• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تحقيق القول في مخالفة بعض فروع الحنفية أصول المذهب

د. محمد علي إبراهيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/6/2010 ميلادي - 25/6/1431 هجري

الزيارات: 80666

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحقيق القول في مخالفة بعض فروع الحنفية أصول المذهب

 

المقدمة:

إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِ الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، والصلاة والسلام على رسولِ الله السِّراج المنير، المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحْبه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

 

أما بعدُ:

فإنَّ صَرْح الفِقه الإسلامي بُني على قواعدَ أصوليَّة مُحكَمة منضبطة، مؤصَّلة بأدلة شرعيَّة معتبَرة، فكلُّ مجتهد بَنى فقهه على تلك القواعد، وهي في أذهان المجتهدين قبلَ عصر التَّدْوين، وفي عصْر التدوين أُلِّفت كتُب بُيِّنت فيها حقائق تلك القواعد، وشروط صحَّة العمل بها، وبذلك بدأ اكتمالُ بناء علْم أصول الفِقه؛ تأليفًا، وتحقيقًا، وتأصيلاً، ووصل في بنائه الذروة في القرن الخامس الهجري، وظهرتْ مؤلَّفات في الأصول لكلِّ مذهب من المذاهب الأربعة.

 

والمعلوم أنَّ الأصلَ مُوافقةُ فروع المذهب أصول المذهب؛ لأنَّها تُبنَى عليها، ولكن جاء في بعض كتُب أصول الشافعية ما يُخالف هذا الأصل، حتى نُقِل أن فروع الحنفية خالفتْ أصولهم في جريان القياس في الحدود، والكفَّارات، والتقديرات، والرُّخَص، وجريان القياس في المعدول به عنِ القياس، ولا يستنكر مخالفةُ بعض الفروع للأصول في أيِّ مذهب من المذاهب؛ لأنَّ إدراج المسألة الفرعيَّة الجزئيَّة في القاعدة الكُليَّة قضية ظنيَّة، فقد يخالف فيه البعضُ ظنًّا منهم أنَّ الفرع مخالِف للأصل، والذي أثار استغرابي كثيرًا بناءُ إمام الحرمَيْن[1] على هذه النقول نفيَ معرفة الحنفية عِلمَ الأصول، وأنَّ أبا حنيفة أرسل فروعَه جُزافًا من غير بناء على الأصول، حيث قال - بعد أن ذكر أنَّ فروعهم خالفتْ أصولهم -: "وبالجملة ليس معهم مِن علم الأصول قليلٌ ولا كثير، وإنْ أقام واحد منهم لقبَ مسألة، فسننقضها في تفصيل الفروع، فإنَّ صاحبهم ما بَنى مسائله على أصول، وإنما أرْسلها على ما تأتَّى له، فمن أراد مِن أصحابه ضبطَ مسائله بأصل تناقض عليه القولُ في تفصيل الفروع"[2]، فإنَّ هذا الكلام العجيب غير مقبول، وإنْ صدر من هذا العَلَم في الأصول والفقه؛ لمخالفته الواقع، لأنَّ بناء أبي حنيفة - رحمه الله - فروعَه على أصول منضبطة، ومعرفةُ الحنفية أصولَ الفقه ليس محلاًّ للشك.

 

وكذلك معروف لدَى العلماء أنَّ منهج الحنفية في أصولِ الفقه قائمٌ على العناية الشديدة في مراعاة انضباط فُروعهم بأصولهم، وواقع أصولهم يُفصِح بكل وضوح عن بناء أبي حنيفة فروعَه على أصول، ومعرفة علماء الحنفية أصولَ الفقه، فلا حاجة إلى التحقُّق مِن ذلك، وإنَّما الحاجة إلى التحقُّق مِن دعواهم مُخالفة أصول الحنفيَّة لفُرُوعهم؛ ولذا عقدتُ العزم على البحْث في معرفة حقيقةِ مخالَفة فروعِهم أصولَهم في تلك المسائل المذكورة، وسميته: بـ"تحقيق القول في مخالفة بعضِ فروع الحنفية أصولَ المذهب"، ووضعتُ خطة له تتكوَّن من مبحثَين، وخاتمة، وتحتَ كلٍّ منهما مطالب:

المبحث الأول: في تعريف القِياس عند الحنفية، وشروط صحَّته.

المطلب الأول: تعريف القِياس عندَهم.

المطلب الثاني: شروط صحَّة القياس عندَهم.

المبحث الثاني: في الأصول التي قيل: إنَّ فروع الحنفية خالفتْ أصولهم.

المطلب الأول: في جريان القياس في الحدود.

المطلب الثاني: في جريان القِياس في الكفَّارات.

المطلب الثالث: في جريان القِياس في التقديرات.

المطلب الرابع: في جريان القِياس في الرُّخَص.

المطلب الخامس: في جريان القِياس في المعدول به عن القياس.

المطلب السادس: في ترْك العمل بخَبر الواحد فيما تعمُّ به البلوى.

الخاتمة: في نتائج البحث.


المبحث الأول: في تعريف القياس عند الحنفية، وشُرُوط صحَّته:

سببُ إيرادي تعريفَ القياس في هذا البحث، وبيان شروطه عند الحنفيَّة: أنَّ أكثر القواعد التي ادُّعي مخالفتها للفُرُوع عندَ الحنفية مُتعلِّقة بالقياس، ما عدا عدم العمل بخبر الواحد فيما تعمُّ به البلوى، فلا بدَّ من معرفته عندهم؛ لأنَّ الحكم على الشيء فرْعٌ عن تصوُّره.

 

تحته مطلبان:

المطلب الأول: تعريف القِياس عند الحنفية:

أتناول فيه تعريفَ صاحب المذهب أولاً، ثم أذكُر تعريفَ أقدمِ عالِم من أصحاب المذهب ذكر تعريفًا اصطلاحيًّا للقِياس، ثم تعريف مَن بعده، حتى الوصول إلى تعريف جمهور علماء المذهب، فيكون هو المعتمد في المذهب في تصوُّر القياس.

 

أولاً: تعريف الإمام أبي حنيفة - رحمه الله تعالى:

لم يُنقَل عن أبي حنيفة تعريفٌ اصطلاحي للقياس كما عند علماء الأصول، ولكن يمكن أن يُتوصَّل إليه بما رُوي عنه من أقوال ومسائل فرعية، استدلَّ على أحكامها بالقياس.

وقد رُوي عنه: أنَّه ردَّ على مَن أنكر القياس قائلاً: أوَّل مَن قاس إبليس.

 

قال أبو حنيفة: يا هذا، وضعت في غير موضعه: إبليس ردَّ على الله تعالى أمرَه، قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 50]، ونحن نقيس المسألةَ على أخرى؛ لنردَّها إلى أصْل من أصول الكتاب أو السُّنة أو اتفاق الأمَّة، فنجتهد وندور حولَ الاتِّباع، فأين هذا مِن ذاك[3]؟!

 

فيُستفاد مِن هذا: أنَّ القياس معناه: ردُّ مسألة مسكوت عن حُكمها إلى مسألةٍ منصوص أو مجمَع على حُكمها اجتهادًا، وليس فيه تصريحٌ بالجامع بيْن المسألتين، وهو رُكْن من أركان القياس، فلا يُتصوَّر وجوده بدونه.

 

وقد رُوي عنه أيضًا أنه قال: المسافر إذا نوَى في أيام رمضان واجبًا آخر يقع عن واجب آخَر؛ لأنَّه لما ثبت له الترخُّص بما يرجع إلى مصالِح بدنه وهو الإفطار؛ فلأنْ يثبت له ذلك بما يرجع إلى مصالِح دِينه، وهو إخراجُ النَّفْس عن عهدة الواجب أوْلى[4].

 

فصورة القياس في هذه المسألة: قياس الواجِب الآخر - كالقضاء مثلاً - على الواجب الحال في الترخُّصِ، بجامع المصلحة في الحالَيْن، فيُستفاد من هذا القياس أنَّ ردَّ المسألة المسكوت عن حُكمها إلى المسألة المنصوص على حُكْمها يكون بجامع بينهما.

 

وبناءً على ما يُستفاد من النصَّيْن، فيكون تعريفُ القياس عنده: ردُّ أمْرٍ مسكوت عن حُكمه إلى محلٍّ آخرَ منصوص على حُكمه في عِلَّة حُكمه اجتهادًا.

 

لفظ: "اجتهادًا"، الذي استُنبِط من قوله، يُفيد أنَّ ما يُفهم من النص من غير اجتهاد لا يُسمَّى قياسًا، فبه يخرج دلالة النصِّ من التعريف.

 

ثانيًا: تعريف أبي منصور الماتريدي[5]، المتوفَّى سنة 333 هـ:

وهو أقْدم تعريفٍ للقياس عندَ الحنفية اصطلاحًا وقفتُ عليه، ونقلَه عنه علماءُ الأصول من الحنفية.

وقال معرِّفًا للقياس: "إبانة مثْل حُكم أحَد المذكورين بمِثْل عِلَّته في الآخر".

 

فاختار لفظ "الإبانة" دون الإثبات؛ لأنَّ إثبات الحُكم من فِعْل الله سبحانه، والقياس مظهرٌ للحُكم وليس بمُثبِت، واختار "المثل" في الموضعَيْن؛ لأنَّ عين الحُكم وصْف للأصل، فلا يتصوَّر في غيره؛ لكون ما بالشخص بعينه لا يقوم بغيره، وإنَّما يقوم به مثلُه، فيوجد في الفرْع مثل حُكْم الأصل، ومثل تلك العِلَّة.

 

واختار لفظ "المذكورَيْن" دون الشيئين، دون الأصْل والفرع؛ ليشملَ قياس المعدومين، والموجودين؛ لأنَّ المعدوم يُذكر ويُسمَّى، وإن لم يكن شيئًا؛ كقياس المجنون على الصغير في عدم التكليف، بجامع عدم فَهْم الخطاب.

 

ورد عليه: أنه غير مانعٍ لدخول دلالة النصِّ فيه، ولا يُسمَّى عند الحنفية قياسًا، كدلالة تحريم ضرْب الوالدين المستفاد مِن قوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23]، ويُسمَّى عند الشافعية: قياسًا جليًّا، فيقاس الضرب على التأفيف في التحريم، بجامع الأذَى في كلٍّ منهما، فإن التعريف يصدُق عليه؛ ولذا زاد بعضُ الحنفية فيه مقيدًا للاحتراز عن دلالة النص، وهو "بالرأي"[6].

 

ثالثًا: تعريف القياس عند أبي علي الشاشي[7]، المتوفَّى سنة 344 هـ:

قال: هو ترتُّب الحُكم في غير المنصوص عليه على معنًى هو عِلَّة لذلك الحُكم في المنصوص عليه[8].

ومثَّل له بقِياس الفأرة على الهِرَّة في الطهارة، بجامع الطواف في كلٍّ.

وقوله "ترتُّب الحُكم": يُفيد أنَّ القياس مثبِت للحكم، فإنَّ مذهب الحنفية أنَّه مُظْهِر للحُكم، وليس بمثبِت له، والمثبِت هو الله - سبحانه وتعالى.

ومِثاله ذكره في الموضعين: "المنصوص" يدلُّ على أنَّ القياس خاص بالأحكام الفرعية، فلا يتناول القياس في اللُّغات، ولا في العقليَّات.

 

ويَرِدُ عليه: أنَّه غير مانعٍ لدخول دلالة النصِّ فيه، فإنها ليستْ قياسًا عند الحنفية، فالحُكم الثابت عندهم بالنطق، وليس بالقِياس، والشافعية يُسمُّون دلالة النص قياسًا جليًّا، كقياس ضرْب الوالدين على التأفيف في التحريم، بجامع أنَّ كلاًّ منهما أذًى.

ويردُ عليه أيضًا: أنه غيرُ جامع؛ لعدم شُمُول قياس الشَّبَه والدلالة، فإنَّ قياس الدلالة: إلْحاق الفرع بالأصْل بدليل العِلَّة، وقياس الشَّبه إلْحاق الفرْع منه بالأصل، بوصْف شبهي ليس عِلَّة.

ويجاب عنه: بأنه عُرِف بـ "قياس العِلَّة"، ولا يُطلق على كل منهما القياس إلا بقَيْد، فيقال: قياس الشبَه، وقياس الدَّلالة.

 

رابعًا: تعريف القياس اصْطِلاحًا عند الجصَّاص[9]، المتوفَّى 370 هـ:

قال: القياس أن يُحكَم للشيء على نظيرِه المشارك له في عِلَّته الموجبة لحُكمه[10].

ثم قال: القِياس على وجهَيْن:

أحدهما: القياس على عِلَّة حقيقة موجِبة للحُكم المقيس، وهي عِلل العقليات.

الثاني: قياس أحكام الحوادث على أصولها مِن النصوص، ومواضع الاتفاق، وغيرها.

وقال عن هذا الوجه: فما كان هذا وصفَه، فليس بعِلَّة على الحقيقة؛ لأنَّا قد بينَّا أن العلة على الحقيقة هي: ما كان موجبًا للحُكم، يستحيل وجودها عاريةً من أحكامها، وعِلل الشرع التي يقع القياسُ عليها لا يستحيل وجودُها عاريةً من أحكامها[11].

 

يُفهَم من مجمل كلامه: أنَّه يُعرِّف القياس الذي عِلَّتُه موجبة لا تنفكُّ عن أحكامها، وعليه: فإنَّ تعريفه هذا لا يصدُق على الوجه الثاني الذي ذكَره وهو القياس الشرعي؛ لأنَّ علل الأحكام الشرعيَّة تنفكُّ عن أحكامها؛ لُوُجودها قبلَ الشرع، ولم تكن موجبةً لأحكامها، وقد ورد في كلامه في موضعٍ آخرَ من كتابه ما يدلُّ على مراده بالقياس الشرعي، وقال في بيان ما يُطلق عليه اسم الاجتهاد:

أحدها: القياس الشرعي على عِلَّة مستنبطة، أو منصوص عليها، فيُردُّ بها الفرْع إلى أصله، وتُحكم له بحُكمه بالمعنى الجامع بينهما[12].

وقال أيضًا في بيان وجوه القياس: لا يكون القياسُ إلا بردِّ فرع إلى أصل بمعنًى يجمعها، ويوجب التسويةَ بيْن حُكمهما[13].

يُستفاد مِن مجمل كلامه أنَّ القياس الاصطلاحي عنده هو: أن يُحكم للشيء على نظيره المشارِك له في معنًى جامع بينهما، أو: رد فرْع إلى أصْل بمعنًى يجمعهما في الحُكم.

 

يَرِدُ على هذا القياس المستفاد مِن كلامه:

1 - أنه غير مانعٍ لدخول دلالة النصِّ فيه، وهو قياسٌ عند الشافعية؛ كقياس ضرْب الوالدين على التأفيف بجامع الأذَى في كلٍّ منهما في التحريم الثابت في الأصْل بقوله تعالى: ﴿ فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23]، والتعريف صادِقٌ على هذا القياس، والحنفيَّة لا يسمُّونه قياسًا.

 

وقد أنكر الجصَّاص على مَن اعتبر هذا قياسًا، وقال: مِن الناس مَن يجعل كلَّ معنى - جَمَع حُكمَ المنصوص عليه وغير المنصوص عليه - قياسًا، سواء كان الجمْع بنظر أو استدلال، أو كان معقولاً مِن فحْوى النص[14]، فجعل ضرْب الوالدين وشتمهما قياسًا على قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23].

 

وقال: القياس يَفتقر في إثبات الحُكم به إلى ضرب من النظر والاعتبار والتأمُّل بحال الفرْع والأصْل، والجمْع بين حُكميهما، بعدَ الاستدلال على المعنى الموجب للجمْع[15].

 

وعلى هذا، فإنَّه يريد بالقياس ما يشترط في إثبات الحُكم به نوْعٌ من النظر والتأمُّل في حال الأصل والفرْع، وقياس الضرْب على التأفيف في تحريم الضرْب ينتفي عنه هذا الشرْط؛ لأنَّ المعنى فيه يعقِله العامي الذي لا يَدري معنى القياس، فلا يدخل في تعريفه، وليس مِن أفراد القياس عنده، ولكن مراده لا يمنع مِن الإيراد لصِدْق تعريفه عليه؛ لخلوِّ تعريفه من قَيْدٍ يخرجه.

ويردُ عيه أيضًا: قياس المعدوم على المعدوم، فإنَّه لا يشمله؛ لأنَّ المعدوم ليس بشيء.

 

خامسًا: تعريف القياس عند أبي زيد الدبوسي[16]، ت: 430هـ:

لَم يُعرِّف في كتابه "تقويم أصول الفقه" القياسَ اصطلاحًا، واكتفى بالتعريف اللُّغوي، وقال: القياس لُغة: فإنه اسم مِن قاس يقيس، وتفسير قاس الشيء: جعله نظيرًا للآخر...، وقد يكون القياس مصدر: قايس يقايس، مقايسة وقياسًا[17].

 

ولم يبيِّن سببَ إعراضه عن التعريف الاصطلاحي عندَ علماء الأصول، وربَّما رأى أن المعنى اللغوي كافٍ في الدلالة على القياس المقصود، لا يحتاج معه إلى بيان المعنى الاصطلاحي، الذي قد يرِدُ عليه من الاعتراضات التي تُحوجه إلى المجادلة في الردِّ، وإذا كان التعريف اللُّغوي يفي بالغرَض، وهو توضيح المعنى المقصود مِن القياس، فالانشغال في الإجابة على الاعتراضات مضيعةٌ للوقت من غير فائدة.

 

ولعلَّ لهذا المعنى أعْرَض السَّرَخْسيُّ[18] المتوفَّى 490 هـ عن التعريف الاصطلاحي، واكتفى بالتعريف اللُّغوي وما يلزم منه، حيث بيَّن أنَّ للقياس تفسيرين لُغة: تفسير هو المراد بصِيغته، ومعنى هو المراد بدلالته، ثم وضَّح المعنيين، وقال: تفسير صِيغة القياس هو التقدير، يُقال: قس النَّعْل بالنَّعْل؛ أي: قدِّرْه به...، وبهذا يبيِّن أنَّ معناه لغة: في الأحكام: ردّ الشيءِ إلى نظيره؛ ليكون مثلاً له في الحُكم الذي وقعتِ الحاجة إلى إثباته[19].

 

سادسًا: تعريف السمَرْقندي علاء الدين[20]، المتوفَّى 539 هـ:

قد اختار تعريفَ أبي منصور الماتريدي، وقال: الحدُّ الصحيح أن يُقال: القياس: إبانة مثل حُكم أحد المذكورين بمِثْل علَّته في الآخر[21].

 

قال: إنَّما ذكرْنا لفظة: "الإبانة" دون لفظة الإثبات والتحصيل؛ لأنَّ إثبات الحُكم وتحصيله وإيجاده فعْلُ الله تعالى، فهو المثبِت للأحكام، أمَّا القياس ففِعْل القايس، وهو تبيين وإعلام أنَّ حكم الله تعالى كذا، وعلته كذا، وهما موجودان في الموضِع المختلف[22].

وعلَّق عليه العلامة الأزمير[23] بعد أنْ ساق عدَّة تعريفات مع المناقشة: "وهو أحسنُ التعاريف المذكورة؛ لسلامتِه من الشبهات المذكورة".

ولعلَّ لهذه الشبهات لم يتعرَّض فخرُ الإسلام[24] لتعريف القياس[25]؛ أي: اصطلاحًا.

 

سابعًا: تعريف القياس عند الأسمندي، 552 هـ[26]:

وقد عَرَّفه بتعريفٍ قريب مِن تعريف أبي منصور الماتريدي.

قال: الصحيح في حدِّ القياس: أنه تحصيلُ مِثْل حُكم الأصل في الفرْع لمشاركةٍ بينهما في العلَّة رأيًا واجتهادًا[27].

 

قوله: "رأيًا واجتهادًا": قيْد أدخل به القياسَ الفاسد فيه؛ لأنَّ المجتهدَ إذا ظنَّ المشاركةَ بين الأصل والفرْع، ولم يكن بينهما مشاركة، كان ذلك قياسًا، ويَرِدُ عليه ما يلي:

أولاً: أن تصوُّرَ الأصل والفرع متوقِّف على تصوُّر القياس، فيكون دَورًا، ولتوقي هذا الإيراد عدَل أبو منصور الماتريدي ومِن بعده السمرقنديُّ إلى لفظ "أحَد المذكورين".

ويُجاب عنه: بأنَّ تصورهما فرْع من القياس الخارجي، وليس فرعًا عن القياس الذهني، والمراد بالتعريف ماهية القِياس المعقولة في الذِّهْن، فلا يتوقف عليهما.

 

ثانيًا: لا يتناول قياسَ الدلالة؛ لأنَّه إلْحاق الفرْع بالأصل بلازم العِلَّة، وهو قسيم قياس العِلَّة.

ويجاب عنه: بأنَّه ليس من أفراد المعرَّف؛ لأنَّه إذا أطلق القياس يُراد قياس العلَّة، ولا يُطلق على غيره إلا بقَيْد، فلا يدخل.

 

كل مَن يَعرِف اللغة إذا سمع قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23]، يفهم منه تحريمَ الضرْب والشتم، يراد به قياس العِلَّة، ولا يُطلق على غيره إلا بقيْد، فلا يدخل في أفراد القياس.

 

ثالثًا: أنَّ التحصيل من فعْل الله تعالى، وهو المثبِت، والقياس مظهر للحُكم، وليس بمثبِت؛ ولذا عدَل أبو منصور الماتريدي ومِن بعده السمرقندي عنه إلى لفظة "الإبانة"؛ لعلَّه لا يوافق الحنفيَّة في ذلك.

 

رابعًا: أنه غير جامِع لخروج قياسِ المعدوم على المعدوم؛ ولذا عدَل عنه أبو منصور الماتريدي والسمرقندي مِن بعده إلى لفظ "المذكورين".

 

خامسًا: أنَّه غيرُ مانع لدخول دلالة النصِّ فيه، فإنَّ قياس الضرْب على التأفيف في التحريم بجامع الأذى في كلٍّ منهما يدخل في التديُّن؛ لصدق التعريف عليه، ولا يسمُّونه قياسًا، ويسمُّونه: دلالة النص، وهذا الاعتراض وردَ على جميع التعريفات عندَ متقدِّمي الحنفية؛ ولذا عرَّف بعضُ متأخِّريهم بتعريف يجنبهم هذا الإيراد.

 

وعرَّفه صدرُ الشريعة[28] بأنَّه: "تعديةُ الحُكْم من الأصل إلى الفَرْع لعلَّة متَّحدة، لا تُدرك لمجرَّد اللغة[29]، فخرج دلالةُ النص بقوله: "لا تُدرَك بمجرَّد اللغة، فإنَّ كلَّ مَن يعرف اللغة، إذا سمع قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23]، يَفْهَم تحريمَ الضَّرْب والشَّتْم.

 

تعريف جمهور الحنفيَّة المتأخِّرين:

وعرَّفه كمال الدين بن الهمام[30]، المتوفَّى سنة 860 هـ، بقريب من التعريف السابق:

"أنَّه مساواة محلٍّ لآخر في علَّةِ حُكم له شرعي، لا تُدرَك من نصِّه بمجرَّد فَهْم اللغة".

 

توضيح التعريف: أي: مساواة محلٍّ مسكوت عن حُكمه يُراد معرفته لمحلٍّ آخرَ منصوص على حُكمه شرعًا، في علَّة حُكمه لا تُدرك من النصِّ لمجرد فهْم اللغة[31].

 

وعلى هذا يَخرج مِن القياس عندهم ما يلي:

1 - القياس في اللغات والعقليات، فلا يرَوْن جريانَ القياس في العقليات واللغويات؛ لأنَّ حُكم كل منهما ليس شرعيًّا.

2 - لا يُسمَّى قياسًا إلْحاق فرع بأصل في عِلَّة حُكم تُدرَك من النص بمجرد فهْم اللغة؛ ولذا لا يرَوْن إلحاق الضرْب بالتأفيف في التحريم قياسًا؛ لأنَّ تحريم الضرْب ثابتٌ باللفظ، فإنَّ كل مَن يفهم اللغة يُدرِك أن نهي التأفيف لأجْل الأذى.

 

بالتأمُّل في التعريفات عندَ الحنفية يُتوصَّل إلى ما يلي:

أولاً: اختلاف علماء أصول الحنفية في منهجهم في تعريف القياس؛ فريقٌ منهم عرَّفه بالمعنى الاصطلاحي، مع عناية كبيرة بصناعة التعريف عندَ المناطقة، ومنهم مَن كانت عنايته بذلك أقلَّ.

وفريقٌ اكتفى بالتعريف اللغوي مع التوضيح، فسلِم مِن الخوض في المناقشات والجدَل.

 

ثانيًا: التعريفات التي وقفتُ عليها من القرن الرابع إلى القرن السادس كلها ورَد عليها دلالةُ النص، مع أنهم لا يرَوْن الحُكم الثابت بها قياسًا، وغيرهم يُسمِّيها قياسًا؛ لصدق تعريف القياس عليها، وتعريف جمهور المتأخِّرين ذُكِر فيه قيْدٌ يخرج قياسَ الدلالة منه.

 

ثالثًا: تجد العناية من علماء الحنفيَّة الذين اشتهروا بعِلْم الكلام كالماتريدي، ومَن اختار تعريفه كالسمرقندي، وغيره بصناعة التعريف عندَ المناطقة، مِن ضبطٍ للتعريف بالقيود، واختيار للألْفاظ التي تحميه وتعصِمه من الخَلَل، ما لم تجدْها عند الذين اشتهروا بالفِقه كالجصَّاص، وأبي علي الشاشي، وهؤلاء جُلُّ اهتمامهم ينصرف إلى توضيحِ معنى القياس من غير كثيرِ الْتفات إلى ما قد يرِدُ على التعريف مِن شبهات تشوِّش معناه.

 

المطلب الثاني

شُرُوط صحَّة القياس عند الحنفية

إنَّ المعرفة العميقة بشروط صحَّة القياس لَهَا أثرٌ كبير في مجال الفقه الاجتهادي، فهي تُعمِّقُ الفقه في العالِم وتثريه، وتُكسبه القدرةَ على معرفة أسباب الخلاف في المسائل الاجتهادية، وكيفية تنزيل القواعدِ الأصولية المتعلِّقة بالقياس على الفروع، فيتجنب تحميلَ كلام المخالِف ما لا يحتمل؛ ولذا كان من المناسِب أن أُقدِّم بين يدي البحث شروطَهم في صحة القياس، فإنَّ معرفتها تُعين على توضيح البحْث؛ ولذا لا أتطرَّقُ إلى مناقشة أدلَّة ما اختلفوا فيه، والترجيح فيها؛ لأنَّ قصدي مِن هذه المقدِّمة الاعتماد عليها في مناقَشة موضوع البحْث، وهذا القدْر كافٍ في تحقيق الغرض.

 

وهي قسمان: قسم متَّفق عليه، وقسم مختَلف فيه.

الأول: الشروط المتَّفق عليها، وهي أربعة مع اختلافِ عباراتهم:

الشرْط الأول: ألا يكون في مقابلة النصِّ أو الإجماع[32]؛ لأنَّ القياس حُجَّة إذا فُقِد النص، ومع وجوده لا اعتبارَ له؛ لحديث معاذ - رضي الله عنه - قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين بعثَه إلى اليمن: ((بمَ تقضي؟))، قال: بكِتاب الله تعالى، قال: ((فإن لَم تجِد؟)) قال: بسُنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((فإن لم تجد؟))، قال: أجْتهِد في ذلك رأيي، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الحمدُ لله الذي وفَّقَ رسولَ رسولِه))[33].

 

ولأنَّ القياس أضعفُ من النص والإجماع، فلا يجوز الاعتراضُ به عليهما؛ ولذا لا يجوز قياسُ سفر المرأة إلى الحجِّ مع الأمينات على سفرِها مع مَحْرمِها في جواز سفرها معهنَّ بجامع أمْن الفِتنة في كلٍّ منهما؛ لأنَّه في مقابلة النص، وهو قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تُسافرِ المرأة ثلاثةَ أيام إلا مع ذي مَحْرَم))[34].

 

وكذلك لا يجوز قياسُ القَهْقَهة في الصلاة على قذْف المحصَنة فيها، في عدم نقضِ الوضوء، بجامع أنَّ كلاًّ منهما جنايةٌ عظيمة؛ لأنَّه في مقابلة النص الذي دلَّ على النقض، وهو ما رواه الدارقطني من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا قَهْقَه أعاد الوضوء والصلاة))، رُوي مُسندًا ومُرسَلاً، وهو ضعيف[35].

 

وكذلك لا يجوز قياس غير خزيمة[36] - رضي الله عنه - عليه في قَبول شهادته وحدَه، بجامع الفضيلة في كلٍّ منهما؛ لأنَّه في مقابلة النص، وهو قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [البقرة: 282]، فدلَّت على اشتراط العدد في الشهادة، وقضَى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بشهادته وحدَه، فقال: ((مَن شَهِد له خزيمةُ فحسْبُه))[37]، فدلَّ على أن هذا الحكم مختصٌّ به، وقياس غيره عليه يُبطل هذه الخصوصيةَ الثابتة بالنص.

 

الشرط الثاني: ألاَّ يكون المعنيّ حُكمًا لا يُعقل معناه[38]؛ لأنَّ القياس معناه: إلْحاق المسكوت بالمنطوق بجامِع بينهما، فإذا كان المنطوقُ لا معنى له معقول، فيستحيل تعديةُ الحُكم من المنطوق إلى المسكوت؛ ولذا لا يصحُّ القياس على عدد الركعات في الصلاة، ونصب الزكوات، وغير ذلك مِن الأحكام التعبُّديَّة.

 

ولا يصحُّ أيضًا قياس سائر الأنبذة على نبيذِ التمر في جواز الوضوء منها، وكذلك لا يصحُّ قياسُ مَن شُجَّ في صلاته على مَن سبقه حدَث في الصلاة في صحَّة البِناء على ما سبَق، -الثابتة بقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قاء أو رعف في الصلاة، فينصرف وليبنِ على ما مضَى مِنْ صلاته))[39]، فكِلا القياسَيْن لا يصحُّ؛ لأنَّ الأصل في كلٍّ منهما لا يُعقل معناه؛ فتستحيل تعديةُ حكمِه إلى الفرْع.

 

الشرط الثالث: أن يقعَ التعليل لحُكم شرعي لا لأمْرٍ لغوي؛ فلا يَجُوز إثباتُ الاسم بالقياس الشرعي[40]؛ لأنَّ القياس طريقٌ إلى إثبات الأحكام بالنظر في أصول الشريعة، واللُّغةُ ليستْ معرفتها عن طريق أصول الشَّرْع، بل طريق معرفتها لسان العَرَب؛ ولذا لا يصحُّ قياس اللواط على الزِّنا في تسمية اللواط زنًا، بجامع أنَّ كلاًّ منهما قُصِد به سفح الماء دون الولد؛ لأنَّ الاسم لغوي، وكذلك لا يصحُّ قياس النبيذ المثلَّث الشديد على الخمْر في تسميته خمرًا، بجامع أنَّ كلاًّ منهما مخامِر للعقل مسكِر في إثبات تحريم النبيذ نصًّا؛ لأنَّه اسم لغوي.

 

الشرط الرابع: أن يبقى حُكم النصِّ بعد التعليل على ما كان قبلَه من غير تغيير[41]؛ لأنَّه إذا اقتضى القياس تغييرَ حُكم النص، فإنه يؤدِّي إلى إبطال حُكم النص بالقياس الذي هو دون النص؛ ولذا لا يصحُّ قياس كفَّارة الإطعام على كفَّارة الكِسْوة في اشتراط التمليك؛ لأنَّ الإطعام فعْل يصير به المسكين طاعمًا لا مالكًا، وفي شرْطه تغيير حُكم النص؛ لأنَّ المكفِّر كان يخرج عن عهدة الكفَّارة بالإباحة، وبعدَ القياس لا يخرج إلا بالتمليك.

 

وكذلك لا يصحُّ قياسًا المحدود في القذْف بعد التوبة على المحدود في سائرِ الجرائم؛ لقَبول شهادته، بجامع أنَّ كلاًّ منهما محدود في كبيرة؛ لأنَّ بَعْدَ القياس لا يبقى حُكم النص الوارد فيه على ما كان قبلَه؛ لأنَّ النَّصَّ تغيَّر من التأخير إلى التعجيل، ومن التأبيد إلى التأقيت؛ لأنَّ النص يقتضي تأخيرَ ردِّ الشهادة إلى حين العجز عن إقامة الحُجَّة، وبعد تحقيق العجز يقتضي تأبيدَه، وكذلك لا يصحُّ قياس الوضوء على التيمم في وجوب النيَّة؛ فإنه يقتضي تغييرَ حُكم النص، فإنَّ الآية دلت على صحَّة الوضوء بدون نية؛ لكونها مطلقةً، وبعد القياس يقتضي بالنية.

 

الشروط المختلف فيها:

الشرط الأول: ألا يكون الفرْع منصوصًا عليه، ذهب إليه عامَّةُ علمائهم، سواء كان حُكمُ الفرع مخالفًا لحكم الأصل، أو موافقًا له؛ لأنَّه لما كان حُكم الفرع منصوصًا عليه في جعْل الفرْعِ أصْلاً بأولى من الأصل أصلاً؛ ولأنَّه لو كان حكم الفرْع موافقًا لحكم الأصْل لا فائدة من القياس، وإن كان مخالفًا للقياس، فهو باطل بالإجماع.

 

ذهب بعضُهم إلى عدم اشتراطِه، إذا كان حُكمه موافقًا لحكم الأصل؛ لأنَّه حينئذٍ يكون مؤكِّدًا لحكم الأصْل، وترادف الأدلَّة على موضوعٍ واحدٍ جائزٌ شرعًا وعقلاً[42].

 

بناء على اشتراطه: لا يصحُّ قياس المحصَر العاجز عن الهَدي على المتمتِّع إذا لم يصمْ أيام التشريق في التحلُّل بالصوم، بجامع أنَّ كلاًّ منهما عاجز عن الهدي.

 

الشرط الثاني: ألا يكونَ معدولاً به عن القياس[43].

بيَّن الحنفيةُ المقصودَ بالمعدول به عن سنن القياس، فقال القاضي أبو زيد الدبوسي معرِّفًا به: أن يثبت شرعًا بخلاف ما يُوجِبه العقل بنفسه، والقياس على سائرِ أصول الشَّرْع[44]، فصَّل صاحب "كشف الأسرار"[45] المقصودَ به بأنَّه يشمل أربعةَ مدلولات[46]:

الأول: ما استثني مِن قاعدة لم يعقل فيها معنى الاستثناء، كاستثناء أبي بُرْدة في جواز التضحية بالعَناق له وحدَه[47]، واستثناء خُزَيمة في قَبول شهادته وحده[48].

 

الثاني: ما شُرِع ابتداءً غير معقول المعنى؛ كأعداد الركعات، ونصب الزكوات، وتقادير الحدود، والكفَّارات، وغير ذلك مما لا يُعقَل معناه.

 

الثالث: القواعد المبتدَأة العديمة النظير، وإن كانتْ يُعقل معناها فلا يُقاس عليها؛ لعدم وجود نظيرٍ لها خارجَ ما تناوله النصُّ والإجماع؛ كرُخَص السَّفَر، والمسْح على الخفَّين؛ فإنَّ المسح على الخف معقول المعنى، وهو عسر النزْع، ومسيس الحاجة إلى استصحابه، ولكن لا يُقاس عليه العِمامة والقفَّازين؛ لأنَّ كل واحد منهما لا يساوي الخفَّ في الحاجة وعسر النزْع، وكذلك رُخصة السفر، فإنها معقولة المعنى؛ لثبوتها بالمشقَّة، ولا يُقاس عليها مشقة أخرى؛ لأنَّ غيرها لا يشاركها في جملةِ معانيها ومصالحها.

 

هذه الثلاثة لا يصحُّ جريان القياس فيها عندَ الحنفيَّة اتفاقًا، الأول والثاني لعدم معقولية المعنى منهما، والثالث لعدم النظير في الخارِج، والقياس: إلْحاق النظير بالنظير.

 

الرابع: ما استُثني عن قاعدة عامَّة، وفيه معنى معقول، وفيه جرَى الخلاف على أربعة مذاهب:

المذهب الأول: يجوز جريان القياس عليه مطلقًا، وعليه عامَّة الحنفية؛ منهم: القاضي أبو زيد ومَن تبعهم من المتأخرين.

المذهب الثاني: ذهَب بعضُهم إلى عدم الجواز مطلقًا.

المذهب الثالث: ذهب الكرخي[49] إلى جواز إذا كانتِ العلَّة منصوصة، أو مجمعًا عليها[50]، أو كان الحكم مُوافقًا لبعض الأُصُول، وإن كان مخالفًا للبعض، كخبر التحالُف عند اختلاف المتبايعين[51]، فإنَّه وإن كان مخالفًا لقياس الأصول من وجه، ولكنَّه لَمَّا كان موافقًا لبعض الأصول، وهو أن يملكَ على الغَيْر كان القول قولَه فيه، فقِيستْ عليه الإجارة.

المذْهب الرابع: نقل عن محمَّد بن شجاع[52]: الحُكم المخالِف للقياس إنْ ثبت بدليل مقطوع به، جاز القياس عليه، وإلا فلا[53].

 

دليل المذهب الأول:

أنَّ ما ثبت بِخلاف الأصول أصلٌ يجب العمل به، فجاز أن يُستنبط معنًى، ويقاس عليه قياسًا على ما وافق الأصول.

الجواب: الأصول الأُخْرى تمنع، فلا يجوز القياسُ مع وجود المانع.

 

أدلة المذهب الثاني:

1 - الحاجة إلى القِياس لإثبات الحُكم به، فإذا كان مخالفًا للقياس فلا يصحُّ إثباته به، كالنص النافي للحكم لا يصحُّ للإثبات به؛ لأنَّه يصير نافيًا مثبتًا لشيء واحد في زمان واحد، أو لأنَّ إثبات الشيء لا يصحُّ مع وجود ما ينافيه، فإذا كان القياس مانعًا مما ورد به النص، لم يجزِ استعماله فيه؛ لأنَّه يكون استعمالاً للقياس مع ما ينافيه.

 

2 - جواز القِياس يسقط التخصيص؛ لأنَّه لو جاز القياس على هذا الأصْل، لم يكن فرْقٌ بين هذا الأصل وسائرِ الأصول، فيَخرج حينئذٍ من كونه مخصوصًا من القياس[54].

 

دليل المذهب الثالث:

إنَّ التعليلَ يوجِب اعتبارَ المعنى الذي جُعِل عِلَّةً للحُكْم، وإجراءَه عليه، لولا ذلك ما كان فيه فائدة[55]، ولكان وجودُه وعدمه سِيَّيْن، وذلك لا يجوز في كلام الله تعالى وكلام الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكذلك إذا حصَل الإجماع على جواز القياس عليه؛ لأنَّ الإجماع بمنزلة النصِّ.

 

دليل المذهب الرابع:

إنَّ الدليل المقطوع مترجِّح على المظنون.

وهذا يُستقيم إذا كان أدلَّة الأصول مظنونة، وأمَّا إذا كانتْ مقطوعًا بها، فلا يترجح على أدلَّة الأصول.

 

الشرط الثالث: ألاَّ يكون حُكم الأصل ثابتًا بالقياس، نُسِب هذا الشرْط إلى الإمام أبي الحسن الكرْخي[56]، واستدلَّ بأنَّ القياس عليه يستلزم قياسين، الأول: وهو الأصل المقيس عليه، والثاني، المقيس وهو الفرْع الذي يُطلب له الحُكْم، فالجامع إذا اتحد فيهما كقياس الذُّرة على السِّمْسم بعِلَّة الكيْل، ثم إذا قيس على البُر لعِلَّة الكيل، فلا فائدةَ في الوسط الذي هو السمسم؛ لإمكان قياس الذُّرة على البُر، وإن اختلف الجامع يمتنع القياس؛ لانتفاء التعدية[57].

 

أمَّا عامَّة الحنفية فلم يتطرَّقوا إلى هذا الشرْط؛ لأنَّ القياس أصلٌ يثبت به الحُكم، كسائر الأصول المثبتة للأحكام، فجاز القياسُ عليه.

قال أبو بكر الرازي الجصَّاص في ذكْر الأصول التي يُقاس عليها: كلُّ حُكم ثبت وصحَّ من الوجوه التي تثبت بها الأحكام، فجائزٌ القياس عليه، وذكر في ضِمن ما يُقاس عليه، وقال: ويجوز القياس على حُكم ثبَت من طريق القِياس[58].

 

المبحث الثاني

في الأصول التي قيل: إنَّ فروع الحنفية خالفتها

أتناول في هذا المبحث ما يلي:

أولاً: تحديد الأصْل، وتوثيقه من مصادر الحنفية.

ثانيًا: ذِكْر دليلهم في إثبات الأصْل، وخلافهم فيه إن وجد.

ثالثًا: ترك التعرُّض لخلاف غيرهم في الأصل؛ لأنَّ الغرض من البحث معرفةُ الأصل الذي أورد عليه المخالف نقضًا من فروعهم.

 

وتحت هذا المبحث ستة مطالب:

المطلب الأول: في جريان القياس في الحدود:

من أصول الحنفية: عدمُ جريان القياس في الحدود، وهو رأيُ جملةٍ من المتكلمين، وحكاه الكرخيُّ عن أبي حنيفة - رحمه الله[59].

والمراد به: أنه لا يجوز ابتداءً إيجاب حدٍّ بالقياس في غير ما وُجِد فيه النص، وسند هذا المنع: أن الحدود على قسمين: الأول: ما يُعقل معناه، كقَطْع يدِ السارق لجنايتها بالسرقة، فلا يجري فيه القياس؛ لأنَّه يورث الشبهة لاحتمال الخطأ فيه، الحدود تُدرأ بالشبهات؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ادرؤوا الحدودَ بالشُّبهات))[60].

 

القسم الثاني: ما لا يُعقل معناه، ككون الزنا موجبًا لمائة جلدة، والقذف موجبًا لثمانين جلدة، فلا يَجري فيه القياس؛ لأنَّ العقل لا يَهتدي إلى ذلك، والقياس فرْع الاهتداء إلى المعنى في الأصْل والفرع.

 

المسائل التي وردتْ نقضًا على هذا الأصل

معالم البحث فيها كما يلي:

أولاً: توثيق المسألة مِن مصادر الحنفية.

ثانيًا: توثيق النقْض من مصادر الشافعية.

ثالثًا: إيراد دفْع الحنفية عن النقض.

 

أورد الشافعية على هذا الأصل ستَّ مسائل:

المسألة الأولى: إيجاب الحدِّ في سارق البقرة إذا شهِد بعضُهم أنها كانتْ سوداء، وبعضهم أنها كانت بيضاء[61].

 

تحرير المسألة:

واختلف أبو حنيفة وصاحباه فيها: يرَى الصاحبان عدمَ إقامة الحدِّ عليه؛ لأنَّ شهادتهما لا تُقبل؛ لأنَّ البقرة البيضاء غير السوداء، فكانتَا سرقتين مختلفتين، ولم يتمَّ على فعْل واحد نِصاب الشهادة، فلا تثبت، وصار لاختلافهما في الذُّكورة والأُنوثة، وعند الإمام يُقام عليه الحدُّ؛ لأنَّهما اختلفَا في أمر لم يكلفَا نقله؛ لأنَّ القطع لا يُضاف إلى إثبات الوصف فصار كاختلافهما في ثياب السارق، ألاَ ترى لو أنَّهما سكتَا عن بيان اللوْن جازتْ شهادتهما، فاختلافهما لا أثَرَ له، كأن لم يكن، ويمكن التوفيق؛ لأنَّ السرقة تكون في الليالي غالبًا، ويكون التحمُّلُ فيها من بعيد، فيتشابه عليهما اللون، أو يجتمعان في بقرةٍ واحدة، بأنْ كان أحد جانبيها أبيض، والجانب الآخَر أسود، فيشهد كلٌّ بما رأى[62].

 

وهذان القياسان لا يردان نقضًا على أصلهم؛ لأنَّ قياس الصاحبين في إسقاط الحدّ، وإسقاطه ليس بحدّ، قال الإمام أبو زيد الدبوسي في الردِّ على مَن زعم أنَّ الفقهاء أجرَوا القياس في باب الحدود والإيمان، وإنَّما تكلَّموا لبيان الشُّبهة المسقِطة للحد مع تحقُّق أسابها؛ فإنها مما يسقط بالشُّبهات، وسَقْط الحد ليس بحد، فصحَّت المقايسة؛ لتعديةِ السقوط من محلٍّ إلى محل آخَرَ؛ لاجتماعهما في الشُّبهة[63].

 

وأمَّا قياس الإمام فعَلَى معقول المعنى، ومنع الحنفيَّة القياس في الحدود المعقول المعنى درءًا للشبهة، والشبهة التي تورِثه الاختلاف هنا بعيدة؛ لأنَّ الاختلاف لا أثرَ له في القدْح في الشهادة، للمعنى المذكور؛ ولِمَا فيه من صيانة البينات من التعطيل.

 

المسألة الثانية: إيجابهم الحدّ على شهود الزِّنا المختلفين في مكانِ الزنا، وقد نقل إمامُ الحرمين عن الشافعي - رحمهما الله -: أنه قال مخاطبًا للحنفية: أما الحدود، فقد كثُرتْ أقيستكم حتى عدَّيتموها إلى الاستحسان، وقد زعمتُم في مسألة شهود الزنا أنَّ المشهود عليه مرجوم[64].

 

تحرير المسألة:

أنه إذا شَهِد كل اثنين على الزِّنا في زاوية بيْت صغير عندَهم، يجب إقامة الحدِّ على المشهود عليه استحسانًا، والقياس عدم الحد؛ لأنَّ اختلاف المكان حقيقة، وبه يختلف الفِعْلُ المشهود به قياسًا على اختلاف البلدين، فإنَّه لو شَهِد اثنان على أنه زَنى بامرأة في بلدٍ، والآخر أنه زَنى بها ببلد آخَرَ؛ فإنه لا يُقام الحدُّ عليهما جميعًا لاختلاف المكان[65].

 

(دفع النقض)

وهذا استحسانُ مصلحة عندهم، وليس بقياس؛ لأنَّ التوفيق يمكن صيانةً للبينات من التعطيل، وجه الإمكان أن يكون الفِعْل في زاوية، والانتهاء في زاوية أخْرى باضطراب لصِغَر البيت، فتكون شهادتهم على فعْل واحد، واختلافهم في ذِكْر الزوايا لا تأثيرَ له.

وأما مخالفة زُفر[66] - رحمه الله - فليس عملاً بالقياس، وإنما لدرْء الشُّبهة.

 

المسألة الثالثة: عدم إقامة حدِّ السرقة على ما أصْلُه على الإباحة، ذكَر هذه المسألةَ ابنُ برهان[67] على أنها مما ناقض به الحنفيةُ هذا الأصل[68].

 

تحرير المسألة:

عند الحنفية أنَّ ما يوجد جنسُه مباحًا في الأصل بصورته حقيرًا غير مرغوب فيه[69]، كالخشب والحشيش، والسمك، والقصب، والطير، وغيرها لا قطعَ فيه[70].

 

(دفع النقض)

واستدلُّوا على ذلك بما روي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كانتِ اليد لا تُقطع على عهْد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الشيء التافِه"[71]؛ (أي: الحقير).

 

وما يوجد جنسه مباحًا في الأصل، صورته غير مرغوبٍ فيه، حقير تقلُّ الرغبة فيه، والطباع لا تضن به؛ ولأنَّ سرقة مثل هذا تورث شبهةً، والشبهة تُدرأ بها الحدود.

 

وإن استدلوا عليه بالقياس على الشيء الحقير الذي لا نفْعَ فيه، لا يعتبر نقضًا للأصل؛ لأنَّه قياس لإسقاط الحدِّ، وإسقاطه ليس حدًّا - كما بينَّا سابقًا.

المسألة الرابعة: إسقاطهم الحد عمَّن عقد على محارمه، نقلَه ابن برهان على أنَّه مما ناقَض به الحنفيةُ أصلَهم[72].

 

تحرير المسألة:

إذا عقَد على امرأة - لا يحلُّ له نكاحها - فوطئها، فهل يجب عليه الحدّ؟ اختلف الصاحبان مع أبي حنيفة فيها، فذهَب أبو حنيفة إلى أنه لا يجب عليه، ولكنَّه يُعزَّر بالشدة إذا كان عالِمًا بذلك، واستدلَّ بأنَّ العقد صادف محلَّه؛ لأنَّ محل التصرُّف ما صادف مقصوده، والأنثى من بنات آدم، قابلة للتوالُد وهو المقصود، ولكن قصر عن حقيقة الحِلِّ فيورث الشُّبهة.

 

ذهب الصاحبان إلى أنَّ عليه الحدَّ إذا كان عالِمًا به، واستدلَّ على أنه عقد لم يصادفْ محلَّه، فيلغو كما إذا أُضيف إلى الذُّكور[73].

 

(دفع النقض)

لا تُعتبر هذه المسألة نقضًا على أصلهم؛ لأنَّ إسقاط أبي حنيفة الحدَّ درءًا للشبهة، والصاحبان قياسهما في إسقاط محلِّ العقد، وليس ذلك إثباتًا للحد.

 

المسألة الخامسة: إيجابهم الحدَّ على الرِّدء في قاطع الطريق: قال أبو إسحاق الشِّيرازي[74] مُورِدًا هذه المسألة نقضًا على أصلهم: إنَّكم أوجبتم الحدَّ على الرِّدء في قاطع الطريق قياسًا على الردء في الغنيمة، وليس لكم في تلك المسألة إلا القِياس[75].

 

تحرير المسألة:

قُطَّاع الطرُق إنْ باشر أحدهم القتلَ وأعانه الآخرون، يُقام الحدُّ على جميعهم عند الحنفية[76].

 

(دفع النقض)

لا ترِدُ هذه نقضًا على أصلهم؛ لأنَّهم استدلوا على حُكم المسألة بأنَّ المعاون للمباشِر محارب ومفسِد؛ لتمكينه المباشرَ من الأخذ والقتل، ولدفعه عنه العوائق، وانضمامه إليه إنْ تعذر عن المباشر القتلُ والأخذ، فيدخلون في عموم قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾ [المائدة: 33]، قال الخبازي[77]: "وحَدُّ قطَّاع الطريق على الردء بدلالة أنَّه جزاء محاربة الله تعالى"[78].

 

المسألة السادسة: إيجاب الحد على النبَّاش: أورد الشافعيةُ هذه المسألة نقضًا على أصل الحنفية[79].

تحريرها: النبَّاش هو الذي يسرِق الأكْفان بعد الدفن.

اختلف الحنفية في إقامة الحدِّ عليه.

 

ذهَب أبو حنيفة ومحمَّد بن الحسن إلى أنَّه لا قَطْعَ عليه، وذهب أبو يوسف إلى أنَّ عليه القطع، استدل أبو يوسف بقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن نبَش قطعناه))، ولأنه مالٌ متقوّم محرز بحِرْز مثله، فيُقطع فيه[80].

 

(دفع النقض)

وهذا الاستدلال مِن جهة المعنى، فلا يرد نقضًا على الأصل؛ لأنَّ أبا يوسف يرى أنَّ هذا الفعل يدخل في مسمَّى السرقة؛ لأنَّ الكفن مالٌ متقوم محرز، فيقطع باعتبار أخْذ ما يُوجِب القطع[81].

 

المطلب الثاني: في جريان القياس في الكفَّارات:

من أصول الحنفية: عدمُ جريان القياس في الكفَّارات، والكفارات على قسمين:

الأول: كفارات هي عقوبة: فكفَّارة الإفطار في رمضان عقوبة؛ لأنَّها لا تستحقُّ إلا مع المآثم، وتسقطها الشُّبهة، وهي مِن هذه الناحية بمنزلة الحدود، فلا يجري فيها القياس، كالحدود.

الثاني: ما ليستْ بعقوبة: ككفَّارة قتْل الخطأ، وفدية الأذى، وكفَّارة اليمين، ولا يصحُّ جريان القياس فيها لأمرين:

أ- لأنَّها مقدَّرة كالحدود، فلا طريقَ إلى إثباتها بالقياس.

ب- ولأنها مقاديرُ عقاب الإجرام، ومِقْدار الإجرام لا يُعلَم إلا بالنَّص من الشارِع؛ ولأنَّ العقوبات تستحقُّ على الإجرام؛ لأجْل ما يحصل من كُفْران النِّعمة، ومقادير نِعم الله تعالى لا يُحصيها أحدٌ غيره سبحانه[82].

 

وما أورد على هذا الأصل نقضًا:

المسألة الأولى: إيجابُهم الكفَّارةَ على مَن أكل أو شرِب في نهار رمضان.

مذهب الحنفية: إيجاب الكفَّارة على من أكَل أو شرِب متعمدًا في نهار رمضان[83].

 

أورد إمامُ الحرمين هذه المسألة نقضًا على هذا الأصل[84]؛ اعتمادًا على أنَّ الحنفية أثبتوا الكفَّارةَ على المفطِر بالأكْل والشُّرْب في رمضان بالقِياس على الوِقاع.

 

(دفع النقض)

لا تُعتبر هذه المسألة مخالفةً لأصل الحنفية؛ لأنَّهم لَم يستدلُّوا عليها بالقياس، وإنما استدلوا عليها بدلالة النص، وهو فهْم غير المنطوق من المنطوق بسِياق الكلام ومقصوده، والجمْع بين المنصوص وغير المنصوص بالمعنى اللُّغوي، وهو المعروف عند عامَّة الأصوليين بمفهوم الموافقة، والثابت بها ثابتٌ باللغة لا بالقياس؛ لأنَّ الكفَّارة تعلَّقتْ بإفساد الصوم، والأكْل والشرْب كل منهما بعيْنه إفساد للصوم، فتكون الكفَّارة ثابتةً بإفساد الصوم بالأكْل والشرب، فكأنَّما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: عليك الكفَّارة بإفساد الصوم بالأكل والشرب.

 

والشافعية عندَهم الثابت بهذه الدلالة يسمُّونه قياسًا جليًّا، والحنفية لا يعتبرونه قياسًا؛ ولذا أخرجوه من تعريفِ القياس؛ حيث عرَّفوه بأنه: مساواةُ محلٍّ لآخرَ في علَّة حُكم شرعي لا تُدرَك من نصه بمجرَّد فهْم اللغة.

 

قوله: "لا تُدرَك بمجرَّد اللغة": قَيْد أخرج به دلالة النص، فإنَّ كل عارف باللغة إذا سمع قول الأعرابي، وجواب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُدرِك أنَّ الكفارة تعلقت بالأعرابي لأجْل إفساده الصوم، كما أنَّ مَن سمع قول الله تعالى: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23] يفهم منه: أنَّ التحريم لأجْل الأذى، فيستدل به على تحريم الضَّرْب دلالةً لُغوية لا قياسية[85].

 

(دفع النقض)

قال الإمام أبو زيد الدبوسي: "ليس إيجابُ كفَّارة الفِطر بالجماع على الأكْل إيجابًا بالقياس؛ لأنَّ تلك الكفارة ليستْ بكفَّارة جماع، بل هي كفَّارة إفطار، والأكْل والشرب والجماع مِن حيث إيجاب الفِطر باب واحد، وإنما تختلِف أسماء ما يقع به الفِطْر كالقتْل، باب واحد بأيِّ آلة قتَل المقتول، إذا استوتِ الآلات في إيجاب ما يكون قتلاً[86]، قال السرخسي: "أوجبْنا[87] الكفارة بالنصِّ الوارد بلفظ الفِطر، وهو قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أفطر في نَهارِ رمضان فعليه ما على المظاهِر))[88].

 

المسألة الثانية: إيجابهم جزاءَ الصيْد على من قتله ناسيًا:

تحرير المسألة:

ومَن قتل الصيد ناسيًا لإحرامه: يجب عليه الجزاء عندَ الحنفية[89]، واعتَبر الشافعية أنَّ هذا يناقض أصلَ الحنفية؛ لأنَّه ثبت قياسًا على القتْل العمد.

 

قال إمام الحرمين موردًا هذه المسألة نقضًا على أصلهم[90]، قاسوا قتْل الصيد ناسيًا على قتْله عامدًا مع تقييد النصب العمد في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا ﴾ [المائدة: 95].

 

(دفع النقض)

لا يعتبر هذا نقضًا على أصلهم؛ لأنَّهم لم يستدلُّوا بالقياس على قتْل العمد، وإنما استدلوا بما يلي:

أولاً: نهى الله سبحانه عن قتْل الصيد عمدًا بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ﴾ [المائدة: 95]، والنهي يقتضي إيجابَ البدل على متلِفه، كالنهي عن إتلافه؛ قال الآمدي: "فإنَّه يقتضي إيجابَ البدل على متلِفه كالنهي عن إتلافه؛ قال الآمديُّ: "فإنه يقتضي إيجاب البدل على متلِفه، ووجوب البدل يستوي فيه الخطأُ والعمد".

 

ثانيًا: ولَمَّا ثبت استواء حال المعذور عليه، وغير المعذور عليه في سائرِ جنايات الإحرام، فُهِم من ظاهر النهي تساوي حال العمد والخطأ[91]، وقال الجصَّاص بعدَ الاستدلال: وليس ذلك عندنا بقياس[92].

 

المطلب الثالث: في جريان القياس في التقديرات:

مِن أصول الحنفية عدمُ جريان القياس في المقدَّرات؛ لأنَّ التقديرات لا تُعقل معانيها؛ لعدم إدراك الحِكمة في خصوص العدد، والقياس فرْع يُعقَل المعنى في الأصل والفرع[93].

 

أورد إمام الحرمَيْن نقضًا على هذا الأصل، وقال: "وأما المقدَّرات، فقد قاسوا فيها، ومما أفْحشوا فيه تقديراتهم بالدلوِ والبئر من غير تثبُّت، ولا إسنادٍ إلى خبر ولا أثَر".

 

أولا: تقديراتهم في البئر:

تحرير المسألة: قدَّر الحنفيَّة البئر التي لا يَنجس ماؤها إذا وقعتْ فيها النجاسة بعَشْر في عَشْر، ما لم يتغيَّرْ طعمه أو لونه.

ثانيًا: تقديراتهم في الدَّلْو:

تحرير المسألة: قدَّروا ما يُطهَّر به البئر من النَّزْح عند وقوع الفأرة فيها بعشرين دَلْوًا[94].

 

(دفع النقض)

استدلَّ الحنفيةُ على المسألة الأولى بآثارِ الصحابة بناءً على قاعدتهم: مسائل الآبار مبنيَّة على اتِّباع الآثار[95].

يرَى الإمام السرخسيُّ أنَّ هذه المسألة لا تدخل فيما لا يُعرَف بالعقل؛ لأنَّه يرى أنَّ المقادير التي لا تثبت بالرأي هي التي تثبُت بحقِّ الله ابتداءً، كالمقادير في الحدود والعبادات، كأعداد الرَّكَعات في الصلوات، وأما المقدار الذي يتردَّد بيْن القليل والكثير - كما في هذه المسألة - فيُمكن معرفتُه بالرأي[96].

 

أمَّا المسألة الثانية: استدلُّوا عليها بحديث رَوَوه عن أنس بن مالك أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((الفأرة تموت في البِئر وأخرجت ساعتَها، نُزِح منها عشرون دَلْوًا))[97].

 

ثالثا: تقديرهم مسْح الرأس بثلاثة أصابع:

أورد إمامُ الحرمين وابن برهان من الشافعية هذه المسألةَ نقضًا على الحنفية، قال إمامُ الحرمين: أما المقدَّرات فقد قالوا فيها: لا تتعدَّى العقول إلى معانٍ تقتضيها، فلا يجري القياسُ فيها، وقال ابن برهان: "وقدَّروا مسحَ الرأس بثلاثة أصابعَ قياسًا على مسْح الخف"[98].

 

تحرير المسألة:

يجوز مسْح الرأس بثلاثة أصابع مِن أصابع اليد، وهو رأيُ محمَّد بن الحسن، ورأي أبي حنيفة، وأبو يوسفَ على خِلافه[99]، ودليل الجواز عند محمَّد - رحمه الله - للأكثر حُكْم الكل.

 

قال الكمال ابن الهمام[100]: قدَّره بعضُ أصحابنا بثلاثة أصابع من أصابع اليد؛ لأنَّها أكثر ما هو الأصل في آلة المسْح، قال السرَخسي - بعد أن ذكَر الرأيين -: ولكن الوجه الصحيح: أنَّ المفروض هو المسْح باليد، فأكثر الأصابع يقوم مقامَ الكل، فإذا استعمل في مسْح الرأس أو الخف أو التيمم ثلاثةَ أصابع، كان كالماسح بجميع يدِه.

 

(دفع النقض)

تبيَّن مِن هذا أنهم لم يثبتوا هذا الحُكم بالقياس على الخفِّ، كما ذكرنا، بل بالقاعدة المذكورة: "أنَّ الأكثر يقوم مقامَ الكُلّ"، وهي شاملة للمسْح على الرأس والخُفِّ معًا.

 

المطلب الرابع: في جريان القياس في الرخص:

"الرُّخَص": جمْع رُخصة، معناها اصطلاحًا عند الحنفية: عرَّفها الشاشي: "بأنَّها صرْف الأمر من عُسْر إلى يُسْر، بواسطة عُذْر المكلَّف"[101].

 

والإمام أبو زيد الدبوسي قال في تعريفها: "إطلاق بعدَ حظْر لعذر تيسيرًا[102]، وعرَّفها ابن الهمام: "ما شُرِع تخفيفًا لحكم آخرَ، متراخيًا عن محلِّها"[103]، فهذه التعريفات مع اختلاف ألفاظها مؤدَّاها واحد: وهو الحُكم الثابت شرعًا على خلاف الدليل الثابت شرعًا؛ تخفيفًا على المكلَّف كالفِطر في رمضان.

 

الأصْل عندهم: لا يجوز جَريان القياس في الرُّخَص.

لأنَّ الحُكم الأول ثابتٌ شرعًا، فالعمل به مُقدَّم على القياس.

قال القاضي أبو زيد الدبوسي: "كلُّ حُكم جاز رخصة لعذر يَختص به، ولم يجزْ تعديته بالرأي"[104].

وقد أورد نقضًا على هذا الأصل: جواز الترخُّص للمسافر سفرَ معصية.

قال ابن برهان: "قاسوا سفرَ المعصية على سفرِ الطاعة في جواز الترخُّص"[105].

تحرير المسألة: ثبتتْ عند الحنفية الرخصةُ في سفر الطاعة والمعصية، كالسَّفر للسَّرِقة أو قَطْع الطريق[106].

 

(دفع النقض)

أولاً: إنَّ هذا النقض ليس في محلِّه؛ لأنَّ القصر عندَهم عزيمة، وليس رُخصةً حقيقةً، قال الكاساني[107]: "إنَّ الركعتين من ذوات الأربع في حقِّ المسافر ليستَا قصرًا حقيقة عندنا، بل هما تمام فرْض المسافر، والإكمال ليس رُخصةً في حقه، بل هو إساءةٌ ومخالفة للسُّنة، هكذا رُوي عن أبي حنيفة - رضي الله عنه - أنَّه قال: مَن أتمَّ الصلاة في السفر فقد أساء وخالَف السنَّة"[108].

 

ثانيًا: بالإطلاق مِن نُصُوص الكتاب كقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185]، ونصوص السنة كقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يمسح المسافِرُ ثلاثةَ أيام ولياليها))[109]، فيجب العملُ بالمطلق ما لم يُقيَّد، وليس هناك ما يُقيِّد الإطلاق المستفادَ من الآية والحديث، فكل منهما يفيد تعليقَ القصر على مُسَمَّى السفر من غير تفصيل بيْن المسافر سفرَ طاعة أو معصية[110].

 

ثالثًا: إنَّ السفر نفسه ليس معصية، وإنَّما المعصية ما يحصل بعدَه، وهو مقصودُ المسافر بسفره، فالتحريم راجعٌ المقصود، وهو معنى يمكن فصلُه عن السفر، فيبقى السفر مباحًا مقيدًا للرخصة مطلقًا[111].

وظهَر مما سبق أنَّ الحنفيَّة لَم يستدلُّوا بالقياس على مذهبهم، فلا يصحُّ أنْ يقال: إنَّ هذه المسألة مخالفة لأصلهم.

 

المطلب الخامس: في المعدول به عن القياس:

وقد سبَق مذهبُ الحنفية في المعدول به عن القياس في شُرُوط صحَّة القياس، أنه إذا كان المعدول به عن القياس غير معقول المعنى بالاتفاق، لا يجوز جريانُ القياس فيه، وإذا كان معقولَ المعنى يرى الأكثرُ عدمَ الجواز.

 

وقد أورد إمامُ الحرمين نقضًا على هذا الأصل ناقلاً عن الشافعي - رضي الله عنه - أنَّه قال مخاطبًا للحنفية في ذلك: "زعمتُم أنَّ القهقهة تُبطل الصلاة، واعتقدتم ذلك معدولاً عن القياس، ثم زعمتم أنها تبطل صلاة ذات ركوع وسجود، ولا تبطل صلاة الجنازة، ولم ينقدح لكم فرق معنوي، ولكنَّكم اعتقدتم قضيةً - لو صحَّت - في صلاة من الصلوات الخمس، ورأيتُم أن تقتصروا على موردِ النص، ثم قلتم: القهقهة تُبطِل النفل، وإن لم تكنِ القضية في النَّفْل، فليتَ شِعري ما الذي عنَّ لكم في التخصيص من وجِه، والإلْحاق من وجه؟![112].

 

ففي هذا النص أمران، انتقد بهما الشافعيُّ - رحمه الله - الحنفية:

الأول: أنَّ الحنفية فرَّقوا بيْن مجتمعين من غيْر معنًى مفرِّق، وهما صلاة ذات الركوع والسجود، وصلاة الجنازة، فأبْطلوا الأولى بالقهقهة دون الثانية.

الثاني: أنهم قاسوا صلاةَ النافلة على الفريضة في إفْساد الوضوء بالقهقهة؛ لأنَّ الأثَر واردٌ في الفريضة دون النافلة، وإمام الحرمين قصَد الأمر الثاني في نقْله لكلام الشافعي - رحمه الله - ولأنَّ فيه بيانَ مخالفة المسألة الفقهية لأصْل الحنفية.

 

تحرير المسألة:

عند الحنفية: القَهْقهة تَنقُض الوضوء في كلِّ صلاة ذات ركوع وسُجود، فلا تنقض في صلاة الجنازة ولا سجود التلاوة، ولا خارجَ الصلاة[113].

 

(دفع النقض)

لا تصلح هذه المسألة نقضًا على أصلهم؛ لأنَّهم لم يستدلوا عليها بالقياس، وإنما استدلوا بما رُوي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن معبد الجهني: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يُصلِّي وأصحابه خلفَه، فجاء أعرابي وفي بصَرِه سوء؛ أي: ضعف، فوقَع في رَكِيَّةٍ، فضَحِك بعض أصحابه، فلما فرَغ من صلاته، قال: ((أَلا مَن ضحِك منكم قهقهةً، فلْيُعدِ الوضوءَ والصلاة)).

 

والرواية الثانية حديثُ بقية عن ابن عمر: ((مَن ضحِك في الصلاة قهقهةً فلْيعدِ الوضوء والصلاة))[114]، فدلَّ الحديث على نقْض الوضوء بالقهقهة في الصلاة الكاملة، وهي ذات الركوع والسجود، وهي تشملُ صلاةَ الفريضة والنافلة؛ لأنَّ لفظ الصلاة إذا أُطْلِق ينصرف إلى ذات الرُّكوع والسجود، ويؤيد هذا أنَّه واردٌ على واقعة حال، وهي صلاة الفريضة، قال الكاساني: إنَّ ما ينقض الوضوء القَهْقهة في صلاة مطلَقة، وهي الصلاة التي لها رُكوع وسجود[115].

 

وورد الحديثُ في صلاة الفريضة - كما أشار إليه الشافعيُّ في اعتراضه بقوله: "وإنْ لم يكن القضية في النَّفْل"، لا يمنع العمل بعموم اللَّفْظ؛ لأنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوصه، مع أنَّ الروايتين خلتَا عن المورد المذكور، وليس في هذه المسألة ما يدلُّ على أنهم فَرَّقوا بين مُجتمِعَيْن؛ لأنَّ الصلاة على الجِنازة ليستْ صلاةً حقيقةً؛ لأنَّها لا تُطلق عليها لفظ الصلاة إلا بالقَيْد، ولم تكن كاملةَ الأركان.

قال الكمالُ ابنُ الهمام: والأثر ورَد في صلاة مطلَقة، فيُقصَر عليها[116].

 

المطلب السادس: في العمل بخبر الواحد فيما تعمُّ به البَلْوى:

يحسُن أن أقدِّمَ بين يدي هذا المطلب تمهيدًا لتعريف الخبر، وبيان أقسامه باعتبارات، وبيان المراد بما تَعمُّ به البلوى عندَ الحنفية؛ ليكونَ التمهيد عونًا على توضيح هذا الأصل، وما يتعلَّق به من فروع.

 

أولاً: تعريف الخبر اصطلاحًا: مركَّب يحتمل الصِّدْقَ والكذب بلا نظرٍ إلى خصوص متكلِّم[117].

ثانيًا: أقسامه باعتبار السَّند عند الحنفية ثلاثة:

القسم الأول: الخبر المتواتر:

وهو خبرُ جماعةٍ يُفيد العلمَ لا بالقرائن المتصلة، ويُشترط له ثلاثة شروط، وهي:

الشرْط الأول: أن يرويه عدد كثير، تحيل العادة تواطؤهم على الكذب.

الشرْط الثاني: أن يكون مستندُهم في الأخبار إحدى الحواس الخمْس[118].

الشرْط الثالث: أن يستويَ الطَّرَفان والوسط في التعدُّد والإسناد[119].

 

القسم الثاني: الخبر الآحاد: وهو ما لا يُفيد العِلمَ بنفسه.

 

القسم الثالث: الخبر المشهور: وهو ما كان آحاد الأصل متواترًا في القرن الثاني أو الثالث، فهو عند عامَّة الحنفية يُفيد ظنًّا قريبًا من اليقين، ويُسمَّى عندهم علم الطمأنينة، وعند أبي بكر الجصَّاص يفيد علمًا نظريًّا؛ ولذا يقيّد به الكتاب.

 

المراد "بما تعمُّ به البَلْوى": وقد بيَّنوا مرادَه بعبارات مختلفة، كلها تفيد معنًى واحدًا وهو ما يحتاج الكلُّ إليه للعمل به حاجةً مؤكَّدة مع كثرة تَكْراره؛ كنقض الوضوء ممَّا مستْه النار، والوضوء من حمْل الجِنازة، والجهر بالتسمية في الصلاة، ورفْع اليدين عندَ الركوع، فإنَّ الكل في حاجةٍ إلى معرفة الحُكم فيها؛ لأنَّها أمورٌ كثيرة التَّكْرار[120].

 

والأصْل عندهم: خبر الواحد الوارد فيما تعمُّ به البلوى ليس حُجَّة[121]، وهو مذهب أبي الحسن الكرخي من متقدِّمي الحنفية، ومختار المتأخِّرين، خلافًا لرأي عامة الأصوليين[122].

 

أدلة عدم حُجِّيته:

1- أنَّ الحُكم الذي يحتاج إلى معرفة الكافَّة لا يقتصر نقْلُه على الآحاد، بل يستفيض؛ لأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - واجبٌ عليه تبليغُ الكافة ما يحتاجون إليه، ولا يُظَنُّ به ترْكُ الواجب، وقد أوجب على أصحابه أن ينقُلوا عنه ما يحتاج إليه مَن بعدَهم، ولا يُظن بهم أيضًا ترْكُ ما وجب عليهم، ولمَّا لم ْيشتهرِ النقل، احتمل أن يكون سهوًا أو منسوخًا؛ فلا يصحُّ العلم به.

2 - عدم الاشتهار عند المتقدِّمين يدلُّ على عدم ثبوته؛ لأنَّه لو كان ثابتًا لاشتهر عند المتقدِّمين كما اشتهر عند المتأخِّرين.

3 - العادة جاريةٌ على نقْل ما اشتدتِ الحاجة إليه تواترًا؛ لتوفُّرِ الدواعي على نقْلِه، ولَمَّا لَمْ يُنقَلْ عن الكافَّة، دلَّ على عدم صحَّته[123].

 

أورد الشافعية على هذا الأصْل ثمانية مسائل نقضًا، وقالوا: إنَّهم أثبتوا أحكامها بأخبار الآحاد[124]، وهي: وجوب المضمضة، والاستنشاق في الغُسْل من الجنابة، وصلاة الوِتر، والفَصْد والحِجامة، والقهقهة في الصلاة، والغُسْل من غَسْل الميِّت وحمْله، وإفراد الإقامة تثبتها، والوضوء مِن النبيذ[125].

 

المسألة الأولى: المضمضة والاستنشاق عندَهم فرضان[126]، وممَّا استدلوا به قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((والمضمضة والاستنشاق فرضانِ في الجنابة، وسُنَّتان في الوضوء))[127].

 

(دفع النقض)

دفع النقض من وجهين: وهو المضمضة والاستنشاق:

الوجه الأول: أنَّ الخبر ليس واردًا على ما تعمُّ به البلوى؛ لأنَّ أصْل الفعل ثابتٌ بالخبر المستفيض؛ لأنَّه اشتهر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فعله وأمره به، والوجوب فعْل آخَر وليس مما تعمُّ به البلوى؛ لجواز أن يَخفَى على البعض دون الآخَر، فيُخبر مَن اطَّلع عليه غيره به[128].

 

الوجه الثاني: الحديث وارد بيانًا لما في الكِتاب، وهو قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ [المائدة: 6].

وجه الدلالة: دلَّتِ الآية على وجوب غَسْل جميع البدن، إلا ما تعذَّر غسلُه، واحتمل أن يكون داخل الفم والأنف مِن ظاهر البدن أو من باطنه؟ فبيَّن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: ((إنهما فرضانِ في الجنابة، وسُنَّتان في الوضوء))، فبانَ أنهما من ظاهر البدن، فثبت الوجوبُ بالكتاب عن طريق بيانه - صلَّى الله عليه وسلَّم"[129].

 

المسألة الثانية: صلاة الوتر.

كيفيتها: ثلاث ركعات، لا يُفصل بينها بسلام.

وقتها: ما بيْن العِشاء إلى طلوع الفجر.

حكمها: واجبٌ عند أبي حنيفة، وهو ظاهر المذهب، وسنَّة مؤكدة عند صاحبيه - رحمهم الله.

ودليل الوجوب: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله زادَكم صلاة أَلا وهي الوِتر، فصلُّوها ما بيْن العشاء إلى طلوع الفجْر))[130].

 

والاستدلال به من أربعة وجوه:

الأول: أنَّه أمَر بها، والأمر المطلق يُفيد الوجوب.

الثاني: الواجبات محصورة، والزِّيادة ترِد عليها، والنوافل غيرُ محصورة، فلا ترِد عليها زيادة.

الثالث: سمَّاها زيادة، والزيادة على الشيءِ لا تُتصوَّر إلا مِن جِنْسه، فأما إذا كان من غيره، فإنَّه يكون قِرانًا.

الرابع: أنَّه خصَّها بوقت، والواجبات تختصُّ بأوقات[131].

 

(دفع النقض)

يدفع بمثل ما سبق: وهو أنَّ ثبوت الوتر ثابتٌ بالنقْل المشهور المستفيض، وفعْل الوجوب مما يخفَى على البعض دون الآخر، فلم يرِدِ الخبر فيما تعمُّ به البلوى.

 

قال الإمام القدوري[132]: "إنَّ هذه الأخبار قد رُويتْ مختلفةَ الطرق، فيقطع أنَّ في جملتها ما هو ثابت، وإنْ كنَّا لا نقطع على واحدٍ بعينه"[133].

 

أما مخالَفة الصاحبَين لأبي حنيفة - رحمهم الله - فلا تدلُّ على عدم قَبولها هذا الأصلَ؛ لأنهما استدلوا على مذهبهما بحديث الأعرابي السائِل عن الإسلام؛ فيكون الأمرُ في الحديث محمولاً على النَّدْب عندهما، وحديث الأعرابي رواه طلحةُ بن عُبَيدالله[134]، وقال: جاء أعرابيٌّ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثائرَ الرأس، لصوته دَويٌّ، لا يُفهَم ما يقول، حتى دنَا من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإذا هو يسأله عن الإسلام، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خمس صلوات في اليوم والليلة))، فقال: هل عليَّ غيرها؟ فقال: ((لا، إلاَّ أن تطوَّع))، سرَد الخبر إلى أن قال: فأدْبر الرجل وهو يقول: والله لا أَزيدُ على هذا ولا أنقص، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قد أفلح الرجلُ إنْ يصدق))[135].

 

المسألة الثالثة: الفصد والحجامة في نقض الوضوء:

عندَ الحنفية: كلُّ دم خارج من البدن ينقض الوضوء[136]، فينقض الوضوء بالفَصْد والحجامة؛ قال السرخسي: الحجامة توجِب الوضوءَ وغَسْلَ موضع المحجمة[137].

 

واستدلُّوا بحديث زيد بن علي - رضي الله عنهما -: "الوضوء من كلِّ دمٍ سائل"[138].

 

(دفع النقض)

إنَّ الخبر ليس واردًا على ما تعمُّ به البلوى؛ لأنَّ الوضوء من الفصد والحجامة ليس مما يَتكرَّر سببُ وجوبه حتى تشتدَّ الحاجةُ إليه، ولا يُحتاج إليهما إلا عندَ عُروض المرَض[139].

 

المسألة الرابعة: وُجُوب الوضوء من القهْقهة في الصلاة:

عند الحنفيَّة: القهقهة في الصلاة تنقض الوضوء، واستدلُّوا: بحديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن ضَحِك منكم، فلْيُعدِ الوضوء والصلاة))[140].

 

(دفع النقض)

إنَّ هذه المسألة أيضًا لا تُخالف قاعدتهم؛ لأنَّ الخبر لَم يرِد على ما تعمُّ به البلوى، فإنَّ القهقهة في الصلاة نادرةٌ، ولا تصدر إلا ممَّن ليس له تثبُّت لأمْر الصلاة[141].

 

المسألة الخامسة: وجوب الغُسل من غَسْل الميت:

هذه المسألة ذََكَرها الآمديُّ[142] - رحمه الله - ضمنَ المسائل التي أوردها نقضًا على الأصْل[143].

رأي الحنفية: عدم وجوب الغُسْل من غَسْل الميت، جاء في "المبسوط": ولا يجب عليه بتغميض الميِّت وغَسْله وحمله، وضوءٌ ولا غُسْل، إلا أن يُصيبَ يدَه أو جسده شيءٌ فيغسله[144]"، فإيرادها غير صحيح.

 

المسألة السادسة: في كيفية الإقامة:

عند الحنفية: الإقامة مثنى مثنى؛ كالآذان[145]، واستدلُّوا بحديث عبدالله بن زيد الأنصاري[146]: أنَّه جاء إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: "يا رسولَ الله، رأيتُ في المنام كأنَّ رجُلاً قام وعليه بُرْدان أخضران، فقام على حائط فأذَّن مَثْنَى مثْنَى، وأقام مثنَى مثنَى"[147].

 

(دفع النقض)

هذه المسألة لا تُخالِف الأصْل؛ لأنَّ الحديث مشهور، وتلقتْه الأمةُ بالقَبول، فهو في القوَّة قريب من المتواتر، فمثله يصح ورودُه فيما تعمُّ به البلوى[148].

 

المسألة السابعة: جواز الوضوء مِن نبيذ التمر عند عدم الماء:

والنبيذُ الذي اختَلف الحنفيَّة في جواز الوضوء منه أن يكون حُلوًا رقيقًا يسيل على الأعضاء كالماء، لو كان ثخينًا كالروب لا يُتوضأ به، وإن كان مشتدًّا فهو حرام شرْبُه، فلا يجوز الوضوء به.

 

اختَلف أبو حنيفة وصاحباه في جواز الوضوء به:

نُقِل عن أبي حنيفة رأيان في المسألة:

الأول: يتوضَّأ به، ولو ضمَّ إليه التيمُّم أحبُّ إليه.

الثاني: يتوضَّأ به، ولا يتيمَّم.

ذهب محمَّد بن الحسن إلى الجمْع بين الوضوء به والتيمُّم[149].

وذهب أبو يوسف إلى أنه يتيمَّم ولا يتوضَّأ به.

 

ودليل الجواز: حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنَّه كان مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليلةَ الجن، فلمَّا انصرف إليه عند الصباح، قال: ((أمعك ماء يا ابنَ مسعود؟)) قال: لا، إلاَّ نبيذَ تمر في إداوة، فقال: ((ثمرة طيبة، وماء طهور))، وأخَذَه وتوضَّأ به[150].

 

(دفع النقض)

جوازُ الوضوء بالنبيذ لا يُخالِف الأصل؛ لأنَّ وجود النبيذ عندَ عدم الماء أمرٌ نادر، فلا عمومَ فيه[151].

أما أبو يوسف، فلم يعملْ بهذا الخبر؛ لأنَّه مخالِف للأصل، وإنما رأى أنَّ الخبر منسوخ بقوله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ﴾ [النساء: 43]؛ لأنَّه كان بمكة، وآية التيمم نزلتْ بالمدينة، ويجوز ويصحُّ نسْخُ السُّنة بالكِتاب[152].

 

المسألة الثامنة: نقض الوضوء بالقيء والرعاف:

عند الحنفية: مَن قاء فملأ الفم طعامًا أو ماءً عليه الوضوء[153].

وكذلك مَن رعف ونزَل الدم إلى قصبة الأنف، انتقض به الوضوء، واستدلُّوا بحديث عائشة - رضي الله عنها -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن قاء أو رَعَف أو أمذى في صلاته، فلينصرفْ وليتوضأ وليبْنِ على ما مضى مِن صلاته ما لَم يتكلَّم))[154].

 

(دفع النقض)

هذه المسألة لا تُخالِف الأصْل؛ لأنَّ الحديث لم يرِد على ما تعمُّ به البلوى؛ لأنَّ حصول القيء أو الرعاف في الصلاة نادرُ الحصول، فلا عمومَ فيه.

 

الخاتمة في نتائج البحث:

يتوصَّل إلى النتائج الآتية مِن خلال التأمل في البحث:

1- أنَّ حقيقة القياس حاضرةٌ في ذِهن الإمام أبي حنيفة - رحمه الله - حين يقصد إثبات الحُكم للمسألة المسكوت عن حُكْمها، يظهر ذلك جليًّا في معنى القياس عنده الذي استخرجتُه استنباطًا من قوله وفعْله.

2- أنَّ قاعدة القياس مطَّرِدة منضبطة عندَ علماء الحنفية على مرِّ العصور، ويظهر ذلك مِن خلال تعريفاتهم، وبيان شروط صحَّة القياس التي وردتْ في البحْث.

3- أنَّ قواعد الحنفيَّة التي ورد عليها النقضُ مطَّرِدة منضبِطة، تدلُّ على ذلك أجوبتهم على تلك المسائل التي أورَدها المخالِف نقضًا على قواعدهم، فإنَّ أجوبتهم على تلك المسائل التي أوردَها المخالِف نقضًا على قواعدهم مستندةٌ إلى مبرِّرات واضحة مقنِعة، تفيد أنَّهم حين إثباتهم تلك القواعد غير غافلين عن تلك المسائل.

4 - ظنُّ المخالِف أنَّ فروع مخالفه تخالف أصلَه، لا يلزم منه في الواقع كذلك؛ لاحتمال أن يكون الفرْع لم يدخل في الأصل؛ لمانع أو فقدان شرْط من شروط دخول الفرْع في القاعدة، فلا يُبنَى على هذا الظن نقضُ أصل المخالف، وقد تبيَّن ذلك من خلال دفْع الحنفية ما نَقَض به الشافعية القواعدَ المذكورة في البحْث.

 

ثبت المصادر والمراجع:

1 - الإحكام في أصول الأحكام، لسيْف الدِّين الآمدي، مؤسَّسة الحلبي للنشر والتوزيع.

2 - أحكام القرآن، للجصَّاص، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة.

3 - إحكام الفصول في أحكام الأصول، للقاضي أبي الوليد الباجي، تحقيق، الدكتور عبدالمجيد التركي، دار الغرب الإسلامي.

4 - الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلاني، دار إحياء التراث العربي.

5 - أصول الجصَّاص، لأبي بكر الرازي الجصاص، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت.

6 - أصول السرخسي، لأبي بكر أحمد بن أبي سهل السرخسي، دار الكتاب العربي بيروت 1372هـ.

7 - أصول الشاشي، لأبي علي الشاشي، دار الكتاب العربي بيروت 1372 هـ.

8 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، لعلاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثانية، 1406 هـ.

9 - بذل النظر، محمد الأسمندي، تحقيق محمد ذكي عبدالبر، مكتبة دار التراث، القاهرة، الطبعة الأولى 1412 هـ.

10 - البرهان في أصول الفقه، لإمام الحرمين بعد الملك الجويني، طبع على نفقة صاحب سمو الشيخ خليفة بن حمَد أمير دولة قطر.

11 - تبيين الحقائق في شرْح كنز الدقائق، للعلاَّمة فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.

12 - التجريد، للقدوري، تحقيق محمد أحمد السرَّاج، والدكتور علي جمعة، دار السلام.

13 - التقرير والتحبير، شرْح العلامة ابن أمير الحاج على تحرير الكمال بن الهمام، الطبعة الكبرى الأميرية ببولاق، الطبعة الأولى.

14 - تقويم أصول الفِقه، لأبي زيد الدبوسي، تحقيق عبدالرحيم يعقوب، مكتبة الرشد، الرياض.

15 - تيسير التحرير شرْح التحرير، لمحمَّد أمين المعروف بأمير باد شاه، مطبعة مصطفى البابي الحلبي 1350 هـ.

16 - شرْح التلويح عل التوضيح لمتْن التنقيح في أصول الفِقه، سعد الدين مسعود التفتازاني، دار الكتب العلمية بيروت لبنان.

17 - شرح فتح القدير، لكمال الدين محمد عبدالواحد، دار التراث العربي، بيروت لبنان.

18 - شرْح اللمع، لأبي إسحاق الشيرازي، تحقيق عبدالمجيد التركي، دار الغرب الإسلامي.

19 - الفتح الربَّاني في ترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني، ترتيب، تأليف أحمد بن عبدالرحمن البنا، دار الشهاب القاهرة.

20 - الفتْح المبين في طبقات الأصوليِّين، للعلامة عبدالله مصطفى المراغي، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان.

21 - فواتح الرحموت شرْح مُسلَّم الثبوت، بزيل المستصفَى من علم الأصول، للغزالي مطبعة بولاق بمصر المحميَّة 1294 هـ.

22 - الفصول في الأصول، لأبي بكر الرازي الجصَّاص، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت.

23 - الفوائد البهيَّة في تراجم الحنفية، لأبي الحسنات محمد عبدالحي اللكنوي، دار المعرفة للطباعة والنشر.

24 - الكافي شرْح أصول البزدوي، حسام الدين حسين بن علي السغناقي، مكتبة الرشد الرياض.

25 - كشْف الأسْرار عن أصول فخْر الإسلام البزدوي، للإمام علاء الدين عبدالعزيز بن أحمد البخاري، دار الكتاب العربي بيروت، لبنان، 1394 هـ.

26 - المبسوط، لشمس الدين السرخسي، دار المعرفة بيروت لبنان.

27 - مجمع الأنهر في شرْح ملتقى الأبحر، الشيخ محمَّد بن سليمان المعروف بداماد، مؤسسة تاريخ العربي، ودار إحياء التراث العربي.

28 - المحصول في علم الأصول، للإمام فخر الدين الرازي، تحقيق طه جابر العلواني، مطبعة جامعة الإمام محمد سعود الإسلامية الرياض.

29 - مرآة الأصول في شرح مرقاة الأصول؛ لملا خِسرو، المكتبة الأزهرية، للتراث 2002 م.

30 - المستصفى من أصول الفقه، لأبي حامد الغزالي، تحقيق الدكتور حمزة حافظ، مطبعة الجامعة الإسلامية المدينة المنورة.

31 - المغني في أصول الفقه، لجلال الدين عمر بن محمد الخبَّازي، تحقيق الدكتور محمد مظهر بقا، مركز البحث العلمي والتراث الإسلامي بجامعة أم القرى 1403 هـ.

32 - مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة، للإمامين، موفَّق بن أحمد المكي، ومحمد بن محمد الكردي، مكتبة الإسلامية كويتا بباكستان 1407هـ.

33 - ميزان الأصول في نتائج العقول، للشيخ علاء الدين أبي بكر محمد بن أحمد السمرقندي، تحقيق الدكتور محمد ذكي عبدالبر، مطابع الدوحة الحديث، الطبعة الأولى، 1404هـ.

34 - نصْب الراية لأحاديث الهداية، للإمام الحافظ جمال الدين أبي محمد عبدالله بن يوسف الزيلعي، المكتبة الإسلامية، بالهند 1393 هـ.

35 - نهاية الوصول إلى علم الأصول، الشيخ أحمد بن أحمد الساعاتي، تحقيق الدكتور سعد غرير السلمي، معهد البحوث العلمية في إحياء التراث الإسلامي، جامعة أم القرى، مكة، 1418 هـ.

36 - الوصول إلى الأصول، تأليف أحمد بن علي بن برهان، تحقيق الدكتور: عبدالحميد علي أبو زنيد.

 


[1] هو عبدالملك بن عبدالله بن يوسف محمَّد الجويني، الملقَّب بأبي المعالي، الفقيه الأصولي الشافعي، اشتهر بالنَّجابة والذكاء، وقوة الذاكرة، وكان أعلمَ أهل زمانه بالكلام والأصول والفِقه، له مصنَّفات عدَّة، منها: "البرهان في أصول الفقه"، و"الورقات"، و"نهاية المطلب في دراية المذهب"، تُوفِّي سنة 478 هـ؛ "الفتح المبين في طبقات الأصوليِّين" 1/ 260.

[2] "البرهان" 2/ 99.

[3] "مناقِب الإمام الأعظم أبي حنيفة"؛ للإمامَيْن الموفق بن أحمد المكي، ومحمَّد بن محمد الكردري 1/ 81.

[4] "أصول الشاشي" ص: 326.

[5] هو محمَّد بن محمَّد بن محمود أبو منصور الماتريدي، من علماء علم الكلام من الحنفيَّة، وصاحب مذهب في الكلام، عرف بالماتريدية، وله مكانة عالية في علوم الشريعة، وكان يُسمى بإمام الهدى، وله عدة مصنفات في علوم الشريعة، منها كتابه في الأصول: "مأخذ الشرائع"، "الفتح المبين في طبقات الأصوليِّين".

[6] "ميزان الأصول"، ص: 554، "كشْف الأسرار" 3/ 267 - 268، "مِرقاة الأصول" 2/ 277.

[7] هو: أبو علي أحمد بن محمد بن إسحاق نِظام الدين الفقيه الحنفي، له مكانةٌ عالية في المذهب، فقد أجْلسه شيخُه أبو الحسن الكرخي مجلسه للتدريس بعدما أصابه الفالج، واسم كتابه: "الخمسون في أصول الدِّين"؛ لأنَّه ألَّفه وكان سِنُّه خمسين عامًا؛ المرجع: الفوائد البهية في تراجم الحنفية: تأليف محمد بن عبدالحي اللكنوي، دار المعارف للطباعة والنشر، بيروت، وهدية العارفين: تأليف: إسماعيل باشا، مكتبة المتي، بيروت.

[8] "أصول الشاشي" 325.

[9] أحمد بن علي الرازي، أبو بكر الجصَّاص، صاحب زُهْد وورع، كان إمامَ الحنفية في عصره، وله مؤلَّفات كثيرة، منها: أحكام القرآن، أصول الجصَّاص، تُوفي سنة 370 هـ؛ "الفتح المبين" 1/ 204.

[10] "الفصول في الأُصُول" 4/ 5.

[11] المصدر السابق 4 / 10.

[12] "الفصول في الأصول" 4/ 11.

[13] "الفصول في الأصول" 4/ 99.

[14] "الفصول في الأصول" 4/ 99.

[15] المصدر السابق 4/ 100.

[16] هو عبيد الله بن عمر بن عيسى، كان يُضرب به المَثَل في النظر واستخراج الحجج، ومن أكابر فقهاء الحنفية، وهو أول مَن وضع علم الخلاف وأبرزه إلى الوجود، ومِن تأليفه: كتاب تأسيس النظر، وتقويم أصول الفقه، وتحديد أدلة الشرع، توفي سنة: 430 هـ؛ (المرجع: الفتح المبين في طبقت الأصوليين ص 236، والفوائد البهية ص 109).

[17] تقويم أصول الفقه وتحديد أدلة الشرع؛ تأليف: القاضي أبي زيد الدبوسي، تحقيق: د/ عبد الرحيم يعقوب - مكتبة الرشد 3/ 6.

[18] هو محمد أبي سهل المعروف بشمس الأئمة الفقيهة الحنفي الأصولي، إمامًا من أئمة الحنفية، وله عدَّة مؤلفات منها: كتابه في الأصول، والمبسوط في الفقه، توفي سنة 483 هـ؛ (الفتح المبين في طبقات الأصوليِّين 1/  264)، وأصول السرخسي 2:/ 143.

[19] كشف الأسرار 4/ 267.

[20] علاء الدين محمد بن أحمد السمرقندي الفقيه الحنفي، صاحب "تحفة الفقهاء"، له عِدَّة مصنَّفات، منها: في أصول الفقه: ميزان الأصول في نتائج العقول، وشرح جامع الكبير في الفقيه، واختُلف في سَنَة وفاته؛ الفوائد البهية: 158، مقدمة المحقِّق لكتابه "ميزان الأصول".

[21] ميزان الأصول في نتائج العقول، 554، تأليف السمرقندي، تحقيق: د/ محمد زكي عبدالبر.

[22] ميزان الأصول في نتائج العقول 544، تأليف السمرقندي، تحقيق د/ محمد زكي عبدالبر.

[23] محمد بن ولي بن رسول القيرشهري، ثم الأزميري الفقيه الحنفي، وله عدَّة مؤلَّفات، منها: حاشية على شرْح ابن الحاجب لمختصر المنتهى، توفِّي سنة 1165 هـ؛ (هدية العارفين 6/ 328).

[24] هو علي بن محمد بن الحسين البزدوي الفقيه الأُصولي، اشتهر بتبحُّرِه في الفقه، حتى عُدَّ من حفَّاظ المذهب الحنفي، وله عدَّة مصنفات، منها: كنز الوصول إلى معرفة الأصول، وغناء الفقهاء، وشرْح الجامع الصغير والكبير في الفقه، توفِّي سنة 482 هـ؛ (الفتح المبين، ص: 263).

[25] مرآة الأصول في شرح مرقاة الوصول في علم الأصول مع حاشية الأزميري، تأليف ملا خِسْرو، الناشر: مكتبة الأزهرية للتراث القاهرة 2/ 277.

[26] هو محمَّد بن عبدالحميد، كان فقيهًا مناظرًا، وله باعٌ طويل في علم الجدل، له عدَّة مؤلفات، منها: كتابه هذا. توفي سنة 552 هـ؛ هدية العارفين 2/ 902، مقدمة المحقق، ص: 17.

[27] بذل النظر ص: 581، تأليف محمد بن عبدالحميد الأسمندي، تحقيق: د/ محمد زكي عبدالبر، مكتبة دار التراث، القاهرة.

[28] نن مسعود، الملقَّب بصدر الشريعة، الإمام الحنفي الفقيه الأصولي، كان متبحِّرًا في المعقول والمنقول، وله عدَّة مصنفات منها: كتابه النقاية شرْح الوقاية، تأليف جدِّه: تاج الشريعة، وفي الأصول: فتن النقيح، وشرحه: التوضيح؛ الفتح المبين في طبقات الأُصُوليِّين 2/ 153.

[29] شرْح التلويح على التوضيح لمتْن التنقيح في أصول الفقه 2/ 110، دار الكُتب العلمية، بيروت.

[30] محمد بن عبد الواحد الفقيه الحنفي، الأصولي، المتكلِّم المشهور بابن الهُمام، برَع في المنقول والمعقول، وله عدَّة مؤلفات، منها: التحرير في أصول الفِقه، وفتح القدير، وزاد الفقير في الفقه، وكتابه المسايرة في العقائد المنْجِية في الآخرة في التوحيد، توفِّي سنة 861 هـ؛ "الفتح المبين في طبقات الأصوليِّين" 3/ 36.

[31] تيسير التحرير لمحمَّد أمين المعروف بأمير باد شاه 3/ 264.

[32] أصول الشاشي 314، الفصول في الأصول؛ للجصَّاص 4/ 105 - 509، وتقويم أصول الفقه 3/ 10، ميزان الأصول، ص: 641، أصول السرخسي 2/ 149.

[33] أخرجه الترمذي في أبواب الأحكام، باب ما جاء في القاضي، وأخرَجه أبو داود كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي وأخرجه الخطيبُ البغدادي 189، وسنن الترمذي بشرْحه عارضة الأحوذي 6/ 69 - 70، سُنن أبي داود 4/ 8، الفقيه والمتفقِّة ص: 189.

[34] أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب في حُكم تقصير الصلاة.

[35] سنن الدارقطني 1/ 164، ونصْب الراية لأحاديث الهداية؛ للزَّيْلَعي 1/ 48.

[36] هو خُزَيمة بن ثابت بن عامر، أبو عمارة، من السابقين الأولين، وشهد بدرًا وما بعدها، وقُتِل يوم حنين. (الإصابة 1/ 425 - 426).

[37] أخرجه البخاري في باب الجهاد، باب قوله تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب: 23]، وأبو داود في الأقضية: باب إذا عَلِم الحاكم صِدقَ الشاهد الواحد.

[38] تقويم أصول الفقه وتحديد أدلَّة الشرع 3/ 303، أصول السرَخْسي 2/ 150، المغني في الأُصُول 296، حاشية ابن مالك على المنار 2/ 775.

[39] أخرجه الدارقطني: كتاب الطهارة، باب في الوضوء مِن الخارج من البدن كالرُّعاف والقيء 1/ 155، نصب الراية لأحاديث الهداية 1/ 38.

[40] المراجع السابقة.

[41] المراجع السابقة.

[42] أصول الشاشي: 413، تقويم أصول الفقه وتحديد أدلة الشرع 3/ 17، أصول السرخسي 2/ 162، بذل النظر ()، كشف الأسرار 3/ 329، حاشية ابن مالك 2/ 772.

[43] تقويم أصول الفقه 3/ 17، 31، أصول السرخسي 2/ 160، بذل النظر 611، أصول البزدوي مع شرْحه كشف الأسرار 303، المغني في أصول الفقه 289، حاشية المنار لابن مالك ()، تغيير التنقيح 174 - 178.

[44] تقويم أصول الفقه 3/ 27.

[45] عبدالعزيز بن أحمد بن محمَّد، الملقَّب بعلاء الدين البُخاري، الفقيه الحنفي الأصولي، له مصنَّفات عدَّة، منها: كشف الأسرار شرْح أصول البزدوي، توفي سنة 730 هـ؛ الفتح المبين 2/ 141.

[46] كشف الإسرار 3/ 305.

[47] سبق تخريجه.

[48] سبق تخريجه.

[49] هو عبدالله بن الحسن، أبو الحسن الكرخي، انتهتْ إليه رئاسة الحنفيَّة في عصره، وكان عالِمًا جليلاً تقيًّا زاهدًا، عد في طبقة المجتهدين في المسائل، وله عدَّة مصنَّفات، منها: كتابه في الفقه "المختصر في الفقه"، توفِّي سنة 340 هـ؛ الفتح المبين في طبقات الأصوليين ص: 186.

[50] كشف الأسرار: 3/ 311.

[51] كشف الأسرار: 3/ 312.

[52] هو محمَّد بن شجاع الثلجي الفقيه الحنفي، وله عدَّة مصنفات في الفقه، منها: التجريد في الفقه، وتصحيح الآثار وكتاب المضاربة، وغيرها، توفِّي سنة 266 هـ؛ (هدية العارفين: 6/ 17).

[53] المراجع السابقة.

[54] كشف الأسرار: 3/ 311.

[55] أصول الجصَّاص 4/ 122.

[56] نهاية الوصول إلى علم الأصول للساعتي 2/ 588، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج 3/ 131.

[57] أصول الجصَّاص 4/ 127.

[58] المرجع السابق.

[59] الفصول في الأصول للإمام أحمد بن علي الرازي الجصَّاص، تحقيق د/ عقيل الشمس 4/ 107.

[60] أخرجه الترمذي عن عائشة - رضي الله عنها -: بلفظ: ((ادرؤوا الحدودَ عن المسلمين ما استطعتُم، فإنْ كان له مخرجٌ فخلُّوا سبيله، فإنَّ الإمام أن يخطئ في العفو خيرٌ من أن يخطئ في العقوبة))؛ السنن مع شرْحه الأحوذي 6/ 198، وأخرجه الحاكم في الحدود، وقال: صحيح الإسناد 4/ 384، والبيهقي في سُننه "باب ما جاء في درْء الحدود بالشبهات 12/ 323، وسُنن الدارقطني 3/ 84.

[61] البرهان 2/ 896.

[62] تبيين الحقائق في شرْح كَنْز الدقائق؛ للزَّيْلَعي، دار المعرفة، بيروت 4/ 233، فتح القدير 6/ 59.

[63] تقويم أصول الفقه 3/ 3/ 38.

[64] البرهان 2/ 896.

[65] تقويم أصول الفقه 3/ 38.

[66] هو أبو الهذيل زُفر بن الهذيل بن القيس البصري، كان جامعًا بين الفقه والعبادة، وكان مقدَّمًا في مجلس الإمام أبي حنيفة، وقال عنه: إنَّه أقيس أصحابه، وكان يجلُّه ويعظمه، وقال فيه: هذا زفر إمام من أئمَّة المسلمين، وعَلَم من أعلامهم، توفِّي سنة 158 هـ؛ (الفوائد البهية 75 - 76).

[67] أحمد بن علي بن محمَّد، أبو الفتح الفقيه الشافعي الأصولي، كان حادَّ الذِّهن حافظًا، وله مصنفات عدَّة؛ منها: في أصول الفقه: البسيط، والوسيط، والأوسط، والوجيز، توفي سنة 520 هـ؛ (الفتح المبين 2/ 15).

[68] الوصول إلى الأصول 2/ 250.

[69] أي بصورته الأصلية بأن لم تُحْدث فيه صنعة متقوّمة.

[70] فتح القدير 5/ 129، مجمع الأنهر في شرْح ملتقى الأبحر 1/ 616.

[71] أخرجه ابنُ أبي شيبه في مصنَّفه ومسنده، وزاد في مسنده: "لم تُقطع في أدْنى من ثمن جَحْفة أو تُرْس"، وكذا في "نصب الراية" 3/ 36.

[72] الوصول إلى الأصول 2/ 251.

[73] فتح القدير 2/ 40، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع؛ للكاساني الحنفي 7/ 35.

[74] هو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي، الفقيه، المؤرِّخ الأديب، كان قاضيًا ومفتيًا، وخطيبًا، وله مصنَّفات عدة، منها: المهذب في الفقه، واللُّمع وشرحه، والتبصرة في الأصول، توفِّي سنة 476 هـ؛ (الفتح المبين 1/ 255).

[75] شرح اللمع 2/ 793.

[76] فتح القدير 5/ 181، تبيين الحقائق 3/ 238.

[77] عمر بن محمد بن عمر الخبازي الحنفي الأصولي، كان بارعًا زاهدًا، عارفًا بالمذهب، له عدَّة مصنفات، منها: كتابه: المغني في الأصول، توفِّي سنة 691 هـ؛ (الفتح المبين في طبقات الأصوليين ص: 79).

[78] المغني في أصول الفقه ص: 156.

[79] البرهان في أصول الفقه 2/ 896

[80] المغني في أصول الفقه، ص: 156.

[81] فتح القدير 5/ 137.

[82] الفصول في الأصول 4/ 106.

[83] فتح القدير 2/ 254، بذل النظر ص: 624.

[84] البرهان في أصول الفقه 2/ 896.

[85] بذل النظر ص: 623.

[86] تقويم الأدلة 3/ 35.

[87] أصول السرخسي 2/ 154.

[88] قال الزيلعي: حديث غريب بهذا اللفْظ، نصب الراية لأحاديث الهداية 449.

[89] فتح القدير 2/ 588.

[90] البرهان 2/ 896.

[91] فتح القدير 3/ 6.

[92] أحكام القرآن 2/ 588.

[93] الفصول في الأصول 4/ 106، بذل النظر ص 623، أصول السرخسي 2/ 163، تيسير التحرير 4/ 103. مسلَّم الثبوت على حاشية المستصفَى 2/ 317.

[94] مجمع الأنهر 1/ 33، والمبسوط 1/ 64.

[95] المصدر السابق.

[96] أصول السرخسي 2/ 111 - 112.

[97] شرح فتح القدير 1م 89 وأمَّا تخريج الحديث، فلم أهتدِ إليه في مظانِّه.

[98] البرهان في أصول الفقه 2م 900، الوصول إلى الأصول 2/ 251، والمبسوط 1/ 40.

[99] المبسوط 1/ 64، فتح القدير 1/ 16.

[100] محمَّد بن عبدالواحد عبدالحميد، الشهير بابن الهمام، كان عالِمًا أصوليًّا فقيهًا، محدِّثًا مفسرًا، وله عدَّة مصنفات منها: فتح القدير شرح الهداية، والتحرير في أصول الفقه، توفِّي سنة 861 هـ؛ الفوائد البهية 180.

[101] أصول الشاشي ص 385.

[102] تقويم أصول الفقه 1/ 374.

[103] تيسير التحرير 2/ 229.

[104] تقويم أصول الفقه 3/ 20.

[105] الوصول إلى الأصول 2/ 251.

[106] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، للكاساني الحنفي 1م 93، وفتح القدير 2م 19.

[107] علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني، من أئمَّة الحنفية، وله مصنَّفات جليلة، منها: كتابه "بدائع الصنائع"، "شرح تحفة الفقهاء"؛ الفوائد البهية ().

[108] بدائع الصنائع 1/ 91، فتح القدير 2/ 19.

[109] أخرجه البيهقيُّ في معرفة السنن والآثار، كتاب الطهارة، باب وقت المسْح على الخُفَّين 2/ 108.

[110] بدائع الصنائع 1/ 91.

[111] بدائع الصنائع 1/ 91.

[112] البرهان 2/ 898.

[113] بدائع الصنائع 1/ 32، فتح القدير 1/ 46.

[114] أحاديث نقض الوضوء بالقهقهة أخرَجها الزيلعيُّ في نصب الراية (1/ 47 - 54)، والدارقطني في سننه، باب أحاديث القهقهة في الصلاة 1/ 161.

[115] بدائع الصنائع 1/ 32.

[116] المصدر السابق.

[117] تيسير التحرير 3/ 24.

[118] تيسير التحرير 3/ 24.

[119] المصدر السابق.

[120] تيسير التحرير 3/ 37 - 38، و 112، والوصول إلى الأصول 1/ 114، وميزان الأصول، ص: 434، وأصول السرخسي 1/ 398، وكشف الأسرار 3/ 99.

[121] المراجع السابقة.

[122] المراجع السابقة.

[123] المراجع السابقة.

[124] المستصفَى 2/ 289.

[125] شرح اللمع 2/ 193 - 194، والوصول إلى الأصول 2/ 194، والإحكام للآمدي 2/ 101 - 102، والمحصول 4/ 634.

[126] فتح القدير 1/ 50.

[127] نصب الراية للزيلعي، وقال: غريب، ورواه الدارقطني، ثم البيهقي في سننهما 1/ 78.

[128] فتح القدير للعاجز الفقير 1/ 50.

[129] أصول السرخسي 2/ 368، والكافي شرح أصول البزدوي 3/ 298، وشرح فتح القدير 1/ 50.

[130] أخرجه الدارقطني 2/ 30، وأبو داوود 2/ 128، وابن ماجه بلفظ ((أحدكم)) 2/ 30.

[131] فتح القدير 1/ 369، المبسوط 1/ 155.

[132] هو أحمد بن محمد أبو الحسن البغدادي القدوري، كان ثِقةً صدوقًا، انتهتْ إليه رئاسة الحنفية في زمانه، له عدَّة مصنَّفات في المذهب، منها: التجريد في الخلاف، وشرْح مختصر الكرخي، توفي سنة 428 هـ؛ الفوائد البهية ص: 30.

[133] التجريد 2/ 796.

[134] طلحة بن عبيدالله، أبو محمَّد القرشي التيمي، أحد العشَرة، وواحد الثمانية الذين سبَقوا إلى الإسلام، وواحد الخمسة الذين أسْلموا على يدِ أبي بكر - رضي الله عنهم - وواحد الستة أصحاب الشُّورى، توفِّي سنة 96 هـ؛ الإصابة في تمييز الصحابة 2/ 230.

[135] أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب: الزكاة في الإسلام، ومسلم: في كتاب الإيمان: باب بيان الصلوات التي هي أحَدُ أركان الإسلام.

[136] المبسوط 1/ 77، وفتح القدير 1/ 32 - 35.

[137] المبسوط 1/ 83.

[138] أخرجه الدارقطني في السنن 2/ 157

[139] التقرير والتحبير 2/ 295، ومسلم الثبوت على حاشية المستصفَى 2/ 130.

[140] سبق تخريجه.

[141] المصدران السابقان.

[142] هو علي بن أبي علي محمَّد بن سالم التغلبي، الملقَّب بسيف الدين الآمدي، كان أصوليًّا منطقيًّا خلافيًّا، له مصنفات.

[143] المصادر السابقة.

[144] المبسوط 1/ 82.

[145] فتح القدير 1/ 212

[146] عبدالله بن زيد بن عبد ربِّه الأنصاري، شهد بدرًا وسائرَ المشاهد كلها مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - توفِّي في المدينة 32 هـ؛ (الاستيعاب على حاشية الإصابة 2/ 311 - 312).

[147] أخرجه الإمام أحمد في المسند، الفتح الرباني في ترتيب المسند الإمام أحمد 3/ 16، وأبو داود في سننه 2/ 347.

[148] المبسوط 1/ 129.

[149] التجريد 1/ 69 - 70، والمبسوط.

[150] ابن ماجه في سننه، كتاب الطهارة، والدارقطني في كتاب الطهارة: باب الوضوء بالنبيذ.

[151] التجريد 1/ 74.

[152] المبسوط 1/ 88.

[153] المبسوط 15/ 75 - 88، وفتح القدير 1/ 34.

[154] رواه الدارقطني 1/ 153، وابن ماجه في السنن: باب ما جاء في البناء على الصلاة، والبيهقي في السنن الكبرى: باب ترْك الوضوء مِن خروج الدم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • النكت الظريفة في ترجيح مذهب أبي حنيفة
  • الجواهر المضية في طبقات الحنفية لعبدالقادر بن محمد القرشي
  • أصول مذهب الحنفية والمالكية
  • سطور في الترادف والتباين بين الباطل والفاسد عند الحنفية والجمهور

مختارات من الشبكة

  • كيف تشتري كتابا محققا؟ وكيف تميز بين تحقيق وآخر إذا تعددت تحقيقات النص؟(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التقليد في تحقيق المناط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حاجة كتاب (غاية النهاية) لابن الجزري للتحقيق ، وحاجة التحقيق للتنسيق(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • مخطوطة منظومة الهاملي في فروع الحنفية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الكافي في فروع الحنفية ( الجزء الأول )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • منهج تحقيق نسبة النص النثري لمحمد علي عطا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رأي الإمام الشَّاطبي في أقسام تحقيق المناط في الاجتهاد (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحقيقات التي حظي بها كتاب البرهان للإمام الزركشي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تعريف الضابط الفقهي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رأي الإمام الشاطبي في أقسام تحقيق المناط في الاجتهاد (1)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- استفسار
ابو اسامة - الجزائر 27-11-2017 12:34 AM

أولا جزاكم الله خيرا على الجهد المبذول لإنصاف أهل العلم.

في نفس السياق، يقولون أن الأحناف خالفوا أصول مذهبهم في بعض مسائل العقيدة. هل هذا صحيح ؟

بارك الله فيكم

3- سؤال في غاية الأهمية
نور الهدى - الجزائر 10-12-2014 04:16 PM

كم أريد جوابا على سؤالي عاجلا.. أحتاجه، طلب منا  الأستاذ البحث عنه ولم أجد الجواب... السؤال هو: أنه بما أن الحنفية تنكر المفهوم المخالف فلا تستخدمه، لكنها فعلت ذلك في أربع مواضع، أرجوكم أفيدونا مأجورين.

2- استفسار
محمود عبد العزيز - مصر 26-10-2014 02:44 PM

جزاكم الله خيرا, وأرجو معرفة المجلة أو المدونة التي نشر فيها البحث, كما أود التعرف على سيرة الباحث .

1- شكر واستفسار عن بقية القواعد المُدَّعى تناقض الحنفية فيها
فاطمة الحمادي - الإمارات العربية المتحدة 11-07-2012 07:50 AM

جزاكم الله خيرًا

البحث قيمٌ، ذو بيانٌ واضحٌ ودقيق، هل تتبعم بقية الأصول التي أدعي تناقض الحنفية فيها؟

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب