• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

إشراقة المؤمن بين العلم والتطبيق

د. عدنان علي رضا النحوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/12/2009 ميلادي - 2/1/1431 هجري

الزيارات: 11130

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إشراقة المؤمن بين العِلم والتطبيق


لا تغيب إِشراقَةُ الكلمة الطيِّبة، ولا تذبُل أَزاهيرُ الحقِّ، ولا ينقطع دفْق الينابيع الطاهرة، ويمضي الشَّـذَا يَمُدُّ الشَّذا، والمَددُ يرفُد المَدَدَ، والقوَّة تنمي القوة، على خيرٍ ممتدٍّ، وبركةٍ واسعة، تشمل الأرضَ بامتدادها، والزمانَ بأجياله، إنَّ هذا كله - وأكثر منه - هو بعض عطاء الحق، ونماء الخير، وبركة الزاد، على درْب الإيمان، وطريق الجهاد،  ولكنَّ هذا كله لا يتيسَّر للقاعد اللاهي، ولا للمُتفيهق التائه، ولا للجبان المغرور.

إنَّ الله سبحانه وتعالى أرْحمُ بعباده المؤمنين من الأُمِّ بولدها، ولكن الله سبحانه وتعالى سبقتْ كلمتُه، وغلبتْ حِكمتُه، وجرى عدلُه، وجَعل في الحياة الدنيا سُننًا لا تتبدَّل ولا تتحوَّل، وجَعَل مِن هذه السُّنن أَنَّ بذلَ الجهد مطلوب من الإنسان، مأمورٌ به، مكلَّف به.

وجعل من سُننه كذلك أنَّ الجهدَ المنهجي أقربُ للغاية، والسعيَ المنظَّم أدنـى إلى النجاح، والصفَّ المرصوص أقوى في الميدان، والنيَّة الصادقة تحمل ذلك كلَّه، وتدفعه إلى الغاية والنجاح والنصر، والله يُقدِّر ما يشاء، ولا رادَّ لقضائه.

فمهمة الإنسان إذًا بيَّنة واضحة، وواجبُه مُقرَّر جليٌّ، وخصائصه مفصَّلة، فلا مجال للتمنِّي والظنون، ولا فُسحة للهوى والجهل، على طريق الإيمان ودرْب الجهاد.

إنَّ الإِنسان حين يرغب في وظيفة يريدها، فإِنَّه يسعى لها السعيَ الحثيث، لا يُقعده حَرٌّ ولا قُرٌّ، ولا تعب ولا لهو، وإذا أراد أمرًا أعلى نهَض إليه نهوضَ الهِمَّة والنَّشاط، وتَرَك الراحة والاسترخاء، وإذا عَرَضتْ له ثورة، فَزِع إليها بلهفة وشهوة، وإلحاح وعناد.

ويَظلُّ الإنسانُ يجري لاهثًا وراءَ هذه الرغبة أو تلك، وهو يؤمن بأنَّه لا يَنالُها قاعدٌ ولا نائم، وربما بَذَل الإنسان حياتَه وهو يجري لاهثًا وراءَ عَرَض من الدنيا، وهو في سعيِه هذا يَبذل جهدَه ليخططَ ويرسم، وليضع نهجًا ويرسم دربًا، إنَّ الإنسان يَشقَى هذا الشقاء وهو يجري وراءَ دنيا زائلة، وعَرَضٍ كاذب، فكيف يَتصوَّر الإنسانُ إذًا أن تكون طريق الجَنَّة؟! وكيف يكون إذًا دربُ الخلود؟! وكيف يكون السعي إلى الآخرة؟!

إنَّ مَن يَطلب الجَنَّة - إذا كان حقًّا يريدها - يجد أَنَّ درْبها واضح مُشْرِق، وسبيلَها مستقيم منير، ولكنَّه درْبُ جهادٍ ومعاناة، وابتلاء وتمحيص، وبذْل وعطاء، وإيثار وصبر، ونهج وقوَّة، إنه درْبُ نيَّةٍ وإيمان، وعِلْم ودراسة وتدبُّر، ونهْج وتخطيط، وجهاد وجِلاد.

إذا كان الإِنسان يُخطِّط في سعيه لعَرَض زائل، يُجهد نفسه ليلَ نهارَ وهو يُقلِّب الأمور، ويراجع الحساب، وينظر في الخُطوة؛ ليرى أسلمَ نهج، وأصحَّ سبيل يُقَرِّبُهْ إلى غايته، فكيف يكون سعيُ الإنسان للجَنَّة إذًا؟! أَيُعقَل أن يظلَّ السَّعْي متفلِّتًا مِن نهج، مضطربـًا على فوضَى وارتجال، تائهًا في الحَيْرة والشَّكّ؟! فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن خاف أدْلَج، ومَن أدْلَج بلغ المنزل، ألَا إنَّ سلعة الله غالية، ألا إنَّ سِلعة الله الجَنَّة))؛ رواه الترمذي، وقال: حسن غريب[1].

إنَّ أوَّل النَّهج هو اليقين الثابت الذي لا يَتيه في حَيْرة وشكٍّ، وهو النيَّة المشرقة بالعزيمة والوضوح، والإرادة والقوَّة، والجلاء والصِّدْق، حتى تَظلَّ الجَنَّةُ هي الهدفَ الأول الحقيقي المشرِق في حياة المؤمن، وبغير هذه النيَّة الواضحة المشرِقة، وبغير هذه العزيمة الثابتة في إرادتها الماضية في عَزْمها، بغير هذا كلِّه فإنَّ العمل كلَّه سيَتيه ويضطرب، ويبطل ويضيع، وبدون هذا كله لا يستقيم نَهْج، ولا تتحدَّد سبيل.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].

حين تصحُّ النِّيَّة، وتَصْدُق العزيمة، فإنَّنا نحتاج إلى أن نعرفَ الخُطوة الأولى على الدَّرْب، والوثبةَ الأولى في المَيْدان، فإنَّ هذه الخطوة الأُولى هي التي تُحدِّد سائرَ الخُطوات، وإنَّ هذه الوثبة الأُولى هي التي تمدُّ بالقوَّة، وتوسِّع الرَّجاء، وتُقرِّب إلى الغاية.

ولو كانت العقيدةُ غيرَ الإسلام لاخْتَلَف الناس في الخُطوة الأُولى، ولَتنوَّع الاجتهاد، وتضاربتِ الآراء، ولكنَّ الإسلام جعل الخُطوة الأُولى بعدَ الإيمان والنِّية، والعزيمة والقوة، عِلمًا محدَّدًا واضحًا، ومنهاجًا ربَّانيًّا مُيَسَّرًا، لا حُجَّة لأحد بالتولِّي أو الإدبار عنه، وبغير هذا العلم لا تستقيم سبيلٌ، ولا يُشْرق نهْج، ولا تُعرَف تكاليف وواجبات، وتَختلِط الأمور بين خُرافة وحقيقة، أَو كَذِبٍ وصِدق، أو ظنون ويقين، أو وَهْم وحقّ.

إنَّ الأُمور تختلط حتى لا تعُود المعالِمُ محدَّدةً، وحتى لا تتمايز الأشياءُ بخصائصها، لقد اختلطَت المعالِم، وبهتتِ الخصائص، فكيف يتيسَّر التمايُز؟!

إنَّ العِلمَ هو الخُطوة الأُولى على النهْج، إنَّه الخطوة الأُولى بعد النِّيَّة الصادقة والإيمان الصافي، والعزيمة الصحيحة، والعِلم هو كما تُحدِّده العقيدةُ، ويَرْسُمه الدِّين، ويُقرِّره اللهُ ربُّ العالَمين، ويُبلِّغه للناس رسولُه الأمين.

فأساسُ العلم هو مِنهاج الله - قرآنًا وسُنَّة، ولغة عربية - إنه المنهاج الربَّاني كما أنزله الله سبحانه وتعالى بلسانٍ عربيٍّ مبين، يَحْمل الحقَّ المطْلق، والدِّين الكامل، والحُجَّة والنور والبرهان؛ فعن جُندُب بن عبد الله، قال: "كنا مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ونحن فِتيان حَزَاوِرة، فتعلَّمْنا الإيمان قبلَ أن نتعلَّم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازدْدنا به إيمانًا"؛ رواه ابن ماجه[2].

فالإيمان أولًا: "فتعلَّمنا الإيمان"، وإنَّ المؤمن ليتعلَّم قواعدَ الإيمان.

وفي صحيح البخاري: "بـاب العِلم قبل القول والعمل"؛ لقولـه تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]، فبدأ بالعِلم، وإنَّ العلماء ورثةُ الأنبياء، وقال جلَّ شأنه: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].

وقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّين، وإنما العِلم بالتعلُّم...))؛ رواه البخاري[3].

إنَّ النِّيَّة مقرونة بالإيمان، والإيمان متَّصِلٌ بالعِلم، والنِّية والإيمان والعلم تُمَثِّل كلُّها في ترابُطها الدربَ السليم للتطبيق، والصراطَ المستقيم للممارسة، ويظلُّ الدرب مُشْرقًا بالنُّور على قدر صِدْق النيَّة، وسلامة الإيمان، وصحَّة العِلم، ويكون الإشراق نهجًا واضحًا، وخطة جليَّة، وخُطًى تتسابق، وأنفُسًا تتزاحم، على درْب طويل إلى الجَنَّة.

إنَّ واقع العالَم الإسلاميِّ اليوم يدعو بإلْحاح وقوَّة إلى دراسة أسباب الضعْف، وعواملِ الانهيار، وإلى البحْثِ عن حلولٍ ووسائلَ، وأساليبَ وبدائل، وعسى أن يَرفَع اللهُ بها البلاء، ويَقطَع الفِتْنة، ويَدفَع إلى مسالك العزَّة والانتصار، إننا أمامَ وضْعٍ مذهل مِن فِتَن وهوان، وانحراف وضياع، ولكنَّ النفْس المؤمنة تتماسك أمامَ الأعاصير، وتتجلَّد أمامَ المِحنة، حتى تفكِّر بإيمان وعِلم ورَوِيَّة.

لو أَحصَيْنا عددَ الذين يَدخلون بيوتَ اللهِ يُصَلُّون في العالم الإسلامي، لوجدْنا أنَّ العدد كبيرٌ جدًّا، يَكفي ليقدِّم للأُمَّة أعظمَ الجيوش عددًا، وأوسعَها مـددًا، ومع ضخامة العَدد والمَدد نجد الهزيمةَ والضياع، فهنالك إذًا مرضٌ ما، أو وهنٌ ما، أو سوءٌ ما، لا نكاد نلحَظه بسهولة أمامَ الصلاة القائمة، والشعائر المؤدَّاة!

 

فلو كانتِ الصلاةُ تؤدَّى بحقٍّ حتى تؤتيَ ثمارَها، ولو كانت الشعائر تُقام على صفائها، لدفعَتْ هذه أَفواجًا مِن الجنود، وأَمواجًا مِن شُهداء الحقِّ، يَرْسُمون طريقَ العزَّة لا الذِّلْة، والنصر لا الهزيمة.

ففي حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن ثوبانَ قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((يوشِك الأممُ أَن تداعَى عليكم كما تداعى الأَكَلةُ إلى قصعتها، فقال قائل: ومِن قلَّة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنَّكم غثاءٌ كغثاء السيل، ولَيَنزعنَّ اللهُ مِن صدور عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفنَّ اللهُ في قلوبكم الوَهنَ، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهنُ؟ قال: حبُّ الدنيا وكَراهيةُ الموت))؛ رواه الإمام أحمد، وأبو داود[4].

ولو رجعْنا إلى تاريخنا لرأَيْنا أنَّ المرض ليس وليدَ ساعة، ولا هو قضية سنوات، ولكنَّها قرون طويلة طرقتِ العالَمَ الإسلاميَّ بالفواجع، ومدَّت فيه المجازر، وسكبَت الدِّماء، فالمرض إِذًا أقربُ لأَنْ يُعرفَ مِن شواهد التاريخ إنْ طُوِيَ الحاضر، أو مِن فواجع الحاضر إنْ غاب التاريخ، أو منهما معًا.

وأوَّل درْس نتعلَّمه من تلك الأحداث: هو أنْ يبدأَ المسلِمُ بنفسِه، وأن يرى المرضَ فيه كما هو بغيره، فلا يُكثرنَّ اللومَ والعتاب، وليأخذنَّ نفسه بالبناء والعلاج أولًا، حتى يكون مَثَلًا وقدوة، وحتى يكونَ لكلامه آذانٌ تسمعه، ولعمله عيونٌ تراه.

والدرس الثاني: هو أنَّه لا بدَّ مِن أن يكون لكلِّ فرْد في الأمَّة مسؤولية وأمانة، وأنَّ عليه أن ينهض لمسؤوليته وأمانته بهمَّة وجِدّ، وعزْم وحزْم، وقوَّة وعزيمة.

 

والدرس الثالث: هو أنَّ هذه المسؤولية والأمانة في حدودها العامَّة، لا يُحَدِّدُها بَشَر، ولا يقرِّرُها إِنسان، ولكنَّها واجبات ومسؤوليات حدَّدها ربُّ العالمين، خالق الإنسان وربُّ الإنسان، خالِق السماوات والأرض وما بينهما، حدَّدها اللهُ في منهاجه الربَّانيّ، فمِن هناك فقط تُعرَف الأمانةُ وحدودُها، والواجبات وبنودها، والمسؤولية ومداها، ولا يَتعارض ذلك مع ضرورةِ وضْع تفصيلات، وإقرار جزئيَّات تقُوم على أساسٍ مِن مِنهاج الله، والواقع الذي يَعيشه المسلِم، وتَظلُّ هذه التفصيلات تُمثِّل جزءًا مِن مهمَّة الإنسان في مُمارسته لمِنهاج الله في واقعه البَشَريّ.

من هذه القضايا الثلاث ينطلِقُ تصوُّرُنا للخُطوة الأُولى على الدرْب، والوثبة الأُولى في الميدان، وإنَّ البحث الذي نسوقه يقُوم على نفْس القاعدتَين الثابتتَين اللَّتين ندعو لهما: المنهاج الرباني - قرآنًا وسُنَّة، ولغة عربية - والواقع البشريِّ.

أمَّا بالنسبة لواقعنا اليوم، فيُمكن أَن ندرُسَه ونفهمَه مِن خلال عمليَّةٍ إحصائيَّة، تُقدِّم لنا أكبر عدد مِن النماذج البشريَّة مِن واقع المجتمع الإسلامي الحاليِّ، ومِن دراسة هذه النماذج - وُسعًا وطاقة، إيمانًا وعِلمًا، بذلًا وجهدًا، وعيًا والتزامًا، تجرِبة وخِبرة - نستطيع أن نَصِلَ إلى ما هو أَصـحُّ مِن الظنِّ، وأقرب للأمانة، وأوسع فائدةً في رَسْم نهج ومعالجة موقف.

ولكنَّ الدراسة يجب أن تخضعَ لميزان الإسلام الدقيق، للميزان الحقِّ، لا يعصِف به الهوى، ومِن مثل هذه الدِّراسة تجدُنا نصِلُ إلى نتائجَ واضحة بيَّنة، لم يكن يُخفيها عن البصيرة إلَّا غشاوةٌ من هوى، حالتْ دون ردِّ الأُمور إلى منهاج الله، ولا نريد هنا أن نسوقَ أَرقامًا وأَمثلة وتفصيلات، ولكنَّنا نطرق أهمَّ النتائج التي تَعنينا هنا.

إنَّ أوَّل ما نَلْمَسه في واقع المسلمين مِن دراسة هذه الشرائح والنماذِج هو ضَعْفُ الزاد مِن العِلم الحقِّ، واللهُ أَعلَم بحال الإيمان، وإنَّ ضعْف الزَّاد مِن العلم في مساحة واسعة جدًّا مِن الأمَّة، واضطرابه لدَى فِئةٍ أُخرى - جَعَل الميزانَ لدَى الرأي العام يَضطرب، والصورَ تَختلط، وسَهَّل على الأَعداءِ وأهلِ النِّفاق أَن يَندَسُّوا بين الصفوف، وأن يَقتحِموا الأسوار، وأن يَعلُوا الثغور.

ولو قارنَّا هذه الصورةَ مع الصورة التي نراها في الأُمَّة في حياة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم لرأيْنا عظيمَ الفَرْق، وهوْلَ الخطر الذي يتهدَّدُنا.

من هذه النُّقطة، مِن هذه الزاوية، مِن هنا نرى أنَّ الخُطوة الأُولى يجب أن تبدأ، إنَّها الخُطوة الأُولى التي لا تُعطِّل الخطوات التالية، ولكنَّها تدفعها دفعًا واعيًا قويًّا، ونوجِّهها وجهةً مطمئنةً رضيَّةً.

وإننا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبَّل هذا العمل نقيًّا طاهرًا، خالصًا لوجهه الكريم.
ونسأله تعالى أَن يَمُنَّ علينا بلُطْفه فيجنِّبنا الزلل، وهو الوليُّ الحفيظ.
فإنْ أصبْنا خيرًا فذلك مِن فضلِه ورحمته، وأمَّا الزَّلَل فمِن الشيطان، ومما كسبتْ أيدِينا.
نلجأ إلى الله، إلى عفوِه، إلى رحمتِه التي وَسِعتْ كلَّ شيء.

ــــــــــــــــــــ
[1] سُنن الترمذي، أبواب صفة القيامة (38)، باب (18)، حديث رقم (2450).
[2] سُنن ابن ماجه، المقدمة، باب في الإيمان (9)، حديث رقم (49).
[3] صحيح البخاري، كتاب العِلم (3)، باب العِلم قبل القول والعمل (10).
[4] سُنن أبي داود : كتاب الملاحم (31)، باب في تداعِي الأُمَم على الإسلام (5) حديث رقم (4297) ، أحمد : المسند : (5/278) ، الفتح الربَّاني : (24/31،32).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ثق واطمئن.. أنت على الطريق
  • الأمانة بين الدنيا والآخرة
  • فضل العلم
  • المؤمن الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات ( خطبة )
  • حقيقة العلم والعالم عند أولي الألباب
  • إشراقة: اليأس قطار سريع نحو الموت
  • المؤمن وقاف حتى يتبين

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث أبي هريرة: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فهم واقع الحياة في قصة صاحب الجنتين: تفكير المؤمن وتفكير غير المؤمن في قصة صاحب الجنتين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفكير المؤمن وتفكير غير المؤمن: التفكير الكلي والتفكير الجزئي(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • حديث: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حياة المؤمن بين صبر وشكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التراحم والأخوة بين المؤمنين (إنما المؤمنون إخوة)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • المؤمن للمؤمن كالبنيان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من هدايات السنة النبوية (17) المؤمن للمؤمن كالبنيان(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • المحكمات بين ثبات المؤمن وارتباك الملحد(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
14- بورك هذا القلم
ماهر جودة - الإمارات العربية المتحدة 29-12-2009 09:10 PM
شعلة نور وإيمان يحملها العلامة الدكتور عدنان النحوي في كتاباته في هذا الزمن القاسي الذي طغت فيه الماديات واهتزت فيه الأفكار ،، ولكن الثبات الذي يعلمنا إياه العلامة يزيدنا إيماناً وتشبثاً بكتاب الله ، ويعمق فينا الإيمان والتوحيد ..
مع دعائنا باستمرار هذا القلم الواعي وهذا القلب النابض حيوية وإيماناً في هذا الزمن الصعب ..
13- سحقا سحقا لمن غير وبدل!!!
عزالدين إبراهيم - فلسطين الحزينة 26-12-2009 05:35 AM
(((ولو قارنَّا هذه الصورةَ مع الصورة التي نراها في الأُمَّة في حياة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لرأيْنا عظيمَ الفَرْق، وهوْلَ الخطر الذي يتهدَّدُنا.))) نعم فضيلة الدكتور ,لكن من الذي يقارن !!! لقد ناديت لو أسمعت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي!!! الناس موتى وأهل العلم أحياء!!! إنهم بدلوا وغيروا....
12- لايعرف العشاق اين سيلتقون في السجن ام في الموت ام في ظل وردة
د عبدالعزيز ابراهيم - فلسطين 25-12-2009 10:58 PM
هذه الكلمات المشرقة الرائعة تاتي في هذا الزمن من هذا الشيخ الجليل الدكتور عدنان النحوي بورك فيك وبقلمك بورك في عطائك أمد الله في عمرك ونفع بك الامة
11- "وسعى لها سعيها"
ممدوح أبو حصيرة - فلسطين 25-12-2009 07:27 PM
{وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً }الإسراء19 ، سبحان الله القائل " وسعى لها سعيها"
ينقصنا الصدق في العزيمة والبذل والعطاء، تأخرنا في تحقيق أهداف الدعوة الإسلامية هو ناتج عن انشغالنا بالدنيا ، أما لو كان سعينا للآخرة لأرانا الله النصر والتمكين في الدنيا و الجنة في الآخرة،.
بارك الله في الداعية النحوي وأسأل الله أن يديم عليه الصحة والعافية وحسن العمل
10- جهل أم تجاهل!!!
عزالدين إبراهيم - فلسطين 24-12-2009 02:48 PM
(((إنَّ واقع العالَم الإسلاميِّ اليوم يدعو بإلْحاح وقوَّة إلى دراسة أسباب الضعْف وعوامل الانهيار، وإلى البحْثِ عن حلولٍ ووسائلَ، وأساليبَ وبدائل، وعسى أن يَرفَع الله بها البلاء، ويقطع الفِتْنة، ويدفع إلى مسالك العزَّة والانتصار، إننا أمامَ وضْع مذهل من فِتن وهوان، وانحراف وضياع، ولكنَّ النفْس المؤمنة تتماسك أمامَ الأعاصير، وتتجلَّد أمامَ المِحنة، حتى تفكِّر بإيمان وعلم ورويَّة))): هذا هوالحال إذا كنا لانعرف أسباب الضعف وعوامل الانهيار,فمابالكم إذا كنا نساهم فيها ونشارك فيها ونعتبر أعمالنا عملا إسلاميا نتقرب به إلى الله !!! ونحن نتجاهل المنهاج الرباني , ونردالأمور إلى قوتنا وعربدتنا على الساحة!!! لانعترف إلا بالقوي ,ولانقيم وزنا للآخرين طالما أنهم تحت السيطرة, بل قد نكمم الأفواه ,ونعد ذلك عملا إسلاميا,فكم من الكبائر ارتكبت باسم الإسلام !!! والله المستعان.
9- المسؤلية الفردية بين الحقيقة والشعار!!!
أبو موسى إبراهيم موسى - فلسطين 23-12-2009 04:32 AM
كم من الناس يدعو إلى التغيير والإصلاح هم أحوج الناس إلى الإصلاح,فمن عجز عن إصلاح نفسه فهو أعجز عن إصلاح غيره أو إصلاح المجتمع!!!ومن سد أذنيه عن النصيحة فقد فرصة عظيمة لمعرفة سبيل الإصلاح والعلاج,وتعرض أكثر للمتاهة والضلال!!((كلمات مضيئة))للدكتور عدنان النحوي حفظه الله
8- في كل يوم نزداد يقبنا
عدلي ابو هاشم - qatqr 22-12-2009 11:44 PM
بارك الله فيك يادكتور 0 ان الواقع يزيدنا كل يوم يقينا بان هذا الطريق هو طريق العزة والتمكين 0 نعم انه طريق شاق وطويل ولكنه طريق وحيد ولا طريق سواه
(وأنّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله)
أدعو جميع المسلمين الى المزيد من البذل في الجهد والمال والنفس على هذا الطريق
7- إشراقة المؤمن بين العلم والتطبيق
رستم الشاهد - KSA 22-12-2009 08:05 PM
لا أملك إلا أن أقول جزاك الله خيراً يا دكتور عدنان فلقد كتبت فأوضحت و ليس بعد البيان بيان .... أدامك الله لهذه الأمة نبراساً يوقظها من سباتها العميق
6- لا بد من الخطوة الأولى
صلاح الدين قنديل - الأردن 22-12-2009 01:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد عودنا فضيلة الداعية الدكتور عدنان على تذكير الأمة والأفراد بواجباتهم المنسية أو المتهاون في تأديتها. القليل من المسلمين يدركون أو يعترفون أن لهم دورا فيما آل إليه حال المسلمين اليوم . من السهل جدا إلقاء اللائمة على الغير وتبرئة النفس من أي مسؤولية وإيجاد المسوغات التي لا حصر لها . لكن الواقع أن الكل مسؤول عما وصلت إليه الأمة من ضعف وهوان وذلة لكن بدرجات مختلفة ، تصغر أو تكبر تبعا للمسؤولية الملقاة على عاتقه .
لا بد من التغيير الذي يبدأ عند الفرد نفسه ، وقد أوضح الدكتور عدنان جزاه الله خيرا طريق التغيير ، وضرورة أن يقوم الفرد المسلم بالخطوة الأولى والتي سيتبعها خطوات وخطوات عسى الله أن يرحم هذه الأمة وينعم عليها بالنصر والتمكين .
أسأل الله أن ينفعنا بهذا المقال ويجزي عنا فضيلة الدكتور عدنان والقائمين على هذا الموقع خير الجزاء .
5- مصارحة ونصيحة ومراجعات دعوية
إبراهيم برهوم - قطاع غزة الحزين-فلسطين 22-12-2009 04:51 AM
((حين تصحُّ النِّيَّة وتَصْدُق العزيمة، فإنَّنا نحتاج إلى أن نعرفَ الخُطوة الأولى على الدَّرْب، والوثبةَ الأولى في المَيْدان، فإنَّ هذه الخطوة الأُولى هي التي تحدِّد سائرَ الخُطوات، وإنَّ هذه الوثبة الأُولى هي التي تمدُّ بالقوَّة، وتوسِّع الرَّجاء، وتُقرِّب إلى الغاية.)):التعليق: مايدور على الساحة يلخصه فضيلة الدكتور النحوي بقوله :كل يقول أنا الذي فإذا الذي ليس الذي ياويل من لم يعدل !!! نعم: عندما يستعلي الباطل على الحق نرى الظلم يحيط بنا من جميع جوانب الحياة!!! فرق بين أن تدعو للعدل وأنت مستضعف , وبين أن تكون حاكما مسيطرا وقتها ستمارس الظلم بشتى أنواعه,وستتغرب ممن ينادي بالعدل,بل قد تضعه في السجن,لأنك تعتبره ظالما, وهو في الحقيقة مظلوم!!!! ندعو جميع من على الساحة أن يراجعوا أدبياتهم وقواعد العمل الإسلامي والذي يمارسونه مراجعة دقيقة,بعيدا عن الحزبيةو الكاذبة والتي أهلكت الحرث والنسل ,وأسدت مصالح البلاد والعباد, وماأجمل كتاب (مصارحة ونصيحة)للدكتور:عدنان النحوي حفظه الله ,وهو على موقع ((لقاء المؤمنين وبناء الجيل )) ويمكن تحميله من -كتب للتحميل- وأشكر موقع الألوكة وأخص بالذكر:الدكتور سعد الحميد ,ومن قطاع غزة الحزين لكم جميعا أجمل التحيات .
1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب