• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 45 : 47 )

الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/7/2011 ميلادي - 26/8/1432 هجري

الزيارات: 40259

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة (9)

[45 : 47]

 

وقال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [45، 46].

يوصيهم الله سبحانه أن يستعينوا بالصبر والصلاة على تحقيق الوفاء بعهده والقيام بأمره، والتزام ما وصاهم به في التوراة من الإيمان بمحمد صلى الله وعليه وسلم والقيام بنصرته، لأن انتقاله من موقفهم المشين إلى الموقف الذي يرضاه الله يحتاج إلى قوة وشجاعة، لأنه طغى عليهم حب المادة والرئاسة وتسويل الشيطان، ووجدوا في ذلك مرتعاً خصيباً لما نسوا حظهم في الآخرة، فانتقالهم من تلك الأطماع والغرور صعب يحتاج إلى رفد عظيم، وليس هنا رفد أعظم من الصبر والصلاة، فالصبر هو احتمال المكروه بكامل الرضا والتسليم، وأركانه ثلاثة:

1- حبس النفس على مكروهاتها تسليماً لأمر الله.

2- تحمل المشقة والأذى في سبيله إيثاراً لمراد الله ورضاء به.

3- انتظار الفرج ثقة بوعد الله واستمطاراً لمدده الروحي وتأييده على المثابرة، وبتكامل أركان الصبر المؤدية إلى المقصود ينجو بنو الإنسان من الخسران في كل شأن من شئون حياتهم، ويحفهم الخير في كل منها، كما قضى الله على ذلك في سورة العصر.

 

ولا تتحقق الاستعانة بالصبر إلا برفض كل شيء وكل سبب يصرف عن صراط الله وشرعه، من اتباع الشهوات والولوع بالأنانية والملذات والبعد عن كل ما يزلف فيها، ثم بالقياس بينها وبين ما عند الله من نعيم دائم أو عذاب مقيم، فان الصبر الحقيقي لا يكون إلا بتذكر وعد الله بالجزاء الحسن العظيم للصابرين عن الشهوات المحرمة والعاملين بالطاعات المرضية لله، وأن الاستعانة بالله تكون باتباع أوامره واجتناب نواهيه.

 

وأما الاستعانة بالصلاة فلكونها أنفع الوسائل إلى حصول المأمول وإرجاع النفس إلى الله لما لها من التأثير المعنوي والروحي؛ لأن فيها معارج روحية للمصلين الصادقين الذين هم في صلاتهم خاشعون، فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، لما يحصل فيها من مراقبة الله في السر والنجوى، وحسبك بعبادة يناجي صاحبها ربه في اليوم بضع مرات أو أضعافها نافلة، وقد روى الإمام أحمد في مسنده: أن النبي صلى الله وعليه وسلام كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة[1]. وكان فيها راحة معنوية، ولهذا كان يقول: ((يا بلال، أرحنا بالصلاة))[2] ولم يقل: أرحنا من الصلاة كما هو منطق المفلسين في روح الدين. وكان يقول: ((جعلت قرة عيني في الصلاة))[3]. ومن خواصها الصبر وطرد الهلع، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [المعارج: 19-23]. ومن خواصها الجود والسخاء والشجاعة وحسن مراقبة الله، ولذا تجد المصلي الحقيقي لا يترك الحق لشهوة نفس وخوف من أحد، بل لا يبالي بما يلاقيه من المشاق والمتاعب. ذلك أن الصلاة فيها صلة عظيمة بالقوة الخفية، صلة بين العبد وربه، يستمد منها قلبه معنوية، وتجد فيها نفسه زاداً أحسن وأغلى من جميع أغراض الدنيا، وتحس فيها روحه بطمأنينة ويقين، فهي ينبوع في متناول المؤمنين، يؤمن لهم زاد الطريق، ويسهل عليهم ظمأ الهواجر، وهي المدد الروحي حين ينقطع المدد المادي فيكون للمؤمنين خير عوض ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾. وقد تكرر الأمر في القرآن بالاستعانة بالصبر والصلاة! لأن الصبر زاد معنوي لا ينضب معينه، ولا يستغنى عنه لمواجهة الشدائد، خصوصاً ما يطلب من بني إسرائيل من النزول عن القيادة والسيادة والنفع والمكاسب المادية، خصوصاً للحق الذي كتبه على غير أيديهم، وإن كثيراً من الناس يعادي الحق إذا أخذ على غير يديه، فكيف إذا كان يأخذ ما في يديه. ولذا قال تعالى: ﴿ وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ﴾. وهل الضمير راجع إلى الجملة الأخيرة التي هي الاستعانة بالصبر والصلاة، أو راجع إلى الصلاة فقط، أو هي ضمير الشأن راجع إلى جميع الجمل المتعاقبة منذ ابتداء نداء الله لهم ومطالبتهم بوفاء العهد وشكر النعمة والإيمان بالقرآن، وغير ذلك مما يجمعه الاعتراف بالحق والعمل به، وقد جاء في قواعد التفسير مراعاة جميع الضمائر في القرآن، فعلى هذا تكون هذه الأوامر المطلوبة منهم كبيرة شاقة وصعبة إلا على الخاشعين الخاضعين المخبتين لله، الخائفين من أليم عذابه وشديد عقابه، لأنهم مترقبون ما ادخر الله لهم من الثواب، فتهون عليهم الصعاب، لأنهم يتوقعون لقاء الله يوم الحشر والحساب، وأن مرجعهم إلى الله لا مرجع لهم غيره، ولذا قال سبحانه وتعالى: ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ وعبر الله بالظن للإشارة إلى أن من ظن لقاء الله لا تصعب ولا تشق عليه التكاليف، وخصوصاً الصلاة، فما ظنك بمن يتيقن لقاء الله. ومن هنا كان الاكتفاء بالظن أبلغ في التقريع والتوبيخ، كأن بني إسرائيل الذين يلبسون الحق بالباطل ويأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، لم يصل إيمانهم بالله وبكتابه ولقائه إلى درجة الظن الذي يأخذ صاحبه بالأحوط فيما يقول ويعمل، وإنما إيمانهم تقليدي موروث لا ينفعهم في الدنيا ول في الآخرة، وقد فسر (الظن) كثير من المفسرين هنا باليقين؛ لأن استعمال (ظن) ومشتقاته في معنى اليقين كثير في القرآن وفي لغة العرب، ولا شك أن اليقين بالرجعة إلى الله وحده هو الباعث على تحمل التكاليف والصبر عليها من فعل وترك، وهو مناط التقوى للإحساس العميق الذي يحصل به الوزن الصحيح لجميع القيم، التي متى استقام ميزانها بدت جميع الدنيا بخزائنها ومعادنها وخيراتها وثرواتها وزينتها ثمناً قليلاً جداً بالنسبة إلى عند الله للمؤمنين في الدار الآخرة. ومما جاء في القران من استعمال الظن بمعنى اليقين قوله تعالى: ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً ﴾ [البقرة: 249] وقوله: ﴿ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 20] أي: أيقنت. وقوله تعالى: ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا ﴾ [الكهف: 53] أي: أيقنوا. ومن كلام العرب قول دريد بن الصمة:

فقلت لهم ظنوا بالفي مدجج ♦♦♦ سرتهمو في الفارسي المسرد

 

فقوله: ظنوا، أي: أيقنوا. وقول عمير بن طارق:

فإن يعبروا قومي وأقعد فيكمو ♦♦♦ وأجعل مني الظن غيباً مرجما

أي: أجعل مني الظن غيباً، وعلى كل حال فلو لم يجعل الظن بمعنى اليقين في هذه الآية لكان له مساغ قوي لواقع بني إسرائيل، خاصة لأنه مشعر بذلك ولا يرد عليها كون الظن لا يغني من الحق شيئاً لكونهم متلبسين بذلك.

 

وقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [48، 47].

يعيد الله نداءه لليهود بنفس اللقب الذي يحبونه وبأسلوب آخر في التذكير، يهز مشاعرهم ويفتح قلوبهم لو كان عندهم وجدان، وذلك لخطورة موقفهم من الإسلام والمسلمين، وتنكرهم لنعمة الله ونقضهم لعهده، بل لعهوده جميعها بمناصبتهم العداوة للإسلام والمسلمين، وجنايتهم على التوراة بالتحريف والتلبيس، وقيامهم بالمؤامرات المتواصلة منذ فجر الإسلام حتى الآن لم تنقطه، ولم تفتر ولم تتغير إلا في الشكل دون الحقيقة، على الرغم من أنهم مطاردون في جميع بقاع الأرض لا يجدون الظل الظليل إلا في الإسلام وبين أهله، لأنه مفتوح ينكر الاضطهادات الدينية والعنصرية التي لا تزال قائمة في غير المجتمع الإسلامي حتى هذا العصر المسمى بعصر النور والحرية أفكاً وزوراً، فلم يشفع للمسلمين رحابة صدورهم وسماحة دينهم وسعة عدلهم.

 

واليهود هذا الزمان تفاقم شرهم بسبب ما أحدثوه من الخواء الروحي والإفلاس في الدين بواسطة الثقافة التي ركزها كل مستعمر من الغرب والشرق بتعليم منهم وتصميم، حتى أقاموا في الشعوب التي فسروا لها معنى الحرية تفسيراً ملتوياً، وزرع بذور الخلاف وتجسيمه باسم الأحزاب إلى مذاهب متطاحنة ومبادئ متنافرة أقامت فيما بينها أندية الإباحية والتعري والفوضى! لكي يحرفوا العالم عامة والعرب والإسلام خاصة، ليضمنوا لأنفسهم من هذا الاستصباح بلهيب تلك النار، بل استخدموا جميع الوسائل الدينية لشراء الضمائر وتأديب أمة بيد أمة أخرى، بل لتأديب الشعب الواحد ببعض أبنائه العاقين الحاقدين.

 

وما هذه الثورات والانقلابات التي ابتدأت في بريطانيا وفرنسا وضربت خيامها الآن في أفريقيا والشرف الأوسط إلا تنفيذاً لخططهم التي أوصت بها (حاخاماتهم) ومحافل ماسونيتهم. ومن العجب أنهم يوحون لعملائهم التفريق بين الصهيونية واليهودية فخدعوا الجهال المتعلمين وجعلوهم يرمون الصهيونية بكل نقيصة وجريمة، ويربطون أفواههم وأقلامهم بسلسلة احترام اليهود حتى زعموا أن اليهود إخوانهم وأنهم لا يعادون إلا الصهيونية، وهذا من فرط جهلهم بوحي الله الذي فضحهم بدون تفريق وكشف لنا حقيقة اليهود، أنها صهيونية مند العهد القديم كما سيراه القارئ والمستمع من توضيح مئات الآيات نصاً وشرحاً، وأن كل يهودي هو صهيوني مهما تقنع بشتم الصهيونية إفكاً وخداعاً، وأن كل صهيوني هو يهودي، واسمع كلام رب العزة كيف يفضحهم زيادة على الآيات المتقدمة مبتدئاً الكلام معهم بما يفتح قلوبهم لو كان عندهم ضمير: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ ففي هذه الآية تاكيد لما تقدم، وتمهيد لما عطف عليه من التفضيل الذي هو من أجلِّ النعم، فان في هذا التذكير مطالب وتهديداً:

منها: أن هذه المكرمة وهذه النعمة التي أكرمهم وخصهم بها من تفضيلهم علة أمم زمانهم وإكرامهم بنعم لم تحصل لغيرهم ينبغي ذكرها وشكرها، فمِن شكرها الإيمان بكل نبي يرسله الله، وعلى الأخص خاتم النبيين محمد صلى الله علية وسلم لهداية جميع البشر، ومن لم ينكر هذه النعمة، بل جعلها حجة للإعراض عنه والازدراء بما جاء به فقد كفر بهذه النعمة، وكان مستحقاً لمزيد الخزي والنكال الذي كتبه الله عليهم لما حرفوا وبدلوا، خصوصاً لما زعموا أن فضل الله محصور فيهم وأن الله وقف عليهم.

وثانياً: أن الله الذي فضلكم على غيركم فيما فضل له أن يفضل غيركم عليكم خصوصاً إذا تجاهلتم سبب التفضيل، ولم تشكروا نعمة الله عليكم فيه، لأن العقل فضلاً عن الدين يقضي بأن يكون المفضل أولى بالسبق إلى الفضائل ممن فضل عليه، وإلا فما قيمة التفضيل؟ لا بد من انعكاس الأمر إذا لم يغلب هو المفضل عليه بكل فعل فضيلة.

وثالثاً: إن كان هذا الفضل بسبب كثرة الأنبياء، فلا مزاحم لهم فيه، لكنه فضل إجمالي بحيث لا تقتضي تلك الفضيلة أن يكون كل فرد منهم أفضل من كل فرد من غيرهم، بل ولا تمنع أن يفضلهم أخس الشعوب إذا انحرفوا عن هدي أنبيائهم واهتدى بهديهم غيرهم.

ورابعاً: أن كان تفضيلهم بالقرب من الله باتباع شرائعه، فالفضل مقصور على المستقيمين منهم على ذلك، وإما المنحرف فله نصيب من المثل السيئ الذي ضربه الله لهم من التشبه بالكلب والحمار، ومن اللعنة على لسان داود وعيسى ابن مريم.

خامساً: أنهم ليسوا بأفضل من أمة محمد صلى الله علية وسلم على الإطلاق لورود النصوص بفضل هذه الأمة وخيريتها ما دامت مستقيمة على عناصر الفضل والخير.

 

وهكذا نداء الله لبني إسرائيل فإنه ناداهم باسم أبيهم الذي هو منشأ فخرهم وأصل عزهم، وأسند النعمة والفضل إليه لشمولهما إياهم، والتفضيل لم يأتهم لمجرد نسبهم، أو سواد عيونهم وإنما جاءهم لتمسكهم بالفضائل واجتنابهم الرذائل لما كانوا متمسكين بالتوراة، عارفين أن من كان مفضلاً شريفاً يترفع عن الدنايا والرذائل، فلما خلف منهم خلوف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وأساءوا التصرف بالكتاب، فأخذوا يقولون على الله غير الحق، لأنهم أخذوا العرض الأدنى من المال أو الشهوة مع علمهم بتحريمه عليهم، وقالوا سيغفر لنا، وإن عرض لهم عرض أخر أخذوه، فهم مصرون على ذلك حتى أهدروا كرامتهم بأطماعهم وأغراضهم، وانحطوا من جميع مراتب الفضل، والله سبحانه وتعالى يناديهم مذكراً لهم بمفخرتهم، وطالباً منهم تجديد شكرهم له، مؤكداً حجته عليهم: ومحذراً لهم من التمادي في الشرود عن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قرن ذلك بالوعيد حيث قال: ﴿ واتقوا يوما ﴾ كأنه يقول: أن لم تطيعوني لأجل إنعاماتي القديمة فأطيعوني للخوف من عقابي في المستقبل، وخصوصاً في يوم يقع فيه من الأهوال ما لا طاقة بكم على دفعه، ولا منجاة لكم فيه إلا بتقوى الله في السر والعلانية، فاتقوني لهذا اليوم الذي تنقطع فيه الأسباب، وتبطل منفعة الأنساب والأحباب، وتتحول فيه سنة الحياة الدنيا من دفع المكروه عن النفس بالفداء، أو بنصرة الأخلاء أو بشفاعة الشفعاء، بل لا يقبل من أي نفس عدل، يعني: لا يؤخذ عنها فداء مهما كثر، لو قدر استطاعتها على ذلك، ولا يقبل منها شفاعة مهما جاءت بشفيع، لأنه يوم لا تنفع فيه الشفاعة ﴿ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴾ [طه: 109]، ولأنه يوم لا ينصر المجرمون فيه ولا يجدون أحداً يمنعهم من العذاب، فهو يوم تضمحل فيه جميع الوسائل إلا ما كان من إخلاص في المقاصد ومتابعة للمصطفى صلى الله عليه وسلم في الأعمال، ودون ذلك لا ينجي شيئاً، فقوله تعالى: ﴿ لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ﴾ يعني: لا تنوب نفس عن نفس ولا تتحمل عنها شيئاً مما أصابها، وقوله سبحانه تعالى: ﴿ ولا هم ينصرون ﴾ فيه نفي كامل للتناصر، لأنه لا يكون إلا في الدنيا بالمخالطة والقرابة والمحالفة وملاحظة المصالح، وإما يوم القيامة فتنقطع النصر، والخلة والشفاعة كما قال تعالى: ﴿ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [المؤمنون: 101] بل يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، ولا يبقى شفاعة إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم فيما يأذن الله له ويحد له، كما ورد في حديث الشفاعة، وأولى الناس بشفاعته مَن أخلص التوحيد لله، متبرئاً من كل طاغوت وشيطان، وفي هذه الآية أعظم تحذير من المعاصي، لأنها بريد الشرك وأقوى ترغيب في الإسراع بالتوبة، لأنه إذا تصور أن ليس بعد الموت استدراك ولا فداء ولا نصر ولا شفاعة، بادر في التوبة دون تسويف، والله المستعان.



[1] أخرجه أبو داود (1319) وأحمد (5/ 388) وأبو عوانة (4/ 321) وابن نصر في الصلاة (1/ 231) من طرق عن عكرمة بن عمار عن محمد بن عبد الله الحنفي عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة عن حذيفة رضي الله منه مرفوعاً فذكره.

[2] أخرجه أبو داود (4985) وأحمد (5/ 364) من طريق سالم بن أبي الجعد عن رجل. وأورده الدراقطني في العلل (4/ 120) وقال: هو حديث يروى عن سالم بن أبي الجعد واختلف عنه. اهـ

ورجح الدراقطني رواية عمرو بن مرة عن سالم عن رجل من خزاعة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[3] أخرجه النسائي (7/ 61) واحمد (3/ 128، 199، 285) وابن نصر في الصلاة (68/ 2) من حديث أنس رضي الله عنه.

وللحديث طرق في كل منها مقال:

أما الأولى: ففيها سلام أبو المنذر، قال ابن عدي في الكامل (3/ 309): منكر الحديث.

وأما الثانية: ففيها جعفر بن سليمان الضبعي، قال ابن المديني في الجرح والتعديل (2/ 481): أكثر جعفر - يعني ابن سليمان - عن ثابت وكَتَبَ المراسيل، وفي أحاديثه منا كير عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما الثالثة: ففيها يحيي بن عثمان الحربي، قال العقيلي في الضعفاء (265) - بعد أن ساق له الحديث -: لا يتابع عليه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (1 : 16)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 17 : 24 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 25 : 27 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآية ( 28 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 30 : 36 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآية ( 37 )
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (38: 41)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 40 : 44 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 49 : 50 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 51 : 57 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 58 : 60 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآية ( 61 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآية ( 63 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (64)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 67 : 74 )
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (81: 82)
  • تفسير سورة البقرة.. الآية (91)

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تفسير بعض من سورة البقرة ثم تفسير سورة يس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: سورة البقرة الآيات (1-5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقدمة بين يدي تفسير سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الفاتحة وسورة البقرة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب