• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

فوائد ووقفات مع حديث: الحلال بين والحرام بين

فوائد ووقفات مع حديث: الحلال بين والحرام بين
الشيخ طه محمد الساكت

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/7/2016 ميلادي - 18/10/1437 هجري

الزيارات: 39881

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فوائد ووقفات مع حديث:

"الحلالُ بيِّن والحرام بيِّن.."

 

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه كلمات غير مرتبة في شرح حديث ((الحلال بيِّن، والحرام بيِّن)) من الوجهة الشرعية، حافظتُ فيها على النصوص الحرفية ما استطعتُ، مع بيان المصادر؛ ليَسهُل الرجوع إليها عند الحاجة، وإن دعت إلى التلخيص داعية، أو خطر في النقول خاطر، نبَّهتُ عليه، والله المستعان، وعليه التُّكلان، ولا حول ولا قوة إلا به.

طه محمد الساكت

الخميس، 20 من ربيع الأول سنة 1352

13 من يوليو 1933

♦♦♦♦


البخاري

وأول مَن صنَّف في الصحيح المجرَّد العاري عن الحسن والضعيف هو الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه الجُعْفي مولاهم، نسبة إلى جُعْفِيٍّ، قال الجوهري: "جعفيٌّ: أبو قبيلة من اليمن، هو جعفي بن سعد العشيرة بن مذحج، والنسبة إليه كذلك". اهـ؛ الديباج المذهب وشرحه في المصطلح.

وكتابه أصحُّ الكتب عند الجمهور.

♦♦♦♦


قتل عمر في حديث عمرو بن ميمون:

"فما هو إلا أن كبَّر فسمعته يقول قتلني - أو: أكلني - الكلب، حين طعنه، فطار العلج"[1].

 

كتاب الصلاة:

32 ج 2 عن عمر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسمُر مع أبي بكرٍ في الأمر من أمور المسلمين، وأنا معهما"؛ أخرجه الترمذي.

وكان ما كان ممَّا لست أذكرُه *** فظُنَّ خيرًا، ولا تسأل عن الخبر

 

مباحث:

الحلال: إطلاقاته - أل فيه - الشبهات.

عبارة السندي -  إعراب ((وبينهما مشتبهات)).

المجمل - مراعاة الخلاف.

 

قول الشراح:

(الحلال بيِّن) بأدلته الظاهرة.

قولهم: "فيه تقسيم الأحكام إلى ثلاثة؛ لأنه إما أن ينص على طلبه مع الوعيد على تركه، أو على تركه مع الوعيد على فعله، أو لا ينص على واحد منهما".

إذا كان المشتبه يحرم الوقوع فيه تارة، ويكره تارة - كما صرحوا في حكم المشبهات - فكيف يتوسط بين الحلال والحرام؟ أو كيف يسوغ لهم هذا التقسيم؟

 

في كشاف اصطلاحات الفنون:

"الحلال في الشرع: ما أباحه الكتاب والسنة بسبب جائز مباح.

وفي خلاصة السلوك: الحلال: هو الذي قد انقطع عنه حق الغير".

 

الحكم وأقسامه:

الحُكم: خطاب الله القديم المتعلِّق بأفعال المكلَّفين بالاقتضاء أو التخيير.

فـ(القديم) احتراز من نصوص أدلة الحكم؛ فإنها خطاب الله، وليست حُكمًا، وإلَّا اتحد الدليل والمدلول، وهي محدثة.

و(المكلفين) احتراز من المتعلِّق بالجماد وغيره.

و(الاقتضاء) احتراز من الخبر.

وقولنا: (التخيير)؛ ليدخل المباح.

 

واختلف في أقسامه:

فقيل: خمسة: الوجوب، والتحريم، والندب، والكراهة، والإباحة.

وقيل: أربعة، والمباح ليس من المشروع.

وقيل: اثنان: التحريم والإباحة؛ وفُسِّرت بـ"جواز الإقدام" الذي يشمل الوجوب والندب والكراهة والإباحة؛ وعلى هذا المذهب يتخرج قوله عليه السلام: ((أبغض المباح إلى الله الطلاق))؛ فإن البغضة تقتضي رجحان طرف الترك، والرجحان مع التساوي محال. اهـ الذخيرة للقرافي.

ويحتمل أن يكون ذلك مرادًا في بعض موارد الشريعة الغراء.

 

كما في قوله تعالى: ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157]، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((الحلال ما أحل الله في كتابه)) إن غضضنا الطرف عن سبب النزول، وإلا فهو يؤيد المعنى الأول، وهو الظاهر القريب، قال في "اللسان": "وأَبرأتُه مما لي عليه وبرَّأته تبرئة، وبَرِئ من الأمر يَبرَأ براءة، البريء: المُتَفصِّي من القبائح".

 

والحلال في الحديث الشريف لا يأبى هذا المعنى على ما فيه من البُعد، وعلى ما يبدو من التكلُّف في شرح الحديث عليه، ويظهر أن الشراح يريدون هذا المعنى حينما يقولون: تحتمل الشبهات معنى آخر، وهو أن يكون الأمر مترددًا بين الوجوب والحرمة إلخ.

 

قال ابن حجر في كتاب البيوع:

"وجملة القول أن للحلال احتمالين؛ المخيَّر في تركه وفعله، وما لا خطر في فعله وإن كان في تركه الضرر، والأول هو القريب الذي تساعده قرائن الأحوال وعموم الشريعة.

فالمشتبهات على المعنى الثاني تكون أوسع دائرة وأكثر أفرادًا؛ إذ يدخل فيها المطلوب الذي تردَّد بين الوجوب والندب، كما يدخل فيها ما تردد بين الإباحة والحظر.

ومن هنا، ندب المالكية والشافعية إلى مراعاة الخلاف، وقيَّد بعض الفضلاء ذلك بما لا يترتب..." إلخ.

وعلى هذا، فقراءة المأموم المالكي أم الكتاب مثلًا - مِن ترك الشبهات؛ إذ يقول بوجوبها الشافعي، ولا يقول به المالكي.

 

الاختصار في السند

جرت العادة بحذف "قال" ونحوه من رجال الإسناد خطًّا؛ اختصارًا.

وينبغي للقارئ اللفظ بها، وعبارة ابن الصلاح: "ولا بد من ذكره حال القراءة".

وإذا تكرر لفظ "قال" كقول البخاري: "حدثنا صالح، قال: قال الشعبي"، فإنهم يحذفون أحدهما خطًّا - وهي الأولى فيما يظهر - ولْيلفظ بهما القارئ جميعًا، ولو ترك "قال" في هذا كله، فقد أخطأ.

والظاهر: صحة السماع؛ لأن حذف القول جائز اختصارًا، وبه جاء القرآن الكريم.

 

ومما يحذف في الخط أيضًا لا في اللفظ - لفظ "أنه"؛ كحديث البخاري: "عن عطاء بن أبي ميمونة، سمع أنس بن مالك" أي: أنه سمع؛ قال ابن حجر في شرحه: "لفظ (أنه) يحذف في الخط عرفًا"؛ نقل باختصار قليل.

 

علوم الحديث

قال ابن خلدون: "وأما علومُ الحديثِ، فهي كثيرةٌ متنوعة؛ لأن منها ما ينظر في ناسخِه ومنسوخه؛ وهو مِن أهم علوم الحديث وأصعبها.

قال الزهري: "أعيا الفقهاءَ وأعجزَهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه".

وكان للشافعي رضي الله عنه فيه قَدم راسخة.

ومنها النظرُ في الأسانيد ومعرفةُ ما يجب العمل به من الأحاديث بوقوعه على السند الكامل الشروط".


♦♦♦♦


"ليس بعده إلا التثبُّت مذهب البخاري ومَن وافقه، وما أورده مسلم عليهم من لزوم رد المعنعن إنما لاحتمال عدم السماع ليس بوارد؛ لأن المسألة مفروضة في غير المدلِّس، ومَن عنعن ما لم يسمَعْه فهو مدلِّس، قال السيوطي: كثُر استعمال "أنَّ" أيضًا في هذه الأعصار في الإجازة، وهذا وما تقدم في "عنه" في المشارقة، أما المغاربة فيستعملونها في السماع والإجازة معًا. اهـ ملخصًا.

 

ومن هنا، نستدل على مبلغ عنايتهم بالسند وبحثهم فيه، ونستدل على أنه لا ينبغي تعديل لفظ السند ولا التهاون به" نقل.

♦♦♦♦


النعمان بن بشير

وعد قوم من التابعين (طبقة هم صحابة) إما غلطًا كالنعمان وسويد بن مقرِّن؛ عدَّهما الحاكم في الإخوة من التابعين، وهما صحابيان معروفان. أو لكون ذلك الصحابي من صغار الصحابة يقارب التابعين في كون روايته أو غالبها عن الصحابة، كما عدَّ مسلم من التابعين يوسف بن عبدالله بن سلام ومحمد بن لبيد. اهـ تدريب الراوي شرح تقريب النواوي ص215.

 

ومن خطبه: "إن للشيطان مصايد وفخوخًا، وإن من مصايد الشيطان البطَر بأنعُم الله، والفخر بعطاء الله، والكِبر على عباد الله، واتِّباع الهوى في غير ذات الله".

نقل ملخصًا.

قال القاضي عياض: "والعراقيون يصححون سماع النعمان من النبي صلى الله عليه وسلم، والمدنيون لا يصححونه، والحديث حجة للعراقيين. وذكر البخاري الحديث من طُرق، وفي بعضها: "قال النبي صلى الله عليه وسلم"، وفي بعضها: "سمعتُ".

"ويعني بالبَيِّن: كل ما استقر الشرع على حليته أو تحريمه؛ كحلية لحم الأنعام وتحريم لحم الخنزير"؛ أبِّى.


 

رواية الحديث بالمعنى

وسبب اختلاف روايات الحديث

وهل الحديث حجة في اللغة؟

هل يبقى المجمل بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟

وهذا هو المعروف عند الفقهاء أيضًا، وهم حينما يختلفون في تعريفه فإنما يريدون تحديد أفراده بما في ذلك من المنصوص والمستنبَط.

وعرَّفه المالكية والشافعية بما لم يدل دليل على تحريمه، والحنفية بما دل الدليل على حله، فهو أخصُّ.

وعرَّف المالكية الحلال بما لم يدل دليل على حرمته، والحرام بما لم يدل على تحريمه.

الأصوليون يوافقون الفقهاء في تعريف الحرام، ولهم في الحلال إطلاقان، والأول هو الكثير المشهور.

 

الحلال والحرام عند الأصوليين:

وهذا كما يتفق الناس على فضل الورع وذم البدع، ولكنهم يختلفون في ضابط كلٍّ وتحديد أفراده.

وهذا هو المعروف عند الفقهاء؛ فنراهم جميعًا متفقين على أن الحلال لا إثم في فعله ولا حرج في تركه، والحرام اختلفوا في ضابطه وتحديد أفراده.

وقالت المالكية والشافعية: الحلال: هو ما لم يدل الدليل على حرمته، والحرام: ما لم يدل الدليل على حِلِّه.

على أنهم قد يريدون من الحلال ما أذن به الشرع بمعنى يشمل المباح والواجب والمندوب والمكروه كذلك على رأي.

يدل على هذا مقابلتهم الحلال بالحرام، وحصر أحكام التكليف فيهما.

قال القرافي في مقدمة "الذخيرة": "واختلف في أقسام الحكم". انظر4.

 

(الحلال بيِّن)

أي الأشياء ثلاثة: حلال بيِّن لا يخفى حله بأن ورد نص على حله أو مهَّد أصل يمكن استخراج الجزئيات منه؛ كقوله: ﴿ خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29]، فإن اللام للنفع...

 

والحرام بيِّن واضح لا تخفى حرمته؛ بأن ورد نص على الحرمة؛ كالفواحش والمحارم، وما فيه حد وعقوبة، والميتة والدم ولحم الخنزير، أو مهد ما يستخرج منه ذلك؛ كقوله: ((كل مُسْكر حرام)) ....

مذهب المازني: أن اللام الداخلة على اسم الفاعل واسم المفعول حرف تعريف مطلقًا، سواء كانا بمعنى الحدوث أم لا.

 

ثم إنه اختلف في (أل) الداخلة على الصفة المشبهة، والصحيح أنها معرفة، وليكن مثلها الداخلة على اسم الفاعل الذي لم يرد منه الحدوث.

 

والموصول كالمعرف باللام؛ تجري فيه المعاني الأربعة، فالأصل فيه العهد والجنس. عبدالحكيم. يتأتى في الكلام على تعريف المسند إليه بأل.

 

في تفسير الخازن: والحلال: المباح الذي أحله الشرع وانحلت عقدة الحظر عنه. وأصله من الحلِّ الذي هو نقيض العقد. والطيب: ما يستلذ، والمسلم لا يستطيب إلا الحلال، ويعاف الحرام، وقيل: الطيب: الطاهر؛ لأن النجس تكرهه النفس وتعافه.

 

 

(والحرام بيِّن)

قال السندي في تقريره على متن البخاري: "ليس المعنى أنَّ كل ما هو حلال عند الله تعالى فهو بيِّنٌ بوصف الحِل يَعرِفه كل أحد بأنه حلال، وأنَّ ما هو حرام فهو كذلك، وإلَّا لم يبق مشتبهات؛ ضرورة أن الشيء لا يكون في الواقع إلا حرامًا أو حلالًا، فإذا صار الكل بيِّنًا، لم يبق شيء محلًّا للاشتباه؛ وإنما المعنى - والله تعالى أعلم - أن الحلال بيِّن حكمًا، وهو أنه لا يضر تناوله، وكذا الحرام بيِّن من حيث إنه يضر تناوله؛ أي: يعرف الناس حكمهما، لكن يبقى للناس أن يعرفوا حكم المحتمل المتردِّد بين كونه حلالًا أو حرامًا؛ ولهذا عقب هذا ببيان حكم المشتبه فقال: ((فمن اتقى...)) إلخ؛ أي: حكم المشتبه أنه إذا تناوله الإنسان يخرج عن الورع، ويقرب إلى تناول الحرام.

 

وقد يقال: المعنى: الحلال الخالص بيِّن، وكذا الحرام الخالص بيِّن، يعلمهما كل أحد، لكن المشتبه غير معلوم لكثير من الناس.

وفيه: أنه إن أريد بالخالص الخالص في علم الناس، فلا فائدة في الحكم؛ إذ يرجع المعنى إلى أنَّ المعلوم بالحل معلومٌ بالحل، ولا فائدة فيه، وإن أريد بالنظر إلى الواقع، فكُلُّ شيء في الواقع إما حلال خالص وإما حرام خالص، فإذا صار كل منهما بيِّنًا لم يَبق شيء مشتبهًا، والله تعالى أعلم. نقل.

 

 

 

 

(وبينهما مُشَبَّهات)

وتفصيل هذا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أثبَت في الحديث أمورًا مُشكلة لا يدري كثير من الناس حكمها؛ وهذا دليل بيِّن على أن في الشريعة إجمالًا؛ إذ لو فُصِّلت الشريعة وبُيِّنت نصوصها وأدلتها، ما بقيت هذه المشتبهات مبهَمة الحكم.

فإن أراد أنها مجملة بالنظر إلى العامة دون الخاصة، فمسلَّم ولا يضير الشريعة في شيء؛ إذ على العوام أن يرجعوا إلى الخواص فيما تنازعوا فيه والتبس عليهم.

﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83].

 

وإن أراد الرد على من ينكر القياس في الشريعة ويزعم أنها نصت على كل حدث بخصوصها، فمسلَّم أيضًا؛ إذ الحس شاهدٌ بأن أمورًا كثيرة لم يظهر حكمها إلا بقياسها على غيرها. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لمعاذ: ((ماذا ...))، وعمر يقول لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما ....

 

وإن أراد أنَّ المجمَل باقٍ بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا سبيل إلى بيانه وجلائه، فذلك مخالف لقوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، قال العلماء: إكمالها نصًّا تارة، وتلويحًا تارة أخرى.

 

 

(لا يعلمهن كثير من الناس)

لتعارض الأمارتين، ولم يقل: (على الناس)؛ لأن العارفين والمحققين - وقليل ما هم - لا يشتبه عليهم ذلك.

 

(استبرَأَ لدينه وعرضه)

أي: حصَّل البراءة لدينه من الذم الشرعي، وحمى عرضه من وقوع الناس فيه، لاتهامهم إياه بمواقعة المحظورات إذا لم يتَّقِ الشبهات.

وحمل الشارع المطهَّر العِرض على النفس أيضًا حين قال: "طهر دينه وبدنه من العقوبة"، وكلاهما صحيح قال في النهاية:

ولمَّا كان موضعه النفس، حمل عليها؛ إطلاقًا للمحل على الحال، والظاهر العكس، ولعلها تحريف مطبعي.

والاستبراء من برئ من الدَّين والعيب، ومنه استبراء الجارية إذا علم براءة رحمها من الحمل، فأطلق العلم بالحصول، وأراد الحصول أو طلب براءته، كما في المغرب. وعلى هذا؛ فالسين والتاء للتأكيد، كما في قوله تعالى: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ﴾ [آل عمران: 195] لا للطلب؛ إذ الطلب لا يستلزم الحصول. سعد.

ينظر النبراوي وغيره في شرح حديث ((دع ما يَرِيبُك..)).

 

الاحتياط وحد الورع

والفرق بين الاحتياط والوسوسة:

أن الاحتياط: الاستقصاء والمبالغة في اتباع السنة من غير غُلو ومجاوزة، ولا تقصير وتفريط.

والوسوسة: ابتداع ما لم تأت به السنة ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه؛ زاعمًا أنه يصل بذلك إلى تحصيل المشروع؛ كمن يصرِّح بنية الصلاة مرارًا، ومن يغسل ثيابه مما لا يتيقن نجاسته، إلى أضعاف ذلك مما اتخذه الموسوسون دينًا وزعموا أنه احتياط.

 

وقد كان الاحتياط لهم في اتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم - أولى بهم؛ فإنه الاحتياط الذي مَن خرج عنه فقد فارَق الاحتياط وعَدل عن سواء الطريق. اهـ سر الروح.

 

وهنا سر لطيف يجب التنبُّه عليه، وهو أنَّ الله سبحانه جعل لكل عضو من أعضاء الإنسان كمالًا، إن لم يحصل له كان في قلق وانزعاج؛ فكمال العين البصر، والأذن السمع، واللسان النطق، وجعل كمال القلب ونعيمه ولذته وسروره في معرفة الله تعالى ومحبته والإقبال عليه، فإذا عَدم القلب ذلك كله كان أشد عذابًا من العين التي فقدت النور الباصر، ولا سبيل إلى الطمأنينة بوجه من الوجوه إلا بأن يكون الله وحده إلهه ومعبوده ومستعانه، فحقيقة الأمر أنه لا طمأنينة بدون التحقق بـ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، وكلام السلف في النفس المطمئنة يدور على أصلين: طمأنينة الإرادة والعمل، فإذا اطمأنَّت مِن الشك إلى اليقين، ومِن الجهل إلى العلم، ومن الغفلة إلى الذكر، ومن الجناية إلى التوبة، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الكذب إلى الصدق، ومن العجز إلى الكيس، ومن صولة العُجب إلى ذلة الإخبات، ومن التيه إلى التواضع، ومن الفتور إلى العمل - فقد باشرَتْ روح الطمأنينة، ومنشأُ ذلك كله اليقظة؛ فهي أول مفاتيح الخير، فإن الغافل كالنائم يحجبه عن حقيقة الإدراك لما يتقاضاه من أوامر الرب سبحانه وتعالى ونواهيه، ويُقعده عن فرصة الاستدراك سِنة القلب، وهي غفلته التي رقد فيها ... سر الروح.

 

(وقع في الحرام)

لأن مَن سهل على نفسه ارتكاب الشبهات، أفضاه الحال متدرجًا إلى ارتكاب المحرمات المقطوع بحرمتها، أو ارتكاب المحرمات في الجملة؛ لأن الذي ارتكبها من المشتبه ربما كان حرامًا فيقع فيه، بخلاف المحتاط. سعد.

 

(كالراعي يرعى)

ضرْبُ مَثلٍ فائدتُه: تجلية المعاني المعقولة بصورة المحسوسات لزيادة الكشف، وله شأن عجيب في إبراز الحقائق، ورفع الأستار عن وجوه الدقائق؛ ولذا كثر في القرآن والحديث... و((يرعى)) صفة للراعي؛ لأنه في المعنى كالنكرة. سعد.

قال النبراوي في الأربعين: ولأن (أل) في الرجل جنسية، ساغ وصفه بأشعث أغبر مع كونهما نكرتين ..... 79.

وسدُّ الذرائع مطلوب مشروع، وهو أصل من الأصول القطعية في الشرع (موافقات 61 ج3، 63) في صلاة النافلة عند مالك جماعة.

 

(حول الحمى يوشك أن يرتع فيه)

هو ما يُحمى من الأرض لأجل الدواب ويمنع دخول الغير، وهذا غير جائز إلا للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله: ((لا حمى إلا لله ورسوله)). سعد.

 

(ألا وإن في الجسد مضغة)

ولما كان التورع والتهتك مما يتبع ميلان القلب إلى الصلاح والفساد؛ نَبَّه على ذلك بقوله... سعد.

 

(إذا صلحت صلح الجسد كله)

ينظر شرح النبراوي في آخر الحديث العاشر.

و"إذا" في الشرطين واقعة في موقعها؛ فإن صلاح القلب محقَّق بالنظر إلى بعض الأفراد كالأنبياء والصدِّيقين، كما أن فساده محقق بالنظر إلى بعض آخر كالأشرار والكافرين. وليحرر. فضيلة الأستاذ الشيخ الإمام..

 

وفي البناني عند الكلام على إن وإذا:

إن "إذا" قد تستعمل في مقام الشك لما يناسبها من الأغراض؛ كالإشارة إلى أن مثل ذلك الشرط لا ينبغي أن يكون مشكوكًا، بل لا ينبغي إلا أن يكون مجزومًا به، وكعدم شك المخاطب، وكتنزيله منزلة الجازم، وكتغليب الجازم على غيره، فليتأمل. يس.

 

(وإذا فسدت فسد الجسد كله)

أيها الغافل هذا الكتاب، يوقظك ويفهِّمك ويعرفك نفسك ويزنها بالقسطاس المستقيم؛ لتحاسبها وتعرف قيمتها ووزنها عند الله، وعند الملك.

هذا الكتاب لا يريد حاجة إلا أن تكون رجلًا عاملًا كاملًا همامًا شجاعًا، تقول الحق ولو على نفسك، ولا تخاف في الله لومة لائم.

 

صاحب هذا الكتاب تحطمت أعصابه من أجلك ومن أجل أمتك وعلمائك وحكامك ثلاثمائة مرة، وعلى رأس كل مائة يجن مرة فيكون أضحوكة لك ولأمثالك الغافلين، ولكن الله ينقذه ويسلمه فلا يضحك منك كما ضحكت، بل يبكي عليك ويدعو لك ويرجو لك الخير ويحب أن تصطلح مع الله وتدرك نفسك.

 

صاحب هذا الكتاب جلس مع الله وناجى الله وصلى له لأجلك ولأجل أمتك وعلمائك، لا يرجو منكم جزاء ولا شكورًا ولا يسألك أجرًا؛ إن أجره إلا على الله.

صاحب هذا الكتاب مُحدِّث يقولها بملء فمه، فاستمع إليه؛ فقد أزفت الآزفة، ليس لها من دون الله كاشفة.

 

صاحب هذا الكتاب سبع من سباع الله، ولا نقول سيف؛ لأن ذلك خالد، ولا أسد؛ لأن ذلك سيد الشهداء، يسلطه الله على من يشاء من عباده؛ فاحذر أن يسلطه الله عليك.

 

صاحب هذا الكتاب من الذين أُخرِجوا من ديارهم وأموالهم، هاجر في الله مرارًا ولا ذنب لهم إلا أن يقولوا ربنا الله، وهو لا ينتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمات الله فينتقم له بها؛ فاحذر أن تكون ممن ينتقم منهم لله عز وجل، هو الآن يدعو لك، فاخش أن يدعو عليك، فاحذر أن تعرضه لهذا.

 

(ألا وهي القلب)

قال السعد في آخر الحديث العاشر من الأربعين:

ثم اعلم أن طيب المطعم له خاصية عظيمة في تصفية القلب وتأكيد استعداده لقبول أنوار المعرفة؛ وذلك لأن بناء الأمر بعد حفظ السنة ومجانبة كل صاحب يفسد الوقت وكلِّ سبب يفتن القلب - على صون اليد عن الحرام والشبهة، وأقله أن يحترز مما حرمه فتوى العلماء؛ وهو ورع العامة، ثم يمتنع عما يتطرق إليه احتمال التحريم وإن أفتى المفتي بحلِّه؛ وهو ورع الصالحين، ثم ترك ما لا بأس به مخافةَ ما فيه بأس؛ وهو ورع المتقين، ثم الحذر على ما لا يراد بتناوله القوة على طاعة الله، أو يتطرق إلى بعض أسبابه معصية أو كراهية؛ وهو ورع الصديقين. اهـ.

 

عن شهر بين حوشب قال: قلتُ لأم سلمة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين، ما كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندكِ؟ قالت: كان أكثر دعائه: ((يا مقلب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

 

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم مصرِّف القلوب، صرِّف قلوبنا على طاعتك)).

♦♦♦♦♦

اليأس بتماديك في طغيانك.

صاحب الكتاب لا يملك من الدنيا شيئًا؛ أنفق شطرًا من ماله في الدعوة إلى الله تعالى ومنها هذا الكتاب.

 

أحاديث مختلفة

في الورع:

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضل العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع))، رواه الطبراني في الأوسط والبزار إسناد حسن. ترغيب.

وفي الترغيب (ج3 ص16): 1- حديث: ((البر حسن الخلق..))، 2- وحديث: ((ما سكنت إليه النفس..))، 3- وحديث الثمرة، 4- وحديث: ((دع ما يريبك...))، 5- وحديث أبي بكر، 6- وحديث ((لا يبلغ العبد درجة المتقين..)).

 

في القلب:

عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العلم علمان: علم في القلب؛ فذاك العلم النافع، وعلم على اللسان؛ فذاك حجة الله على ابن آدم))؛ رواه الخطيب في تاريخه بإسناد حسن، ورواه ابن عبدالبر في كتاب العلم عن الحسن مرسلًا بإسناد صحيح. ترغيب.

 

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل الجنة رجل لا يأمن جاره بوائقَه))؛ رواه أحمد وابن أبي الدنيا (ترغيب ص5 ج4).

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بُني، إنْ قدرت على أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد، فافعل)) الحديث؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.

 

أطيب الحلال:

عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم))؛ أخرجه الترمذي والنسائي (خازن).

 

من مر ببستان غيره:

مذهب الجمهور من العلماء: أنه لا يجوز أن يتناول منه شيئًا إلا في حال الضرورة التي يباح فيها الميتة، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعية؛ فقد أخرج البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم خَطب الناس في حجة الوداع، فذكر الحديث وفيه: ((لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه مِن طيب نفس)).

 

قال النووي: "وهذا في حكم مال الأجنبي، أما القريب والصديق، فإن تشكك في رضاه بالأكل من ثمره وزرعه وبيته، لم يحل الأكل منه بلا خلاف، وإن غلب على ظنه رضاه به وأنه لا يكره أكله منه، جاز أن يأكل القدر الذي يظن رضاه به، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأزمان والأحوال والأموال، ولهذا تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وفعل سلف الأمة وخلفها؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ﴾ [النور: 61]، وبينت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو من هذا". اهـ من المجموع مختصرًا.

 

عن سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قالت: ما كان أحد يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا من رأسه إلا قال: ((احتجم))، ولا وجعًا في رجليه إلا قال: ((اخضبهما))؛ رواه أبو داود بإسناد حسن.

 

وعن أنس رضي الله عنه قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليصيب التمرة فيقول: ((لولا أني أخشى أنها من الصدقة، لأكلتها))؛ متفق عليه.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعامًا، فليأكل من طعامه ولا يسأله عنه، وإذا سقاه شرابًا، فليشرب من شرابه ولا يسأله عنه))؛ رواه أحمد (الشوكاني).

 

 

كلمات متفرقة في شرح الحديث ملخصًا

أصناف الحلال: واجبها؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ... ومندوبها؛ كصدقة التطوع والإحسان إلى الضعفاء وذوي القربى... ومباحها؛ كالتوسع في المطعم والملبس من غير إسراف ولا تبذير - كل هذه بينة جلية.

وكذلك أصناف الحرام على اختلاف أنواعها وتفاوت درجاتها - بينة ظاهرة لا تلتبس على أحد.

 

وبين هذين القسمين أمور مشتبهة؛ قد أخذت من كلٍّ بطرف، واتصلت إلى كلٍّ بِصِلة، وتلك قد خفيت على كثير من الناس، ولم يستَبِن وجهُ الحق فيها إلا للعلماء الراسخين، وقليل ما هم.

ومن دواعي الحزم والكيس أن تجتنب؛ خشية الوقوع في المحرم.

 

القلب

القلب لغة: صرف الشيء إلى عكسه، ومنه المقلوب؛ سمي به لكثرة تقلبه.

وله ظاهر، وهو المضغة الصنوبرية المودعة في التجويف الأيسر من الصدر، وهو محل اللطيفة الإنسانية؛ ولذا نسب إليه الصلاح والفساد؛ وباطن، وهو اللطيفة الربانية الروحانية النورانية العالمة التي هي مهبط الأنوار الإلهية، وبها يكون الإنسان إنسانًا، وبها يستعد لامتثال الأوامر والنواهي، وبها صلاح البدن وفساده، وهي خلاصة تولَّدت من الروح الروحانية، ويعبَّر عنها بـ"النفس الناطقة": ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴾ [الشمس: 7]، و"الروح": ﴿ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ [الإسراء: 85]، وهي مقر الإيمان... إلخ. سعد.

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ [ق: 37]؛ أي: عقل؛ عن ابن عباس. خازن.

ليس العلم بكثرة الرواية؛ وإنما هو نور يضعه الله في القلب.

ينظر النهاية في القلب.

 

 

العقل

والعقل - الذي هو مناط التكليف - غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات؛ قاله الإمام. وقد تطلقه الحكماء على جوهر مجرد ليس بحال ولا محل ولا مركَّب ولا مدبر، وعلى النفس الناطقة التي يشير إليها كل أحد بقوله: "أنا"، وهي جوهر مجرَّد عن المادة مقارِن لها في فعلها، ولها قوتان:

إحداهما: قوة بها تتوجه النفس إلى إدراك حقائق الموجودات والإحاطة بأصناف المعقولات، وتسمى عقلًا نظريًّا.

والأخرى: قوة بها تتصرف بالرأي والرؤية في الموضوعات المادية، وتستنبط صناعات بها ينتظم أمر المعاش، وتسمى عقلًا عمليًّا.

وفي كلام بعض الصوفية أنه جوهر نظري يتميز به الصلاح من الفساد والخير من الشر، فإن تعلق بالخالق فهو عقل الهداية، وإن تعلق بالخلق فهو عقل المعاش. سعد في شرح خطبة الأربعين.

وفي كتب الأخلاق والحكم للشيخ الجزيري كلام ملخص في العقل والنفس... إلخ.

 

من وصية لقمان لابنه

"يا بني، إن الله تعالى يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة، كما يحيي الأرض بالمطر"؛ ص98 ثمار القلوب في المضاف والمنسوب؛ للثعالبي.

 

وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لقمان قال لابنه: يا بني، عليك بمجالسة العلماء، واسمع كلام الحكماء؛ فإن الله يحيي القلب الميت بنور الحكمة، كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر))؛ رواه الطبراني في الكبير من طريق عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم، وقد حسنها الترمذي لغير هذا المتن، ولعله موقوف والله أعلم. ترغيب.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع))؛ رواه ابن ماجه والنسائي، ورواه مسلم والترمذي وغيرهما من حديث زيد بن أرقم، وتقدم في العلم. ترغيب.

 

والذين صلحت قلوبهم، واستقامت جوارحهم، وصَفَت نفوسهم: هم أئمة الدين وأعلام الهدى وسادة الخلق، بهم يهتدون في الذهاب إلى الله.

 

ولا مانع للروح أن تتجلى على نور جلال الله؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((لولا أن الشياطين يوحون إلى قلوب بني آدم، لنظروا إلى ملكوت السموات والأرض))؛ الفخر الجزء الثاني 141.

 

الترغيب في طلب الحلال والأكل منه

والترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسَلين؛ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]))، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: "يا رب يا رب!" ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِيَ بالحرام؛ فأنى يستجاب لذلك؟!))؛ رواه مسلم والترمذي. ترغيب.

وفيه أثر الحرام في الأعمال، وأنه لا تستجاب معه دعوة.

 

وروى عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((طلب الحلال فريضة بعد الفريضة))؛ رواه الطبراني والبيهقي.

وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع إذا كُنَّ فيك، فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طُعمة))؛ رواه أحمد والطبراني، وإسنادهما حسن.

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه: أمن الحلال أم من الحرام))؛ رواه البخاري والنسائي.



[1] كنيته أبو لؤلؤة، واسمه: فيروز، وكان مجوسيًّا، ويظهر أنه كان مدسوسًا على عمر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح حديث: إن الحلال بين وإن الحرام بين (من الأربعين النووية)
  • تأملات تربوية لحديث: إن الحلال بين وإن الحرام بين
  • وقفات مع حديث: لا حسد إلا في اثنتين
  • الحلال والحرام والمشتبهات
  • إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات
  • حديث: إن الحلال بين والحرام بين
  • وقفات مع حديث: ذهب أهل الدثور بالأجور
  • وقفات مع حديث: "شيطان يتبع شيطانة"
  • الحلال بين والحرام بين
  • وقفات مع حديث: (كم أجعل لك من صلاتي؟)

مختارات من الشبكة

  • 100 فائدة من فوائد حديث: ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من حديث: إن الحلال بين وإن الحرام بين(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • ويقيمون الصلاة: فوائد وفرائد (خمسة وأربعون فائدة)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فوائد من كتاب الفوائد (WORD)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من بدائع الفوائد لابن القيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من كتاب الفوائد للعلامة ابن القيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخذ قرض من البنك دون فوائد لكنه إذا تأخر بالسداد أصبح بفوائد(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • مخطوطة الفوائد المستغربة ( فوائد الحافظ ابن بشكوال )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الفوائد المشتملة على فوائد البسملة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة فائدة في فوائد اللباس(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب