• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

الترجمة التشيكية الأولى للقرآن الكريم والوحيدة حتى القرن العشرين

الترجمة التشيكية الوحيدة للقرآن الكريم عام 1614م
محمد سعيد الملاح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/9/2014 ميلادي - 21/11/1435 هجري

الزيارات: 13742

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الترجمة التشيكية الأولى للقرآن الكريم والوحيدة حتى القرن العشرين

 

مقدمة تاريخية:

كانت تشيكيا تقع ضمن أملاك ملوك النمسا من آل هابسبورغ، وعندما حاصر العثمانيون الأتراك فيينا، كان لهذا الحصار فعل الزلزال على أوربا بأسرها، وثار اهتمام العلماء والدارسين للتعرف على هذا الدين الذي يحمله الأتراك إلى كل بلد فتحوه، وعلى ثقافتهم وتاريخهم وطريقة حياتهم، وبذلك بدأت الدراسات الشرقية وما سُمِّي بالاستشراق، وكان أهم غاياتهم هو التعرف على كتاب "القانون التركي"، يقصدون بذلك القرآن الكريم كما كانوا يُسمونه.


وقد جاء في دائرة المعارف التشيكية أن أول ترجمة باللغة التشيكية لمعاني القرآن الكريم قد جاءت في كتاب بعنوان: "رفض القرآن أو ضد القرآن Anitalkoran"؛ لمؤلفه: "فاتسلاف بودوفِتس ز. بودوفا Václav Budovec z Budova" (1551 - 1621)، وقد أنجز الكتاب عام 1593، لكن الرقابة لم تجزه، ولم يَصدر إلا في عام 1614[1]، وقد طبع منه طبعة حديثة عام 1989، ولا يُعرف وجود أي محاولة أخرى لترجمة القرآن الكريم إلى اللغة التشيكية حتى بداية القرن العشرين؛ أي: إن هذه الترجمة التي ندرسها قد شكلت مصدر معلومات الشعب التشيكي عن الإسلام، ووجَّهت عواطفه تجاهه؛ مما أعطاها أهمية كبرى تستوجب دراستها بالتفصيل.


ولا أريد استعراض تاريخ الاستشراق التشيكي، ولكني أريد أن أذكر بعض المعارف المتوفِّرة عند التشيكيين عن العرب والمسلمين قبل تأليف هذه الترجمة؛ أي: المعارف التي كان يجب أن يتحلى بها المترجم قبل إقدامه على تأليف كتابه؛ ولذلك أنقل عن كتاب الاستشراق لنجيب العقيقي باختصار:


"أُسِّسَ كرسي الدراسات الشرقية في "جامعة تشارلس" ببراغ Prague عام 1348؛ حيث عُلِّمتْ في كلية الآداب اللغات السامية، وآداب اللغة العربية، وتاريخ الإسلام، وقدَّرَ العلماء التشيكيون منذ القرن الرابع عشر الثقافة العربية حقَّ قدرها، ولا سيما الطب وعلم الفلسفة والفلك، وترجموا كتب ابن رشد، وابن سينا، والرازي، والفرغاني (في الفلك)، وجابر بن حيان (في الكيمياء)، وإضافة للعلماء، فقد قام الكتاب التشيكيون بالتأليف في تاريخ البلاد العربية وجغرافيتها وعاداتها وعقائدها، كدليل الحاج لـ "دِه برايندنباخ Breindenbach" (1481)، وسيرة النبي محمد (1498).


ووصف الرحالة "مارتن كريفوستي M. Krivousty" عام 1477م، و"مارتن كاباتنيك M. Kabatnik"1491) رحلتيهما إلى بلاد الشام ومصر دقائقَ الحياة اليومية فيهما بلُغة بسيطة "[2].


وبداية أودُّ تحذير القارئ ألا يتخيل أن المترجم قد وضع المصحف الشريف أمامه، ووضع بجانبه قاموسًا يُترجِم كلماته، وتفسيرًا يهديه للمعنى الصحيح، فهذا خيال سليم، لكن الواقع كان خبالًا سقيمًا، غاب عنه كل ذلك وغابت عنه الأمانة واحترام المترجم لنفسه ولقرائه. وكنا صرفْنا النظر عنه وعن كتابه، لولا أن هذا الكتاب بقي "الترجمة" (وهو اسم لا يستحقه) الوحيدة للقرآن الكريم باللغة التشيكية لأربعمائة وخمسين عامًا، ومنه استقى التشيكيون معلوماتهم عن الإسلام!


وللمرحوم الدكتور حسن معايرجي فضل ذكر هذه الترجمة، وفضل إيراد اسم مؤلفها بدقة في كتابه "الهيئة العالمية للقرآن الكريم"؛ مما أتاح لي تتبُّعها، فقد انحصرت المعلومات عنها وعن كاتبها باللغة التشيكية فقط، فاستعنت بالله ثم بالترجمة الآلية إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية لنقل النص إلى العربية؛ ذلك أن الترجمة الآلية إلى اللغة العربية ما تزال ضعيفة.


 

اسم الكتاب الكامل هو:

"ضد القرآن Antialkorán "، ويقول عنه مؤلفه: هو شرح قوي للقرآن التركي الذي جاء من الشيطان، ومصدر الأريوسية[3] والتهجم الكافر ضد الروح القدس.


 

حياة المؤلف:

المؤلف "فاتيسلاف بودوفِتس" من طبقة النبلاء، وكان سيدًا (مالكًا إقطاعيًّا) لـ "يانوفيتشكي Janovičky"، و"منيشو Mnichovo"، و"هراديتشيا Hradiště" وأربع قرى أخرى، وكان كاتبًا ومؤلفًا دينيًّا وزعيمًا بروتستانتيًّا، وكان شخصية بارزة في الأوساط السياسية والدينية في الدولة التشيكية.


"وباعتباره نبيلاً شابًّا، فقد درس في جامعة "براغ Prague" (ولم يُذْكَر كم مكث في دراسته هذه)، كما درس من 1569 - 1571 في جامعة "فيتنبرغ Wittenberg" (وعمره ثمانية عشر عامًا)، ثم سافر في رحلات خارجية، وتعرَّف على كبار علماء اللاهوت البروتستانت وصادَقَهم، حيث كان للعالم والمفكر الكالفيني "ثيودور دِه بيزِه Theodore de Beze" التأثير الأكبر عليه، وقد صحب خلال الأعوام 1577 - 1581 المبعوث الإمبراطوري "فينتسل بودوفيتس هوف-مايستر Wenzel Budowecz Hofmeister" إلى إسطنبول كملحق في السفارة النمساوية (وعمره ستة وعشرون عامًا)، وبذا أضاف إلى معارفه اللغتين التركية والعربية"[4].


هكذا قال كاتب المقال في موسوعة ويكيبيديا التشيكية الرقمية عنه، وسنعرف فيما بعد أنه لم يفعل، وكان يخلط بين اللغتين العربية والتركية، حتى إنه يعتبر أن القرآن قد كتب بلغة تركية قديمة.


وبعد عودته إلى بلاده، تزوج من "آنو زاكوبوتسكو Annou Zákupskou" من "فارتنبرغ Wartenberg". وكانا يمتلكان بالوراثة إقطاعية "حصن منيشو Mnichovo Fort" و"هراديتس Hradec"، و"كوتسنيوفيتس Kocnějovice".


 

وظائف المؤلف وموقعه في الحياة العامة في تشيكيا:

مهنيًّا، فإن "فاتيسلاف بودوفِتس" قد عمل منذ عام 1584 مستشارًا في محكمة الاستئناف، كما شغل منصب المستشار الإمبراطوري للإمبراطور رودولف الثاني، وللإمبراطور ماتياس، وقد تمت ترقيته عام 1607 إلى طبقة النبلاء، وكعضو مؤثر في "وحدة الإخوة"، دافع بشجاعة ضد معظم الهجمات المتنوعة على بلاده، وقد أدت مجهوداته السياسية إلى صدور إعلان "الحرية الدينية" الذي لا يُنسى عن جلالة الإمبراطور رودولف الثاني عام 1609، على الرغم من أنه ينتمي إلى سلالةِ أسرةٍ منافسةٍ لآل هابسبورغ، تعارضها منذ فترة طويلة.


وفي التاريخ الوطني التشيكي عرف "فلاتيسلاف بودوفِتس" كواحد من القادة المشاركين في انتفاضة الملاك، ثم شغل منصب (رئيس) مديريات الأرض، ومستشار الملك، وحتى رئيس محكمة الاستئناف، وكانت محكمة الاستئناف واحدة من السلطات المشتركة لجميع بلدان المملكة أو الكونفدرالية التشيكية، ولم يكن لها أية أهمية عملية منذ زمن انتفاضة الملاك؛ حيث لم تعقد بعدها قط. وفي 1618 شارك في انتفاضة النبلاء الثانية في براغ، ولكنه تدخل هذه المرة بنشاط، وبدا وكأنه يقود هذه الانتفاضة[5].


 

نهاية بودوفِتس:

ونظرًا لأنه كان يؤيد حكومة فريدريك من بالاتينات، بل ورافق الوفد التركي إلى قلعة براغ، فقد حكم عليه بالإعدام، فقاد عائلته إلى المنفى بعد معركة الجبل الأبيض، ثم عاد لحراسة مجوهراته، وحماية قصره في البلدة القديمة ببراغ من الكنيسة، وفي فبراير 1621 تم إلقاء القبض عليه من قبل الحرس الإمبراطوري وسجن في البرج الأبيض في قلعة براغ، وقد تم إعدامه في 21 حزيران - يونيو 1621 في ساحة البلدة القديمة، وفي البداية قُطعت يده لانتهاكه يمين الولاء للإمبراطور، وكان الحكم الأصلي يقتضي أن يُقطَّعَ وهو على قيد الحياة، وأن يُعلَّق جزء من الجسم على مفترق الطرق في براغ، ولكن الحكم خُفِّفَ إلى مجرد قطع رأس، ثم سُمِّرَ رأسه على برج جسر المدينة القديمة؛ حيث بقي حتى نوفمبر 1631؛ أي: عشر سنوات وتسعة أشهر كاملة حتى أنزله جيش الغزو السكسوني، وتم حفظه في الكنيسة بكل طقوس الشرف ليَستريح الراحة الأخيرة، ولكن بعد مغادرة الساكسون اختفَت في ظروف غامضة كل الجماجم الإحدى عشرة المحفوظة في الكنيسة، ولا يزال مصيرها مجهولاً يتكهَّن الناس به فقط[6].


 

 

محتوى كتاب "ضد القرآنAntialkorán":

وقد قسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام: يَرَقَةُ الديانة التركية، تعرية اليرقة المحمدية، ودورة الساعات (الزمن)"[7].

 

القسم الأول:

يهدف المؤلف في هذا القسم إلى تعريف القراء بالدين الإسلامي، وهو يتكون من أربعة أجزاء، الجزء الأول بعنوان: "توضيح الإيمان المحمَّدي"، ويقدم دراسة مختصرة جدًّا حول الرؤية الإسلامية لبعض المفاهيم الدينية الأساسية؛ مثل: الله، السماء، الجنة، وما إلى ذلك، والجزء الرئيسي هو الجزء الثاني الذي يلخِّص تدريجيًّا محتوى كل سورة من القرآن الكريم، ويقول: "هناك تمامًا 124 سورة"! الجزء الثالث يتضمن موجزًا قصيرًا لثلاثة نصوص إسلامية، وعنوان الجزء الرابع: "يرقات الدين التركي"، وفيه يسرد المؤلف "فاتيسلاف بودوفِتس" لمحتوى الملفات اللاتينية المجهولة لـ"دي موريبوسDe moribus " و"نيكيتا التركي nequitia Turcorum " (ولعله يقصد نيكيتا البيزنطي)، وهي جزء من الترجمة اللاتينية للقرآن الكريم التي كان يعمل بودوفِتس عليها"[8]، (وهنا يبدو جليًّا أن المؤلف كان يعمل على طبعة تيودور بيبلياندر للمجموعة الطليطلية المطبوعة عام 1553م).

 

وكما ذكر فإن الجزء الرئيسي من هذا العمل هو الجزء الثاني؛ حيث يقوم بودوفِتس بتفسير كل سورة من القرآن الكريم، ومع ذلك لم يكن هدف بودوفِتس أن يقدم تفسيرًا غير متحيِّزٍ، بل اختار بعض المعلومات فقط من كل سورة لتلخصها بإيجازٍ، يتضمن دائمًا تقييمًا لها، عادة ما يكون له شكل الإدانة والازدراء، الذي توضحه جيدًا هذه الجملة من التمهيد: "حتى أغبى مجنون يجزم أن هذه أكاذيب غبية بشكل مفرط ومثير للاشمئزاز، أكاذيب يجب أن يخجل منها من يتكلم بها".


ويتضمن (هذا القرآن) قصائدَ مثيرةً للاشمئزاز تضحك منها جميع الشياطين في جهنم، وحيث إن "كل شيء في القرآن الكريم لا يتوافق مع الكتاب المقدس، فقد صنفها بودوفِتس على أنها أكاذيب، وقد اعتبر محمدًا صلى الله عليه وسلم [9] مؤلف القرآن مجدفًا (كافِرًا)، وأنه هو نفسه لم يصدِّق ما هو مكتوب في القرآن الكريم، وإنما قصد بذلك أن يكذب على الله الحقيقي".


ويُعبِّر خطابه أيضًا في كثير من الأحيان عن (شخص) متحمس جدًّا، ذهب في حماسته بعيدًا عن أي عقل أو منطق، وعلى سبيل المثال، في تفسير السورة رقم 12 يكتب: "يُعطي (محمد) مثالاً شعريًّا لقابيل عندما قتل هابيل، الغراب الذي عاقبه، والمؤسف حقًّا أن مثل هذا كذب واضح جدًّا؛ فالغربان التي عاقبها محمد ليس فيها شيء من اللحم ليؤكل". والملاحظ هنا أن الغراب قد ذكر في سورة المائدة وهي السورة رقم 5، ولم يذكر في السورة رقم 12 وهي سورة يوسف!

 

وفي الحالات التي تماشى فيها القرآن الكريم مع الإنجيل فقد اعتبر ذلك جهودًا من محمد لإعطاء بعض المصداقية (لكتابه)، وبسبب هذه الأمثلة نستطيع أن نرى في هذا الجزء أن المؤلف يستخدم لغة معبرة بما يكفي، وأنه بدل أن يفسر مختلف أجزاء القرآن (سوره)، فإنه قدَّم مجموعة حادة جدًّا من الإدانات لما يقوله القرآن الكريم[10].

 

القسم الثاني - كشف اليرقة المحمدية:

"في هذا القسم، يهدف المؤلف لإظهار الطبيعة الحقيقة للإسلام؛ ولذا يستخدم استعارة "اليرقات"، والأقنعة المسرحية؛ للإشارة لمن تكون طبيعته الحقيقية مخفية. ووفقًا لبودوفِتس فإن القرآن الكريم كُتِبَ عمدًا بلغة عربية قديمة، لم يكن في وقتها أحد - تقريبًا - يفهمها، وقد نُهيَ عن ترجمة القرآن إلى اللغة التركية؛ ولهذا السبب فإن أيًّا من المؤمنين لم يتبين ما يخفيه في الواقع، ووفقًا للمؤلف فإن محتوى القرآن الكريم أكاذيب واضحةٌ جدًّا؛ بحيث إذا قرأه مؤمنٌ فإنه سيرتد عن إيمانه، وبالتدريج قدَّمَ هذا القسم بعض سمات الإنجيل والتي أظهرت تفوقها، وأظهر ذلك دائمًا أن القرآن الكريم يفتقر إلى السمات المناسبة، فواحدة من الحجج هي أن الكتاب المقدس يحتوي على العديد من النبوءات التي تحقَّقت، في حين أنه لا شيء في القرآن الكريم من هذا القبيل"[11].

 

القسم الثالث وعنوانه: Circulus et Horologium:

القسم الثالث أطول من القسمين السابقين، ويتضمن عدة أجزاء منفصلة نسبيًّا.

 

وقد اهتم المؤلف أساسًا بالمسيحية، وقدَّم رؤيتها الشاملة عن العالم وعن الحياة فيه. وقد استشهد كثيرًا بأعمال مفكرَي النهضة "مارتن لوثر Martin Luther" و"إراسمِه Erasme" من روتردام، ومما تضمنه هذا القسم فصل بعنوان:

فرسان المسيحية: وهذا هو الفصل الأخير، وفيه أراد المؤلف أن يعطي فيه الناس مثالاً عن كيفية العيش، والمثل الأعلى لديه: هو صورة مجازية للفارس الذي لن يلتفت إلى العواصف ولا إلى العالم العاصف، ويجب أن يكافح ضد (رغبات) جسده وضد الشيطان، وخاصة ضد أعداء المسيح يأجوج ومأجوج؛ أي: ضد المسلمين، وينبغي أن يكون هذا الكفاح على كلا الجبهتين: الروحية والمادية، ودون إهمال أي واحدة منها.



الرسالة الفكرية لهذا العمل:

الغاية من هذا الكتاب بيان ضرورة محاربة أعداء المسيح المذكورين في الكتاب المقدس (يأجوج ومأجوج)، والذين يجسدهم بحسب "بودوفتس" الأتراك المسلمون[12]، وأنه يجب على المسيحيين ترك الخلافات الداخلية الخاصة بهم (أي: الخلافات بين الكاثوليكية والاتجاهات الإصلاحية للبروتستانت)، ويجب عليهم أن يتحدوا ضد العدو المشترك الذي يهددهم (لكنه شخصيًّا لم يقصِّر في إثارة الثورات والاضطرابات ضد ملك بلاده)، والمسيحيون فقط هم القادرون على الركوع أمام سر الثالوث المقدَّس، بينما الآخرون هم الكفار إضافة للمسلمين، ويقول: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان تحت تأثير الأريوسية، وكان كافرًا لا يعتقد بما يدعو إليه، كما يقول "بودوفتس": إن المسلمين يبدون ظاهريًّا مثل الأتقياء، ولكن دينهم كله ليس سوى طقوس واحتفالات خارجية فقط، ووحدة المسلمين ليست دليلاً على صحة إيمانهم، ولكنها بالأحرى دليل على لامبالاتهم، وإيمانهم المزيف؛ لأن الناس إذا كانوا يهتمون حقًّا بالإيمان لشعروا بالحاجة لمناقشته؛ حيث نجد أن الخلافات بين الكاثوليك والإصلاحيين تثبت أن المسيحيين يعتقدون فعلاً بدينهم ويأخذونه على محمل الجد.


وبحسب المؤلف فإن القرآن خليط متشابِك (من الكلام) وأكاذيب صريحة، تمنعُ حتى ترجمته إلى أية لغة مفهومة حتى يعلم المؤمنون ما يقول، كما ينتقد المؤلف المسلمين؛ لأنه بدلاً من أن يكون لديهم نصٌّ مقدس تحكمه لوائح لاحقة، فإن الإسلام قد أجاز كل أنواع المُتَع الجسدية، التي هي في الواقع جزء من جنة المسلم بحسب ما رأى، وهذا التساهل تجاه المتع الحسية يشكِّل غَواية الإسلام للمسيحيين الذين ابتعدوا عن الإيمان الحقيقي، مثل هؤلاء المرتدين هم في الواقع ملحدون؛ لأنهم لا يؤمنون بالله، إن واجب المسيحي الحقيقي هو (العمل) ضد الأتراك المسلمين بكل قواه المقاتلة المادية والروحية، وهذه المعركة الروحية التي أراد "بودوفِتس" أن يساهم بها كتابه المسمى: "ضد القرآن [13] Antialkorán".


 

أسلوب النص:

في ما يتعلق بأسلوب النص تجدر الإشارة على وجه الخصوص إلى حقيقتين مهمَّتين؛ الحقيقة الأولى: أنه كان هناك دورٌ مهمٌّ للرسوم في توضيح النص، وتسبق الرسوم التوضيحية (المجازية) كل الفصول تقريبًا، وغالبًا ما يبدأ الفصل بتفسير هذه الصور، ونمط آخر مهم في أسلوب "بودوفِتس" هو التكرار، ولا يلجأ المؤلف للتكرار في سياق النص فقط، بل يجعل ذلك أساسًا في عمله بشكل مباشر: "سيقول آخرون: إني أكرر؛ أي: إني أكرر نفس الشيء غالبًا، وعندها تعطي مثل هذا الجواب مع سانت بول، فإن هذا هو الأسلوب المفيد هو الذي يستخدم لتعليم الطلاب"، إن الأطروحة التي يرى المؤلف أنها خطيرة (مثل أن القرآن الكريم هو حِمْل من الأكاذيب التي جعلت كل الشياطين في جهنَّم تضحك، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو مجدفٌ، وتعاليمه التي يعتقدها هو نفسه، إلى آخره) يكرِّرها في النص مرات عديدة في أشكال مختلفة متكررة لتُحفر جيدًا في أذهان القراء.

 

دراسة "رِيتشارد هلافاتشيك Richard Hlaváček " لهذه الترجمة التشيكية:

قام الباحث التشيكي المعاصر "رِيتشارد هلافاتشيك" المولود عام 1977 بدراسة مفصَّلة عن الترجمة التشيكية الأولى التي كتبها "فلاتيسلاف بودوفتس" عام 1593، والتي أُعيد طبعها عام 1989، وبدل ترجمة هذه الدراسة القيِّمة كلها، فإني سأكتفي بإيراد أهم ملاحظاته في شكل نقاط فيما يلي:

• كان المصدر الأساسي الذي اعتمد عليه المؤلف هو طبعة ببلياندر للترجمة اللاتينية الأولى للقرآن الكريم (وهذه ترجمة عدائية أجمع العالم على أنها سيئة للغاية، ولا تستحق اسم الترجمة؛ لعدم وجود سطر واحد فيها يمكن أن يعتبر ترجمةً لسطرٍ من القرآن).


• اعتمد المؤلف على الملاحظات الهامشية في الطبعة المذكورة أكثر من اعتماده على النص المترجم للقرآن (وكانت هذه الملاحظات مخصَّصة للتهجم على القرآن والرد عليه).


• تعامل المؤلف مع نص القرآن الكريم باحتقار قاتل، واستخدم الازدراء وأساليب الإضحاك للنَّيل من القرآن الكريم.


• تعامل المؤلف مع القرآن الكريم على أنه عمل أدبي من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم، واعتبر أحيانًا أن الوحي كان مكتوبًا باللاتينية!


• صرَّح المؤلف بأنه غير مهتمٍّ بتاريخ العرب في القرن السابع الميلادي، وبالتالي غير مهتم بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبتاريخ ومناسبات نزول القرآن وجمعه، وبالتالي فقد أباح لنفسه أن يعتبر تعليمات النبي لمحاربة قريش تشكل تحديًا لـ"ذبح المسيحيين".


• كان يخلط بين أسماء القبائل والأنبياء، وفي الوقت نفسه لا يميز بين العرب والأتراك.


• كان المؤلف يَكتب بمشقة وأحيانًا بحماس، مع مسحة قوية من التعصُّب.


• كان جدل المؤلف المعادي للإسلام يتَّصف بقدر كبير من السذاجة في العديد من المجالات.


• كان أعظم ما أخذه المؤلف على الإسلام وما اعتبره مصدرًا للخطر على المسيحية الأوروبية هو تحدِّيه العقلاني لعقيدة الثالوث: "الله الآب، والابن، والروح القدس" والالتزام الصارم بالتوحيد، وإنكار ألوهية يَسوع، وبالتالي صار القرآن لديه بدعة أريوسية[14].


 

خاتمة:

إنه من المؤسف أن يتصدر "فاتيسلاف بودوفِتس" لترجمة القرآن نهاية القرن السادس عشر ثم لا تصدر بعد ذلك أية ترجمة أخرى، لتبقى هذه الترجمة المورد الآسن الذي استقى منه الشعب التشيكي معارفه عن الإسلام، لدرجة أن رئيس الجمهورية التشيكية الحالي افتخر بأن بلاده ليس فيها مسجد واحد، فكأنه لم يقرأ إلا عن هذا الكتاب الغث.

 

وهذه الترجمة للقرآن الكريم لا تستحق هذا الاسم؛ ولذلك أشرت لبودوفِتس كمؤلف وليس كمُترجم؛ لأنه لم يترجم إلا الملاحظات التي كتبها "روبرت كيتون" والمخصصة للسباب على هامش ترجمته اللاتينية الرديئة للقرآن الكريم عام 1143م.

 

وأول ما يلفت النظر هو: جزم المؤلف أن عدد سور القرآن الكريم هو 124 سورة بدلاً من 114، وثانيها: جهل المؤلف بلغة القرآن، فمرة يقول: إن الوحي كتب باللاتينية، ومرة يقول: إن القرآن كُتِب بلغة تركية قديمة مهجورة لا يفهما أحد. وتفسير ذلك أنه اطَّلع على الترجمة اللاتينية الأولى للقرآن فظنَّ أن الوحي كتب باللاتينية، ثم إنه ذهب لعاصمة الدولة العثمانية وتعلم فيها شيئًا من التركية (وكانت تكتب بالأحرف العربية)، وحين اطَّلع على المصحف الشريف وجده مكتوبًا بالأحرف ذاتها فلم يفهم منه شيئًا، فاعتبره مكتوبًا بلغة تركية قديمة جدًّا لا يفهما أحد.

 

والميزة الثالثة لهذا المؤلف هو ضحالة ثقافته وكونه ليس برجل علم، فلم يطَّلع على ما كان في بلاده عن المسلمين وعلومهم وحياتهم الاجتماعية مما ذكرته في المقدمة، كما كان يخلط بين أسماء البلدان والأنبياء ويُعلن عزوفه عن مناقشة تاريخ المسلمين.

 

كما أن كتابته بعيدة عن أي منهج علمي؛ حيث ذكر أنه تردد على جامعتي براغ وفيتنبرغ، ولكن لم يذكر قط أنه قد حصل على أي شهادة جامعية، وقد رأينا أنه اكتفى بملاحظات "روبرت كيتون الهامشية" دون النظر في نص القرآن نفسه، وقد اتَّسمت كتابته بمسحة قوية من التعصب دون أي مناقشة عقلية، فهو يعتبر الإسلام كفرًا؛ لأنه ليس "مسيحية"، واعتبر المسلمين كفارًا؛ لأنهم لا يَعتقدون بعقيدة التثليث، بل يرى أنهم يُجسِّدون نبوءة التوراة عن يأجوج ومأجوج.

 

وبدل أن يأتي بترجمة القرآن، أو بكلام موزون ذي معنى، إذا به يأتي برسوم رمزية ويتفرغ لمناقشتها، ثم يختار مجموعة من السباب والشتائم في حق الإسلام ويأخذ يدور حول نفسه ويكررها بلا ملل.

 

وليت النبيل التشيكي "فاتيسلاف بودوفِتس" تفرَّغ لإدارة حصنه وممتلكاته ولم يلجْ باب التأليف في موضوع لا يعرف عنه شيئًا لا من قريب ولا من بعيد، وإنه لمن المؤسف أن يشكل مثل هذا الكتاب الغَث ثقافةَ التشيكيين عن الإسلام، ثم لا يجيء من يصحح هذا الخطأ، حتى منتصف القرن العشرين، فتشبعت الثقافة التشيكية بالكره للإسلام والنفور منه.



[1] الهيئة العالمية للقرآن الكريم؛ د. حسن معايرجي، مطابع الدوحة الحديثة، الدوحة، قطر، 1991 (ص: 169 - 170).

[2] نجيب العقيقي: المستشرقون، دار المعارف بمصر، القاهرة، 1964، الجزء الثالث، (ص: 1033 - 1039).

[3] الأريوسية: فرقة مسيحية ظهرت في بلاد الشام في القرن الثالث للميلاد، وكانت لا تؤمن بألوهية المسيح.

[4] موسوعة ويكيبيديا الرقمية، النسخة التشيكية، مادة "فاتيسلاف ز. بودوفِتس"

http: / / cs.wikipedia.org / wiki / V%C3%A1clav_Budovec_z_Budova

[5] موسوعة ويكيبيديا الرقمية، النسخة التشيكية، مادة "فاتيسلاف ز. بودوفِتس"

http: / / cs.wikipedia.org / wiki / V%C3%A1clav_Budovec_z_Budova

[6] موسوعة ويكيبيديا الرقمية، النسخة التشيكية، مادة "فاتيسلاف ز. بودوفِتس"

http: / / cs.wikipedia.org / wiki / V%C3%A1clav_Budovec_z_Budova

[7] موسوعة ويكيبيديا الرقمية، النسخة التشيكية، مادة Antialkorán:

http: / / cs.wikipedia.org / wiki / Antialkor%C3%A1n.

[8] موسوعة ويكيبيديا الرقمية، النسخة التشيكية، مادة Antialkorán:

http: / / cs.wikipedia.org / wiki / Antialkor%C3%A1n

[9] إن كلمة "الكريم" الواقعة خلف كلمة "القرآن"، وكذلك الصلاة والسلام على رسول - هي من إضافتي، وغير واردة في النص الأصلي.

[10] موسوعة ويكيبيديا الرقمية، النسخة التشيكية، مادة Antialkorán:

http: / / cs.wikipedia.org / wiki / Antialkor%C3%A1n

[11] موسوعة ويكيبيديا الرقمية، النسخة التشيكية، مادة Antialkorán:

http: / / cs.wikipedia.org / wiki / Antialkor%C3%A1n

[12] لقد عمل "بودوفِتس" دبلوماسيًّا في الآستانة لبعض الوقت، فهل وجد أن الأتراك المسلمين هم فعلاً "يأجوج ومأجوج" كما كتب؟

[13] موسوعة ويكيبيديا الرقمية، النسخة التشيكية، مادة Antialkorán:

http: / / cs.wikipedia.org / wiki / Antialkor%C3%A1n

[14] http: / / meccaaudio.blogspot.com.tr / 2012 / 06 / antialkoran - vaclav - budovec - z - budova.html





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ترجمة معاني القرآن إلى اللغة "الأكانية"
  • القرآن الكريم
  • القرآن الكريم مصلحا
  • الترجمة في الوطن العربي

مختارات من الشبكة

  • ضوابط ترجمة معاني القرآن الكريم للغة أخرى (2)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الوسائل التكنولوجية الحديثة والترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أساسيات الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • توجهات في الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حدائق الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة العلمية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • وجوب تغيير النظرة تجاه الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة الفورية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة الإعلامية والترجمة الأدبية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كيفية الترجمة للراوي ترجمة علمية دقيقة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب