• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

إشكال.. فقيه المعاملات ابن منيع

عبدالعزيز بن سعود الصويتي التميمي


تاريخ الإضافة: 9/8/2011 ميلادي - 9/9/1432 هجري

الزيارات: 8931

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إشكال.. فقيه المعاملات ابن منيع

 

قرأتُ كلامَ فقيه المعاملات في عصره الشيخ عبدالله المنيع - حفظه الله - في رُكنه (نافذة على المجتمع) بصحيفة الرياض يوم الثلاثة 25 شعبان 1432هـ، ومضمونه: أنَّ ما نُشِر في ملحق الرِّسالة لصحيفة المدينة تحدَّث عن جانب الرِّواية في مسألة مضاعفة الصلاة في المسجِد النبوي؛ هل هي خاصَّة به؟ أم عامَّة بسائرِ الحرَم كما في المسجِد الحرام؟ ثم طرَح الإشكال من جديد، ومفادُه: أنَّ القول بخصوصية مضاعَفة الصلاة بالمسجد وحْده تَتنافى مع أداءِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - نوافلَه في البيْت، وليس في المسجد مع قُربه منه!


ولا جرم أنَّ كلَّ مَن كتب في ملحَق الرسالة لم يُجِب عن تساؤل الشيخ - حفظه الله - وإنَّما غالبُهم استدلَّ على الخصوصية بما أخْرَجه البخاريُّ ومسلم مِن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قَالَ: ((صَلاةٌ فِي مَسْجِدي هذا خَيْرٌ مِن ألْفِ صَلاةٍ فيما سِواهُ إلاَّ الْمَسْجِدَ الحَرامَ)، وهذا الاستدلالُ صحيح، لكنَّه لم يجبْ على تساؤل الشيخ، ومنهم مَن ادَّعى أنَّ مضاعفة الصلاة الواردة تتناول سائرَ الحرَم النبوي، وهذا مخالِف للنصِّ، بل وربَّما الإجماع!


قال المرداويُّ في إنصافه (3 / 366): "وهذه المضاعَفة تختصُّ المسجدَ على ظاهِر الخبَر وظاهِر قول العلماء مِن أصحابنا وغيرهم، قال ابن عقيل: الأحكام المتعلِّقة بمسجدِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لِمَا كان في زمانِه لا ما زِيد فيه لقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((في مَسْجِدِي هذا))، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّين أنَّ حُكْمَ الزَّائِدِ حُكْمُ المَزِيدِ عليه، قُلْت: وهو الصَّوابُ". اهـ.


وأمَّا الجواب عمَّا طرَحه فضيلةُ الشيخ ابنُ منيع فيُمكن إيضاحه في النِّقاط الآتية:

النقطة الأولى: موطن الإشكال.

هو حصولُ التعارُض بين عموم حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((صَلاةٌ في مَسْجِدِي هذا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فيما سِواهُ إلاَّ المَسْجِدَ الحَرامَ))؛ متَّفق عليه، وهو عام في صلاة الفَريضة وصلاة النافِلة؛ لأنَّ كلمة (صلاة) نكرةٌ في سِياق الامتنان فتُفيد العموم، وإنْ كان خاصًّا بالمسجد النبوي، وهو يتعارَض مع عمومِ حديث زَيد بن ثابتٍ أنَّ رَسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((فإنَّ أَفْضَلَ الصَّلاةِ صَلاةُ المَرْءِ في بَيْتِه إلاَّ المَكْتُوبَةَ))؛ متفق عليه. وهو عامٌّ في كلِّ صلاة؛ لأنَّ لفظة (الصلاة) جِنس يتناول كلَّ صلاة وأعقبها بالاستثناء وهو قرينُ العموم، كما أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان معلومًا مِن هديه أنَّه كان يُصلِّي النوافل في بيتِه مع أنَّه قريب مِن المسجد!


النقطة الثانية: الجواب عنِ الإشكال من ناحية الدِّراية:

وللعلماء في الجواب عن هذا الإشكال اتجاهان:

الاتجاه الأول: أنَّ الأجْر الوارد في تضعيفِ الصلاة في المسجد النبوي إنَّما هي خاصَّة بالفريضة دون النافِلة، وهذا مذهَب الحنفيَّة والمالكيَّة كما في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (37 / 238).

قال العراقيُّ في "طرح التثريب" (6 / 219): "وهو مُقتضَى كلام ابنِ حزم الظاهريِّ؛ لأنَّه أوجب صلاةَ الفرْض في أحدِ المساجد الثلاثة بنذرِه ذلك ولم يُوجِبِ التطوُّعَ فيها بالنَّذْر". اهـ.

 

واستدلوا: بأنَّ تخصيص مضاعفة الصلاة بالفريضة دون النافلة بحديث: ((أَفْضَل الصَّلاةِ صَلاةُ المَرْءِ في بَيْتِه إلاَّ المَكْتُوبَةَ))، وهو وإن كان عامًّا لأهل المدينة وغيرهم لفظًا، غير أنَّه ورَد على سببٍ خاص في المدينة، وما ورَد على سببٍ لا يمكن إخراجُ السَّبب مِن عموم الحديث عندَ عامَّة العلماء، وسببه هو ما رواه زَيدُ بن ثابتٍ أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - اتَّخذ حُجرةً - قال: حسبتُ أنَّه قال: مِن حصير - في رمضان فصلَّى فيها ليالي، فصلَّى بصلاته ناسٌ مِن أصحابه، فلمَّا علم بهم جعَل يقعد فخرَج إليهم فقال: ((قدْ عرفتُ الذي رأيتُ مِن صنيعكم فصلُّوا أيها الناس في بيوتكم، فإنَّ أفْضل الصلاةِ صلاةُ المرء في بيته إلاَّ المكتوبةَ))؛ متفق عليه.


قال الطحاويُّ في مختصره (2 / 340): "فأخْبَر أنَّ فعل النافلة في بيوتهم أفضل منها في مسجدِه، فدلَّ على أنَّ تفضيل الصلاة فيه إنَّما هو مخصوصٌ به الفرْض". اهـ.

وبناءً على هذا القول فإنَّ الإشكال الذي طرَحَه فضيلةُ الشيخ المنيع - حفِظه الله تعالى - يزول برُمَّته، لكن الشيخ يردُّ هذا القول، حيث قال: "ولم يُعيِّن - صلَّى الله عليه وسلَّم - صلاةً معيَّنة ممَّا يدلُّ على عمومِ مضاعفة الصلاة، سواء كانتْ فرضًا أم نفلاً". اهـ.

قلت: وهو كما قال؛ حيث يُمكن مناقشتُه بنفْس ما استدلَّ به أهلُ الاتِّجاه الثاني الآتي.

 

الاتجاه الثاني: أنَّ الأجْر الوارد في تضعيف الصلاة في المسجد النبوي عام في الفريضة والنافلة، وهذا مذهبُ الشافعية كما في "شرْح النووي" (5 / 57)، وظاهر مذهب الحنبليَّة كما في "مطالب أولي النهى" (2 / 385).

واستدلوا: بأنَّ الإبقاءَ على عموم مضاعفة الصلاة في المسجد؛ لتتناول صلاةَ النافلة لا يلزم منه أفضليةُ أدائها في المسجِد، بل يُمكن أن تكونَ صلاة النافلة في المسجِد بألْف صلاة، ومع هذا صلاتها في البيت أفْضل، كما أنَّ صلاة المرأة للفريضة في بيتِها أفضل منها في المسجِد مع شمولها للمضاعَفة كما لا يخفَى.

 

النقطة الثالثة: بيان أوجه القول الثاني دِرايةً بالآتي:

الوجه الأول: أنَّ المضاعفة العدديَّة لا تستلزم الأفضليةَ المطلقة؛ ألاَ ترى أنَّ النَّبِىِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((الذي يَقرأُ القرآنَ وهو ماهِر به مع السَّفَرة الكِرام البَررة، والذي يَقرؤه وهو عليه شاقٌّ له أجْران))؛ هو في الصحيحين ومع مضاعفة الأجْر له غير أنَّ منزلة الماهر به أفضلُ بلا ريب، ونظيره هذا ما رواه أبو داود عن أَبي سعيدٍ الخُدريِّ قال: خرَج رجلانِ في سفَر فحضرتِ الصلاة وليس معهما ماءٌ، فتيمَّمَا صعيدًا طيبًا فصليَّا، ثم وجدَا الماء في الوقت فأعادَ أحدُهما الصلاة والوضوء ولم يُعِد الآخَر، ثم أتيَا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فذَكرَا ذلك له، فقال للذي لم يُعِد: ((أصبتَ السُّنَّةَ وأجزأتْك صلاتُك))، وقال للذي توضَّأ وأعاد: ((لك الأجْرُ مرَّتين))، وغير ذلك مِن النظائر.

وإذا تقرَّر هذا فلا يمنع أن تكونَ صلاةُ النافِلة في البيت أفضلَ منها في المسجد النبوي مع وجودِ مضاعَفة الصلاة؛ إذ إصابةُ السُّنة مقدَّمة على مضاعفة الأجْر!

 

الوجه الثاني: أنَّ تفاضُل الأعمال ليس خاصًّا بالأماكن كما هو معلوم، بل هناك اعتبارات مختلِفة تتفاضَل بها الأعمال، وما كان متعلقًا بذات العبادة مقدَّم على مكان متعلقًا بأمر خارجٍ عنها زمانًا ومكانًا وإمامًا وغير ذلك؛ ولهذا يضربون مثلاً بالطواف إذا كان سيرمل لو بَعُد عن الكعبة ولن يتمكَّن مِن الرَّمَل لو قرُب، ومِن الاعتبارات المهمَّة اعتماره - صلَّى الله عليه وسلَّم - في أشهُر الحج، واعتماره فيها أعظمُ مِن الاعتمار في رمضان؛ لأنَّ المشركين كانوا يعتقدون أنَّ العمرةَ في أشهر الحجِّ مِن أفجر الفُجور كما قال ابن عبَّاس - رضي الله عنه - فكانت عمرتُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - آنذاك في أشهُر الحج أفضلَ منها في رمضان وغيره، وإنْ كانت العمرة في رمضان بالنِّسبةِ لغيره أفضل - كما هو معلوم، ومِن ذلك همُّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يترك جماعةَ المسجد يصلُّون مع ما فيها مِن الأجْر العظيم، ويصلي هو ومن معه بعدَهم في أجرٍ أقل؛ مِن أجلِ الأمْر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي سيعوِّض النقصَ الذي قدْ يفوته في الجماعة الأُولى مِن كثرة العدَد وغيرها، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((.. ولقد هممتُ أنْ آمُرَ بالصلاة فتُقام ثم آمُر رجلاً فيُصلِّي بالناس ثم أنطلق معي برِجال معهم حُزَم مِن حطَب إلى قومٍ لا يشهدون الصلاةَ فأُحرِّق عليهم بيوتَهم بالنار))؛ متفق عليه.

وإذا تقرَّر هذا فإنَّ صلاةَ النافلة في البيت تتفوَّق على صلاتها في المسجد بعدَّةِ أمور؛ كالبُعد عن الرِّياء الذي به يحبط العمَل، ووروده على النوافل أكثر منه في الفرائض كما لا يخفَى، كما أنَّ في أدائها إحياءً للبيت فلا يكون قبرًا، وتحفظه بالملائكة فلا يكون مقرًّا للشياطين، وغير ذلك مِن الحِكم.

 

الوجه الثالث: أنَّ الفضْل الوارد في مضاعفةِ الصلاة في المسجد النبوي بألْف صلاة عامٌّ في الرِّجال والنساء، ومع هذا فقدْ بيَّن - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ صلاتهنَّ في بيوتهنَّ خير لهنَّ؛ فعن ابن عمرَ قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تَمْنَعُوا نِساءَكُم المَساجِدَ، وبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ))؛ متفق عليه.

وهذا الفضل وإنْ كان متعلقًا بالمكان في الظاهِر وهو البيت إلاَّ أنَّ المكان هنا غير مقصود كما هو مقصودٌ في المساجد؛ إذ لا يُمكن أن تفضل أي بُقعة بقاعَ المساجد فضلاً عن مسجد رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ المساجد أفضلُ البِقاع إلى الله، وإنَّما المقصود معانٍ أخرى، منها: الستر وعدم البُروز إلى الفِتنة، وبضدِّها كانتِ الأسواق شرَّ البِقاع إلى الله؛ يؤيِّد هذا قولُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صَلاةُ إحْداكُنَّ في مَخْدَعِها أفضلُ مِن صلاتها في حُجرتِها، وصلاتُها في حُجرتِها أفضلُ مِن صلاتها في دارِها، وصلاتُها في دارِها أفضلُ مِن صلاتها في مسجدِ قومِها، وصلاتها في مسجدِ قومها أفضلُ مِن صلاتها معي))؛ رواه أبو داود.

فجعَل الفضْلَ يتدنَّى كلما كان أبعدَ عن الستر؛ ولهذا جعَل صلاتها في قومها أفضلَ مِن الصلاة في المسجد النبوي الذي تتضاعَف فيه الصلاة! ومعلوم أنَّ حياطة الأعراض وحمايتها أوْلَى من تحصيل المستحبَّات.

والمقصود أنَّه قد تكون الصلاةُ في البيت أفضلَ مِن الصلاة في المسجد مع بقاء المضاعَفة لمسوِّغات شرعيَّة كما في صلاة المرأة في بيتها، ممَّا يدلُّ على أنَّه لا تنافي بيْن بقاء مضاعفة الصلاة وبيْن أفضلية صلاتها بالبيت.

 

الوجه الرابع: أنَّ صلاة المرأة في بيتِها أفضلُ مِن صلاتها في المسجد النبوي وغيره، وإضافةً لكونه أسترَ لها، فهناك معنًى آخر، وهو أنَّ المرأة لا يجب لصلاتها مسجدٌ ولا جماعة، فكان في صلاتها في بيتها إحياءٌ له وحماية، كما أنَّ فيه بُعدًا عن السمعة والرِّياء، وبهذا القدْر أشبهت صلاة النافلة بالنِّسبة للرجل، وهو نفْس المعنى الذي مِن أجله فضلتْ صلاته نافلةً بالبيت على صلاته في المسجد؛ قال ابنُ قدامة في "المغني" (1/ 811): "لأنَّ الصلاة في البيت أقربُ إلى الإخلاص وأبعدُ مِن الرياء، وهو مِن عمَل السر، وفِعله في المسجد علانية، والسر أفضل". اهـ.

وخلاصته: قياس استحباب صلاةِ الرَّجل للنافِلة في البيت دون المسجِد على صلاة المرأة للفَريضة في البيت دون المسجِد بجامع أنَّ كلاًّ منهما لا يشترط لهما مسجدٌ ولا جماعة كما أنَّه أبعدُ عنِ الرياء، ونحو ذلك.


الوجه الخامس: "أنَّ الفضل المتعلِّق بذات العبادة مُقدَّم على الفضلِ المتعلِّق بمكانها أو زمانها"، وهذه القاعدة المشهورة يذكُرون لها مثالاً بالطواف فيما إذا اقترَب مِن الكعبة لن يرمُل وإذا ابتعَد عنها رَمَل، فهذا أوْلى لتعلُّقه بذات العِبادة.


قلت: ونظير هذا صلاة الرَّجل النافلة في البيت أفضل مِن صلاته لها في المسجد، وهو وإنْ كان لمعنًى يتعلَّق بأمرٍ خارج عن العبادة إلاَّ أنَّه ملازمٌ لها أو يُفضي إليها غالبًا مِن حفظها من الرِّياء، أو الإسرار بها أو إحياء البُيوت وغيرها مِن المنافِع المتعدية اللصيقة، بخلافِ مضاعفة الصلاة بالمسجد النبوي وغيره، فهو أمرٌ يتعلَّق بمكان العبادَة ولا يترتَّب على ترْكه حُبوطٌ للعمل بأيِّ حال مِن الأحوال، مما يدلُّ على أفضليةِ أدائها في البيت لهذه المعاني، وليس ذلك متحقِّقًا في الفريضة؛ إذ أداؤها في البيت مِن غير عُذر قد يؤدِّي إلى بُطلانها، أو نقصانها نقصًا يأثم به صاحبُها ممَّا يطول بيانه.


ومِن نافلة القول: أنَّ قاعدة العلماء أنَّ ما يتعلَّق بذات العبادة مُقدَّم على ما يتعلَّق بأمرٍ خارج عنها، إنَّما يكون مع استوائِهما صفةً وعددًا، وأما لو كان يُصلِّيها في المسجد إحدى وعشرين ركعة بكمالها وخشوعها أو يُصليها في البيت ثلاث ركعات على عجل! فالذي يظهر أنَّ صلاتَه في المسجد أفضلُ بناءً على القاعدة المذكورة، ونظير ذلك صلاةُ المرأة في بيتها أفضلُ مِن صلاتها في المسجد عندَ استوائهما صفةً وعددًا - فيما يظهر - كالرَّجل في النافلة سواء بسواء، وأمَّا إذا خشيتِ الفِتنة وغلب على ظنها فتُمنع مِن الخروج إلى المسجد مطلقًا مما لا يتَّسع المقام لبيانه.

فإنْ قيل: هذه القاعدة منقوضةٌ بقضاء اللَّيل، وسُنة الجُمعة البعديَّة؛ حيث جعلتِ الركعتان في البيت تعادلان أربعًا في المسجد!


والجواب: أنَّ القضاء يختلف عن الأداء، وما يقضيه مِن الليل ضحًى لا يُسمَّى قيام ليل، وإنَّما يُسمَّى قضاء حزبه أو نحو ذلك فافترقتِ الحقيقتان، وأمَّا سُنة الجمعة البعديَّة ففيها خلافٌ كثير - كما في الاستذكار (2/ 326) يطول بسطه، والقول بأنَّ المصلي مخيَّر بين أن يصلِّي أربعًا في المسجد أو يصلِّي ركعتين في البيت مما يدلُّ على أنَّ قِلَّة عدد الركعات في البيت يجبُرها فضلُ الصلاة فيه، وهذا القول وجيهٌ اختاره أبو العبَّاس ابن تيمية وابن القيِّم جمعًا بين الأحاديث كما في "الزاد" (1/ 417)، وأيَّده الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 423)، وبهذا القول يكون فضلُ صلاة النافلة بالمسجد على النِّصف مِن صلاة البيت، وهذا القول ينقض القاعدة الآنِفة، حيث قُدِّم ما كان متعلِّقًا بمكان العبادة (وهو البيت) على ما كان متعلِّقًا بذات العبادة، ويمكن القول: إنَّ الركعتين الأخريين غير الركعتين الأوليين، فلم تكُن متعلِّقةً بذات العبادة، بَيْدَ أنَّ هناك قولاً قويًّا أيضًا - لا تتنتقض القاعدة به - وهو أن يُصلِّي سُنة الجمعة البعدية ستًّا، وهذا يجمع بيْن الأحاديث كما جمع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بمكة بيْن الأربع والرَّكعتين كما رواه أهل السنن عن ابن عمر قال: "كان إذا كان بمكَّةَ فصلَّى الجمعة تقدَّم فصلَّى رَكعتين ثم تقدَّم فصلى أربعًا.."، وهذه ستُّ ركعات، ورجَّحه بعضُ أهل الحديث، وهي رواية عن أحمد، قال أبو العباس في فتاواه (24/ 202): "وقد رُوي السِّت عن طائفةٍ مِن الصحابة جمعًا بيْن هذا وهذا". اهـ، وأيًّا كان القول فإنَّ فضلَ صلاة النافلة بالبيت محفوظ.


وبالمناسبة فإنَّ هذه الأربع ركعات بعدَ الجمعة من السنن التي يسنُّ أن تُؤدَّى في المسجد خلافًا للقاعدة، لكن إن قيل: إنَّ الركعتين في البيت أفضل مِن أربع في المسجِد، فإنَّ القاعدة لا تنتقض، كما أنَّ السُّنة التي يؤديها القادِم إلى المدينة إنَّما هي تحيةٌ للبلدة بمنزلة تحيَّة المسجد، فلا تنتقض بها القاعدةُ أيضًا، والله تعالى أعلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • فقيه وأي فقيه!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الزريراني فقيه العراق وابن الزريراني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كلمات في رثاء فقيه الطائف ومسندها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تنبيه النبيه على قولهم: هذا شعر فقيه(مقالة - حضارة الكلمة)
  • علقمة بن قيس فقيه الكوفة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • البدر بن فقيه فصة وولده أبو المواهب بن عبدالباقي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فقيه الحنفية: محمد أمين عابدين (1198 - 1252هـ) دراسة في حياته وأثره العلمي ومخلفاته الشخصية ومكتبته (WORD)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • خذها من غير فقيه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعريف بمصطلح المعاملات المصرفية، وبيان أهميتها(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب