• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

مسافرون على متن الخطوط

مسافرون على متن الخطوط
أبو سليمان المختار بن العربي مؤمن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/3/2012 ميلادي - 25/4/1433 هجري

الزيارات: 44726

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسافرون على متن الخطوط

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي سخَّر لنا ما في السموات وما في الأرض، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنه، والصلاة والسلام على من بعثه الله بالهدى ودين الحق، فبين لنما طريق الهدى، وأرشدنا إلى كل ما فيه صلاح ديننا ودنيانا، ورضي الله عن صحابته الأخيار وأزواجه الأطهار وآل بيته الأبرار.

 

وبعد:

إن الله تعالى خلق الإنسان ليكون خليفة في الأرض فيعمرها، وذلل له مخلوقاته ليستعين بها على تحقيق مصالحه الدنيوية والأخروية، من ذلك خلقه لأنواع من الدواب ليركبها، وهداه لصناعة المراكب من سفن وطائرات ليمتطيها فكانت هذه المراكب القديمة والحديثة نعمة من الله مدخرة، وآية للبشرية مسخرة امتن الله بها على عباده ليشكروه فقال سبحانه: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ﴾ [يس: 41، 42]، وقال سبحانه: ﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾  [يس: 72-73]، وقال جل في علاه: ﴿ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 7-8].

 

وإنّ وسائل النّقل الحديثة والتي تتمثل في الطائرات التجارية والحربية وغيرها لها أحكام تخصّها، وربما تختلف فيها مع غيرها من المركبات الأرضية والسفن المائية، ولذلك إرتأينا تقديم بعض الأحكام المهمّة التي تتعلّق بالمسافرين على متن الخطوط الجوية، لا سيما وقد وجدنا كثيرا من الملاّحين والمضيفين والمسافرين يجهلون أحكام الصّلاة وما يتعلّق بها، والصيام وما ينوط به، والأطعمة وما تحويه من حلال أو حرام دون الالتفات لشرعهم.

 

أول طيران في العالم معجزة ربانية لنبي الله سليمان عليه السلام:

لقد دعا نبي الله سليمان عليه السلام ربه أن يهبه ملكا خاصا به فاستجاب الله دعائه وسخر له الجن والإنس وسائر الحيوانات والطيور، وزاده أن جعل الريح طيّعة سهلة تحت إشارته، تأتمر بأمره، وتتوقف عند طلبه، وسجل القرءان الكريم تلك المعجزة الخالدة التي تعبر عن تسخير الله ما يشاء لمن يشاء، وعن أول طيران فيما نعلم إعجازا ودلالة [1]، فقال تعالى: ﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ﴾ [ص: 36]، أي: رخوة هينة لينة حيث أراد، فكان يأمرها فتأتي ويبسط عليها بساطه، ويحمل ما أراد، ثم يأمرها لتنطلق حيث شاء، وليس هذا فحسب بل إنها تقطع به المسافات الطويلة التي يقطعها الراكب السريع شهرا اثناء الغدو وهو صدر النهار، ومثل ذلك عشيا، قال سبحانه  ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ﴾ [سبأ: 12]، قال الطبري: "وسخرنا لسليمان الريح، غدوها إلى انتصاف النهار مسيرة شهر، ورواحها من انتصاف النهار إلى الليل مسيرة شهر"[2]. قال ابن كثير: لما ذكر تعالى ما أنعم به على داود، عطف بذكر ما أعطى ابنه سليمان، من تسخير الريح له تحمل بساطه، غدوها شهر ورواحها شهر.

 

قال الحسن البصري: كان يغدو على بساطه من دمشق فينزل بإصطخر يتغذّى، بها، ويذهب رائحا من إصطخر فيبيت بكابل، وبين دمشق وإصطخر شهر كامل للمسرع، وبين إصطخر وكابل شهر كامل للمسرع "[3]، ويخلق ما لاتعلمون:

لما ذكر الله جل وعلا وسائل النقل التي سخرها للإنسان وامتنّ عليه بما يخفف المشقة ويريح من المتاعب الجمّة، عقب بعد ذلك بأن هناك مخلوقات أخرى لا يعلمها إلا هو ستزيد من راحته وبلوغ أربه فقال: ﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 8].

 

يقول سيد رحمه الله تعالى: "يعقب بها على خلق الأنعام للأكل والحمل والجمال، وخلق الخيل والبغال والحمير للركوب والزينة.. ليظل المجال مفتوحاً في التصور البشري لتقبل أنماط جديدة من أدوات الحمل والنقل والركوب والزينة، فلا يغلق تصورهم خارج حدود البيئة، وخارج حدود الزمان الذي يظلهم. فوراء الموجود في كل مكان وزمان صور أخرى، يريد الله للناس أن يتوقعوا فيتسع تصورهم وإدراكهم، ويريد لهم أن يأنسوا بها حين توجد أو حين تكشف فلا يعادوها ولا يجمدوا دون استخدامها والانتفاع بها. ولا يقولوا: إنما استخدم آباؤنا الأنعام والخيل والبغال والحمير فلا نستخدم سواها... ولقد جدت وسائل للحمل والنقل والركوب والزينة لم يعلمها أهل ذلك الزمان. وستجد وسائل أخرى لا يعلمها أهل هذا الزمان. والقرآن يهيِّئ لها القلوب والأذهان، بلا جمود ولا تحجر  ﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 8] [4].

 

ولقد ظلّت البشرية ردحا من الزّمن تمتطي صهوات الخيول، وظهور الإبل، وغيرها من الدواب التي سخرها الله جل وعلا لخلقه، لحمل أثقالهم وقطع المسافات الطويلة والقصيرة، وهدى الخالقُ الإنسان لصناعة السفن فأتقن صناعتها، وتفنن في تنويع الجواري في البحر، فطاع بين يديه البحر بعد البر، وبعد طول الزمان راح البشر يفكرون فيما يحملهم على متن الهواء، ويطير بهم كالطّير صافّات ويقبضن بين الأرض والسّماء، ويخاطب الباري الجن والإنس أن يستعملوا العلم في اكتشاف مكنونات الكون وتسخيره ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾ [الرحمن: 33]، فإذا بالفكرة تلوح والتجارب تترا في محاولة غير يائسة للطيران وتقليد ذوات الأجنحة، فكانت أوّل محاولة للطّيران من مسلم وهو العالم الأندلسى (عباس بن فرناس) فسقط ومات، وقيل تأثر من ظهره بعد أن حلق من أعالي جبل، فكانت محاولة سطرت أنّ الهمم العالية لا ترضى بالسّفول.

 

ثم كانت الفكرة الجادة والمثمرة بعد ذلك في اختراع الطائرة على يدي الأخوين رايت الأمريكيين، في 17 ديسمبر 1903م، ومن يومها صار للبشرية تحليق في الأجواء، فكانت أوّل رحلة للأشخاص سنة 1914م في الولايات الأمريكية، ثم توالت الرّحلات، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، بل غزا الإنسان الفضاء، ولما كان المسلمون من رواد الأجواء في الطائرات كغيرهم من البشرية، كان لزاما على المسلم المسافر أن يلُمّ بأطراف من الأحكام الفقهية التي يحتاجها في وجهته تلك.

 

أريد أن أسافر فبأيّ شيء أبدأ؟:

السفر قطعة من العذاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم [5]، وإن أول ما يفكر الإنسان في السفر حتى تتوارد عليه كثير من الهموم والتساؤلات حول وجهته وأي خطوط سيسلكها، والمسلم لن يعدم ربًّا يستخيره فيهديه، و الاستخارة هي طلب الخِيَرَةِ من الله أن يختار لك ما فيه خير الأمرين، وأيسر السّبيلين، وهو السّفر أو البقاء، وأيّ الخطوط تحبّ الرحلة على متنها، وما خاب مَنِ استخارَ سيّدَه ومولاَهُ، واتَّبَع سنَّة نبِيِّه صلى الله عليه وسلم وهُدَاهُ، وهي من أسباب جلب السّعادة ودفع الشّقاوة، كما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: « مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللَّهَ وَمِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ رِضَاهُ بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللَّهِ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ »[6]؛ وقال جابر رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَقُولُ:

 

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَعِينُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي، وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -(أي خروجي إلى هذه الرحلة مثلا وتذكرها باسمها)، أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي، وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، -(أي خروجي إلى هذه الرحلة مثلا وتذكرها باسمها) أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ. قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ » [7].

 

متى يبدأ المسافر قصر الصلاة؟ هل من المطار أم عند استقلاله الطائرة؟:

الصلاة خير موضوع يشغل به المسلم نفسه في الحضر والسفر، وبالصلاة يستعان على قضاء الحوائج والأوطار ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا ﴾ [البقرة: 153]...، وقد بين الشرع الحنيف كيفية أداء الصلاة سفرا وحضرا، صحة ومرضا، سلما وحربا، ولذلك يجب على المسلم أن يتأهب للصلاة بمعرفة أوقاتها وشروطها، لاسيما إذا كان مسافرا ودخل عليه الوقت.

 

وقد نصّ العلماء على أن القصر لا يشرع قبل مغادرة حدود المدينة أو القرية التي يسكن فيها من أراد السّفر، وبناء عليه قال الفقهاء المعاصرون إن المطار إذا كان داخل المدينة فإنّه لا يجوز قصر الصّلاة، وأما إذا كان منفصلا في أطراف المدينة جاز الجمع والقصر، وبذلك أفتت اللجنة الدّائمة على سؤال وجه إليها:

إذا كان المطار خارج المدينة فلكم الجمع بين الصلاتين والقصر، لأنها بدأت في حقكم رخص السفر، أما إذا كان المطار داخل المدينة فإنه لا يجوز الترخص برخص السفر حتى تقلع الطائرة وتغادر المدينة. انتهى[8].

 

هل يجوز للمسافر أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير داخل المطار؟:

لابد أن يفرّق المسافر بين مسألتي الجمع والقصر، فإن الجمع بين الصلاتين يجوز في الحضر والسفر، والقصر لا يجوز إلّا لمن كان مسافرا مسافة قصر.

 

"ولأنّ الجمع سببه الحاجة والعذر فإذا احتاج إليه جمع في السفر القصير والطويل وكذلك الجمع للمطر ونحوه وللمرض ونحوه ولغير ذلك من الأسباب فإن المقصود به رفع الحرج عن الأمّة "[9].

 

وعليه فإن المسافر الذي يخشى خروج وقت الصلاة الثانية من الظهرين (وهي العصر)، أو العشائين (وهي العشاء) قبل وصوله إلى الجهة التي يقصدها فإنه يجوز له الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم بعد دخول صلاة الظهر في المطار، وكذلك الجمع بين المغرب والعشاء بعد دخول وقت صلاة المغرب، كما في صحيح مسلم عن ابن عباس قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. بالمدينة في غير خوف، ولا مطر. في حديث وكيع: قال: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته. انتهى.[10]

 

ولا يجوز للمسافر ولا لغيره تقديم الصّلاة قبل دخول وقتها كأن يصلّي الظّهر قبل الزّوال، أو المغرب قبل مغيب قرص الشمس، وهذا يفعله كثير ممن يجهل أوقات الصلاة، وسنبينها أوقات الصلاة وحدودها حتى تكون على بينة من عبادتك أخي المسلم.

 

دعاء ركوب الطائرة:

إذا ركبت الطائرة أيّها المسلم فإنّه يسنّ لك أن تدعو بما كان يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على راحلته، فهي سنّة عامّة في كلّ مركوب، رجاء أن يبلغ المسافر المنى، ويسبغ عليه نعمته، ويحفظه الله من كل ما يكدر رحلته، نعم أخي الحبيب فعليك بالأدعية المشروعة الواردة في ذلك فعن ابْنَ عُمَرَرضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ: كَبَّرَ ثَلاَثًا، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ؛ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِى سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِى السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِى الأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِى الْمَالِ وَالأَهْلِ » وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ، وَزَادَ فِيهِنَّ:«آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»[11].

 

ويسن إذا أقلعت الطائرة مرتفعة أن يكبّر الله عز وجل، وإذا كانت في حالة النزول أن يسبح الله عز وجل، فعن أنس رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد أكمة، أو نشزا [12]، قال: اللّهمّ لك الشّرف على كلّ شرف، ولك الحمد على كلّ حمد »؛ وفي رواية: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا علا نشزا من الأرض، قال: اللّهمّ لك الشّرف على كلّ شرف، ولك الحمد على كلّ حال » [13].

 

وفي رواية: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يريد سفرا ليودعه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أوصيك بتقوى الله، والتكبير على كل شرف، فلما ولّى، قال: اللّهمّ اطْوِ لهُ البَعيد، وَهوِّن عليه السّفر » [14].

 

مسائل ضرورية في الطهارة:

الاستنجاء والاستجمار في حمامات الطائرة: قد يحتاج المسافر إلى دخول الحمام أثناء رحلته بالطائرة، ولكنه قد يفاجأ وهو داخل الخلاء بضيق الحمام وكيف يستنجي بالماء وقد اعتاده، ولكن الأمر يسير فإنّ الاستنجاء بالماء لإزالة النجاسة هو الأفضل، ومع ذلك يجوز الاستجمار بالأوراق والمناديل ونحوهما حتى ولو وجد الماء، وكيفية التطهير أن ينقي محلّ الخبث من القبل أو الدبر، ويشترط في ذلك أن لا يقلّ المسح عن ثلاث مسحات، وألاّ يستجمر بما هو منهي عنه من الطعام وغيره، وألا يكون الخارج من أحد السبيلين قد انتشر انتشارا فاحشا يحتاج إلى الماء.

 

والأفضل أن يجمع بينهما، لأنه الأكمل في الإنقاء.

 

كيفية طهارة الحائض والمحتلم:

قد تطهر الحائض وهي أثناء السفر بالطائرة ويضيق عنها وقت الصّلاة، أو يحتلم المسافر وهذا أمر قد يقع لاسيما في الطّائرات التي بها أسرّة مريحة ينام عليها أصحاب الرّحلات الطويلة، فما العمل؟:

بما أنّ الطائرات لا يسمح فيها بالاغتسال لاسيما أصحاب الدرجات السياحية فإنه يجوز للحائض والمحتلم أن يتيمما إذا كان معهما تراب أو حجارة وذلك بأن يضرب بيديه على التراب أو الفراش إن كان عليه غبار فيمسح وجهه كاملا ثم يمسح اليدين بعضهما ببعض إلى الكوعين؛ فإن لم يوجد فإنه يضرب على فراش الطائرة إن كان بذلك غبار، فإن لم يكن وخشيا خروج الوقت صليَّا على غير طهارة، فإذا قدرا على الطّهر بعد ذلك تطهرا.

 

والصلاة في حقّ من فقد الماء والتيمم واجبة إذا ظنّ خروج الوقت قبل هبوطه للبلد الذي يقصده فيصلّي في الطائرة فاقد الطّهورين ولا حرج في ذلك.

 

ماذا يفعل من دخل حمام الطائرة وتنجست ثيابه؟

يعمد بعض الناس إذا دخلوا إلى حمام الطائرة إلى البول واقفين فينجسّوا جدران الحمام، وقد يظهر ذلك، وقد لا يفطن له، فإذا كان ظاهرا رطبا ولامس الثوب وجب غسل مالامسه وإزالة عين النجاسة من ثوبه، وذلك بغسل البقعة المراد تطهيرها.

 

وإذا لم يتمكن من إزالتها ولم يجد ثوبا طاهرا فإنه يصلي في الثوب النجس إذا خشي خروج الوقت قبل نزوله وتمكنه من إزالة النجاسة، ولا إعادة عليه، لقول الله تعالى: ﴿ فاتقوا الله ما استطعتم ﴾[التغابن:16].[15].

 

حكم المسح على الجورب والخف:

المسح على الخفين أو ما ينوب عنهما رخصة من الشارع الحكيم تخفيفا وتيسيرا على أمة الإسلام، فمن كان لابسا لهما فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل الرجل، ولكن بشرط أن يكون قد لبسهما على طهارة كاملة وذلك لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال:إن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، فأهويت لأنزع خفيه فقال: « دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين » فمسح عليهما [16].

 

وقد بين الفقهاء شروط المسح على الخفين وهي:

1- أن يكون لابسا لهما على طهارة كاملة لحديث المغيرة المتقدم.

 

2- أن يكون الخفان أو الجوربان الطاهرين فإن كان بهما نجاسة فلا يصح المسح عليهما.

 

3- أن يكون المسح عليهما في الحدث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل.ودليل ذلك حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نخلع خفافنا ثلاثا إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم » [17].

 

4- أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعا وهو يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر لحديث علي رضي الله عنه قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم للمقيم يوما وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن – يعني في المسح على الخفين ".[18]

 

هل يصح المسح على الحذاء (الجوتي)؟

تختلف الأحذية عن الخفين في كون أغلبها لا تجاوز الكعبين، وبما أن الحذاء القصير لا يغطي محلّ المسح كاملا فإنه لا يجوز المسح عليه، أّما إذا غطى العضو كاملا إلى الكعبين، ولُبِسَ على طهارة كاملة، فإنه يجوز المسح عليه ولكن متى خلع حذاءه وجب عليه عند إرادة الوضوء غسل رجليه لا المسح على الحذاء[19].

 

معرفة أوقات الصلوات في الطائرة:

قال تعالى: ﴿ إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتا ﴾ [20]، وعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: « أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟، قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟، قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟، قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي » رواه البخاري(527)، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أمّنِي جبريل عليه السلام عند البيت مرّتين، فصلّى بي الظّهر حين زالت الشّمس وكانت قدر الشّراك، وصلّى بي العصر حين كان ظلّه مثله، وصلّى بي - يعني المغرب - حين أفطر الصائم، وصلّى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلّى بي الفجر حين حَرُم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلّى بي الظّهر حين كان ظلّه مثله، وصلّى بي العصر حين كان ظلّه مثليه، وصلّى بي المغرب حين أفطر الصّائم، وصلّى بي العشاء إلى ثلث اللّيل، وصلّى بي الفجر فأسفر، ثم التفت إليّ فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين. رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي[21]. فلذلك يجب على كلّ مسلم مسافر أو غير مسافر، معرفة أوقات الصّلوات وإليك أوقاتها:

 

وقت صلاة الفجر:

الفجر: فجران:كاذب وصادق، أمّا الكاذب فلا تلتفت إليه ويأتي خطّاً أبيض عموديّا، وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ " ذَنَبُ السِّرْحَانِ " فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِي أَعْلَى السَّمَاء ثُمَّ يَنْخَفِضُ، وأما الفجر الصادق فهو أول ظهور ضوء الشمس السابق لها. ثم ينتشر حتى يعمّ الأفق جميعَه، ويصعد إلى السماء منتشراً، وفيه يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود ويكون أعلى قرص الشمس تحت خطّ الأفق بـ 18 درجة تقريباً، حوالي ساعة وعشرين دقيقة بين طلوع الفجر وطلوع الشمس.

 

ووقت الصّلاة مابين طلوع الفجر إلى أوّل ظهور لقرص الشّمس.

 

وقت صلاة الظهر:

ويبدأ عندما تزول الشّمس عن وسط السّماء ذاهبةً إلى جهة الغروب، ويمتدّ وقت الظّهر إلى أوّل دخول وقت العصر، ثمّ يدخل الوقت الضّروري للظّهر، والاختياري للعصر.

 

ومعنى: الاختياري أنّك مخيّر في أداء الصلاة في أوّل الوقت، أووسطه، أو آخره، ومعنى الضّروري: هو فعل الصّلاة خارج الاختياري، وهو لأصحاب الضّرورات كامرأة كانت حائضا ثم طهُرَتْ وَجَبَ عليها صلاة الظهر، ومُغْمًى عليه أفاق في الوقت الضّروري تعيّن عليه أداؤها وقت إفاقته.



وقت صلاة العصر:

ويبدأ عندما يكون ظلّ كلّ شيء مثله - أي أنّ أَيَّ جِسْمٍ قائم على الأرض ومتعامداً عليها بحيث يكون الظلّ مساوٍ لطول ذلك الشّيء -، ويمتدّ إلى وقت اصفرار أشعة الشمس على الجدران، ثم يبدأ ضروري العصر إلى مغيب الشّمس.

 

وقت صلاة المغرب:

يبدأ بعد مغيب جميع قرص الشّمس تحت خط الأفق، ويمتدّ إلى مغيب الشّفق وهو الحمرة المنتشرة في الأفق بعد مغيب الشّمس، ثم يدخل وقت العشاء، وبدخوله يدخل ضروري المغرب إلى طلوع الفجر.


وقت صلاة العشاء:

يبدأ بعد مغيب الشّفق الأحمر، واختفاء كلّ إشعاعات الشّمس في السّماء إلى منتصف اللّيل، وبين غروب الشّمس وغروب الشّفق الأحمر حوالي ثمانين دقيقة، وبعد منتصف الليل يدخل ضروري العشاء إلى طلوع الفجر، لما رواه مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه ابْن عَمْرو بْن الْعَاصِ فِي بَيَان أَوَّل الْأَوْقَات وَآخِرِهَا وَفِيهِ « فَإِذَا صَلَّيْتُمْ الْعِشَاء فَإِنَّهُ وَقَّتَ إِلَى نِصْف اللَّيْل ». قَالَ النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ وَقَّتَ لِأَدَائِهَا اِخْتِيَارًا، وَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَيَمْتَدُّ إِلَى طُلُوع الْفَجْر، لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عِنْد مُسْلِم " إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاة حَتَّى يَجِيء وَقْتُ الصَّلَاة الْأُخْرَى "[22].

 

تحديد القبلة في الطائرة:

إن من المعلوم شرعا أن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة وعليه فإنه يجب على المسافر أن يتحرّى القبلة لقوله تعالى: ﴿ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾، يعني:في أيّ مكان كنتم، وَلُّوا وجوهكم شطر المسجد الحرام، ويكون تحديد القبلة وذلك إمّا بالنّظر إلى الإشارة التي تكون في أجهزة بعض الخطوط الجوية والتي تشير إلى القبلة، وهي عبارة عن سهم يشير إلى جهة الكعبة، أو بسؤال المضيفين إن كانوا مسلمين، أو قبطان الطائرة، فإن تعذر ذلك فإن القاعدة الشرعية أن جميع الواجبات إنما تجب مع القدرة عليها، ثم إن كثيراً من العبادات يكتفي فيها بغلبة الظنّ ولا يجب فيها اليقين إمّا لتعذره أو لتعسره وهذا مثل الاتجاه إلى القبلة في الطائرة، فيتحرّى القبلة ويستقبلها بقدر الإمكان "[23]، ويصلي.

 

لكن ما حكم صلاة من كان مستقبلا القبلة في صلاته وتغير اتجاه الطائرة حسب خطوط الملاحة الجوية وهذا التغير بغير اتجاه القبلة؟:

حكم الصلاة فيما إذا تغير اتجاه الطائرة أن يستدير المصلي في أثناء صلاته إلى الاتجاه الصحيح، كما قال ذلك أهل العلم في السفينة في البحر، أنه إذا تغير اتجاهها فإنه يتجه إلى القبلة ولو أدى ذلك إلى الاستدارة عدة مرات، الواجب على قائد الطائرة إذا تغير اتجاه الطائرة أن يقول للناس قد تغير الاتجاه فانحرفوا إلى الاتجاه الصحيح، هذا في صلاة الفريضة، أما النافلة في السفر فيكبر متجها إلى القبلة ثم بعد ذلك يصلي أينما توجّهت به، كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأراد أن يتطوّع استقبل بناقته، القبلة فكبّر ثم صلى حيث وجهه ركابه »[24].


قد تكون مسافرا في الطائرة إلى إحدى القطبين أو البلاد التي يطول فيها النهار على الليل أو العكس، ولا يمكنك معرفة أوقات الصلاة لطول النهار أو الليل فما العمل؟:

اعلم أخي المسافر أن العبرة بدخول وقت الصلاة في المكان الذي فيه الإنسان، سواء كان في البر أو البحر أو الجوّ ما دام هناك ليل ونهار في أربعة وعشرين ساعة، سواء قل الليل عن النهار أو العكس.

 

فإن أطبق الليل أو النهار في تلك المدة فإنه يلزم تقدير أوقات الصلاة على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض بناء على الحديث الوارد في مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم حدّث أصحابه عن المسيح الدجال فسألوه عن لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، فقيل يا رسول الله: الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا: اقدروا له قدره. رواه أحمد ومسلم.

 

حكم تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها: قال تعالى  ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103]، وقال سبحانه ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]، وقال جل في علاه ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5].

 

وقال صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها» [25].

 

وأداء الصلاة في وقتها والمحافظة على ذلك من أجلِّ الأعمال التي ينبغي على المسلم أن يحرص عليها في حياته كلها، وقد يتعرض المرء للنسيان أو ينام عن الصلاة فيفوت وقتها، فإذا نسي صلاة أو نام عنها فليصلها متى ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك.

 

ولكن يلزمه تأخير الصلاة إذا لم يخش خروج الوقت، وله تأخير الأولى حتى يصليها مع الثانية، فالظهر إذا دخل وقتها وهو في الطائرة تؤخر إلى وقت العصر، وعند وقت العصر إلى قبيل الغروب، فمن علم أن الطائرة تهبط قبل الغروب أخر الصلاتين إلى آخر وقتهما، وكذا المغرب له تأخيرها وجمعها مع العشاء، ويمتد وقت العشاء إلى آخر الليل، ويمتد وقت الفجر إلى طلوع الشمس، فإن خشي غروب الشمس قبل صلاة العصر صلاها في الطائرة، وإن خشي طلوع الشمس قبل صلاة الصبح صلاها في الطائرة."[26].

 

أحوال الصلاة في الطائرة:

لا يخلو ركاب الطائرة من أن يكون إما مسافرا أو أحد الطاقم من ملاحين ومضيفين، فإن كان قائدا للطائرة وليس له مساعد فلا يجوز له مغادرة غرفة القيادة وليصل على الحالة التي هو عليها إذا خشي خروج وقت الصلاة قبل وصوله للبلد المتجه إليه، وأما إن كان له مساعد فإنه يستطيع أداء الصلاة على الوجه المطلوب منه وذلك من طهارة وركوع وسجود الخ.

 

وأما إن كان المسافر من أي درجة أخرى من جملة الركاب، فعليه أن يتوضأ للصلاة في حمام الطائرة، فإن لم يجد ماء تيمم إن خشي خروج وقت الصلاة، فإن فقد الماء والتراب وضاق عليه وقت الصلاة الأخيرة من الظهرين أو الأخيرة من العشائين، جاز له أن يصلي فاقدا للطهورين، ويحرم عليه تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها.

 

لكن هل يصلي قائما أم قاعدا؟: يجب على المصلّي أن يؤدّي صلاته قائما سواء كان في الأرض أم في الطائرة لقوله تعالى: ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم « صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا... »[27].

 

فإن وجد المسافر مكانًا متسعًا صلى وهو قائم ولو في الطريق بين الكراسي، أو المطبخ، أو بعض الأماكن التي يستطيع فيها المصلي أداء أركان الصلاة، ولاسيما إن جانب أوقات توزيع الطعام، وما بعده من كثرة ترداد المارة على الحمامات، أو أثناء عرض المضيفين للمبيعات،، فإن لم يجد صلّى في موضعه، إن قدر على الوقوف وقَفَ، وركع، وفي حالة السّجود يومئ لا يحل له غير ذلك عند الاستطاعة، وإنما فهم كثير من الناس جهلا أن الصلاة تجوز للراكب قاعدا قياسا على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم النافلة راكبا وهذا خاص بالنافلة وأما الفريضة فلا يصح مع عدم العذر.

 

فإن لم يقدر على القيام صلى جالسًا يومئ بالرّكوع والسجود ويكون قد أدّى ما عليه[28] لقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].

 

حكم من منع من الصلاة قائما:

في بعض الحالات يلجئ بعض المضيفين أو طاقم الطائرة من يريد الصلاة قائما إلى القعود، ولا يسمحون له بالصلاة واقفا، فإذا علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بقدر يكفي لأدائها أو أن الصلاة مما يجمع مع غيره كصلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء، وعلم أنها ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي لأدائهما أخر الصلاة إلى أن يهبط، وإلا صلى في الطائرة قاعدا يومئ إيماء، وهذا الذي يستطيعه لقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].

 

أسئلة تفيد الملاحين:

سئل فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين:" أنا أحد ملاحي الخطوط و تدركني الصلاة وأنا أقوم بأداء عملي فهو يجوز لي أن أقطع عملي وأقوم بأداء الصلاة أم أكمل أداء مهام عملي في الطائرة ثم أصلي حتى وإن خرج الوقت؟


فأجاب فضيلته بقوله:إذا أوشك الوقت على الخروج فصل على أي حال كانت، أما إذا كان في الأمر سعة، فلا بأس أن تشغل بما أنت ملزم به ثم تصلي قبل الخروج الوقت.

 

وسئل الشيخ - غفر الله له -: في الرحلات الطويلة التي قد يستمر قرابة اثنتي عشرة ساعة يجعل لها طاقمان من الطيارين فيقوم الأول بقيادة الطائرة إلى نصف المسافة تقريباً ويأخذ الطاقم الثاني قسطاً من الراحة بالنوم أثناء ذلك استعداداً لتكمله الرحلة بعد منتصف الوقت فيصادف في الشتاء أنه بعد إقلاع الطائرة بساعتين أو ثلاث تقريباً يحصل طلوع الشمس فيفوت على الطاقم الثاني وقت صلاة الفجر فما الحكم علماً بأنه إذا استيقظ هؤلاء من النوم قد لا يستطيعون النوم مرة أخرى بذلك لا يأخذون قسطاً كافياً من الراحة فما هو حل هذه المشكلة من وجهة الشرع؟

 

فأجاب قائلاً:ّإذا كانوا ينامون قبل دخول الوقت، ويمكن إيقاظهم عند دخول الوقت فلا أرى إشكالاً، وأرى لو أنه يحصل تنسيق إذا أمكن، بحيث يكون استيقاظ هؤلاء عند دخول الوقت، ولكن كما جاء السؤال، قد لا يكون الفرق إلا ساعتين فقط، فأرى أن قولهم بأنه لا يمكن أن نستريح، لا يبرر لهم أن يؤخروا الصلاة عن وقتها؛ فلا بد أن يصلوا في الوقت، وهم إذا فعلوا ذلك ابتغاء وجه الله أعانهم الله؛لأن الله قال في كتابه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].

♦♦ ♦♦ ♦♦


وسئل فضيلة الشيخ - جزاه الله خيراً -: هل لقائد الطائرة أو مساعده أو المهندس الجوي رخصة في صلاة الفريضة على المقعد وإلى غير القبلة عند عدم تمكنهم من استقبالها، مع أن وجودهم على المقعد مطلوب لطبيعة عملهم ولأهمية تواجدهم طيلة وقت الرحلة داخل مقصورة القيادة لما يتعرضون له خلال سفرهم من حالات مفاجئة تلزم ذلك.منها على سبيل المثال المطبات الهوائية المفاجئة أو الأعطال الفنية الحادثة أو لكون توقيت بعض الرحلات مع وقت صلاة الفجر بحيث يتعذر القيام للصلاة مع انشغال ملاحي غرفة القيادة بتجهيز الطائرة للإقلاع، وخشية خروج وقت الصلاة، علماً أنهم يخرجون لقضاء الحاجة والطهارة.

 

فأجاب قائلاً: الواجب أن يتقي الإنسان ربه ما استطاع في صلاة الفريضة في الطائرة، حتى في الحالات التي ذكرت، كالمطبات الهوائية، والخلل الفني، وما أشبه ذلك، التي هي في ظني لا تستدعي الضرورة إلى وجود القائد ومساعده في المقعد، وكما تعلمون أن الصلاة ركعتان لا تزيد فالمدة يسيرة، ثم إذا قلنا إنه يجب أن يصلي مستقبلاً القبلة، فلو قدر أنه حصل في أثناء الصلاة خلل، يخشى منه الخطر، فإنه لا بأس أن يصلحه وهو يصلّي؛ لأنّ هذه الحركة للضرورة، والحركة للضرورة لا بأس بها، أي لا تبطل الصلاة، وفي مثل هذه الحوادث التي يتيقن أنه لا بدّ من بقاء الإنسان على الكرسي مربوطاً، فإنه يبقى مربوطاً ويصلي على حسب حاله، حتى لو فرض أنه ابتدأ الصلاة مستقبل القبلة وقائماً، ثم حصلت هذه الهزات ولم يتمكن إلا من الجلوس على المقعد فلا بأس، وكما يقال لكل حادث حديث، فنقول اتق الله ما استطعت، ومتى وجدت الاستطاعة، وجب القيام بالمأمور، ومتى تعذرت الاستطاعة سقط الوجوب.

 

وسئل فضيلة الشيخ وفقه الله تعالى -: طاقم الطائرة مكون من قائد للطائرة ومساعد له ومهندس جوي لبعض الطائرات ولأهمية هؤلاء لا يغادرون غرفة القيادة طوال الرحلة؛ لأن ملاحي الطائرة تشتد أهميتهم في حالة حدوث الطارئ مفاجئ يهدد أمن وسلامة الركاب، كعطل فني، أو اختلال في الضغط الجوي والتوازن في داخل الطائرة، مما يتطلب منهم اتخاذ الإجراءات اللازمة في ثوان معدودة، وإلا تكون الطائرة قد تعرضت للخطر، فهل يصلي طاقم الطائرة واحداً تلو الآخر قياماً مستقبلي القبلة، وإذا كان هناك متسع في المكان في داخل غرفة القيادة، وإذا لم يكن هناك متسع فهل يصلون على مقاعدهم غير مستقبلي القبلة؛ علماً أنه بعض الأحيان تحدث مطبات هوائية مفاجئة قد تسقط القائم وقد يرتطم بالأجهزة التي من حوله مما يخشى أن يحدث أضراراً جسدية بالغة الخطورة وفقدان للوعي لا سمح الله فبقاؤه على كرسيه أسلم له؟

 

فأجاب قائلاً: إذا كان الأمر يقتضي أن يصلّوا فرادى، كلّ واحد يصلّي وحده من أجل أن يراقب الآخر أحوال الطائرة، فإنّ هذا عذر في ترك الجماعة؛ لأنه إذا كان حارس الغنم وحارس البستان يعذر في ترك الجماعة، فحارس أرواح الناس من باب أولى.

 

أما استقبال القبلة، فهو واجب ولا أظن ذلك يمنع من مراقبة الآخرين وكذلك الركوع والسجود إذا كان يمكن، وإذا لم يمكن الركوع ولا السجود، أومأ بالركوع قائماً وبالسجود قاعداً.


وسئل فضيلة الشيخ: ما حكم الصلاة داخل غرفة القيادة مع أن بعض أفراد طاقم الطائرة يدخن؟


فأجاب بقوله: الصلاة لا بد من أن يصليها الإنسان ولو في مكان فيه رائحة كريهة، ولكن أرى أن الذي ابتلي بشرب الدخان يراعي شعور الآخرين؛ فلا يدخن مطلقاً ما دام في الطائرة، فإن الدخان يتصاعد وينتشر بين الركاب فيتأذون برائحته، وقد يسبب أمراضاً للآخرين، وقد بلغني أن الولايات المتحدة تمنع شرب الدخان في الطائرة فوق أجوائها، فأقول لو أننا أخذنا بمقتضى ما عندنا من العلم، من أن شرب الدخان محرم، وممنوع حسب قواعد الشريعة الإسلامية، لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]. وقول الرسول صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (لا ضرر ولا ضرار)(1). لكان هذا السيف أقوى من سيف النظام الذي سنته الولايات المتحدة ونمنع الناس من التدخين مطلقاً لكان ذلك إعانة لهم على حفظ أنفسهم مما يضرهم ويضر الآخرين.

 

أحكام الصيام للمسافر جوا:

لقد فرض الله تعالى على عباده صوم شهر رمضان المبارك، وخير المسافرين بين فطره أو صيامه، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 184]، وجعلها الشارع رخصة فمن أخذ بها فقد أحسن ومن صام فلا حرج عليه لحديث حمزة بن عمرو لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أجد بي قوة على الصيام في السفر، فهل علي جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه » [29]

 

«ولقد سافر النبي وصحابته في رمضان فكان منهم الصائم ومنهم المفطر فعن أنس رضي الله عنه قال: « كنّا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في السّفر، فمنّا الصّائم، ومنا المفطر» [30].

 

وعليه فإن المسافر مخير بين الفطر والصوم، والأفضل له الصيام عند استواء الفطر والصوم، ولكن متى يبتدئ فطره إذا عزم على السفر؟


لايجوز للمسافر أن يباشر الفطر مادام مقيما في بلده أو في المطار الذي هو داخل مدينته، أما إذا غادر بلده وذلك بإقلاع الطائرة جاز له أن يفطر كما أن له أن يواصل صيامه وذلك للآية السالفة.

 

ولحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، عام الفتح، في رمضان، فصام حتىّ بلغ كراع الغميم، فصام النّاس، فبلغه أنّ النّاس قد شقّ عليهم الصيام، فدعا بقدح من الماء بعد العصر فشرب، والنّاس ينظرون، فأفطر بعض الناس، وصام بعض، فبلغه أن ناسا صاموا، فقال: أولئك العصاة.

 

وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة، في رمضان، حتى بلغ كُراع الغميم، قال: فصام الناس، وهم مشاة وركبان، فقيل له: إن الناس قد شقّ عليهم الصوم، إنما ينظرون ما تفعل، فدعا بقدح فرفعه إلى فيه حتى نظر الناس، ثم شرب، فأفطر بعض الناس، وصام بعض، فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن بعضهم صام، فقال: أولئك العصاة » [31]، قال الحافظ ابن حجر: سياق الأحاديث ظاهر في أنه كان أصبح صائما ثم أفطر "[32].

 

الصائم إذا كان في الطائرة هل يفطر بواسطة الساعة أو التلفزيون أم لا؟

إذا كان الصائم في الطائرة واطّلع بواسطة الساعة أو التلفزيون عن إفطار البلد القريبة منه وهو يرى الشّمس بسبب ارتفاع الطائرة فليس له أن يفطر لأن الله تعالى قال: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187]، وهـذه الغاية لم تتحقق في حق من يرى الشمس.

 

ما الحكم إذا أفطر بالبلد ثم أقلعت به الطائرة فرأى الشمس؟

إذا أفطر بالبلد بعد انتهاء النهار في حقه فأقلعت الطائرة ثـم رأى الشمس فإنه يستمر مفطرا لأن حـكمه حكم البلد التي أقلـع منها وقـد انتهى النهار وهو فيها "[33].

 

ما حكم من سافر من بلد قد أتمّ فيه صيام رمضان ووصل إلى بلد آخر لا يزال أهله صائمين؟

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: صم معهم لأنّك وقت الإمساك أنت في بلد صائم حتّى لو زاد صيامك على شهر فالزّائد تَبَع كما أنّك لو صمت في بلدك إلى قريب المغرب ثمّ أقلعت الطائرة إلى أمريكا وطالت رؤيتك للشمس أكثر من اليوم فإنك لا تفطر حتى تغيب الشمس وكذلك خروج الشهر، وإن صمت ثلاثين يومًا ثم سافرت إلى بلد فوجدت شوال لم يدخل فصم معهم وصومك هذا للتبعية لقوله عليه الصلاة والسلام: « الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون » [34].

 

ومن صام في بلد ثمانية وعشرين يوما ثم سافر إلى بلد آخر قد ثبتت رؤية هلال شوال عندهم فعليه أن يفطر معهم ويقضي يوما بعد ذلك [35].

 

قاعدة هامة في صيام وإفطار المسافر عبر الخطوط الجوية:

إنّ لكلّ شخص في إمساكه في الصيام وإفطاره، وأوقات صلاته حكم الأرض التي هو عليها أو الجوّ الذي يطير فيه.

 

فمن صلّى المغرب في مطار بلده بعد غروب الشّمس وأفطر فيه، ثم ركب الطائرة فرأى الشمس، فصلاته صحيحة وصيامه صحيح وقد أدّى ما عليه، لأنه أفطر وصلى موقنا بتمام النهار وإكماله.

 

ومن أقلعت به الطائرة قبل المغرب ورأى الشمس بعد أن أقلعت به الطائرة وارتفعت فإنه لا يجوز له أن يصلّي المغرب، ولا أن يفطر مادام أنه يرى قرص الشّمس، حتى ولو علم أنّ البلد الذي يمرون عليه قد أفطر أهله، وذلك لقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل اللّيل من هاهنا وأدبر النّهار من هاهنا فقد افطر الصائم»[36].

 

رأي آخر:

وللشيخ العلامة محمد الحسن ولد الددو جواب غير هذا حيث سأله سائل بقوله: مسافر حلّقت به طائرة من أبو ظبي متّجهة إلى موسكو عند أذان الفجر، لكنّها عندما اعتدلت في الجوّ رأى الشّمس، وصار إذا نظر إلى الخلف رأى الظّلام، وإذا نظر إلى الأمام رأى الشمس!! وعندما وصل بعد ساعات من التحليق في الجو رأى الفجر قد انصدع هناك في موسكو، فما الذي يفعل بصلاة الصبح هذه؟

 

فأجاب الشيخ حفظه الله تعالى: بالنسبة للمسافر إذا سافر قبل طلوع الفجر فصعدت به الطائرة فإن علم أنه متّجه إلى الغرب كحالة هذا الشخص -هذا الشخص متجه إلى الشمال الغربي-، فإذا كان الشخص كذلك فينبغي أن يؤخر الصلاة إلى المكان الذي سينزل فيه لأنه في الغالب سينزل فيه في وقت الصلاة.

 

أمّا إذا كان متّجها إلى الشرق فإنه ينبغي أن يصلّي الصلاة عند أوّل ما يدخل الوقت لأنّه كلّما ابتعد إلى المشرق كلّما تمكّن الوقت بل سيخرج، وهذا كثير جداً، كثير الحصول.


ونظيره في الصيام، فإن الشخص إذا سافر في الليل فأقلعت به الطائرة متجهة إلى المشرق فرأى الفجر يجب عليه الكفّ عن المأكولات والمشروبات لأنه سيستمر النهار معه، ولن يرجع الليل إليه، لكن إن كان مسافراً إلى الغرب عندما أقلعت به الطائرة رأى الفجر وسيعلم أنه سيستمر في الليل في الطائرة كلما ابتعد إلى جهة المغرب فإنه لا يجب عليه حينئذ الإمساك، بل يجوز له أن يتناول المفطرات، وكذلك في الغروب إذا كان متجها إلى الغرب فرأى الشمس أمامه وكلما ابتعد سار إليها، مثل المسافر مثلاً من هنا من انواكشوط مثلاً إلى نيويورك مثلاً، ستكون الشمس أمامه دائماً يطردها طيلة السفر، والسفر ثمان ساعات في الجو عرض المحيط الأطلسي، فإذا كان كذلك فإنه ينبغي أن لا يتعجل بالإفطار لكن إذا علم أن ما تحته من الأرض قد غابت عنه الشمس أفطر، ويعلم ذلك بالنظر من نافذة الطائرة إلى الأرض، فإذا رأى ليلاً قد التأم واشتدّ غسقه وظلمته، فإنه يفطر حتى لو كان يرى الشمس، وأما إن كان متّجها إلى المشرق فرأى الشمس عندما غربت عنه فإنه حينئذ يفطر، ولا ينتظر لأنه كلما ابتعد في جهة المشرق كلما أدبرت الشمس وابتعدت عنه، ومثل هذا المسافر من بوسطن مثلا في شرق الولايات المتحدة إلى آلسكا مثلا أو إلى اليابان، فإن الشمس ستبقى أمامه دائما ينظر إليها في جهة المغرب ويطردها فترة طويلة"[37].

 

أحكام الإحرام للمسافر جوا:

من أين يحرم المسافر جوا؟

بدايةً نقول: إنّ كثيرا من الناس لا يفرّقون بين الإحرام الذي هو عبارة عن نية الدخول في النسك، وبين لباس الإحرام فيظنّ أن الثاني هو الأول.

 

والتفصيل هو: أن الإحرام هو قول الحاج أو المعتمر: "لبيك اللهم حجا، أو لبيك اللهم عمرة، أو لبيك اللهم حجا وعمرة ".

 

وبذلك يدخل في النسك فيحرم عليه جميع محظورات الإحرام المعروفة، وأما لباس الإحرام بالنسبة للرجل وهو الرداء والإزار، وللمرأة كشف الوجه واليدين، فهو واجب من واجبات الحج من تركه وجب عليه دم.

 

وعليه فإن من كان قاصدا للنّسك أن يهيئ نفسه قبل ركوب الطائرة وذلك بالاغتسال، وقصّ الأظافر، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتجهيز ما يلزمه لباسه أثناء إحرمه، فإذا أعلن قبطان الطائرة أنّ الميقات قريب لبس ثياب الإحرام وأحرم: أي قال: لبيك اللهم حجا أو عمرة أو حجا وعمرة بحسب ما يريد أن يفعل من النّسك.

 

وللمعلومية فإن خطوط الطيران جميعها تمرّ بالمواقيت، فلابدّ أن يصادف أحدها[38]، ومن كان كثير النّسيان والغفلة أو أنّه ينام فلينو الدّخول في النسك قبل الميقات[39].

 

ماذا يفعل من نسي ثياب الإحرام في حقائب السفر وهو يريد النسك؟

من نسي ثياب الإحرام وقد وصل إلى الميقات فإنه يجب عليه أن ينزع الثياب العليا وهي القميص ويبقون السروايل، وليجعل القميص على هيئة الرداء حتى ينزل، وليلبي بالنسك ولا يترك الميقات حتى يجاوزه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي لم يجد إزارا: "فليلبس السراويل" [40] فإذا نزل سارع للباس إزاره.

 

ماذا يلزم من كان نائما أو ناسيا الميقات حتى تجاوزه؟

من تجاوز الميقات ناسيا أو نائما فإنه يلزمه ذبح شاة بمكة المكرمة وتوزع على فقراء الحرم، و لا إثم عليه في ذلك[41].

 

بعض الناس يسافر من أجل أداء العمرة مثلا إلا أنه يريد البقاء في جدة أياما لقضاء بعض حاجاته فهل يجوز له أن يحرم بعد ذلك من جدة؟


من سافر من أجل النسك فإنّه يتعين عليه أن يحرم من الميقات ويحرم له أن يتجاوزه، ولكن إن تجاوزه ونزل بجدة، فعليه بعد قضاء مآربه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه بالطائرة وليحرم منه ولاشيء عليه[42].

 

أما إن كان موظفا بجدة فلا بأس في هذه الحال أن يتجه إلى عمله ومتى ما تيسر له أن يحرم بالعمرة أحرم من جدة [43].

 

من قال بجواز الإحرام من جدة:

وقد أفتى بعض أهل العلم بجواز الإحرام من جدة واعتبروها محاذية لميقاتي الجحفة ويلملم، منهم الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، وعبدالله بن زيد آل محمود النجدي ثم القطري، وعبد الله بن عبد الصمد كنون المغربي، ومصطفى الزرقا السوري[44]، ومحمد الحسن ولد الددو الشنقيطي، ومحمد باي بلعالم الجزائري[45] وغيرهم، وكل استدل بما رآه دالا على دعواه.

 

الأطعمة والمشروبات:

أحل الله لعباده الطيبات من الرزق وحرم عليهم الخبائث، والمسلم مطالب شرعا أن يبحث عما أحلّ الله وأباح، ويجانب ماحرم عليه ونهى عنه، وإن من نعم الله علينا أن المسافر يركب الطائرة فتقدم له الوجبات الشهية، واللحوم المشوية والمطهية بحسب درجته المتواضعة والسخية.

 

وإنّ الطعام الذي تتزود به الطائرات من بلاد إسلامية، فإن لم يكن محرما أصلا كالخمر، فالأصل إباحته من غير تفتيش عنه ولا تنقير، لأنّ الأصل في المسلمين حلّ ذبائحهم وطيب طعامهم، حتى يتبيّن خلاف ذلك مما يوجب تغير الحكم.

 

وأما إن كانت الأطعمة التي تتزود بها الطائرات من بلاد غير بلاد المسلمين فإما أن يكونوا أهل كتاب أوْلَا؛ "فإن كانوا أهل كتاب كالدول الأروبية والأمريكية التي يدين أهلها بالنصرانية أو اليهودية، فإن غلب على الظنّ أنّ الذابح يهودي أو نصراني فالذبيحة حلال؛وإذا كان غالب الظنّ أنّ الذين يتولّون الذبح ليسوا من أهل الكتاب فالذبيحة حرام، وإذا شككنا فالذبيحة حرام، فصارت المراتب خمسا:

1- إذا علمنا أن الذابح من أهل الكتاب، فالذبيحة حلال.


2- إذا غلب الظن أن الذابح من أهل الكتاب، فالذبيحة حلال.

3- إذا شككنا، فالذبيحة حرام.

4- إذا غلب على الظن أن الذابح من غير أهل الكتاب فالذبيحة حرام.

5- إذا علمنا أن الذابح من غير أهل الكتاب فالذبيحة حرام.


فهي خمسة أحوال تحرم بثلاثة أحوال منها وتحلّ في حالتين.

 

وسمعنا في أمريكا أنهم يذبحون بالصّعق، لكنّهم ينهرون الدم قبل أن تموت، وهذا يوجب حلّ الذّبيحة ما دام يدركها قبل أن تموت، فالذّبيحة حلال؛لأن الله تعالى قال: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُم ﴾ [المائدة: من الآية3].

 

وسمعت أيضاً من بعض الشباب الذين ذهبوا إلى هناك، يقولون الآن بدءوا يعلمون أنه لا يمكن أن تكون الذبيحة طيبة إلاّ بإنهار الدّم، لكن صاروا ينهرونه على غير الوجه الذي ينهر به المسلمون، فيقولون إنهم يخرقون الوريد العرق الغليظ في الرقبة، ويدخلون في الثاني شيئاً ينفخون به الدم من أجل أن يخرج بغزارة من العرق الآخر، وهي في الحقيقة إنهار للدم لكن على وجه آخر، ولعلهم في يوم من الأيام يرجعون إلى طريقة المسلمين، يعني يقطعون الودجين، حتى يسيل الدم منهما جميعاً، وعلى كل حال إذا أشكل عليك وأردت أن يكون مطعمك طيباً فعليك بالسّمك"[46].

 

ولاشك أخي المسلم أن من المعلوم اليوم أن بلاد أهل الكتاب أغلبها صاروا يصرحون ويفتخرون بأنّهم علمانيون لائكيون لا دين لهم، وأنّ الكنيسة لم يعد لها الحكم على الحياة الاقتصادية أو غيرها، وأنّ معظم ذبائح الدول الأوربية مبنية على الصعق أو الخنق أو الدّق -أي دق العنق- وهذا مما لا سبيل إلى إباحته وحلّه[47]، وعلى المسلم أن يتورع فما هي إلاّ ساعات ويصل إلى البلد الذي تطمئن نفسه لشراء ما يحتاجه من حلال الطّعام ومباحه وهو كثير والحمد لله.


أما إذا كانت البلاد مجوسية أو وثنية فإنّه لا يجوز أكل ذبائحهم ولا مرق طبخ فيه، وذلك لقوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ﴾ [المائدة: 5]، فمفهوم الصفة أن طعام غير أهل الكتاب لا يجوز أكله، وقد عرفت أن الطعام المراد هو اللحوم، أما الأطعمة الأخرى التي لم يخالطها لحم ولا دهون شحم الخنزير فما أبيح كل ودع ما لم يبح[48].

 

ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى: أمّا تحريم ذبائحهم ومناكحتهم - أي المجوس - فاتّفاق من الصّحابة رضي الله عنهم، ولهذا أنكر الإمام أحمد وغيره على أبي ثور طرده القياس وإفتاءه بحلّ ذبائحهم، وجواز مناكحتهم ودعا عليه أحمد حيث أقدم على مخالفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة y كانوا أفقه وأعلم وأسدّ قياسا ورأيا، فإنهم أخذوا في الدماء بحقنها موافقة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله حيث أخذها منهم وأخذوا في الأبضاع والذبائح بتحريمها احتياطا وإبقاء لها على الأصل، وإلحاقا لهم بعباد الأوثان إذ لا فرق في ذلك بين عباد الأوثان وعباد النيران، فالأصل في الدماء حقنها وفي الأبضاع والذبائح تحريمها فأبقوا كل شيء على أصله وهذا غاية الفقه وأسد ما يكون من النظر"[49].

 

ملاحظة هامة: ذكر الفقهاء أن اليهودي أو النصراني إذا ذبح باسم شريعتنا الإسلامية [50]فإنه لا يجوز لنا أكله لماذا؟ لأنّه ذبح على طريقة لا يؤمن بها وهي عنده كفر، وما لا يستجيزه لنفسه لا يحل لغيره.

 

ولشيخنا العلامة محمد سالم ولد عبد الودود رحمه الله تعالى قصيدة لطيفة في اللحوم المستوردة من بلاد الأعاجم قال فيها:

تُفاحةٌ جَنِيَّةٌ لِتَوِّهًا
خفيفةٌ مثلُ طَعَامِ جَوِّهَا
حاصلُ مقتضى نصوصِ المذهبِ
تحريمُ لحمَ َأوروبا المُعَلَّبِ
فإن تقل أهل كتاب قلت قد
شاعَ إلى الإلحادِ منهمْ مُلْتَحَدْ
ولو فرَضْنَا فَهُم ُُيلْغُونَا
ذكاةَ مامنْ ذاك يأكلونا
ولو فرَضْنَا فهمُ علَى الأَقَلّْ
غابُوا وأكلُ الميْتِ فِيهِمْ مُسْتَحَلّْ
قلت:ومن أحسَّ مَسَّ السَّغَبِ
فيهِمْ يَقُلْ بِقَوْلَةِ ابنِ العَرَبِّي[51]
فَهْيَ وإنْ زَيَّفَهَا المُفْتُونا
في عصره تؤَلِّفُ المَفْتُونَا
لأنّ دينَ اللهِ يُسْرٌ والحرَجْ
عن مُقْتَضَى مَقَاصِدِ الشّرْعِ خَرَجْ
وآيةُ العُقُودِ في طعامِ
أَهْلِ الكتابِ حُجَّةُ الإقدامِ
وحُجَّةُ الإحْجَامِ قُلْ مَأْخُوذَة
مِمَّا اقْتَضَتْهُ آيةُ الموْقوذَة
والحَزْمُ الِاكْتِفَاء بِالأسماكِ
والبيضِ والأَخْبَازِ والفَوَاك

 

حكم أخذ الأطعمة أو الأشربة الزائدة عن الحاجة:

يباح للمسافر في الطائرة أو غيرها ما كان متاحا للأكل والشرب داخل الطائرة، وذلك مما يقوم المضيفون بتوزيعه على الركاب أثناء رحلتهم وهذا أمر جائز لا غبار عليه، ولكن هناك ظاهرة جديدة وهي أن توضع عربة المشروبات في متناول الركاب، وبهذا يكون مايأخذه الركاب لأكله وشربه مباحا، وذلك لأن التخلية بين الشخص والشيء دليل على إباحته، وقد اعتبر كثير من الفقهاء أن السكوت عن الشيء دليل الرضا.

 

ولكن لا يباح لهم أخذه خارج الطائرة إلاّ إذا أذن المسؤولون بذلك[52].

 

حكم أخذ الأغطية والوسائد وما أشبه ذلك مما ينتفع به مؤقتا:

إنّ من المعروف في جميع الرّحلات الجوية تقديم أغطية للمسافرين ووسائد يرتفقون بها وسماعات ونحو ذلك، ثمّ إذا ما شارفت الرّحلة على الانتهاء قام المضيفون بجمعها، وهذا أكبر دليل على عدم أخذها بعد الرّحلة لأنّ المقصود منها الانتفاع والارتفاق داخل الرحلة، وعليه من أخذ شيئا من ذلك فإنه في حكم الغاصب، وعليه إرجاعه للشركة المأخوذ منها.

 

حكم بيع الخمور على متن الرّحلات الجوية في الطائرات:

لقد ابتلينا في زماننا بأقوام يستحلّون ما حرّم الله تعالى، وآخرين مستهترين بدينهم لا يفرّقون بين حلاله وحرامه، وإنّ إسلامنا جاء لجلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، وإنّ ممّا اتّفقت عليه الشّرائع جميعها أنّ كلّ شيء يغيب العقل ويلحق الضرر بالإنسان دينيا وماديا وبدنيا فهو محرّم شرعا، ولا يختلف اثنان من المسلمين أن الخمر حرام بنص الكتاب والسنة والإجماع قال سبحانه:  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90].وأمّا السنّة: فقد وردت أحاديث كثيرة في تحريم الخمر ولعن شاربها، وترتيب العقوبة عليها.

 

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: «عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له» أخرجه ابن ماجة (3381).


ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "كلّ مسكر حرام، وإنّ على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال." قالوا: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: "عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار" رواه مسلم.

 

وأجمع المسلمون على تحريم الخمر، ومن ثم وجب على المسلم أن يجتنب الخمر وبيعها وشراءها وشربها وكل ما يؤدي إلى لعنه وطرده من جنة ربه، وإن ما تقوم به بعض الخطوط الجوية العربية والإسلامية من بيع الخمور للمسافرين على متنها أمر لا يجوز شرعا، ولا يجوز للطاقم المسلم الاشتغال ببيعها وتسويقها ولو أدى ذلك إلى فصله عن العمل، لأن ما حرم أكله وشربه حرم بيعه وإهداؤه.

 

حكم سفر المرأة بالطائرة من غير محرم:

إنّ من الأمور التي كثرت الحاجة، وعمّت البلوى بها، موضوع المحرم في السفر، وذلك لتقدم وسهولة وسائل المواصلات وكثرة الأسفار ووفرة المطارات والمحطات والحافلات وقد لمسنا تساهل الكثيرين رجالاً ونساءً في مسألة المحرم في السفر فآلياً النساء غاديات رائحات من مطار لآخر ومن طائرة لأخرى بلا محارمهن بدعوى قرب المسافات وانتفاء الخلوات، ولذلك ينبغي أن نقف أوّلا على تحديد المحرم شرعا؟ وهل المرأة إذا سافرت بالطائرة يوما أو يومين أو ثلاثة، تعد عاصية آثمة، ام أن سفرها في حدود المباح؟


أولا: المحرم قال في النهاية:ذو المَحْرم: من لا يحل له نكاحها من الأقارب وكالأب والابن والأخ والعم ومن يجري مجراهم "[53].


وقال ابنُ قُدامة: "المَحرمُ: زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح كأبيها وابنها وأخيها من نسب أو رضاع "[54].

 

ثانيا: لقد جاءت أحاديث مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي أن تسافر المرأة إلا مع ذي محرم منها:

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً، إلا ومعها أبوها، أو ابنها، أو زوجها، أو أخوها، أو ذو محرم منها » مسلم [1339].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: « لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر ميسرة يوم إلاّ مع ذي محرم » البخاري و مسلم [ 1339].


قال الحافظ
: "وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقييدات.. وقال ابن المنير: وقع الاختلاف في مواطن بحسب السائلين "[55].


وقد نقل بعضُهم أنه لا خلاف بين أهل العلم في تحريم سفر المرأة بلا محرم إلا أنهم اختلفوا في سفرها للحج إذا أمنت الطريق ووجدت الرفقة من النساء المأمونات.

 

قال القاضي عياض: "اتفق العلماء على أنّه ليس لها أن تخرج غير الحجّ والعمرة، إلاّ العجزة من دار الحرب فاتفقوا أنّ عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام وإن لم يكن معها محرم "[56].


وقال ابن حجر
: "لم يختلفوا في أنّه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلّصت "[57]، وقد عدّ ابنُ حجر الهيثمي سفر المرأة وحدها بطريق تخاف فيه على بُضعها من الكبائر فقال:


"الكبيرةُ المائة
: سفرُ المرأة وحدها بطريق تخاف فيه على بضعها.. ثم قال: تنبيه: عدُّ هذا بالقيد الذي ذكرته ظاهر لعظيم المفسدة التي تترتب على ذلك غالباً، وهي استيلاء الفجرة وفسوقهم بها فهو وسيلة إلى الزنا، وللوسائل حكم المقاصد، وأما الحُرمة فلا تتقيّد بذلك، بل يحرم عليها السفر مع غير المحرم وإن قصر السفر، وكان أمناً، ولو لطاعة كنفل الحج أو العمرة ولو مع النساء من التنعيم، وعلى هذا يحمل عدهم ذلك من الصغائر "[58].

 

ورغم دعوى الاجماع إلا أنّ هناك خلافا ينبغي أن نقف عليه:

فقد ذهب أبو حنيفة وأحمد والشافعي وجماهير أصحابه إلى تحريم السفر بلا محرم في كل سفر مباح أو حجّ تطوع أو نحوهما إلا أنّ أبا حنيفة يشترط المحرم في السفر الطويل لا القصير، وهو ما كان مسيرة ثلاثة أيام إلا أنّه قيده بالحاجة.


وعن أبي حنيفة وأبي يوسف كراهية خروجها وحدها مسيرة يوم واحد قال ابن عابدين
: وينبغي أن يكون الفتوى عليه لفساد الزمان ويؤيده حديث الصحيحين: « لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها » وفي لفظ مسلم « مسيرة ليلة » وفي لفظ " يوم " [59].


وقال النووي
: "قالوا - أي الشافعية - فإن كان الحجّ تطوعاً، لم يجز أن تخرج فيه إلاّ مع محرم، وكذا السفر المباح، كسفر الزيارة والتجارة، لا يجوز خروجها في شيء من ذلك إلاّ مع محرم أو زوج.


قال الشيخ أبو حامد - في تعليقه - لا يجوز لها الخروج في حجّ التّطوع إلاّ مع محرم
، نصّ عليه الشافعي في كتاب العِدَد من الأمّ، فقال لا يجوز الخروج في حج التطوع إلا مع محرم.


والصحيح من مذهب الشافعية أنّه لا يجوز للمرأة السفر لغير الحج الواجب إلا بمحرم كما قال النووي[60]
.


أقوال المبيحين لها في الخروج بلا محرم بشروط
:

قال النووي: "قال الماوردي: ومن أصحابنا - أي الشافعية - من جوّز خروجها مع نساء ثقات كسفرها للحج الواجب، قال: وهذا خلاف نص الشافعي:


قال أبو حامد
: ومن أصحابنا -أي الشافعية- من قال: لها الخروج بغير محرم، في أي سفر كان واجباً أو غيره..وهكذا ذكر المسألة البندنيجي وآخرون.

 

وقال بعض أصحابنا، يجوز بغير نساء ولا امرأة إذا كان الطريق آمناً، وبهذا قال الحسن البصري وداود "[61].

وقال مالك: لا يجوز بامرأة ثقة، وإنما يجوز بمحرم، أو نسوة ثقات.

 

وقد أفتى بعض العلماء المعاصرين بجواز سفرها إذا كان بالطائرة والمسيرة أقل من يوم وليلة منهم الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين كما في موقعه الرسمي فقد جاء فيه تحت رقم الفتوى (7286) في رده على سؤال مفاده: ما زالت مشكلة سفر المرأة بدون محرم مطروحة، فهناك بعض العلماء يفتون بجواز ذلك في الطائرة ومع جماعة من النسوة موثوقات، وهناك من يُحرم ذلك، فما الرأي الأصح في هذه المشكلة بارك الله فيكم؟

 

وردت السُنة بنهي المرأة عن السفر بدون محرم، كقوله –صلى الله عليه وسلم « لا تُسافر المرأة مسيرة ثلاث ليال إلا مع ذي محرم » وفي رواية: « مسيرة يومين » وفي لفظ: « مسيرة يوم إلا مع ذي محرم » ولا شك أن هذا يدل على التحريم، وذلك أن السفر يعرضها لركوب الأخطار، وسلوك الطرق البعيدة، التي قد يوجد بها من الفسقة، وقُطاع الطريق من يفجر بها طوعًا، أو كرهًا، وكان السفر ذلك الوقت بواسطة الرواحل من الإبل، والحُمر، والخيل، والسفن، وكلها تستغرق وقتًا طويلا، مما تبتعد به عن محارمها وأهلها، وتطول غيبتها، وتقع في أسباب الردى، فلا جرم ورد النهي عن سفرها، ولو لحج ونحوه، وورد أيضًا جواز ذلك للحاجة، فقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى الحبشة واستصحب أم حبيبة بعد أن عقد النبي –صلى الله عليه وسلم - عليها في من الحبشة إلى المدينة بدون محرم، وكذا زينب بنت النبي –صلى الله عليه وسلم - لما أطلق زوجها من الأسر يوم بدر واشترط عليه أن يرسلها إلى المدينة فجاء بها بعض الصحابة من مكة إلى المدينة مسيرة عشرة أيام بدون محرم للضرورة، ثم إن بعض العلماء كالمالكية أجازوا أن تحج المرأة مع نسوة ثقات، مع بُعد المسافة من المغرب وقُرى إفريقيا، الذي قد يستغرق شهرًا أو أكثر، حيث إن الحج فريضة، والسفر بلا محرم مظنة فعل الفاحشة، والظن قد يخف أو يزول مع النسوة الثقات، فلا يكون الظن مانعًا للفرض.

 

أما في هذه الأزمنة فقد تقاربت البلاد، ووجدت وسائل النقل المريحة التي تقطع المساحات في زمن قريب، فالذي أراه جواز سفر المرأة في الطائرة، لمدة نصف يوم أو ثلثيه، بحيث يوصلها المحرم الأول إلى المطار، ويتصل بالمحرم الثاني ليستقبلها في البلد الثاني، ولا خلوة في الطائرة، والمرأة كسائر الراكبات، وليس هناك مجال للخوف عليها، والاحتمالات التي تقدر نادرة الوجود، والأصل السلامة، وهذا يعم السفر للحج وغيره، وهذا ما ترجح عندي رفقًا بالمسلمين، وأستغفر الله من الخطأ والزلل، والله أعلم"[62].

 

ومنهم شيخنا العلامة محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي فقد أفتى بجواز سفر المرأة في الطائرة واعتبر أن ما يحدث للطائرات من الاختطاف أو العطل يدخل في حكم النادر الذي لا حكم له.


هل يجوز للمرأة أن تعمل مضيفة بالطائرة أو في الفنادق وما إلى ذلك؟:

الجواب:
أولاً: عملها في الخطوط الجوية كمضيفة يستلزم سفرها بلا زوج ولا محرم كما يشهد له الواقع، ومع ذلك يعرضها للاحتكاك بالرجال، ورؤيتهم منها ما لا يحلّ لهم، وكلّ ذلك محرم.


ثانياً: عملها في الفنادق مثار فتنة، ومدعاة لاختلاط بها مريب، ومظنة لخلوة الأجانب بها، وفي ذلك ما فيه من الشر المستطير وفساد المجتمع[63].


هل يجوز للمرأة المنتقبة أن تكشف وجهها إن طلب منها ذلك شرطة المطار ولم تكن هناك شرطية؟

لا يجوز للمرأة المسلمة المنقبة والتي تعتقد أن ذلك فرضا عليها أن تكشف وجهها لأي أحد غير محارمها وزوجها إلا للضرورة، والأصل الذي يكشف على النساء امرأة تطبق الصورة على الجواز ولكن ذلك لا يتأتّى في جميع الدول فمتى كان سفر المرأة ضروريا، وتوقّف على تطبيق هذه الصورة جاز ذلك بقدر الحاجة، والله أعلم.

 

الأدعية والأذكار أهم حصن أثناء اضطراب الأحوال الجوية:

إنّ ذكر الله واللّجوء إليه في كلّ أمر يحيق بالمسلم دليل على عبوديته لربّه وتعلّقه به، فحياة القلوب واطمئنانها، وسكون النفوس واستقرارها لا يكون إلا بذكرها لربها وفاطرها ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وقد يصادف المسافر بالجو حالات صعبة وذلك بالهبوط الاضطراري، أو التقلبات الجوية، أو الحالات الطارئة التي تجعل العبد لا يمكنه أن يستغيث إن كان مؤمنا حقا إلا بالله مستشعرا ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62] إلا إياه.

 

وقد قص علينا قصة أولئك العصاة البغاة الذين ركبوا البحر فلما حاصرهم الموج سمعوا إلى نداء الفطرة الذي لم يتلوث بأوساخ الجاهلية، فنادوا ربهم مخلصين له الدين، وتركوا ماكانوا يعبدون من دون الله تعالى، فاستجاب لهم ونجاهم لعلهم إليه يرجعون  ﴿ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 22، 23].

 

وإن تعجب فاعجب من أناس مسلمين سمعناهم ونحن في الطائرة وقد كثر اضطرابها، وبلغت القلوب حناجر أربابها، يستغيثون بالأولياء والأنبياء فكانوا بذلك أقبح من أهل الجاهلية في شركهم.

 

وبعد أخي الكريم فهذه مساجلة شعرية فقهية بين عالمين جليلين، هما محمد نافع ابن حبيب، وشيخنا العلاّمة محمّد سالم ولد عبد الودود رحمهم الله جميعا، فالقصيدة الأولى للشيخ محمد نافع والثانية لشيخنا محمد سالم.

 

أَيَا عُلَمَاءَ الْعَصْرِ دُمْتُمْ جَوَابَكُمْ
بِنِسْبَةِ مَرْوِيٍّ إِلَى ثِقَةٍ رَوَى
أُسَائِلُكُمْ كَيْفَ الصَّلاَةُ بِطَائِرٍ
بِأَسْرَعَ مِنْ لَّمْحٍ لِفِيحِ الْهَوَى طَوَى
فَإِنْ قُلْتُمْ صَحَّ السُّجُودُ بِسَطْحِهِ
فَقَدْ قُلْتُمْ صَحَّ السُّجُودُ عَلَى الْهَوَا
فَغَايَةُ أَمْرِ الْعُلْوِ مَعْ سُفْلِهِ إِذاً
يَكُونَانِ فِي حُكْمِ السُّجُودِ عَلَى سَوَا
وَإِنْ قُلْتُمْ صَحَّ السُّجُودُ عَلَى الْهَوَا
فَمَا هُوَ ذَا الإِيمَاءُ يَا قَوْمُ مَا هُوَا
وَهَلْ رَاكِبُو الطَّيَارِ كَالرَّكْبِ أَمْ هُمُ
لَدَيْكُمْ كَذِي فُرْشٍ عَلَى فُرْشِهِ اسْتَوَى
فَإِنْ قُلْتُمُ رَكْبٌ فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى
فَسَادِ صَلاَةِ الرَّاِكِبي أَظْهُرِ النِّوَى
وَإِنْ قُلْتُمُ كَالَْفُرْشِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ
بِتَفْصِيلِهِمْ فِيمَنْ علَى فُرُشٍ شَوَى
تَصِحُّ إِذَا كَانَ الْفِرَاشُ مُلاَصِقاً
وَتَبْطُلُ مَرْفُوعاً وَإِنْ كَانَ مَحْشُوَا
وَقَدْ قَالَ أَعْلاَمُ الأَئِمَّةِ قَوْلَةً
لِدَاءِ اخْتِلاَفِ الْفَهْمِ قِدْماً هِيَ الدَّوَا
حَكَاهَا الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ وَإِنَّهُ
بِمَبْحَثِنَا ذَا رَبْعُ عَزَّةَ بِاللِّوَى
إِذَا مَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الْحَقَائِقِ حَكِّمُوا
حُدُودَ ذَوِي التَّحْقِيقِ لِلْمَنْهَجِ السِّوَى
فَهَذِي حُدُودٌ لِلسُّجُودِ تَوَارَتْ
تُمَيِّزُ بَيْنَ الْغَثِّ مِنْهُ وَمَا سِوَى
حَكَتْهَا عَنِ اِطْبَاقِ الأَجِلاَّءِ كُتْبُهُمْ
فَمَا مِنْ كِتَابٍ رِيءَ إِلاَّ لَهَا حَوَى
تُعَيِّنُ مَسَّ الأَرْضِ أَوْ مَا بِهَا يَصِي
وَلَوْ قَصَباً أَعْنِي مُجَوَّفَةً جُوَى
فَلاَ تَتَعَدَّوْهَا بِنَا وَاقْنَعُوا بِهَا
فَذُو اللُّبِّ لاَ يُثْنِيهِ عنْ قَصْدِهِ الْهَوَى
فَإِنْ قُلْتُمُ لاَ فَصْلَ إِذْ جِرْمٌ الْهَوَى
فَأَيُّ انْفِرَاجٍ لَّيْسَ فِي ضِمْنِهِ هَوَا
وَأَيُّ انْفِصَالٍ فِي الْعَوَالمِ ِكُلِّهَا
فَهَل رَّيْتُمُ أَن لَّا انْفِصَالَ بِذِي الْعَوَا[64]
إِذاً فَحُدُودُ الْأَقْدَمِينَ ضَلاَلَةٌ
وَإلْزَامُ هَذَا لاَ أَرَى عَاقِلاً نَوَى
فَهَذَا لَعَمْرِي فِي الْكَلاَمِ تَهَافُتٌ
وَفِيهِ عَنِ الْجَدْوَى نَوىً أَيُّمَا نَوَى وتُسْمِعُ ذَا
فَمَا زَالَتِ الأَشْيَاخُ تُوقِظُ نَائِماً
أُذْنٍ وَتُرْشِدُ مَنْ غَوَى
وأَنْتُمْ بُدُورٌ فِي الدَّيَاجِي مُضِيئَةٌ
هُدَاةٌ إِذَا مَا الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ الْتَوَى
وَهَذَا شُعَيْرٌ هَلْهَلُ النَّسْجِ سَاقَهُ
إِلَيْكُمْ عَلَى الإِنْصَافِ ذُو جُؤْجُؤٍ هَوَى
يُرِيدُ جَوَاباً بِالصَّوَابِ وَإِنَّهُ
لَعَمْرُكَ مَا غَيْرَ الصَّوَابِ لَهُ جَوَا
وَإِياَّكُمُ وَالْحَزَّ فِي غَيرِ مَفْصِلٍ
وَأَقْيِسَةً عَن مِّثْلِهَا تُغْلَقُ الدَّوَا
وَإِيَّاكُمُ وَالْبَحْثَ وَالنَّصُّ قَائِمٌ
وَإِيَّاكُمُ وَالرَّمْيَ لِلنَّصِّ بِالشَّوَى
فَهَاذِي نُصُوصُ الأَقْدَمِينَ صَرِيحَةٌ
وَذُو الْحَقِّ حَيْثُ الْحَقُّ بَانَ لَهُ ارْعَوَى
إِنَّ الْحَقَّ لاَ يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ
وَإِنْ هُوَ لمَْ يَعْدَمْ وَ مَا كَانَ مَعْلُوَا
جَزَى اللهُ عَنْ دِينِ النَّبِيِّ مَشَائِخاً
بُحُورَ هُدىً مَنْ يَاتِ سَاحَتَهَا ارْتَوَى
هُمُ نَصَرُوا الْحَقَّ الْمُبِينَ وَأَكْرَمُوا
تُوَيْلِفَنَا لَمَّا إِلَى ظِلِّهِمْ أَوَى
لَوَازِمُ أَخْبَارٍ أَفَدْنَاهُمُ بِهَا
ضَرُورِيَّةٌ وَالْحَقُّ وَا أَسَفِي تَوَى
وَنُصْرَةُ دِينِ الْحَقِّ حَسْبِي وَحَسْبُهُمْ
وَلاَ حَوْلَ إِلاَّ بِالْإِلَهِ وَلاَ قُوَى
صَلاَةٌ عَلَى الْهَادِي وَمُتَّبِعِيهِ مَا
تَرَدَّدَ مَكِّيٌ ِإلَى جنْبِ ذِي طُوَى

 

وهذا جواب شيخنا العلامّة محمد سالم بن محمد علي بن عبد الودود رحمه الله تعالى:

تَبَارَكَ رَبِّي ذُو الْجَلاَلِ الَّذِي اسْتَوَى
علَى الْعَرْشِ وَاسْتَوْلَى عَلَى المُلْكِ وَاحْتَوَى
مَلاَئِكَةُ السَّبْعِ السَّمَاوَاتِ سُجَّدٌ
لِسُلْطَانِهِ كُلٌّ لَهُ ذَلَّ وَاقْتَوَى
فَمِنْ فَضْلِهِ أَنْ أَرْسَلَ الرُّسْلَ لِلْوَرَى
فَمِنْ مُفْلِحٍ أَوْفَى وَمِنْ خَاسِرٍ هَوَى
وَقَفَّى عَلَى آثَارِهِمْ بِمُحَمَّدٍ
لِيُخْرِجَنَا عَن مُّقْتَضَى الْجَهْلِ وَالْهَوَى
فَسَنَّ لَنَا سُبْلَ السَّلاَمِ وَدَلَّنَا
عَلَى رَبِّنَا حَتَّى اسْتَوَى كُلُّ مَا الْتَوَى
وَخَلَّفَ صَحْباً وَاصَلُوا خَطَّ سَيْرِهِ
بِإِذْلاَلِ من نَّاوَى وَإِرْشَادِ مَنْ غَوَى
قَفَتْ إِثْرَهُم مِّنْ كُلِّ قَرْنٍ عِصَابَةٌ
تُنَشِّرُ مَاقَدْ كَانَ طُولُ الْمَدَى طَوَى
فَمِنْهُمْ حَبِيبٌ وَابْنُهُ نَافِعُ الْوَرَى
وَبُدَّاهُ شَيْخُ الْمِصْرِ مَنْهَلُهُ الرَّوَا
أَجَابَ بِنثْرٍ نَافِعٍ نَّظْمَ نَافِعٍ
بِنِسْبَةِ مَرْوِيٍّ إِلَى ثِقَةٍ رَوَى
وَمَا لِي عَلَى ذَاكَ الْمَقَامِ تَسَلُّطٌ
فَإِنِّي مِنَ الْقَرْمَيْنِ أَخْفَضُ مُسْتَوَى
وَلَكِنَّهُ قَدْ يَبْذُلُ الْجُهْدَ مُقْتِرٌ
وَقَدْ تُكْرَمُ الْأَضْيَافُ وَالْقِدُّ يُشْتَوَى
أَنَافِعُ إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِجَوَابِكُمْ
مُنَاوَأَةً مَّا لِلْفَتَى غَيْرُ مَا نَوَى
فَأَمَّا الَّذِي اسْتَشْكَلْتُمُ مِنْ صَلاَتنِاَ
بِطَائِرَةٍ تَنْسَابُ فِي لُجَجٍ الْهَوَا
وَأَلْزَمْتُمُونَا جَعْلَنَا الْعُلْوَ وَاحِداً
مَعَ السُّفْلِ فِي حُكْمِ السُّجُودِ عَلَى على على
فَنَقْبَلُ مَا أَلْزَمْتُمُونَا وَنَلْتَقِي
موعد للبحث فى موضع سوى
بِأَيِّ كِتَابٍ أَمْ بِأَيَّةِ سُنَّةٍ
يُخَصَّصُ بِالسُّفْلِ السُّجُودُ لِذِي الْقُوَى
أَلَمْ يَكُ سُكَّانُ السَّمَوَاتِ سُجَّداً
بِنَصٍّ أَتَى عَن فَالِقِ الْحُبِّ وَالنَّوَى
فَكَمْ ءَايَةٍ جَاءَتْ بِذَاكَ صَرِيحَةٍ
وَكَم مِّنْ حَدِيثِ صَحَّ لَفْظًا وَمُحْتَوَى
وَذِكْرُكُمُ الِإيمَاءَ لَيْسَ بِوَارِدٍ
فَلَمْ يَنْفُذِ السَّهْمُ السَّرَاةَ وَلاَ الشَّوَى
فَمَوْطِئُ ذِي الْإِيمَاءِ لَمْ يَكُ سَطْحَ مَا
يُبَاشِرُ بِالْكَفَّيْنِ وَالْوَجْهِ إِنْ هَوَى
وَإِجْمَاعُ بُطْلاَنِ الصَّلاَةِ لِرَاكِبٍ
لِغَيْرِ سَفِينِ الْمَاءِ إِنْ لَمْ يَخَفْ تََوَى
يُجَابُ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَنَّ حُكْمَهُ
إِذَا لمَ ْتَقَعْ مِنْهُ الصَّلاَةَ عَلَى اسْتِوَا
فَإِنْ حَصَلَتْ أَرْكَانُهَا وَشُرُوطُهَا
كَقِبْلَتِهَا صَحَّتْ عَلَى كُلِّ مُسْتَوَى
فَطَالِعْ مُتُونَ الْفِقْهِ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ
تَجِدْ سَنَداً جَلْداً لِّمَا النَّظْمُ قَدْ حَوَى
وَذَلِكُمُ حُكْمُ الْفِرَاشِ فَفَوْقَهُ
تَصِحُّ وَإِنْ جَافَتْ قَوَائِمُهُ الْقَوَا
إِذَا كَانَ أَرْضاً لِلْمُصَلِّي وَأُدِّيَتْ
عَلَيْهِ كَمَا تُوتَى عَلَى السَّهْلِ وَالصُّوَى
وَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْنِ الْيَدَيْنِ مُعَلَّقاً
فَتَبْطُلُ إِذْ عَنْ سَطْحِهِ بَانَ وَانْزَوَى
بِذَاكُمْ نُقُولُ الْفِقْهِ جَاءَتْ صَرِيحَةً
وَبِالْعَزْوِ لِلْحَطَّابِ يُشْفَى مِنَ الْجَوَى
وَلَمْ يَكُ رَسْمُ الْوَرْغَمِيِّ مُسَلَّماً
وَفِيهِ احْتِمَالٌ مُّبْهِمٌ صَوْبَ مَا انْتَوَى
فَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَرْضِ فِيهِ عَلَى الَّذِي
يُقِلُّكَ تُرْباً كَانَ أَوْ مَاءً أَوْ هَوَا
فَإِطْلَاقُ لَفْظِ الأَرْضِ لِلسُّفْلِ كَالسَّمَا
علَى الْعُلْوِ مَعْلُومٌ لِّمَنْ لاَّزَمَ الدَّوَى
إِذَا مَا اسْتَحَمَّتْ أَرْضُهُ مِنْ سَمَائِهِ
شَهِيدٌ مُّعِيدٌ نَّضْرَةَ الْغُصْنِ إِنْ ذَوَى

وَيُمْكِنُ أَيْضاً حَمْلُهَا حَمْلَ غَالِبٍ
فَتُلْغَى كَمَا أُلْغِيَتْ فِي الدِّيَةِ الْحُوَا[65]
وعِنْدَكُمْ مَافِي الْمَفَاهِيمِ قَدْ أَتَى
مِنَ الْبَحْثِ وَالأَلْقَابِ فِيهِنَّ كَالْهُوَى
وَمَسْلَكُ تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ مُمَهَّدٌ
يَسُوغُ لَنَا مِنْ جَمِّهِ الْعَذْبِ مُرْتَوَى
فَنُلْغِي خُصُوصَ الْأَرْضِ مِنْ رَسْمِ شيْخِنَا
وَنعْتَبِرُ الْمَعْنَى الْأَعَمَّ لَنَا الدَّوَا
فَنَجْعَلُ مَسَّ الْمَرْءِ بِالْوَجْهِ لِلَّذِي
عَلَيْهِ اسْتَوَتْ رِجْلاَهُ أَيَّانَ مَاثَوَى
بِخَفْضِ أَعَالٍ وَارْتِفَاعِ أَسَافِلٍ
سُجُوداً وَنُلْغِي الْغَوْرَ وَالنَّجْدَ واللِّوَى
وَنَفْيُكُمُ جِرْمِيَّةً لِلْهَوَاءِ لاَ
يَسُوغُ وَقَدْ سَوَّغْتُمُ الْبَيْعَ لِلْهَوَا
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جِرْماً لَمَا كَانَ وَارِداً
لمِّاَ مَنَّ مِنْ بَسْطٍ يُدَاوِي مَنِ ادَّوَى
فَلَا تُسْقِطُوا عَن مُّسْتَطِيعٍ دَعِيمَةً
بِرَسْمٍ لِشَيْخٍ فِي مَقَاصِدِهِ الْتِوَا

وَلَا تَصِمُوا بِالْجَحْدِ لِلْحَقِّ أُمَّةً
مُفَسِّقُهَا مِن رَّأْسِ نِيقٍ قَدِ انْهَوَى
خُذُوهَا إِلَيْكُمْ مِثْلَهَا فِي رَوِيِّهَا
عِمَامَتُهَا فَوْقَ الْقَصَائِدِ كَاللِّوَا
فَلَمْ تَكُ وَاوَاتُ الْحُمَيْدِيِّ حُكْرَةً
عَلَيْهِ كَمَا الْمَنْدُوبُ مُحْتَكِرٌ لِّوَا
وَعُودُوا إِلَى الْقَوْلِ الْمُبَيَّنِ تَظْفَرُوا
بنشْرٍ لِّمَا قَدْ لَفَّهُ الشِّعْرُ فَانْطَوَى
وَإِنَّا عَلَى مَا فِي الْجَوَابِ نَهَابُكُمْ
كَهَيْبَةِ ذِي شِبْلَيْنِ قَدْ مَسَّهُ الطَّوَى
فَأَلْهَمَنَا الْمَوْلَى الْمُهَيْمِنُ رُشْدَنَا
وَأَمَّنَنَا مِنْ هَوْلِ نَزَّاعَةِ الشَّوَى
وَصَلَّى عَلَى الْهَادِي الْأَمِينِ وَءَالِهِ
وَأَصْحَابِهِ مَا طَابَ فِي طَيْبَةَ الثَّوَا

 

الخـاتمة:

لقد طرت بك في أجواء الأحكام الشرعية مستلهما التوفيق والسداد من الله جل وعلا، وكل ذلك لتكون على بينة من أمرك فيما تفعله مما طلب منك شرعا، والمسلم عبد لله في حله وترحاله، ومنشطه ومكرهه، وعسره ويسره، فأسأل الله لي ولك الثبات على كرسي الاستقامة، والوصول السالم إلى الآخرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



[1] حيث أنها معجزة من الله لا يمكن لأحد أن يسخر الريح لتطير به كما طارت بسليمان عليه السلام؛ ودلالة: على إمكان الطيران والله أعلم.

[2] تفسير ابن جرير الطبري (12/ 429).

[3] تفسير ابن كثير (6/ 499).

[4] في ظلال القرءان (4/ 456).

[5] أخرجه مالك ((الموطأ"2805. و"أحمد" 2/ 236(7224) و"البخاري (1804)، و"مسلم (5000).

[6] أخرجه أحمد 1/ 168(1444)، والتِّرْمِذِيّ" 2151وقال الترمذي: هذا حديث غريبٌ، وقال الحاكم « هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ».

[7] أخرجه أحمد(3/ 344(14763) و"البُخَارِي" (1166) و"أبو داود (1538)والتِّرْمِذِيّ (480).

[8] فتاوى اللجنة الدائمة (32/ 439). السؤال التاسع والعاشر من الفتوى رقم (19479).

[9] " مجموع الفتاوى " (22 / 293) طبعة مجمع الملك فهد.

[10] فتاوى الشبكة ألإسلامية رقم (124763).

[11] أَخْرَجَهُ أحمد 2/ 144(6311) و"مسلم (4/ 104)(3254) والتِّرْمِذِيّ(3447).

[12] الأكمة: الهضبة المرتفعة، والنشز: المكان العالي المرتفع.

[13] أخرجه أحمد 3/ 127(12306)، وفي 3/ 239(13538).

[14] أخرجه أحمد 1/ 256(2311) و"الترمذي" 3445).

[15] إعلام المسافرين للشيخ محمد صالح العثيمين (14-15-16).ملخصا.

[16] رواه البخاري (206).

[17] أحمد" 4/ 240(18268 و18269 و18270 و18271) و(الترمذى) 96 و"ابن ماجة" 226).

[18] رواه مسلم (631).

[19] انظر إعلام المسافرين (24).

[20] من الآية (103) من سورة النساء.

[21] أخرجه أحمد 1/ 333(3081) و"أبو داود" 393، والترمذي (150)، قال أبو عيسى [ هذا حديث حسن صحيح غريب ] و"ابن خزيمة" 325).

[22] فتح الباري (2/ 352).

[23] إعلام المسافرين (38، 39)

[24] المرجع السابق.

[25] أخرجه أحمد 1/ 409(3890) والبخاري) 1/ 140(527) و8/ 2(5970) ومسلم) 1/ 62(165).

[26] مختصر من فتوى الشيخ ابن جبرين (10826).

[27] ‏[‏أخرجه أحمد 4/ 426، والبخاري 2/ 41، وأبو داود 1/ 585 برقم ‏(‏952‏)‏، والترمذي 2/ 208 برقم ‏(‏372‏)‏، وابن ماجه 1/ 386 برقم ‏(‏1223‏)‏، والدار قطني 1/ 380، والبيهقي 2/ 304‏]‏‏.‏

[28] مختصر من فتوى الشيخ ابن جبرين (10826).وانظر السؤال الأول من الفتوى رقم (145) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث

العلمية والإفتاء (8/ 120).وانظر اعلام المسافرين للشيخ ابن عثيمين (47-48).وانظر الاحكام الشرعية في الاسفار الجوية سعيد الكملي (70-71).

[29] أخرجه مسلم 3/ 145(2599)

[30] أخرجه البخاري(2890)، و"مسلم" 2592).

[31] أخرجه الحميدي (1289) قال: حدثنا سفيان. و"مسلم" 3/ 141(2579) والترمذي (710)، والنسائي (4/ 177)، وفي الكبرى"(2583).

[32] فتح الباري (4/ 182) دار المعرفة.

[33] اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (فتوى برقم 1693).

[34] رواه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب الصوم.، ومصدر الفتوى: إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحيين الجويين [ رقم الفتوى في مصدرها: 97]

[35] المصدر السابق رقم الفتوى (98).

[36] الحديث رواه البخاري (1954).، والفتوى ملخصة من  فتاوى اللجنة الدائمة (الفتوى رقم (2254، وغيرها).

[37] موقع فضيلة الشيخ محمد الحسن الددو.

[38] وهذا بخلاف ما قاله سعيد الكملي  في كتابه الأحكام الشرعية في الأسفار الجوية (113) وقطع بذلك ولو سأل أهل الملاحة الجوية لعلم ذلك فقد سالت بعض الإخوة الطيارين واراني خارطة الخطوط فإذا تمر بالمواقيت فلله الحمد والمنة.

[39] انظر إعلام المسافرين  السؤال رقم (106).

[40] رواه البخاري في كتاب الحج باب من لم يجد الإزار فليلبس السروايل (1843). وانظر إعلام المسافرين للشيخ ابن عثيمين (ص79-80).

[41] إعلام المسافرين (رقم 110).

[42] الاحكام الشرعية في الاسفار الجوية (135).

[43] إعلام المسافرين (رقم 111).

[44] انظر الأحكام الشرعية في الأسفار الجوية (116)

[45] وأما الشيخان محمد الحسن ومحمد باي فقد دار بيني وبينهما نقاش حول المسألة وعرفت وجهتهما في ذلك، وإنما ذكرنا الخلاف ليتسع نظر المطلع ويقف على القولين والله الموفق.

[46] إعلام المسافرين (رقم 120).

[47] الأحكام الشرعية لسعيد الكملي (149).

[48] انظر الاستذكار لابن عبد البر (5/ 217)، والمجموع للنووي (9/ 453)

[49] أحكام أهل الذمة لابن القيم (2/ 96).

[50] كما في شروح مختصر خليل من المالكية.

[51] انظر رد فتوى ابن العربي  وهي التي أجاز فيها أكل الدجاجة مفتولة العنق، (اضواء البيان للشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي (10/ 101) والتنوير والتحرير للطاهر بن عاشور (6/ 122).

[52] انظر في ذلك فتوى مقاربة لما ذكرناه في إعلام المسافرين (رقم 126) وكذلك الأحكام الشرعية للكملي (153).

[53] النهاية:(1/ 377).

[54] المغني:(2/ 32)، و الفتح:(9/ 332).

[55] الفتح (4/ 75)

[56] الفتح الرباني  (ص 170).

[57] الفتح(4/ 76).

[58] [ الزواجر 1/ 150].

[59] ينظر حاشية ابن عابدين  (2/ 465).

[60].ينظر: المجموع (8/ 343)

[61] في المجموع (8/ 341).

[62] الموقع الرسمي  للعلامة الشيخ عبد الله بن جبرين.

[63] اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (8259).

[64] لم: تكملة العوالم.

[65] أي أن الحوار وهو صغير الإبل يلغى من جملة إبل الدية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غدا سنسافر
  • مسافر زاده التقوى!!

مختارات من الشبكة

  • من لا يجب عليه الصوم (المسافر)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المسافرون إلى الدار الآخرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مختصر أحكام صلاة المسافر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حلقة: توجيهات ونصائح للمسافرين [من برنامج: يدعون إلى الخير](مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • حكم الصائم المسافر الذي أمسك في بلده، وأراد أن يفطر في بلد آخر عند غروب الشمس(مقالة - ملفات خاصة)
  • إذا أقام المسافر لقضاء حاجة لا يدري متى تنقضي (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • القول في انقطاع القصر إذا عزم المسافر على الإقامة مدة معلومة (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • تساؤلات وإجابات مسافر من وحي الخبرة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ما حكم الصوم للمسافر والمريض؟ (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • دعاء المقيم للمسافر(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب