• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الشهادة في الشريعة الإسلامية

د. مسلم اليوسف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/9/2017 ميلادي - 12/12/1438 هجري

الزيارات: 318729

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشهادة في الشريعة الإسلامية


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾.[1]

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[2].

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [3].

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد – صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

قال تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾[4].

 

فهذا بحث مبسط في الشهادة في الشريعة الإسلامية بحثت فيه في عدة مسائل منها: تعريف الشهادة ومشروعيتها واختلاف الشهادات من حيث عدد الشهود والحقوق المشهود بها كما بحثت في شروط الشهادة وشروط العدالة في الشهادة وحكم الرجوع عن الشهادة وما يترتب على ذلك.

 

تعريف الشهادة:

عرف أهل العلم من اللغويين الشهادة: بأنها الخبر القاطع.

أما علماء الشريعة الإسلامية فعرفوها: بأنها إخبار عن شيء بلفظ خاص.

 

مشروعية الشهادة:

الشهادة مشروعة بنص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وإجماع الأمة.

أما القرآن الكريم، فقول الله عز وجل: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾.[5]

 

أما السنة النبوية الشريفة، فما رواه الإمام مسلم – رضي الله عنه - عن الأشعث بن قيس - رضي الله عنه - قال: كان بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((شاهداك أو يمينه)).

أما الإجماع، فهو منعقد على مشروعية الشهادة، واستحبابها، ولم يخالف بذلك أحد من العلماء.

 

اختلاف الشهادات من حيث عدد الشهود:

الحقوق المشهود بها نوعان: حق الله وحق العباد.

النوع الأول - حق الله تعالى:

هذا النوع من الحقوق لا يقبل فيه شهادة النساء بل لابد فيه من شهادة الرجال، لأن شهادة النساء لا تخلو من شبهة النسيان والخطأ، وهذه حقوق يؤخذ فيها بالاحتياط.

 

وحقوق الله ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: لا يقبل فيه أقل من أربعة شهود، وهو حد الزنى. قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾[6]. فقد رتب سبحانه وتعالى الجلد على عدم الإتيان بأربعة شهداء، فدل بذلك على أن الزنى لا يثبت بأقل من ذلك.

 

وبين هذا الإمام مسلم في صحيحه عن سعد بن عبادة - رضي الله عنه -، قال: يا رسول الله، لو وجدت مع أهلي رجلا، لم أمسه حتى آتي بأربعة شهداء ؟. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم))، قال: كلا والذي بعثك بالحق، إن كنت لأعاجلنه بالسيف قبل ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( اسمعوا إلى ما يقول سيدكم، إنه لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني )). وقال ذلك عندما نزل: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ......﴾ ثم نزلت آيات اللعان فسحة للأزواج.

 

الحكمة من وجود أربعة شهداء في الزنى:

الحكمة من طلب أربعة شهداء على ثبوت حد الزنى، أن الزنى لما كان يقوم بين اثنين: الرجل والمرأة، صار كالشهادة على فعلين، فاحتاج إلى أربعة من الشهود.

وكذلك فإن الزنى من أغلظ الفواحش، فغلظت الشهادة فيه ليكون أستر على الناس. وإنما تقبل شهادة الشهود في الزنى، إذا قالوا: حانت منا التفاتة فرأينا ذلك كاملا، أو قالوا: إنا تعمدنا النظر لأداء الشهادة.

 

الوجه الثاني: وهذا يقبل فيه رجلان اثنان، وهو ما سوى الزنى من حقوق الله - عز وجل - مثل قطع الطريق، وقتل النفس، والسرقة.

ودليل ذلك عموم قوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [البقرة: 282].

وقوله صلى الله عليه وسلم: (( شاهداك أو يمينه )) [7].

 

الوجه الثالث: يقبل فيه شهادة رجل واحد، كمثل رؤية هلال رمضان بالنسبة للصوم، على عكس رؤية خلال شوال فلا يقبل بأقل من شاهدين وذلك احتياطا للخروج من عبادة الصيام.

روى أبو داود في سننه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته، فصامه وأمر الناس بصيامه [8].

 

النوع الثاني: حق العباد:

وهذا النوع أيضا على ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: لا يقبل فيه إلا بشهادة رجلين، وهو مالا يقصد منه المال، ويكون مما يطلع عليه الرجال: كالطلاق والرجعة، والإسلام، والجرح والتعديل، والوقف والوصية، ونحو ذلك.

قال تعالى، في الطلاق: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾[9].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الزواج: (( لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل ))[10].

 

الوجه الثاني: يقبل فيه شاهدان رجلان، أو رجل وامرأتان، أو شاهد ويمين المدعي، وهو كل حق كان القصد منه المال من عين أو دين أو منفعة، كالبيع، والإقالة، والحوالة، والضمان، والإجارة، والرهن، والشفعة ونحوها.

ودليل ذلك قول الله عز وجل: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾[11].

 

الضرب الثالث: يقبل فيه شهادة رجلين، أو شهادة رجل وامرأتين، أو أربع نسوة، وذلك في كل حق للآدمي لا يطلع عليه الرجال غالبا، وذلك مثل الولادة والرضاعة، والبكارة، وعيوب النساء.

قال أحد العلماء الزهري - رحمه الله تعالى، قال: مضت السنة بأنه يجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن، من ولادة النساء وعيوبهن. [12]

 

الشهادة قسمان: شهادة تحمل، وشهادة أداء.

أولا – شروط تحمل الشهادة:

لا يشترط عند تحمل الشهادة إلا شرط واحد، وهو التمييز، لأنه به يعي الإنسان ما شاهده ويحفظ ما يراه.

 

ثانيا – شروط أداء الشهادة:

يشترط في الشاهد عند أداء شهادة الشروط التالية:

1- الإسلام: لا تقبل شهادة غير المسلم على المسلم أو غيره، ودليل ذلك قول الله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: 2]، وغير المسلم ليس بعدل، كما أنه ليس منا أيضا، لأنه لا يؤمن كذبه. وأيضا، فالشهادة ولاية، ولا ولاية لغير مسلم.

 

2- البلوغ: لا تقبل شهادة الصبي، ولو مميزا، لأن الله عز وجل قال: ﴿مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ والصبي لم يبلغ مبلغ الرجل، ولأنه لا يؤمن كذبه، لأنه غير مكلف.

 

3- العقل: لا تقبل الشهادة من مجنون، لعدم معرفته بما يقول، وللإجماع أيضا على عدم جواز شهادته.

 

4- العدالة: لا تقبل شهادة الفاسق، لقوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: 2].

 

5- أن يكون غير متهم في شهادته: لقول الله عز وجل: ﴿ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾ [البقرة: 282]. وبناء على ذلك لا تقبل شهادة عدو على عدوه، ولا شهادة والد لولده ولا ولد لوالده، لتهمة التحامل على العدو والمحاباة للوالد، أو الولد.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا زان ولا زانية، ولا ذي غمر على أخيه )) [13].

 

6- أن يكون ناطقا: لا تقبل شهادة الأخرس، وإن كانت إشارته مفهمة، احتياطا في إثبات الحقوق.

 

7- أن يكون الشاهد يقظا: لا تقبل شهادة المغفل لاحتمال الخطأ والغلط في شهادته.

 

شهادة الأعمى:

الأصل في شهادة الأعمى أنها لا تجوز، لأنه لا يستطيع أن يميز بين الخصوم، ولكن العلماء جوزوا شهادته في خمسة مواضع:

1- الموت.

2- النسب.

3- الملك الطلق: وذلك: كأن يدعي شخص ملك شيء، ولا منازع له فيه، فيشهد الأعمى: أن هذا الشيء مملوك، دون أن ينسبه لمالك معين.

وإنما قبلت شهادة الأعمى في هذه الأمور، لأنها مما يثبت بتسامع الناس لها وتناقلها بينهم، واستفاضتها فيهم، ولا تفتقر إلى مشاهدة وسماع خاص، لأنها تدوم طويلة، يعسر فيها إقامة البينة على ابتدائها، لذهاب من حضرها في غالب الأحيان.

 

4- الترجمة: أي بيان كلام الخصوم والشهود وتوضيحها، لأن ذلك يعتمد على اللفظ لا الرؤية.

 

5- على المضبوط: أي على الممسوك، وذلك: كأن يقول أحد في أذن الأعمى قولا، من إقرار، أو طلاق، ونحوه، فيمسكه ويذهب به إلى القاضي ويشهد عليه بما قاله في أذنه.

 

شروط العدالة في الشهادة:

للعدالة في الشاهد خمسة شروط:

1- أن يكون مجتنبا للكبائر.[14]

2- أن يكون غير مصرا على القليل من الصغائر.[15]

3- أن يكون سليم السريرة.[16]

4- أن يكون مأمونا عند الغضب.[17]

5- أن يكون محافظا على مروءة مثله.[18]

وكذلك لا تقبل شهادة من يجر لنفسه نفعا بشهادته، أو يدفع عنها ضررا: مثال الأول أن يشهد الوارث أن مورثه مثلا قد مات قبل أن يندمل جرحـه، وغرضه من هذه لشهادة أخذ الدية، فلا تقبل.

 

حكم الرجوع عن الشهادة وما يترتب على ذلك:

أولا- حكم الرجوع عن الشهادة:

الرجوع عن الشهادة حرام، إن كان الشهود صادقين في شهادتهم، لأن في رجوعهم تضييعا للحقوق، ويعتبر رجوعهم كتمانا للشهادة. والله عز وجل يقول: ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾ [سورة البقرة: 283].

أما إذا كان الشهود كاذبين فرجوعهم عن الشهادة واجب، لأنها شهادة زور، وهي كبيرة من الكبائر.

 

ثانيا - ما يترتب على رجوعهم عن الشهادة:

إذا رجع الشهود عن الشهادة التي كانوا قد شهدوا بها، فأما أن يكون رجوعهم عنها قبل الحكم، أو بعده.

وإذا كان رجوعهم عنها بعد الحكم، فإما أن يكون ذلك الرجوع قبل استيفاء الحقوق من مال أو عقوبة، أو بعد استيفائها، فهذه الحالات ثلاث نذكرها فيما يلي:

أ‌- رجوعهم عن الشهادة قبل الحكم: فإن كان رجوعهم عن الشهادة قبل حكم الحاكم بها امتنع الحكم بشهادتهم، سواء شهدوا شهادة غيرها، أم لم يشهدوا، وسواء كانت شهادتهم بمال، أو بعقوبة، لأن الحاكم لا يدري: أصدقوا في الأولى، أو في الثانية، أم صدقوا في الشهادة، أو في الرجوع، فينتفي ظن الصدق بشهادتهم، وأيضا فإن كذبهم ثابت لا محالة، إما في الشهادة الأولى، أو في الشهادة الثانية، وفي الشهادة، أو في الرجوع عنها. ولا يجوز الحكم بشهادة الكاذب. وإن رجعوا عن شهادة في زنى حدوا حد القذف، لأن شهادتهم قذف للمقذوف.

 

ب‌- رجوعهم عن الشهادة بعد الحكم وقبل استيفاء الحق:

وإن كان رجوع الشهود عن الشهادة بعد حكم القاضي بها، ولكن ذلك الرجوع كان قبل استيفاء الحق ممن هو عليه:

• فإن كان المشهود به مالا نفذ الحكم به، واستوفي المال ممن هو عليه، لأن القضاء قد تم، وليس الحكم بالمال مما يسقط بالشبهة، حتى يتأثر بالرجوع، فينفذ الحكم، ويستوفى المال، مادام الحكم قد صدر قبل رجوعهم.

 

• وإن كان الحق المشهود به عقوبة، سواء كانت لله تعالى: كالزنى، أم كانت لآدمي: كالقذف فلا تستوفى العقوبة، ما دام الشهود قد رجعوا عن شهادتهم قبل استيفائها، لأنها تسقط بالشبهة، والرجوع عن الشهادة شبهة.

 

ج - رجوعهم عن الشهادة بعد الحكم وبعد استيفاء الحق:

إذا كان رجوع الشهود عن الشهادة بعد الحكم بها، وبعد الاستيفاء للمحكوم به، لم ينقض الحكم، لتأكد الأمر، ولجواز صدقهم في الشهادة، وكذبهم في الرجوع، أو عكس ذلك.

 

وليس أحدهما بأولى من الآخر، فلا ينقض الحكم بأمر مختلف ومشكوك فيه. ويترتب على رجوعهم هذا:

• أنه إن كان الحق المستوفى من المشهود عليه بعقوبة: كأن كان قصاصا في نفس أو طرف، أو قتلا في ردة، ومات المشهود عليه، ثم رجعوا عن الشهادة، وقالوا: تعمدنا الشهادة، ولا نعلم حال المشهود عليه، أو قالوا: تعمدنا الكذب في الشهادة، فعليهم القصاص، أو دية مغلظة في مالهم موزعة على عدد رؤوسهم، لتسببهم إلى إهلاك المشهود عليه.

 

• ولو شهدوا بطلاق بائن، وفرق القاضي بين الزوجين، فرجعا عن الشهادة دام الفراق، لأن قولهما في الرجوع محتمل الكذب والصدق، فلا يرد الحكم بقول محتمل، وعلى هؤلاء الشهود الراجعين عن الشهادة مهر مثل للزوج، لأنه بدل ما فوتوه عليه.

 

• ولو رجع شهود شهدوا على مال بعد الحكم واستيفاء المال غرموا المال الذي استوفي من المحكوم عليه، لأنه بدل ما فوتوه عليه.

 

وفي الختام:

نسأل الله تعالى أن يهدينا، وإخواننا بالعودة إلى كتابه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم.

﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 285، 286]

والحمد لله رب العالمين



[1] سورة آل عمران، الآية 102.

[2] سورة النساء، الآية 1.

[3] سورة الأحزاب، الآية 70-71.

[4] سورة آل عمران، الآية 185- 186.

[5] سورة البقرة: الآية 283.

[6] سورة النور: الآية 4.

[7] رواه مسلم برقم 138.

[8] سنن أبي داوود، باب رؤية هلال رمضان، برقم 2342.

[9] سورة الطلاق: الآية 2.

[10] رواه الشافعي في مسنده انظر: مغني المحتاج 3/155. ورواه ابن حيان 1247 و قال: لا يصح في ذكر الشاهدين غيره .

[11] سورة البقرة: 282.

[12] و هو الإمام الزهري، انظر الإقناع، 2/297.

[13] رواه أبو داود [3600] في الأقضية، باب: من ترد شهادته

[14] فالكبائر من الذنوب: هي كل ما ورد فيه وعيد شديد في كتاب أو سنة، ودل ارتكابه على تهاون في الدين: كشرب الخمر، والتعامل بالربا.

[15] الصغائر: هي ما لم ينطبق عليه تعريف الكبيرة، كالنظر المحرم، وهجر المسلم فوق ثلاثة أيام، ونحو ذلك.

[16] سليم السريرة: أي سليم العقيدة، فلا تقبل شهادة من يعتقد جواز سب الصحابة رضي الله عنهم.

[17] ومعنى مأمونا عند الغضب، أي لا يتجاوز الحد في تصرفه إذا غضب، ولا يقع في الباطل والزور، إذا ما استثير.

[18] ومعنى مروءة مثله: أي متخلقا بأخلاق أمثاله من أبناء عصره، ممن يراعون آداب الشرع ومناهجه في الزمان والمكان، ويرجع في هذا غالبا إلى العرف. فإذا قلت مروءة الشخص، قل حياؤه قال ما شاء الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الشهادتين
  • مقاصد الشريعة في القضاء والشهادة والعقوبات
  • الشهادة أمام القضاء
  • أركان وشروط الشهادتين
  • موارد ومصادر كتاب أبواب السعادة وأسباب الشهادة للسيوطي
  • تفسير قول الله تعالى: (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم)
  • كلمة عن الشريعة الإسلامية
  • ولا تكتموا الشهادة

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة كتاب الشهادة ( الاستفادة من كتاب الشهادة ) (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كتاب الشهادة ( الاستفادة من كتاب الشهادة )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • شهادة الله: من حكمة الشهادة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شهادة الأعمى وشهادة الصبي والشهادة على المنتقبة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حقيقة شهادة الزوجين(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أكثر من 3 آلاف شخص ينجحون في امتحان الشهادة التوجيهية الماليزية للدراسات الإسلامية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من بركات النبي صلى الله عليه وسلم على أمته: أن الله تعالى نوع لهم أسباب الشهادة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • { وأقيموا الشهادة لله } (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشهادة أمانة ومسؤولية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصيام قد ينال به من المقامات أعلى من مقام الشهادة في سبيل الله(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب