• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

الحافظ ابن أبي خيثمة ناقدا

محمد بن عبدالله السريِّع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/6/2016 ميلادي - 12/9/1437 هجري

الزيارات: 21592

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحافظ ابن أبي خيثمة ناقدًا

 

كثيرًا ما تُسلَّط الأضواء على نتاج بعض العلماء، فتُبرَز بها مجهوداتهم وإنجازاتهم، إلا أنها ربما سُلِّطت على زاويةٍ من الزوايا، فتوارت الزوايا الأخرى، وإن كانت مهمةً، في الظل.

 

وإن من واجبات الباحث المطَّلع، بِرًّا بالعالِم، واعترافًا بعلمه وفضله، أن يوليَ «الزوايا المتوارية» من شخصيته ونتاجه العلمي حقَّها من الإبراز والإشادة.

 

ومن النماذج الظاهرة لهذه القضية، نموذج الحافظ المتفنّن أحمد بن زهير بن حرب، المعروف بابن أبي خيثمة، وهو ممن صحب الأئمةَ أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرَهما من أئمة المحدّثين، واستفاد منهم ومن غيرهم، حتى علا كعبه في غير علمٍ من العلوم، ثم أودع عصارة جهده، وخلاصة علمه، في كتابه الفذ: «التاريخ الكبير»، وهو الكتاب الذي وصفه الحافظ الخطيب البغدادي بأن مؤلِّفه «أحسن تصنيفَه، وأكثَرَ فائدتَه»، قال: «ولا أعرف أغزرَ فوائدَ منه»[1].

 

وفي دائرة علم الحديث، برز ابن أبي خيثمة راويًا من رواة الإمام يحيى بن معين، وناقلًا من نَقَلَة علمه وجرحه للرواة وتعديله فحسب، وتوارت في زاويةٍ خلفيةٍ حقيقةُ كونه حافظًا، محرِّرًا، معلِّلًا، ناقدًا.

 

ولتسليط الضوء على تلك الحقيقة المتوارية، كتبتُ رسالتي لنيل درجة العالِمية (الماجستير) بعنوان: الأحاديث التي ذكر فيها ابن أبي خيثمة اختلافًا في «التاريخ الكبير» (السِّفر الثاني)، فدرستُ فيها قرابة ستّين حديثًا تكلَّم عليها ابن أبي خيثمة في السِّفر الثاني من تاريخه، وعلَّلها، وأبرزتُ من خلال ذلك اهتمامَه ومعرفتَه بعلم العلل، وممارستَه للنقد الحديثي بدقَّةٍ وحذق.

 

وسأعرض هنا، عبر تلك الرسالة، حقائقَ وبياناتٍ ملخَّصةً في هذا الجانب، ممهِّدًا بتعريفٍ بابن أبي خيثمة، ونشأته العلمية، ثم موضِّحًا وجوهَ عناية ابن أبي خيثمة بعلم العلل، ومنزلته فيه، ومنهجه في إيراد العلة، وفي عرضها، وأبرز أجناس العلل، وقرائن الترجيح والموازنة، عنده.

والله ولي التوفيق والإرشاد.

♦♦♦♦♦

 

(ابن أبي خيثمة)

اسمه ونسبه:

هو أحمد بن زهير بن حرب بن شداد الحَرَشِي، أبو بكر ابن أبي خيثمة، وأبوه مولى بني الحريش بن كعب بن عامر بن صعصعة[2]، وكان اسم جده: أشتال، فعُرِّب: شدادًا[3].

وأصله من نَسَا، وهي بلدة بخراسان[4]، وهي الآن مدينة أثرية في جمهورية تركمانستان.

 

نشأته العلمية:

قال الذهبي: «وهو من أولاد الحفاظ، فكان أبوه يُسمِعه وهو حدث»[5].

وأبوه هو الحافظ، الثبت، المعتني بالحديث وعلومه، المصنِّف فيها، أبو خيثمة؛ زهير بن حرب.

وقد كان أبو خيثمة يكنى بابنه أحمد –فيما يظهر-، قال الإمام أحمد بن حنبل: «أنا كنيتُ زهيرَ بنَ حرب: أبا خيثمة، كنا عند أبي معاوية، فاستملى لنا أبو خيثمة، وكان كنيته أبو محمد، أو أبو أحمد»[6].

وكان أبو خيثمة رفيقًا لأحمد بن حنبل في الطلب، كما يظهر من النص السابق، وكما في قوله: «وقد كتب لي أبو خيثمة أيضًا عند هشيم مجلسًا»[7].

كما كان رفيقًا لابن معين في مجالِسِه، وجرت بينهما مذاكراتٌ ومحاوراتٌ علميةٌ عديدة، حفظها غيرُ واحدٍ من أصحاب ابن معين[8]، وكان ابن أبي خيثمة يحضرها معهم، وقد نقل طرفًا منها[9].

وكان ابن أبي خيثمة ربما كتب عن الشيخ من المحدِّثين وهو برفقة هذين الإمامين: والده، وابن معين، يبيِّن ذلك قوله في ترجمة عبدالله بن جعفر الرقي: «كتبنا عنه سنة ثمان عشرة ومائتين، وأبي ويحيى بن معين معنا»[10].

وفي موضع آخر يقول: «وخرجنا في سنة تسع عشرة ومائتين إلى مكة، فقلت لأبي: عمن أكتب؟ قال: لا تكتب عن أبي مصعب، واكتب عمن شئت»[11]، وهذا يحتمل أن يكون سفرًا خاصًّا بابن أبي خيثمة، ويحتمل أن يكون أبوه معه فيه، وهو في كل الأحوال يبين اهتمام أبي خيثمة بابنه، وحرصه عليه في علمه وكتابته، وكان وقتذاك شابًّا.

وهكذا نشأ ابن أبي خيثمة في رعاية هذا الإمام، وتعلَّم منه، وتخرَّج به.

 

شيوخه وتلامذته:

تتلمذ ابن أبي خيثمة على مشيخةٍ كثيرة، وروى عن عدد جمٍّ في كتابه التاريخ، حتى إن الذهبي ترجم له، فذكر عدةً من شيوخه، ثم قال: «وخلقًا كثيرًا»[12]، وقال في موضع آخر: «وأُممًا سواهم. وهو أوسع دائرةً من أبيه»[13].

 

ونصَّ الخطيب البغدادي على أبرز شيوخه الذين تخرج بهم في الفنون، فقال: «أخذ علمَ الحديث عن يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وعلمَ النسب عن مصعب بن عبدالله الزبيري، وأيامَ الناس عن أبي الحسن المدائني، والأدبَ عن محمد بن سلام الجمحي[14].

 

ومن مشاهير شيوخه: أحمد بن عبدالله بن يونس، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعبيدالله بن عمر القواريري، وعفان بن مسلم، وعلي بن الجعد، وأبو نعيم؛ الفضل بن دكين، وأبو عبيد؛ القاسم بن سلام، ومسدد بن مسرهد.

 

كما تلمذ لابن أبي خيثمة جمعٌ كثير، عدَّ منهم الخطيبُ البغداديُّ جماعةً، فقال: «وخلق كثيرٌ سواهم»[15]، قال الخطيب، وذكر تاريخ ابن أبي خيثمة: «وكان لا يرويه إلا على الوجه، فسمع منه الشيوخ الأكابر، كأبي القاسم البغوي، ونحوه»[16]، وهاتان كلمتان من الخطيب، إحداهما في عدد تلامذة ابن أبي خيثمة، والأخرى في نوعيتهم.

وقد كان ابن المنادي قال في ابن أبي خيثمة: «أكثر الناسُ عنه السماعَ»[17].

 

ومن أبرز تلامذته: أحمد بن سلمان النجاد، وأحمد بن محمد بن زياد؛ ابن الأعرابي، وأحمد بن محمد؛ أبو سهل ابن زياد القطان، وإسماعيل بن محمد الصفار، وعبدالله بن سليمان بن الأشعث؛ أبو بكر ابن أبي داود، وعبدالله بن محمد بن عبدالعزيز؛ أبو القاسم البغوي، وعبدالرحمن بن محمد بن إدريس؛ ابن أبي حاتم، وقاسم بن أصبغ القرطبي، ومحمد بن أحمد بن زهير (ابنه)، ومحمد بن جرير الطبري، ويحيى بن محمد بن صاعد.

 

علومه ومصنَّفاته:

نشأ ابن أبي خيثمة –كما سبق- في كنف أحد الأئمة العلماء، وهو والده أبو خيثمة زهير بن حرب، فأثَّر هذا على تكوينه العلمي، حيث شبَّ طلَّابةً للعلم، نهمًا في تحصيل فنونه، حتى صارت دائرته أوسع من دائرة أبيه –كما سبق نقله عن الذهبي-.

 

وأبوه هو مؤلف كتاب (العلم)، الذي أصَّل فيه للموضوع، وأورد أخبارًا وآثارًا متنوعةً فيه، فلا غرو أن يكون ابنُه أولَ الناس استفادةً من عنايته بهذا الجانب.

 

وقد صرح الخطيب البغدادي بتنوُّع علوم ابن أبي خيثمة، فقال: «وكان ثقة، عالـمًا، متقنًا، حافظًا، بصيرًا بأيام الناس، راويةً للأدب»، ثم ذكر أبرز شيوخه في فنون: الحديث، والنسب، وأيام الناس، والأدب، وقد سبق نقله[18]، وقال الفرغاني: « وكانت له معرفةٌ بأخبار الناس وأيامهم»[19]، وقال ابن تغري بردي: «كان عالـمًا، حافظًا، ذا فنون...»[20].

 

ومن فنون ابن أبي خيثمة –سوى ما ذكره الخطيب-: روايته قراءة القرآن الكريم، حيث رواها عن أبيه، وعن خلف بن هشام - وهو إمام في القراءات[21]-، ورواها عنه جماعة[22].

 

كما أن لابن أبي خيثمة اختياراتٍ فقهية -لم أرَ من أشار إليها-، وقد كان النديم قال فيه: «وكان فقيهًا»، مع وصفه إياه بأنه من المحدّثين الأخباريين[23].

 

وقد أفرز هذا التنوُّعُ المعرفيُّ تنوُّعَ النتاج التصنيفي لابن أبي خيثمة، حتى إن ابن حبان أبرز هذا الجانب في ترجمته، فقال: «ممن جمع وصنف، مع إتقانٍ فيه»[24]، ويحتمل قول ابن المنادي فيه: «كثير الكتاب»[25]: كثرة الجمع، وكثرة التصنيف، أو كِبَر المصنَّفات.

 

ومما صنَّف ابنُ أبي خيثمة[26]:

1- التاريخ:

وهو أشهر كتبه، والمتأمل فيه يظهر له تنوع معارف ابن أبي خيثمة بوضوح:

فهو من جهة الحديث كتابٌ مليءٌ بالأحاديث، والآثار، وأحوال الرجال، وأحوال الأحاديث، وقضايا حديثية أخرى.

ومن جهة النسب في غاية العناية بأسماء الرجال، وأنسابهم، وقبائلهم، ومواليهم، وما إلى ذلك.

ومن جهة أيام الناس مذكورٌ فيه الأحداث والوقعات، والسير، والغزوات، والوفيات، وغيرها.

وفيه جانبٌ كبيرٌ من الأدب شعرًا ونثرًا، وإن لم يكن فيه بظهور الجوانب الأخرى[27].

 

ولهذا قال ابن أبي خيثمة نفسُه في تاريخه: «من أخذ هذا الكتاب، فقد أخذ جوهر علمي، لقد استخرجتُه من بيتٍ ملآنٍ كتبًا، وفيه ستون ألف حديث، عشرة آلاف مسندة إلى النبي  صلى الله عليه وسلم، وسائره مراسِلُ وحكايات، وإنما كتابي لمن حشى حوطته من الحديث، لأني إنما آخذ الأطراف»[28].

 

وقال الخطيب البغدادي -مع سعة اطلاعه منقطعة النظير، وكثرة مصادره، ووفرة مقروءاته ومسموعاته، وضخامة تاريخه- في ترجمة ابن أبي خيثمة: «وله كتاب التاريخ الذي أحسن تصنيفَه، وأكثر فائدتَه...، ولا أعرف أغزر فوائدَ من كتاب التاريخ الذي صنفه ابن أبي خيثمة»[29]، وقال ابن الجوزي: «وصنف تاريخًا مستوفًى، كثيرَ الفوائد»[30]، وقال الذهبي: «صاحب التاريخ الكبير، الكثير الفائدة»[31]، وقال ابن كثير: «وفي تاريخه هذا فوائد كثيرة، وفرائد غزيرة»[32].

وقد استُلَّت من الكتاب أجزاء، فربما عُدَّت كتبًا مستقلة، كـ«التاريخ الأوسط»، و«من روى عن أبيه، عن جده»، و«أخبار البصريين».

2- أخبار الشعراء.

3- الإعراب.

4- المتيَّمين.

وفاته:

توفي يوم السبت، لتسع خلون من جمادى الأولى، سنة تسع وسبعين ومائتين[33].

وكانت وفاته سكتة، كما ذكر الفرغاني[34].

رحمه الله رحمة واسعة.

♦♦♦♦♦

 

(ابن أبي خيثمة ناقدًا)

لم يُبرِز العلماء الذين ترجموا لابن أبي خيثمة، بحسب ما وقفتُ عليه، عنايتَه بالجانب النقدي من علم الحديث، ولا منزلتَه ومنهجَه فيه، وإن كانوا تكلَّموا بكلماتٍ مجملةٍ في استمداده علمَ الحديث من أحمد وابن معين، وفي حفظه وإتقانه، وقد سبق نقل ذلك في التعريف به.

ولأجل لذلك، كان لزامًا تتبُّع دلائل هذه العناية، واستنباطها، وترتيبها، مع أنها في درجةٍ من الظهور كبيرة.

 

عناية ابن أبي خيثمة بعلم العلل:

يمكن بالاستقراء والسبر تبيُّن أوجُه عناية ابن أبي خيثمة بعلل الحديث، فمن ذلك:

14- العناية باختلاف الرواة:

علم العلل في الأصل هو علم اختلاف الرواة، وما يرتبط به من طرائق عرض الخلاف، وقرائن الترجيح والتعليل، وما إلى ذلك.

وقد أكثر ابن أبي خيثمة في تاريخه من إيراد اختلافات الرواة في الرواية عن مداراتٍ عديدة، وبأجناسٍ متنوعةٍ من الاختلافات، وهو أمر ظاهر عند استعراض كتابه[35].

وقد ينصُّ ابن أبي خيثمة أحيانًا في ترجمة بعض الرواة على أنه مختلف في حديثه، أو ينصُّ على أن حديثًا قد اختُلف فيه.

 

ومن نماذج ذلك أنه ترجم لثابت بن وديعة، وقال: «روى حديثَه زيدُ بنُ وهب، واختُلف عنه فيه»، ثم ساق الخلاف[36]، وترجم لنوفل الأشجعي، فقال: «مختلف في حديثه»، ثم ساق الخلاف فيه[37]، وترجم لكعب بن زيد، ثم قال: «اختلفوا في حديثه»[38]، وقال في ترجمة ملحان أبي عبدالملك: «مختلف في حديثه»[39].

 

ومنه قوله في حديثٍ: «وهذا حديث مختلف فيه، فذكرت اختلافه قبل»[40]، وقوله في حديثٍ آخر: «وهذا حديث مختلف فيه، وقد كتبت اختلافه في أخبار مسروق بن الأجدع»[41]، وفي آخر: «هذا حديث مختلف فيه، وقد كتبته قبل هذا»[42]، وفي آخر: «وهو حديث مختلف في إسناده، وقد تقدم ذكره»[43].

 

وهذا يبيِّن أنه كانت لابن أبي خيثمة عنايةٌ بالغةٌ باختلافات الرواة، وكتابتها، وإدخالها في كتابه، حتى إنه ربما أحال إلى خلافٍ ذَكَرَه في موضعٍ إذا جاءت مناسبتُه في موضعٍ آخر.

 

2- العناية ببيان مراتب الرواة:

يرتكز علم العلل على عدة مقومات، من أهمها: طبقات الرواة، ومنازلهم وترتيبهم في الجملة، أو في حفظ حديث شيخٍ معينٍ يشتركون في الرواية عنه، وذلك لبيان أصح الروايات عن مدارات الأحاديث، وترجيح بعضها على بعض.

 

وقد اعتنى ابن أبي خيثمة بهذا الجانب، فنقل عن أئمة النقد عدةَ نقولاتٍ في أصحاب علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-[44]، ومجاهد[45]، ونافع[46]، وعروة[47]، والزهري[48]، وإبراهيم[49]، وقتادة[50]، وثابت[51]، والأعمش[52]، ومنصور[53]، والأوزاعي[54].

 

ويلحظ في هذه النقولات –مع أن المذكور هنا لم يكن على سبيل الحصر- تنوُّع طبقات المدارات، وتنوع بلدانها، وتعدُّد الأئمة المنقولِ عنهم.

كما نقل ابن أبي خيثمة عدةَ نقولاتٍ في المقارنة بين الرواة بإطلاق، دون ربطهم بشيخٍ معيَّن[55].

 

3- العناية ببيان مراتب حديث الراوي:

كان مِن أهم ما يَعتمد عليه الأئمةُ في الترجيح والإعلال: تفصيل أحوال الرواة، والنظر في الجهات التي كان ضبطهم فيها أعلى، أو أقل، منه في غيرها.

 

ومن مظاهر عناية ابن أبي خيثمة بهذه القضية: نقوله عن بعض الأئمة في ذلك، كما في نقله قول ابن معين: «إذا حدثك معمر عن العراقيين فخفه، إلا عن الزهري، وابن طاووس، فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئًا»[56]، وقوله: «قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير فلم أحفظ أسانيده». قال: «وحديث معمر عن ثابت، وعاصم بن أبي النجود، وهشام بن عروة، وهذا الضرب، مضطرب كثير الأوهام»[57]، وكما في نقله قول ابن معين: «ابن أبي حازم ليس بثقة في حديث أبيه»، مع نقله قبل ذلك قوله: «ابن أبي حازم ثقة صدوق ليس به بأس»[58]، وكما في نقله قول ابن معين: «قبيصة ثقة في كل شيء، إلا في حديث سفيان، فإنه سمع منه وهو صغير»[59]، وغير ذلك.

 

4- استعمال قرائن متنوعة في الترجيح:

رجَّح ابن أبي خيثمة، وأشار إلى الترجيح، في اختلافات كثيرة عقدها في كتابه، واستند في ذلك إلى قرائن متعددة، تدلُّ على فهم ومعرفة وإتقان لصنعة الحديث، وعلم العلل، وقرائنه، مثل: الحفظ، والكثرة، والقدر المشترك، وذكر التفصيل، والمتابعات القاصرة، وغيرها، وستأتي فقرة خاصة لهذه القرائن -بإذن الله-.

 

5- نقل الترجيح والإعلال عن أئمة النقد المشهورين وغيرهم:

تميز بعض أئمة الحديث بوفرة النتاج النقدي، وذلك في مجالسه ومذاكراته التي يعقدها مع تلامذته وأقرانه، كما أن مِن الأئمة من لم يشتهر بذلك، لكنَّ له نقداتٍ وترجيحاتٍ يفيد بها بعقب بعض مروياته، إذ الأصل أن لدى كل راوٍ مُطَّلعٍ الملكةُ النقديةُ التي تؤهله لهذا، أصاب في نقده أو أخطأ[60].

 

وقد اعتنى ابن أبي خيثمة عنايةً ظاهرةً بنقل أقوال بعض هؤلاء الأئمة، وترجيحاتهم، وأحكامهم على الرواة بالخطأ، والوهم، والصواب، وغير ذلك.

 

وأول مَن يَبرز في نقلِ ابن أبي خيثمة وإكثارِه عنه، هو الإمام الحافظ يحيى بن معين، حيث أكثر ابن أبي خيثمة النقل عنه في جوانب حديثية مختلفة، واشتُهِرَت نقوله عنه في جانب جرح الرواة وتعديلهم، فَعُدَّ أحد رواة ابن معين في هذا الباب، ويظهر أن لتفريغ ابن أبي حاتم نقولاتِ ابن أبي خيثمة في كتابه «الجرح والتعديل» أثرًا في إشهار ذلك.

 

إلا أن من أهم الجوانب التي نقل فيها ابنُ أبي خيثمة عن ابن معين: علل الحديث، حيث نقل عنه مقدارًا جيدًا –بحسب ما وصلنا من كتابه- في هذا الجانب، ومن ذلك –مثلًا-: نقله عن ابن معين قوله: «حديث ركانة هذا مرسل، ليس فيه: عن أبيه»[61]، ونقله قول ابن معين في حديث كعب بن مرة: «مرسل»[62].

 

وقد عرض ابن أبي خيثمة كتابًا على ابن معين، أو قرأ عليه منه، أو حضر ذلك، فكان ابن معين يكتب بيده على الكتاب في علل أحاديثه، وينقل ابن أبي خيثمة ما كتب من خطه، فمن ذلك: قول ابن أبي خيثمة: «سئل يحيى بن معين عن حديث ابن عيينة هذا؟ فكتب يحيى بن معين بيده على «شبل»: «خطأ، لم يسمع من النبي شيئًا»»[63]، وله نماذج أخرى في التاريخ[64].

 

ومن ذلك: نقله بعضَ الحواراتِ النقديةِ بين والده الناقد الحافظ أبي خيثمة زهير بن حرب، وابن معين، ومنه قول ابن أبي خيثمة: «سئل يحيى بن معين –وأبي حاضر- عن منصور، والأعمش؟ فقدم منصورًا. فقال أبي: «لا، الأعمش أسند من منصور»، وجعل يعد أحاديثَ اختلفا فيها، فلم أكتبها»[65]، وله نماذج أخرى في كتابه –كما سبق في ترجمته-.

 

ومن الأئمة الذين نقل عنهم ابن أبي خيثمة في علل الحديث، فأكثر: الإمام الحافظ يحيى بن سعيد القطان، حيث وقف ابن أبي خيثمة على كتاب علي بن المديني، عنه، بخط ابن المديني، فنقل عنه كثيرًا، مصدِّرًا ذلك غالبًا بقوله: «رأيت في كتاب علي»، قال ابن أبي خيثمة: «دفع إليَّ [عبدالله بن] علي بن عبدالله المديني كتابًا ذكر أنه كتاب أبيه بيده، ونحن بالبصرة مع يحيى بن معين سنة عشرين ومائتين، فكتبتُ منه هذا الكلام، ولم أسمعه من علي، وكل شيء في كتابي هذا: «قال علي»، فمن هذا الكتاب أخذته»[66].

 

كما نقل ابن أبي خيثمة عن بعض شيوخه غير المشهورين بالنقد، كأبي جعفر محمد بن سعيد ابن الأصبهاني[67]، وعن إبراهيم بن عبدالله الهروي[68]، وأحمد بن جناب[69].

 

منزلة ابن أبي خيثمة في علم العلل:

تبين فيما سبق اهتمامُ ابن أبي خيثمة، وعنايته، بعلل الحديث، وبيانه لها في تضاعيف تاريخه، وقد أبدى في ذلك معرفةً وبراعة، تتجلى في الأمور التالية:

14- العناية بعلم العلل:

وذلك من جوانب تدل على اطلاعٍ وإتقان، كما سبق في مراتب الرواة، ومراتب حديث الراوي، مثلًا.

 

2- استخدام قرائن الترجيح والإعلال المختلفة:

وهي قرائن متنوعة –كما سيأتي في فقرتها الخاصة-، وكلها قرائن استعملها أئمةُ النقد، وهي مقررة في أصول النقد الحديثي، وعلم العلل.

ولابن أبي خيثمة نَقَداتٌ دقيقةٌ استعمل فيها قرائن الترجيح والإعلال ببراعة، ومن ذلك أنه في أحد المواضع استعمل قرائن لتخطئةِ أحد الرواة فيما أخطأ فيه، وتصويبِ رواية مَن خالفه في ذلك، واستعمل قرائن أخرى لتصويب رواية الأول، وتخطئة الثاني، في جهةٍ أخرى[70].

ومعرفة ابن أبي خيثمة بهذه القرائن، مع ما في بعضها من غموض وصعوبة، تدل دلالةً واضحةً على فهمٍ ودقةٍ في هذا الباب، ومنزلةٍ لا تقلُّ عن منزلة أقرانه فيه.

 

3- موافقة أئمة النقد غالبًا:

تكثر من ابن أبي خيثمة موافقةُ أئمة النقد في أحكامه، وتعليلاته، ونَقَداته، والأئمة الذين يوافقهم هم كبار النقاد المعروفين، كيحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، والذهلي، والبخاري، ومسلم، وأبي زرعة، وأبي داود، وأبي حاتم، ويعقوب الفسوي، والترمذي، والبزار، والنسائي، وأبي القاسم البغوي، والعقيلي، وابن عدي، والدارقطني، وابن منده، وأبي نعيم الأصبهاني، والبيهقي، والخطيب البغدادي، وابن عبدالبر، وغيرهم.

 

وربما خالف ابنُ أبي خيثمة بعضَ الأئمة، إلا أن ذلك قليل، وهو يُشعر باستقلاليته في النقد، ومعرفته، وعدم تقليده، وهو مع ذلك لا يكاد يخلو من موافِقٍ له في قوله وتعليله.

 

وكل ذلك يدل على أن لابن أبي خيثمة منزلةً محفوظةً بين أئمة النقد في جوانب علل الحديث، واختلاف الرواة، وهي منزلةٌ لا بد من إبرازها بما يستحقه هذا الجهد الكبير من هذا الإمام في هذا الجانب، ويجب ألَّا يُقصر النظر إليه باعتباره ناقلًا لأقوال الأئمة في نقد الرواة فحسب، كما هو المشهور عنه.

 

منهج ابن أبي خيثمة في إيراد العلة وعرضها:

أكثر ابن أبي خيثمة من عرض اختلافات الرواة، وعلل مروياتهم، في تضاعيف تاريخه الحافل. وقد نهج في إيراد العلة، وفي عرضها، منهجًا فيما يلي أبرز معالمه:

أولًا: منهج ابن أبي خيثمة في إيراد العلة:

والمراد بإيرادها: توجيهُها إلى الإسناد المعلَّل، وبيانُ قدحها فيه. وقد سلك ابن أبي خيثمة في ذلك طرقًا متنوعة، وربما سلك في الموضع الواحد أكثر من طريقة.

 

وطرقه في ذلك تجتمع في أربعة مسالك:

14- وصف المخالفة:

ينتهج ابن أبي خيثمة أحيانًا في إيراد علة الحديث: الاكتفاءَ بوصف محل الاختلاف بين الإسنادين، كما في قوله: «ترك أبو إسحاق خُمَيلًا من الإسناد»[71]، وقوله: «ولم يرفعه»[72]، ومواضع أخرى مشابهة[73].

ولا تعارض بين الاكتفاء بوصف محل الخلاف، وكون هذا إيرادًا للعلة، وبيانًا لقدحها في الإسناد، فإن قرائن السياق تفيد أحيانًا أن ذلك مِن الناقد إشارةٌ إلى الإعلال.

 

2- استغراب المخالفة:

وهي السمة الغالبة لإيراد علة الحديث عند ابن أبي خيثمة، حيث يستغرب الإسناد المعلل بعبارة: «كذا قال»، ثم يُعقب ذلك غالبًا ببيان وجه غرابته، ويعقبه أحيانًا بالرواية المخالفة له، وربما جعلها قبله أحيانًا أخرى.

ومثال ما سبق: قوله في حديثٍ: «كذا قال: عن ابن عباس»[74]، وقوله في حديثٍ آخر: «كذا قال شريك: فروة، عن جَبَلة. وخالفه زهيرُ بنُ معاوية...»، ثم أسند رواية زهير[75]، وأمثلة هذا النوع كثيرة، فهي السمة الغالبة -كما سبق-.

 

ولا بد من التنبيه على أن هذه وإن كانت سمة غالبة، فليست قاعدة مطردة، إذ قد يورد هذه العبارة، أو نحوها، على غير إرادة الاستغراب والإعلال، وهذا استثناءٌ تبينه القرائن المحتفَّة بالحديث، وبكلام ابن أبي خيثمة عليه.

 

وقد لوحظ أن ابن أبي خيثمة إذا أورد العبارة بصيغة المضارع فإنه، غالبًا، لا يريد استغراب الإسناد الذي ساقه قبلها. كما أنه استعمل صيغة: «كذلك قال»، ويظهر أنها -أيضًا- لا تحمل دلالةَ قولِه في مواضع أخرى: «كذا قال»، بل هي لحكاية الاختلاف.

 

وربما نقل عن غيره ما يفيد الاستغراب، كالحكم بالتفرد، ثم أورد من أوجُهِ الحديث ما يؤيد خطأ ما نقل استغرابَه، كما أخرج رواية أبي الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن حرب بن عبيدالله، عن جده –أبي أمه-، عن أبيه، ثم نقل عن ابن الأصبهاني قوله: «ولم يقل: عن أبيه، غيرُ هذا»، ثم أسند روايتين عن عطاء بن السائب، ليس فيهما ما زاده أبو الأحوص[76].

 

3- التصريح بالوجه الصواب:

وقد يكون إنشاءً من ابن أبي خيثمة، أو نقلًا، كما أسند حديث يزيد بن ركانة، عن أبيه، ثم نقل عن ابن معين قوله: «حديث ركانة هذا مرسل، ليس فيه: عن أبيه»[77]، وكما أسند رواية بكير بن أبي السميط، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عمرو بن خارجة، فقال: «وشهر لم يسمع من عمرو بن خارجة»[78].

 

4- إيراد ما يبين العلة من أحوال الرواة:

كما ختم خلافًا عن جميل بن زيد بقوله: وقد سمعت يحيى بن معين يقول: «جميل بن زيد ليس بثقة»[79]، للتدليل على أن الاختلاف عنه اضطرابٌ راجع إلى ضعفه[80].

 

ثانيًا: منهج ابن أبي خيثمة في عرض العلة:

والمراد بعرضها: طريقة سياق اختلاف الرواة، وتوضيح أوجه الحديث. وقد انتهج ابن أبي خيثمة في ذلك نُهوجًا متنوعة، وربما تداخل بعضها، ومنها:

1- إيراد أوجه الحديث بأسانيدها، والنصّ الاختلاف ضمنها أو عقبها. وهذه هي الطريقة الغالبة في عرض ابن أبي خيثمة للاختلافات في كتابه.

2- عرض الأوجه بدون أسانيدها، وقد يُسند بعضها.

3- عرض اختلافات دون المدار الأعلى ضمن عرض الخلاف عنه.

4- سياق طريق خارج الخلاف لتأييد أحد الأوجه فيه.

 

أجناس العلل عند ابن أبي خيثمة:

تنوعت أجناس العلل فيما عرضه ابن أبي خيثمة من اختلافات إسنادية، فمن ذلك:

1- إسقاط راوٍ وإثباته:

وهو الجنس الأكثر ورودًا عند ابن أبي خيثمة، ولعله لأنه يكتب في تراجم الرواة، وخاصة الصحابة، فاهتم بإثبات سماعات الرواة من شيوخهم، وسماعات من قيل بصحبته من النبي  صلى الله عليه وسلم.

على أنه قد يكون في الحديث الواحد أكثر من راوٍ مُسقَط، وقد يكون فيه مع إسقاط الراوي جنسٌ آخر من أجناس العلة.

 

ولا شك أن بعض الإسقاط يتداخل مع الوصل والإرسال، لأن إسقاط الصحابي، مع عدم ثبوت صحبة الراوي عنه، نوعٌ من الاختلاف في وصل الحديث وإرساله، إلا أن هذا يمتاز عن الوصل والإرسال بأن الراوي عن الصحابي صحابيٌّ مثله، أو قد قيل بصحبته وإن لم تثبت.

2- إبدال راو بآخر.

3- إبدال إسناد بآخر.

4- إبهام راوٍ وتعيينه.

5- الوقف والرفع.

6- الوصل والإرسال.

7- قلب الإسناد.

8- ذكر التصريح بالتحديث وعدم ذكره.

 

قرائن الترجيح والموازنة عند ابن أبي خيثمة:

قرَّر أئمة النقد بأقوالهم وتصرفاتهم قرائن عديدة للترجيح والموازنة في الاختلافات الحديثية بين الرواة، وهي في الحقيقة مستمدة من تاريخ النقد الحديثي الذي بدأ تشكُّله، ومن ثم تشكُّل قرائنه ومرجِّحاته، منذ عهد الصحابة –رضوان الله عليهم-[81].

 

ولا بد لكل ترجيحٍ حديثيٍّ من قرينةٍ تساعده، سواء نصَّ عليها الناقد المرجِّح أو لم ينص، وقد يمكن استنباطها من سياق الكلام، وقد يبقى فيها نوع من الخفاء والغموض، فيُلجأ إلى جمع القرائن المساندة التي تؤيد ترجيح الإمام، ويحتمل أنها كانت معتمَدَه فيه.

 

وقد كان نقد ابن أبي خيثمة في تاريخه أكثر ميلًا إلى ترك القرائن المستعملة لاستنباط الدارس، وفهمه، منه إلى التصريح بها، والنصِّ عليها، وهذه سمة النقد الحديثي عند أئمة النقد الأوائل، قبل استقرار علم العلل، وقرائنه، ومرجِّحاته.

 

وقد مرَّ أن القرائن التي استعملها ابن أبي خيثمة، وتدقيقه فيها، دليلٌ على علو رتبته في النقد، ومعرفته، وفهمه.

 

وسأعرض هنا أبرز القرائن التي بدا لي أن ابن أبي خيثمة استعملها في موازنته وترجيحه، والقرائن التي تُسنِد ترجيحه وإن لم يظهر أنه استعملها. فمن ذلك:

1- زيادة راوٍ أو أكثر في الإسناد:

وهي قرينة راجعة إلى قرينة كبرى، هي سهولة الوجه، وصعوبته، إذ إسقاط الراوي أسهل للحفظ من ذكره، وذكره يحتاج مزيد ضبط، فهو أقرب للرجحان من إسقاطه، ويكون إسقاطُه في أحيان كثيرة تقصيرًا ممن أسقط، وذِكرُه تجويدًا وتمامًا.

ولعمل الأئمة بهذه القرينة نماذج عديدة، منها ما رجحوا فيه رواية الضعيف، لكونه زاد رجلًا في الإسناد[82].

 

واستعمل ابن أبي خيثمة هذه القرينة في مواضع عديدة، ويشير إليها أحيانًا بعبارة: «نقص من الإسناد...»، أو: «ترك من الإسناد...»، ونحو ذلك.

 

2- الكثرة:

وهي اجتماع أكثر من راوٍ على رواية الوجه عن المدار، وهذا مرجِّح مشهور من مرجِّحات النقد والموازنة في اختلاف الرواة.

وقد استخدمه ابن أبي خيثمة في مواضع من أحاديث هذه الرسالة، ويشير إليه أحيانًا بقوله: «وتابعه غير إنسان...»، «قال كلهم...»، «ووافقه في الإسناد...»، «اتفق مسعر وشعبة...»، ونحو ذلك.

 

3- الحفظ:

وهي كون الراوي أحفظ من مُخالِفِه، إما في الجملة، أو في الشيخ المختَلَف عنه (المدار)، أو في الحديث المعيَّن أحيانًا.

وابن أبي خيثمة يستعمل هذه القرينة غالبًا دون الإشارة إليها، لكن يظهر من إيراده رواية الحافظ بعقب رواية من هو أدنى منه مرتبة في الحفظ، أنه يستند إلى قرينة الحفظ في ترجيح رواية الأول.

 

4- متابعات المدار فمن فوقه (المتابعات القاصرة):

فحيث كان المدار متابَعًا على أحد الأوجه عنه، فإن هذا يعتبر -بضوابطه- مرجِّحًا لذلك الوجه.

 

5- القدر المشترك:

وهو «الصفة التي يجتمع عليها وجهان أو أكثر في مقابل وجه واحد من أوجه الاختلاف، بين الأوجه المجتمعة في هذه الصفة اختلاف في جهة أخرى، أو في أكثر من جهة»[83].

واستعمال القدر المشترك في الترجيح هو جهة دقيقة من جهات النظر في اختلافات الرواة، وهو يدل على منزلة ابن أبي خيثمة من المعرفة والفهم في النقد الحديثي.

 

6- اضطراب الراوي:

وهو أن يُختَلَف عن أحد الرواة عن المدار، بخلاف غيره، فيكون الاختلاف عنه قرينة على نزول ضبطه للحديث.

 

7- انقطاع الرواية:

وهو كون رواية الراوي عن شيخه منقطعة، مما يؤيد رواية من رواه عنه بواسطة.

وقد توجد هذه القرينة معكوسة، بحيث يُستدل على الانقطاع بإدخال الواسطة، إلا أن الانقطاع قد يُدرك بغير هذه القرينة، فيكون مؤيدًا لإدخال الواسطة.

 

8- إدخال الواسطة:

وهي قرينة مؤيدة لرواية من يروي الحديث بغير ذِكر السماع، ومؤكدة لخطأ مَن ذَكَرَه.

 

9- ذكر التفصيل:

وذلك بأن يذكر أحد الرواة قصة، أو تفصيلًا، أو يسوق الحديث سياقة مطوَّلة، فيكون هذا أدلَّ على حفظه إياه ممن اختصره، أو رواه بالمعنى.

10- التصريح بالسماع (ضد إدخال الواسطة).

11- تفصيل حال المدار (تدليس، إرسال، اختلاط، ضبط في جهة دون أخرى).

12- تفصيل حال الراوي (ثقة أو ضعف: في الجملة، أو في المدار خاصة، أو في جهة دون أخرى).

13- سلوك الجادة.

14- قرائن خارجية.

♦♦♦♦♦


اضغط هنا لتحميل كتاب: الأحاديث التي ذكر ابن أبي خيثمة فيها اختلافاً في التاريخ الكبير (السفر الثاني)



[1] تاريخ بغداد (5/ 266). و«تاريخ ابن أبي خيثمة» مقسَّمٌ في أصوله الخطِّية القديمة إلى عدة أسفار، لم يصلنا منها -فيما يُعلَم- إلا قطعتان من السِّفر الثاني، والسِّفر الثالث، وقطعةٌ من الكوفيين. وقد طُبع السِّفر الثالث -أولًا- ثلاث طبعات: بتحقيق: إسماعيل حسن حسين (أخبار المكيين)، مجلد واحد، دار الوطن، وبتحقيق: صلاح هلل، 4 مجلدات، دار الفاروق الحديثة، وبتحقيق: عادل بن سعد وأيمن بن شعبان، مجلد واحد، دار غراس. ثم أصدر محقق طبعة دار الفاروق الحديثة، عن الدار نفسِها، قطعةً من السِّفر الثاني. ثم شرفتُ بتحقيق قطعةٍ من الكوفيين، طُبعت بدار العاصمة.

[2] الأنساب، للسمعاني (4/ 108).

[3] الطبقات الكبرى، لابن سعد (7/ 354)، تاريخ بغداد (5/ 265، 9/ 509)، التعديل والتجريح، للباجي (2/ 594)، تهذيب الكمال (9/ 402). وفي الفارسية: اُشْتَلَم، بمعنى الغلبة، والخشونة، والعنف، انظر: المعجم الذهبي: فارسي-عربي (ص69).

[4] الأنساب، للسمعاني (12/ 75)، معجم البلدان، لياقوت الحموي (5/ 282).

[5] سير أعلام النبلاء (11/ 493).

[6] العلل ومعرفة الرجال، برواية عبدالله (2/ 550).

[7] العلل ومعرفة الرجال، برواية عبدالله (2/ 142، 3/ 275)، وشك عبدالله في لفظة: «مجلسًا».

[8] انظر: معرفة الرجال، لابن محرز (1/ 66، 67، 140، 163-فيه طرافة أبي خيثمة-، 2/ 23، 24، 27، 28، 57-59، 62، 64، 104، 148، 235، 238)، تاريخ ابن معين برواية الدارمي (ص120)، تاريخ ابن معين برواية الدوري (4/ 42، 204، 205، 370)، سؤالات ابن الجنيد (ص298، 316، 348، 443).

[9] انظر: تاريخ ابن أبي خيثمة: السِّفر الثاني (2122)، السِّفر الثالث (3388)، قطعة من الكوفيين (455).

[10] السِّفر الثالث (3/ 239).

[11] السِّفر الثالث (2/ 372).

[12] تاريخ الإسلام (6/ 481)، تذكرة الحفاظ (2/ 596).

[13] سير أعلام النبلاء (11/ 493).

[14] تاريخ بغداد (5/ 265). وقد حاول الباحث د. إسماعيل حسن حسين جمع شيوخه في مقدمة تحقيقه أخبار المكيين من تاريخ ابن أبي خيثمة، فجمع له مائة شيخ وشيخين، وفاتَهُ منهم كثير.

[15] تاريخ بغداد (5/ 265).

[16] السابق.

[17] تاريخ بغداد (5/ 267). وهي آخر ما في ترجمة ابن أبي خيثمة عند الخطيب، في ذيل كلمة لابن المنادي في وفاة ابن أبي خيثمة، ومبلغ عُمره، فربما نُسبت إلى الخطيب -كما فعل ياقوت في معجم الأدباء (1/ 263)-، والأظهر أنها لابن المنادي، تتمةً لكلامه.

[18] تاريخ بغداد (5/ 265). ووقع في نسخةٍ منه بدل «متقنًا»: متفننًا.

[19] معجم الأدباء (1/ 263).

[20] النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (3/ 83).

[21] تهذيب التهذيب (1/ 549).

[22] غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري (1/ 54).

[23] الفهرست (ص286). وانظر بعض اختيارات ابن أبي خيثمة في الفقه في: الأوسط، لابن المنذر (3/ 180) -وإن كان فيه احتمال تحريف-، المغني، لابن قدامة (12/ 341، 342، 13/ 87).

[24] الثقات (8/ 55).

[25] تاريخ بغداد (5/ 267).

[26] عقد الباحثان: د. إسماعيل حسن حسين، في مقدمة تحقيق أخبار المكيين من تاريخ ابن أبي خيثمة (ص48-50)، و: د. كمال قالمي، في مقدمة تحقيق قطعة من السِّفر الثاني (ص47-52/ رسالة جامعية)، مبحثًا في مؤلفات ابن أبي خيثمة، وفيهما تحرير مؤلفاته، وما نُسب إليه، فاكتفيتُ بسردها على وجه الاختصار، لأن محل التفصيل مثل تلكما الدراستين.

[27] ولابن أبي خيثمة شعر لطيف، أنشد شيئًا منه المرزباني في معجم الشعراء -كما في الوافي بالوفيات، للصفدي (6/ 232)، وليس في القدر المطبوع منه-، وعنه الخطيب في تاريخ بغداد (5/ 267)، وسيأتي أن لابن أبي خيثمة مؤلفاتٍ أدبية.

[28] معجم أصحاب أبي علي الصدفي (ص43). والظاهر أن ابن أبي خيثمة يقصد بعبارته الأخيرة: أن أبلغ فائدة كتابه لمن توسَّع في كتابة الحديث، لأنه كثيرًا لا يخرج إلا أطراف الأحاديث، ويقتصر منها على مقصوده في الترجمة، وهذا معروف من منهجه.

[29] تاريخ بغداد (5/ 266).

[30] المنتظم (12/ 328).

[31] سير أعلام النبلاء (11/ 492).

[32] البداية والنهاية (14/ 645).

[33] تاريخ بغداد (5/ 267)، تاريخ الإسلام (6/ 481)، سير أعلام النبلاء (11/ 493)، البداية والنهاية (14/ 645).

[34] معجم الأدباء، لياقوت (1/ 263).

[35] ومنه نشأت الرسالة المذكورة في نحو ستين اختلافًا عرضها ابن أبي خيثمة في السِّفر الثاني من تاريخه فقط، وبقيت بقيةٌ مثلُها أو أكثرُ منها في الأجزاء الأخرى من الكتاب.

[36] السِّفر الثاني (1/ 113).

[37] السِّفر الثاني (1/ 571).

[38] السِّفر الثاني (1/ 520).

[39] السِّفر الثاني (1/ 563).

[40] السِّفر الثاني (1/ 336).

[41] السِّفر الثاني (1/ 549).

[42] السِّفر الثاني (1/ 557).

[43] السِّفر الثاني (1/ 569).

[44] قطعة من الكوفيين (230).

[45] السِّفر الثالث (776).

[46] السِّفر الثالث (855، 887، 2505، 2525، 2526، 3275، 3288، 3289).

[47] السِّفر الثاني (1459).

[48] السِّفر الثاني (3844)، السِّفر الثالث (957-964، 2758-2767، 4775، 4776).

[49] السِّفر الثالث (4088).

[50] السِّفر الثالث (1835، 4512).

[51] السِّفر الثالث (2683).

[52] السِّفر الثالث (1886).

[53] السِّفر الثالث (4089).

[54] السِّفر الثالث (4680، 4682، 4711).

[55] مثلًا: السِّفر الثالث (2264، 2914، 2921، 3102، 3136، 3144، 3165، 3214، 3388، 3457، 3472، 3676، 3677، 3881).

[56] السِّفر الثالث (1194).

[57] السِّفر الثالث (1203)، وفيه سقط يتمَّم من إكمال تهذيب الكمال، لمغلطاي (11/ 301).

[58] السِّفر الثالث (3390، 3394).

[59] تهذيب التهذيب (3/ 426).

[60] مقارنة المرويات، أ.د. إبراهيم اللاحم (1/ 126).

[61] السِّفر الثاني (1/ 227).

[62] السِّفر الثاني (1/ 518).

[63] السِّفر الثاني (1/ 331)، السِّفر الثالث (1/ 286).

[64] السِّفر الثاني (93، 1202/ ج)، السِّفر الثالث (4569، 4575).

[65] السِّفر الثاني (1/ 519).

[66] السِّفر الثالث (537).

[67] السِّفر الثاني (2/ 609).

[68] السِّفر الثاني (261).

[69] السِّفر الثالث (4722، 4724).

[70] السِّفر الثاني (1/ 275-276، 316).

[71] السِّفر الثاني (1/ 43).

[72] السِّفر الثاني (1/ 146).

[73] مثلًا: السِّفر الثاني (1/ 113، 172، 541، 2/ 930).

[74] السِّفر الثاني (1/ 116).

[75] السِّفر الثاني (1/ 139).

[76] السِّفر الثاني (2/ 609).

[77] السِّفر الثاني (1/ 227).

[78] السِّفر الثاني (1/ 365).

[79] السِّفر الثاني (1/ 251-252).

[80] وانظر: السِّفر الثاني (2/ 858-859)، السِّفر الثالث (3/ 21-22).

[81] انظر: الباب الثاني من: استدراكات الصحابة في الرواية، دراسة حديثية، د. نوال الغنام، وهو بعنوان: قواعد علم الرواية عند الصحابة.

[82] منها -مثلًا- أن ابن لهيعة أدخل راويًا في إسناد حديث، فقال أبو حاتم الرازي -كما في علل ابنه (488)-: «لهذا الحديث علة...»، فذكر رواية ابن لهيعة، وقال: «وقد أفسده رواية ابن لهيعة»، قال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: لم حكمت برواية ابن لهيعة، وقد عرفت ابن لهيعة وكثرة أوهامه؟ قال: «في رواية ابن لهيعة زيادة رجل، ولو كان نقصان رجل كان أسهل على ابن لهيعة حفظه»، وهي قرينة داخلة في القرينة الأصلية الكبرى، وهي ترجيح من جاء بالوجه الصعب الوعر، على من جاء بالوجه السهل. وانظر: مقارنة المرويات، أ.د. إبراهيم اللاحم (2/ 22)، مقدمة بيان أحاديث أودعها البخاري في الصحيح وبين عللها الدارقطني، أ.د. سعد الحميّد (ص17).

[83] مقارنة المرويات، أ.د. إبراهيم اللاحم (2/ 137).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نسخة ابن جميل الخطية من تاريخ ابن أبي خيثمة، وهي النسخة المصرية: نسخة منكرة
  • طبعات التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة
  • كن أبا خيثمة

مختارات من الشبكة

  • من قال فيهم الحافظ في التقريب: (صاحب سنة) أو (سني) أو (من أهل السنة)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حدثني الحافظ (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • علل الحديث للإمام الحافظ أبي محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي (PDF)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • أسماء متشابهة: ابن منده(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحافظ أبو بكر ابن أبي داود السجستاني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • روضة الناقل ونزهة العاقل للإمام الحافظ جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي البغدادي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة سنن أبي داود (بخط الحافظ ابن حجر)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مجموع حديثي فيه رسائل الحافظ أبي العلاء إدريس بن محمد الحسيني العراقي الفاسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مختصر فضائل القرآن للعلامة الحافظ أبي الفداء الدمشقي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • معجم شيوخ الحافظ عبدالله بن أبي شيبة الكوفي رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب