• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

أسباب النزول

أ. طاهر العتباني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/7/2015 ميلادي - 22/9/1436 هجري

الزيارات: 140241

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسباب النزول

(بحث مستخرج من الإتقان للسيوطي والبرهان للزركشي مع زيادات)

 

مِن مباحث عُلوم القرآن علمُ أسباب النزول، وهو علم جليل؛ إذ عليه يَدور قُطب علم التفسير، ويقوم المفسرون بإيراد سبب النزول عند تعرُّضهم لتفسير الآيات؛ حيث إن العلم بالسَّبب يورث العلم بالمسبِّب. ونورد عددًا من المسائل المتعلقة بهذا الجانب من علوم القرآن.

 

ونزول القرآن على قسمين:

1- قسم نزَل ابتداء؛ أي: مِن غير سببٍ ظاهر عرَفه الصحابة أو تحدَّثوا فيه.

 

2- وقسم نزَل عَقب واقعةٍ أو سؤالٍ، وفي هذا النوع مسائل:

المسألة الأولى: فوائد معرفة أسباب النزول:

زعم البعض أنه لا طائل تحت هذا الفن؛ لجريانه مَجرى التاريخ، وأخطأ في ذلك؛ بل له فوائدُ منها:

الفائدة الأولى: معرفة وجهِ الحِكمة الباعثة على تَشريع الحُكم.

 

الفائدة الثانية: تخصيص الحُكم به عند مَن يرى أن العبرة بخصوص السبب.

 

الفائدة الثالثة: أن اللفظ قد يكون عامًّا ويقوم الدليل على تخصيصه، فإذا عُرف السبب قَصُر التخصيص على ما عدا صورته؛ فإن دخول صورة السبب قطعي، وإخراجها بالاجتهاد ممنوع، ولا الْتِفات إلى مَن شذَّ فجوَّز ذلك.

 

الفائدة الرابعة: الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال.

 

قال الواحدي: لا يمكن تفسيرُ الآية دون الوقوف على قصتها وبيانِ نزولها.

 

وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريقٌ قوي في فَهم معاني القرآن.

 

وقال ابن تيميَّة: معرفة سبب النزول يُعين على فَهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب.

 

أمثلة:

1- قد أشكل على مَروانَ بن الحكَم معنى قوله تعالى: ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا ﴾ [آل عمران: 188] الآية، وقال: لئن كان كل امرئٍ فَرح بما أوتي وأحبَّ أن يُحمد بما لم يَفعل معذَّبًا لنُعذَّبَن أجمعون! حتى بيَّن له ابنُ عباس أن الآية نزَلَت في أهل الكتاب حين سألهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتَموه إياه، وأخبروه بغيره، وأرَوه أنهم أخبَروه بما سألهم عنه، واستحمَدوا بذلك إليه؛ أخرجه الشيخان.

 

2- حُكي عن عُثمان بن مَظعون وعمرِو بن مَعْدِ يكَرِب أنَّهما كانا يقولان: الخمرُ مباحة، ويَحتجَّان بقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ﴾[المائدة: 93] الآية، ولو عَلِما سبب نزولها لم يَقولا ذلك؛ وهو أن ناسًا قالوا لَمَّا حُرِّمت الخمر: كيف بمن قُتلوا في سبيل الله وماتوا، وكانوا يَشربون الخمرَ وهي رِجس؟ فنزَلَت؛ أخرجه أحمد والنسائي.

 

3- قوله تعالى: ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ﴾ [الطلاق: 4]؛ فقد أشكل معنى هذا الشَّرط على بعض الأئمة حتى قال الظاهريَّة بأن الآيسةَ لا عدَّة عليها إذا لم تَرْتَب. وقد بيَّن ذلك سببُ النزول؛ وهو أنه لما نزلت الآية التي في سورة البقرة في عِدَد النساء قالوا: قد بَقي عِدَد من عِدَد النساء لم يُذكَرن؛ الصغار والكبار، فنزلَت؛ أخرجه الحاكمُ عن أُبَي.

 

فعُلم بذلك أنَّ الآية خطابٌ لمن لم يَعلم ما حُكمُهن في العدَّة وارتابَ: هل عليهن عِدَّة أوْ لا؟ وهل عِدَّتهن كاللاتي في سورة البقرة أوْ لا؟ فمعنى ﴿ إِنِ ارْتَبْتُمْ ﴾ [الطلاق: 4]: إنْ أَشكَل عليكم حكمُهن وجَهلتم كيف يَعتدُّون فهذا حُكمُهن.

 

4- قوله: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 158] الآية؛ فإن ظاهرَ لفظِها لا يَقتضي أن السعي فرض، وقد ذهب بعضُهم إلى عدم فرضيَّتِه؛ تمسُّكًا بذلك، وقد ردَّت عائشةُ على عُروة في فَهمِه ذلك؛ بسبب نزولها، وهو أن الصحابة تَأثَّموا مِن السعي بينهما؛ لأنه مِن عمل الجاهلية؛ فنزَلَت.

 

5- ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 115]؛ فإنا لو ترَكْنا مدلولَ اللفظ لاقتَضى أن المصلِّيَ لا يجب عليه استقبالُ القبلة سفرًا ولا حضرًا، وهو خلافُ الإجماع، فلا يُفهم مراد الآية حتى يُعلَم سببُها؛ وذلك أنها نزلَت لما صلَّى النبي صلى عليه وسلم على راحلته وهو مستقبِلٌ من مكة إلى المدينة حيث توجَّهَت به، فعُلم أن هذا هو المراد.

 

6- ومِن ذلك قولُه تعالى: ﴿ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا ﴾ [التغابن: 14]؛ فإنَّ سبب نزولها أنَّ قومًا أرادوا الخروجَ للجهاد، فمنَعهم أزواجُهم وأولادهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ثم أنزل في بقيتها ما يدلُّ على الرحمة وتركِ المؤاخذة، فقال: ﴿ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14].

 

الفائدة الخامسة:

مِن فوائد علم أسباب النزول: دفعُ توهُّم الحصر:

قال الشافعي ما معناه في قوله تعالى: ﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ﴾ [الأنعام: 145] الآية: إن الكفار لما حرَّموا ما أحلَّ الله وأحَلُّوا ما حرَّم الله وكانوا على المضادَّة والمحادَّة، فجاءت الآية مُناقضة لغرَضهم، فكأنه قال: لا حلالَ إلا ما حرَّمتموه، ولا حرام إلا ما أحلَلتُموه، نازلاً نزلةَ مَن يقول: لا تَأكل اليومَ حلاوة، فتقول: لا آكل اليوم إلا الحلاوة، والغرَض المضادَّة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه تعالى قال: لا حرام إلا ما أحلَلتُموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهلَّ لغير الله به، ولم يَقصد حِلَّ ما وراءه؛ إذِ القصدُ إثبات التحريم، لا إثبات الحِل.

 

قال إمام الحرمين: وهذا في غاية الحسن، ولولا سبقُ الشافعي إلى ذلك لما كنَّا نَستجيز مخالفةَ مالكٍ في حَصرِ المحرَّمات فيما ذكَرَته الآية.

 

الفائدة السادسة:

معرفةُ اسم النَّازل فيه الآية، وتعيين المبهم فيها، ولقد قال مَرْوانُ في عبدالرحمن بن أبي بكر: إنه الذي أُنزل فيه: ﴿ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا ﴾ [الأحقاف: 17]، حتى ردَّت عليه عائشة وبيَّنَت له سببَ نزولها.

 

المسألة الثانية: بيان مناط الاستدلال:

اختَلف أهل الأصول: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟

والأصحُّ أن العبرة بعموم اللفظ، وقد نزلَت آياتٌ في أسباب، واتفقوا على تَعْديتها إلى غيرِ أسبابها؛ كنُزول آية الظِّهَار في سَلمة بن صَخر، وآيةِ اللِّعان في شأنِ هلال بن أمية، وحدِّ القذف في رُماة عائشةَ، ثم تعدَّى إلى غيرهم.

 

ومَن لم يعتبر عمومَ اللفظ قال: خرَجَت هذه الآياتُ ونحوُها لدليلٍ آخَر، كما قُصِرت آياتٌ على أسبابها اتِّفاقًا لدليلٍ قام على ذلك.

 

قال الزمخشريُّ في سورة الهمزة: يجوز أن يكون السببُ خاصًّا والوعيد عامًّا؛ ليتناول كلَّ مَن باشر ذلك القبيح، وليكون ذلك جاريًا مَجرى التَّعريض.

 

قال السيوطي: ومن الأدلَّة على اعتبار عموم اللفظ: احتجاجُ الصحابة وغيرِهم في وقائعَ بعُموم آياتٍ نزَلَت على أسباب خاصة، وكان ذلك شائعًا ذائعًا بينهم.

 

قال الزركشي:

ولا التفاتَ إلى ما نُقل عن بعضِهم مِن تجويز إخراج محلِّ السبب بالتخصيص؛ لأمرين:

أحدهما: أنه يَلزم منه تأخيرُ البيان عن وقتِ الحاجة، ولا يجوز.

 

والثاني: أنَّ فيه عُدولاً عن محلِّ السؤال، وذلك لا يجوز في حقِّ الشارع؛ لئلاَّ يَلتبس على السائل، واتَّفَقوا على أنه تُعتبر النُّصوصية في السبب من جهة استِحالة تأخير البيان عن وقت الحاجة.

 

قال ابن جرير: حدَّثني محمد بن أبي مَعشَر، أخبرنا أبي أبو معشر نجيح، سمعتُ سعيدًا الْمَقْبُريَّ يُذاكر محمدَ بن كعبٍ القُرَظيَّ، فقال سعيدٌ: إنَّ في بعض كتب الله: إن لله عبادًا ألسِنتُهم أحلى مِن العسل وقلوبهم أمرُّ من الصَّبر، لَبسوا لباسَ مُسوك الضَّأن من اللِّين، يَجترُّون الدنيا بالدين. فقال محمدُ بن كعبٍ: هذا في كتاب الله: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [البقرة: 204] الآية، فقال سعيد: قد عرَفتُ فيمَن أُنزلَت! فقال محمد بن كعب: إنَّ الآية تَنزل في الرَّجل ثم تكون عامَّةً بَعد.

 

فإن قيل: فهذا ابنُ عباس لم يَعتبِر عمومَ: ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ ﴾ [آل عمران: 188] الآية، بل قصَرَها على ما أُنزلت فيه من قصة أهل الكتاب.

 

أجيب عن ذلك: بأنه - أي: ابنَ عبَّاس - لا يَخفى عليه أنَّ اللفظ أعمُّ مِن السبب، لكنه بيَّن أن المراد باللَّفظ خاصٌّ، ونظيره تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الظُّلمَ في قوله تعالى: ﴿ وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ [الأنعام: 82] بالشِّركِ مِن قوله: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13] مع فَهم الصحابة العُمومَ في كلِّ ظلم.

 

وقد وردَ عن ابن عباس ما يدلُّ على اعتبار العموم؛ فإنه قال به في آية السَّرِقة، مع أنها نزلت في امرأة سَرقَت.

 

أخرج ابنُ أبي حاتم: عن نَجْدةَ الحنَفيِّ قال: سألتُ ابن عباس عن قوله: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [المائدة: 38] أخاصٌّ أم عام؟ قال: بل عام.

 

وقال ابن تيمية:

قد يجيء كثيرًا من هذا الباب قولهم:

(هذه الآية نزَلَت في كذا)، لا سيما إن كان المذكور شخصًا؛ كقولهم: إن آية الظِّهار نزلَت في امرأةِ ثابت بن قيس، وإن آية الكلالة نزلَت في جابر بن عبدالله، وإن قوله: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ ﴾ [المائدة: 49] نزلَت في بني قُريظة والنَّضير، ونظائر ذلك مما يَذكرون أنه نزَل في قومٍ من المشركين بمكَّة، أو في قوم من اليهود والنصارى، أو في قوم من المؤمنين.

 

فالذين قالوا ذلك لم يَقصِدوا أنَّ حُكم الآية يختصُّ بأولئك الأعيانِ دون غيرهم؛ فإن هذا لا يَقوله مسلمٌ ولا عاقلٌ على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا في اللفظ العامِّ الوارد على سببٍ: هل يختصُّ بسببه؟ إلا أنه لم يَقُل أحدٌ: إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص، فتعمُّ ما يشبهه، ويكون العموم فيها بحسَب اللفظ، فالآية التي لها سببٌ معين إن كانت أمرًا ونهيًا فهي متناوِلة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كانت خبرًا بمدحٍ أو ذمٍّ فهي متناوِلة لذلك الشخص كان بمنزلته.

 

تنبيه:

قد علمتَ مما ذُكر أن فرضَ المسألة في لفظٍ له عمومٌ، أمَّا إذا كانت هناك آية نزَلَت في مُعيَّن ولا عموم للفظها فإنها تُقصَر عليه قطعًا؛ كقوله تعالى: ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ﴾ [الليل: 17، 18]؛ فإنها نزلَت في أبي بكر الصديق بالإجماع، وقد استدلَّ بها الإمام فخرُ الدين الرازيُّ مع قوله: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13] على أنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ووَهِم من ظن أنَّ الآية عامَّة في كلِّ مَن عمل عملَه؛ إجراءً له على القاعدة، وهذا غلط؛ فإن هذه الآية ليس فيها صيغةُ عموم؛ إذ الألف واللام إنما تُفيد العموم إذا كانت موصولة أو معرفة في جمع، زاد قوم: أو مفرَدٍ بشرطِ ألا يكون هناك عهد، والألف واللام في ﴿ الأتقى ﴾ ليست موصولة؛ لأنها لا توصل بأفعل التفضيل إجماعًا، و"الأتقى" ليس جمعًا بل هو مفرد، والعهد موجود خصوصًا مع ما تفيده صيغة "أفعل" مِن التمييز وقطعِ المشاركة، فبَطَل القول بالعموم، وتعيَّن القطع بالخصوص والقصرُ على مَن نزلت فيه رضي الله عنه.

 

المسألة الثالثة: مراعاة حال العموم والخصوص:

قد تَنزل الآياتُ على الأسباب الخاصة، وتوضع مع ما يُناسبها من الآي العامة؛ رعاية لنَظم القرآن وحسن السياق، فيكون ذلك الخاص قريبًا من صورة السبب في كونه قطعيَّ الدخول في العام كما اختار السبكي أنه رتبة متوسطة دون السبب وفوق المجرد؛ مثاله قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ﴾ [النساء: 51] إلى آخره؛ فإنها إشارة إلى كعب بن الأشرف ونحوِه من علماء اليهود لما قَدِموا مكة، وشاهَدوا قتلى بدر حرَّضوا المشركين على الأخذِ بثأرهم، ومحاربة النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوهم: من أهدى سبيلاً؛ محمد وأصحابه أم نحن؟ فقالوا: أنتم، مع عِلمهم بما في كتابهم مِن نعت النبي صلى الله عليه وسلم المنطبقِ عليه، وأخذ المواثيق عليهم ألاَّ يكتموه، فكان ذلك أمانةً لازمة لهم، ولم يؤدُّوها حيث قالوا للكفار: أنتم أهدى سبيلاً؛ حسدًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

 

فقد تضمنت هذه الآيةُ مع هذا القول التوعُّدَ عليه المفيدَ للأمر بمقابلِه، المشتمل على أداء الأمانة التي هي بيانُ صفة النبي صلى الله عليه وسلم بإفادة أنَّه الموصوفُ في كتابهم؛ وذلك مناسبٌ لقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58] فهذا عام في كل أمانة، وذلك خاص بأمانة هي صفة النبي صلى الله عليه وسلم بالطريق السابق، والعام تالٍ للخاص في الرسم، متراخٍ عنه في النُّزول، والمناسبة تَقتضي دخول ما دلَّ عليه الخاصُّ في العام.

 

قال ابن العربيِّ في تفسيره: وجهُ النَّظم أنه أخبر عن كتمان أهل الكتاب صفةَ محمد، وقولهم: إن المشركين أهدى سبيلاً، فكان ذلك خيانة منهم، فانجرَّ الكلام إلى ذِكر جميع الأمانات.

 

قال بعضهم: ولا يرد تأخُّر نزول آية الأمانات عن التي قبلها بنحوِ ستِّ سنين؛ لأن الزمان إنما يشترط في سبب النزول لا في المناسبة؛ لأن المقصود منها وضعُ آية في موضعٍ يُناسبها، والآيات كانت تنزل على أسبابها، ويأمر النبي صلى الله عليه وسلم بوضعها في المواضع التي عَلِم من الله أنها مواضعُها.

 

المسألة الرابعة: أسباب النزول مناطها الرواية والسَّماع:

لا يحلُّ القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهَدوا التنزيل، ووقَفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها، وقد قال محمد بن سيرين: سألت عبيدة عن آيةٍ من القرآن فقال: اتَّقِ الله وقُل سَدادًا؛ ذهَب الذين يَعلمون فيمَ أَنزَل الله القرآن!

 

ومعرفة سبب النزول أمر يَحصُل للصحابة بقرائنَ تحتف بالقضايا، وربما لم يَجزِم بعضهم فقال: أحسب هذه الآية نزلت في كذا.

 

أخرج الأئمة الستَّة عن عبدالله بن الزبير قال: "خاصم الزبيرُ رجلاً من الأنصار في شِراج الحرَّة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اسقِ يا زُبير ثم أرسلِ الماء إلى جارك)) فقال الأنصاري: يا رسول الله، أن كان ابنَ عمَّتِك! فتلوَّن وجهه..."؛ الحديث.

 

قال الزبير: فما أحسب هذه الآيات إلا نزلَت في ذلك: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ [النساء: 65].

 

قال الحاكم في علوم الحديث: إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيلَ عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا، فإنه حديث مسنَد، ومشى على هذا ابنُ الصلاح وغيرُه، ومثَّلوه بما أخرجه مسلمٌ عن جابر قال: كانت اليهود تقول: مَن أتى امرأته من دُبرها في قُبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 223].

 

وقال ابن تيمية:

قولهم: نزلَت هذه الآية في كذا يُراد به تارةً سببُ النزول، ويُراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب، كما تقول: عُني بهذه الآيةِ كذا. وقد تنازع العلماء في قول الصحابي: نزلَت هذه الآية في كذا؛ هل يَجري مَجرى المُسنَد كما لو ذكَر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يَجري مَجرى التفسير منه الذي ليس بمسنَد؟ فالبخاريُّ يُدخله في المسنَد، وغيره لا يدخله فيه، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح؛ كمُسنَد أحمد وغيرِه، بخلاف ما إذا ذكَر سببًا نزلَت عَقِبَه فإنهم كلَّهم يُدخلون مِثل هذا في المسند.

 

قال الزَّركشي: قد عُرِف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزَلت هذه الآية في كذا فإنه يُريد بذلك أنها تتضمَّن هذا الحكم، لا أن هذا كان السبب في نزولها، فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية، لا من جنس النقل لِمَا وقَع.

 

قال السيوطي: والذي يتحرَّر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيامَ وقوعه؛ ليخرج ما ذكره الواحديُّ في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة به؛ فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء، بل هو مِن باب الإخبار عن الوقائع الماضية؛ كذِكْر قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك، وكذلك ذِكرُه في قوله: ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125] سببَ اتِّخاذه خليلاً، ليس ذلك مِن أسباب نزول القرآن كما لا يَخفى.

 

المسألة الخامسة: تعدد أسباب النزول:

كثيرًا ما يَذكر المفسرون لنزول الآية أسبابًا متعددة، وطريق الاعتماد في ذلك: أن ينظر إلى العبارة الواقعة، وفي ذلك حالات:

الحالة الأولى:

إنْ عبَّر أحدهم بقوله: نزلَت في كذا، والآخَر: نزلت في كذا. وذكَر أمرًا آخَر فإن هذا يُراد به التفسير لا ذِكر سبب النزول، فلا مُنافاة بين قولهما إذا كان اللَّفظ يتناولهما.

 

الحالة الثانية: إن عبر واحد بقوله: نزلت في كذا وصرَّح الآخَر بذكر سبب خلافه فهو المعتمَد.

 

مثال:

ما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال: أنزلت ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 223] في إتيان النساء في أدبارهن. وقد ورد عن جابرٍ التصريحُ بذكر سببٍ خِلافه، فالمعتمد حديثُ جابر؛ لأنه نقلٌ وقول ابن عُمر استنباطٌ منه، وقد وهَّمه فيه ابنُ عباس، وذكَر مثلَ حديث جابر كما أخرجه أبو داود والحاكم.

 

الحالة الثالثة:

إن ذكَر واحدٌ سببًا وآخَرُ سببًا غيره فإن كان إسنادُ أحدهما صحيحًا دون الآخر فالصحيح المعتمد.

 

مثال:

ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جُندَب: اشتكى النبيُّ صلى الله عليه وسلم فلم يَقُم ليلة أو ليلتين، فأتَته امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا قد ترَكَك! فأنزل الله: ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾ [الضحى: 1 - 3].

 

وأخرج الطبراني وابن أبي شيبة عن حفص بن ميسرة عن أمِّه عن أمها - وكانت خادمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم - أنَّ جروًا دخَل بيتَ النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل تحت السرير فمات، فمكث النبيُّ صلى الله عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال: ((يا خَوْلةُ، ما حَدَث في بيت رسول الله؟ جبريلُ لا يأتيني!)) فقلتُ في نفسي: لو هيَّأتُ البيت وكنستُه! فأهويت بالمكنسة تحت السرير، فأخرجتُ الجرو، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته - وكان إذا نزل عليه الوحي أخذَته الرِّعدة - فأنزل الله: ﴿ وَالضُّحَى ﴾ [الضحى: 1] إلى قوله: ﴿ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5].

 

قال ابن حجر في شرح البخاري: قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة، لكن كونها سببَ نزول الآية غريب، وفي إسناده مَن لا يُعرف، فالمعتمَد ما في الصحيح.

 

مثال آخر:

ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عباس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أمرَه الله أن يَستقبل بيت المقدس ففَرِحت اليهود، فاستقبله بضعةَ عشر شهرًا - وكان يحبُّ قِبلة إبراهيم - فكان يَدعو الله ويَنظر إلى السماء، فأنزل الله: ﴿ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 144] فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاَّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟! فأنزل الله: ﴿ قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ﴾ [البقرة: 142] وقال: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 115]. وأخرج الحاكم وغيره عن ابن عمر قال: نزلت: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 115]؛ أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوُّع.

 

وأخرج الترمذيُّ - وضعَّفه - من حديث عامر بن ربيعة قال: كنا في سفر في ليلة مظلمة، فلم نَدرِ أين القبلة، فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزَلَت.

 

وأخرج الدارقطني نحوَه من حديث جابر بسندٍ ضعيف أيضًا.

 

وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: لما نزلَت: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60] قالوا: إلى أين؟ فنزَلَت؛ مرسَل.

 

وأخرج عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخًا لكم قد مات، فصلوا عليه)) فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة، فنزلت؛ معضل غريب جدًّا.

 

فهذه خمسة أسباب مختلفة، وأضعَفُها الأخير؛ لإعضاله، ثم ما قبله؛ لإرساله، ثم ما قبله؛ لضعف رُواته، والثاني صحيح لكنه قال: قد أنزلت في كذا ولم يصرِّح بالسبب، والأول صحيح الإسناد وصرَّح فيه بذكر السبب، فهو المعتمد.

 

مثال ثالث:

• ما أخرجه ابن مَردويه وابنُ أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عِكرمة - أو سعيدٍ - عن ابن عباس قال: خرَج أميةُ بن خلف وأبو جهل بنُ هشام ورجالٌ من قريش، فأتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد، تعال فتمَسَّح بآلهتنا، وندخل معك في دينك - وكان يحبُّ إسلام قومه - فرَقَّ لهم، فأنزل الله: ﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾ [الإسراء: 73] الآيات.

 

• وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس أنَّ ثقيفًا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجِّلنا سنة حتى يُهدى لآلهتنا، فإذا قبَضْنا الذي يُهدى لها أحرَزْناه ثم أسلَمنا، فهَمَّ أن يؤجِّلَهم، فنزلت.

 

هذا يَقتضي نزولها بالمدينة، وإسناده ضعيف، والأول يقتضي نزولها بمكة، وإسناده حسن، وله شاهد عند أبي الشيخ عن سعيد بن جبير، يَرتقي إلى درجة الصحيح فهو المعتمد.

 

الحالة الرابعة:

أن يستوي الإسنادان في الصحة، فيرجح أحدهما بكون راويه حاضرَ القصة، أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات.

 

مثال:

ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود قال: كنتُ أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكَّأ على عَسِيب، فمرَّ بنفرٍ من اليهود فقال بعضُهم: لو سألتُموه! فقالوا: حدِّثنا عن الروح، فقام ساعةً ورفَع رأسه، فعرَفتُ أنه يُوحى إليه حتى صعد الوحي، ثم قال: ﴿ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85].

 

وأخرج الترمذي - وصحَّحه - عن ابن عباس قال: قالت قريشٌ لليهود: أعطونا شيئًا نسأل هذا الرجل، فقالوا: اسألوه عن الروح، فسألوه، فأنزل الله: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ﴾ [الإسراء: 85] الآية.

 

فهذا يَقتضي أنها نزلَت بمكة والأول خلافه، وقد رجح بأنَّ ما رواه البخاري أصحُّ مِن غيره وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة.

 

الحالة الخامسة:

أن يُمكن نزولُها عُقيب السببين والأسباب المذكورة بألاَّ تكون معلومةَ التباعد كما في الآيات السابقة، فيُحمَل على ذلك.

 

مثال:

ما أخرجه البخاريُّ من طريق عِكرمة عن ابن عباس أن هلالَ بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بِشَريكِ بن سَحْماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((البيِّنة أو حدٌّ في ظهرك)) فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدُنا مع امرأته رجلاً ينطلق يَلتمس البينة! فأنزل عليه: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾ [النور: 6] حتى بلغ: ﴿ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 9].

 

وأخرج الشيخان عن سَهل بن سعد قال: جاء عُويمرٌ إلى عاصمِ بن عَديٍّ فقال: اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتَ رجلاً وجَد مع امرأته رجلاً فقتَله، أيُقتَل به أم كيف يَصنع؟ فسأل عاصمٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاب السائل، فأخبَر عاصمٌ عُويمِرًا، فقال: والله لآتينَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأَسألنَّه، فأتاه فقال: ((إنه قد أنزل فيك وفي صاحبتِك قرآنٌ...)) الحديث.

 

جُمع بينهما بأنَّ أول مَن وقع له ذلك هلال، وصادف مجيءُ عُويمرٍ أيضًا، فنزلَت في شأنهما معًا. وإلى هذا جنَح النوويُّ، وسبَقه الخطيبُ فقال: لعلهما اتَّفق لهما ذلك في وقت واحد.

 

قال ابن حجر: لا مانع من تعدد الأسباب.

 

الحالة السادسة:

ألا يمكن شيءٌ مما سبق في الحالات السابقة، فيُحمَل على تعدد النزول وتكرُّره.

 

فقد ينزل الشيء مرتين؛ تعظيمًا لشأنه، وتذكيرًا به عند حدوث سببه؛ خوفَ نسيانه، وهذا كما قيل في الفاتحة: نزلَت مرَّتين؛ مرة بمكة وأخرى بالمدينة، ومثلما ورَد في ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1] أنها جوابٌ للمشركين بمكة، وأنها جوابٌ لأهل الكتاب بالمدينة.

 

والحكمة في هذا كلِّه أنه قد يحدث سببٌ من سؤالٍ أو حادثة تقتضي نزول آية، وقد نزل قبل ذلك ما يتضمَّنها فتؤدَّى تلك الآية بعينها إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ تذكيرًا لهم بها، وبأنها تتضمن هذه، والعالم قد يحدث له حوادثُ فيتَذكر أحاديثَ وآيات تتضمن الحكم في تلك الواقعة، وإن لم تكن خطَرَت له تلك الحادثة قَبلُ، مع حفظه لذلك النص.

 

مثال:

ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: لما حضر أبا طالبٍ الوفاةُ دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية فقال: ((أيْ عم، قل: لا إله إلا الله أحاجَّ لك بها عند الله))، فقال أبو جهل: وعبدالله يا أبا طالب! فلم يَزالا يُكلِّمانه حتى قال: هو على ملة عبدالمطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأستغفرنَّ لك ما لم أُنهَ عنه)) فنزلت: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة: 113] الآية.

 

وأخرج الترمذي - وحسَّنه - عن عليٍّ قال: سمعتُ رجلاً يَستغفر لأبوَيه وهما مشركان فقلتُ: تستغفر لأبويك وهما مشركان! فقال: استغفرَ إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فذكرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلَت.

 

وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يومًا إلى المقابر فجلَس إلى قبر منها، فناجاه طَويلاً ثم بكى، فقال: ((إن القبر الذي جلستُ عنده قبر أمي، وإني استأذنتُ ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي، فأنزل عليَّ: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة: 113])).

 

فنجمع بين هذه الأحاديث بتعدد النزول.

 

مثال آخر:

أيضًا ما أخرجه البيهقي والبَزَّار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقَف على حمزة حين استشهد وقد مُثِّل به فقال: ((لأمثلن بسبعين منهم مكانَك))، فنزل جبريلُ - والنبيُّ صلى الله عليه وسلم واقفٌ - بخواتيمِ سورة النحل: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ [النحل: 126] إلى آخِر السورة.

 

وأخرج الترمذي والحاكم عن أُبيِّ بن كعب قال: لما كان يوم أحُد أصيبَ مِن الأنصار أربعةٌ وسِتون، ومن المهاجرين ستة، منهم حمزة، فمَثَّلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصَبنا منهم يومًا مثل هذا لنُرْبيَنَّ عليهم! فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ ﴾ [النحل: 126] الآية.

 

فظاهره تأخيرُ نزولها إلى الفتح، وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحُد.

 

قال ابن الحصَّار: ويجمع بأنها نزلت أولاً بمكة قبل الهجرة مع السورة؛ لأنها مكية، ثم ثانيًا بأحُد، ثم ثالثًا يوم الفتح؛ تذكيرًا من الله لعباده، وجعَل ابن كثير من هذا القسم آية الروح.

 

تنبيهات:

1- قد يكون في إحدى القصتين قولُ الراوي من الصحابة: " فتلا فيهم"، فيقول الراوي بعده: "فنزل"

مثال:

ما أخرجه الترمذي - وصححه - عن ابن عباس قال: مرَّ يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضَع الله السماوات على ذِهْ والأرَضين على ذِه، والماءَ على ذه والجبالَ على ذه، وسائر الخلق على ذه؟ فأنزل الله: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ [الزمر: 67] الآية، والحديثُ في الصحيح بلفظ: "فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وهو الصواب؛ فإن الآية مكية.

 

مثال آخر:

ما أخرجه البخاريُّ عن أنس قال: سمع عبدُالله بن سلام بِمَقدَم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال: إني سائلُك عن ثلاثٍ لا يَعلمُهن إلا نبي: ما أوَّل أشراط الساعة؟ وما أول طعامِ أهل الجنة؟ وما ينزع الولد؛ إلى أبيه أو إلى أمِّه؟ قال: ((أخبرَني بهنَّ جبريلُ آنفًا)) قال: جبريل؟ قال: ((نعم))، قال: ذاك عدوُّ اليهود من الملائكة، فقرأ هذه الآية: ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ [البقرة: 97].

 

قال ابن حجر في شرح البخاري: ظاهر السياق أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ الآية ردًّا على قول اليهود، ولا يستلزم ذلك نزولَها حينئذ. قال: وهذا هو المعتمد؛ فقد صحَّ في سبب نزول الآية قصةٌ غير قصة ابن سلام.

 

وهذه هي:

جاء في أسباب النزول للواحدي:

حدثني محمد بن المثنَّى، حدثني رِبْعي بن عُلَيَّة، عن داود بن أبي هند، عن الشَّعبي، قال: نزل عمرُ الرَّوحاء، فرأى رجالاً يبتدرون أحجارًا يُصلون إليها، فقال: ما بال هؤلاء؟! قالوا: يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى هاهنا. قال: فكفر ذلك، وقال: إنما رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركَته الصلاة بوادٍ صلاها ثم ارتحل، فترَكَه. ثم أنشأ يحدِّثهم، فقال: كنتُ أشهد اليهود يومَ مَدراسهم فأَعجَبُ مِن التوراة كيف تُصدِّق الفرقان، ومن الفرقان كيف يصدِّق التوراة؟ فبينما أنا عندهم ذاتَ يوم، قالوا: يا ابن الخطاب، ما مِن أصحابك أحدٌ أحبَّ إلينا منك. قلتُ: ولم ذلك؟ قالوا: إنك تَغشانا وتأتينا. فقلتُ: إني آتيكم فأعجَب مِن الفرقان كيف يصدق التوراة، ومن التوراة كيف تصدق الفرقان.

 

قال: ومرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا ابن الخطَّاب، ذاك صاحبكم فالحَقْ به، قال: فقلتُ لهم عند ذلك: نَشدتُكم بالله الذي لا إله إلا هو، وما استرعاكم مِن حقِّه، واستودعَكم من كتابه: أتعلمون أنه رسول الله؟ قال: فسكتوا. فقال لهم عالِمُهم وكبيرهم: إنه قد غَلَّظ عليكم، فأجيبوه. فقالوا: فأنت عالمنا وكبيرنا فأجِبْه أنت. قال: أمَا إذ نشَدتَنا بما نشدتنا به فإنا نَعلم أنه رسول الله، قال: قلت: ويحكم فأنَّى هلكتم؟! قالوا: إنا لم نَهلِك! قال: قلتُ: كيف ذلك وأنتم تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه ولا تصدقونه؟! قالوا: إنَّ لنا عدوًّا من الملائكة، وسلمًا من الملائكة، وإنه قَرَن بنبوته عدوَّنا من الملائكة. قال: قلتُ: ومَن عدوُّكم ومن سلمُكم؟ قالوا: عدونا جبريل، وسلمنا ميكائيل. قال: قلتُ: وفيم عادَيتُم جبريل، وفيم سالمتم ميكائيل؟ قالوا: إن جبريل ملك الفظاظة والغلظة والإعسار والتشديد والعذاب ونحو هذا، وإن ميكائيل ملك الرأفة والرحمة والتخفيف ونحو هذا. قال: قلتُ: وما منزلتهما من ربهما عز وجل؟ قالوا: أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره. قال: قلتُ: فو الله الذي لا إله إلا هو، إنهما والذي بينهما لعدوٌّ لِمَن عاداهما وسلمٌ لمن سالمهما، وما يَنبغي لجبريل أن يُسالم عدوَّ ميكائيل، وما ينبغي لميكائيل أن يسالم عدو جبريل. ثم قمتُ فاتبعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فلحقته وهو خارج من خَوخةٍ لبني فلان، فقال: ((يا ابن الخطاب، ألا أُقرِئك آياتٍ نزَلنَ قبل؟))، فقرَأ عليَّ: ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [البقرة: 97] حتى قرَأ هذه الآيات. قال: قلتُ: بأبي وأمي يا رسول الله، والذي بعثَك بالحقِّ لقد جئتُ وأنا أريد أن أخبرك، فأسمع اللَّطيف الخبير قد سبَقني إليك بالخبر.

 

2- أحيانًا يُذكر سببٌ واحد في نزول آيات متفرقة، ولا إشكال في ذلك؛ فقد ينزل في الواقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى. مثال:

ما أخرجه الترمذي والحاكم عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله، لا أسمع الله ذَكَر النِّساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ ﴾ [آل عمران: 195] إلى آخر الآية.

 

وأخرج الحاكم عنها أيضًا قالت: قلتُ: يا رسول الله، تَذكُر الرجال ولا تذكر النساء! فأُنزلت: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35] وأنزلت: ﴿ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ﴾ [آل عمران: 195].

 

وأخرج أيضًا عنها أنها قالت: يَغزو الرجال ولا تغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث! فأنزل الله: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [النساء: 32] وأنزل: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35].

 

مثال آخر:

ما أخرجه البخاريُّ من حديث زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه: (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، فجاء ابنُ أمِّ مكتوم وقال: يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهَدتُ - وكان أعمى - فأنزل الله: ﴿ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ﴾ [النساء: 95].

 

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت أيضًا قال: كنتُ أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لَواضعٌ القلم على أذني إذ أمرُّ بالقتال، فجعَل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه؛ إذ جاء أعمى فقال: كيف لي يا رسول الله وأنا أعمى! فأنزلت: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ ﴾ [التوبة: 91].

 

مثال ثالث:

ما أخرجه ابنُ جرير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في ظلِّ حجرة، فقال: ((إنه سيَأتيكم إنسانٌ يَنظر بعينَي شيطان))، فطلَع رجل أزرقُ فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((عَلام تَشتُمني أنت وأصحابك؟)) فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم، فأنزل الله: ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا ﴾ [التوبة: 74] الآية. وأخرجه الحاكم وأحمد بهذا اللفظ، وآخره: فأنزل الله: ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ﴾ [المجادلة: 18] الآية.

 

3- تقدم نزول الآية على الحكم:

واعلم أنه قد يكون النزولُ سابقًا على الحكم؛ وهذا كقوله تعالى ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [الأعلى: 14]؛ فإنه يُستدلُّ بها على زكاة الفطر.

 

روى البيهقيُّ بسنده إلى ابن عمر أنها نزلَت في زكاة رمضان، ثم أسند مرفوعًا نحوه، وقال بعضهم: لا أدري ما وجهُ هذا التأويل؛ لأن هذه السورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة.

 

وأجاب البغويُّ في تفسيره أنه يجوز أن يكون النزول سابقًا على الحكم؛ كما قال: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 1، 2]؛ فالسورة مكية، وظهور أثر الحِلِّ يوم فتح مكة، حتى قال عليه السلام: ((أُحلَّت لي ساعةً من نهار)).

 

وكذلك نزل بمكة: ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ [القمر: 45] قال عمر بن الخطاب: كنتُ لا أدري: أي الجمع يُهزم؟ فلما كان يوم بدر رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ [القمر: 45].

 

4- روى البخاري في كتاب الأدب المفرد في برِّ الوالدين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: نزَلَت فيَّ أربعُ آيات من كتاب الله عز وجل:

كانت أمِّي حلفَت ألا تأكل ولا تشرب حتى أُفارق محمدًا صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15].

 

والثانية أني كنتُ أخذت سيفًا فأعجبني، فقلت: يا رسول الله، هَب لي هذا! فنزلَت: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ﴾ [الأنفال: 1].

 

والثالثة أني كنتُ مَرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله، إني أريد أن أَقسِم مالي، أفأوصي بالنصف؟ فقال: ((لا)) فقلت: الثلث؟ فسكَت، فكان الثلث بعدُ جائزًا.

 

والرابعة أني شَربتُ الخمر مع قوم من الأنصار، فضرَب رجلٌ منهم أنفي بلحي جمل، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل تحريم الخمر.

 

واعلم أنه جرَت عادة المفسرين أن يَبدؤوا بذِكْر سبب النزول ووجه المناسَبة أيما أولى البَداءة به؛ بتقدم السبب على المسبب، أو بالمناسبة؛ لأنها المصحِّحة لنَظْم الكلام، وهي سابقة على النزول.

 

والتحقيق التفصيلُ بين أن يكون وجه المناسبة متوقِّفًا على سبب النزول؛ كالآية السابقة في: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]؛ فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر السبب؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقَّف على ذلك فالأولى تقديمُ وجه المناسبة.

 

والله الموفِّق للصواب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علم أسباب النزول
  • أسباب النزول ودفع المشكل في القرآن
  • عرض لأهم الكتب المطبوعة في أسباب النزول
  • فوائد العلم بأسباب النزول
  • ملحقات بأسباب النزول
  • التسلسل الزمني لأسباب النزول وأثره في تفسير القرآن

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة أسباب النزول في تبليغ الرسول (النسخة 7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الإشكالات في أسباب النزول بين التعريف والتطبيق (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تقريب أسباب النزول للواحدي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة أسباب النزول (النسخة5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أسباب النزول (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • المدخل في أسباب النزول: دراسة وصفية تحليلية(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دور أسباب النزول في فهم المعنى عند الطاهر بن عاشور في تفسير التحرير والتنوير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إبهاج العقول بصحيح أسباب النزول (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كتاب أسباب النزول (نسخة رابعة)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كتاب أسباب النزول (نسخة ثالثة)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب