• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

مشروعية خيار المجلس (PDF)

بندر بن سعود النمر

عدد الصفحات:20
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 10/1/2024 ميلادي - 28/6/1445 هجري

الزيارات: 5363

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

مدخل المسألة:الجمع بين الأدلة ما أمكن من غير تكلف عمل بها جميعًا عمل الراوي وصاحب القصة بمعنى من معاني الحديث يقوي ثبوت هذا المعنى.  ♦ لم يثبت لابن عمر وأبي برزة رضي الله عنهم مخالف من الصحابة في العمل بخيار المجلس.   خيار المجلس: هو ثبوت حق كل واحد من المتعاقدين في إمضاء العقد أو رده في مجلس العقد منذ التعاقد إلى أن يتفرقا أو يتخايرا

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد فهذا بحث عن مسألة مشروعية خيار المجلس، وهو مشتمل على مبحثين:

♦ مشروعية خيار المجلس.

♦ خيار المجلس في البيع عبر الهاتف ووسائل التواصل والمنصات الالكترونية.

 

أسأل الله القبول والتوفيق والتيسير إنه على ذلك قدير.

 

مدخل المسألة:

♦ الجمع بين الأدلة ما أمكن من غير تكلف عمل بها جميعًا.

♦ عمل الراوي وصاحب القصة بمعنى من معاني الحديث يقوي ثبوت هذا المعنى.

♦ لم يثبت لابن عمر وأبي برزة رضي الله عنهم مخالف من الصحابة في العمل بخيار المجلس.

 

خيار المجلس: هو ثبوت حق كل واحد من المتعاقدين في إمضاء العقد أو رده في مجلس العقد منذ التعاقد إلى أن يتفرقا أو يتخايرا[1].

 

اختلف أهل العلم في ثبوت خيار المجلس للمتعاقدين على قولين:

القول الأول:

ثبوت خيار المجلس، نُسِب إلى جماهير الصحابة والتابعين وسائر المحدثين[2]، وهو مذهب الشافعية[3]، والحنابلة[4]، وبعض المالكية[5]، وقول ابن حزم[6]، واختيار ابن تيمية[7]، وابن القيم[8]، والصنعاني[9]، والشوكاني[10]، والشنقيطي[11]، وابن عثيمين[12].

 

 

القول الثاني:

عدم ثبوت خيار المجلس، والبيع لازم ولا يملك أحد المتبايعين الرجوع إلا برضى الآخر، وهو قول فقهاء المدينة السبعة باستثناء ابن المسيب[13]، ومذهب الحنفية[14]، والمالكية[15].

 

عرض الأدلة في المسألة:

أدلة القول الأول:

استدل الشافعية والحنابلة القائلون بثبوت خيار المجلس بأدلة منها:

الدليل الأول:

ما رواه البخاري في صحيحه قال: حدثنا صدقة، أخبرنا عبد الوهاب، سمعت يحيى، سمعت نافعا، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا)، قال نافع: (وكان ابن عمر إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه)[16].


وجه الدلالة: إثبات خيار المجلس للمتبايعين ما لم يتفرقا، وطبَّق ذلك ابن عمر عملًا بعد أن رواه قولًا.

 

ويناقش بأمرين:

الأول أن الحديث منسوخ:

• بقوله تعالى: ﴿ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ﴾ [البقرة: 282]؛ وذلك أن الإشهاد إن وقع بعد التفرق لم يطابق الأمر بالإشهاد عند التبايع، وإن وقع قبل التفرق لم يحصل الاستيثاق المأمور به لإمكان ابطاله بفسخ البيع بخيار المجلس[17].

 

• وبحديث (المسلمون على شروطهم)[18].

 

• وبحديث التحالف عند اختلاف المتبايعين؛ لأنه لو كان البيع بالخيار حال وجودهم في مجلس البيع مشروعًا لما احتيج إلى التحالف.

 

• وبترك العمل به، قال مالك في الموطأ عن خيار المجلس: (وليس لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول به [19].

 

والثاني: أن إطلاق المتبايعين الوارد في الحديث يحمل على المتساومين قبل إبرام العقد لا بعده لما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ على بَيْعِ بَعْضٍ)[20]، ومحل النهي في الحديث قبل انعقاد البيع فيحمل عليه هنا.

 

ويجاب عليه بأمرين:

أولًا: بأن دعوى النسخ لا حجة فيها لثبوت الحديث مع إمكان الجمع بين الأدلة من غير تكلف،فكما جاز خيار الشرط بالإجماع لأدلة ثابتة خارجة عن أدلة المناقشين فكذلك خيار المجلس.

 

وأما عدم العمل بخيار المجلس فإن عمل ابن عمر دليل على خلاف ذلك ولم يثبت له مخالف من الصحابة، ثم إن مالكًا لم يترك العمل به لعدم عمل أهل المدينة به وإنما لأن نهاية خيار المجلس ليس لها حد معلوم.

 

قال ابن عبد البر: (لا يصح دعوى إجماع أهل المدينة في هذه المسألة؛ لأن الاختلاف فيها بالمدينة معلوم، وأي إجماع يكون في هذه المسألة إذا كان المخالف فيها عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيب، وابن شهاب، وابن أبي ذئب، وغيرهم)[21].


وجاء في الفتح: (اشتد إنكار ابن عبد البر وابن العربي على من زعم من المالكية أن مالكًا ترك العمل به لكون عمل أهل المدينة على خلافه، قال ابن العربي: إنما لم يأخذ به مالك؛ لأن وقت التفرق غير معلوم، فأشبه بيوع الغرر، كالملامسة)[22].


ثانيًا: أن القول بانحصار معنى النهي في حديث خيار المجلس على ما قبل انعقاد البيع وعدم شموله لما بعده مردود بفعل راوي الحديث ابن عمر رضي الله عنهما.

 

وكذلك فإنه جاء في الصحيحين عن ابن عمر مرفوعًا: (إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار)[23]، وهذا لفظ صريح بشمول خيار المجلس لما بعد البيع.

 

ثم إن إطلاق مسمى المتبايعين لما بعد انعقاد البيع هو حقيقة لغوية وشرعية فيقدم في المعنى المراد، فإنه لو قال شخص لعبده: إذا بعتك فأنت حر فإنه لا يعتق عليه بالمساومة بل إذا تم العقد عتق عليه، بخلاف إطلاقه على ما قبل انعقاده فهو من قبيل المجاز[24].

 

الدليل الثاني:

ما رواه الدارقطني في سننه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن زياد، حدثنا عبيد بن شريك، حدثنا يحيى بن بُكير، حدثنا الليث، حدثني يونس، عن ابن شهاب قال: قال سالم: قال ابن عمر رضي الله عنهما: (كنا إذا تبايعنا كل واحد منا بالخيار ما لم يتفرق المتبايعان، قال: فتبايعت أنا وعثمان فبعته مالي بالوادي بمال له بخيبر قال : فلما بعته طفقت أنكص القهقرى خشية أن يرادني عثمان البيع قبل أن أفارقه)[إسناده حسن][25].

 

وجه الاستدلال من أثر ابن عمر:
أن للمتبايعين الخيار في فسخ البيع أو إمضائه دون رضا الطرف الآخر بعد انعقاد البيع، بل إن قول ابن عمر (كنا إذا تبايعنا) دليل على فهم الصحابة رضي الله عنهم لذلك، وفعله دليل على فهم عثمان لذلك أيضًا؛ فحين باع على عثمان رجع القهقرى خشية أن يراده البيع.

 

ونوقش: بأن هذا الأثر والحديث الذي قبله من خبر الآحاد فيما تعم به البلوى، وخبر الواحد فيما تعم به البلوى غير مقبول،، فانفراد الواحد به على خلاف العادة مردود.



ويجاب عليه بأمور:
أولًا: لا نسلم بالاحتجاج بهذا التقسيم، فإن تقسيم الأخبار إلى آحاد ومتواتر لم يكن مأثورًا عن السلف، وإنما عرف عند المتأخرين، فالسلف لم يكونوا يفرقون بين الآحاد والمتواتر في الأحكام، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث الصحابة إلى الملوك لدعوتهم للإسلام أفرادًا، ولم يرسل معهم جماعات لتقوم الحجة عليهم بالتواتر، والصحابة غَيَّرُوا القبلة الأولى التي تتداعى الهمم على نقل خبر تغييرها بخبر عدل واحد، فالحجة تقوم بحديث الراوي الواحد إذا ثبت، وعدم نقل الحديث من غيره لا يصلح لإسقاط ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أضف إليه أنه لم يثبت لابن عمر مخالف من الصحابة.

 

ثانيًا: لا يسلم بأن خيار الفسخ مما تعم به البلوى فليس الفسخ كالبيع، وهو أقل عملًا من البيع والحاجة إلى معرفة حكمه ليست عامة.

 

الدليل الثالث:

ما رواه أبو داود في سننه قال: حدثنا مسدد حدثنا حماد عن جميل بن مرة عن أبي الوضيء قال: غزونا غزوة لنا فنزلنا منزلا فباع صاحب لنا فرسا بغلام ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما فلما أصبحا من الغد حضر الرحيل فقام إلى فرسه يسرجه فندم فأتى الرجل وأخذه بالبيع فأبى الرجل أن يدفعه إليه فقال: بيني وبينك أبو برزة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فأتيا أبا برزة في ناحية العسكر فقالا له هذه القصة، فقال: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البَيِّعَانِ بِالخِيار ما لم يَتَفَرَّقَا) قال هشام بن حسان: حدث جميل أنه قال: ما أراكما افترقتما[إسناده صحيح][26].

 

وجه الدلالة: أن أبا برزة رضي الله عنه قضى بثبوت خيار المجلس ولم يثبت له مخالف من الصحابة بل إنه رفع معناه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ونوقش: بما نوقش به أثر ابن عمر.

 

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول:

قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29].

 

وجه الدلالة: أن الأصل في أكل أموال الناس أن يكون عن تراضٍ، فعموم أكل أموال الناس أنه باطل ولم يستثنى إلا ما كان عن تراض، وإذا فسخ البيع بغير رضى الطرف الآخر بعد انعقاد البيع وانتقال المال حكمًا للطرف الآخر فقد أكل ماله بالباطل.

 

ونوقش: بأن هذا العموم مخصوص بما سبق من أدلة خيار المجلس، ثم إن هذه الآية نصت على شرط واحد من شروط البيع وهو شرط الرضى ولم تنص على بقية الشروط، فكما أن بقية الشروط كالملك وعدم الجهالة معتبرة لأدلة أخرى فكذلك خيار المجلس، ثم إن الآية تحدثت عن شرط انعقاد البيع وانعقاد البيع شيء ولزومه شيء آخر.


الدليل الثاني:
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1] .

 

وجه الدلالة: أن البيع إذا انعقد وجب الوفاء بما عقد على نفسه، وليس من الوفاء أن يفسخ العقد بعد انعقاده على أمر لم يشترطاه بغير رضى.

 

ويناقش: بأن الأمر الوارد في الآية المراد منه العقود اللازمة، وكما العقود الجائزة والعقود التي اشتُرط فيها الخيار لا يجب الوفاء بها بالإجماع لأدلة خارجة عن هذا الدليل فكذلك خيار المجلس[27].

 

وكما خُصص عموم قوله تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11]، بحديث (لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرَ وَلا الكافِرُ المُسْلِمَ)، فالكافر لا يرث المسلم إجماعًا[28]، فكذلك تخصص آية الوفاء بالعقود بأحاديث خيار المجلس.

 

قال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].

ويجاب على هذه المناقشة: بأن خيار الشرط انعقد البيع على اشتراطه برضى المتبايعين بخلاف خيار المجلس.


الدليل الثالث:

ما رواه البخاري في صحيحه من طريق سفيان-ابن عيينة-، حدثنا عمرو-بن دينار- عن ابن عمر رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكنت على بكر صعب لعمر، فكان يغلبني فيتقدم أمام القوم، فيزجره عمر ويرده، ثم يتقدم فيزجره عمر ويرده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: بعنيه قال هو لك يا رسول الله. قال: بعنيه، فباعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هو لك يا عبد الله بن عمر تصنع به ما شئت)[29].


وجه الاستدلال: أنه لو كان خيار المجلس ثابتًا لما تصرف الرسول صلى الله عليه وسلم في المبيع حتى ينفض المجلس أو يحصل التخاير ليكون البيع لازمًا، فدل ذلك على عدم ثبوت خيار المجلس[30].


ويناقش: بأن خيار المجلس ثبت بالأحاديث الصحيحة فلا ترد بقصة مجملة يحتمل فيها أنه غادر مجلس البيع عرفًا قبل هبته لابن عمر، وإن قلنا بأنه كان في المجلس فعمر رضي بذلك بدليل عدم إنكاره، ثم إن ابن عمر راوي الحديث عمل بخيار المجلس وهو صاحب القصة وأعلم الصحابة بها.

 

الدليل الرابع:

ما رواه الترمذي في جامعه قال: أخبرنا بذلك قتيبة بن سعيد، قال : حدثنا الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ ) [صحيح دون قوله: ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله، تفرد بها محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده][31].

 

وجه الدلالة: أن قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله) يدل على أنه لا يملك الفسخ إلا من جهة الاستقالة.

 

ونوقش: بعدم ثبوت هذه الزيادة، وعلى القول بثبوتها فإنها لا تفيد حصر الفسخ بالاستقالة، فكما استثني خيار الشرط من عموم هذا المعنى فكذلك المجلس.

 

ثم إن استنباط هذا المعنى من هذه الزيادة من قبيل المفهوم، والمنطوق في حديث خيار المجلس مقدم على المفهوم، بل إن الدليل يمكن أن يقلب لأصحاب ثبوت خيار المجلس وذلك أن معنى هذه الزيادة يمكن أن يُصرف إلى أنه لا يجوز أن يفارق صاحبه خشية أن يفسخ البيع بخيار المجلس.

 

الدليل الخامس:
خيار المجلس خيار بمجهول، فإن مدة المجلس مجهولة القدر وكل واحد منهما لا يدري ما سيحصل عليه بعد انتهاء هذه المدة، فأشبه ما لو شرط خيارًا مدة مجهولة وذلك باطل إجماعًا[32].

 

ويناقش: بأن الغرر منه ما هو محرم ومنه ما هو جائز بالإجماع كالغرر اليسير والتابع وما يشق البيع باشتراط معرفته ولو كان كثيرًا كأساس الجدران، والسُّنة دلت على ثبوت هذا الخيار بل إن المالكية صححوا البيع إذا علقه على مشورة شخص قريب رغم أن جهالة المدة فيه أشد من خيار المجلس[33].

 

الدليل السادس:
أن العبرة في انتقال الملك في البيوع الرضى، وليس في فرقة المتبايعين دلالة رضى، ولا يوجد مناسبة أو نظير من مسائل أخر في تعليق لزوم العقود بالفرقة، فهو على أمر خلاف القياس[34].

 

ونوقش: بأن الخلاف ليس في انتقال الملك وإنما في لزومه، وكما أن الحنفية[35] والمالكية[36] القائلون بعدم ثبوت خيار المجلس يرون أن بيع الفضولي بيع صحيح وغير لازم فكذلك خيار المجلس.

 

ثم إن الأصول التي تبنى عليها الأقيسة تُبنى من النصوص الشرعية، فلا تُحاكم النصوص إلى الأصول بل إنَّ الأصول تبنى من النصوص، وخيار المجلس ثبت بأدلة السنة وفيه حكمة ظاهرة؛ فإن العقد قد يقع بغتة من غير تأمل ونظر، فاقتضت حكمة الشرع بجعل مقدار من الزمن يتأمل فيه المرء في العقد قبل التفرق[37].



ويجاب عليه: بأن بيع الفضولي لا دلالة فيه على الرضى، فصاحب السلعة لم يعلم بالبيع فلم يُتحقق من رضاه، وإذا تحقق الرضى لزم البيع، وهذا بخلاف خيار المجلس الذي تحققنا من الرضى الطرفين من حين العقد فلزم العقد.

 

الدليل السابع:
قياس البيع ونحوه من المعاملات المالية على النكاح والخلع والكتابة فهي جميعًا تتم بدون خيار المجلس فكذلك البيع.

ونوقش: بأنه قياس مع النص، فالحديث نص صريح صحيح فلا يُعدل إلى غيره.

 

الترجيح:

الذي يظهر من الأدلة ومناقشاتها أن قول أصحاب القول الأول وهم الشافعية والحنابلة القائلون بثبوت خيار المجلس أرجح لقوة أدلتهم وجمعهم بين الأدلة لا سيما مع صحة وصراحة حديث ابن عمر وعمل ابن عمر وأبي برزة رضي الله عنهم به وعدم ثبوت مخالف لهما من الصحابة.

والله أعلم.



[1] روضة الطالبين للنووي (3/ 435)، الكافي لابن قدامة (2/ 26)، معجم المصطلحات المالية والاقتصادية في لغة الفقهاء (ص 205)، الدرر السنية (خيار المجلس).

[2] قال النووي: (وبهذا قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم، وممن قال به: علي بن أبي طالب، وابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وأبو برزة الأسلمي، وطاووس، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وشريح القاضي، والحسن البصري، والشعبي، والزهري، والأوزاعي، وابن أبي ذئب، وسفيان ابن عيينة، والشافعي، وابن المبارك، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهوية، وأبو ثور، وأبو عبيد، والبخاري، وسائر المحدثين).

شرح صحيح مسلم للنووي (10/ 173)، الدراري المضية للشوكاني (2/ 258)، والدرر السنية "مشروعية خيار المجلس"، والمعاملات المالية أصالة ومعاصرة لدبيان الدبيان (6/ 29).

[3] تحفة المحتاج (4/ 332).

[4] شرح منتهى الإرادات (5/ 32)، المغني (3/ 483).

[5] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (3/ 91)، منح الجليل لعُلَيش (5/ 113).

[6] المحلى لابن حزم (7/ 237).

[7] الفتاوى الكبرى (5/ 390).

[8] إعلام الموقعين (3/ 194).

[9] سبل السلام (2/ 45).

[10] الدراري المضية (2/ 258).

[11] أضواء البيان (7/ 367).

[12] الشرح الممتع (8/ 263).

[13] القوانين الفقهية لابن جزي (ص 180)، مواهب الجليل (4/ 410).

[14] الهداية (3/ 21)، شرح معاني الآثار للطحاوي (4/ 17)، البحر الرائق (5/ 284)، الدر المختار (4/ 528)، تبيين الحقائق (4/ 3)، بدائع الصنائع (5/ 228)، حاشية ابن عابدين (4/ 528).

[15] مواهب الجليل (4/ 410)، التاج والإكليل (4/ 228)، الفواكه الدواني (2/ 84)، الذخيرة (5/ 20)، التفريع لابن الجلاب (2/ 171)، المفهم (4/ 381).

[16] البخاري (2107)، ومسلم (1531)، وجاء من حديث حكيم بن حزام نحوه رواه البخاري (2079)، ومسلم (1532).

[17] الحاوي الكبير للمارودي (5/ 30).

[18] رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم (3/ 92)، ووصله الترمذي (1352) وصححه، وابن ماجه (2353)، الدارقطني (2856).

[19] الموطأ (2/ 671).

[20] صحيح البخاري (2150)، ومسلم (1515).

[21] الاستذكار (6/ 476).

[22] فتح الباري (4/ 330).

[23] البخاري (2112)، ومسلم (1531).

[24] الحاوي للماوردي (5/ 35)، المجموع للنووي (9/ 222)، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة لدبيان الدبيان (6/ 52).

[25] الدارقطني (2811)، والطحاوي (7327)، والبيهقي (5/ 271)، ورواه البخاري معلقًا مجزومًا (2107)، وإسناد الدارقطني حسن، أما الأسانيد الأخرى فمدارها على أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث وهو ضعيف.

[26] أبو داود (3459)، الدارقطني(2813)، الطيالسي(966)، الطحاوي(6193)، البيهقي(10550)، قال المنذري: رجال إسناده ثقات "شرح عون المعبود"(3/ 288)، وصححه الألباني "صحيح أبي داود")3457)، وصحح إسناده شعيب "تخريج سنن أبي داود"(3457). قلت: إسناده صحيح.

[27] المجموع للنووي (9/ 226).

[28] المغني (9/ 154).

[29] البخاري (2115).

[30] المعاملات المالية أصالة ومعاصرة لدبيان الدبيان (6‏/ 41)

[31] أخرجه أبو داود(3456)، الترمذي (1247)،والنسائي (6031) وأحمد (6836)، و ابن الجارود(676) ومدراه على عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهذا إسناد حسن بغير الزيادة في آخره، والحديث ورد عن غير واحد من الصحابة كما في حديث ابن عمر في الصحيحين الذي مر معنا في الأدلة بدون زيادة (ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله)، فقد تفرد بها عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعمرو بن شعيب صدوق ولا يقبل تفرده بمثل هذا المتن، فلذا لم يصححه الترمذي وقال حديث حسن، ومعلوم أن الحسن عند الترمذي لا يقصد به الحسن عند المتأخرين، وقال ابن عبد البر: (قوله: (لا يحل له) لفظة منكرة)) "التمهيد (14/ 18)".

[32] الموافقات (3/ 21).

[33] حاشية العدوي (2/ 200).

[34] أحكام القرآن للجصاص (2/ 253).

[35] البناية للعيني (8/ 311)، البحر الرائق لابن نجيم (6/ 160).

[36] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (3/ 12)، منح الجليل لعُلَيش (4/ 458).

[37] إعلام الموقعين (3/ 164).





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شرح حديث أبي هريرة: خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خيار من خيار(مقالة - ملفات خاصة)
  • خيار الشرط(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعوة السلفية في السودان: خيارات الوحدة وخيار الانفصال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأدلة على مشروعية التعزير، والحكمة في مشروعيته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: البائع والمبتاع بالخيار حتى يتفرقا(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • خيارا المجلس والعيب في الفقه الإسلامي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خيار المجلس في البيع عبر الهاتف ووسائل التواصل والمنصات الالكترونية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب