• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

ما كان صريحا في باب هل يكون كناية في غيره؟

ما كان صريحا في باب هل يكون كناية في غيره؟
الشيخ أحمد الزومان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/6/2020 ميلادي - 11/10/1441 هجري

الزيارات: 17061

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما كان صريحًا في باب هل يكون كناية في غيره؟


إذا تلفَّظ الشخص بلفظ صريح في باب من أبواب العقود أو الفسوخ أو غيرها، هل يكون كناية في غيره، فينعقد العقد بالنية، أو لا يكون كناية، فالتلفظ به لغو مثل لو قال مالي طالق، ونوى به الصدقة، فهل يكون صدقة؟ أو قال: وهبتك هذه السلعة بمائة ونوى البيع، فهل يكون بيعًا؟ وأمَّا ما يتعلق بالطلاق فلو قال لزوجته مثلًا: أنت عليَّ حرام، أنت كالميتة وكالدم وكالخنزير، أو وهبتك لأهلك، أو أنت عتيقة، أو بعتك طلاقك أو أبرأتك عن الزوجية، فهل هذه كناية طلاق؟

 

فهذه المسائل تدخل تحت هذا الضابط الفقهي[1].

وأهل العلم لهم في هذه المسألة قولان:

القول الأول: ما كان صريحًا في باب، لا يكون كناية في غيره:

وهو مذهب الأحناف [2] والمالكية [3] والشافعية [4] والحنابلة [5].

 

الدليل الأول: رعاية لحق الصراحة؛ لأنَّ انصرافه إبطال وقوة الصراحة توجب الإعمال [6].

الرد: صرفه للكناية في غير بابه ليس إبطالًا للصريح؛ لأنَّه لم يُرَد لما يُرَاد له الصريح، فدلالة الحال أو المقال أو العرف، تفيد أنَّ المتكلم لم يرد المعنى الذي يُرَاد به الصريح.

 

الدليل الثاني:مع الصراحة ووجود النفاذ، لا سبيل إلى دفعه[7].

الرد: كالذي قبله.

 

الدليل الثالث:إذا أراد به كناية في باب آخر يكون كالنسخ[8].

الرد: كالذي قبله.

 

الدليل الرابع:الشيوع لا يستعمل في اطراد العادة إلا في معنى، ومتى شاع في معنى لم يتصور أن يشيع في آخر مع اتحاد الزمان والمكان [9].

 

الرد من وجهين:

الأول: إذا شاع استعمال الصريح في معنى آخر، أصبح الشائع هو الصريح والمعنى الأصلي كناية، وتقدم الكلام على هذه المسألة [10].

 

الثاني:يرد الصريح صريحًا في باب آخر وكناية في غيره ذلك.

 

الدليل الخامس:الأصل في الإطلاق الحقيقة [11].

الرد: تجعل الحقيقة مجازًا لدليل.

 

الدليل السادس:نوى ما لا يحتمله لفظه [12].

الرد: إذا نوى ما لا يحتمله اللفظ فهذه مسألة أخرى [13].

 

القول الثاني: ما كان صريحًا في باب، يكون كناية في غيره:

واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتاج الدين السبكي[14] وابن القيم [15] والسعدي [16]:

الدليل الأول:قوله تعالى:﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ ﴾ [البقرة: ١٨٧].

 

الاستدلال من وجوه:

الأول: قال ابن عباس رضي الله عنهما: «الدخول، والتغشي، والإفضاء، والمباشرة، والرفث، واللمس، هذا الجماع غير أن الله حيي كريم يكني بما شاء عما شاء»[17].

 

فالرفث صريح في الكلام الفاحش كناية عن الجماع؛ قال مكي بن أبي طالب: الرفث هنا كناية عن الجماع؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: «الرفث الجماع، ولكن الله كريم يكني»، وهو قول جميع المفسرين، وقال الزجاج: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من امرأته، والرفث في غير هذا الموضع الإفحاش في المنطق[18].

 

فالرفث حقيقة[19] في الكلام ووجد نفاذًا، فيجوز أن يقال أُحِل الكلام بما يتعلق بالمعاشرة ليلة الصيام وكني به عن الجماع.

 

الرد: قال ابن عاشور: الرفث في الأساس واللسان أنَّ حقيقته الكلام مع النساء في شؤون الالتذاذ بهنَّ، ثم أطلق على الجماع كناية، وقيل هو حقيقة فيهما وهو الظاهر[20].

الجواب: تقدم أنَّه قول ابن عباس رضي الله عنهما ونقل مكي الإجماع أنَّه كناية في الآية.

 

الثاني: اللباس حقيقة في ما يلبس من الثياب وكني به في هذه الآية؛ قال أبو المظفر المروزي: كنى عنهن [النساء] باللباس[21]، وقال ابن الجوزي: كنَّى عن اجتماعهما متجردين باللباس[22]، وقال السمين الحلبي: كنى باللباس عن شدة المخالطة [23].

 

الرد: لو قيل لبس الرجل زوجته لم يجد نفاذًا، فصح أن يكون كناية وإن كان صريحًا في لبس ما يستر البدن من الثياب.

الجواب: تقدم ويأتي أنَّ النفاذ لا يمنع كونه كناية في غيره.


الثالث: قال الراغب الأصبهاني: المباشرة الإفضاء بالبشرتين، وكنى به عن الجماع[24]، وقال البيضاوي المباشرة: إلزاق البشرة كني به عن الجماع[25]، فالمباشرة حقيقة في إلصاق البشرة بالبشرة، ووجد نفاذًا، فيقال: لمن قبَّل امرأته باشرها، وكني به عن الجماع.

 

الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ﴾[الأحزاب: ٤].

 

وجه الاستدلال: المس صريح في مسِّ اليد ووجد نفاذًا، فيصح أن يقال مسَّ الرجل امرأته بيده، وكني به عن الجماع؛ قال البغوي: المراد بالمس المذكور في الآية: الجماع [26].

 

الدليل الثالث: قوله تعالى: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ﴾ [النساء: 43].

وجه الاستدلال: كالذي قبله واللمس في الآية كناية عن الجماع [27].

 

الرد: أهل العلم مختلفون في المراد بالمس والملامسة في الآيتين، فقيل: كناية عن الجماع، وقيل: باليد [28].

الجواب: تقدم قول ابن عباس رضي الله عنه أنَّ اللمس كناية عن الجماع والمسُّ بمعنى اللمس إلا أنَّه أعم منه [29].

 

الدليل الرابع:قوله تعالى: ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾ [النساء: ٢٣].

 

وجه الاستدلال: قال ابن جرير: الدخول الجماع والنكاح؛ لأنَّ ذلك لا يخلو معناه من أحد أمرين؛ إمَّا أن يكون على الظاهر المتعارف من معاني الدخول في الناس، وهو الوصول إليها بالخلوة بها، أو يكون بمعنى الجماع، وفي إجماع الجميع في أنَّ خلوة الرجل بامرأته لا يحرم عليه ابنتها إذا طلقها قبل مسيسها ومباشرتها، أو قبل النظر إلى فرجها بالشهوة ما يدل على أنَّ معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع[30]، فالدخول صريح في الدخول بالمرأة بعد العقد ووجد نفاذًا فيقال دخل بالمرأة وكني به عن الجماع.

 

الدليل الخامس: قوله تعالى: ﴿ كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴾ [النساء: ٢١].

وجه الاستدلال: الإفضاء: حقيقة في الوصول إلى الشيء من غير واسطة ووجد نفاذًا؛ فيصح أن يقال: أفضى الرجل إلى امرأته، وكُنِّي به عن الجماع[31].

 

الدليل السادس: قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا ﴾ [الأعراف: ١٨٩].

وجه الاستدلال: التغشي حقيقة في التغطي، وكُنِّي به عن الجماع [32].

 

الرد: لم يجد نفاذًا، فلا يصح أن يقال تغشى الرجل بامرأته فصح أن يكون كناية.

الجواب: تقدم.

 

الدليل السابع: قوله تعالى: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: ٢٢٣].

وجه الاستدلال: كنى عن النساء بالحرث والحرث الأرض التي تحرث للزراعة [33].

الرد: لم يجد نفاذًا، فلا يصح أن يقال حرث الرجل امرأته، فصح أن يكون كناية.

الجواب: تقدم.

 

الدليل الثامن: قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: ٢٣٠].

 

وجه الاستدلال: الضمير في قوله تعالى: (أَنْ يَتَرَاجَعَا) يعود على الزوج الأول والمرأة[34]، فكنى بالرجعة على عقد النكاح[35]، ووجد نفاذًا، فيقال: راجع امرأته إذا كانت في العدة والعامة، تقول: راجع امراته ولو كان بعقد بعد العدة.

 

الرد من وجهين:

الأول:قال السمين الحلبي: يجوز أن يعود الضمير عليها، وعلى الزوج الثاني؛ أي: فلا جناح على المرأة، ولا على الزوج الثاني أن يتراجعا ما دامت عدتها باقية[36]، فيكون صريحًا.

 

الجواب من وجوه:

الجواب الأول: ذكر الله حكم رجوع المطلقة الرجعية إلى زوجها في العدة في الآيات التي قبل هذه الآية، فقال تعالى: ﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ﴾ [البقرة: ٢٢٨]. فعلى القول بأنَّ الضمير يعود للزوج الثاني ذكر حكم رجوع المطلقة الرجعية لزوجها في العدة مرتين، ولم يذكر حكم رجوعها للزوج الأول الذي حُرمت عليه بالطلقة الثالثة.

 

الجواب الثاني: المفسرون كالمجمعين على رجوع الضمير في قوله تعالى: (أَنْ يَتَرَاجَعَا) إلى الزوج الأول والمرأة.

 

الجواب الثالث: التجويز النحوي يخالف سياق الآيات والله أعلم.

 

الثاني: في الآية التراجع وفيه مفاعلة بخلاف الرجعة فهي مختصة بالزوج.

الجواب: ذكر التراجع بصيغة المفاعلة لتوقُّفها على رضا الزوجة بخلاف الرجعة في عدة الطلاق الرجعي، فهي مختصة بالزوج، والله أعلم [37].

 

الدليل التاسع: في حديث عائشة رضي الله عنها في حديث أم زرع، قالت: «جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا...، قالت الثالثة: زوجي العشنق، إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق... قالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب، قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد... »[38].

 

الاستدلال من وجوه:

الأول: قول الثالثة: «زوجي العشنق»: العشنق حقيقة في الطويل ووجد نفاذًا، وكنَّتْ به على أنَّه مظهر بلا مخبر [39].

 

الثاني: قول الثامنة: «زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب»: المس حقيقة فيما يدرك باليد والريح حقيقة فيما يدرك بالشم، ووجد نفاذًا، فيصح أن تريد به نعومته وطيب رائحته، وكنَّتْ به عن لين جانبه وطيب ذكره بين الناس[40].

 

الثالث: قول التاسعة: «زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد»، العماد حقيقة في عمود الخيمة، والنجاد حميلة السيف وعظيم الرماد كثيره، والنادي مكان اجتماع الناس، ووجد نفاذًا، فيصح أن يرد بهذه الألفاظ الحقيقة، وكنَّتْ بذلك عن ارتفاع شرفه وطول قامته وكثرة أضيافه، واجتماع قومه عنده [41].

 

الدليل العاشر: عن فيروز الديلمي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إنَّي أسلمت وتحتي أختان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ»[42].

 

وجه الاستدلال: أراد بتطليقها إرسالها وتسريحها، وإلا فإحداهما حرمت عليه، لا تحتاج إلى طلاق[43].

بقية الأدلة [44].

 

وتعقَّب شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الضابط بقوله:

أحدها: أنَّ قول القائل: اللفظ إذا كان صريحًا في حكم ووجد نفاذًا، لم يكن كناية في غيره دعوى مجردة لم يُقِم عليها دليلًا، ولم يثبتها بنص ولا إجماع ولا قياس صحيح.

 

الوجه الثاني: أن يقال: هذه الدعوى باطلة، فإنَّ اللفظ الصريح في حكم ليس من شرطه ألا يكون مستعملًا في غيره، لا مطلقًا ولا مقيدًا.

 

الوجه الثالث: أن يقال: عامة الألفاظ الصريحة في معنى وحكم تكون كناية في غيره مع وجود النفاذ، كلفظ التطليق، فإنَّه صريح في الإيقاع إيقاع الطلاق، ثم إذا قال: أنت طالق من وثاق، أو من زوج كان قبلي، أو من نكاح قبل هذا، ووصله بهذا لم يقع بها طلاق، وهذا مما لا أعلم فيه نزاعًا[45]، ولو قصد ذلك بقلبه، فقال: أنت طالق، ومراده من وثاق، أو من الحبل الذي كنت مقيدة به، أو من زوج قبلي، أو مني قبل هذا النكاح، فإنَّه لا يقع به الطلاق في الباطن، بل يدين فيما بينه وبين الله، وهل يقبل في الحكم؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد، فاللفظ صريح، ووجد نفاذًا، ومع هذا كان كناية في الطلاق من الوثاق.

 

وكذلك لفظ الحرية الذي يقولون: إنَّه صريح في العتق، من نوى به أنَّه عفيف غير فاجر، لم يقع به العتق، بل يقبل منه، ولا سيما عند القرينة، كما لو قيل له: ما حال مملوكك هذا؟ وكيف دينه وخلقه؟ فقال: هو حر، فهذه القرينة تبيِّن أنَّه أراد أنَّه عفيف، لم يرد إعتاقه، فلا يعتق، وإن قيل: هو صريح وقد وجد نفاذًا.

 

وكذلك لفظ النكاح والتزويج، هما صريح في العقد، ثم إذا قال: أنكحت أو زوجتك فلانة، ومع هذا فهو محتمل للخبر عن عقد ماض، وكذلك سائر صيغ العقود، إذا نوى ذلك كان محتملًا، وإن كانت القرينة تدل على ذلك قبل منه....

 

فعامة الألفاظ الصريحة تكون كناية في معنى آخر، مع كون المحل قابلًا لمعنى الصريح، فعلم أنَّ هذه الدعوى باطلة [46].

 

الترجيح:

الذي يترجح لي أنَّ اللفظ وإن كان يستعمل صريحًا في باب يكون كناية في غيره لما تقدم من أدلة، ولا يعترض على ذلك بأنَّ الظهار لا يصح أن يكون كناية في الطلاق، فليست العلة فيه أنَّه صريح في الظهار، وإنَّما لأنَّه منكر ووزر، وكذلك كل لفظ باطل شرعًا والله أعلم.



[1] وهذه المسائل وغيرها مبحوثة في كتاب ألفاظ الطلاق وعدده يسر الله إتمامه وطباعته.

[2] قال الزبيدي في الجوهرة النيرة (2/ 286) (قوله: وإن قال لأمته أنت طالق ينوي الحرية لم تعتق)؛ لأنَّ الطلاق صريح في بابه فلم يقع به العتق، وإن نواه كما لو قال أنت علي كظهر أمي ونوى به العتق لم تعتق.

[3] قال القرافي في الذخيرة (9/ 25): نحن نقول كل ما كان صريحًا في باب لا ينصرف إلى باب آخر بالنية، وقال: المقري - القواعد / تحقيق الدردابي ص (289)، قاعدة (498) -: كل صريح في باب، فإنَّه لا ينصرف بالنية إلى باب آخر عند مالك ومحمد وسواء في ذلك القضاء والفتيا رعاية لحق الصراحة؛ لأنَّ انصرافه إبطال وقوة الصراحة توجب الإعمال، وينصرف بالنية إلى بعض ذلك الباب؛ كالتخصيص والتقييد ونحوهما، وذلك في الفتيا لا القضاء، إلا أن تعضد النية قرينة بينة، فيستويان جمعًا بين الألفاظ والمقاصد بخلاف الباب الأجنبي، فإنَّه كالنسخ.

وانظر: رسالة التمليك لابن عظوم (ص:57) والتاج والإكليل ومواهب الجليل (5/ 430) وشرح خليل للخرشي (5/ 37) وحاشية الدسوقي (2/ 383).

[4] قال السبكي في الأشباه والنظائر (1/ 249-251) كل ما كان صريحًا في بابه، ووجد نفاذًا في موضوعه لا يكون كناية في غيره ولا صريحًا فيه ... لفظ الطلاق؛ فإنَّه صريح في بابه، فإذا خاطب به امرأته وقال: أردت الظهار، لم يقبل لصراحته في إزالة قيد النكاح - مع وجود نفاذ في موضوعه - فلا يكون صريحًا في الظهار، ولا كناية، واحترزنا بقولنا: وجد نفاذًا عن مثل قوله لزوجته: أنت حرة، إذا نوى به الطلاق، فإنَّه يقبل، ويقع عليه الطلاق؛ لأنَّ حرة صريح في إزالة قيد الملك ولكن لم يجد - هنا - نفاذًا؛ لأنَّ الزوج لا يملك زوجته فجعل كناية في الطلاق إذا لم يجد نفاذًا في بابه وهو إزالة قيد الملك.

وانظر: المنثور (2/ 64) وتحرير الفتاوى (2/ 253) والقواعد للحصني (1/ 398) ونهاية المحتاج (6/ 433).

[5] قال ابن قدامة في الكافي (3/ 174) إن قال: أنت علي كظهر أمي ينوي به الطلاق، كان ظهارًا، ولم يقع به الطلاق؛ لأنَّه صريح في الظهار، فلم يكن كناية في غيره، ولو صرح به فقال: أعني به الطلاق، لم يصر طلاقًا؛ لأنَّه لا تصلح الكناية به، وقال الزَّرِيَراني في إيضاح الدلائل في الفرق بين المسائل (2/ 144) إذا قال لزوجته: أنت عليَّ كظهر أمي، ونوى به الطلاق، لم يكن طلاقًا، ولو قال: أنت عليَّ حرام، ونوى به الطلاق، كان طلاقًا في إحدى الروايات.

والفرق: أنَّ قوله: أنت عليَّ كظهر أمي صريح في الظهار لا يحتمل الطلاق، فقد نوى ما لا يحتمله لفظه فلم يصح، كما لو قال: أنت طالق ثلاثًا، ينوي به الظهار، بخلاف قوله: أنت عليَّ حرام، فإنَّه يحتمل الطلاق كما يحتمل الظهار، فقد نوى ما يحتمله لفظه فصحَّ كسائر كنايات الطلاق.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (32/ 295): هذا القول أشبه بأصولهما [الشافعي وأحمد] من الذي قبله؛ فإنَّ اللفظ إذا كان صريحًا في باب ووجد معادًا، [هكذا في المطبوع ولعلها نفاذًا]، فيه لم يكن كناية في غيره؛ ولهذا لو نوى بلفظ الظهار الطلاق لم يقع عند عامة العلماء، وعلى هذا دل الكتاب والسنة، وكذلك عند أحمد: لو نوى بلفظ الحرام الطلاق لم يقع؛ لأنَّه صريح في الظهار.

وانظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين (2/ 181)، وقواعد ابن رجب (1/ 272).

[6] انظر: قواعد المقري (ص: 289).

[7] انظر: الأشباه والنظائر للسبكي (1/ 249).

[8] قواعد المقري؛ تحقيق الدردابي ص (289).

[9] انظر: الأشباه والنظائر للسبكي (1/ 250).

[10] انظر: مسألة أثر النية والشيوع على ألفاظ صريح الطلاق، وكنايته من كتاب ألفاظ الطلاق وعدده يسر الله إتمامه وطباعته.

[11] انظر: الأشباه والنظائر لابن الملقن (2/ 392).

[12] انظر: الجوهرة النيرة (2/ 286).

[13] انظر: مسألة الطلاق بما لا يشبه ألفاظ الطلاق من كتاب ألفاظ الطلاق وعدده يسر الله إتمامه وطباعته.

[14] قال في الأشباه والنظائر (1/ 250): أمَّا كونها لا تكون صريحة في موضع كناية في آخر إذا قصد الأمران معًا، فلا يتبين لي وجه استحالته، وليفرض ذلك في زوج أمة وكله مولاه في عتقها؛ فقال: أنت طالق، وأراد مع الفراق حريتها وطلاقها من وثاق الرق.

[15] قال في زاد المعاد (5/ 320): الألفاظ لا تراد لعينها، بل للدلالة على مقاصد لافظها، فإذا تكلم بلفظ دال على معنى، وقصد به ذلك المعنى، ترتب عليه حكمه.

[16] قال في الفتاوى السعدية ص (513): لا تنحصر الكنايات ولا الصرائح بعدد، بل كل لفظ دل دلالة واضحة لا احتمال فيه على الطلاق، فهو صريح، وكل لفظ احتمل الطلاق وغيره، فهو كناية، لا بد أن ينظم إليه ما يقويه من نية أو قرينة.

وقال في الإرشاد إلى معرفة الأحكام ص (224): لا ينبغي حصر الألفاظ الدالة على المعاني بألفاظ مخصوصة، بل يقال كل لفظ دل على هذا المعنى ترتب عليه الحكم، فكل لفظ دل على عقد بيع أو إجارة أو نحوها من المعاوضات انعقد به، وكل لفظ دل على وقف أو وصية أو خلع أو طلاق أو رجعة، حصل به.

[17] رواه عبدالرزاق (10826) عن الثوري، عن عاصم، عن بكر بن عبدالله المزني قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: فذكره وإسناده صحيح.

[18] الهداية الى بلوغ النهاية (1/ 615).

وانظر: تفسير البغوي (1/ 206)، ومفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني (ص 359)، وتفسير الزمخشري (1/ 230).

[19] قال التفتازاني في شرح التلويح على التوضيح (1/ 135): (قوله: ثم كل واحد من الحقيقة، والمجاز) يعني أنَّ الصريح، والكناية أيضًا من أقسام الحقيقة والمجاز، وليست الأربعة أقسامًا متباينة، أمَّا عند علماء الأصول، فلأنَّ الصريح ما انكشف المراد منه في نفسه؛ أي بالنظر إلى كونه لفظًا مستعملًا، والكناية ما استتر المراد منه في نفسه، سواء كان المراد فيهما معنى حقيقة أو معنى مجازيًا.

[20] التحرير والتنوير (2/ 182).

[21] قواطع الأدلة في الأصول (1/ 284).

[22] زاد المسير (1/ 148).

[23] الدر المصون (2/ 295).

[24] مفردات ألفاظ القرآن (ص:125).

[25] تفسير البيضاوي (1/ 126).

[26] تفسير البغوي (1/ 286).

[27] انظر: مفردات ألفاظ القرآن للأصبهاني (ص767)، وتفسير البغوي (2/ 222)، وزاد المسير (1/ 411)، وتفسير الزمخشري (1/ 230).

[28] انظر: تفسير البغوي (2/ 222) وزاد المسير (1/ 411).

[29] قال أبو هلال العسكري في الفروق اللغوية (ص 303): اللمس يكون باليد خاصة؛ ليعرف اللين من الخشونة والحرارة من البرودة، والمس باليد وبالحجر، وغير ذلك، ولا يقتضي أن يكون باليد، ولهذا قال تعالى: ﴿ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ ﴾ [البقرة: ٢١٤] وقال: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ ﴾ [الأنعام: ١٧]، ولم يقل يلمسك.

[30] تفسير ابن جرير (4/ 223)، وانظر: المغني (7/ 474)، وتفسير الزمخشري (1/ 230).

[31] انظر: قواطع الأدلة في الأصول (1/ 284)، وتفسير البغوي (2/ 187)، ومفردات ألفاظ القرآن للأصبهاني ص:639)، وتفسير الزمخشري (1/ 230)، والتحرير والتنوير (4/ 290).

[32] انظر: زاد المسير (2/ 177)، وتفسير الزمخشري (2/ 186,230)، والتحرير والتنوير (9/ 211).

[33] انظر: قواطع الأدلة في الأصول (1/ 284)، وزاد المسير (1/ 192)، وتفسير الزمخشري (1/ 230,266).

[34] انظر: تفسير الطبري (2/ 293)، وتفسير البغوي (1/ 273)، وتفسير القرطبي (3/ 101)، وزاد المسير (1/ 204)، وتفسير ابن كثير (1/ 280)، وتفسير الجلالين (ص 49)، والتحرير والتنوير (2/ 420)، وتفسير السعدي (ص 103)، وتفسير البقرة لشيخنا العثيمين (3/ 118).

[35] انظر: تفسير البقرة لشيخنا العثيمين (3/ 118).

[36] الدر المصون (2/ 454).

[37] انظر: التحرير والتنوير (2/ 420)، وتفسير السعدي (ص: 103).

[38] رواه البخاري (5189)، ومسلم (2448).

[39] انظر: بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد (ص 63)، ودرة الضرع لحديث أم زرع (ص 34)، وفتح الباري (9/ 261).

[40] انظر: بغية الرائد (ص 94)، ودرة الضرع (ص 46)، وفتح الباري (9/ 265).

[41] انظر: بغية الرائد (ص 95)، ودرة الضرع (ص 48)، وفتح الباري (9/ 265).

[42] رواه الترمذي (1130)، وغيره والحديث يحتمل التحسين، وقد صححه ابن حبان (4155)، وصحَّح إسناده البيهقي في معرفة السنن والآثار (5/ 317)، وحسنه الترمذي، وشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (32/ 301)، ولألباني في صحيح ابن ماجه (1587)؛ انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (3/ 129).

[43] انظر: جامع المسائل لابن تيمية (ص: 390).

[44] انظر: أدلة القائلين بأنَّ صريح الطلاق يصير كناية في الطلاق في مسألة الخلاف في صريح الطلاق، هل يصير كناية في الطلاق؟ في كتاب ألفاظ الطلاق وعدده يسَّر الله إتمامه وطباعته.

[45] انظر: كتاب شروط الطلاق، النية / التورية في الطلاق، يسر الله طباعته.

[46] جامع المسائل، (ص: 389-391).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصريح والكناية عند الأصوليين
  • حكم كل من الصريح والكناية

مختارات من الشبكة

  • باب: (أجر الخازن الأمين، والمرأة إِذا تصدقت من بيت زوجها غير مفسدة، بإذنه الصريح أو العرفي)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • شرح كتاب التوحيد (14) (باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • لا أحب زوجي وغير مرتاحة معه وأحب غيره(استشارة - الاستشارات)
  • من باع ملك غيره بغير إذنه(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • الاستقواء بغير الله ضعف، والاستنصار بغيره هزيمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: صليت مع النبي العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • مكانة الفن غير الملتزم (الفن غير الإسلامي)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من صور القول على الله بغير علم: الفتوى بغير علم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ابتهال ودعاء بالفاتحة وغيرها للمبتلين وغيرهم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خروج النجس غير البول والغائط من غير السبيلين(مقالة - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب