• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

تفسير سورة البقرة.. الآيات (88: 90)

تفسير سورة البقرة (26)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/3/2012 ميلادي - 21/4/1433 هجري

الزيارات: 28131

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة.. الآيات (88: 90)

 

وقوله سبحانه وتعالى عن اعتذار بني إسرائيل الفاسد: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [88].

 

لما كانت الآية السابقة في بيان مواقفهم السيئة من أنبيائهم، وتكذيب مزاعمهم من الاستغناء بهدايتهم، جاءت هذه الآية الكريمة في بيان موقفهم من الدعوة المحمدية، وأنهم: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ ﴾ والغلف بضم اللام أو إسكانها، على قراءتين، وهو ما يحيط به غلاف يمنع من الاتصال به، فالمعني أنها مغلفة، لا ينفذ إليها شيء مما تقول يا محمد، وقد كذبهم الله بذلك، لأن دعواهم مخالفة للحس والنقل، ذلك أن الكفر والجريمة لا يولدان مع الإنسان، وإنما هما من الأمور العارضة، الناشئة عن غلبة شهوة، أو نزوة هوى، أو وسوسة شيطان، أو تأثير قرين سيئ، وإلا فالله يقول في الحديث القدسي: ((إني خلقت عبادي حنفاء وإن الشيطان اجتالتهم فأخرجتهم عن دينهم))[1] . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه))[2]، فاتضح بهذا أن القلوب جميعها ليس عليها غلاف في الأصل، ولكن يطرأ عليها من رين الإصرار على المخالفات ما يقسيها ويطبع عليها حتى لا تنتفع بالخير، ولا تتأثر بالمواعظ، ولا تهزها العبر، أو توقظها الأحداث، فكأن الفسق أو الكفر طبع لهم وسجية، لما ران على قلوبهم من زيع المخالفات، التي لم يفكروا - ولا لحظة واحدة - في شي منها، والإنابة إلى الله، فقولهم: ﴿ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ﴾ كقول كفار قريش: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾ [فصلت: 5]، فرد الله على اليهود مكذباً لهم بأن قلوبهم ليست غلفاً لا تفهم الحق بطبعها، فهذا خلاف فطرة الله، وإنما أبعدهم الله من رحمته بسبب قتلهم الأنبياء، وتعنتهم على رسالات الله، فلقد حباهم الله بكثير من الأنبياء تسوسهم بعد موسى عليه السلام: كيوشع، وشمويل، وشمعون، وداود، وسليمان، وأشعياء، وأرمياء، وعزير، وحسقيل، وإلياس، واليسع، ويونس، وزكريا، ويحيى وغيرهم، ممن كذبوا ببعضهم، وقتلوا البعض الآخر، موهمين عامتهم أنهم دجاجلة كذابون، ويحتجون على تكذيبهم وقتلهم بتحريفات وتأويلات باطلة من عند أنفسهم، لأنهم لا تستقيم لهم الرفعة في الدنيا، وطلب ملذاتها، والترؤس على الناس فيها، مع وجود الأنبياء، فكان بعضهم يستكبر عليهم أشد من استكبار إبليس على آدم، ولذا قال تعالى: ﴿ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴾. وحرف (بل) للإضراب عما قبلها، وصرف الحكم إلى ما بعدها، يعني: ليست قلوبهم غلف أصيلة كما يزعمون، ولكن لسوء أفعالهم، وشناعة مقابلتهم للأنبياء، وقبح كفرهم لعنهم الله، واللعن هو الطرد والإبعاد عن الرحمة، والمطرود عن رحمة الله لا ينتفع بهداية الأنبياء، ولا خلائقهم من المشردين. ذلك أنهم لما كفروا بالكتاب بتركهم العمل به والجناية عليه بتحريفه وفق أهوائهم وأغراضهم، أصبحوا قد أنسوا بالكفر، ورضوا به، وانطبعوا عليه، واطمأنوا إليه، فكان ذلك سبباً في حرمانهم من قبول الرحمة الكبرى بإجابة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم، فهذا هو معنى اللعن الذي حاق بهم، وجعل قلوبهم لا تصلح مستقراً للهداية، وهذه من سنن الله الكونية، فإنه العليم الحكيم، يعلم معادن الناس، والناس معادن، تبع للتراب الذي خلقوا منه، والتراب الأرضي يخرج منه الذهب الإبريز والألماس الثمين، وغيره من سائر الجواهر والأحجار الكريمة، وفيه من الخير والنفع ما الله به عليم، وفيه ما لا يصلح إلا للقاذورات، وفيه السبخ الذين لا ينبت، ولا يمسك ماء، بل في بقاع الأرض ما لا ينبت فيه إلا المر، كالحنظل، والحرمل، والجثجات، وفيه ما ينبت الفواكه والورود، فكهذا بنو الإنسان الذين خلق الله أباهم من قبضة قبضها من جميع بقاع الأرض، ولعل اليهود غلب عليهم طبع السبخة التي لا يجف ثراها، ولا يبت مرعاها، أو بعض المواقع التي هي أخس منها، والحقيقة أن خطرهم على العالم يزيد على خطر البراكين المحرقة، لأنهم يحرقون من جميع الناس مواهب الخير، فهم شياطين الإنس أخدان إبليس، بل هم - ورب الكعبة - قد أراحوا إبليس وذريته بما وضعوا للناس من أخطبوط المبادئ والمذاهب المادية، والنعرات الجنسية، والله أجرى سنته بعدم هداية من ليس فيه قابلية للهداية، كما قال تعالى: ﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ﴾ [مريم: 76] ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا ﴾ [مريم: 75]. وقد جاءت لعنة الله معللة بكفرهم حيث قال ﴿ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ ﴾ يعنى: أن كفرهم هو السبب في لعنهم، واللعن نتيجة لإعراضهم وتماديهم في الكفر العملي والاعتقادي، ذلك أن التوراة لم يكن لها سلطان على نفوسهم، ولم تكن هي المحركة لقلوبهم وجوارحهم، وإنما المحرك أهواؤهم وشهواتهم، ولذا قال تعالى: ﴿ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴾ لأن الإيمان عندهم لا يزيد على قول باللسان، أو رسم بالخيال كإيمان أفراخ الإفرنج الذين هم جزء ممن صنعوا على أيديهم بالثقافة الماسونية.

 

يزعم بعض المفسرين لقوله تعالى: ﴿ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴾ أن حرف (ما) زائدة وقد حقق كبيرهم الإمام ابن حرير أنها ليست زائدة، وهو الأليق بمقام القرآن، إذ ينزه كلام الله عن الزيادة ولكن الله أتى بهذه الكلمة لإفادة العموم تارة، ولتفخيم الشيء تارة، ويقول ابن جرير: إما يوتى بها في مثل هذا المقام كمبتدأ كلام جديد بقيد العموم، كأنه قال: إيمانا قليلاً ذلك الذي يؤمنون به، ولابن جرير وجه آخر في تفسيره، وهو أنه لا يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به إلا قليل منهم.

 

والظاهر من سياق الآية أنها من العام المخصوص بمعنى أن الكفر لم يستغرق جميع أفرادهم، وإنما غمر الأكثرين ويجوز إيمان القلة، والله أعلم.

 

ثم إن انتصاب (قليلاً) كان بنزع الخافض، أي: بقليل يؤمنون، أو: فصاروا قليلاً ما يؤمنون. وعلى أهل القرآن أن يحسنوا موقفهم من القرآن، وألا يشابهوا أهل الكتاب في موقفهم من كتابهم، وأل يستمروا في غفلتهم عن القرآن، وعدم اعتبارهم بحججه الدامغة، وتأثرهم بأساليبه العظيمة المؤثرة، فإن الاستمرار على ذلك جالب للعنة الله التي حلت باليهود.

 

قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ * بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [89، 90].

 

إن اليهود عليهم لعائن الله، لما يأّسوا نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم من قبول دعوته بقولهم: (قُلُوبُنَا غُلْفٌ)، أخبرهم الله بلعنته لهم على كفرهم السابق، لعنة تحرمهم من الهداية اللاحقة وتحول بينهم وبينها، جزاء لهم على ضلالهم القديم، ثم أخذ يزيد في تعنيفهم ويجابههم بصواعق وحيه مجابهة شديدة على ما قالوا وما فعلوا، ويهلهل شبهاتهم التي يحتجون بها، ويجردهم من كل معذرة، كي لا يبقى لهم ستر، موضحاً سبحانه وتعالى قبح كفرهم وأسبابه الخبيثة، وأنهم كفروا بالنبي الذي كانوا يرتقبونه، ويستفتحون به على مشركي العرب الكافرين الوثنيين، ومعنى يستفتحون: يستنصرون، فالفتح في اللغة: هو الحكم والفصل، ويعبر عنه بالنصر، لأن النصر يحصل بذلك، فلقد كانوا يرتقبون مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويستنصرون به على الدين كفروا، ويقولون: سيبعث من قريب نبي ننتصر به عليكم، وهذا شيء معروف، شائع من كلامهم، لا يقدرون على إنكاره، ومع هذا لما جاءهم هذا النبي الذي يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، مما ذكر الله أصافه في التوراة، ويستنصرون به على أعدائهم، فكفروا به بعد مجيئه، وناصبوه العدواة، فكفراهم في غاية القبح والحماقة، بل من أشد أنواع الكفر؛ لأنه ليس ناشئاً عن جهل أو تقليد للآباء، أو تأثرًا بالبيئة، وإنما هو ناشئ عن سوء سريرة، وخبث طوية، إنه كفر يخرج عن طور العقل، ولا يجيزه الفعل الصريح أبداً، لأنهم كفروا بما جاء مصدقاً لما معهم، ولأنه معروف لديهم غاية العرفان، ولأنهم يستفتحون به قبل مجيئه على الكافرين المحاربين لهم، فلو لم يكونوا يعرفونه، ولم يستفتحوا به، لهان الأمر، ولو لم يكن مصدقاً لما معهم فلو لما معهم، بل معاكساً، لكان لهم مساغ طائفي أن تأخذهم العزة بالإثم، ولكن الذي حصل خلاف ذلك، كل الذي حصل يدينهم ويرغم أنوفهم، لو كانوا يقصدون الحق أو يلتفتون إليه، ولكن موقفهم موقف العناد والاستكبار، بل موقفهم موقف المضادة لله، إنهم يطالبون الله أن يكون هذا النبي منهم ليس من العرب، وإنهم ناقمون من الله أن يختار لرسالته ما يريده دون ما يريدون، إن خطتهم خطيرة، وكفرهم من أشد أنواع الكفر وأقبحه، إن موقفهم شنيع، يستحق الغضب واللعنة، إنه تطاول على الله، واستدراك على الله، وانتقاد لمشيئته، وطعن في حكمته، وحسد لمن اصطفاء من عباده.

 

عن ابن إسحاق عن أشياخ من الأنصار قال: "إن هذا نزل فيهم وفي يهود المدينة، قالوا: كنا قوم عاوناهم قهراً دهراً في الجاهلية، ونحن أهل الشرك، وهم أهل الكتاب، وهم يقولون: إن نبياً سيبعث الآن نتبعه، قد أظل زمانه نقتلكم معه قتل عاد وإرم ذات العماد"[3]، والنصوص في مثل هذا المعنى كثيرة مستفيضة مشهورة، وهذه الآيات الكريمات أوضح الله فيها إغلاق قلوبهم عن الهداية بالدعوة الجديدة، كما أوضح السبب الذي من أجله كفروا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وهم كانوا من قبل يستنصرون به على المشركين، ويبشرون بقرب زمانه، ويعلنون لهم أنهم يتبعونه ويقاتلونهم معه، حتى يبيدوهم، ويقول الله: ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾، وبين الله سبحانه السبب الذي من أجله كفروا واستحقوا اللعنة، فيقول: ﴿ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ﴾. وكلمة (بئس) للمبالغة في الذم والرداءة، كما عكسها (نعم) للمبالغة في المدح والطيب، فالله يقول لليهود (بئسما) أي: بئس الذي ﴿ اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ﴾ أي باعوها فإنه يستعمل: (أشرى الشيء واشتروه) بمعنى باعه وابتاعه، يعنى: أنهم بذلوا أنفسهم وباعوها بأسوأ ثمن، لقد باعوها باللعنة والغضب من الله، بما حرصوا عليه من الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم بغياً وحسداً له صلى الله عليه وسلم، وحباً للرئاسة، واعتزازاً بالجنسية، وطمعاً في المنافع المتبادلة بين الرؤساء والمرءوسين، وحفاظاً عليها، فهذا هو ثمن أنفسهم التي خسروها بالكفر، وفقدوها، كما يفقد البائع المبيع، لا يقوم لو عرف أهله قيمته، ولكن الحسد والإغراض الدنيئة يعميان القلوب، ولو كان عندهم أدنى بصيرة، لحسبوا أضخم الحساب لقيمة أنفسهم التي خسروها بالكفر، وخسروا عزتها بالذلة، حيث لم ينضموا إلى الموكب المحمدي العزيز الكريم على الله ومن الله، لقد خسروها في الدنيا قبل الآخرة، وخسارة الآخرة أفظع وأشنع، لقد دخلوا بالكفر، وقد خرجوا به، وهو الذي كسبوه وبئسما كسبوا.

 

والذي حملهم على هذا الكفر الفظيع، الذي هو من أعظم أنواع الكفر، كما قدمناه، هو البغي الذي جرهم إليه الحسد، حسدهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختاره الله للرسالة التي يتنظرونها فيهم، وكرهاً وحقداً منهم أن ينزل الله فضله على من يشاء من عباده، وهذا بغي منهم وظلم، وأي بغي أقبح من بغي من يريد تحجير فضل الله، وتقييد رحمته بما يهوه هو، لا بما يريد الله؟ فلا يرضى من الله أن يجعل الوحي في آل إسماعيل، كما جعله قروناً متطاولة في آل أخيه إسحاق، ولهذا عادوا من هذا البغي والحسد بغضب على غضب، كما قال تعالى: ﴿ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ﴾ يعنى: عادوا بالغضب الذي استحقوه بكفرهم بمحمد عليه صلى الله عليه وسلم، على الغضب الذي استحقوه من إعناتهم لموسى، ومن تحريفهم للتوراة، ورفضهم الإيمان بها جميعاً، وكونهم يعملون منها بما يوافق أهواءهم ومصالحهم حتى حكم الله عليهم بعذاب الخزي في الحياة الدنيا، ولعذاب الآخرة أخزى، ثم توعدهم في هذه الآية بأن يعذبهم عذاباً آخر فقال: ﴿ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾، يعنى مقرون بالإهانة والإذلال.



[1] أخرجه مسلم (2865 /16) والنسائي (5 /26) وأحمد (4 /162) من حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه.

[2] أخرجه البخاري (1358، 1359، 4775، 6599) والترمذي (2138) ومالك في الموطأ (1 /241) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[3] السيرة لابن هشام (2/37) وابن جرير في التفسير (1 /410) وفي التاريخ (1 /558).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 75 : 78 )
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (79 - 80)
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (81: 82)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية ( 83 )
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (84: 85)
  • تفسير سورة البقرة.. الآية (86)
  • تفسير سورة البقرة.. الآية (87)
  • تفسير سورة البقرة.. الآية (91)
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (92: 98)
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (99 : 100)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 101 : 103 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 104 : 110 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 111 : 113 )

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: سورة البقرة الآيات (1-5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير سورة الإخلاص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- بوركتم
فاطمة - الأردن 29-05-2015 03:00 PM

من أروع ما قرأت من تفسير لسورة البقرة
أسأل الله أن يتقبله منه ويجعله صدقة جارية عن روحه
رحمه الله رحمة واسعة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب