• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

سورة الأنفال والموضوع الواحد

سيد ولد عيسى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/4/2010 ميلادي - 5/5/1431 هجري

الزيارات: 43358

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة الأنفال والموضوع الواحد

 

تُعالج السورة موضوعًا واحدًا تقريبًا، هو العلاقة بالآخَرِ سِلْمًا وحربًا، والأخلاق الإسلامية المطلوبة في هذه العلاقة، مراعيةً الظروف التي نزلت فيها، وهي بداية تشكِّل الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، منبهةً على مبادئَ عامَّة، وقواعدَ أساسيَّة في التعامل مع الآخَرِ، ومذكرة أيضًا بالأهداف من وراء الصِّدام الواقع حينها بيْن المسلمين والمشركين، مبينةً في الوقت نفسِه سببَ الصراع وعِلَّته الأولى، وكل السُّورة تطفح بالعناية والرِّعاية، والقدرة على حِفْظ ونصْر وتمكين الدولة الناشئة، إذا هي سارتْ كما يرسم لها الوحي، وكما يوجِّهها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

والسورة في شكلها تبدأ بمقدِّمة موجزة عن حادثة مطروحة "الأنفال"، رابطةً الحادثةَ بسِياقها، مبينةً في الوقت نفسِه علاقةَ الموضوع بالإيمان، مقدِّمة تعريفًا للمؤمِن الحق.

 

يلي هذه المقدِّمةَ الموجزة عرْضٌ واقعي عن الأحداث المعاشة حينها، والتعقيب عليها برَبْطها بعِللها وأسبابها (قدَرًا وشرعًا)، ويطول العرض - نسبيًّا - في المزاوجة ما بين حِكاية الواقع كما هو، وتحليله والتعقيب عليه؛ لتختمَ السُّورة من حيث بدأتْ، مبينةً الحاجة إلى المال، في التقوِّي على الأعداء، ومُجمِلة العلاقاتِ بالبشر - مسلمهم وكافِرهم - لتعودَ إلى المؤمن الحق؛ لتضيفَ إلى صفاته "الولاء، والهجرة، والجهاد"، واعدةً إيَّاه بصلاح الدارين: "مغفرة ورزق كريم".

 

ولنبدأ الآن مع السورة من بدايتها، نلخِّص ما يفتح الله به، وذلك في النِّقاط التالية:

أولاً: تبدأ السُّورة - كما قلنا - بالأنفال، وبيان لِمَن هي (وسواء علينا كانتِ الأنفال هي الغنائم - كما هو الظاهر من السِّياق - أو كانت الخُمُس المبيَّن لاحقًا، أو كانت ما يجعله الإمام لبعض الجيش، أو كانتْ ما جاء من المال عن طريق السرايا....إلخ) فإنَّ السورة بيَّنتْ حُكم الأنفال، وأنَّ مردَّ الحكم فيها لله ولرسوله؛ لتجعلَ السورة من ذِكْر الأنفال مدخلاً للتذكير بالإيمان، وتعريف حقيقته، مذكرةً المخاطبين بنجاتهم بوجوب طاعةِ رسول الله عليهم، وعلاقتها بالإيمان.

 

تبدأ هذه المقدِّمة الموجزة من قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾... إلى قوله: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 1 - 4].

 

ثانيًا: تبتدِئ السورة في عرْض أحوالِ الناس (المسلمين) قبل الأنفال، قبل النصْر وهم ما زالوا في وضْعٍ آخَرَ خائفين ذليلين يحتكر القرآن وحْدَه حقَّ التعبير الفني الحقيقي عنهم؛ ﴿ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُون ﴾ [الأنفال: 6]، ثم تُبيِّن السورة نِعم الله الكثيرة على هؤلاء كيف حَفِظهم، وثبَّت أقدامَهم، ونصرهم بملائكته، وبثَّ الرعب في قلوب أعدائهم، وجعل النُّعاس يتغشاهم ﴿ أَمَنَةً مِنْهُ ﴾، وكيف: "ينزل عليهم من السماء ماء"؛ ليطهرهم ﴿ وَلِيُثبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ ﴾ في حين حرم العدو كلَّ هذه المِنن والألطاف.

 

وتؤكِّد السورة قبلَ هذا كله على أنَّ هذا الوضع غيرُ سليم، فالحق اتَّضح، وهؤلاء المشرِكون أخرجوكم وآذوكم وقاتلوكم، وبالتالي لا معنى للتكاسُل، ولا للخور والجبن أمامَهم، فليس الوضع كما كان في مَكَّة، هناك كان الوضع ﴿ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ﴾ [النساء: 77]، وحينها كان المسلِمون يُطالِبون بالقِتال والدِّفاع عن أنفسهم، فلا يؤذن لهم، أمَّا الآن فالإذن قد جاء بالقِتال؛ ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾ [الأنفال: 39].

 

رابعًا: من خلال هذا المدخل أرادتِ السورة أن تُبيِّن أصلَ الصِّراع، ومبدأه ومنشأه، وغايته:

أ‌- أصْل الصراع: ترجع السورة ذلك إلى سَببٍ رئيس له عِدَّة مظاهر للتجلِّي، أما السبب فهو: الحرابة.

 

وأمَّا مظاهرها، فتتجلَّى في:

1- المكر الهادف إلى:

أ- محاولة سجنِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - سجنًا يمنعه من إبلاغ الدَّعوة، ونشْر الرسالة.

ب- محاولة اغتياله، عن طريق عصابة مجرِمين مختلطين، يصعُب الانتقام والقِصاص منهم.

ج- نفيه إلى جِهةٍ يكون نفيها إليها سببًا للقضاء على دعوته، وإخراجه مرغمًا مِن أرْضه ووطنه.

 

وهذا ما بينتْه الآية: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ﴾ [الأنفال: 30]، وأنَّه: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ [الأنفال: 33]، وحين نُدرك أنَّ العذاب الذي حلَّ بهم ليس عذابًا سماويًّا محضًا، وإنما جاء على أيدي "المستضعفين"، يتَّضح لنا المعنى أكثر.

 

2- الظلم الواقع على أصحابه، والذي طالهم في مكة أجمعين - تقريبًا - ولاحقهم بعدَ الهجرة إلى الحبشة، متابعةً للأشخاص، ومصادرةً للحريات، ﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [البروج: 8].

 

3- الإنفاقات السخية على الحَرْب ضدَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومعاشِر المؤمنين في الدولة الفتية، وهذا ربَّما ورد التنبيهُ إليه فقط؛ ليجعلَه المؤمنون في الحسبان؛ لأنَّه ليس من أعمال ما قبل المعركة، وسيرتَّب عليه أمر ما في المستقبل.

4- التخويف والتهديد، الذي جعل المسلمين في أشدِّ الخوف، يخافون أن يتخطَّفهم الناس.

5- صد المسلمين عن المسجد الحرام ومنعهم من عمارته.

6- مشاقَّة المسلمين، ومحاربتهم ظلمًا وعدوانًا، حتى كأنَّ لسان حال المسلمين يصرخ: ﴿ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ ﴾ [المائدة: 59].

ويصيح: ﴿ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ﴾ [غافر: 28].

 

وهذا ما بينتْه السورة في غير ما آية: مثل: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأنفال: 13]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 36]، ﴿ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ﴾ [الأنفال: 34]، ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ﴾ [الأنفال: 26].

 

 

غاية الصراع:

لا تُطلق السورة الصِّراع أبديًّا سرمديًّا، وإنما الصِّراع مرتبط بأسبابه، فهو يتوقَّف بمجرَّد رجوع المعتدين عن الاعتداء، وتمام ذلك بأن تكون "كلمة الله هي العليا"؛ لكي تضمنَ الحرية للناس، فيعبدوا ربَّهم لا يخافون، ويقوموا بالعدل للناس، على أساس: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 6]، وأساس: ﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]، وأساس: ((خلُّوا بيني وبين الناس))[1]، وأساس الاحتواء لا الإلغاء، مع الدعوة بالحِكمة والموْعظة الحَسَنة، والجِدال بالتي هي أحسن، وتعقيب الله - تعالى - على قوله: ﴿ فَإِنِ انْتَهَوا ﴾ بقوله: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الأنفال: 39]، كأنَّ الآية تشير إلى قوله - تعالى - في الآية الأخرى: ﴿ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴾ [الغاشية: 22]، أو إلى قوله: ﴿ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [الشورى: 48]، وما في معناهما من الآيات.

 

فالصِّراع إذًا محدَّد الغاية والهدف، ليس من أجْل الصِّراع، وإنما مِن أجل قيمةٍ أسْمى كما سيتضح لاحقًا في قضية الأسرى.

 

خامسًا: تَعُود السورة مرة أخرى للمال "الغنائم"؛ لتبينَ أنَّ خُمُس هذه الغنائم لله ورسوله، ولذي القُرْبى، واليتامى والمساكين، وابن السبيل، ثم تربط الحُكم بالإيمان - كما في سابقاتها - وتبدأ مباشرةً في تبيين حال الناس؛ ﴿ يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ [الأنفال: 41]، مبينة أنَّ الصِّراع جاء لإقامة الحُجَّة، أو بالتعبير القرآني: ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ﴾ [الأنفال: 42].

 

وبعدَ هذا المقتطف الموجَز تعود السورة إلى رسْم الصورة التي يجب أن تكونَ عليها الثُّلَّة المؤمنة، والدولة الناشئة، وذلك عن طريق المقارنة بيْن مجموعتين وحالتين:

الحالة الأولى: حالة المسلمين وهم مستضعفون في الأرْض، يخافون أن يتخطَّفهم الناس، مهدَّدون لا يستطيعون أن يعبدوا الله كما يشاؤون.

 

حال المسلمين الآن - وهم أمامَ المواجهة الحتمية - ﴿ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ﴾ [الأنفال: 6]، لتذكِّرَهم بأنَّ الجهاد من أجْل ألاَّ يعودوا إلى مِثل هذه الحال، أو بتعبير القرآن: ﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]، فلا فلاح ولا نجاح، ولا صلاح ولا قيامَ لهذه الدولة وهذه الأمَّة، إلا بهذا الطريق الأوْحد؛ طريق الجهاد والكفاح.

 

وأما المجموعتان: فصف المؤمنين الذين تبيَّن نُبْل هدفهم، وسمو غايتهم، وبين الكافرين الذين خرجوا مِن ديارهم:

♦ بطرًا

♦ رئاء الناس.

♦ يصدون عن سبيل الله.

 

لتكونَ هذه الغايات كلُّها ضدَّ الغايات التي خرج المسلمون مِن أجلها، وهذه الأخلاق ضد أخلاق المؤمنين، الذين يريدون أن تكون كلمةُ الله هي العليا، الذين ﴿ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ﴾ [الحج: 39].

 

الذين يَثبتون - كثبات مبدئهم - ويذكرون الله كثيرًا عندَ المواجهة في تواضُع جمٍّ، وإخبات منقطع النظير[2].

 

بينما غاية الصف الثاني يُحدِّدها زعيمه في "أن نَرِد بدرًا، ونشرب الخمر، وننحر الجزر، وتُغنِّي لنا القينات، وتسمع بنا العرب"، ولكن هيهات! "إنَّ الله مع المؤمنين".

 

ولا يقتصر التمايزُ بين الفريقين على هذا القَدْر، بل هو تمايز في دار الجزاء، فهؤلاء ﴿ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169][3]، وأولئك: ﴿ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾ [الأنفال: 50]، ليس ظلمًا، وإنما ﴿ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [التوبة: 82]، بل كما قال الله عنهم في هذه الآيات: ﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾[الأنفال: 51]، ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأنفال: 53]؛ لتتقرّرَ النتيجة النهائية، والقاعدة القدرية التي لا تختلُّ، التي تقْضي بجزاء الظالِم على ظُلْمه، ومعاقبته على ما فرَّط - إنْ عاجلاً أو آجلاً - ﴿ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ [الأنفال: 54]، كما أهْلك فرعون ومَن قَبْله والمؤتفكات، يهلك هؤلاء، ﴿ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الأحقاف: 35].

 

سابعًا: العلاقات:

مِن هنا تبدأ السورة في ضبْط علاقات المؤمنين بغيرهم، موضحةً ضوابطَ لتلك العلاقات مِن قبيل:

1- أخْذ الحَيْطة والحذر؛ لأنَّهم: ﴿ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ﴾ [الأنفال: 56].

2- عدم غَدْرهم، وردّ العهود إليهم إنْ خِيف منهم غَدْرٌ: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ﴾[الأنفال: 58]، وهنا يُدرِك المسلمون أنَّ حاميَهم الله، وأنَّ النصر لا يُنال بالخِداع الكاذب (وإنْ كانت الحَرْب خدعة)، وإنَّما حَسْبُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "الله"، ومَن اتبعه مِن المؤمنين.

3- الاستعداد: وأخْذ العُدَّة ليس بهدف الحرْب ولا للرغبة فيها، وإنما من أجل:

♦ إرْهاب العدو: وهو ما يُعرَف بالرُّعْب التوازني، الذي يَحول دون الصِّدام المباشر، هذا من ناحية.

♦ ومن ناحية أخرى: إرْهاب الأعداء المجهولين - بالنسبة للمخاطبين - الذين يُبيِّتون للمسلمين الكيد، بعاملِ نفسية الجاهلية التي لا تَعرِف إلا العدوان، فهؤلاء يردَعُهم التسلُّح؛ ولذلك حين غلب المسلمون قريشًا دخل الناس في دِين الله أفواجًا؛ لأنَّ كثيرًا من الناس لا يكونون إلاَّ مع الغالب.

 

4- الإنفاق في سبيل الله؛ لتحقيق غاية "الإعداد"، فإذا كان أولئك ﴿ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 36]، فهؤلاء ينفقون أموالَهم للدعوة إلى سبيل الله، وحِماية جُنْد الله.

 

5- إن جنحوا للسلم فاجنحْ لها، ولكن مع الضوابط السابقة، مِن الإعداد؛ حتى لا يطمع الذي في قلْبه مرض، والحَذَر حتى لا يَمِيلُوا عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً.

 

ثامنًا: بناء على هذه التوجيهات، وعلى ما تقدَّمها في السورة، تأتي توضيحاتٌ للمباحِث المالية، والتصوُّرية التي أجملتِ السورةُ الحديثَ عنها في البداية؛ لتبينَ أمورًا لا بدَّ من التنبيه إليها:

1- أنه لا ينبغي الحِرْص على الدنيا وطلبها، ونسيان الهدف الأوَّل من القِتال، وهو ((لِتَكُونَ كَلِمةُ الله هي العليا))، بل يجب النظرُ إلى الحرب باعتبار الغاية، وأمَّا الأَسْر فلينظر إليه باعتباره وسيلة مِن وسائل إعلاء كلمة الله، لا باعتباره وسيلةً لجمْع المال، وهذا - إن شاء الله - هو العِلَّة المقصودة من العِتاب في قضية الأَسْر مِن أجل الفداء، ثم إقرار ما كان؛ لتبيين الغاية مِن الأَسْر؛ ولهذا قال الله - تعالى -: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾ [الأنفال: 69].

 

2- أنَّ وقت المفاصلة الآن حان، فالناس قِسمان: مؤمن وكافِر، والمؤمنون قسمان:

♦ مؤمِن مهاجر، أو في حُكم المهاجِر كالأنصار: فهذا له الولاءُ والنصرة[4]، وله مِن الحقوق مِثْل ما عليه مِن الواجبات.

♦ مؤمِن غير مهاجر: له النصرة على أيِّ أجنبي[5] يظلمه، ويُضايقه في دِينه.

 

والكفَّار يُنظِّمون علاقتهم فيما بينهم: ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الأنفال: 73]، وهم أقسامٌ كذلك، ذكرتِ الآية منهم قسمين:

 

♦ كافِر محارِب: بيننا وبينه ما بين المحاربين، أو على حدِّ تعبير حسان بن ثابت:

لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ ♦♦♦ سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ

 

♦ كافر معاهد: نَفِي له بعهده، ونستعين بالله عليه؛ ﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 61].

 

وأما القسم الثالث، وهو المحايد: فلم يَرِدْ ذِكرُه صريحًا في هذه الآيات، وإنْ كان في قوله - تعالى -: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾ [الأنفال: 60] ما يشير إلى مَن هم في ظاهرهم محايدون (مسكوت عنهم)، وفي باطنهم: ﴿ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْل ﴾ [النساء: 108].

 

خاتمة:

بهذا تكون السورةُ قد انتظمتْ من أولها إلى آخِرِها في تنظيم هذا المجتمع الفتيِّ في هذه الناحية الحساسة (ناحية العلاقات)، وبيَّنت له أُسسَ التعامل مع الآخرين، وغايات الحرْب والسِّلم، وأخلاقهما، وعرَّجت في الخِتام على تتمةِ بيان الإيمان، وعلاقته بالعمل، وبالولاء السِّياسي، فبذلك ينتظمُ نِظامَ الحياة إيمانٌ وعمل، وولاءٌ وانحياز، دِين ودنيا، سياسة وإيمان، وثروة، خُلُق وقوَّة، فتنتظم هنا الدنيا والآخرة، ويتجاور عالَم الشهود وعالم الغيب، ويَميزُ الله الخبيثَ مِن الطيب، ﴿ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [الصف: 8].



[1] وهذا جلي في تعليق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على طلب عُتبة بن ربيعة من قومه أن يرجعوا - حين علم بنجاة العير - ويتركوا بين محمَّد وبين الناس، فإن عزَّ عزُّوا، وإلا كانوا قد كفوه؛ حيث قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن يكن فيهم خير، ففي صاحِب الجمل الأحمر عني عتبة بن ربيعة إن يُطيعوه يرشدوا))، تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 54).

[2] جاءتِ الآيات فيما بعدُ بتوضيح كيفية الثبات، ومتى يلزم، وكم العدد الذي يثبت المسلِم أمامَه، والعدد الذي لا يجب عليه الثباتُ أمامه، وهذا موضَّح في الآيات: ﴿ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الأنفال: 65]، و﴿ فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّه ﴾ [الأنفال: 66]، وبغضِّ النظر عمَّا قيل من نسخ أو عدمه في الآيات، وبغض النظر عن ((لن تغلب اثنا عشر ألفًا من قِلَّة...))، وبغض النظر عن كون ثبات النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - واجبًا عليه، وكون ذلك من خصائصه، بغضِّ النظر عن كلِّ هذا، فأظن أنَّ الذي يثبت أمام العدو راجيًا فضلَ الله ومثوبته، مراعيًا الشروطَ والأهداف، والعِلل والغايات، ينال أجْرَه عند الله - إن شاء الله.

[3] لم تذكر هذه السورة - سورة الأنفال - أنَّ شهداء المسلمين في الجنة، كما ذكرتْ ذلك في شهداء أحد، وربَّما يرجع ذلك إلى قِلَّة عدد المستشهدين من ناحية، وطيب نفوس المسلمين واستعدادهم للموْت يومَ بدر من ناحية أخرى، في حين وقعتْ حسرةٌ واستفسار في أُحد كان جوابه: ﴿ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران: 165].

[4] وهنا لا ندخل في التفاصيل المتعلِّقة بالإرث بيْن المهاجرين والأنصار، الوارد في الحديث الصحيح، فبالرغم من صحَّة الحديث يبقى لفظُ الآية أشملَ من مجرَّد هذا النوع من الولاء.

[5] المراد بالأجنبي هنا مَن لا يربطه بالمسلمين عهدٌ أو ميثاق، وليس بينه وبينهم حرب، وهو المحايد بمعنًى مِن المعاني.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وعدا بني إسرائيل.. المعاني والدلالات
  • { لا ريب فيه }
  • خطاب القرآن من ( اقرأ ) إلى سورة الأنفال
  • حول سورة الأنفال والتعريف بها
  • مناسبة سورة الأنفال لسورة الأعراف
  • دروس دعوية في نداءات سورة الأنفال
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار)
  • خطة بحث: منهج الدعوة الإسلامية من خلال سورة الأنفال (دكتوراه)
  • معنى الأنفال
  • إصلاح ذات البين من خلال سورة الأنفال
  • بداية سورة الأنفال
  • كما أخرجك ربك من بيتك بالحق
  • الكفار بعضهم أولياء بعض
  • تلخيص منهج الدعوة في سورة الأنفال
  • تأملات في سورة الأنفال
  • ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

مختارات من الشبكة

  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى السورة لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مناسبة سورة الأنفال لسورتي البقرة وآل عمران(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جدول متابعة الحفظ للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • التوحيد في سورة العنكبوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسرار الحروف المقطعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة البروج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من الكتب المؤلفة عن سورة النمل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المناسبات في سورة الفرقان(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)

 


تعليقات الزوار
7- نفحات من حوارات العلماء
د / محمد حامد محمد سعيد - مصر 11-07-2014 09:53 AM

ما جمل وأروع حوارات العلماء فالمستفيد الأول والأخير هو القارئ جزاكم الله خيرا

6- أسباب النزول ليست مراعاةً للظروف
يوسف بعدراني - لبنان 28-04-2010 02:25 PM

نشكر الأخ عاكف على ما جاء في تعليقه ونتوقف عند توضيحه بهذا النص: "أما الثالث فيسمى بالسياق التنزيلي وهذا متعلق بما يسمى عند العلماء بأسباب النزول حيث يراعي المستدل عهد تنزيل النص بمعرفة الواقعة أو الحادثة التي نزل بسببها النص، مع العلم أن سبب النزول لا يعد حاصراً للنص من حيث معناه وإنما يعين في فهم النص، ولذلك ما ذكره صاحب المادة من اعتبار الظروف في التنزيل لا يعد عيباً منهجياً بل لا بد من أخذه بنظر الاعتبار". ونقول أن هذا هو الصواب بما يشير إليه وهو غير ما أشرنا إليه عندما أوضحنا أن أحكام الله تعالج الظروف ولا تراعيها. فعندما تتنزل أحكام الله تتنزل لإخضاع الظروف لحكم الله وهو غير ربط الحكم بسبب النزول ليعيننا على فهم النص ليكون الفهم من هذا الربط أيضاً مرجعاً للاستدلال لأن هذا هو الذي يهدي إلى ربط الاستدلال بجنسه فلا يسهل الانحراف بربطه بغير جنسه فيقع بالخطأ الجسيم. وإرجاع قول مراعاة الظروف للعهد الهابط ولخطة أمريكا لإعادة صياغة معاني الإسلام نعوذ بالله من التجريح أو التلميح أو الإساءة من قريب أو بعيد إلى أي أخ كريم خاصة دون تمهيد بالاستفسار وتبادل الرأي والنصح بهدف الاستنصاح. وعذرنا هنا هو القبول بالتوضيح. والله من وراء القصد إن شاء الله.

5- شكر..
سيد ولد عيسى - موريتانيا 28-04-2010 08:23 AM

السلام عليكم ورحمة الله
شكر الله للإخوة أجمعين (السعوديان والمقدشي واللبناني).. وجزاكم الله خيرا على التوضيحات..
من المعلوم أن القرآن مطلق.. وأن أحكامه كلية ثابتة.. لا تضع "للهوى".. ولا لمراد غير الله سبحانه وتعالى، وأن اجتهاد العلماء يتبع في صوابيته وخطئه لمدى موافقته لمراد الله سبحانه -وهنا نغض النظر عن "هل كل مجتهد مصيب أم لا"- ...
أن لا أريد أن أقيد أحكام الله ـ سبحانه وتعالى ـ ولا أن أحصرها بزمن معين...
ولكني أرى والله أعلم أن القرآن نزل يعالج وقائع معينة (يرشد الدولة المدينية الناشئة بقيادة الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم)يبين للمسلمين ما فيه الخير لهم في الدنيا والآخرة في تدرج ...
طبعا أنا أعلم أن الله تعالى قادر على أن ينزل ما شاء متى شاء ولكن لما نزل هذه السورة في هذا الوقت دون غيرها - سورة المائدة أو سورة النصر مثلا... فما دامت سورة ما نزلت في وقت ما فهي لا بد تعالج ما نزلت من أجله لكن هذا لا يلغي دورها في الحوادث المشابهة فيما بعد فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب...
نسأل الله لنا ولكم السداد في القول والعمل والتوفيق لما يحب ويرضى إنه ولي ذلك والقادر عليه.

4- إلى الأخ أبو محمد عبد الفتاح آدم المقدشي
عاكف - السعودية 26-04-2010 06:17 PM

الأخ المقدشي..

إنّ النص القرآني يعتبر نصاً مطلقاً بحاجة إلى تنزيل أحكامه ومقاصده على الواقع في إطار النوازل والحوادث بحكم كونها مرجعاً رئيساً للاستدلال والاستنباط مع السنة النبوية، وعند ذلك لا بد من مراعاة ثلاثة سياقات عند تنزيل النصوص، الأول: السياق النصي، وهذا يتعلق بالنص في إطار سابقه ولاحقه، وقد قعد العلماء لهذا السياق قاعدة السياق والسباق محكم. الثاني: السياق الموضوعي، وهذا السياق متعلق بالنصوص ذات العلاقة بالنص المعني، فينبغي مراعاتها عند فهم النص. أما الثالث فيسمى بالسياق التنزيلي وهذا متعلق بما يسمى عند العلماء بأسباب النزول حيث يراعي المستدل عهد تنزيل النص بمعرفة الواقعة أو الحادثة التي نزل بسببها النص، مع العلم أن سبب النزول لا يعد حاصراً للنص من حيث معناه وإنما يعين في فهم النص، ولذلك ما ذكره صاحب المادة من اعتبار الظروف في التنزيل لا يعد عيباً منهجياً بل لا بد من أخذه بنظر الاعتبار، والحكم الشرعي لا يكفي لمعرفة خطابه التكليفي بل لا بد من اعتبار خطاب الوضع، وتنزيل النص على الواقع يقتضي مراعاة ما يسمى عند العلماء بتحقيق المناط، لذلك أرجو من الإخوة والأخوات الذين يطلعون على أمثال هذه الدراسات عدم التسرع في الأحكام وإطلاق الأوصاف المقاصدية في الطعن والقدح، وإنما السبيل معرفة المنهج والشرع وفقاً لمقاصد الشارع وضوابطه المنهجية وهذا بفضل الله مبثوث في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفهم سلف الأمة والعلماء المحققين من هذه الأمة.

3- أحكام الله تعالج الظروف ولا تراعيها
يوسف بعدراني - لبنان 26-04-2010 01:50 PM

لم أكمل قراءة المقالة بعد أن استوقفني السطر الأول في قوله "تُعالج السورة موضوعًا واحدًا تقريبًا، هو العلاقة بالآخَرِ سِلْمًا وحربًا، والأخلاق الإسلامية المطلوبة في هذه العلاقة، مراعيةً الظروف التي نزلت فيها، وهي بداية تشكِّل الدولة الإسلامية في المدينة المنورة،" من أين أتى بهذه المقولة: مراعيةً الظروف التي نزلت فيها؟ لا يوجد في شرع الله أي دليل أن هذه السورة مراعية الظروف التي نزلت فيها بل نزلت لتعالج الظروف التي نزلت فيها. أي هي أحكام للموضوع وليس مراعاة لظروف. الحكم الذي يراعي الظرف هو حكم نسبي قابل للتعديل والتغيير حسب المصلحة والهوى والقوة معاذ الله |أن يكون ذلك في أيٍّ مِن أحكام الله، أو هو حكم يمكن المساومة عليه. لا يوجد في الإسلام أحكام تراعي الظروف بل تنظمها وتخضعها وتعالجعها بأحكام ذات مقاصد محددة لا تحيد عنها مهما تغيرت الظروف طالما أنها الواقع نفسه، جميع أحكام الإسلام أحكام دائمة لواقع محدد، لا يقال الحكم بتغير بل يقال لكل واقع حكم، لا يوجد حكم يتغير، أحكام الله ثابته، تغير الواقع يلزمه الإجتهاد للتوصل إلى معرفة حكم الله في الواقع الجديد وليس تغيير حكم واقعٍ آخر. إن هذا القول: "مراعيةً الظروف التي نزلت فيها" هو مِن الأقوال التي استعملها الجاهلون في عصر انحطاط مستوى فكر المسلمين ومِن ثم تبناهاالمثقفون في إسلامٍ تصوغ مفرداته أمريكا في محاولتها تعميم أفكارٍ ينحرف بها كل من يأخذها بدون دراية لأبعادها وبذلك يجري تعميم خطتها بتضييع المسلمين عن أي إسلام جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام. نحن نربأ بالأخ كاتب هذا المقال سيد ولد عيسى أن يكون منهم ونرجوه أن يحتاط في قوله لأن القول كان عنه مسؤولا، والسلام.

2- بارك الله فيكم
خليل - السعودية 22-04-2010 04:08 PM

بارك الله فيكم
وبانتظار جديدكم

1- تحقيق العلة المفصودة من العتاب
أبو محمد عبد الفتاح آدم المقدشي - الصومال 20-04-2010 09:23 PM

أنه لا ينبغي الحِرْص على الدنيا وطلبها، ونسيان الهدف الأوَّل من القِتال، وهو ((لِتَكُونَ كَلِمةُ الله هي العليا))، بل يجب النظرُ إلى الحرب باعتبار الغاية، وأمَّا الأَسْر فلينظر إليه باعتباره وسيلة مِن وسائل إعلاء كلمة الله، لا باعتباره وسيلةً لجمْع المال، وهذا - إن شاء الله - هو العِلَّة المقصودة من العِتاب في قضية الأَسْر مِن أجل الفداء، ثم إقرار ما كان؛ لتبيين الغاية مِن الأَسْر؛ ولهذا قال الله - تعالى -: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾ [الأنفال: 69].
كذا قال الشيخ - عفى الله عنا وعنه - ولكني لا أرى العلة المقصودة من العتاب في قضية الأَسْر مِن أجل الفداء هو هذا كما أشار إليه الشيخ للأسباب الآتية
أولا: نُنزِّه النبي - صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام الحِرْص على الدنيا وطلبها، ونسيان الهدف الأوَّل من القِتال، وهو ((لِتَكُونَ كَلِمةُ الله هي العليا))كما أشرت إليه أو ما أكدت عليه وقلت :وأمَّا الأَسْر فلينظر إليه باعتباره وسيلة مِن وسائل إعلاء كلمة الله، لا باعتباره وسيلةً لجمْع المال,! وإن كان هذا الأمر يجوز على من يُناقض جهاده بطلب الدنيا والحرص عليها في أي زمن من الأزمان.
فمن ذا الذي يستقيم على الصراط المستقيم والجهاد في سبيل الله إذا لم يستقم عليه النبي صلى الله عليه وسلم؟! وإنما أخطأ النبي - صلى الله عليه وسلم- في مسألة اجتهد فيها برأيه كأن يتقوى بهذا الفداء على أعدائه مثلا , أو لينتفعوا بهذا المال, ولعل الله أن يهدي الذين أُخذ منهم الفدية أو يُخرج من أصلابهم من يُوحِّد الله, ولكن الله أراد حكمة أعظم من حكمته - بأبي هو وأمي- وحكمة أصحابه الذين استشار بهم في هذا الرأي.
ثانيا: العلة هي إثخان الكفار في الحرب وتوقيفهم عند قدرهم لينهزموا نفسيا, ولئلا تقوم لهم قائمة تطلب الثأر , وليعتبر بهم من خلفهم من الكفار كما قال تعالى في نفس السورة { فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذّكرون } لأنه إذا لم يُفعل بهم هذا فسيكون بمثابة استعجال اقتظاف ثمرة الجهاد قبل بدو صلاحها مع ما فيه من فقد هيبة المسلمين على أعدائهم ونشر الرعب في أوساطهم, ولاسيما إذا كان هذا من بدايات الحرب كما قال تعالى في سورة محمد { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء } فجعل الغاية هنا أولا الإثخان كما جعلها في سورة الأنفال وقال {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} فدلت الآيتان أن كل من جاهد في سبيل الله ولم يثخن في الأرض أولاً فلا يجوز له أن يأخذ الفداء أو يمن , والله أعلم.
ثالثا: أما قوله تعالى { تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة } فلا يُفهم منه إلا محض العتاب , لا أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته أرادوا الدنيا حقيقة وجمعه الينسوا بها إعلاء كلمة الله
رابعا: إخراج مناط العلة هو ترك الإثخان وأخذ الفدية لا العتاب بأنهم يريدون عرض الدنيا كما ذهبت إليه, والله أعلم.
ولا تقلل ملاحظتي هذه من أهمية هذا البحث فهو رائع جدا في موضوعه فجزى الله خيراالكاتب فيما أجاد وأفاد, وبالله التوفيق.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب