• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الرخص الشرعية

د. مرضي بن مشوح العنزي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/8/2017 ميلادي - 7/12/1438 هجري

الزيارات: 227094

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرخص الشرعية


من أبرز خصائص التشريع الإسلامي أنه دين السهولة واليسر والسماحة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ»[1]، وقال صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ»[2]، ومن اليسر والسماحة في الدين الإسلامي أن الله يخفف عن عباده عند مظنة المشقة العارضة على المكلف[3]، فالأحكام التي ينشأ عن تطبيقها مشقة على المكلف في نفسه أو ماله، فإن الشريعة ترخص له وتخفف عنه بما يقع تحت قدرته دون عسر أو إحراج[4]، وجميع هذه الرخص الشريعة وتخفيفاتها متفرعة عن قاعدة "المشقة تجلب التيسير"[5]؛ "قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته"[6].

 

وقاعدة " المشقة تجلب التيسير" من القواعد الكبرى التي ترتكز عليها الشريعة الإسلامية، فلا غرابة بعد ذلك أن تكون الرخص الشرعية إحدى الأدوات التي يستخدمها العلماء الشرعيون وهم يبحثون عن حلول مالية لرفع المشقة التي تواجه المصارف الإسلامية في سيرها لتحقيق مقاصدها، وفي هذا المبحث دراسة لهذه الأداة.

 

المطلب الأول: تعريف الرخص الشرعية:

الرخص في اللغة جمع رخصة، وتدل على التخفيف والتيسير واللين وخلاف الشدة، قال ابن فارس[7]:"الراء والخاء والصاد أصل يدل على لين وخلاف شدة"[8]، وقال ابن منظور[9]:"والرخصة: ترخيص الله للعبد في أشياء خففها عنه"[10].

أما الرخصة في الاصطلاح فلها عدة تعريفات؛ فقد عرفها البزدوي الحنفي[11]:بـ"ما يستباح بعذر مع قيام المحرم"[12]، وانتُقد هذا التعريف بأنه غير جامع؛ لعدم شموله الرخصة الثابتة على خلاف دليل الندب[13]، وبأنه متناقض؛ لأن الذي أبيح لا يكون حرامًا[14].

 

وعرفها الغزالي:بـ "بما وسع للمكلف في فعله لعذر وعجز عنه مع قيام السبب المحرم"[15].

وانتُقد هذا التعريف بأنه غير جامع؛ لأنه اقتصر على الفعل، والرخصة كما قد تكون بالفعل قد تكون بالترك[16]، ولعدم شموله الرخصة الثابتة على خلاف دليل الندب[17].

وكل تعريفات الرخصة قريبة من هذين التعريفين، وإن اختلفت قليلًا في الألفاظ، وعليها من الانتقادات ما على هذين التعريفين[18].

 

وأجود تعريف للرخصة تعريف السبكي، وهو:"ما تغير من الحكم الشرعي لعذر إلى سهولة ويسر مع قيام السبب للحكم الأصلي"[19].

وقد جوّده الشنقيطي، فقال: "ومن أجود تعاريف الرخصة، ما عرفها به بعض أهل الأصول من أنها هي الحكم الشرعي الذي غير من صعوبة إلى سهولة لعذر اقتضى ذلك، مع قيام سبب الحكم الأصلي"[20].

 

المطلب الثاني: أقسام الرخص الشرعية:

لقد قسم العلماء الرخصة عدة تقسيمات، من أهمها:

أولاً: تقسيم الرخصة باعتبار الفعل والترك:

تنقسم الرخصة باعتبار الفعل والترك قسمين:

القسم الأول: رخصة فعل؛ كإجراء كلمة الكفر على اللسان مع اطمئنان القلب إلى الإيمان عند الإكراه، وكالمضطر إلى أكل الميتة[21].

القسم الثاني: رخصة ترك؛ كالفطر والقصر للمسافر، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حالة الخوف[22].

 

ثانيًا: تقسيم الرخص باعتبار الحكم:

تنقسم الرخص باعتبار الحكم ثلاثة أقسام:

القسم الأول: رخصة واجبة؛ كإساغة اللقمة بالخمر لمن غص باللقمة، وكتناول الميتة للمضطر[23].

القسم الثاني: رخصة مندوبة؛ كقصر الصلاة للمسافر، والإبراد في صلاة الظهر في شدة الحر[24].

القسم الثالث: رخصة مباحة؛ كالجمع بين الصلاتين في غير عرفة ومزدلفة، وبيع العرايا[25].

 

وقد زاد بعض الأصوليين أقسامًا للرخصة، وهي: رخصة محرمة، ورخصة مكروهة، ورخصة خلاف أولى[26]، إلا أن أكثر الأصوليين يكتفون بالأقسام الثلاثة الأولى[27]، بل نَسب الزركشي هذا التقسيم إلى جميع الأصوليين، فقال: "اعلم أن جميع الأصوليين يقسمون الرخصة إلى الأقسام الثلاثة المذكورة"[28]. فالرخصة "لا تكون محرمة، ولا مكروهة"[29]، ولا خلاف أولى؛ لأن الرخصة مشروعة، وهذه الأوصاف غير مشروعة، ولا اجتماع بينها، ولا توجد أمثلة صحيحة عند من ذكر هذه الأقسام.

 

والأصل في الرخصة ألا يوصف بها إلا الإباحة، ولكن قد يعرض للحكم الموصوف بأنه رخصة ما يجعله واجبًا، أو مندوبًا[30]، قال السبكي: "واعلم أن الإيجاب والندب واستواء الطرفين أو رجحان أحدهما أمر زائد على معنى الرخصة؛ لأن معناها التيسير؛ وذلك بحصول الجواز للفعل أو الترك، يرخص في الحرام بالإذن في فعله، وفي الواجب بالإذن في تركه، وأدلة الوجوب والندب وغيرها تؤخذ من أدلة أخرى"[31].

 

ثالثًا: تقسيم الرخصة باعتبار العموم والخصوص:

تنقسم الرخصة باعتبار العموم والخصوص إلى رخصة عامة، ورخصة خاصة[32]، إلا أن ابن عاشور قسمها باعتبار عمومها وخصوصها مع اطرادها وتوقيتها ثلاثة أقسام:

القسم الأول: رخصة عامة مطردة؛ كانت سبب تشريع عام، مستثناة من أصل كان شأنه المنع؛ كالسلم[33].

القسم الثاني: رخصة خاصة مؤقتة؛ وهذه أكثر الرخص التي يكتفي الأصوليون بضرب الأمثلة لها؛ كمن اضطر لأكل الميتة[34].

 

القسم الثالث: رخصة عامة مؤقتة؛ "وذلك أن يعرض الاضطرار للأمة أو طائفة عظيمة منها، يستدعي إباحة الفعل الممنوع لتحقيق مقصد شرعي؛ مثل سلامة الأمة، وإبقاء قوتها، أو نحو ذلك"[35]، ومثل الكراء المؤبد الذي جرت به فتوى بعض علماء الأندلس في أرض الوقف عندما زهد الناس في كرائها لقصر المدة التي تكتري أرض الوقف لمثلها، وكثرة التكلفة التي تحتاجها الأرض للعمل فيها، فأفتى بعض العلماء بالكراء المؤبد، ورأوا أن التأبيد لا غرر فيه؛ لأنها باقية غير زائلة[36].

 

المطلب الثالث: أسباب الرخص الشرعية:

أكثر الكتب الأصولية تذكر أمثلة للرخص دون حصر لأسباب الرخص الشرعية، فتُمثل بالمرض، والسفر، والإكراه على كلمة الكفر، والاضطرار لأكل الميتة[37]، وقد حاول بعض الأصوليين حصر أسباب الرخص، فذكر السيوطي وابن نجيم أن أسباب التخفيف في العبادات وغيرها سبعة: السفر، والمرض، والإكراه، والنسيان، والجهل، وعموم البلوى، والنقص[38]، وزاد بعضهم عليها ثلاثة أسباب، وهي: الضرورة، والمشقة، والخطأ[39]، وزاد بعضهم عليها سببًا رابعًا وهو: الحاجة[40]، وذكر السيوطي أن الأسباب التي ترخص في ترك الجماعة نحو أربعين سببًا[41]، وكل هذه الأسباب التي ذكرها العلماء وغيرها تعود إلى المشقة، قال الشاطبي: "إن سبب الرخصة المشقة"[42]، فالمشقة هي سبب الرخصة، وهي إما أن تصل إلى درجة الضرورة، أو لا تصل إليها فتكون حاجية، قال الطوفي: "قد يكون سبب الرخصة اختياريًا؛ كالسفر، واضطراريًا؛ كالاغتصاص باللقمة المبيح لشرب الخمر"[43].

 

وعلى ذلك يمكن تقسيم أسباب الرخصة إلى قسمين رئيسين:

القسم الأول: الضرورة؛ ويدخل فيه النطق بكلمة الكفر لمن أكره على ذلك، والمريض إذا كان المرض يؤدي به إلى الهلاك إن لم يترخص، وشرب الخمر لمن غص باللقمة ولم يكن عنده إلا الخمر[44]، وكل مشقة تؤدي إلى الهلاك إن لم يترخص تدخل تحت هذا القسم.

 

القسم الثاني: الحاجة؛ ويدخل فيه السفر، والنسيان، والجهل، والخطأ، والنقص، وعموم البلوى، ومن كان مرضه لا يؤدي به إلى الهلاك إذا لم يترخص، فكل هذه الأسباب يقع على الناس مشقة لو لم يرخص لهم بها، وهذه المشقة لا تصل بهم إلى درجة الهلاك والضرورة، وكل ما يؤدي إلى مشقة وحرج ولا يصل إلى درجة الضرورة يدخل تحت هذا القسم.

 

المطلب الرابع: أدلة الرخص الشرعية

للرخص الشرعية أدلة كثيرة من الكتاب والسنة، منها:

الدليل الأول: الآيات الكثيرة التي تدل على التيسير، والتخفيف، ورفع الحرج عن الأمة؛ كقول الله تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185][45].

وقوله: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ﴾ [النساء: 28][46].

وقوله: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾[البقرة: 286] [47].

وجه الدلالة من الآيات: أن الآيات تدل على أن الله يريد أن ييسر ويسهل على عباده الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير؛ ليسهل سلوكها، ولهذا فإن جميع الأوامر لا تشق على المكلفين، وإذا حصل بعض المشاق والعجز خفف الشارع من الواجبات بحسب ما يناسب ذلك، فيدخل في هذا جميع التخفيفات، والرخص الشرعية[48].

 

الدليل الثاني:الأحاديث النبوية الكثيرة الدالة على التيسير والتخفيف؛ كقول النبيصلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» رواه البخاري[49].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ»رواه البخاري[50].

 

وعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا» متفق عليه[51].

 

وجه الدلالة من الأحاديث: في هذه الأحاديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم سماحة هذا الدين ويسره، وتبين عائشة رضي الله عنها أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم اختيار الأيسر ما لم يكن إثمًا، والرخص الشرعية من السماحة والتيسير على عباد الله[52]، بل في الأحاديث "الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع"[53].


الدليل الثالث: الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة التي تدل على بعض الرخص، ومنها:

1-الرخصة للمكره على النطق بكلمة الكفر؛ قال الله تعالى: ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [النحل: 106] [54].

 

2- الرخصة للمضطر بالأكل من المحرمات؛ قال الله تعالى:﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 173][55].

 

3- الرخصة للمريض والمسافر بالإفطار في رمضان؛ قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184][56].

 

4- الرخصة للمسافر بقصر الصلاة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [النساء: 101][57].

 

5- الرخصة لمن أكل وهو ناس في رمضان أن يتم صومه؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» متفق عليه[58].

 

6- الرخصة في العرايا؛ عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي العَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلًا» متفق عليه[59].

 

7- الرخصة للحائض أن تترك طواف الوداع؛ عن ابن عباسرضي الله عنه، قال: «رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا حَاضَتْ» رواه البخاري[60].

 

8- الرخصة في لبس الحرير لمن احتاج إليه؛ عن أنس رضي الله عنه، قال: «رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي لُبْسِ الحَرِيرِ، لِحِكَّةٍ بِهِمَا» متفق عليه[61].

وجه الدلالة من هذه الأدلة: كل هذه الأدلة تدل على مشروعية الرخص، وأن الشريعة تخفف على المسلم وترخص له متى ما وجدت المشقة.

 

الدليل الرابع: عن ابن عمررضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ» رواه أحمد[62].

وجه الدلالة من الحديث: في الحديث دلالة على مشروعية الرخص، و"أن الله يحب إتيان ما شرعه من الرخص، وفي تشبيه تلك المحبة بكراهته لإتيان المعصية دليل على أن في ترك إتيان الرخصة ترك طاعة، كالترك للطاعة الحاصل بإتيان المعصية"[63].

 

الدليل الخامس:الإجماع القائم من عصر الصحابة إلى عصرنا على مشروعية الرخص التي جاءت بها الشريعة، دون إنكار من أحد من العلماء.

 

المطلب الخامس: العلاقة بين الرخص الشرعية وتتبع رخص المذاهب:

يقصد بتتبع رخص المذاهب أن يأخذ الشخص من كل مذهب ما هو أهون عليه وأيسر فيما يطرأ عليه من المسائل دون نظرٍ في الأدلة[64].

والرخص الشرعية تجتمع، مع تتبع رخص المذاهب، في أن كلًا منهما أخذ بالأسهل، إلا أنهما يختلفان في أن الرخص الشرعية يكون الأخذ بالأسهل فيها مبنيًا على دليل، أما تتبع رخص المذاهب فلا يكون الأخذ بالأسهل فيها مبنيًا على دليل، بل يكون الأخذ بالقول الأسهل لمجرد البحث عن التيسير والتخفيف دون نظر في الأدلة؛ لذلك حرمها كثير من العلماء، بل نُقل الإجماع على تحريمها.

 

فائدة: اختلف العلماء في حكم تتبع رخص المذاهب على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن تتبع رخص المذاهب لا يجوز مطلقًا، اختاره الأكثر، بل نقل الإجماع على ذلك ابن حزم وابن عبدالبر[65].

القول الثاني: أن تتبع رخص المذاهب يجوز مطلقًا، اختاره ابن الهمام، والعز بن عبدالسلام[66].

القول الثالث: أن تتبع رخص المذاهب جائز بشروط، اختاره القرافي، وصدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي[67].



[1] كتاب الإيمان، باب الدين يسر، برقم 39.

[2] رواه البخاري معلقًا في كتاب الإيمان، باب الدين يسر.

[3] انظر: المشقة على النفس الصادرة من ذات المكلف، لعبدالعزيز العويد، ص19-23.

[4] انظر: القواعد الكلية والضوابط الفقهية، لعثمان شبير، ص191.

[5] انظر: القواعد والأصول الجامعة، لعبدالرحمن السعدي، ص19.

[6] الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص77، الأشباه والنظائر، لابن نجيم، ص64.

[7] هو أحمد بن فارس بن زكريا القزويني أبو الحسين، العلامة اللغوي، من أئمة اللغة والأدب، ولد سنة 329هـ، أصله من قزوين وأقام بهمذان وانتقل إلى الري، له تصانيف من أشهرها: " المجمل"، و "معجم مقاييس اللغة"، توفي بالري سنة395هـ.انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي13/ 103، الأعلام، للزركلي 1/ 193.

[8] معجم مقاييس اللغة، لابن فارس 2/ 500.

[9] هو محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الافريقي، الإمام اللغوي الحجة، ولد بمصر سنة 630، وخدم في ديوان الإنشاء بالقاهرة، ثم ولي القضاء في طرابلس، وعاد إلى مصر، ترك بخطه نحو خمسمائة مجلد، من أشهر مؤلفاته: "لسان العرب"، توفى بمصر سنة 711 هـ. انظر: بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، للسيوطي 1/ 248، الأعلام للزركلي 7/ 108.

[10] لسان العرب، لابن منظور 7/ 40.

[11] هو علي بن محمد بن الحسين، أبو الحسن البزدوي، ولد سنة 400ه، وكان إمام الحنفية بما وراء النهر، ومن أبرز مؤلفاته:" المبسوط"، و"كنز الأصول إلى معرفة الأصول" المعروف بأصول البزدوي، وهو من أفضل ما كتب في الأصول، توفي سنة 482ه. انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي 18/ 602، الجواهر المضية، للقرشي 1/ 372.

[12] التقرير لأصول فخر الإسلام البزدوي، للبابرتي 3/ 467.

[13] انظر: نهاية السول شرح منهاج الأصول، للأسنوي 1/ 34.

[14] انظر: المستصفى، للغزالي 1/ 79، الإحكام في أصول الأحكام، للآمدي 1/ 132.

[15] المستصفى، للغزالي 1/ 78.

[16] انظر: الابهاج في شرح المنهاج، للسبكي 1/ 82.

[17] انظر: نهاية السول شرح منهاج الأصول، للأسنوي 1/ 34.

[18] انظر: الرخص الشرعية وإثباتها بالقياس، لعبدالكريم النملة، ص10-44.

[19] رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب، للسبكي 2/ 26.

[20] مذكرة في أصول الفقه، للشنقيطي، ص60.

[21] انظر: أصول الشاشي، ص385، الأصول والضوابط، للنووي، ص37.

[22] انظر: الأصول والضوابط، للنووي، ص38، الرخص في المعاملات وفقه الأسرة، لمحمد أبا الخيل، ص76.

[23] انظر:البحر المحيط، للزركشي 2/ 34، شرح مختصر الروضة، للطوفي 1/ 465.

[24] انظر: التمهيد، للإسنوي، ص72-73، المهذب، للنملة 1/ 456.

[25] انظر: التمهيد، للإسنوي، ص73، شرح الكوكب المنير، لابن النجار 1/ 480.

[26] انظر: غاية الوصول، للسنيكي، ص19، التمهيد، للإسنوي، ص73، المهذب، للنملة 1/ 458-459.

[27] انظر: نهاية السول، للإسنوي 1/ 34، بيان المختصر، للأصفهاني 1/ 412.

[28] البحر المحيط، للزركشي 2/ 36.

[29] التحبير شرح التحرير، للمرداوي 3/ 1122.

[30] انظر:أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله، للسلمي، ص63.

[31] الإبهاج في شرح المنهاج، للسبكي 1/ 82.

[32] انظر: قواعد ابن رجب، ص9.

[33] انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، لابن عاشور، ص380.

[34] المرجع السابق، ص381.

[35] مقاصد الشريعة الإسلامية، لابن عاشور، ص381.

[36] انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، لابن عاشور، ص381-382.

[37] انظر: التقرير لأصول فخر الإسلام البزدوي، للبابرتي 4/ 12-44، شرح تنقيح الفصول، للقرافي، ص85.

[38] انظر: الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص77-80، الأشباه والنظائر، لابن نجيم، ص64-70.

[39] انظر: الرخص الشرعية، لأسامة الصلابي، ص144-333.

[40] انظر: الرخص في المعاملات المالية وفقه الأسرة، لمحمد أبا الخيل، ص48-75.

[41] انظر: الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص439.

[42] الموافقات، للشاطبي 1/ 484.

[43] شرح مختصر الروضة، للطوفي 1/ 466.

[44] انظر: شرح تنقيح الفصول، للقرافي، ص85.

[45] سورة البقرة، الآية 185.

[46] سورة النساء، الآية 28.

[47] سورة البقرة، الآية 286.

[48] انظر: تيسير اللطيف المنان، للسعدي، ص93-94.

[49] سبق تخريجه.

[50] سبق تخريجه.

[51] سبق تخريجه.

[52] انظر: فتح الباري، لابن رجب 2/ 281.

[53] فتح الباري، لابن حجر 1/ 94.

[54] سورة النحل، الآية 106.

[55] سورة البقرة، الآية 173.

[56] سورة البقرة، الآية 184.

[57] سورة النساء، الآية 101.

[58] رواه البخاري، كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، برقم1933، ومسلم، كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر، برقم1155.

[59] رواه البخاري، كتاب البيوع، باب تفسير العرايا، برقم2192، ومسلم، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، برقم1539.

[60] كتاب الحيض، باب المرأة تحيض بعد الإفاضة، برقم328.

[61] رواه البخاري، كتاب اللباس، باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة، برقم5839، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها، برقم 2076.

[62] مسند عبدالله بن عمر رضي الله عنه، برقم5866. والحديث من رواية عمارة بن غزية عن حرب بن قيس عن نافع، ولم أجد متابعًا لعمارة ولا لحرب، وقد جاء في أطراف الغرائب والأفراد عن هذا الحديث: "تفرد به حرب بن قيس عنه-أي عن نافع-"، ومثلهما لا يحتمل التفرد، وحرب بن قيس مجهول الحال؛ فلم يوثقه غير ابن حبان. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 6/ 368، أطراف الغرائب والأفراد، لابن القيسراني 3/ 446، ميزان الاعتدال، للذهبي 3/ 178، الثقات، لابن حبان 6/ 230.

[63] نيل الأوطار، للشوكاني 3/ 244.

[64] أصول الفقه الإسلامي، لوهبة الزحيلي 2/ 431. وانظر: التقرير والتحبير، لابن أمير الحاج 3/ 351.

[65] انظر: مراتب الإجماع، لابن حزم، ص175، جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر 2/ 927، الموافقات، للشاطبي 5/ 99.

[66] انظر: فتاوى شيخ الإسلام عز الدين بن عبدالسلام، ص288، فتح القدير، لابن الهمام 7/ 258.

[67] انظر: شرح تنقيح الفصول، للقرافي ص432، الموافقات، للشاطبي 5/ 99، قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، العدد 8، رقم 74/1.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحايل على الشريعة وتتبع الرخص
  • الرخصة والفدية والقضاء في رمضان
  • الفرق بين الرخصة والعذر
  • الأخذ بالرخصة
  • تتبع الرخص للمقلد
  • الرخص الشرعية للمريض في الطهارة والصلاة والصيام والحج

مختارات من الشبكة

  • تتبع الرخص (مقالات في الرخصة والعزيمة - 8)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعاطي أسباب الرخص وإناطتها بالمعاصي (مقالات في الرخصة والعزيمة - 9)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين الرخصة الشرعية وتتبع رخص العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منزلة الرخصة والعزيمة في الأحكام الشرعية (مقالات في الرخصة والعزيمة - 2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تتبع رخص المذاهب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تابع أقسام الرخصة (مقالات في الرخصة والعزيمة - 6)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقالات في الرخصة والعزيمة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما يتفرع على الرخصة (مقالات في الرخصة والعزيمة - 10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم الرخصة (مقالات في الرخصة والعزيمة - 7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تابع أقسام الرخصة (مقالات في الرخصة والعزيمة - 5)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب