• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تأملات بيانية في سورة الكافرون

د. بن يحيى الطاهر ناعوس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/9/2009 ميلادي - 19/9/1430 هجري

الزيارات: 49393

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تأملات بيانية في سورة الكافرون

توطئة:

كل مسلم ومسلمة همه أن يتبع الطريق المستقيم، البعيد عن الدخن أو أي شائبة تشوبه؛ ليصل إلى المقصد العلوي، الذي يهدف من خلال عبادته لله تعالى تحقيقه، المتمثل في مرضاة الله تعالى.

 

وفي هذه السورة الكريمة رسم لمنهج قويم ينبغي على كل مسلم ومسلمة سلوكه لبلوغ النجاة في الدنيا والآخرة، فمع النص النوراني قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾.

 

الكفر بين اللغة والقرآن الكريم:
نقف في هذا المبحث على المعاني الجمة التي وردت في القرآن الكريم، وفي اللغة العربية لكلمة (كفر)، الكاف والفاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد، وهو السَّتْر والتَّغطية والإخفاء، يقال لمن غطَّى دِرعَه بثوبٍ: قد كَفَر دِرعَه، والمُكَفِّر الرجل المتغطِّي بسلاحه، فأما قولُه:

حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يدًا  فِي  كَافِرٍ ♦♦♦ وَأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُهَا.


ويقال: إنَّ (الكافر) مَغِيب الشَّمس، ويقال: بل (الكافر) البحر، وكذلك فُسِّرَ قولُ الآخَر:

فَتَذَكَّرَا  ثَقَلًا  رَثِيدًا  بَعْدَمَا ♦♦♦ أَلْقَتْ ذُكَاءُ يمِينَهَا فِي كَافِرِ


والنهر العظيم كافر، تشبيهًا بالبحر، ويقال للزَّارع: كافر؛ لأنَّه يُغطِّي الحبَّ بتُراب الأرض؛ قال الله - تعالى -: ﴿ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ﴾ [الحديد:20].

 

ورَمادٌ مكفور: سَفَت الرِّيحُ الترابَ عليه حتى غطَّتْه، قال ابن فارس: و(الكُفْر) ضدُّ الإيمان، سمِّي لأنَّه تَغْطِيَةُ الحق، وكذلك كُفْران النِّعمة: جُحودها وسَترُها، والكافور: كِمُّ العِنَب قبل أن يُنوِّر، وسمِّي كافورًا لأنَّه كفَر الوَلِيع؛ أي: غطَّاه، قال: ويقال له: الكُفُرَّى، فأمَّا الكَفِرات والكَفَر فالثَّنايا من الجبال، ولعلَّها سمِّيت كَفِرَات لأنَّها متطامنة، كأنَّ الجبالَ الشوامخَ قد سترَتْها، قال: والكَفْرُ من الأرض: ما بَعُدَ من الناس، لا يكاد ينْزلُه ولا يمرُّ به أحد، ومَن حَلَّ به فهم أهل الكُفور، ويقال: بل الكُفور: القُرَى. ومن هنا، فالنداء في هذه السورة موجه للذين جحدوا نعمة الله - تعالى -، وغطَّوا الحقَّ بالباطل، فهم يعلمون أن الخالق هو الله - تعالى - ولكنهم يجحدون.

 

وعلى هذا؛ فإن الكفر في الاصطلاح الشرعي منبثق - على العموم - من معناه اللغوي، الذي يعني الستر والتغطية والجحود، فهو ضدُّ الإيمان؛ لانعدام وجود - عند الكافر - الإيمان بالله ورسله، سواء كان معه تكذيب، أم لم يكن معه تكذيب، بل مجرد شك وريب أو إعراض أو حسد، أو كبر أو اتباع لبعض الأهواء الصادة عن اتباع الرسالة الخاتمة، وإن كان المكذب أعظم كفرًا، وكذلك الجاحدُ والمكذِّب حسدًا، مع استيقان صدق الرسل.

 

أنواع الكفر:
وقد قسم العلماء الكفر إلى نوعين؛ النوع الأول: كفر أكبر يُخرج من الملة، وهو خمسة أقسام:

القسم الأول: كُفرُ التَّكذيب، والدَّليلُ قوله - تعالى -: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ﴾ [العنكبوت: 68].

 

القسم الثاني: كفر الإباء والاستكبار مع التصديق، والدليل قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34].

 

القسم الثالث: كفرُ الشكِّ، وهو كفر الظن، والدليل قوله - تعالى -: ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ [الكهف:35-38].

 

القسم الرابع: كفرُ الإعراضِ، والدليلُ قولُه - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأحقاف: 3].

 

القسم الخامس: كفرُ النّفاقِ، والدليلُ قوله - تعالى -: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [المنافقون: 3].

 

النوع الثاني: كفرٌ أصغرُ لا يُخرجُ من الملة، وهو الكفرُ العملي، وهو الذنوب التي وردت تسميتها في الكتاب والسنة كُفرًا، وهي لا تصلُ إلى حدِّ الكفر الأكبر، مثل كفر النعمة المذكور في قوله - تعالى -: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ﴾ [النحل: 112]، ومثلُ قتال المسلم المذكور في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ))سِباب المسلمِ فُسوقٌ، وقتالُه كفر))،وفي قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تَرجعوا بعدي كُفَّارًا يضربُ بعضكم رقابَ بعض))،ومثل الحلف بغير الله؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن حلَف بغير الله فقد كفر أو أشرك)).

 

وقد جعل الله مُرتكِبَ الكبيرة مُؤمنًا؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة: 178]، فلم يُخرج القاتلَ من الذين آمنوا، وجعله أخًا لولي القصاص فقال: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 178]؛والمرادُ: أخوة الدين، بلا ريب، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ﴾ إلى قوله: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ [الحجرات: 9، 10]؛ انتهى من "شرح الطحاوية" باختصار.

 

وملخص الفروق بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر:

أ- أنَّ الكفر الأكبر يُخرجُ من الملة، ويحبط الأعمال، والكُفر الأصغر لا يخرج من الملة ولا يحبط الأعمال، لكن ينقصُها بحسبه، ويعرِّضُ صاحبَها للوعيد.

ب- أنَّ الكفرَ الأكبرَ يُخلِّد صاحبه في النار، والكفر الأصغر إذا دخل صاحبه النار فإنه لا يخلَّد فيها، وقد يتوب الله على صاحبه، فلا يُدخله النار أصلًا.

ج- أن الكفر الأكبر يُوجب العداوة الخالصة بين صاحبه وبين المؤمنين، فلا يجوز للمؤمنين محبته وموالاته ولو كان أقرب قريب، وأما الكفر الأصغر فإنه لا يمنع الموالاة مطلقًا، بل صاحبه يُحَبُّ ويُوالى بقدر ما فيه من الإيمان، ويبغض ويُعادى بقدر ما فيه من العصيان[1].

 

المنهج الحق في السورة:
في هذه السورة الكريمة رسم للمنهج الحق الذي ندعو الله - تعالى - أن يثبِّتنا عليه حتى نلقاه، ومن هنا فلا مجال للتردد، إما أن تكون من أتباع النبي المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإما أن تسلك سبيلًا غير هذا السبيل، والعياذ بالله - تعالى - فالنبيُّ الكريم دعاه ربُّه أن يقول للكافرين بصراحة تامة: أنه لا يعبد ما يعبد هؤلاء المشركون من أصنام وأوثان وأنصاب وأهواء، وأن عبادته تكون لله وحده، ولهذا فإن الله - تعالى - يغضب على كلِّ مَن اتخَذ مِن دون الله تعالى ندًّا.

 

وقد جاء في الأثر عن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين - قوله: إنْ لم تُطعك نفسُك فيما تحملها عليه ممَّا تكره، فلا تُطعها فيما تحملك عليه ممَّا تهوى، فهذا يُثبت ضرورة التشبُّث بالحق في جميع الأحوال.

 

معنى العبادة في اللغة والقرآن الكريم:
جاء في "مقاييس اللغة" ما نصه: العين والباء والدال أصلانِ صحيحان، كأنَّهما متضادَّان، والأول مِن ذينِك الأصلينِ يدلُّ على لِين وذُلٍّ، والآخر على شِدّة وغِلَظ، فالأوَّل العَبد، وهو المملوك، والجماعةُ العبيدُ، وثلاثةُ أعبدٍ وهم العِبادُ، قال الخليل: إلَّا أن العامة اجتمعوا على تفرقةِ ما بين عباد الله والعبيدِ المملوكين، يقال: هذا عبدٌ بيِّن العُبُودَة، ولم نسمَعْهم يشتقُّون منه فعلًا، ولو اشتق لقيل عَبُد؛ أي: صار عبدًا وأقرَّ بالعُبُودة، ولكنّه أُمِيت الفعلُ فلم يُستعمل، قال: وأمّا عَبَدَ يعبُد عِبادةً فلا يقال إلَّا لمن يعبُد اللهَ - تعالى - يقال منه: عَبَد يعبُد عبادة، وتعبَّد يتعبَّد تعبُّدًا، فالمتعبِّد: المتفرِّد بالعبادة، واستعبدتُ فلانًا: اتخذتُه عبدًا.

 

وأمّا عَبْد في معنى خَدَم مولاه، فلا يقال: عبَدَه، ولا يقال: يعبُد مَولاه، وأما قولنا: تعبَّدَ فلانٌ فلانًا، إذا صيَّره كالعبد له، وإن كان حُرًّا، قال:

تَعبَّدَني نِمْرُ بنُ سعدٍ  وَقَدْ  أُرَى♦♦♦ وَنِمْرُ بْنُ سَعْدٍ لِي مُطِيعٌ وَمُهْطِعُ

ويقال: أعْبَدَ فلانٌ فلانًا؛ أي: جعله عبدًا، ويقال للمشركين: عَبَدة الطاغوتِ والأوثان، وللمسلمين: عُبّادٌ يعبدون الله - تعالى - وذكر بعضُهم: عابدٌ وعَبَدٌ، كخادم وخَدَمٌ، وتأنيثُ العَبْد عَبْدَةٌ، كما يقال: مملوك ومملوكة، قال الخليل: والعِبِدَّاء: جماعة العَبِيد الذين وُلِدُوا في العُبودية، ومن الباب: البعير المعبَّد؛ أي: المهنُوء بالقَطِران، وهذا - أيضًا - يدلُّ على ما قلناه؛ لأن ذلك يُذِلُّه ويَخفِض منه، قال طرفة:

إِلَى أَنْ تَحَامَتْنِي الْعَشِيرَةُ كُلُّهَا ♦♦♦ وَأُفْرِدْتُ  إِفْرَادَ  الْبَعِيرِ  الْمُعَبَّدِ

 

والمعبَّد: الذلول، يوصَف به البعير أيضًا، ومن الباب: الطريق المُعَبَّد، وهو المسلوك المذلَّل.

 

والأصل الآخَر: العَبَدة، وهي القُوَّة والصَّلابة؛ يقال: هذا ثوبٌ له عَبَدة، إذا كان صَفيقًا قويًّا، ومنهُ علقمة بن عَبَدَة، بفتح الباء، ومن هذا القياس العَبَد، مثل الأنَف والحميَّة، يقال: هو يَعْبَدُ لهذا الأمر.

 

وفسِّر قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾ [الزخرف:81]؛ أي: أوَّلُ مَن غَضِبَ عَنْ هذا وأنِف من قولِه، وذُكر عن عليٍّ - رضي الله عنه - أنّه قال: عَبِدتُ فصَمَتُّ؛ أي: أنِفْتُ فسكَتُّ.

 

وقال:

وَيَعْبَدُ الْجَاهِلُ الْجَافِي بِحَقِّهِم ♦♦♦ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ حِينَ لَا  عَبَدُ

 

وقال آخر:

وَأَعْبَدُ أَنْ تُهْجَى كُلَيْبٌ بِدَارِمِ

 

أي: آنف مِن ذلك وأغضبُ منه، في حديث أَبي هريرة: ((لا يَقُل أَحدكم لمملوكه: عَبْدي وأَمَتي، وليقل: فتايَ وفتاتي))؛ هذا على نفي الاستكبار عليهم وأَنْ يَنْسُب عبوديتهم إليه، فإِن المستحق لذلك الله - تعالى - هو ربُّ العباد كلهم والعَبيدِ، وجعل بعضهم (العِباد) لله، وغيرَه من الجمع لله والمخلوقين، وخصَّ بعضهم بالعِبِدَّى العَبيدَ الذين وُلِدوا في المِلْك، والأُنثى عَبدة، قال الأَزهري: اجتمع العامة على تفرقة ما بين عِباد الله والمماليك، فقالوا: هذا عَبْد من عِباد الله، وهؤلاء عَبيدٌ مماليك، قال: ولا يقال: عَبَدَ يَعْبُدُ عِبادة إِلا لمن يَعْبُد الله، ومَن عبد دونه إِلهًا فهو مِن الخاسرين، قال: وأَما عَبْدٌ خَدَمَ مولاه، فلا يقال: عَبَدَه، قال الليث: ويقال للمشركين: هم عَبَدَةُ الطاغوت، ويقال للمسلمين: عِبادُ الله يعبدون الله.

 

والعابد: المُوَحِّدُ، قال الليث: العِبِدَّى: جماعة العَبِيد الذين وُلِدوا في العُبودِيَّة، تَعْبِيدَةُ ابنُ تعبيدةٍ؛ أَي: في العُبودة إِلى آبائه، قال الأَزهري: هذا غلط، يقال: هؤلاء عِبِدَّى الله؛ أَي: عباده.

 

وفي الحديث الذي جاء في الاستسقاء: هؤلاء عِبِدَّاكَ بِفِناءِ حَرَمِك؛ العِبِدَّاءُ، بالمد والقصر، جمع العبد.

 

وفي حديث عامر بن الطفيل: أَنه قال للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ما هذه العِبِدَّى حوْلَك يا محمد؟ أَراد فقَراءَ أَهل الصُّفَّة، وكانوا يقولون: اتَّبَعَه الأَرذلون، قال شمر: ويقال للعبيد مَعْبَدَةٌ، وأَنشد للفرزدق:

وَمَا كَانَتْ فُقَيْمٌ حَيْثُ كَانَتْ ♦♦♦ بِيَثْرِبَ   غَيْرَ   مَعْبَدَةٍ    قُعُودِ

 

قال الأَزهري: ومثلُ مَعْبَدة جمع العَبْد مَشْيَخَةٌ جمع الشيْخ، ومَسْيَفة جمع السَّيْفِ، قال اللحياني: عَبَدْتُ الله عِبادَة ومَعْبَدًا.

 

وقال الزجاج في قوله - تعالى -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾: المعنى: ما خلقتهم إِلا لأَدعوهم إِلى عبادتي وأَنا مريد للعبادة منهم، وقد علم الله قبل أن يخلقهم مَن يَعبده ممَّن يَكفر به، ولو كان خلقَهم ليجبرهم على العبادة لكانوا كلهم عُبَّادًا مؤمنين؛ قال الأَزهري: وهذا قول أَهل السنَّة والجماعة.

 

﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾:

المسلم له طريق واضح المعالم، بيّن الهدف والمقصد، فلا يخبط خبط عشواء، بل يسير بخطًى ثابتة رزينة، لا ارتجاج فيها ولا مرج، وعلى هذا تكون الآية إعلانًا للمقاطعة والمفاصلة بين المؤمنين، ومَن دونهم مِن الكفار والمشركين؛ لأن هدفهم هو الإبعاد عن الحق؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾[البقرة: 109].

 

وقد عبر القرآن الكريم عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- بأنه ليس متصفًا بعبادة ما يعبدون، ولا هم عابدون ما يعبد، فكان وصفه هو - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الجملتين بوصفين مختلفين، بالجملة الفعلية تارة وبالجملة الاسمية تارة أخرى، فكانت إحداهما لنفي الوصف الثابت، والأخرى لنفي حدوثه فيما بعد.

 

أما هم، فلم يوصفوا في الجملتين إلا بالجملة الاسمية الدالة على الوصف الثابت؛ أي: في الماضي إلى الحاضر، ولم يكن فيما وُصفوا به جملة فعلية، والتي من خصائصها التجدد والحدوث، فلم يكن فيها ما يتعرض للمستقبل، فلم يكن إشكال، واللَّه تعالى أعلم.

 

في هذه السورة منهج إصلاحي؛ وهو عدم قبول ولا صلاحية أنصاف الحلول؛ لأن ما عرضوه عليه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من المشاركة في العبادة يعتبر في مقياس المنطق حلًّا وسطًا لاحتمال إصابة الحق في أحد الجانبين، فجاء الردُّ حاسمًا وزاجرًا وبشدة؛ لأن فيه - أي: فيما عرضوه - مساواة للباطل بالحق، وفيه تعليق المشكلة، وفيه تقرير الباطل، إن هو وافقهم ولو لحظةً.

 

وقد تعتبر هذه السورة مميزة وفاصلة بين الطرفين، ونهاية المهادنة، وبداية المجابهة.

 

وقد قالوا: إن ذلك بناء على ما أمره الله به في السورة قبلها: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1]؛ أي: وإن كنت وصحبك قلة، فإن معك الخير الكثير، ولمجيء ﴿ قل ﴾ لما فيها من إشعار بأنك مبلِّغ عن اللَّه، وهو الذي ينصرك، ولذا جاء بعدها حالًا (سورة النصر)، وبعد (النصر) تبُّ العدو، وهذا في غاية الوضوح، وللَّه الحمد.

 

 


[1] منقول بتصرُّف يَسِير من عقيدة التوحيد وبيان ما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر، للشيخ الفوزان.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تأملات في آية الكرسي
  • تأملات في سورة الإخلاص
  • لمسة بيانية
  • وقفة بيانية مع سورة المسد
  • وقفة بيانية مع سورة النصر
  • وقفة بيانية مع سورة الكوثر
  • وقفة بيانية مع سورة قريش
  • تأملات إيمانية في رحاب خواتيم سورة القصص
  • وقفات بيانية
  • التكثيف البصري في سورة العنكبوت
  • تأملات في قوله تعالى:{إِن الذين قالوا ربنا اللَّه ثم استقاموا}
  • متى نظهر لهم تبرؤنا منهم؟
  • تأملات في حديث قاتل المائة نفس
  • تنوير العيون في تفسير سورة الكافرون
  • إعراب سور: الكافرون والنصر والمسد
  • تفسير سورة الكافرون

مختارات من الشبكة

  • تأملات تربوية في: (كمثل غيث أعجب الكفار نباته)(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تأملات بين الواقع وبعض معاني سورة الحجرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تأملات في سورة العنكبوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في بعض آيات سورة النازعات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات إيمانية في قصة نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام من خلال سورتي الأنبياء وص (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تأملات في سورة الكهف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن تأملات في سورة يوسف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في سورة الحجرات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تأملات في سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في سورة الانشقاق(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- ,,
لامعة في الأفق - السعودية 10-09-2009 02:23 AM
بارك الله بكم
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب