• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

من عظيم قدره صلى الله عليه وسلم عند ربه: صلاة فرض تنقطع لندائه وجوبا ولا تبطل

أ. د. فهمي أحمد عبدالرحمن القزاز

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/5/2016 ميلادي - 27/7/1437 هجري

الزيارات: 59985

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من عظيم قدره صلى الله عليه وسلم عند ربه..

صلاة فرض تنقطع لندائه وجوبًا ولا تبطل


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأوَّلين والآخرين، وعلى آله وأصحابه الغرِّ الميامين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فالألفاظ حقائق ومجازات، والحقائق ذوات إيحاءات؛ فمِن لفظٍ بدا فيه المعنى جليًّا، وآخر يتوقَّف فيه مليًّا، ولعل لفظ الحياة من المدركات؛ إذ الحياة حياة الأشباح، والحياة حياة الأرواح، ولعمرك ما الحي حي الجثمان، ولكن الحي حي الإيمان، ولأن الروح لا تفنى، والإيمان لا يبلى، والدنيا ليست كالعقبى، وفي الدنيا زلفى؛ مَن لم يدخلها لم يعرف القربى في الأخرى، فاقتضى أن إحياء النبي فيه البقاء، وحياة الأنفاس إلى فَناء، وحياة النبي تورث الحياة حياة، وسلبها يورث عذابًا ومماتًا - فلا غرو أن يؤكد الاتصال بما يبقيه، وينهى عن التواني باللوم والتنبيه، فمَن حال بينه وبين أمر نبيه حائل - ولو كانت صلاة الأماثل - فقد استوجب المسائل، وهي حولان الله بينه وبين قلبه بالعلائل، والإتيان يوم الحشر بالغلائل، فنسأل الله السَّداد والامتثال، والبقاء على الأمر في الحال والاستقبال، وفي الأقوال والفعال، وهو حسبنا وعليه توكلنا ونِعم الاتكال.

 

الصلاة عماد الدين، وهي الركن المتين، علاقة العبد مع ربِّ العالمين، يجدد العبد لقاءه بربِّه خمس مرات في اليوم والليلة، من تركها جاحدًا كفر، ومن تركها متكاسلًا استحقَّ العقاب والعتاب، وهي العبادة الوحيدة التي فُرضَت على نبينا صلى الله عليه وسلم في السماء؛ لشرفها وعلوِّ مكانتها عند خالقنا في حادثة المعراج؛ ولأجل ذلك حثَّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المحافظة عليها وحفظها من الضياع، وأمرنا بمتابعته صلى الله عليه وسلم بأركانها وواجباتها، وشروطها وسننها، فقال صلوات ربي وسلامه عليه: ((صَلُّوا كما رأيتموني أصلِّي))[1]، ونهانا أن نتكلَّم فيها بكلام النَّاس، بل ونهانا عن السلام فيها أو رده، وحَكم على مَن فعل ذلك ببطلان صلاته، ونهانا أن نلتفت فيها، وعدَّ ذلك اختلاسًا يختلسه الشيطان من صلاتنا؛ كل ذلك يدلنا على قدسية هذه العبادة عند الله، وعلوِّ مكانتها عنده.

 

ومع ذلك كلِّه، إذا باشر العبد الصلاة، واتَّصل مع ربه يخاطبه ويناجيه ويتقرَّب إليه، ينقطع عن الدنيا بشهواتها ولذَّاتها الفانية، يخاطب ربَّ العالمين وخالق الأولين والآخرين والمخلوقات أجمعين، وناداه رسول ربِّ العالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته - فُرض عليه الاستجابة لندائه صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يفعل استحقَّ العتاب واللوم والتوبيخ، فإذا أجابه لِما دَعاه لم تبطل صلاته، وعليه إكمالها بعد الاستجابة لأمره فحسب؛ وذلك لأنَّ الطرق الموصلة لله في تلك الساعة طريقان: الأول: الصلاة، والثاني: رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستجابة لأمره، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أقرب الطُّرق إلى الله في تلك اللحظة، وهذا ما أمرنا به مولانا عز وجل وأكَّده رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]، وعن أبي سعيد بن المُعلَّى قال: كنتُ أُصلِّي في المسجد فدعاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فلَم أُجبه، فقلتُ: يا رسُول الله، إنِّي كنتُ أُصلِّي، فقال: ((ألم يقُل الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]؟))، ثم قال لي: ((لأُعلِّمنَّك سورةً هي أعظم السُّور في القُرآن قبل أن تخرُج من المسجد))، ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج قلتُ له: ألم تقُل: ((لأُعلِّمنَّك سورةً هي أعظم سورةٍ في القُرآن؟))، قال: ((﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، هي السَّبعُ المثاني، والقرآنُ العظيمُ الذي أُوتيتُه))[2].

 

وفي رواية عنه قال: كنتُ أُصلِّي، فمرَّ بي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني، فلم آتِه، حتى صلَّيتُ، ثم أتيتُه، فقال: ((ما منعك أن تأتي؟ ألم يقُل الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]؟))، ثم قال: ((لأُعلِّمنَّك أعظم سُورةٍ في القُرآن قبل أن أخرج))، فذهب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليخرج، فذكرتُ له، وقال مُعاذٌ: حدَّثنا شُعبة عن خُبيب بن عبدالرحمن، سمع حفصًا، سمع أبا سعيدٍ - رجُلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - بهذا، وقال: ((هي ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾؛ السَّبعُ المثاني))[3].

 

وعن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أُبيِّ بن كعب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أُبي))، وهو يصلِّي، فالتفت أبي ولم يجِبه، وصلى أبي فخفَّف، ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وعليك السلام، ما منعك يا أُبي أن تجيبني إذ دعوتُك؟!))، فقال: يا رسول الله، إني كنتُ في الصلاة، قال: ((أفلم تجد فيما أُوحي إلي: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]؟))، قال: بلى، ولا أعود إن شاء الله، قال: ((تحبُّ أن أعلِّمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزَّبور ولا في الفرقان مثلها؟))، قال: نعم يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كيف تقرأ في الصلاة؟))، قال: فقرأ أم القرآن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، ما أُنزلَت في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أُعطيته))[4].

 

وفي رواية عنه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على أُبي بن كعب وهو يصلِّي، فناداه، فالتفتَ أبي، ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله، قال: ((وعليك السلام، ما منعك أي أُبي إذ دعوتُك ألا تجيبني؟)) فقال: يا رسول الله، كنتُ في الصلاة، قال: ((أوَليس تجد في كتاب الله: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]؟))، قال: بلى بأبي أنت وأمِّي، قال أُبي: لا أعود إن شاء الله"[5].

 

وعنه قال: "مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أُبيٍّ وهو قائم يصلِّي، فصرخ به، فلم يجبه، ثم جاء فقال: ((يا أُبي، ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟ أليس الله يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]؟))، قال أُبي: لا جَرَم يا رسول الله، لا تدعوني إلَّا أجبتُ، وإن كنتُ أصلي"[6].

 

قال الزمخشري (538 هـ): وحَّد الضمير كما وحَّده فيما قبله؛ لأن استجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كاستجابته، وإنما يذكر أحدهما مع الآخر للتوكيد، والمراد بالاستجابة: الطاعة والامتثال، وبالدعوة: البعث والتحريض[7]، وفيه قولان:

أحدهما: أنَّ هذا مما اختصَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والثاني: أن دعاءه كان لأمرٍ لم يحتمل التأخير، وإذا وقع مثله للمصلِّي فله أن يقطع صلاته[8].

قلتُ: وهذا يعني أن هذا الحكم يتعدَّى إلى كل ما هو مَفسدة تربو على مواصلة في الصلاة، وهذا ما ذكره الفقهاء.

وقوله: ﴿ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾: من علوم الديانات والشرائع؛ لأن العلم حياة، كما أنَّ الجهل موت، ولبعضهم:

لا تُعْجِبَنَّ الْجَهُولَ حُلَّتُه ♦♦♦ فَذَاكَ مَيْتٌ وَثَوْبُهُ كَفَنُ

 

وقيل: لمجاهدة الكفار؛ لأنهم لو رفضوها لغلبوهم وقتلوهم؛ كقوله: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾ [البقرة: 179]، وقيل: للشهادة[9].

 

قال ابن العربي (543 هـ): مسألة الفعل الفرض أو القول الفرض إذا أُتي به في الصلاة، قال الشَّافعيُّ: هذا دليلٌ على أنَّ الفعل الفرض أو القول الفرض، إذا أُتي به في الصلاة لا يُبطل الصلاة؛ لأمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأُبيٍّ بالإجابة، وإن كان في الصلاة، وقد بيَّنا في غير موضعٍ أنَّ هذه الآية دليلٌ على وُجوب إجابة النبي وتقديمها على الصلاة، وهل تبقى الصلاةُ معها أم تبطُل؟ مسألةٌ أُخرى[10].

 

وقوله: ﴿ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ ليس يريدُ به حياة المُشاهدة والأجسام، وإنَّما يريدُ به حياة المعاني والقُلوب بالإفهام بدُعائه إيَّاهم إلى الإسلام والقُرآن، والحقِّ والجهاد، والطاعةِ والأُلفة، وقيل: المُرادُ به: لِما يُحييكم في الآخرة الحياة الدَّائمة في النَّعيم المُقيم.

 

قال الرازي (604هـ): أكثر الفقهاء على أنَّ ظاهر الأمر للوجوب، وتمسَّكوا بهذه الآية على صحَّة قولهم من وجهين:

الوجه الأول: أنَّ كل مَن أمره الله بفعل فقد دعاه إلى ذلك الفعل، وهذه الآية تدلُّ على أنه لا بدَّ من الإجابة في كل ما دعاه الله إليه.

 

الوجه الثاني: في الاستدلال بهذه الآية على ثبوت هذا المطلوب، ما روى أبو هريرة رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على باب أبي بن كعب، فناداه وهو في الصلاة، فعَجل في صلاته ثم جاء فقال: ((ما منعك عن إجابتي؟))، قال: كنت أصلِّي، قال: ((ألم تخبر فيما أوحي إلي: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ﴾ [الأنفال: 24]؟!))، فقال: لا جَرم لا تدعوني إلا أجيبك، والاستدلال به: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا دعاه فلم يجبه لامَه على ترك الإجابة، وتمسَّك في تقرير ذلك اللوم بهذه الآية، فلولا دلالة هذه الآية على الوجوب، وإلا لَما صحَّ ذلك الاستدلال، وقول من يقول: مسألة أنَّ الأمر يفيد الوجوب مسألة قطعيَّة فلا يجوز التمسُّك فيها بخبر الواحد ضعيف؛ لأنا لا نسلم أن مسألة الأمر يفيد الوجوب مسألة قطعية، بل هي عندنا مسألة ظنية؛ لأن المقصود منها العمل، والدلائل الظنِّية كافية في المطالب العملية[11].

 

قال البيضاوي (658هـ): "واختلف فيه، فقيل هذا؛ لأن إجابته لا تقطع الصلاة؛ فإن الصلاة أيضًا إجابة، وقيل: لأنَّ دعاءه كان لأمر لا يحتمل التأخير، وللمصلِّي أن يقطع الصلاة لمثله، وظاهر الحديث يناسب الأول"[12].

 

قال القرطبي (671 هـ): "وقال الشافعي رحمه الله: (هذا دليل على أن الفعل الفرض أو القول الفرض إذا أُتي به في الصلاة لا تبطل؛ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإجابة، وإن كان في الصلاة)، قلتُ: وفيه حجَّة لقول الأوزاعي: (لو أن رجلًا يصلِّي فأبصر غلامًا يريد أن يسقط في بئر فصاح به وانصرف إليه وانتهره - لم يكن بذلك بأس)"[13].

 

قال الخازن (741 هـ): "وإنما وحَّد الضمير في قوله تعالى: ﴿ إِذَا دَعَاكُمْ ﴾؛ لأنَّ استجابة الرسول صلى الله عليه وسلم استجابة لله تعالى، وإنما يُذكر أحدهما مع الآخر للتوكيد، واستدلَّ أكثر الفقهاء بهذه الآية على أن ظاهر الأمر للوجوب؛ لأن كل مَن أمره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بفعلٍ فقد دعاه إليه، وهذه الآية تدل على أنه لا بدَّ من الإجابة في كل ما دعا الله ورسوله إليه"[14].

قال أبو حيان (754 هـ): "وظاهر ﴿ اسْتَجِيبُوا ﴾ الوجوب"[15].

 

قال النيسابوري (850 هـ): "المراد بالاستجابة: الطاعة والامتثال، وبالدعوة: البعث والتحريض، وقد يتمسَّك الفقهاء بهذا الخبر على أنَّ ظاهر الأمر - دعاءه - كان لأمر لم يحتمل التأخير، وإذا وقع مثله للمصلِّي فله أن يقطع صلاته"[16].

 

قال ابن عاشور (1393 هـ): "لما كان دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخلو عن إفادة شيء من معاني هذه الحياة، أمر الله الأمَّةَ بالاستجابة له؛ فالآية تقتضي الأمر بالامتثال لما يدعو إليه الرسول، سواء دعا حقيقة بطلب القدوم، أم طلب عملًا من الأعمال؛ فلذلك لم يكن قيد: ﴿ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ مقصودًا لتقييد الدعوة ببعض الأحوال، بل هو قيد كاشف؛ فإنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدعوهم إلَّا وفي حضورهم لديه حياة لهم، ويكشف عن هذا المعنى في قيد: ﴿ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾[17].

 

قال المباركفوري: "قال صاحب المدارك: المراد بالاستجابة: الطاعة والامتثال، وبالدعوة: البعث والتحريض، ووحَّد الضمير ولم يُثَنِّه؛ لأنَّ استجابة الرسول كاستجابة الباري جلَّ وعلا، وإنما يُذكر أحدهما مع الآخر للتوكيد، وقيل: وحَّد الضمير لأنَّ دعوة الله تُسمع من الرسول، وقوله تعالى: ﴿ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾؛ أي: من علوم الديانات والشرائع؛ لأن العلم حياة، كما أن الجهل موت"[18].

 

قال الشعراوي: "هو يخاطبهم، إذًا فهم أحياء بالقانون المتعارف عليه، وأنهم إن لم يستجيبوا إلى ما دعاهم إليه الحقُّ والرسول لن يأخذوا لونًا أرقى من الحياة، وهي حياة لا تهدِّدها الآفات ولا الأثفال، ولا الأمراض ولا الفناء، إنَّها الحياة الحقة؛ ولذلك يسمِّيها الحق (الروح)؛ لأنَّها تحرِّك الجسم وتعطيه حياة، وإن كانت تنتهي، فيقول: ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ﴾ [ص: 72]، هذه أولى مراحل الحياة الممنوحة للمؤمن والكافر، ويسمِّي سبحانه الحياة الأكبر منها التي لا تنتهي، يسمِّيها الحق: (روحًا) أيضًا: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ﴾ [الشورى: 52]، وهذه هي التي سوف تعطي الحياة الأرقى؛ الأولى اسمها (روح) تعطي حياة فانية، والثانية هي (روح) أيضًا، إنها ما أوحى الله به؛ لأنَّ الناس إذا عملوا به يحيون حياةً دائمة خالية من الشقاء والكدر؛ إذًا فقوله: ﴿ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24] هي دعوة إلى الحياة الخالدة، والحياة الأبديَّة السعيدة في الآخرة مرهونة بأن يلتزم الإنسان منهجَ الله في حياته، وإن كانت منتهية"[19].

 

وقال شرَّاح الحديث:

عنون ابن المنذر (319 هـ) لهذا الحديث بقوله: "ذِكر ما خص الله به نبيَّه صلى الله عليه وسلم وأبان به بينه وبين أمَّته مما أوجب على الناس إجابته إذا دعاهم لما يحييهم"، وذكر الحديث[20].

 

قال الطحاوي (321 هـ): "ففيما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إيجابه على مَن دعاه وهو يصلِّي إجابته وترك صلاته، وأنَّ ذلك أولى به من تماديه في صلاته بما يُلام عليه مما أنزله الله عز وجل عليه؛ إذ كان المصلِّي قد يقدر أن يخرج من صلاته إلى الفضل الذي يصيبه في إجابته رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعاه، فقال قائل: أفيدخل في ذلك إجابة الرجل أمَّه إذا دعَته وهو يصلِّي؟ فكان جوابنا له بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنَّ ذلك غير مستنكر أن يكون كذلك؛ لأنه قد يستطيع ترك صلاته وإجابته لأمِّه؛ لِما عليه أن يجيبها فيه والعود إلى صلاته، ولأنَّ صلاته إذا فاتت قضاها، وبرَّه أمَّه إذا فات لم يستطع قضاءه؛ وقد دلَّك على ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جريج الرَّاهب؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نادت امرأة ابنها وهو في صومعة، قالت: يا جريج، قال: اللهمَّ أمي أو صلاتي، قالت: يا جريج، قال: اللهم أمِّي أو صلاتي، حتى كان ذلك منها ثلاث مرات، قالت: اللهم لا يمت جريج حتى ينظر في وجهه الميامس، وكان يأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم فولدَت، فقيل لها: ممن هذا الولد؟ قالت: من جريج، فنزل من صومعته، قال جريج: أين هذه التي تزعم أنَّ ولدها لي؟ قال: يا بابوس، من أبوك؟ قال: أبي راعي الغنم))[21].

 

فكان في هذا الحديث أن جريجًا عوقب بترك إجابة أمه لما دعته وهو يصلِّي، وتماديه في صلاته بأن عوقِب بما عوقب به من أجل ذلك؛ فدلَّ ذلك أن إجابته أمه والعود إلى صلاته بعد ذلك كان أفضل له من التمادي في صلاته وتركه إجابته أمه، والله عز وجل نسأله التوفيق"[22].

 

قال ابن الجوزي (597 هـ): وفيه دليل على لزوم العمل بمقتضى اللفظ، إلَّا أن يصرف عنه دليل؛ لأنه قال: ((ألم يقل: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ﴾ [الأنفال: 24]؟))[23].

 

وعنون له النووي (676 هـ) بقوله: "باب بيان أنَّ خطاب المُصلِّي في زمن النَّبي صلى الله عليه وسلم له لم يكن مُبطلًا؛ لأنَّه واجب"[24].

 

وقال ابن حجر (852 هـ): "هل يختص هذا الحُكم بالنِّداء أو يشمل ما هو أعمُّ حتى تجب إجابته إذا سأل؟ فيه بحث، وقد جزم ابن حبَّان بأنَّ إجابة الصَّحابة في قصَّة ذي اليدين كان كذلك"[25].

 

وفيه: استعمال صيغة العموم في الأحوال كلها.

 

قال الخطابي: "وفيه: أن حكم لفظ العموم أن يجري على جميع مقتضاه، وأنَّ الخاص والعام إذا تقابلا كان العام منزلًا على الخاص؛ لأنَّ الشارع حرَّم الكلام في الصلاة على العموم، ثم استثنى منه إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة"[26].

 

وقال الأصوليون والفقهاء:

إجابة دعوته صلى الله عليه وسلم فرض على الفور؛ بدليل الآية والحديث، ولو لم تكن فرضًا لَما وبَّخه وذمَّه رضي الله عنه على تأخيره لاستجابة أمره، بدليل أنَّه لم يقبل اعتذاره بأنَّه كان في الصلاة، وإنما كان محمولًا على وجوب إجابة النِّداء؛ تعظيمًا لله تعالى ولرسوله في إجابة دعائه، ونفيًا للإهانة عنه والتحقير له بالإعراض عن إجابة دعائه؛ لِما فيه من هضمه في النفوس، وإفضاء ذلك إلى الإخلال بمقصود البعثة، ولا يمتنع صرف الأمر إلى الوجوب بقرينة[27].

 

قال الشافعيُّ: "هذا دليلٌ على أنَّ الفعل الفرض أو القول الفرض، إذا أُتي به في الصلاة لا يبطلُ الصلاة؛ لأمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأُبيٍّ بالإجابة، وإن كان في الصلاة"[28].

 

وذكر العلماء جملةً من الاعتراضات وأجابوا عنها:

فإن قيل: قوله: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ﴾ أمر، فلِم قلتم: إنَّه يدل على الوجوب؟ وهل النِّزاع إلا فيه؟ فيرجع حاصل هذا الكلام إلى إثبات أن الأمر للوجوب، بناءً على أن هذا الأمر يفيد الوجوب، وهو يقتضي إثبات الشيء بنفسه، وهو محال؟

والجواب: أنَّ من المعلوم بالضرورة أن كل ما أمر الله به فهو مرغب فيه مندوب إليه، فلو حملنا قوله: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ﴾ على هذا المعنى كان هذا جاريًا مجرى إيضاح الواضحات وأنَّه عبث، فوجب حمله على فائدة زائدة، وهي الوجوب؛ صونًا لهذا النصِّ عن التعطيل، ويتأكد هذا بأن قوله تعالى بعد ذلك: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]، جارٍ مجرى التهديد والوعيد؛ وذلك لا يليق إلَّا بالإيجاب[29].

 

فإن قالوا: إنه تعالى ما أمَر بالإجابة على الإطلاق؛ بل بشرطٍ خاص، وهو قوله: ﴿ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾، فلِم قلتم: إنَّ هذا الشرط حاصل في جميع الأوامر؟

 

قلنا: قصَّة أبي بن كعب تدلُّ على أنَّ هذا الحكم عام وغير مخصوص بشرط معيَّن، وأيضًا فلا يمكن حمل الحياة ها هنا على نفس الحياة؛ لأن إحياء الحي مُحال، فوجب حمله على شيء آخر؛ وهو الفوز بالثواب، وكل ما دعا الله إليه ورغَّب فيه فهو مشتمل على ثواب، فكان هذا الحكم عامًّا في جميع الأوامر؛ وذلك يفيد المطلوب[30].

 

فإن قيل: نحن لا نمنع أن يكون في الشَّرع أمر مخصوص يقتضي الوجوب ويستحقُّ التوبيخ على مخالفته، وإنما الخلاف في مقتضى اللفظ في الجملة، فلا يجوز الاحتجاج عليه بأوامر مخصوصة.

 

والجواب: أنَّه ليس عندهم أمر يستحقُّ التوبيخ على مخالفته لكونه أمرًا، والخبر يقتضي تعلق التوبيخ بترك الأمر فحسب، ويدلُّ عليه ما روي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريرة: ((لو راجعتِه؛ فإنَّه أبو ولدك))، فقالت: بأمرك يا رسول الله؟ فقال: ((لا، إنما أنا شفيع))، فقالت: لا حاجة لي فيه، فمعلوم أنَّ إجابة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يشفع فيه مستحقَّة، فلما فرق بين الأمر والشفاعة، دلَّ على أنه لو أمر لاقتَضى الوجوب[31].

 

فإن قيل: هذا التوبيخ على مخالفة أمره.

قلنا: لم يصدر منه أمر، بل مجرَّد نِداء، وكان قد عرَّفهم بالقرائن - تفهيمًا ضروريًّا - وجوبَ التعظيم له، وأنَّ ترك جواب النداء تهاون وتحقير بأمره؛ بدليل أنه كان في الصلاة، وإتمام الصلاة واجب، ومجرد النداء لا يدل على ترك واجب، بل يجب تركه بما هو أوجَب منه؛ كما يجب ترك الصلاة لإنقاذ الغرقى، ومجرَّد النداء لا يدلُّ عليه[32].

 

فإن قيل: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يَلمه، ولكنَّه أراد أن يبيِّن أنه لا يقبح الاستجابة للنَّبي صلى الله عليه وسلم إذا دعاه وهو يصلِّي، وأن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم مخالِف لدعاء غيره.

والجواب: أنَّ ظاهر الكلام يقتضي اللوم، وهو في معنى الإخبار عن نفي العذر؛ وذلك لا يكون إلَّا والأمر على الوجوب[33].

 

فإن قيل: كيف يأمره بالإجابة وقد نهاه عن الكلام في الصلاة؟

قلنا: هذا عليه دلالةٌ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أنَّ قوله تعالى: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ﴾ [الأنفال: 24] قاضٍ على النَّهي عن الكلام في الصلاة، والآيةُ عامَّةٌ، والنَّهيُ عن الكلام في الصلاة خاصٌّ، فأعلمه عليه السلام أنَّ العامَّ قاضٍ على الخاصِّ، وكلُّ موضعٍ بُني فيه العامُّ على الخاصِّ فلم يخلُ من دلالةٍ أوجبته[34].

 

فإن قيل: كيف يَستفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((ما منعك أن تجيب وقد سمعتَ الله يقول: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ﴾ [الأنفال: 24])) وهو يعلم أنَّه في الصلاة؟

 

قلنا: هذا الاستفهام ليس على حقيقته؛ لأنَّه عليه الصلاة والسلام كان يعلم أنَّه في الصلاة؛ فدلَّ على أنه لمجرَّد الذمِّ والتوبيخ، ولولا اقتضاء الأمر للوجوب لَمَا كان ذلك[35].

 

قلت: ويمكن أن يستفاد من الآية والحديث أن تزاحم المصالح يُرعى فيه الأكبر، ومن ضوابط التفريق بين الصغرى والكبرى: أنَّ الصغرى تفوت إلى خلف، والكبرى لا إلى خلف، وكذلك المؤقَّتة أكبر من ذات الطلب المؤقت بوقت واسع، وكذلك أن الصلاة جزء من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمَّته، والاستجابة لدعائه أعم وأعظم؛ ولهذا جاز قطع الصلاة به، والله أعلم بالصواب.

 

وإذا تقرَّر ذلك قال العلماء: من خصائصه عليه الصلاة والسلام أنَّه إذا دعا أحدًا فعليه أن يُجيبه ولو كان في الصلاة، فإن أجابه في الصلاة فإنَّه لا تفسدُ صلاتُه[36].

 

وصرَّحوا بذلك فقالوا: فإنْ كلَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابه لم تبطُل صلاته؛ لحديث أبي هريرة، وأنه حُكم يختصُّ بالنبي صلى الله عليه وسلم[37].

 

فإن قيل: إنَّ الصلاة جاز أن تُقطع لنِداء الوالدين أو لإنقاذ نفس مَعصومة وغيرها، فما الفرق بينهما؟

قلنا: إجابةُ النَّبي صلى الله عليه وسلم ممن دعاه في عصره في الصلاة، وإنذارُ الهالك؛ أي: المُشرِف على الهلاك؛ كأعمى أشرف على وُقوعه في بئرٍ في الصلاة - واجبان؛ لقوله تعالى: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]، ولإنقاذ الرُّوح، لكن تبطُلُ الصلاةُ بالإنذار؛ خلافًا لما صحَّحه في (التحقيق)؛ لإطلاق النُّصُوص دون الإجابة؛ لشرفه صلى الله عليه وسلم، وتبطُلُ بإجابة أبويه، وإن أوجبناها[38].

 

قلت: ويمكن القول: إنَّ الشريعة أباحَت لِمن هو في الصلاة أن يقطعها من أجل إحياء نفسٍ يوشك أن تهلِكَ، وإنَّ عدم إجابة النبي صلى الله عليه وسلم هلاك، وإجابته حياة، ومعلوم أنَّ قطع الصلاة من أجل الحياة جائز، ولئن كان جائزًا من أجل حياة الغير، فمن أجل حياة النَّفس أولى، وهذا يتحقَّق بإجابة دعائه صلى الله عليه وسلم، والله أعلم بالصواب.

 

واستدلُّوا على ذلك بقولهم:

وأمَّا ابتداء فذكر النَّوويُّ أنَّ من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنَّ المُصلِّي يُخاطبه بقوله: السَّلام عليك أيُّها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُه، ولا يُخاطب سائر النَّاس، ولو خاطب غيره بذلك لفسدَت، والله أعلمُ[39].

 

وفَقِهَ الأصحابُ هذا المعنى الدَّقيق، فكانوا أهلًا لهذه الاستجابة لندائه صلى الله عليه وسلم، حتى وإن لم يكونوا مخاطَبين بهذا النداء، بل لمجرَّد سماعهم أمره صلى الله عليه وسلم نفَّذوا أمره وإن لم يكونوا مخاطبين به بالذَّات؛ فعن هشام بن عروة: أنَّ عروة حدثه عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر يوم الجمعة، فلما جلس قال: ((اجلِسوا))، فسمع عبدالله بن رواحة قولَه صلى الله عليه وسلم: ((اجلسوا))، فجلس في بني غُنْم، فقيل: يا رسول الله، ذاك ابن رواحة جالس في بني غنم، سمعك وأنت تقول للناس: ((اجلسوا))، فجلس في مكانه[40].

 

وفي رواية: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا علا المنبرَ يوم الجمعة قال: ((اجلسوا))، فسمع رجلٌ من الأنصار قولَ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وهو بالطريق لم يدخل المسجد، فجلس في بني غنم، قال: فلما أُقيمت الصلاة دخل الرجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا رحتَ))، فأخبره الخبر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرًا، زعموا أنَّ ذلك الرجل عبدالله بن رواحة[41].

 

وفي رواية: أنه سمِع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالطريق يقول: ((اجلسوا))، فجلس في الطريق، فمرَّ به النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ((ما شأنك؟!))، قال: سمعتك تقول: ((اجلسوا))، فجلست، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((زادك الله طاعة))[42].

 

وعن ابن عبَّاسٍ قال: استوى النَّبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجُمعة فقال للنَّاس: ((اجلِسوا))، فسمعه ابنُ مسعودٍ وهو على باب المسجد فجلَس، فقال له النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((تعال يا بن مسعودٍ))[43].

 

أقول: من أجل ذلك لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنْ رفع الأذان ولو مرة، مع حثِّه على ذلك، وإخباره الأمَّة بالثواب الجزيل عليه؛ لأنه لو فعل ذلك لوجب على كلِّ مَن سمعه إجابة ندائه وسيلحقهم حرَج في ذلك؛ لا فرق بين صغير وكبير، ذكر وأنثى، معذور وغيره، ولا سيما أنَّ صوته الشريف يُسمع من مكان بعيد[44]، فيلحقهم حرَج ومشقَّة، والنبي صلى الله عليه وسلم أرحم بأمته من ذلك، والله أعلم بالصواب.

 

قال الحافظ ابن حجر: "وردَت أحاديثُ تدُلُّ على أنَّ الأذان شُرع بمكَّة قبل الهجرة؛ منها للطَّبراني من طريق سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه قال: (لمَّا أُسري بالنَّبي صلى الله عليه وسلم أوحى الله إليه الأذان فنزل به فعلَّمه بلالًا)، وفي إسناده طلحة بن زيد وهو مترُوك، وللدارقطني في (الأطراف) من حديث أنس: أنَّ جبريل أمر النَّبي صلى الله عليه وسلم بالأذان حين فُرضَت الصلاة، وإسناده ضعيف أيضًا، ولابن مردويه من حديث عائشة مرفُوعًا: ((لمَّا أُسري بي أذَّن جبريل، فظنَّت الملائكة أنه يُصلِّي بهم، فقدَّمني فصلَّيتُ))، وفيه مَن لا يُعرف، وللبزَّار وغيره من حديث عليٍّ قال: (لمَّا أراد الله أن يُعلِّم رسولَه الأذان أتاه جبريل بدابَّةٍ يُقال لها: البُراق، فركبها)، فذكر الحديث، وفيه: إذ خرج ملَكٌ من وراء الحجاب فقال: الله أكبر، الله أكبر، وفي آخره: ثُمَّ أخذ الملَكُ بيده، فأمَّ بأهل السَّماء، وفي إسناده: زياد بن المُنذر أبو الجارُود، وهو مترُوكٌ أيضًا، ويمكنُ على تقدير الصحَّة أن يُحمل على تعدُّد الإسراء، فيكون ذلك وقع بالمدينة، وأمَّا قول القُرطبي: لا يلزم من كونه سمعه ليلة الإسراء أن يكُون مشروعًا في حقِّه، ففيه نظرٌ؛ لقوله في أوَّله: لمَّا أراد الله أن يُعلِّم رسوله الأذان، وكذا قول المُحب الطَّبري: يُحملُ الأذان ليلة الإسراء على المعنى اللُّغوي؛ وهو الإعلام - ففيه نظرٌ أيضًا؛ لتصريحه بكيفيَّته المشروعة فيه، والحقُّ أنَّه لا يصحُّ شيء من هذه الأحاديث، وقد جزم ابن المُنذر بأنَّه صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي بغير أذان مُنذ فُرضَت الصلاة بمكة إلى أن هاجر إلى المدينة وإلى أن وقع التشاوُر في ذلك؛ على ما في حديث عبدالله بن عُمر، ثم حديث عبدالله بن زيد؛ انتهى، وقد حاول السُّهيلي الجمعَ بينهما، فتكلَّف وتعسَّف، والأخذ بما صحَّ أولى، فقال بانيًا على صحَّة الحكمة في مجيء الأذان على لسان الصَّحابي: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمعه فوق سبع سموات وهو أقوى من الوحي، فلما تأخَّر الأمر بالأذان عن فرض الصلاة وأراد إعلامهم بالوقت، فرأى الصَّحابيُّ المنام فقصَّها فوافقت ما كان النبي صلى الله عليه وسلم سمعَه فقال: ((إنَّها لرُؤيا حق))، وعلم حينئذٍ أن مُراد الله بما أراه في السماء أن يكون سُنةً في الأرض، وتقوَّى ذلك بموافقة عمر؛ لأن السَّكينة تنطق على لسانه، والحكمة أيضًا في إعلام الناس به على غير لسانه صلى الله عليه وسلم التنويه بقدره والرفع لذِكره بلسان غيره؛ ليكون أقوى لأمره وأفحم لشأنه...، ومما كثُر السؤال عنه: هل باشر النبي صلى الله عليه وسلم الأذان بنفسه؟

 

وقد وقع عند السهيلي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أذَّن في سفر، وصلَّى بأصحابه وهم على رواحلهم، السماءُ من فوقهم والبلةُ من أسفلهم؛ أخرجه الترمذي من طريق تدور على عُمر بن الرماح يرفعه إلى أبي هريرة؛ اهـ.

 

وليس هو من حديث أبي هريرة، وإنما هو من حديث يعلى بن مُرة، وكذا جزم النووي بأن النبي صلى الله عليه وسلم أذَّن مرةً في السفر، وعزاه للترمذي وقوَّاه، ولكن وجدناه في مُسند أحمد من الوجه الذي أخرجه الترمذي، ولفظه: "فأمر بلالًا فأذَّن"، فعرف أن في رواية الترمذي اختصارًا، وأن معنى قوله: "أذَّن" أمر بلالًا به؛ كما يُقال: أعطى الخليفة العالم الفُلاني ألفًا، وإنما باشر العطاء غيرُه، ونُسب للخليفة؛ لكونه آمرًا به.

 

ومن أغرب ما وقع في بدء الأذان ما رواه أبو الشيخ بسندٍ فيه مجهول عن عبدالله بن الزبير قال: "أُخذ الأذان من أذان إبراهيم: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ﴾ [الحج: 27]؛ الآية، قال: فأذَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وما رواه أبو نُعيمٍ في الحلية بسندٍ فيه مجاهيل: أنَّ جبريل نادى بالأذان لآدم حين أُهبط من الجنَّة[45].

 

قلت: وعلى فرض صحَّة حديث: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أذَّن في السفر، فكان أذانه تخفيفًا على الناس؛ فالاستجابة له تكمن في صلاتهم عند رِحالهم تخفيفًا عليهم، وهذا ما يتناسب مع ما قلناه، والله أعلم بالصواب.

 

ولعلَّ في هذا السبب أنَّه صلى الله عليه وسلم أمر العبَّاس بنداء مَن فرَّ من ساحة القتال في غزوة حنين[46]، ولم يفعل ذلك هو صلى الله عليه وسلم، وإن فعله كان أقوى في نفوسهم وأكثر وقعًا، ومع ذلك لم يفعله؛ لأنَّه لو فعل ذلك لوجب إطاعة أمره صلى الله عليه وسلم، وهو أرحم بهم من أنفسهم صلى الله عليه وسلم، وهذا ما فهمَته أمُّنا أم سلمة في صُلح الحديبية، عندما طلبَت منه صلوات ربي وسلامه عليه أن يذبح هَدْيه ويحلق شعرَه الشريف بعدما امتنع أصحابُه عن فعل ذلك؛ لأنها علمَت ما سيلحقهم بتأخير الفعل، ففعَل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، ففعلوا مثلما فعل صلى الله عليه وسلم[47].

 

وصلَّى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] صحيح البخاري (1/ 226)، رقم (605).

[2] صحيح البخاري (4/ 1623)، رقم (4204).

[3] صحيح البخاري (4/ 1738)، رقم (4426).

[4] سنن الترمذي (5/ 155)، رقم (2875)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن أنس، وفيه عن أبي سعيد بن المعلى، قال الألباني: صحيح.

[5] صحيح ابن خزيمة (2/ 37)، رقم (861).

[6] يُنظَر: تفسير الطبري (13/ 467)، رقم (15875).

[7] يُنظَر: تفسير الكشاف (2/ 199).

[8] يُنظَر: تفسير الكشاف (2/ 200).

[9] يُنظَر: تفسير الكشاف (2/ 200).

[10] يُنظَر: "أحكام القرآن"؛ لابن العربي (4/ 75).

[11] يُنظَر: تفسير الرازي (15/ 117).

[12] يُنظَر: تفسير البيضاوي (3/ 99).

[13] يُنظَر: تفسير القرطبي (7/ 390).

[14] يُنظَر: تفسير الخازن (3/ 21).

[15] يُنظَر: تفسير البحر المحيط (4/ 392).

[16] يُنظَر: غرائب القرآن ورغائب الفرقان (3/ 388).

[17] يُنظَر: التحرير والتنوير (9/ 68).

[18] يُنظَر: مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح (7/ 374 - 378).

[19] يُنظَر: تفسير الشعراوي (ص367).

[20] يُنظَر: "الأوسط"؛ لابن المنذر (5/ 81).

[21] "المعجم الكبير"؛ للطبراني (13/ 133)، رقم (14962).

[22] يُنظَر: شرح مشكل الآثار (4/ 83).

[23] يُنظَر: كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 1119).

[24] يُنظَر: خلاصة الأحكام (1/ 496).

[25] يُنظَر: فتح الباري (12/ 285).

[26] يُنظَر: فتح الباري (12/ 285).

[27] يُنظَر: "قواطع الأدلة في الأصول"؛ للسمعاني (1/ 41)، "الإحكام في أصول الأحكام"؛ للآمدي (1/ 399 - 402)، فتح الباري (12/ 285)، شرح منتهى الإرادات (1/ 496)، كشاف القناع (2/ 343).

[28] يُنظَر: "أحكام القرآن"؛ لابن العربي (4/ 75)، وتفسير القرطبي (7/ 390).

[29] يُنظَر: تفسير الرازي (15/ 117).

[30] يُنظَر: تفسير الرازي (15/ 117).

[31] يُنظَر: التبصرة (1/ 29).

[32] يُنظَر: المستصفى (1/ 210).

[33] يُنظَر: المعتمد (1/ 67).

[34] يُنظَر: الفصول في الأصول (1/ 395)، و"الإحكام"؛ لابن حزم (3/ 367).

[35] يُنظَر: الإبهاج (2/ 37).

[36] يُنظَر: الموسوعة الفقهية الكويتية (2/ 268).

[37] يُنظَر: "أحكام القرآن"؛ لابن العربي (4/ 75)، وتفسير القرطبي (7/ 390)، والمهذب (1/ 87)، والمجموع (4/ 81)، ومواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل (10/ 37)، وفتح الباري (12/ 285)، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب (1/ 180)، ومشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح (7/ 374 - 378).

[38] يُنظَر: أسنى المطالب في شرح روض الطالب (1/ 180).

[39] يُنظَر: مواهب الجليل (10/ 36).

[40] المعجم الأوسط (9/ 62)، رقم (9128)، وقال: لم يروِ هذا الحديث عن هشام بن عروة إلَّا إبراهيم بن إسماعيل، ولا عن إبراهيم إلا فضالة بن يعقوب، تفرَّد به إبراهيم بن المنذر، قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وهو ضعيف، يُنظَر: مجمع الزوائد (9/ 316).

[41] مصنف عبدالرزاق (3/ 211)، رقم (5366).

[42] مصنف عبدالرزاق (3/ 211)، رقم (5367).

[43] مصنف عبدالرزاق (3/ 211)، رقم (5368)، ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 451)، رقم (5213)، وصحيح ابن خزيمة (3/ 141)، رقم (1780)، وقال الألباني: فيه الإرسال الذي أشار إليه المصنف وعنعنة ابن جريج والوليد - وكان يدلس تدليس التسوية - وهشام بن عمار كان يتلقَّن، والمستدرك (1/ 420)، رقم (1048)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، قال الذهبي: على شرطهما، والسنن الكبرى للبيهقي، ط المعارف بالهند (3/ 205)، رقم (5958)، السنن الكبرى للبيهقي (3/ 205)، رقم (5539)، رواه البيهقي عن جابر في السنن الكبرى (3/ 206)، رقم (5540)، وقال الدارقطني عن حديث جابر عندما سئل عنه: يرويه ابن جُريجٍ، وقد اختُلف عنه؛ فرواه مُعاذ بن مُعاذٍ، ومخلد بن يزيد، وأبو زيدٍ النحويُّ، عن ابن جُريجٍ، عن عطاءٍ، عن جابرٍ، وخالفهم إسماعيلُ بن عيَّاشٍ، فرواه عن ابن جُريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن مسعودٍ، وخالفهم الوليد بن مُسلمٍ؛ رواه عن ابن جُريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، ورواه عمرو بن دينارٍ، عن عطاءٍ؛ مُرسلًا، والمُرسلُ أشبه، يُنظر: علل الدارقطني (13/ 382).

[44] فعن البراء بن عازب قال: خطَبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسمع العواتق في بيوتها، أو قال: في خدورها، يُنظر: مسند أبي يعلى (3/ 237)، رقم (1675)، قال حسين سليم أسد: رجاله ثقات؛ شعب الإيمان (7/ 521)، رقم (11196)، وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات، يُنظر: مجمع الزوائد (8/ 7)، وعن عبدالرحمن بن مُعاذٍ التَّيمي قال: "خطبنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنًى، ففُتحت أسماعُنا حتى كنَّا نسمعُ ما يقولُ ونحن في منازلنا..."؛ السنن الكبرى (5/ 127)، رقم (9321)، وسنن أبي داود (2/ 144)، رقم (1959)، قال الألباني: صحيح، وعن أم هانئ، قالت: "كنَّا نسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف اللَّيل عند الكعبة وأنا على عريشي"؛ الأوسط؛ لابن المنذر (8/ 59)، رقم (2524).

[45] يُنظر: "فتح الباري"؛ لابن حجر (2/ 397).

[46] وعن ابن عباس بن عبدالمُطلب قال: قال عباسٌ: شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ حنينٍ، فلزمتُ أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلم نفارقه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلةٍ له بيضاء، أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، فلمَّا التقى المسلمون والكفار ولَّى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قِبَل الكفَّار، قال عباسٌ: وأنا آخذٌ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة ألا تسرع، وأبو سفيان آخذٌ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أي عباس، ناد أصحاب السمرة))، فقال عباسٌ - وكان رجلًا صيتًا - فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة، قال: فوالله لكأنَّ عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبَّيك يا لبيك، قال: فاقتتلوا والكفَّار، والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، قال: ثم قصرَت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج، فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج، يا بني الحارث بن الخزرج؛ صحيح مسلم (5/ 166)، رقم (4712).

[47] عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا: (... فلمَّا فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((قوموا فانحروا، ثمَّ احلقوا))، قال: فوالله ما قام منهم رجلٌ حتى قال ذلك ثلاث مراتٍ، فلمَّا لم يقم منهم أحدٌ دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أمُّ سلمة: يا نبيَّ الله، أتحبُّ ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمةً حتى تنحر بُدْنَك وتدعو حالقك، فيحلقك، فخرج فلم يكلِّم أحدًا منهم حتى فعل ذلك؛ نحر بُدْنَه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا...)؛ البخاري (2/ 974)، رقم (2581).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصلاة وحكمة تشريعها
  • العناية بالصلاة والخشوع فيها
  • حكم المحافظة على الصلاة وعقوبة من أضاعها
  • الحث على الصلاة وأدائها جماعة
  • الصلاة ومكانتها في الإسلام
  • من عظيم قدره صلى الله عليه وسلم عند ربه: وجوب قطع الصلاة لإجابة ندائه

مختارات من الشبكة

  • المرض بقدر والصحة بقدر والعلاج بقدر والدواء من القدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عظيم قدر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وحقه على الجن والإنس (WROD)(كتاب - ملفات خاصة)
  • من عظيم قدر النبي عند ربه إطلاق لفظ الناس عليه في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل قدرنا الله حق قدره؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عرض لكتاب: دفاع عن محمد صلي الله عليه وسلم، ضد المنتقصين من قدره(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإيمان بالقدر وآثاره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مختصر أحكام ليلة القدر(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة شرح عظيم القدر على الأربعين النووية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عظيم قدر نبينا محمد وحقه على الجن والإنس (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره...} (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب