن تكون السلع أو المنافع أو الأعمال مما اشتدت حاجة الناس أو الحيوان أو الدولة إليها، واحتبسها أهلها مع عدم احتياجهم إليها. وكأن التسعير عنده لا يكون إلا في حالة الاحتكار مع أن الفقهاء ذكروا للتسعير وجوها عديدة سيأتي ذكرها.

 

وقد ذكر الفقهاء تفاصيل أخرى تتعلق بأركان التسعير، سنتعرض لها في المباحث المقبلة.

 

المطلب الثالث: صور التسعير:

إن المتتبع لكتب الفقهاء في هذه المسألة ليجد أنهم ذكروا للتسعير صورا عديدة، وقد يختلف الحكم باختلاف الصورة، وهذه الصور تتمثل فيما يلي:

1- التسعير ابتداءً أي من دون سبب.

 

2- التسعير على من باع أقل من سعر السوق أو أكثر.

 

3- التسعير على المحتكر أو بيع المنافع أو السلع التي يحتاجها الناس بثمن المثل.

 

4- التسعير في وقت الغلاء.

 

5- حصر البيع والشراء على جهة معينة.

 

وسنذكر أحكام الصور الثلاثة الأولى في المباحث المقبلة؛ لأنها الحالات الكبرى التي ترسم معالم الموضوع ورأي الفقهاء فيه.

 

المبحث الثاني: التسعير ابتداء وأحكامه:

تبين في المبحث السابق أن التسعير هو أن يحدد الحاكم للناس سعرا ويجبرهم على التبايع به، وتبين كذلك أن للتسعير صورا عدة، وفي هذا المبحث سنتناول بالدراسة الصورة الأولى، وهي التسعير ابتداء ومن دون سبب.

 

المطلب الأول: اختلاف الفقهاء في حكمه:

اتفق العلماء على منع التسعير إذا كان فيه ضرر للباعة بأن يؤمروا بالبيع بمثل ما اشتروا أو أقل، أما إذا حد لأهل السوق سعر لا يتجاوزونه فاختلفوا فيه:

1- المنع: ذهب إليه ابن عمر وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمد[7]، وبه قال الحنابلة[8] ومتقدمو الزيدية[9] ومالك في رواية ابن القاسم[10]، حيث يقول: "وأما أن يقول للناس يعني: لا تبيعوا إلا بسعر كذا فليس بالصواب"[11] وكذلك الشافعية، يقول زكريا الأنصاري: "ويحرم التسعير...ولو في وقت الغلاء"[12].

 

2-الكراهة: وهو مذهب الحنفية، يقول ابن عابدين: "قوله: ولا يسعر حاكم، أي يكره كما في الملتقى وغيره"[13].

 

3-الجواز: وبه قال ابن المسيب، وربيعة بن عبد الرحمن، ويحي بن سعيد الأنصاري،  ومالك في رواية أشهب[14] وذهب جماعة من متأخري الزيدية إلى جوازه فيما عدا قوت الآدمي والبهيمة[15].

 

المطلب الثاني: أدلة الفريقين:

استدل المانعون بما يلي:

1- قوله تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء:29]، وإلزام البائع بالتسعير مناف لهذه الآية.

 

2- عَنْ أَنَسٍ قال: "قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ غَلَا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ»[16].


وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ، فَقَالَ: بَلْ أَدْعُو، ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ، فَقَالَ: بَل اللَّهُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدِي مَظْلَمَةٌ"[17].

 

ووجه الدلالة من الحديث واضحة، فقد أبى -عليه السلام- أن يسعر رغم إلحاح الطلب عليه، بل واعتبره مظلمة، والظلم حرام.

 

3- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يحل مال امرئ إلا بطيب من نفسه» والتسعير على البائعين إجبار لهم على البيع بما لا تطيب به أنفسهم؛ فلا يجوز.

 

4- أن الملكية تقتضي حرية التصرف وإجبار الناس على البيع بثمن ما ينافي هذه الحرية.

 

5- "أَنَّ النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَالتَّسْعِيرُ حَجْرٌ عَلَيْهِمْ، وَالْإِمَامُ مَأْمُورٌ بِرِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ نَظَرُهُ فِي مَصْلَحَةِ الْمُشْتَرِي بِرُخْصِ الثَّمَنِ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ فِي مَصْلَحَةِ الْبَائِعِ بِتَوْفِيرِ الثَّمَنِ، وَإِذَا تَقَابَلَ الْأَمْرَانِ وَجَبَ تَمْكِينُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الِاجْتِهَادِ لِأَنْفُسِهِمْ"[18].

 

6- التسعير يؤدي إلى الغلاء، لأن الجالبين لا يعرضون سلعتهم في مكان يجبرون فيه على بيعها بثمن لا يرضونه، وكذا أهل السوق فإنهم يكتمون ما عندهم بسبب ذلك، فتقل السلع ويرتفع ثمنها، ويتضرر البائع والمشتري[19].

 

ورد المجوزون على هذا الاستدلال بأن الإمام لا يجبر أحدا على البيع بل يمنع البيع بغير الثمن المحدد رعاية لمصلحة البائع والمشتري.

 

واستدل المجوزون بالمصلحة التي تقتضي التدخل لمنع الباعة من إغلاء السعر على الناس فذلك إضرار بهم، فالتسعير مصلحة للطرفين البائع والمشتري.

 

المطلب الثالث: الأحكام التفصيلية:

ذكر الفقهاء لهذه الصورة ضوابط وأحكاما تفصيلية أخرى توضح الصورة وتدقق الحكم، هذه الأحكام هي:

1- كيفية التسعير:

يرى ابن حبيب أن على الإمام أن يجمع وجوه أهل السوق، ويحضر غيرهم معهم ليطمئن إلى صدقهم، فيسألهم بكم يشترون وبكم يبيعون، فيفاوضهم على سعر يرضونه ويكون في صالح المشترين، ولا يجبرهم على سعر لا يرضونه؛ لأنه إن فعل أخفوا أقواتهم وارتفعت الأسعار فيضر بالناس من حيث أراد رعاية مصلحتهم[20].

 

2- من يسعَّر عليهم:

ذهب المجوزون إلى أن التسعير يكون على أهل السوق، أما الجالبون فهم على نوعين:

• جالب القمح والشعير اللذان هما أصل الأقوات: فهذا لا يسعر عليه برضاه ولا بغير رضاه كما قال ابن حبيب.

 

• جالب المؤن الأخرى كالزيت والسمن واللحم والبقل والفواكه وما أشبه ذلك؛ فهذا كذلك لا يسعر عليه؛ لكن إذا استقر أمر السوق على سعر أمر أن يلحق به أو يخرج من السوق[21].

 

3- السلع المسعّرة:

لا يقع التسعير على القطن والبز، ولا على ما لا يكال ولا يوزن؛ لعدم التماثل فيه، قاله ابن حبيب[22].

 

4- حكم المخالف:

رغم أن الشافعية منعوا التسعير، إلا أنهم جوزوا للإمام –إذا سعر- أن يعزر المخالف؛ لما فيه من مجاهرة الإمام بالمخالفة، واختلفوا هل الحكم مفرع على جواز التسعير أو تحريمه[23].

 

5- حكم البيع بغير الثمن المسعر:

لو سعر الإمام وباع أحد بغير ما سعر، فإن البيع ينفذ، لأنه "لم يعهد الحجر على الشخص في ملكه أن يبيع بثمن معين، وقيل: لا يصح لأنه صار محجورا عليه لنوع مصلحة كما يحجر على المبذر"[24].

 

6- حكم البيع والشراء بالثمن المسعر:

كره الإمام أحمد البيع والشراء من مكان ألزم الناس بالبيع والشراء فيه، إلا إن اشترى ممن اشترى ممن ألزم بالبيع، أما إن هدد المشتري البائع المخالف للتسعير حرم عليه الشراء لأن الوعيد إكراه[25].

 

المبحث الثالث: البيع بأقل من سعر السوق أو أكثر:

إذا كان أهل السوق يبيعون السلعة بثمانية مثلا، فأراد أحدهم أن يبيع بعشرة أو ستة، فهل له ذلك؟ أم أنه يؤمر بالبيع بثمانية أو القيام من السوق؟

 

المطلب الأول: مذهب المجوزين وأدلتهم:

ذهب الإمام مالك إلى التسعير في هذه الصورة، حيث يقول: "لو أن رجلا أراد إفساد السوق فحط عن سعر الناس لرأيت أن يقال له: إما لحقت بسعر الناس وإما رفعت"[26].

 

هذا عن البيع أقل من سعر السوق فماذا عن الزيادة؟

اختلف أصحاب مالك في قوله: "من حَطَّ" ففسره البغداديون بالإنقاص، وفسره بعض البصريين بالزيادة، ورجح ابن القصار المالكي أنه يشملهما معا لأن المصلحة التي اقتضت منع الإنقاص وهي منع الشغب والخصومة موجودة كذلك في الزيادة[27].

 

وللبغداديين أن يستدلوا بما رواه ابن مزين عن عيسى بن دينار أن معنى أثر عمر بن الخطاب مع حاطب بن أبي بلتعة أن هذا الأخير كان يبيع دون سعر الناس فأمره عمر أن يبيع بسعر الناس أو يخرج من السوق[28].

 

والسعر المرجع في المسألة هو سعر جمهور أهل السوق وأغلبهم "فإن زاد في السعر واحد أو عدد يسير لم يؤمر الباقي باللحاق بسعره أو الامتناع من البيع"[29].

 

دليل مذهب مالك ما رواه في موطئه عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا لَهُ بِالسُّوقِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "إِمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي السِّعْرِ وَإِمَّا أَنْ تُرْفَعَ مِنْ سُوقِنَا"[30].

 

المطلب الثاني: مذهب المانعين وأدلتهم:

ذهب الحنابلة[31] والشافعية وابن حزم[32] إلى منع التسعير في هذه الصورة، واستدلوا بما يلي:

1- الأصل في المالك حرية التصرف وفي المعاوضة الرضا، قال تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء:29]، وقال تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ﴾ [البقرة:275].

 

2- روى الشافعي عن القاسم بن محمد أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبى بلتعة بسوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب فسأله عن سعرهما، فسعر له مدين بدرهم، فقال عمر: "لقد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا، وهم يعتبرون سعرك؛ فإما أن ترفع في السعر، وإما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت". فلما رجع عمر حاسب نفسه ثم أتى حاطبا في داره، فقال له: "إن الذي قلت لك ليس بعزيمة منى ولا قضاء؛ إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع"[33].

 

3- هذا قول صحابي ولا حجة في أحد دون رسول الله[34].

 

4- الأثر المروي في الموطأ لا يصح؛ لأن سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر بن الخطاب إلا نعيه النعمان بن مقرن[35].

 

5- لو صح الأثر لكان معنى قول عمر: "إما أن تزيد في السعر" أي: أن تبيع من المكاييل أكثر مما تبيع بهذا الثمن، بدليل رواية ابن حزم[36].

 

6- روى ابن حزم من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال: "وجد عمر -رضي الله عنه- حاطب بن أبى بلتعة يبيع الزبيب بالمدينة فقال: كيف تبيع يا حاطب؟ فقال مدين؛ فقال عمر: تبتاعون بأبوابنا وأفنيتنا وأسواقنا، تقطعون في رقابنا، ثم تبيعون كيف شئتم؟ بع صاعا وإلا فلا تبع في أسواقنا، وإلا فسيبوا في الأرض ثم اجلبوا ثم بيعوا كيف شئتم"[37].

 

7- أن الناس أحرار في أموالهم لا ينبغي إكراههم على بيعها بثمن ما إلا في وجوه ليس منها هذه الصورة[38].

 

8- لا ضرر في عدم التسعير في هذه الصورة؛ لأن لأهل السوق أن يرخصوا كما فعل صاحبهم، وإلا فكما لا يجبر أهل السوق على الإنقاص، لا يجبر المرخص على الإغلاء، فكلهم في حرية التصرف سواء. بل الضرر يتحقق حالة التسعير بأن يمنع الناس من شراء السلعة بثمن أرخص[39].

 

المطلب الثالث: الأحكام التفصيلية:

ضبط الفقهاء هذه الصورة بأحكام تفصيلية هي:

1- من يسعَّر عليهم من البائعين؟:

يمكن تقسيم البائعين إلى نوعين هما: أهل السوق والجلابون.

فأما أهل السوق فاتفق القائلون بالتسعير في هذه الصورة على انطباق الحكم عليهم.

 

وأما الجلابون فلا يمنعون من البيع بأقل من سعر السوق، كما في كتاب محمد، وذهب ابن حبيب إلى أن لهم حكم أهل السوق؛ فيمنعون من الحط عن سعر السوق؛ إلا في القمح والشعير فلا يمنعون؛ لكن يكون لهم في أنفسهم حكم السوق؛ إن أرخص بعض الجالبين عن غيرهم تركوا إن قل من حط السعر، وإن كثر المرخصون خير الباقون بين الحط من السعر أو الخروج من السوق[40].

 

ووجه ما في كتاب محمد أن أهل البلد محتاجون إلى ما يأتي به الجالب من الميرة التي لا تتوفر في البلد، فلا بد من التساهل معه، لئلا يتحول إلى بلدة أخرى فيقع الحرج والضيق، أما أهل السوق لا يبيعون إلا الأقوات المختصة ببلدتهم، ولا يقدرون عن العدول بها عنهم في الأغلب. وأما ابن حبيب فنظر إلى الضرر الذي ينتج عن الحط في السعر دون الالتفات إلى كون البائع جالبا أو من أهل السوق[41].

 

2- السلع التي يجري فيها التسعير:

يشترط في السلع التي يجري فيها التسعير في هذه الصورة ما يلي[42]:

• أن تكون مما يكال ويوزن؛ مأكولا كان أو غيره، كما قال ابن حبيب؛ لأن ما لا يكال ولا يوزن تختلف أعيانه اختلافا كبيرا، ولذلك يرجع فيها إلى القيمة لا إلى المثل.

 

• أن تكون متساوية في الجودة؛ لأن لها تأثيرا في السعر كالمقدار.

 

3- صفة التسعير: يجب على القائم بالسوق أن يعرف بكم يشتري الباعة، ويجعل لهم ربحا معقولا، وينهاهم أن يزيدوا عليه، ويتفقد السوق حتى لا يتفلت الباعة من الثمن المسعر.

 

4- حكم المخالف: يعاقب ويخرج من السوق[43].

 

المبحث الرابع: التسعير على المحتكر:

يتناول هذا المبحث حكم التسعير على المحتكر، سواء احتكر الأموال أم المنافع، والأدلة على ذلك الحكم.

 

المطلب الأول: حكم التسعير على المحتكر:

إذا احتاج الناس إلى سلع أو منافع وأبى أصحابها تقديمها أو إلا بغلاء فاحش، أجبروا على بيعه بثمن المثل، وهذا من التسعير؛ لأنه تحديد للثمن ومنع من رفعه، وهو نوعان[44]:

• التسعير في الأعمال: أن يحتاج الناس إلى أهل حرف معينة كالفلاحين أو الحدادين أو النجارين فيجبرون عليها بثمن المثل.

 

• التسعير في الأموال: أن يحتاج الناس إلى سلاح الجهاد وآلاته مثلا، فيجبر الباعة على ثمن المثل.

 

هذا الذي قاله الحنابلة[45] ابن تيمية وابن القيم وذهب إليه الحنفية؛ حيث يقول قاضي زاده: "فَإِنْ كَانَ أَرْبَابُ الطَّعَامِ يَتَحَكَّمُونَ وَيَتَعَدَّوْنَ عَنْ الْقِيمَةِ تَعَدِّيًا فَاحِشًا، وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ صِيَانَةِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا بِالتَّسْعِيرِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ بِمَشُورَةٍ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْبَصِيرَةِ"[46] والتعدي الفاحش عندهم هو البيع بضعف القيمة[47].

 

المطلب الثاني: الأدلة على حكم التسعير على المحتكر:

استدل الفقهاء على جواز التسعير على المحتكر بما يلي:

1- جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْد، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ»[48] أي إذا كان اثنان أو أكثر شركاء في عبد، وأراد أحدهم إعتاقه، قوم العبد بثمن المثل، ورجع الشريك أو الشركاء على المعتِق بقيمة نصيبهم، وليس لهم أن يساوموا فيه بنص الحديث.

 

وجه الدلالة من الحديث أن الشارع إذا كان "يوجب إخراج الشيء عن ملك مالكه بعوض المثل لمصلحة تكميل العتق، ولم يمكن المالك من المطالبة بالزيادة على القيمة، فكيف إذا كانت الحاجة بالناس إلى التملك أعظم، وهم إليها أضر؟"[49].

 

2- قياس الأولى على جزئيات فقهية كثيرة فيها إجبار الناس على البيع بثمن المثل لمصلحة الفرد فكيف إذا كانت الحاجة عامة والمصلحة للجماعة؟ ومن تلك الجزئيات:

• انتزاع الشقص المشفوع فيه من يد المشتري بالثمن الذي اشتراه به.

 

• بيع ما يحتاجه الحاج من آلات السفر وغيرها بثمن المثل.

 

3- أوجب الله تعالى الجهاد بالنفس والمال، فكيف لا يجب بذل مستلزمات الجهاد بثمن المثل؟

 

وردوا على من احتج بحديث أنس أو أبي هريرة على منع التسعير في هذه الحالة بأن الصورتين مختلفتان، أما غلاء الأسعار في الحديث فكان غلاء طبيعيا تبعا لقانون العرض والطلب، إذ قلت السلعة فكثر عليها الطلب فارتفع ثمنها، وهنا يحرم التسعير، والنبي –صلى الله عليه وسلم- لم يجد اضطرارا للناس لا محيد عنه. أما الصورة التي نحن فيها فهي الامتناع عن بيع ما الناس محتاجون إليه.

 

المطلب الثالث: الأحكام التفصيلية:

1- ما يجري فيه التسعير:

ذهب الحنفية إلى أن التسعير يكون في القوتين فقط، قوت البشر وقوت البهائم؛ لكن إن غالى غيرهم في الغلاء سعر عليهم بناء على قول أبي يوسف أن كل ما أضر بالعامة حبسه فهو احتكار[50].

 

2- حكم البيع والشراء بما سعره الإمام:

اختلف العلماء في التعاقد بالثمن المسعر، فذهب البعض إلى أن البيع لا يصح لأن البائع مكره، ولذا يجب على المشتري أن يقول للبائع: بعني بما شئت. وحكم الآخرون بصحة البيع لأن البائع غير مكره على البيع فله أن لا يبيع أصلا، فالإمام لم يأمره بالبيع، بل نهى عن الزيادة على الثمن المحدد "مثل ما قالوا فيمن صادره السلطان بمال، ولم يعين بيع ماله فصار يبيع أملاكه بنفسه ينفذ بيعه لأنه غير مكره على البيع"[51].

 

والقولان عند كل من الحنفية[52] والشافعية[53].

 

3- حكم من خالف التسعير المحدد:

ليس على القاضي أن ينقض البيع المخالف لما سعره عند الحنفية[54]. ولا يعجل القاضي أو السلطان بمعاقبة المخالف، بل ينهاه ويعظه، فإذا رفع إليه ثانيا هدده، فإذا رفع إليه بعد ذلك حبسه وهدده[55].

 

المبحث الخامس: التسعير في الأنظمة الرأسمالية والاشتراكية

تعرفنا في المباحث السابقة على رأي فقهاء المسلمين في قضية التسعير، أما في هذا المبحث فسنتعرف على كل رأي كل من النظامين الرأسمالي والاشتراكي.

 

المطلب الأول: في النظام الرأسمالي:

تخضع الأسعار في النظام الرأسمالي إلى قانون العرض والطلب في الأصل، لكن قد تضطر الدولة إلى التدخل في تحديد الأسعار، إما مباشرة بالتسعير الرسمي، وإما بطريق غير مباشر، وذلك بالتأثير في العرض والطلب.

 

أ- حالات التسعير الرسمي:

التسعير الرسمي هو أن تحدد الدولة أثمان السلع والخدمات ولا تسمح بتجاوزها ويكون في الحالات التالية:

1- عندما تمنح الحكومة حق الامتياز لإحدى الشركات؛ بأن تختص بتوزيع الماء أو الكهرباء مثلا، لأن المنافسة غير متوفرة فيضطرب قانون العرض والطلب.

 

2- أن يتخذ التسعير الرسمي وسيلة لحفظ النظام العام، كتحديد أجور النقل بواسطة السيارات والحافلات.

 

3- في حالة الغلاء تتدخل الدولة بتحديد الأسعار، وهذا ما يحصل كثيرا في حالات الحروب.

 

وهذا التسعير في الحالة الأولى والثانية ضروري لحماية المستهلكين وحفظ النظام، لكنه في الحالة الأخيرة لا يحقق الهدف منه، خاصة إذا كان الغلاء ناتجا عن قانون العرض والطلب، فقد يضر السعر المحدد بالمنتجين والتجار فيضطرون إلى إخفاء السلع أو التقليل من الإنتاج وربما التوقف عنه، فتقل السلعة ويرتفع ثمنها، ويلحق الضرر بالجميع.

 

ب- التأثير في العرض:

تتدخل الدولة لتقليل العرض عند انخفاض الأسعار متبعة جملة من الإجراءات منها:

1- فرض رسوم مرتفعة على استيراد السلعة، أو منع استيرادها تماما، أو تحديد حصص لما يستورد من دولة معينة خلال مدة محددة.

 

2- صرف إعانات لتصدير السلعة إلى الخارج لينقص المعروض منها في السوق الداخلية.

 

3- إذا كانت زيادة العرض ناتجة من زيادة الإنتاج الداخلي وليس من منافسة المنتجات الأجنبية، فإن الدولة تشتري الفائض وتحبسه عن السوق لتبيعه في سنة أخرى.

 

1- فرض رسوم جمركية مرتفعة على تصدير السلعة، أو حصره أو منعه إطلاقا.

 

2- الاستيلاء على السلعة إذا امتنع المنتجون أو البائعون عن عرضها في السوق.

 

3- بيع الدولة لتلك السلعة عن طريق عمالها بالثمن الذي ترتضيه.

 

4- استيراد السلعة من طرف الدولة كي يزيد عرضها.

 

ج- التأثير في الطلب:

يمكن للدولة أن تزيد في الطلب وذلك بتقرير منحة أو إعانة للصناعات التي تشتري سلعة معينة، أو بتسهيل الشراء للتجار الأجانب.

 

كما يمكن أن تنقص الطلب باستعمال الوسائل التالية:

1- تحديد الكمية التي يحق لكل شخص أن يستهلكها من السلعة؛ باستعمال نظام البطاقات.

 

2- تعيين يوم معين يمنع فيه استهلاك السلعة، كتحريم استهلاك اللحوم في أيام معينة، أو تحديد الأصناف التي يسمح لأصحاب المطاعم طهيها.

 

3- منع استهلاك بعض الأصناف الكمالية والمواد التي تضر بالصحة[56].

 

المطلب الثاني: في النظام الاشتراكي:

الأسعار في النظام الاشتراكي تحددها الدولة، آخذة بعين الاعتبار عوامل كثيرة، أهمها التكلفة الاسمية للسلعة، ومدى حاجة الناس إليها، وكذلك موقع البيع قربا وبعدا عن موقع الإنتاج.

 

والأصل في أسعار التجزئة أنها حاصل جمع النفقات في سلسلة الإنتاج، ويمكن توضيحها كالتالي:

النفقات

مثال (وحدة اصطلاحية)

التكلفة الاسمية

المواد الخام والوقود والطاقة الكهربائية

30

خصومات استهلاك المعدات

2

أجور الموظفين

15

مصروفات أخرى

3

نفقات التسويق وتدريب الكوادر والتأمين الاجتماعي

10

الربح المخطط للمصنع

5

الضريبة التجارية

20

نفقات تجارية

5

الربح المخطط للفرع

5

ربح المؤسسة التجارية

5

المجموع

100

 

وقد تحدد الدولة أسعارا متفاوتة تبعا لنفقات النقل والإنتاج، ففي الاتحاد السوفياتي مثلا تحدد الدولة نوعين من الأسعار:

• أسعار عامة تطبق في جميع أنحاء البلد؛ ويشمل السلع التي تختلف نفقات إنتاجها اختلافا يسيرا بين مناطق البلد، ويكلف نقلها قليلا، مثل الملابس الداخلية وأجهزة التصوير الفوتوغرافي والشاي والأحذية وغيرها.

 

• أسعار حسب المناطق؛ وتكون للسلع التي تكون تكلفة نقلها عالية مثل المواد الغذائية وبعض السلع الصناعية، فتحدد الدولة سعرا أدنى للمناطق القريبة من مراكز الإنتاج، وسعرا أعلى للمناطق التي تجلب إليها السلعة، وسعرا أقصى للمناطق النائية.

 

وتراعي الدولة في تحديد الأسعار أهمية السلعة وحاجة الناس إليها، ولذلك قد تتحمل خسائر كبيرة بسبب تحديد سعر أقل بقليل أو بكثير من التكلفة الاسمية لبعض المواد الاستهلاكية، مثل الألبان ومشتقاتها والألبسة والأحذية والأدوية ومستلزمات الدراسة ولعب الأطفال. كما قد تحدد ربحا كبيرا لبعض المواد مثل الحلي فيكون سعرها أكبر بكثير من نفقات الإنتاج[57].

 

الخاتمة:

بعد أن تجولنا في رحاب هذا البحث، ودخلنا مباحثه الخمسة، نأتي إلى إبراز أهم ما انتهى إليه البحث من نتائج، وهي:

1- التسعير هو: أن يقدر السلطان أو نائبه ثمنا للناس ويجبرهم على التبايع به، من أجل تحقيق مصلحة البائع والمشتري.

 

2- ذهب جمهور العلماء إلى منع التسعير على الناس ابتداء من دون سبب، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- رفض أن يسعر للناس رغم إلحاح بعضهم عليه، ولأن فيه نقضا لحرية التصرف والتعاقد التي ضمنها الشرع.

 

3- يرى الإمام مالك أن من باع أقل من سعر السوق أو أكثر، فإنه يؤمر بالرجوع إلى سعر السوق، وإلا أخرج منه، لئلا يلحق الضرر بالبائعين الآخرين، لكن جمهور الفقهاء خالفوه في ذلك.

 

4- ذهب جمهور العلماء إلى أن التسعير على المحتكر جائز؛ بل قد يكون واجبا، والمراد بالمحتكر هنا مانع السلع والمنافع التي يحتاج الناس إليها، فيجبرون على بيعها بثمن المثل.

 

5- يرى النظام الرأسمالي أن الأسعار يجب أن تخضع إلى قانون العرض والطلب، لكن يمكن أن تؤثر الدولة في العرض والطلب بفرض بعض الرسوم مثلا، تحقيقا لمصلحة الشعب، ولمصلحة الاقتصاد الوطني.

 

6- الأسعار في النظام الاشتراكي خاضعة خضوعا تاما لسلطة الدولة، فهي التي تقرر الأسعار كلها، وتراعي في ذلك مصلحة الأفراد، وقد تبيع السلعة بأقل من تكلفتها رغم ما في ذلك من الخسارة، تحقيقا لمصلحة الشعب.

 

هذه نتائج هذا الباحث، أرجو أن أكون قد وفقت إلى معالجته بعمق، وعرضه بأسلوب سلس، والله المستعان، وعليه التكلان، والحمد لله رب العالمين.

 

المصادر والمراجع:

1- الباجي، سليمان بن خلف، المنتقى شرح الموطأ، تح: محمد عبد القادر أحمد عطا، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1420هـ/1999م.

 

2- البهوتي، منصور بن يونس، كشاف القناع عن متن الإقناع، تح: إبراهيم أحمد عبد الحميد، دار عالم الكتب، الرياض، 1423هـ/2003م.

 

3- جاد، جابر، والجبلي، عبد الرحمان، الاقتصاد السياسي، ط2، مطبعة دار المعارف، بغداد، 1951.

 

4- ابن حزم، علي بن أحمد، المحلى شرح المجلى بالحجج والآثار، تح: لجنة إحياء التراث العربي، دار الجيل، ودار الآفاق الجديدة، بيروت لبنان.

 

5- الدريني، محمد فتحي، بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1414هـ/1994م.

 

6- ابن رشد، أبو الوليد، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة، تحقيق: أحمد الحبابي، ط2، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، 1408هـ/ 1988م.

 

7- زكريا الأنصاري، أبو يحي، أسنى المطالب شرح روض الطالب، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1422هـ/2001م.

 

8- الشوكاني، محمد بن علي، نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، تح: رائد بن صبري، بيت الأفكار الدولية، لبنان، 2005م.

 

9- الطوري، محمد بن حسين، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1418هـ/1997م.

 

10- ابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار، تح: عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض، دار عالم الكتب، الرياض، 1423هـ/2003م.

 

11- قاضي زاده، أحمد بن قدور، نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار، علق عليه وخرج أحاديثه: عبد الرزاق غالب المهدي، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1424هـ/ 2003م.

 

12- ابن قدامة، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد، المغني، تح: د. عبد الله عبد المحسن التركي ود.عبد الفتاح محمد الحلو، دار عالم الكتب، الرياض، ط3، 1417هـ/ 1997م.

 

13- ابن قيم الجوزية، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، تح: نايف بن أحمد الحمد، دار عالم الفوائد.

 

14- كوليسوف، نيقولاي، الاقتصاد السياسي الاشتراكي، وكالة نوفوستي، موسكو، 1985م.

 

15- المزني، مختصر المزني، تحقيق وتعليق: حسين عبد الحميد نيل، دار الأرقم بن أبي الأرقم، بيروت، لبنان، [دت].

 

16- النووي، يحي بن شرف، روضة الطالبين وعمدة المفتين، تح: د. خليل مأمون شيحا، ط1، دار المعرفة، بيروت، لبنان، 1427هـ/2006م.



[1] ابن منظور، لسان العرب؛ الجوهري، الصحاح في اللغة، مادة (سعر).

[2] البهوتي، كشاف القناع، ص1417.

[3]- المجيدي، التيسير في أحكام التسعير، ص41، تح: موسى لقبال، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، نقلا عن الدريني، بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، ج1، ص536.

[4] المغني، ج6، ص312.

[5] نيل الأوطار، ص1025.

[6] بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، ج1، ص542.

[7] الباجي، المنتقى، ج6، ص351.

[8] كشاف القناع، ص1417.

[9] الشوكاني، نيل الأوطار، ص1025.

[10] التيسير في أحكام التسعير: 48 و53 نقلا عن الدريني: 547. والباجي، المنتقى، ج6، ص351؛ لكن لم يذكر أنه من رواية ابن القاسم.

[11] ابن رشد، البيان والتحصيل، ج9، ص313؛ ابن القيم، الطرق الحكمية، ج2، ص 661.

[12] زكريا الأنصاري، أسنى المطالب، 4ج، ص93. وانظر: النووي، روضة الطالبين، ج2، ص50.

[13] رد المحتار، ج9، ص 573.

[14] الباجي، المنتقى، ج6، ص351؛ الطرق الحكمية، ج2، ص668.

[15] الشوكاني، نيل الأوطار، ص1025.

[16] رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد.

[17] رواه أبو داود والبيهقي وأحمد.

[18] الشوكاني، نيل الأوطار، ص1025.

[19] ابن قدامة، المغني، ج6، ص312.

[20] الباجي، المنتقى، ج6، ص351،352.

[21] الباجي، المنتقى، ج6، ص352.

[22] المصدر السابق، ص352.

[23] زكريا الأنصاري، أسنى المطالب، ج4، ص94. وانظر: النووي، روضة الطالبين، ج2، ص50.

[24] المصدرين السابقين.

[25] كشاف القناع، ص1417.

[26] ابن رشد، البيان والتحصيل، ج9، ص313؛ الطرق الحكمية، ج2، ص661.

[27] الطرق الحكمية، ج2، ص665،666.

[28] الباجي، المنتقى، ج6، ص349.

[29] المصدر السابق، ج6، ص349.

[30] مالك، الموطأ، كتاب البيوع، باب الحكرة والتربص، رقم: 1164.

[31] ابن قدامة، المغني، ج6، ص311،312.

[32] ابن حزم، المحلى، ج9، ص40،41.

[33] مختصر المزني، ص145.

[34] ابن حزم، المحلى، ج9، ص40،41.

[35] المصدر السابق.

[36] المصدر السابق.

[37] المصدر السابق، ج9، ص40،41.

[38] مختصر المزني، ص145.

[39] ابن حزم، المحلى، ج9، ص40،41.

[40] الباجي، المنتقى، ج6، ص350؛ ابن القيم، الطرق الحكمية، ج2، ص666.

[41] الباجي، المنتقى، ج6، ص350.

[42] الباجي، المنتقى، ج6، ص350،351؛ ابن القيم، الطرق الحكمية، ج2، ص666، 667.

[43] ابن القيم، الطرق الحكمية، ص662، 663.

[44] الطرق الحكمية، ج2، ص658.

[45] كشاف القناع، ص1417.

[46] نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار، ج10، ص70.

[47] البحر الرائق، ج8، ص371؛ ابن عابدين، رد المحتار، ج9، ص573.

[48] متفق عليه.

[49] الطرق الحكمية، ص671.

[50] ابن عابدين، رد المحتار، ج9، ص754.

[51] ابن عابدين، رد المحتار، ج9، ص573.

[52] البحر الرائق، ج8، ص371. وابن عابدين، رد المحتار، ج9، ص573.

[53] زكريا الأنصاري، أسنى المطالب، ج4، ص94.

[54] قاضي زاده، نتائج الأفكار، ج10، ص70؛ البحر الرائق، ج8، ص371.

[55] البحر الرائق، ج8، ص371.

[56] د. جابر جاد، ود. عبد الرحمان الجبلي، الاقتصاد السياسي، ص 142 وما بعدها.

[57] كوليوسوف، نيقولاي، الاقتصاد السياسي الاشتراكي، ص 119-127.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البيئة بين القانون الوضعي والشريعة الإسلامية

مختارات من الشبكة

  • رسالة في حكم التسعير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التسعير والاحتكار (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التسعير والاحتكار(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • التسعير والاحتكار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قاعدة: الدين الإسلامي هو الصلاح المطلق، ولا سبيل إلى صلاح البشر الصلاح الحقيقي إلا بالدين الإسلامي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نيوزيلندا: اليوم الإسلامي المفتوح يعرض الوجه الإسلامي المشرق(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألمانيا: المجلس الإسلامي يسعى للمشاركة في تدريس الدين الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألمانيا: الاتحاد الإسلامي التركي يسعى لتوسيع حصص الدين الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • كازاخستان: تغيير اسم "منظمة المؤتمر الإسلامي" إلى "منظمة التعاون الإسلامي"(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المؤتمر الإسلامي لوزراء الطفولة يعتمد مشروع إنشاء منتدى لأطفال العالم الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
1- العودة إلى الأصل فضيلة
السعيد - الجزائر 08-11-2013 10:46 PM

في البداية أود شكر صاحب المقال الرائع السيد ناصر إسماعيل بورورو والقائمين على هذا المنتدى الكريم بصفة عامة.
من خلال هذا المقال يتضح لنا رحمة ووسطية النظام الإسلامي في كل الأمور المتعلقة بديننا ودنيانا فلا تفريط ولا افراط لذا وجب على بلداننا العربية والإسلامية عامة أن تطبق وتبعث هذا النظام الاقتصادي الإسلامي من جديد وتثبت أنه هو الحل لكل الأزمات الحالية والمستقبلية للأنظمة الإقتصادية الوضعية بدل تهميشه وتقزيمه....

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب