• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (19)

إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (19)
الشيخ محمد طه شعبان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/10/2015 ميلادي - 13/1/1437 هجري

الزيارات: 5783

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (19)


قوله:

..................................... ♦♦♦ وَصُدَّ عَنْ عُمْرَتِهِ لَمَّا قَصَدْ

 

أي: صد المشركون النبي صلى الله عليه وسلم عن أداء العمرة، وهي عمرة الحديبية.

 

حيث خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة متوجهًا إلى مكة لأداء العمرة، فصدَّه المشركون عن البيت الحرام.

 

والحديبية: اسم بئرٍ تقع على بُعد اثنين وعشرين كيلو مترًا إلى الشمال الغربي من مكة، وتعرف الآن بالشميس، وهي حدائق الحديبية ومسجد الرضوان[1].

 

وبعضها يدخل في حدود الحرم المكي.

 

قال الشافعي رحمه الله:

بعضها في الحل، وبعضها في الحرم[2].

 

وسمي بصُلح الحديبية؛ لأن قريشًا منعت المسلمين من دخول مكة وهم في الحديبية.

 

قال ابن القيم رحمه الله:

قال نافعٌ: كانت سنة ست في ذي القعدة، وهذا هو الصحيح، وهو قول الزهري، وقتادة وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم؛ اهـ[3].

 

وعن قتادة قال: سألت أنسًا رضي الله عنه: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعٌ: عمرة الحديبية في ذي القعدة حيث صده المشركون...[4].

 

وخرج النبي صلى الله عليه وسلم متوجهًا إلى بيت الله الحرام قاصدًا العمرة، وخرج معه ألفٌ وأربعمائةٍ من الصحابة رضوان الله عليهم[5] متسلحين بالسلاح[6]؛ حذرًا من قريشٍ، وساقوا معهم الهَدْيَ.

 

فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم ذا الحليفة[7]، قلد الهدي وأشعره[8]، وأحرم منها بعمرةٍ، وبعث عينًا له من خزاعة - وهو بشر بن سفيان الكعبي - ليعلم له أخبار قريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان بغدير الأشطاط[9] أتاه عينه، فقال: إن قريشًا جمعوا لك جموعًا، وقد جمعوا لك الأحابيش[10]، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك، فقال: ((أشيروا أيها الناس علي، أترون أن أميل إلى عيالهم وذراريِّ هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت؟! فإن يأتونا كان الله تعالى قد قطع عينًا من المشركين، وإلا تركناهم محروبين))، قال أبو بكرٍ: يا رسول الله، خرجت عامدًا لهذا البيت لا تريد قتل أحدٍ ولا حرب أحدٍ، فتوجه له، فمن صدنا عنه قاتلناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((امضوا على اسم الله))[11].

 

فسار النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال: ((إن خالد بن الوليد بالغميم في خيلٍ لقريشٍ طليعةٌ[12]، فخذوا ذات اليمين))، فوالله ما شعر بهم خالدٌ، حتى إذا هم بقترة الجيش[13]، فانطلق يركض نذيرًا لقريشٍ، وسار النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل[14]، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، خلأت القصواء[15]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلقٍ، ولكن حبسها حابس الفيل))[16]، ثم قال: ((والذي نفسي بيده، لا يسألوني خطةً يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها))، ثم زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمدٍ[17] قليل الماء يتبرضه الناس تبرُّضًا[18]، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشُكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهمًا من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفرٍ من قومه من خزاعة، وكانوا عيبة نصح[19] رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي[20] نزلوا أعداد مياه[21] الحديبية، ومعهم العوذ المطافيل[22]، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنا لم نجئ لقتال أحدٍ، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم[23] مدةً، ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر، فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا[24]، وإن هم أبوا، فوالذي نفسي بيده، لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي[25]، ولينفذن الله أمره))، فقال بديلٌ: سأبلغهم ما تقول، قال: فانطلق حتى أتى قريشًا، قال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل وسمعناه يقول قولًا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيءٍ، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عروة بن مسعودٍ، فقال: أي قوم، ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أولست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ[26]، فلما بلحوا[27] علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض لكم خطة رشدٍ، اقبلوها ودعوني آتيه، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوًا من قوله لبديلٍ، فقال عروة عند ذلك: أي محمد، أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحدٍ من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى، فإني والله لأرى وجوهًا، وإني لأرى أوشابًا من الناس خليقًا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكرٍ الصِّديق: امصُصْ ببظر اللات[28]، أنحن نفر عنه وندعه؟! فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكرٍ، قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يدٌ كانت لك عندي لم أجزك بها، لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فكلما تكلم أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائمٌ على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم، ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أخِّر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غُدَر، ألست أسعى في غدرتك؟[29]، وكان المغيرة صحب قومًا في الجاهلية فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيءٍ))، ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه، قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامةً إلا وقعت في كف رجلٍ منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر؛ تعظيمًا له، فرجع عروة إلى أصحابه، فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم محمدًا، والله إن تنخم نخامةً إلا وقعت في كف رجلٍ منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر؛ تعظيمًا له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشدٍ فاقبلوها، فقال رجلٌ من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا فلانٌ، وهو من قومٍ يعظمون البدن، فابعثوها له))، فبعثت له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك، قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه، قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجلٌ منهم، يقال له: مكرز بن حفصٍ، فقال: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هذا مكرزٌ، وهو رجلٌ فاجرٌ))، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما هو يكلمه، إذ جاء سهيل بن عمرٍو، فلما جاء سهيل بن عمرٍو، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد سهل لكم من أمركم))، فجاء سهيل بن عمرٍو، فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابًا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بسم الله الرحمن الرحيم))، قال سهيلٌ: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اكتب باسمك اللهم))، ثم قال: ((هذا ما قاضى عليه محمدٌ رسول الله))، فقال سهيلٌ: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبدالله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبدالله))[30].

 

قال الزهري: وذلك لقوله: ((لا يسألوني خطةً يعظمون فيها حرمات الله، إلا أعطيتهم إياها)).

 

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به))، فقال سهيلٌ: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطةً، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيلٌ: وعلى أنه لا يأتيك منا رجلٌ، وإن كان على دينك، إلا رددته إلينا، قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين، وقد جاء مسلمًا؟ فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرٍو يرسف[31] في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيلٌ: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنا لم نقضِ الكتاب بعد))، قال: فوالله إذًا لم أصالحك على شيءٍ أبدًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فأجزه لي))، قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: ((بلى فافعل))، قال: ما أنا بفاعلٍ، قال مكرزٌ: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندلٍ: أي معشر المسلمين، أُرَد إلى المشركين وقد جئت مسلمًا؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في الله، قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ألست نبي الله حقًّا؟ قال: ((بلى))، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: ((بلى))، قلت: فلِم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟ قال: ((إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري))، قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: ((بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام))، قال: قلت: لا، قال: ((فإنك آتيه ومطوفٌ به))، قال: فأتيت أبا بكرٍ، فقلت: يا أبا بكرٍ، أليس هذا نبي الله حقًّا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟ قال: أيها الرجل، إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوفٌ به.

 

قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالًا[32]، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((قوموا فانحروا ثم احلقوا))، قال: فوالله ما قام منهم رجلٌ، حتى قال ذلك ثلاث مراتٍ، فلما لم يقم منهم أحدٌ، دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمةً حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك؛ نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا، ثم جاءه نسوةٌ مؤمناتٌ فأنزل الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ﴾ [الممتحنة: 10] حتى بلغ: ﴿ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ [الممتحنة: 10]، فطلَّق عمر يومئذٍ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بصيرٍ، رجلٌ من قريشٍ، وهو مسلمٌ، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمرٍ لهم، فقال أبو بصيرٍ لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا، فاستله الآخر، فقال: أجل والله إنه لجيدٌ، لقد جربت به ثم جربت، فقال أبو بصيرٍ: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: ((لقد رأى هذا ذعرًا))، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبي، وإني لمقتولٌ، فجاء أبو بصيرٍ، فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ويل أمه، مِسعَر حربٍ لو كان له أحدٌ!))[33]، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سِيف البحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيلٍ، فلحق بأبي بصيرٍ، فجعل لا يخرج من قريشٍ رجلٌ قد أسلم إلا لحق بأبي بصيرٍ، حتى اجتمعت منهم عصابةٌ، فوالله ما يسمعون بعِيرٍ خرجت لقريشٍ إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريشٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم لما أرسل، فمن أتاه فهو آمنٌ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفتح: 24] حتى بلغ: ﴿ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [الفتح: 26]، وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا بـ: (بسم الله الرحمن الرحيم)، وحالوا بينهم وبين البيت[34].

 

أحداث أخرى مهمة:

كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تأتيه رسل قريشٍ قد أرسل إليهم؛ لبيان موقفه، وأنه لم يأتِ إلا لزيارة البيت وأداء العمرة، ولم يأت لحربٍ.

 

فبعث صلى الله عليه وسلم خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة، وحمله على جملٍ له يقال له: الثعلب، فلما دخل مكة عقرت به قريشٌ[35]، وأرادوا قتل خراشٍ، فمنعهم الأحابش، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عمر ليبعثه إلى مكة، فقال: يا رسول الله، إني أخاف قريشًا على نفسي، وليس بها من بني عدي أحدٌ يمنعني، وقد عرفت قريشٌ عداوتي إياها وغلظتي عليها، ولكن أدلك على رجلٍ هو أعز مني[36]؛ عثمان بن عفان، قال: فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعثه إلى قريشٍ يخبرهم أنه لم يأتِ لحربٍ، وأنه جاء زائرًا لهذا البيت، معظمًا لحرمته، فخرج عثمان حتى أتى مكة، ولقيه أبان بن سعيد بن العاص، فنزل عن دابته، وحمله بين يديه، وردف خلفه، وأجاره حتى بلَّغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريشٍ، فبلَّغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به، فقالوا لعثمان: إن شئت أن تطوف بالبيت، فطُفْ به، فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتبسته قريشٌ عندها، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل[37].

 

فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للبيعة تحت الشجرة[38].

 

ومما حدث أيضًا أنه أثناء سير النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية، ولما بلغ الروحاء على بعد 73 كيلو مترًا من المدينة، أرسل أبا قتادة الأنصاري مع جمعٍ من الصحابة إلى ساحل البحر الأحمر؛ حيث بلغه وجود بعض المشركين الذين يخشى من مباغتتهم للمسلمين، فقال: ((خذوا ساحل البحر حتى نلتقي))، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلهم، إلا أبو قتادة لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحشٍ، فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانًا[39]، فنزلوا فأكلوا من لحمها، وقالوا: أنأكل لحم صيدٍ ونحن محرمون؟ قال أبو قتادة: فحملنا ما بقي من لحم الأتان، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، إنا كنا أحرمنا، وقد كان أبو قتادة لم يحرم، فرأينا حمر وحشٍ، فحمل عليها أبو قتادة، فعقر منها أتانًا، فنزلنا فأكلنا من لحمها، ثم قلنا: أنأكل لحم صيدٍ ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي من لحمها، قال صلى الله عليه وسلم: ((أمنكم أحدٌ أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟))، قالوا: لا، قال: ((فكلوا ما بقي من لحمها))[40].

 

وأثناء وجود النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية حاولت قريشٌ قتل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم فشلوا.

 

فعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه: أن ثمانين رجلًا من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين، يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه - عند صلاة الفجر- فأخذهم سلمًا، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفتح: 24][41].

 

بنود العقد:

كان العقد الذي بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين مكتوبًا فيه:

باسمك اللهم، هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبدالله وسهيل بن عمرٍو على وضع الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعضٍ، على أنه من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه بغير إذن وليه رده عليهم، ومن أتى قريشًا ممن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردوه عليه، وإن بيننا عيبةً مكفوفةً[42]، وإنه لا إسلال ولا إغلال[43]، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمدٍ وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريشٍ وعهدهم دخل فيه.

 

فتواثبت خزاعة، فقالوا: نحن مع عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده، وتواثبت بنو بكرٍ، فقالوا: نحن في عقد قريشٍ وعهدهم، وأنك ترجع عنا عامنا هذا فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابلٍ خرجنا عنك فتدخلها بأصحابك وأقمت فيهم ثلاثًا معك سلاح الراكب، لا تدخلها بغير السيوف في القرب[44].

 

وقد لاقت هذه الشروط - التي ظاهرها توهينٌ لموقف المسلمين- غضبًا شديدًا من بعض الصحابة، وقد تقدم موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

 

ومما يعبر عن مشاعر المسلمين من هذه الشروط ورفضهم لها: قول سهل بن حنيفٍ رضي الله عنه يوم صفين: اتهموا رأيكم، رأيتني يوم أبي جندلٍ ولو أستطيع أن أرد أمر النبي صلى الله عليه وسلم لرددته[45].

 

ومما حدث في الحديبية:

• عن أبي المليح رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وأصابتنا سماءٌ لم تبلَّ أسافل نعالنا[46]، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا في رحالكم[47].

 

• وفي الحديبية حُمل كعب بن عجرة رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى - أو ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى - تجد شاةً؟))، فقال كعبٌ: لا، فقال: ((فصم ثلاثة أيامٍ، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكينٍ نصف صاعٍ))[48].

 

• وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعةٍ، والبقرة عن سبعةٍ[49].

 

• وعن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يكلؤنا؟))[50]، فقال بلالٌ: أنا، فناموا حتى طلعت الشمس، وكان ذلك في صلاة الصبح، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((افعلوا كما كنتم تفعلون))، قال: ففعلنا، قال: ((فكذلك فافعلوا لمن نام أو نسي))[51].

 

• وكانت أم كلثومٍ بنت عقبة بن أبي معيطٍ ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ، فجاء أهلها يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم، فلم يرجعها إليهم، لما أنزل الله فيهن: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ﴾ [الممتحنة: 10] إلى قوله: ﴿ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ [الممتحنة: 10][52].

 

• وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هدايا رسول الله صلى الله عليه وسلم جملًا كان لأبي جهلٍ في رأسه برة فضةٍ[53]، يغيظ بذلك المشركين[54].

 

• وعن زيد بن خالدٍ الجهني رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، فأصابنا مطرٌ ذات ليلةٍ، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، ثم أقبل علينا، فقال: ((أتدرون ماذا قال ربكم؟))، قلنا: الله ورسوله أعلم! فقال: ((قال الله: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ بي، فأما من قال: مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله، فهو مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنجم كذا فهو مؤمنٌ بالكوكب كافرٌ بي))[55].

 

• وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: عطش الناس يوم الحديبية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوةٌ[56]، فتوضأ منها، ثم أقبل الناس نحوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما لكم؟))، قالوا: يا رسول الله، ليس عندنا ماءٌ نتوضأ به ولا نشرب، إلا ما في ركوتك، قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، قال: فشربنا وتوضأنا، فقيل لجابرٍ: كم كنتم يومئذٍ؟ قال: لو كنا مائة ألفٍ لكفانا، كنا خمس عشرة مائةً[57].



[1] "السيرة النبوية الصحيحة" 2/ 434.

[2] "زاد المعاد" 3/ 270.

[3] "زاد المعاد" 3/ 255.

[4] متفق عليه: أخرجه البخاري (1778)، ومسلم (1253).

[5] ورد ذكر هذا العدد في أحاديث صحيحة بصحيح البخاري، عن نفر من الصحابة رضوان الله عليهم، ممن شهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم هذا المشهد، منهم جابر بن عبدالله، وفي رواية أخرى عن جابر: أنهم كانوا ألفًا وخمسمائة، وعن عبدالله بن أبي أوفى: أنهم كانوا ألفًا وثلاثمائة؛ انظر: "صحيح البخاري" كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية.

ورجح ابن القيم في "زاد المعاد" (3/ 256، 257) قول من قال: إنهم ألف وأربعمائة؛ لأنه قول الأكثر، حيث قال: والقلب إلى ذلك أميل، وهو قول البراء بن عازب، ومعقل بن يسار، وسلمة بن الأكوع في أصح الروايتين، وقول المسيب بن حزن؛ اهـ.

وقال ابن حجر: والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، فمن قال: ألفًا وخمسمائة جبَر الكسر، ومن قال: ألفًا وأربعمائة ألغاه، ويؤيده قوله في الرواية الثالثة من حديث البراء: ألفًا وأربعمائة أو أكثر؛ اهـ.

[6] مما يدل على أن الصحابة رضوان الله عليهم خرجوا متسلحين ما رواه البخاري (4179): أنه لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن قريشًا جمعوا له الجموع لقتاله، استشار الصحابة في قتالهم أو عدم قتالهم، وهذا يدل على أنهم كانوا مستعدين للقتال في أي وقت.

[7] ذو الحليفة: هو ميقات أهل المدينة الذي يحرمون من عنده، وهو الذي يسمى الآن بــ: (أبيار علي)، وتبعد عن المدينة أحد عشر كيلو مترًا، وبينها وبين مكة أربعمائة وأربعة وستون كيلو مترًا تقريبًا.

[8] الهَدْي: ما يُهدَى من النَّعَم إلى الحرم تقربًا إلى الله، ويكون الهدي من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، وتقليد الهدي: هو أن يعلق في عنقها نعلين، أو يضع عليها شيئًا من صوف ونحوه؛ علامة لها أنها من الهدي، والتقليد عام للبقر والغنم والإبل، أما الإشعار: فهو أن يكشط جلد البدنة حتى يسيل الدم، ثم يسلته، ويكون ذلك في الجانب الأيمن لسنمة البعير، والإشعار خاص بالإبل فقط دون البقر والغنم.

[9] غدير الأشطاط: اسم مكان وراء عسفان، على بُعد ثمانين كيلو من مكة.

[10] الأحابيش: هم بنو الهون بن خزيمة بن مدركة، وبنو الحارث بن عبدمناة بن كنانة، وبنو المصطلق بن خزاعة، كانوا تحالفوا مع قريش، قيل: تحت جبل يقال له: الحبش أسفل مكة، وقيل: سموا بذلك لتحبشهم؛ أي: تجمُّعهم، والتحبُّش: التجمُّع.

[11] أخرجه البخاري (4178، 4179).

[12] الطليعة: مقدمة الجيش.

[13] قترة الجيش: غبار الجيش الذي يحدثه أثناء سيره.

[14] حل حل: كلمة تقال للناقة إذا تركت السير.

[15] خلأت القصواء: خلأت؛ أي: بركت من غير علة، والقصواء: اسم ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: كان طرف أذنها مقطوعًا، والقصو: قطع طرف الأذن، وقيل: إنها كانت لا تسبق، فقيل لها: القصواء؛ لأنها بلغت من السبق أقصاه؛ "فتح الباري" (5/ 395).

[16] حبسها حابس الفيل: قال ابن حجر: أي حبسها الله تعالى عن دخول مكة، كما حبس الفيل عن دخولها، ومناسبة ذكرها أن الصحابة لو دخلوا مكة على تلك الصورة، وصدهم قريش عن ذلك، لوقع بينهم قتال قد يفضي إلى سفك الدماء ونهب الأموال، كما لو قدر دخول الفيل وأصحابه مكة.؛ اهـ. أي: فيل أبرهه الأشرم الذي كان يريد هدم الكعبة.

[17] ثمد: بفتح الثاء والميم؛ أي: حفرة صغيرة فيها ماء مثمود، أي: قليل.

[18] التبرض: هو الأخذ قليلًا قليلًا.

[19] عيبة نصح: العيبة: ما توضع فيه الثياب لحفظها؛ أي: إنهم موضع النصح له، والأمانة على سره.

[20] قوله: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي: يقصد قريشًا، وإنما اقتصر على ذكر هذين؛ لكون قريش الذين كانوا بمكة أجمع ترجع أنسابهم إليهما.

[21] أعداد: جمع عد بالكسر والتشديد، وهو الماء الذي لا انقطاع له.

[22] العوذ: جمع عائذ، وهي الناقة ذات اللبن، والمطافيل: الأمهات التي معها أطفالها، يريد أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الإبل؛ ليتزودوا من ألبانها ولا يرجعوا حتى يمنعوه، أو كنى بذلك عن النساء معهن الأطفال، والمراد أنهم خرجوا معهم بنسائهم وأولادهم؛ لإرادة طول المقام، وليكون أدعى إلى عدم الفرار، قال ابن فارس: كل أنثى إذا وضعت، فهي إلى سبعة أيام عائذ، والجمع عوذ، كأنها سميت بذلك لأنها تعوذ ولدها، وتلزم الشغل به؛ "فتح".

[23] ماددتهم: أي جعلت بيني وبينهم مدة بترك الحرب.

[24] جموا: أي استراحوا، والمعنى الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم أن تترك قريش القتال، فإن أرادوا الدخول في الإسلام بعد ذلك دخلوا، وإن لم يدخلوا استراحوا فترة من القتال.

[25] حتى تنفرد سالفتي: أراد أنه يقاتل حتى ينفرد وحده في قتالهم؛ أي: إن لي من القوة بالله والحول به ما يقتضي أن أقاتل عن دينه، ولو انفردت؛ "فتح" بتصرف.

[26] قوله: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ: أي دعوتهم لنصركم.

[27] فلما بلَّحوا: أي امتنعوا، والتبلح: التمنع من الإجابة.

[28] امصص ببظر اللات: البظر قطعة تبقى بعد الختان في فرج المرأة، واللات اسم أحد الأصنام التي كانت قريش وثقيف يعبدونها، وكانت عادة العرب الشتم بذلك، ولكن بلفظ الأم، فأراد أبو بكر المبالغة في سب عروة بإقامة مَن كانوا يعبدونه مكان أمه؛ "فتح" بتصرف.

[29] قوله: أي غدر: مبالغة في وصفه بالغدر، قوله: ألست أسعى في غدرتك: أي ألست أسعى في دفع شر غدرتك.

قال ابن هشام في "السيرة": أشار عروة بهذا إلى ما وقع للمغيرة قبل إسلامه؛ وذلك أنه خرج مع ثلاثة عشر نفرًا من ثقيف من بني مالك، فغدر بهم وقتلهم وأخذ أموالهم، فتهايج الفريقان بنو مالك والأحلاف رهط المغيرة، فسعى عروة بن مسعود عم المغيرة حتى أخذوا منه دية ثلاثة عشر نفسًا، واصطلحوا؛ "فتح" 5/ 402.

[30] وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليًّا أن يمحاها، فقال علي: لا والله لا أمحاها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرني مكانها))، فأراه مكانها فمحاها، وكتب: ابن عبدالله؛ أخرجه البخاري (2699)، مسلم (1783).

[31] يرسف: أي يمشي مشيًا بطيئًا بسبب القيد.

[32] قول عمر: وعملت لذلك أعمالًا؛ أي: من الأعمال الصالحة؛ ليكفر عنه اعتراضه على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي "مسند أحمد" 4/ 325 يقول عمر: ما زلت أصوم وأتصدق وأعتق من الذي صنعت؛ مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ، حتى رجوت أن يكون خيرًا.

[33] قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ويل أمه": كلمة ذم تقولها العرب في المدح، ولا يقصدون معنى ما فيها من ذم، وقوله: "مسعر حرب"؛ أي: مشعل نار الحرب مما فعله من قتل الرجل، وقوله: "لو كان له أحد"؛ أي: ينصره ويعاضده ويناصره، وفيه إشارة إليه بالفرار؛ لئلا يرده إلى المشركين، ورمزٌ إلى من بلغه ذلك من المسلمين المستضعفين في مكة أن يلحقوا به؛ (فتح) بتصرف.

[34] أخرجه البخاري (2731، 2732)، كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط.

[35] أي: عقرت الجمل، قتلوه.

[36] أعز مني: أي له ناس وقوم يمنعونه من غدر قريش.

[37] إسناده حسن: أخرجه أحمد (18812)، بإسناد حسن، وأصل الحديث عند البخاري، انظر التخريج السابق.

[38] سيأتي الكلام عن البيعة إن شاء الله تعالى.

[39] الأتان: أنثى الحمار، وحمر الوحش حلالٌ أكلها.

[40] متفق عليه: أخرجه البخاري (1824)، ومسلم (1196).

[41] أخرجه مسلم (1808)، وأبو داود (2688).

[42] أي: بينهم صدر نقي من الغل والخداع، مطوي على الوفاء بالصلح؛ (نهاية).

[43] الإسلال: السرقة، وقيل: سل السيوف، والإغلال: الخيانة، وقيل: لبس الدروع؛ (نهاية).

[44] أخرجه أحمد (18812)، بإسناد حسن، والقرب: غمد السيوف.

[45] أخرجه البخاري (3181).

[46] كناية عن قلة المطر.

[47] أخرجه ابن ماجه (936)، وصححه الألباني "الإرواء" (2/ 341، 342).

[48] متفق عليه: أخرجه البخاري (1816)، ومسلم (1201).

[49] أخرجه مسلم (1318).

[50] يكلؤنا: أي يحرسنا.

[51] أخرجه أبو داود (441)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

[52] أخرجه البخاري (2711، 2712).

[53] البرة: الحلقة، والمعنى في أنفه حلقة فضة؛ "عون المعبود".

[54] أخرجه أبو داود (1749)، وحسنه الألباني.

[55] متفق عليه: أخرجه البخاري (4147)، ومسلم (71).

[56] الركوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء، والجمع ركاء.

[57] متفق عليه: أخرجه البخاري (4152)، ومسلم (1856).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (15)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (16)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (17)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (18)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (20)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (21)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (22)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (23)

مختارات من الشبكة

  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (WORD)(كتاب - ملفات خاصة)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (36)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (35)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (34)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (33)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (32)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (32)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (31)(مقالة - ملفات خاصة)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (30)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (29)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب