• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

هل النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور؟

هل النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور؟
سامح محمد البلاح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/1/2015 ميلادي - 25/3/1436 هجري

الزيارات: 44592

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هل النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور؟


النبي صلى الله عليه وسلم بشر، يتفق في تكوينه البشري مع سائر البشر، ولا يختلف في بنيانه عنهم، فهو من دم ولحم وعظم وما خالطهم، انحدر من أب وأم كسائر البشر، وتمضي عليه سنن الله فيهم، يأكل كما يأكلون، ويشرب كما يشربون، ويشبع حاجاته الغريزية كما يشبعون، وبشريته ثابتة بالكتاب والسنة، يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾ [الكهف: 110]، فالآية تقرر بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن في الوقت نفسه لا تساويه بالبشر؛ لأنه معصوم من الله سبحانه وتعالى، والشواهد والدلائل التي تثبت ذلك كثيرة ومبثوثة في كتب السنة والدلائل. وإذا أمعنا النظر في الآية، نجدها تقرن بين بشريته صلى الله عليه وسلم وإيحاء الله له، فقوله تعالى: ﴿ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾. إثبات للبشرية والمثلية في الجنس والصورة والهيئة، وقوله: ﴿ يُوحَى إِلَيَّ ﴾. مناط التكريم والتفضيل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم فضل البشر وارتقى عليهم بما منحه الله سبحانه وتعالى من الرسالة والنبوة، ومع ذلك، لا يخرجه هذا التكريم والتفضيل عن وصفه البشري. وكذلك ما يعتريه من بعض الأحوال أثناء تلقي الوحي واتصاله بالملأ الأعلى لا يرفع عنه صفة البشرية. وجماع الأمر فيه أنه بشر كملت أخلاقه، واكتملت صفاته، وكرمه الله تعالى على سائر الخلق بالرسالة، فكان سيد البشر أجمعين.

 

وصدق من قال:

1 فمبلغ العلم فيه أنه iiبشر        وأنه خير خلق الله كلهم

ولقد أردنا من هذا التقديم أن نجعله خلفيَّة ندحض من خلالها شبهات المضللين وأصحاب البدع والخرافات وأكاذيبهم، وما يروجون له من بدع وافتراءات وغلو ما أنزل الله به من سلطان.

 

من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم له محبة في القلوب لا تضارعها محبة، وهذه المحبة لا بد منها للمسلم؛ لأنه لا يكتمل إيمانه إلا بها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أنس بن مالك رضي الله عنه: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين". متفق عليه.


ومن تلبيس إبليس على البعض غلوهم في هذا الحب، وابتداعهم أمورًا لا تخضع لمنطق العقل، مقتنعين أن ما يفعلونه من بدع، وما يبثونه من سموم بين عوام الناس يغيبون بها عقولهم من كمال حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فراحوا يعزفون على وتر حب العوام للنبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيمهم إياه، فعمُّوا عليهم كثيرًا من الأمور، وروَّجوا بينهم كثيرًا من الضلالات، قوامها المغالاة في هذا الحب، والمبالغة في إطراء النبي صلى الله عليه وسلم، فنسبوا إليه ما هو منه براء من مثل أن الرسول مخلوق من نور الله، وأنه ليس له ظل كسائر البشر، وأنه نور العرش، وأن الكون مخلوق لأجله.

 

إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة وجوب الصلاة والزكاة، فبها يكتمل إيمان العبد، وهي سبيل نيل الدرجات العلى، وهذه المحبة لا ينبغي أن تقود إلى الغلو والشطط، بل يجب أن يتحلى المؤمن في كل سلوكه بالوسطية والاعتدال، الذي هو من سمت الشريعة وخصائص الدين، فالوسطية هي السياج المنيع الذي يحفظ التوحيد من كل شائبة قد تشوبه، والغلو في كل الأمور سنة إبليسية، لا يفعلها إلا أصحاب الأوهام والظنون.


ولقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الغلو والتنطع، حتى ولو كان في شخصه صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا أيها الناس، عليكم بقولكم، ولا يَسْتَهْويَنَّكُمُ الشيطانُ، أنا محمدُ بنُ عبد الله، عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني اللَّهُ عز وجل".رواه أحمد. وقال أيضًا: "لا تطروني - أي: لا تمدحوني - كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله". رواه البخاري. لأن النصارى ما ضلوا وما حادوا عن الجادة، إلا بسبب غلوهم في إطراء عيسى ابن مريم عليه السلام، وقولهم فيه ما يهتز له عرش الرحمن، ومهما يعتذر مَنْ يغالون في النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يحبونه ويعظمونه لا نقبله؛ لأن صيانة التوحيد وحمايته ضرورة لا تقايض باعتذار، فما أُرسِلت الرسل إلا لنشر التوحيد وتبليغه، وليس من المعقول أن يُجعَل من الرسول أو النبي معولاً لهدم بنيانه الشامخ، أو تكدير نبعه الصافي.

 

طال الكلام، وامتد الحديث بنا، فماذا بعد؟

إن كل ما تقدم ما هو إلا بساط نمده بين يدي هذا الكلام؛ لنبحث السؤال الذي عنونَّا به، وهو: هل النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور، أو هو نور؟

 

نقول: إن للكون سننًا إلهية لا تتبدل ولا تتغير، تسري على كل عناصره، لا يند عنها شيء أو أحد مهما علا أو ارتقى، فالكل خاضع لهذه النواميس الإلهية المحكمة، هذا أولاً.

 

ثانيًا: إن الإيمان إذا اكتمل، فإنه يشيع في النفس إشراقًا وصفاء، ويملأ القلب ضياء ونورًا، يفيض حتى ينعكس أثره على الوجه نورًا، ويكسب صاحبه القبول عند الناس، فيجعلهم يأنسون له حين لا يأنسون بغيره، ويستشعرون صلاحه حين لا يكون هناك أمارات للصلاح، غير هذا النور المعنوي الذي تستشفه النفس، ويلمسه القلب، فينشرح له الفؤاد، وتنقشع بسببه الظلمات التي شاعت في جوانب النفس.

 

والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي من يحقق كمال العبودية لله سبحانه وتعالى؛ لذلك فإنه معصوم منه سبحانه وتعالى، وله خصائص لا يشاركه فيها أحد من البشر، وهذه الخصائص من مظاهر تكريمه صلى الله عليه وسلم، وبمثابة دلائل على نبوته، وأمارات على صدق دعوته؛ مثل: حنين الجذع إليه، وتسبيح الحصى بين يديه، وتكليم الشاة المسمومة له، وتظليل الغمام إياه، كل ذلك منحة من الله تعالى له، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أكمل البشر إيمانًا وخلقًا؛ لذا فلا غرو أن يكون لهذا الإيمان الكامل نور يلف وجهه الكريم، يبصره الرائي ويستشعره، وقد قالوا: إن الوجوه مرآة القلوب، تتجلى فيها أمارات الصلاح، وتنعكس عليها آثار الطاعة والإيمان. فإذا كنا نلمس هذا مع عباد الله الصالحين، فما بالنا بالنبي صلى الله عليه وسلم؟!

 

هذا وقد يفهم البعض خطأً - إما بحسن نية أو بسوء فهم - أن هذا النور يرفع الظلام الحسي ويبدده، فهذا الفهم الخاطئ لا تقوم له حجة، ولا يستقر أمامه دليل؛ لأن لله تعالى في هذا الكون سننًا وقوانين لا تتبدل، وأسبابًا ومسببات لا تتحول، وما زعمه البعض من أن في القرآن دليلاً على أن النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور، وهو قوله: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15، 16]، فكلمة النور التي جاءت هنا تطلق في القرآن الكريم تارة على القرآن، وتارة أخرى تطلق على النبي صلى الله عليه وسلم، على اعتبار أن كلاًّ منهما ينير للبشر طريق السعادة، ويرشدهم إلى سبل الخير، كما تطلق أيضًا على الحق سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [النور: 35].

 

لذا قيل: إن النور هنا في هذه الآية هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو نور لمن اتبعه واقتدى به، نور باعتبار ما جاء به من الهداية والرشاد، يبدد ظلمات الشرك والضلال، ألم يقل الله تعالى: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [البقرة: 257]. وهذا النور لا يجده إلا مَن خلع مِن عنقه ربقة الشيطان، وأضاء ظلمات نفسه باتباع هذا الدين، والاقتداء بهذا النبي الأمين صلى الله عليه وسلم.

 

يقول الطبري في تفسير هذه الآية: يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ ﴾. يا أهل التوراة والإنجيل ﴿ مِنَ اللَّهِ نُورٌ ﴾، يعني بالنور: محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله تعالى به الظلمات وأظهر به الإسلام ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به إذ إنه يبيِّن الحق. ومن إنارته الحق، تبيينُه لليهود كثيرًا مما كانوا يخفون من الكتاب.


وقوله: ﴿ مِنَ اللَّهِ نُورٌ ﴾. يقول جل ثناؤه: قد جاءكم من الله تعالى النور الذي أنار لكم به معالم الحقِّ. ﴿ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾، يعني: كتابًا فيه بيان ما اختلفوا فيه بينهم؛ من توحيد الله تعالى، وتبيين الحلال والحرام وشرائع الدين، وهو القرآن الذي أنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، يبين للناس جميع ما بهم الحاجةُ إليه من أمر دينهم، ويوضحه لهم، حتى يعرفوا حقَّه من باطله. تفسير الطبري، 2/ 183.


وقيل: إن المراد بهذا النور ما أرسله الله به من الوحي، مِن عطف الخاص على العام، لذا فوصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نور من نور الله، إن أريد به أنه نور ذاتي من نور الله، فهذا مخالفة صريحة لنص القرآن الذي يثبت بشريته، وإن أريد أنه نور باعتبار ما بعثه الله تعالى به من الوحي قرآنًا وسنة كانا سببًا في هداية من شاء الله من خلقه، فهذا صحيح لا مخالفة فيه؛ لأن نور الهداية والرشاد من الله سبحانه وتعالى يمنُّ به على من يشاء من عباده، قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ * وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾ [الشورى: 52، 53].

 

جاء في الظلال أنه: ليس أدق ولا أصدق ولا أدل على طبيعة هذا الكتاب - القرآن - وعلى طبيعة هذا المنهج - الإسلام - من أنه "نور". إنها حقيقة يجدها المؤمن في قلبه وفي كيانه وفي حياته، وفي رؤيته وتقديره للأشياء والأحداث والأشخاص، يجدها بمجرد أن يجد حقيقة الإيمان في قلبه. "نور" نور تشرق به كينونته فتشف وتخف وترف، ويشرق به كل شيء أمامه، فيتضح ويتكشف ويستقيم؛ ثقلة الطين في كيانه، وظلمة التراب، وكثافة اللحم والدم، وعرامة الشهوة والنزوة، كل أولئك يشرق ويضيء ويتجلى.. تخف الثقلة، وتشرق الظلمة، وترق الكثافة، وترف العرامة، واللبس والغبش في الرؤية، والتأرجح والتردد في الخطوة، والحيرة والشرود في الاتجاه والطريق البهيم الذي لا معالم فيه. كل أولئك يشرق ويضيء ويتجلى، يتضح الهدف، ويستقيم الطريق إليه، وتستقيم النفس على الطريق. "نور وكتاب مبين". وصفان للشيء الواحد، لهذا الذي جاء به الرسول الكريم. في ظلال القرآن، 2/ 336.


ويقول الشيخ عطية صقر ردًّا على سؤال في هذا الموضوع: إن الرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يُخلق من نور، فهو من ذرية آدم، وآدم من طين، وهو القائل: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر".

 

والله - سبحانه - أمره أن يُبيِّن للناس ذلك فقال: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ [الكهف: 110]. وقال: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 93]. وكون اللَّه تعالى أخبر عنه بأنه نور، وكون بعض الآثار جاءت تخبر بأن نوره كان موجودًا قبل أن يُولد، كل ذلك لا ينفى أنه بشر، وهو - عليه الصلاة والسلام – ليس في حاجة إلى اختلاق أمور تزيده شرفًا وتكريمًا، فكفى تشريف اللَّه تعالى له فيما ثبت من الأخبار. وقد تحمِلُنا شدة حبه على وضعه فوق ما يستحق، وهو القائل كما رواه البخارى: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، ولكن قولوا: عبد الله ورسوله". وبرهان حبنا له جاء في قوله: "من أحبني فَليَسْتَنَّ بسنتي". فتاوى الأزهر، المفتي الشيخ عطية صقر.


وجماع الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اختصه الله بفضائل جمة، كلها تنبئ بمقامه عند ربه، ولو كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه مخلوق من نور، أو هو نور بالمعنى الحسي، لأخبر بذلك صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم، ولكن لم يرد ذلك، ولم يكتم النبي صلى الله عليه وسلم أمرًا يسمو به على سائر الأنبياء والمرسلين، فضلاً عن كونه معجزة. وليس معنى ذلك أننا نجرد الرسول من خاصية يكمل بها فضله، فالله سبحانه وتعالى هو الأعلم بقدر نبيه، ويعلم ما يرفعه ويسمو به، ولو كانت هذه الخاصية من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم لذكرها الله في كتابه، حتى ولو في معرض الامتنان على نبيه، ولكن الحق - جل وعلا - حين امتنَّ على نبيه، وصفه بأحب الأوصاف، التي هي في الحقيقة أعلى درجات التكريم والتشريف، وهي صفة العبودية، فقال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [الإسراء: 1].

 

ويتصل بتلك الفرية التي أسهبنا في الرد عليها فرية أخرى، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى في الظلام كما يرى في النور، أو يرى بالليل كما يرى بالنهار، استنادًا إلى حديث مروي عن عائشة يقرر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى في الظلماء كما يرى في النور، جاء في المواهب اللدنية للقسطلاني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بالليل في الظلمة كما يرى في النهار في الضوء. رواه البخاري. وروى البيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى في الظلماء كما يرى في الضوء.


يقول الزرقاني في شرحه معلِّقًا على إسناد الحديث للبخاري: لم أجده فيه، وإنما عزاه السيوطي وغيره للبيهقي في الدلائل، وقال: إنه حسن. قال شارحه: ولعله - أي الحكم بالحسن - لاعتقاده، وإلا فقد قال السهيلي: ليس بقوي. ونقل ابن دحية تضعيفه في كتاب "الآيات البينات" عن ابن بشكوال؛ لأن في سنده ضعفًا، فكيف يكون في البخاري؟!


وحديث البيهقي رواه أيضًا ابن عدي، وبقي بن مخلد كما في الشفاء، وضعفه ابن الجوزي والذهبي. لكنه يعتضد بشواهده، فهو حسن كما قال السيوطي. المواهب اللدنية 4/ 83.


وخلاصة ما قاله الزرقاني أن الأحاديث التي يُستدل بها على أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في الظلام كالنهار، سندها ضعيف أو حسن. وذكر الزرقاني أنه صلى الله عليه وسلم قام ليلة فوطئ على زينب بنت أم سلمة بقدمه وهي نائمة، فبكت، وقد يكون ذلك لبيان أن رؤيته في الليل كالنهار ليست في كل الأحوال.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التمثل الذهني لصورة النبي.. خلقا وخلقا
  • شخصية النبي صلى الله عليه وسلم ومقاييس العظمة
  • النبي - صلى الله عليه وسلم - القدوة والأسوة

مختارات من الشبكة

  • من فضائل النبي: أكرم الله جبريل بأن رآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استأذن ملك القطر ربه ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا؟ ولماذا؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأنبياء في الدنيا(مقالة - ملفات خاصة)
  • لم يتبق من قبور الأنبياء إلا قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
1- رؤيته عليه السلام في الظلام
محمد الوجدي الناصري - Nederland 10-02-2015 02:14 PM

أحسن الله إليكم.
أشرتم بارك الله فيكم لرؤيته صلى الله عليه وسلم في الظلام كرؤيته في النور، وقلتم أن الأدلة في هذا المقام إما ضعيفة أو حسنة استنادا للزرقاني رحمه الله تعالى، ورغم هذا وصفتم رأي من يقول بها بالفرية، وكان عليكم أن تختاروا أفضل تعبير لتعبروا به عن مقام مختلف فيه، ولو كان رأيكم مخالفا لغيركم.
ورؤيته صلى الله عليه وسلم بالليل كرؤيته بالنهار في بعض الأحوال يكاد يتفق عليها كل من كتب من علمائنا في الدلائل.
والأدلة في مظانها معروفة.
حفظكم الله ورعاكم، ودمتم محبين للحبيب صلى الله عليه وسلم.
وننتظر المزبد منكم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب