• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

حكم القبض بالقيد المصرفي (PDF)

بندر بن سعود النمر

عدد الصفحات:17
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 23/7/2024 ميلادي - 16/1/1446 هجري

الزيارات: 1678

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

القبض لغة:  مصدر قبضه، يقبضه، قَبْضًا، بمعنى: أخذه. وهو خلاف البسط، وصار الشيء في قبضتك: أي في ملكك [1].     القبض اصطلاحًا:  حيازة الشيء وما في حكمها بمقتضى العرف [2].     ولم يرد حد في الشرع ولا في اللغة للقبض فيرجع في ضابطه إلى العرف، كما قال ابن قدامه رحمه الله: "القبض مطلق في الشرع فيجب الرجوع فيه إلى العرف كالإحراز والتفرق"[3].     وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع؛ كالصلاة والصيام والحج، وتارة باللغة كالشمس والقمر والبر والبحر، وتارة بالعرف كالقبض والتفرق[4].     ولذا فإن قبض الأعيان يختلف بحسب نوع العين المقبوضة وفق عرف الناس، ويمكننا إجمال ذلك إلى قسمين:  1-قبض حقيقي وهو ما يكون القبض فيه حسيًا ويختلف بحسب المقبوض، فقبض العقار بالتخلية والتمكين من التصرف، والمنقول كالأموال والسيارات بالتسليم الحسي للعين، والمنقول الموصوف في الذمة بالتخلية بينه وبين المستحق على وجه يتمكن به من تسلمه من غير مانع ولو لم يحصل النقل والتحويل.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد فهذا بحث عن:

« حكم القبض بالقيد المصرفي »

وهو المبحث الثاني لباب بيع العملات والذهب عبر الانترنت المشتمل على عدة مباحث:

• علة الربا في الذهب والفضة ودخول الأوراق النقدية في حكمهما.

 

• حكم القبض بالقيد المصرفي.

 

• حكم بيع العملات بنظام الفوركس والمتاجرة بالهامش.

 

• حكم التعامل بالعملات الرقمية (البتكوين).

 

• حكم شراء الذهب والفضة عبر البطاقة الائتمانية.

 

• حكم بيع الذهب والفضة والألماس عبر الانترنت.

 

• حكم شراء الساعات أو الحواسيب التي بها ذهب يسير تابع.

 

• حكم أجهزة الجوالات والأقلام المطلية بالذهب.

أسأل الله القبول والتوفيق والتيسير إنه على ذلك قدير.

 

المدخل إلى المسألة

♦ القبض مرده إلى العرف فإذا تحقق القبض عرفًا فقد تحقق القبض.

 

♦ الوكيل يقوم مقام الأصيل في القبض.

 

♦ أهل العلم يعتبرون قبض المنقول الموصوف في الذمة بالتخلية بينه وبين المستحق على وجه يتمكن به من تسلمه من غير مانع.

 

♦ ابن عمر رضي الله عنهما كان له في ذمة المشتري دراهم، فاستبدلها بدنانير وصرفها قبل قبضها قبضًا حسيًا.

 

♦ النص على القبض باليد ورد في قبض أصناف الربويات كالدنانير والدراهم والبر والشعير فما الذي خصّه بالدراهم والدنانير فقط.

 

القبض لغة:

مصدر قبضه، يقبضه، قَبْضًا، بمعنى: أخذه. وهو خلاف البسط، وصار الشيء في قبضتك: أي في ملكك [1].

 

القبض اصطلاحًا:

حيازة الشيء وما في حكمها بمقتضى العرف [2].

 

ولم يرد حد في الشرع ولا في اللغة للقبض فيرجع في ضابطه إلى العرف، كما قال ابن قدامه رحمه الله: "القبض مطلق في الشرع فيجب الرجوع فيه إلى العرف كالإحراز والتفرق"[3].

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع؛ كالصلاة والصيام والحج، وتارة باللغة كالشمس والقمر والبر والبحر، وتارة بالعرف كالقبض والتفرق[4].

 

ولذا فإن قبض الأعيان يختلف بحسب نوع العين المقبوضة وفق عرف الناس، ويمكننا إجمال ذلك إلى قسمين:

1-قبض حقيقي وهو ما يكون القبض فيه حسيًا ويختلف بحسب المقبوض، فقبض العقار بالتخلية والتمكين من التصرف، والمنقول كالأموال والسيارات بالتسليم الحسي للعين، والمنقول الموصوف في الذمة بالتخلية بينه وبين المستحق على وجه يتمكن به من تسلمه من غير مانع ولو لم يحصل النقل والتحويل.

 

2-قبض حكمي، وهو ما يكون القبض فيه معنويًا، ففي العقار والمنقول كالسيارات يكون بتسجيل ملكية هذه العين في سجل معتبر قانونًا فيقوم التسجيل مقام القبض الحقيقي في أحكامه وآثاره، وفي المال يكون بالقيد المصرفي [5].

 

وسبق أن تحدثنا أن الراجح من قول أهل العلم أن علة الذهب والفضة الربوية هي مطلق الثمنية فتشمل العلة الأوراق النقدية، وقد بحث ذلك في مبحث مستقل[6]، وبناء على ذلك تأتينا مسألة وهي: هل يمكننا القول بأن القبض الحكمي للمال عبر القيد المصرفي له حكم قبض المال في عقود المصارفة؟.

 

صورة المسألة:

أن يشتري إنسان خمس جرامات ذهب عيار أربعة وعشرين بألف ريال، فيأخذ المشتري من البائع الذهب ويدفع له ببطاقة الصراف الآلي (بطاقة الخصم الفوري) ألف ريال، بحيث يقيد في حساب البائع هذا المبلغ، فهل يقوم هذا الدفع مقام القبض الشرعي (يدًا بيد).

 

تحرير محل لنزاع:

اتفق أهل العلم على اعتبار القبض الحقيقي في أحكام الصرف قبضًا شرعيًا كما جاء في صحيح مسلم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ)[7].

 

واختلفوا في اعتبار القيد المصرفي قبضًا شرعيًا في عقود المصارفة على قولين:

أقوال أهل العلم في المسألة:

القول الأول:

أن القيد المصرفي يقوم مقام القبض الحقيقي، وهو قول مجمع الفقه لرابطة العالم الإسلامي[8]، ومجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي[9]، وهو قول أكثر المعاصرين[10].

 

القول الثاني:

أن القيد المصرفي لا يقوم مقام القبض الحقيقي ولا يحصل به القبض الواجب شرعًا، وهو قول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله[11].

 

عرض الأدلة في المسألة:

أدلة القول الأول:

استدل أصحاب القول الأول وهم القائلون بأن القيد المصرفي يقوم مقام القبض الحقيقي بأدلة منها:

الدليل الأول:

ما رواه أحمد في مسنده قال: حدثنا بهز، وأبو كامل قالا: حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَقْبِضُ الْوَرِقَ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّنَانِيرَ مِنَ الْوَرِقِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رُوَيْدَكَ أَسْأَلْكَ، إِنِّي كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَقْبِضُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ. فَقَالَ: (لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ).

 

وقد جاء موقوفًا كما عند البيهقي قال: أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو أخبرنا أبو محمد المزني أخبرنا على بن محمد بن عيسى حدثنا أبو اليمان أخبرني شعيب عن الزهري أخبرني سالم: (أن عبد الله بن عمر كان إذا كان للرجل عليه الذهب أو الورق خيره حين يقضيه أي الصنفين أحب إليك ثم يقضيه بصرف الناس أو يصرف فيقبضه فإذا قبل ذلك الرجل لم ير به عبد الله بأسا) [اختلف في رفعه ووقفه والراجح الوقف، ورجح شعبة والدارقطني وقفه][12].

 

وجه الدلالة: أن ابن عمر رضي الله عنهما أجاز المصارفة في الذمة عن الدين الذي لم يقبض، ولم يُلزم بقضائه بنفس الجنس، فتمت المصارفة بين الدنانير والدراهم عند قضاء الدين بدون تحقق القبض الحسي فدل على صحة القبض الحكمي.

 

والقيد المصرفي كذلك فمرد تحقق القبض في عقد المصارفة عائد إلى تسليمه في مجلس العقد من غير اشتراط كون القبض حسيًا أو لا.

 

ويناقش: بأن هذه حادثة خاصة بقضاء دين فأحد العوضين غائب فلا يقاس بالخاص على العام، والحديث لم يثبت مرفوعًا بل هو موقوف على ابن عمر رضي الله عنهما وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما كراهية ذلك[13].

 

الدليل الثاني:

أن القبض مرده إلى العرف فإذا تحقق العرف بالقبض عبر القيد المصرفي فقد تحقق القبض.

 

قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "العرف والعادة يرجع إليه في كل ما حكم الشارع به، ولم يحده وهذا أصل واسع موجود منتشر في المعاملات والحقوق وغيرها.... ومن الفروع: أن كل عقد اشترط له القبض، فالقبض راجع إلى العرف"[14].

 

والعرف في عصرنا على اعتبار القبض بالقيد المصرفي قبضًا حكميًا معتبرًا، فمن قيد له المبلغ يمكنه التصرف فيه بما شاء من سحب أو إحالة عليه أو غيره [15].

 

ويناقش: بأن القبض في الصرف أضيق من غيره فلا عبرة فيه بالقبض الحكمي إذ إن حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في صحيح مسلم نصَّ على القبض باليد فلا عبرة بالقياس مع وجود النص: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ)[16].

 

الدليل الثالث:

أن إذن البائع للمصرف يقوم مقام وكيل القبض في مسألة الصرف، فكما أنه لو وكَّل البائع رجلًا يستلم عنه من المشتري بينما هو يسلم المشتري بنفسه في نفس مجلس العقد لتحقق القبض المعتبر في الصرف، فكذلك يصح أن يتولى أيضًا نفس الرجل طرفي العقد (البائع والمشتري) بالوكالة.

 

جاء في كشاف القناع: "فإن أذن له - أي في مصارفة نفسه - جاز، فيتولى طرفي عقد المصارفة"[17].

 

فكذلك يقال في القيد المصرفي إذ ليس الاشتراط على أن تكون يد تقبض ويد تُسلِّم بعينها وإنما أن يحصل التقابض في مجلس العقد فذكر اليد في الحديث قيد أغلبي.

 

الدليل الرابع:

أن أهل العلم يعتبرون قبض المنقول الموصوف في الذمة بالتخلية بينه وبين المستحق على وجه يتمكن به من تسلمه من غير مانع ولو لم يحصل النقل والتحويل، بل ذهب المالكية والحنابلة إلى اعتبار قبض ما فيه توفية من كيل أو وزن، بكيله أو وزنه، والكيل والوزن ليس قبضًا حقيقيًا وإنما الذي يحصل بالكيل والوزن هو تعيين حق المشتري وإفرازه من غيره، ومع هذا اعتبروه قبضًا لا يتعارض مع اشتراطه صلى الله عليه وسلم: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ)[18].

 

ونوقش: بأن التخلية للموصوف في الذمة لا يكون في الصرف وإنما في غيره لتعيين الحديث بالقبض يدًا بيد، والقبض لا يتحقق في المكيل والموزون بمجرد التخلية بل لابد من تحقق القبض فيهما والقبض أخص من التعيين.

 

الدليل الخامس:

ألحق جمع من أهل العلم من الحنفية والمالكية والسبكي من الشافعية وابن تيمية من الحنابلة تحقق القبض في مجلس العقد بما قُبِض بِقَبض متقدم، فلو كان لرجل على آخر دنانير، وللآخر عليه دراهم، فتقاصا بما في ذمتيهما صح ذلك الصرف، ويسقط الدينان من غير حاجة إلى التقابض الحسي فكذلك في الدفع عبر القيد المصرفي[19].

 

الدليل السادس:

أن المشترى بعد القيد المصرفي لا يستطيع استرجاع الثمن، والوسيط الإلكتروني ضامن لوصول الثمن، فالثمن في حكم المقبوض وما في حكم المقبوض كالمقبوض.

قال الخرشي رحمه الله: "ما ‌في ‌حكم ‌المقبوض كالمقبوض"[20].

 

ونظير ذلك ما ذكره أهل العلم في الحوالة الفقهية:

قال الموفق ابن قدامة رحمه الله: "الحوالة بمنزلة القبض، وإلا كان بيع دين بدين"[21].

وقال البهوتي رحمه الله: "فكأن المحيل أقبض المحتال دينه"[22].

 

أدلة القول الثاني:

استدل أصحاب القول الثاني وهم القائلون بأن القيد المصرفي لا يقوم مقام القبض الحقيقي ولا يحصل به القبض الواجب شرعًا بأدلة منها:

الدليل الأول:

• ما ورد في السنة في بيان كيفية القبض في معاملات الصرف ومنها:

ما جاء في الصحيحين من طريق الزهري، عن مالك ابن أوس أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء)[23].

 

• وما رواه مسلم من طريق أبي قلابة، عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد)[24].

 

وجه الدلالة: أن قوله صلى الله عليه وسلم (إلا هاء وهاء)، وقوله صلى الله عليه وسلم (يدًا بيد)، نص على المناولة عند التقابض، فالسنة حددت كيفية القبض في الصرف وقيدته بالقبض الحسي، فالقيد المصرفي لا يعتبر قبضًا شرعيًا؛ لأن المبلغ المقيد هو في حوزة المصرف حسًا فلم يحصل به القبض شرعًا.

 

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

• الأول: أن هذان الحديثان الواردان جاءا في البيع بين الأجناس الربوية عمومًا من ذهب وفضة وبر وشعير وتمر وملح وغيرها مما يقاس عليها فلماذا اختصت الدراهم والدنانير فقط بحكم وجوب القبض الحسي بخلاف باقي الأنواع.

 

فقد اكتفى الحنفية في بيع الربويات ما عدا الصرف بالتعيين ولو لم يقبضها بيده[25]، واكتفى المالكية والحنابلة بجواز التصرف في المبيع إذا اشتري بكيل أو وزن إذا كيلت أو وزنت ولو لم يقبضها قبضًا حسيًا مع أن هذا مخالف لظاهر حديث (فلا تبعه حتى تقبضه).

 

فدل على أن قوله صلى الله عليه وسلم (إلا هاء وهاء) و(يدًا بيد) لا يقصد به وجوب القبض الحسي وإنما وجوب القبض في مجلس العقد وتحريم ربا النسيئة، وقيد اليد كان قيدًا أغلبيًا للقبض في مجلس العقد.

 

قال الكاساني رحمه الله: "ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (يدًا بيد) غير معمول به؛ لأن اليد بمعنى الجارحة ليس بمراد بالإجماع"[26].

 

وقال البهوتي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدًا بيد)، والمراد به القبض"[27].

 

الثاني: أن ابن عمر رضي الله عنهما أجاز لمن كان له في ذمة المشتري دراهم، فيستبدلها بدنانير ويصرفها قبل قبضها قبضًا حسيًا، وقد يجب له دنانير فيستبدلها بدراهم ويصرفها قبل قبضها، وقد صحت هذه المعاملة مع أنه لم يقبض الدراهم ولا الدنانير قبضًا حسيًا[28].

 

الدليل الثالث:

أن تقييد المصرف للمبلغ المستحق وحصول البائع على إيصالٍ بذلك لا يعتبر قبضًا بمجرد توثيق ما يثبت استحقاقه للمبلغ المقيد، ففرق بين قبض وثيقة تثبت الحق وبين قبض الحق نفسه، والمطلوب هو قبض الحق لا قبض ما يثبت الحق.

 

ويناقش: بأن القيد المصرفي ليس مجرد إثبات لحق وإنما هو إثبات استحقاق مع إمكان التصرف في المبلغ المقيد بكل أنواع التصرف المشروعة من بيع وخلافه، وينقطع بالقيد حق المشتري من المال المدفوع انقطاعًا نهائيًا، فهو نقل حكمي للمبلغ المقيد من ذمة المصرف العامة إلى حساب البائع [29].

 

الترجيح:

بعد النظر في الأدلة والأقوال فالذي يظهر أن أصحاب القول الأول وهم عامة المعاصرين من أهل العلم القائلون بأن القيد المصرفي يقوم مقام القبض الحقيقي أسعد بالدليل لا سيما مع قصة ابن عمر رضي الله عنهما في صرفه بالدين بين الدنانير والدراهم بسعر يومها ولم يتحقق القبض الحسي بينهما فكذلك القيد المصرفي وإنما ذكرت اليد في الحديث دلالةً على حلول القبض في مجلس العقد وعدم التأجيل.

 

ولكن يجدر التنويه: إلى وجوب القبض قبل التفرق أما مجرد قبض إيصال لدفع ائتماني سيصل إلى حساب البائع بعد أيام فهذا لا يعد قبضًا شرعيًا، فلا عبرة بسند إثبات الحق ولو كانت ملاءة المصرف عالية؛ لأن البائع لا يملك التصرف فيه.

 

وكذلك يشترط أن يكون لدى المصرف نفس جنس عملة المبلغ وإلا افتقر العقد إلى صرف آخر إلى العملة المتفق عليها.

 

جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما نصه:

"أولًا: قبض الأموال كما يكون حسيًا في حالة الأخذ باليد، أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتبارًا وحكمًا بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حسًا. وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضًا لها.


ثانيًا: إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعًا وعرفًا.


1- القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية:

أ- إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.

 

ب - إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.

 

ج - إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغا من حساب له إلى حساب آخر بعملة أخرى، في المصرف نفسه أو غيره، لصالح العميل أو مستفيد آخر وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية.

 

ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلى، للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل. على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي.


2
- تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه المصرف"[30]. والله أعلم.

 


[1] القاموس المحيط، والمصباح المنير، ومختار الصحاح، ولسان العرب: مادة "قبض".

[2] المعايير الشرعية (معيار القبض ص 497).

[3] المغني (6/ 188).

[4] مجموع الفتاوى (29/ 448).

[5] ينظر المعايير الشرعية "القبض" (ص 498).

[6] مبحث "علة الربا في الذهب والفضة ودخول الأوراق النقدية في حكمهما".

[7] مسلم (1587).

[8] قرارات مجلس المجمع الفقهي، الدورة الحادية عشرة، القرار رقم (7) (ص 41).

[9] مجملة مجمع الفقه الإسلامي (6/ 1/ ص 771).

[10] ينظر المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (12/ 153).

[11] القبض وأحكامه لعبد الله الربعي (1/ 103)، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة لدبيان الدبيان (12/ 154).

[12] روي مرفوعًا وموقوفًا.

فأما المرفوع فقد تفرد به سماك بن حرب عن سعيد بن جبير، رواه النسائي (6131، 6136، 6137)، وأبو داود (3354)، والترمذي (1242)، وأحمد (4977، 5333، 5655، 5659، 5732، 5877، 6348، 6538)، ابن الجارود (712) وابن حبان (4920)، والحاكم (2298)، والدارمي (2623)، وابن ماجه (2262)، والبيهقي (10624، 10625، 10807)، والدارقطني (2875)، والطيالسي (1980)، وأبو يعلى (5655)، وابن أبي شيبة (22950)، والطحاوي (1246، 1247، 1248)، والطبراني في "الكبير" (13726، 13727) والطبراني في "الأوسط" (4142).

وأما الموقوف فقد رواه البيهقي (11690، 11691) بإسناد صحيح بلفظ: (أن عبد الله بن عمر كان إذا كان للرجل عليه الذهب أو الورق خيره حين يقضيه أي الصنفين أحب إليك ثم يقضيه بصرف الناس أو يصرف فيقبضه فإذا قبل ذلك الرجل لم ير به عبد الله بأسا)، ونحوه رواه ابن المنذر (8049)، وسعيد بن منصور في تغليق التعليق (3/ 294) وهو ثابت.

وجاء عن الطبري (658، 660)، ابن الجعد (132). وإسناده صحيح.

قال الدارقطني في العلل (13/ 184): "لم يرفعه غير سماك، وسماك سيء الحفظ".

وقال الترمذي (1242): "هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفًا...".
كما أشار البخاري إلى إعلال الرواية المرفوعة بالرواية الموقوفة في التاريخ الكبير (1/ 46).
وذكر ابن عبد البر في التمهيد (16/ 15): "فقال شعبة: أصلحك الله، هذا حديث ليس يرفعه أحد إلا سماك، وقد حدثنيه قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ولم يرفعه. وأخبرنيه أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، ولم يرفعه، ورفعه سماك، وأنا أفرق منه".

[13] ابن أبي شيبة (21629).

[14] القواعد والأصول الجامعة (ص42).

[15] المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (12/ 155).

[16] مسلم (1587).

[17] كشاف القناع (3/ 267).

[18] البخاري (2133)، وينظر المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (12/ 157).

[19] تبيين الحقائق (4/ 139)، البحر الرائق (6/ 216)، حاشية ابن عابدين (5/ 265)، الهداية شرح البداية (3/ 84)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (3/ 166)، الخرشي (5/ 234)، التاج والإكليل (4/ 310)، الشرح الكبير (3/ 227)، حاشية الدسوقي (3/ 229)، مواهب الجليل (4/ 549)، الذخيرة (5/ 299)، منح الجليل (5/ 410)، طبقات الشافعية لابن السبكي (10/ 131)، مجموع الفتاوى (29/ 472)، الاختيارات (ص 128) نظرية العقد لابن تيمية (ص 235). وينظر: المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (12 ‏/ 157).

[20] شرح الخرشي خليل.(5/ 202)

[21] المغني لابن قدامة (6/ 71).

[22] كشاف القناع.(3/ 388) .

[23] البخاري (2134)، ومسلم (1586).

[24] مسلم (1587).

[25] المبسوط للسرخسي (12/ 197)، فتح القدير (7/ 19).

[26] بدائع الصنائع (5/ 219).

[27] كشاف القناع (3/ 264).

[28] المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (12/ 160).

[29] المعاملات المالية أصالة ومعاملة (12/ 162).

[30] مجلة مجمع الفقه الإسلامي (6/ 1/ ‏771).





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • برنامج الأساسيات الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • القواعد والضوابط الفقهية المؤثرة في العمل المصرفي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المصرفية الإسلامية ملهمة للنظام المصرفي العالمي (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • التورق البسيط والتورق المصرفي (1/ 2) (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • التورّق البسيط والتورّق المصرفي (2/2) (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • هل يجوز أن يعطى نسبة من أرباح المنتج، أو البديل المالي الفقيه المصرفي الذي يبتكره؟(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • حكم مقلوب التورق المصرفي(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الفقيه المصرفي المجتهد، شروطه وأجرته(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • برنامج أساسيات العمل المصرفي الإسلامي (عرض تقديمي)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • التمويل المصرفي المجمع (عرض تقديمي)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب