• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

الخمسون النبوية الشاملة (7 /10)

الشيخ محمد بن عبدالله العوشن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/12/2010 ميلادي - 24/12/1431 هجري

الزيارات: 15564

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخمسون النبوية الشاملة (7 /10)

الحديث الحادي والثلاثون


عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ في الإسْلَامِ سُنّةً حَسَنَةً، فعُمِلَ بها بَعْدَهُ، كُتِبَ له مِثْلُ أجْرِ مَنْ عَمِلَ بها، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أجُورِهِمْ شَيْءٌ، ومَنْ سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئةً فعُملَ بها بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بها، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» أخرجه مسلم[1].


 

راوي الحديث:

جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك البجلي، قدم المدينة النبوية مُسْلمًا عام الوفود سنة تسع، ولما دخل المسجد رماه الناس بأبصارهم، فسألهم: هل ذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: نعم، ذكرك بأحسن ذِكْر فقال: «يدخل عليكم رجلٌ من خَيْرِ ذي يَمَن، على وجهه مَسْحَةُ مَلِكٍ»[2].

 

كان جميلًا؛ ولذا كان عمر الفاروق ينعته بـ: يوسف هذه الأمة. وكان يقول: «ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحك»[3]. أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صنم ذي الخلصة ليهدمه، فشكا أنه لا يثبت على الخيل، قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في صدري وقال: «اللهم ثبِّته، واجعله هاديًا مهديًا»[4]. توفي رضي الله عنه سنة 15 هـ وقيل بعدها.

 

معاني الكلمات:

1- سنّ: ابتدأ أمرًا، بقوله أو فعله. 

2- وِزْر: إثم.

 

الشرح:

يبيّن صلى الله عليه وسلم في الحديث أهمية الدلالة على أمر الخير، وأجْر من سنّ ذلك، والتحذير من الدعوة إلى أمور الشر. قال النووي رحمه الله تعالى: «سواء كان ذلك الهدى والضلالة هو الذي ابتدأه أم كان مسبوقًا إليه، وسواء كان ذلك تعليم علمٍ، أو عبادةٍ، أو أدبٍ، أو غيرِ ذلك»[5]، وسبب الحديث: أن قومًا فقراء جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأثّر لمّا رآهم، فخطب في أصحابه يدعوهم إلى الصدقة «فجاء رجل من الأنصار بصّرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، ثم تتابع الناس..» حتى سُرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وتهلّل وجهه، فقال: «من سنّ..» الحديث، وليس المراد أن يبتدع الإنسان في دين الله، وإنما أن يجدِّد سُنَّةً مِنْ سُنن الإسلام، كنشر العلم الشرعي في منطقة يغلب الجهل على أهلها، وكذا إيجاد حِلَق لتحفيظ القرآن عند من تخلو أحياؤهم أو ديارهم، ومثلها الدور النسائية لتحفيظ القرآن الكريم، وغير ذلك من السنن التي لها أصل في الشرع.

 

فكم من الأجور العظيمة في ميزان من سن سنة حسنة دون أن ينقص ذلك من أجر العالمين، وهذا من فضل الله العظيم.

 

وبضدّ ذلك من سنّ سنة سيئة، فعليه إثمها وإثم كل من اتبعها دون أن ينقص ذلك من آثامهم. فليحذر المرء أن يكون من دعاة الضلالة بقوله أو بفعله، وممن يسنّون سنة سيئة. وكم من صاحب بدعة وهوى، وفسق وفجور استنّ ودعا إلى سنة سيئة فباء بوزرها، وبوزر من أجابه إليها: ﴿ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [النحل: 25].

 

ما يستفاد من الحديث:

1- الحثّ على المبادرة إلى الخيرات، والدعوة إليها.

2- التحذير من سنّ السنن السيئة أو الدعوة إليها.

3- عِظَمُ أجر من سن سنة حسنة.

4- عِظَمُ جُرم وإثم من سنّ سنة سيئة.

5- سعة فضل الله عزّ وجل، وكمال عدله.

• • • •


الحديث الثاني والثلاثون

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ [أحَدٌ] إلّا غَلَبَهُ» أخرجه البخاري[6].


 

راوي الحديث:

سبقت ترجمته رضي الله عنه في الحديث الرابع عشر، والحديث السادس عشر.

 

معاني الكلمات:

1- يشادّ: يغالب.

 

الشرح:

يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن «الدين يسر» أي دين الإسلام، كما قال تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185] ، فهو دين «ميسّر مسهّل في عقائده وأخلاقه، وأعماله، وفي أفعاله وتروكه..»[7].

 

قال ابن حجر: «والمعنى لا يتعمّق أحدٌ في الأعمال الدينية ويترك الرِّفق إلا عجز وانقطع فيُغلَب. قال ابن المنيِّر: في هذا الحديث عَلَم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أنّ كلَّ متنطّعٍ في الدِّين ينقطع..»[8]، وقد أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعاقبة التنطّع بقوله «هلكَ المتنطعون» قالها ثلاثًا[9]، ودعا إلى التيسير، ولماّ بعث معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري إلى اليمن للدعوة قال لهما: «يسّرا ولا تعسرا، وبشّرا ولا تنفّرا»[10].

 

ومن القواعد الفقهية المعروفة: «المشقّة تجلب التيسير». والناس مع أوامر الشرع ثلاثة أصناف: إفراط وتفريط ووسط، وخير الأمور الوسط، وهو هدي أورع الناس واتقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلم الناس بالله وأخشاهم له.

 

ومن تورّع من شيء فلا حرج عليه، لكنه لا يحرمّه على غيره، ولا ينكره عليه دون دليل شرعي، وعليه ألّا يضيقَ بالرأي المخالف له، ما دامت له أدلّته الشرعية، وهذا من سماحة هذا الدين. جاء رجل إلى الإمام أحمد رحمه الله وقال: صنّفتُ كتابًا سميته: كتاب الاختلاف، فقال الإمام أحمد: سمّه: كتاب السَّعَة[11].

 

ولذا كان هذا الإمام يُعلّم أصحابه أن لا يضيّقوا واسعًا، وكان يقول لهم: لو أن رجلًا لم يرَ الوضوء من الدّمِ ثم صلّى، ألم تكن تُصلّي خلفه؟ أفلا نصلي خلف سعيد بن المسيب، ومالك ممّن سهّل الوضوء من الدم؟ قال: بلى نصلي. وكذا لو أن رجلًا لم يرَ المسح على الخفين، فقد كان مالكٌ لا يرى المسح على الخفيّن في الحَضَر، لا ينبغي أن يُصلى خلفه؟ قال: بلى[12].

 

ولا يعني أن الدين يسر أن يتبّع الإنسان الرُّخَص. فكما قال أهل العلم: مَنْ تتبّعَ الرخص تَزَنْدَق.

وقال بعضهم: إذا أخذتَ برخصة كلّ عالم اجتمع فيك الشرّ كلّه.

 

ما يستفاد من الحديث:

1- سماحة دين الإسلام ويُسر أحكامه.

2- من غالب الدين وشدّد على نفسه غُلب.

3- من ترك شيئًا تورّعًا فلا يحرّمه على غيره.

• • • •

 

الحديث الثالث والثلاثون

عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ في شَيْءٍ إلّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إلّا شَانَهُ» أخرجه مسلم[13].


 

راوي الحديث:

سبقتْ ترجمتها رضي الله عنها في الحديث الثالث، ويضاف إليها: ما أخرجه الشيخان عن أنسرضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فَضْلُ عائشةَ على النِّساء كفضل الثَّرِيد على سائر الطعام»[14]، وقال لها: «إنّ جبريل يُقرِئك السلام»[15]، وتوفيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلى صدرها في بيتها، وفي يومها.

 

معاني الكلمات:

1- زَانَه: حسّنه.

2- شَانه: عَابَه.

 

الشرح:

جاء الإسلام بالحثّ على الرّفق والترغيب فيه، والنهي عن ضدّه، والتحذير منه. وبيّن -صلى الله عليه وسلم- «أنَّ من يُحرَم الرِّفق يُحرم الخير»[16]، وأنّ الله «يُعطي على الرِّفق ما لا يُعطي على العنف»[17]. قال الله عزّ وجلّ في وصف نبيه -صلى الله عليه وسلم-:﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]، والإنسان يحتاج إلى الرفق في كل أحواله، في معاملة مع أهله، ومع إخوانه وأصدقائه، ومع الناس أجمعين.

 

وهو مهم جدًا للداعية إلى الله، ومن أهم عوامل نجاحه.

 

ولهذا فإن الإنسان إذا عامل الناس بالرّفق يجد لذّةً وانشراحًا، وإذا عاملهم بالشِّدَّة والعنف ندم، ثم قال: ليتني لم أفعل، لكن بعد فوات الأوان أما إذا عاملهم بالرفق واللين والأناة انشرح صدره، ولم يندم على شيء فعله.

 

ما يستفاد من الحديث:

1- الحثّ على الرفق، وهو من الخصال التي يحبّها الله.

2- كلّ عمل يخلو من الرفق فإنه مُعاب.

3- التحذير من العنف، والنهي عنه.

• • • •


الحديث الرابع والثلاثون

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ العَبْدَ ليَتكَلّمُ بالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ لا يُلْقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُ اللهُ بِها دَرَجَاتٍ، وإنَّ العَبْدَ ليَتكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِنْ سَخِطِ اللهِ لَا يُلْقِي لهَا بَالًا يَهْوي بِها في جَهَنَّمَ» أخرجه البخاري[18].


 

راوي الحديث:

سبقت ترجمته رضي الله عنه في الحديث الرابع عشر، والحديث السادس عشر.

 

معاني الكلمات:

1- لا يلقي لها بالًا: لا يهتمّ بها، ولا يفكّر في عاقبتها.

2- يهوي: ينزل.

 

الشرح:

أرشد الحديث إلى أهمية حفظ اللسان، وأن المرء محاسب على ما يقول: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]. بل بيّن صلى الله عليه وسلم أن حفظَ اللّسان من أسباب دخول الجنة: «من يضمن لي ما بين لَحييه وما بين رِجْليه أضمن له الجنة»[19].

 

«إنّ العبد ليتكلم بالكلمة» وليس المراد كلمة واحدة، وإنّما: «الكلام المشتمل على ما يُفْهِمُ الخير أو الشرّ سواء طال أو قصر، كما يقال: كلمة الشهادة..»[20]. «لا يُلقي لها بالًا»، أي: «لا يتأمّلها بخاطره، ولا يتفكر في عاقبتها ولا يظن أنها تؤثِّر شيئًا، وهو من نحو قوله تعالى: ﴿ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15].

 

«يهوي» قال عِيَاض: المعنى ينزل فيها ساقطًا[21]. «قال ابن عبد البرّ: الكلمة التي يهوي صاحبها بسببها في النار هي التي يقولها عند السلطان الجائر، وزاد ابن بطّال: بالبغي أو بالسعي على المسلم فتكون سببًا لهلاكه، وإن لم يُردْ القائل ذلك، لكنها ربّما أدّت إلى ذلك فيكتب على القائل إثمها. والكلمة التي ترفع بها الدرجات ويُكتب بها الرضوان هي التي يدفع بها عند المسلم مظلمة أو يفرّج بها عنه كربة، أو ينصر بها مظلومًا.

 

وقال غيره في الأُولى: هي الكلمة عند ذي السلطان يرضيه بها فيما يُسخط الله. قال ابن التِّين: هذا هو الغالب، وربّما كانت عند غير ذي السلطان ممن يتأتّى منه ذلك»[22].

 

وقد عُني السلف رحمهم الله  بحفظ اللسان، وكثرت ألفاظهم في ذلك، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: «ما على الأرض شيءٌ أحوج إلى طول سجن من لسان»[23].

 

وقال مَعْروف الكَرْخي: «كلامُ العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله»[24]، وقال حاتم الأصمّ: لو أنّ صاحب خبر جلس إليك ليكتبَ كلامك لاحترزتَ منه، وكلامك يُعرض على الله فلا تحترز[25]! ولماّ رَوى علقمة ابن وقّاص حديث بلال بن الحارث-رضي الله عنه-عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنّ الرَّجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله...وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله..» كان يقول: كَمْ من كلامٍ مَنَعنيه حديث بلال بن الحارث[26]!.

 

ألاَ فليتذكرّ كل واحد منّا أنه سيحاسب عند كل قولٍ قاله، إن خيرًا فخير وإن شرًا، وليتذكر كل كاتب أنه محاسب على ما يكتب، فليتقّ الله كتّاب الصحف، والمجلات، والمواقع الالكترونيّة فيما يسطرونه في زواياهم ومقالاتهم، والمتحدثون في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة فيما يلفظونه في برامجهم وحواراتهم: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].


ما يستفاد من الحديث:

1- أنّ العبد مُحاسبٌ على كل لفظ يقوله.

2- الحرص على رضوان الله، والحذر من سخطه.

3- قد يرتقي المرء درجات الجنة، وقد يهوي في مدارك النار بكلام يقوله.

4- العاقل من يتوقّى عثراتَ لسانه، أشدّ من توقيّه عثرات قدمه.

• • • •

 

الحديث الخامس والثلاثون

عن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» أخرجه  أحمد وأبو داود[27].


 

راوي الحديث:

سبقت ترجمته رضي الله عنه في الحديث الثاني، والحديث السادس.

 

شرح الحديث:

من مقاصد الشريعة أن يتميّز المسْلم عن غيره، فلا يتشبّه بغير المسلمين، لأنّ له شخصيته المستقلّة، فهو معتزٌّ بدِينه، لا يشعر بالهوان ولا المذلّة، ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]. والتشبّه بالغير يكون سببه الإعجاب، ويُورث -غالبًا- المحبة.

 

والتشبه على قسمين:

الأول: مندوب إليه مثل: التشبّه بأهل الفضل والصلاح، قال الله عزّ وجلّ بعد أن ذَكَرَ بعضَ أنبيائه: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 90]. والنظر في سِيَرِ الأنبياء والعلماء وأخبارِهم ممّا يُرغَّب فيه؛ للتأسّي بهم:

وتَشَبَّهُوا إنْ لَمْ تَكونُوا مِثْلَهُمْ ♦♦♦ إنَّ التَشَبَّهَ بِالكِرَامِ فَلَاحٌ


القسم الآخر: مَنْهيٌ عنه، مثل: التشبّه بالكافرين والفاسقين، قال الإمام ابن تيمية عن الحديث: «وهذا الحديث أقلّ أحواله أن يقتضي تحريم التشبّه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كُفْرَ المتشبِّه بهم»[28] وقال - رحمه الله -: «المشابهة في الظاهر تورث نوعَ مودّةٍ ومحبةٍ، وموالاةٍ في الباطن، كما أن المحبّة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يَشْهَد به الحسُّ والتجربة..» [29].

 

ومن التشبّه المحرّم: تشبه الرجال بالنساء والعكس. قال ابن عباس-رضي الله عنه-: «لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال»[30] قال ابن تيمية: «والرجل المتشبّه بالنساء يكتسب من أخلاقهن بحسب تشبّهه.. ولماّ كان الغِنَاءُ مقدمةَ ذلك، وكان من عمل النّساء كانوا يُسمُّون الرجال المغنين مخانيث، والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب من أخلاقهم، حتى يصير فيها من التبرّج والبروز ومشاركة الرجال، ما قد يفضي ببعضهن إلى أن تُظْهِرَ بدنها كما يُظْهِرُه الرَّجل..» [31].

 

وإنّك لتعجَبُ مِنْ رجل يلبس لِبْسَة المرأة، ثم يخرج بعد أن يزيل كلّ شعرة من وجهه، ووضع المساحيق على الملأ في الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، وما عَلِمَ هذا المنكُوسُ والمصفقونَ له أنَه مَلعُونٌ على لسان الصادقِ المصدوقِ صلى الله عليه وسلم.

 

ومن التشبّهِ المذموم: التشبّه بالبهائم. وقد ذكر الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى ستّة أوجه في منع ذلك[32]. لكنْ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: «...فإنْ كان المقصود بذلك  التشبّه بالحيوانات التعليم، أوْ مجرّد اللعب معهم (الأطفال) فإنّه لا يُعدُّ متشبِّهًا بالحيوان؛ لأنّه لم يقصد»[33].

 

ما يستفاد من الحديث:

1- التشبّه بالكافرين محرّم، وقد يصل إلى درجة الكفر.

2- على المسْلِم أنْ يعتزّ بدِينه.

3- مَنْ أحَبَّ قومًا حُشِر معهم.



[1] رقم (2674).

[2] أخرجه الإمام أحمد، الفتح الرباني (22/211).

[3] أخرجه البخاري (3822)، ومسلم (2475)، وفي رواية لهما: «إلا تبسّم في وجهي».

[4] أخرجه البخاري (3020)، ومسلم (6366).

[5] شرح مسلم (16/227).

[6] برقم (39).

[7] بهجة قلوب الأبرار، ص(125).

[8] فتح الباري (1/94)، وتأمّل حولك تجد هذا  الأمر حقيقة واقعة.

[9] أخرجه مسلم (2670).

[10] أخرجه البخاري (3038)، ومسلم (1733).

[11] طبقات الحنابلة (1/111).

[12] التمهيد (11/139) بتصرف.

[13] رقم (2594).

[14] البخاري (3769)، مسلم (2446).

[15] البخاري (3768)، مسلم (2447).

[16] مسلم (2592).

[17] مسلم (2593).

[18] رقم (6478).

[19] البخاري (6474).

[20] فتح الباري (11/310).

[21] فتح الباري (11/311).

[22] فتح الباري (11/311).

[23] أخرجه ابن المبارك، رقم(384).

[24] تاريخ الإسلام (191/403).

[25] تاريخ بغداد (8/237).

[26] الصمت وآداب اللسان، رقم(70).

[27] المسند (5114)، سنن أبي داود (4031)، وصحّحه الأئمة: ابن تيمية، الفتاوى (25/331) واقتضاء الصراط المستقيم (1/240)، والعراقي، تخريج الإحياء، رقم(797)، وابن حجر، الفتح (10/271، 274)، وأحمد شاكر، وابن باز، فتاواه (12/21)، والألباني، صحيح الجامع (6025).

[28] اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/241)، وعنوان الكتاب مُفصح عن مضمونه.

[29] السابق (1/488).

[30] أخرجه البخاري (5885).

[31] الفتاوى (22/154).

[32] الفتاوى (32/256 ـ 260).

[33] شرح بلوغ المرام (3/65).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخمسون النبوية الشاملة (2 / 10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (3/10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (4 / 10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (5/10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (6 /10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (8 /10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (9 /10)

مختارات من الشبكة

  • الخمسون النبوية الشاملة (10/10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخمسون النبوية الشاملة(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المغرب: مؤتمر يدعو لإنجاز السيرة النبوية الشاملة(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أثر استخدام المكتبة الشاملة في خدمة السنة النبوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • السيرة النبوية الكاملة الشاملة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأحاديث الخمسون المختارة فيما يتعلق بشهر رمضان وصيامه وقيامه (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • الفوائد الخمسون فيما يحتاجه الحجاج والمعتمرون(مقالة - ملفات خاصة)
  • الفوائد الخمسون فيما يحتاجه الحجاج والمعتمرون(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخمسون الغراء في الأحاديث المتعلقة بفقه النساء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء من كتاب التاريخ (الجزء الخمسون) (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب