• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الطريقة المحمدية، الباب الأوحد، يا مريد محمد

حامد الإدريسي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/6/2010 ميلادي - 14/7/1431 هجري

الزيارات: 20751

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الطريقة المحمدية الباب الأوحد، يا مُريد محمد

 

وأنتَ تمشي في سوق الإسلام، الذي يَضُمُّ كثيرًا مِن السِّلَع والبَضائِع المتنوِّعة والمختلفة والمتضاربة، تَسمَع المُنادِين يدْعون الناسَ إلى سلعتهم، هلمَّ إلى التيجانية، هنا النقشبندية، هاكم الطريقة الشاذلية، تقدَّموا تقدَّموا، أدرِكوا الشيخ فلان بن علان، صاحب البركات العظيمة، والأوراد المميَّزة، وترى الناس يَسْعَوْن حائِرين، هذا يَلِجُ هنا، وذاك يقف هناك، وذاك يَتمسَّح بعمامة فلان، والآخَر يقبِّل يدَ علان، فيأتي هذا وقد ألبَسوه عمامةً خضراء، والآخر وقد غطَّوه برداء أحمر، يَتفنَّنون في تمييز بعضهم، وتفريق وحدة المسلمين، كلُّ حزبٍ بهيئتهم فرحون.

 

وأنا أتلفَّتُ يمنةً ويسرةً أقول:

أين الطريقة المحمَّديَّة مِن بين كلِّ هذه الطُّرُق؟

وأين سبيل ابن عبد الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم مِن بين كلِّ تلك السُّبل المُتَباينة، والطُّرُق المختلفة؟


أَفأَهدَى مِن محمدٍ أتَّبعه وأجعله إمامًا ومُرشدًا؟ أَفأَحسَن منه خُلقًا؟ أفأكرَم منه نسبًا؟ أفأسلَم منه منهجًا؟ أم أنه لم يَتْرك لنا طريقةً نمشي عليها، ولم يُبقِنا على منهج قويم، وسلوك مستقيم، وحجَّة واضحة، ومحجَّة بيضاء؟!

 

ماذا يريد منِّي الشاذلي أو التيجاني أو غيره، إنْ كان وليًّا صالحًا! فالله يتولَّى الصالحين، ولم يأمُرني نبيِّي أنْ أتَّبعه، وإنْ كان غير ذلك، فلستُ عليه بوكيل، أمَّا أن أتَّخذه وليًّا وإمامًا، فلم أجدِ اسمَه في القرآن، ولا في سُنَّة أبي القاسم سيِّدي وسيِّده، والذي أمَرَنِي ربي وربُّه باتِّباعه؛ فقال: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: 31]، وقال لي وله: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7].

 

أمَّا ما لم يأتكم به الرسول فلا تأخذوه، وما لم ينهكم عنه فلا تَنتَهوا، فما أوضحَ كلامَ الله، وما ألذَّ بَرْدَه في النفوس!

 

إنَّ الإسلام كما جاء، جاء كاملًا، وكما وُضِع، وُضع مُتناهيًا، لم يَمُت الرَّؤوف الرحيم بالمؤمنين عليه أفضل الصلاة، وأتَمُّ التسليم إلا بعد ما بلَّغ آخرَ حرف ممَّا علَّمه الله، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اللهم قد بلغتُ، اللهم فاشهَد))، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما تركتُ شيئًا يُقرِّبكم مِن الجَنَّة إلا وبيَّنْتُه لكم، وما تركتُ شيئًا يُبعِدكم عن النار إلا وبيَّنْتُه لكم))، فلم ينقصنا شيئًا، ولم يَكْتُم عنَّا خبرًا، ولم يَستُر عَنَّا مِن أوامر ربِّه أمْرًا، ولا بدَّل ولا غيَّر، ولا زاد ولا نقص؛ بل دينٌ أتمَّه الله هو بلَّغه، وشرعٌ أحكَمَهُ الحكيمُ هو أَوْصَلَهُ، وسُنَّة هداه إليها الهادي أمَرَنا بلزومها؛ قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 3].

 

فلم يَترُك مجالًا إلا لِمَن اضطُرَّ في مخمصة، وما يتعلَّق بأحكام الفقه والمعاملات ممَّا يَشمَله بابُ الاجتهاد، أمَّا طريق العبودية وأسلوب السلوك إلى الله، فقد أوصَلَه كاملًا، وبلَّغه تامًّا واضحًا، وقال: ((خير الهدْي هدْي محمَّد)) صلَّى الله على محمد.

 

فلم نحتَجْ نحن في ذلك إلَّا إلى أمرٍ واحد أجملَتْه هذه الآيات: قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ [النور: 54]، وقال عز وجل: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: 80]، وقال: ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [النور: 56]، وقال: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [الجاثية: 18، 19]، ثم زاد هذا المعنى تأكيدًا وهو واضح، وتبيينًا وهو بيِّن، فقالت عائشة، تَروي لنا ما كان يقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن أحدث في أمْرنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ))، وقال: ((مَن عمل عملًا ليس عليه أمرُنا، فهو ردٌّ))، فأمْرُه كامل، وشريعتُه التي جعَلَه الله عليها قد أحاطَتْ بالعبادة مِن كلِّ جوانبها، فلم تُبْقِ شيئًا في السُّلوك ولا الأذكار ولا الأخلاق إلا أتتْ به، متمثِّلًا في هدْي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وسلوكه وخُلقه وسيرته، وحياته وأحواله، أسوة حسَنة، ومثال يُحْتَذى، بَشَرٌ مثْلنا، لا مَلَك فيعجزنا اتِّباعه، ولا جِنيٌّ فيَخفَى عنَّا حاله؛ ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].

 

لكن، وألف لكن:

ذاك رسول الله، ونحن بشَر ضِعاف، لا نقْدر على ما يقْدر عليه، ولا بُدَّ لنا ممَّن يدلُّنا على الله، ويَشفَع لنا عنده، ويَسلُك بنا طريقًا في التربية والسلوك.

 

بمثْل هذا الكلام أتاحوا لأنفُسهم أنْ يشرعوا السُّنن والأوراد والأدعية، ويُلزِموا بها الأتْباع، ويلقِّنوها الأجيال، ويُوهموهم أنها تقرِّبهم إلى الله، وإنما هي تُبعِدهم عنه، فهو لا يَقبَل غير طريق حبيبه المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم وغيرَ أسلوبه في العبادة، ولا يدخل إلى حضرته إلا مَن أقبل مِن بابه، ولو جاءَه مِن ألف باب، إلا أنْ يَلِجَ مِن باب حبيبه وخليله، الذي أمَرَنا بالصلاة والسلام عليه، وعلَّمَنا كيف نفعل ذلك، فقال لنا رسولُنا الحبيب: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليتَ على آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد، اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد كما بارَكتَ على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد))، وقال لنا غيرُه: قولوا: "اللهم صلِّ على محمد الفاتح لما أُغلِق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، والهادي صراطك المستقيم..."، فأي الصلاتين نقول؟ وأي الهديَيْن نتبع؟ ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: 153].

 

إنَّ مبدأ دخول الجَنَّة مرتبط بالطاعة، والطاعة مرتبطة بالتسليم، والتسليم مرتبط بسلامة الاتِّباع دون الابتِداع، ولو بحثنا في كلِّ الأوراد واستعرضْنا كلَّ الطرق، لوجدنا سُنَّة نبيِّنا خيرًا منها، وطريقتَه أحبَّ إلى ربِّنا، وأَسلَمَ عند خالقنا، وأرضَى لرسولنا صلَّى الله عليه وسلَّم الذي يقول: ((والله، لو كان أخي موسى حيًّا، لما وَسِعَهُ إلا اتِّباعي))، رضي الله عن موسى وعن نبيِّنا، وعن كلِّ مَن اكتَفَى بمنهجهم، واقتَفَى آثارهم، ووقف عندها، فالله في غنى عن عِبادةٍ لم يأمُرْك بها، وطاعة لم يطلبها منك، فالزَم الباب، بالإخلاص وبالصواب، لا بالعمَّة والجلباب؛ ﴿فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 144]، ولا تتطلَّب التفنُّن والاستِحسان، فما عند الله هو الحسَن، وما عند غيره هو الضلال المُبِين؛ ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 82].

 

ولو اكتفيتَ بما آتاك وكنتَ من الشاكرين، لأغنيتَ نفسَك عن اتِّباع الرجال، والتعلُّق بالأهداب، وتقبيل الأيادي، والتراقُص في المجامع، والتقافُز في المحافل، ودفْع الغالي والنَّفيس، وتسليم القِياد لهوى شيخ، ونزغة مُعَمَّم، ولو سألك الله يوم القيامة، فقل: يا رب، هذا نبيُّك وهذه سُنَنُه، لم أزدْ ولم أنقص، ولم أبتَدِع ولم أُغيِّر، فأنَّى تخيب وأنتَ متمسِّك بالوحيَيْن، عاضٌّ على الصحيحين، تَسِير بنورٍ مِن الله، وتخطو على بصيرةٍ مِن أمْر الله، غير مُقتَحِم باب ضلالة، ولا ظلمات زاوية، ولا دروب طريقة، إلا طريقة رسول الله وصحْبه المجْتَبَيْن، لا تسأل إلا عن سُنَّته، ولا تجتَهِد إلا في اتِّباع هدْيه؟ فيالك مِن فائزٍ موفَّق، وحكيم محنَّك؛ ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: 153]، ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم: 31، 32].

 

إنَّ ما جاء به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كافٍ لِمَن أراد جَنَّة الله، فمَن أطاعه دخَل الجَنَّة ولا بُدَّ، ومَن اتَّبَع سبيله فهو معه بضرورة صدْق القرآن في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ [النور: 54]، وإنَّ فيما قاله ممَّا صحَّ عنه مِن السُّنَن والأوراد، والأدعية والأذكار، وِرْدًا لكلِّ ظمآن، وطريقًا لكلِّ حيران، وبابًا لكلِّ مُنقَطِع، ومَطمَعًا لكلِّ مُرِيد، ولو اجتَهَد المجتَهد، وسعَى الساعي، ونظَم الناظم، وأراد خيرًا ممَّا قال محمد بن عبد الله الذي أُوتِي جوامع الكلم، وجمع الخير كله - فلن يجد إلى ذلك سبيلًا.

 

فإلى كلِّ مَن استَبدَل الحوقلة بالهوهوة، أصحاب الأوراد المُبتَكَرة، والطُّرُق المُستَحدَثة، وإلى كلِّ ناقز وراقص وشاطح، خُذْ ما آتاك اللهُ وكنْ مِن الشاكرين، فوالله لو شطحتَ اليومَ كلَّه، ودُرْتَ كالرَّحَى حتى وقعتَ على أمِّ رأسك، لن يَقبل اللهُ منك شيئًا لم يَفعله المَثَلُ الأعلى، والقدوة الأولى، فأَرِحْ نفسك مِن البدعة؛ فلا خيرَ فيها، واجعَل مُبتَغاك سُنَّة ثابتة تُحيِيها، وأثرًا صحيحًا تَعضُّ عليه، وتعلَّم عبادته فإنها خيرُ العبادة وأوسَطُها؛ فإنَّ خيرَ الهدي هديُ محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار، كما كان يقول عليه أفضل الصلاة وأتَمُّ التسليم.

 

فهديُه خيرُ الهدْي، لا غلوَّ ولا تقصير، يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، يقُوم وينام، يصُوم ويُفطِر، يحبُّ الطِّيب والنساء، يُضاحِك أصحابه ويُمازِحهم، يُمسِك أحدَهم مِن خلْفه ويقول: ((مَن يشتري العبد؟))، ويقول للعجوز: ((لن يدخل الجَنَّةَ عجوز))، يَقصد أنها لن تدخل عجوزًا؛ بل شابَّة، تأتي الجارية فتُمسِك بيده وتجرُّه فينطَلِق خلفها حتى يقضي حاجتها، يخدم أهلَه ويُعِينهم، تَهجره إحداهنَّ إلى الليل وهو سيِّد البشَر، يَخصِف نعلَه ويرقع ثوبه وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، لا تَراه إلا مُبتَسِمًا، وهو أعبَدُ العابِدين وأزهَدُ الزاهدين، بأبي هو وأمِّي مِن قدوةٍ لا أبتَغِي سِواه، وإمام لا أتَّبِع غيره.

 

إنَّ الطريقة المحمديَّة زاوية رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم التي أُسِّسَت على التقوى مِن أوَّل يوم، ووُضِعَت تعاليمُها مِن لدُن حكيم خبير، هي الزاوية الوحيدة، والطريقة التي لا يَقبَل اللهُ طريقةً غيرَها، ولا يرتَضِي أسلوبًا في العبادة إلا أسلوبها، فراقِب جيدًا قولَه عليه السلام: ((ما أنا عليه اليومَ وأصحابي))، وابحَث عنه وعن تفاصيله، وكلَّما جاءَك أحدٌ يدْعوك إلى وِرْدٍ، فقل: هل هو وردُ محمد بن عبد الله؟ فإنْ قال لك: نعم، فقل له: أين ثبَت ذلك عنه في الكُتب الصحيحة الثابتة، التي قيَّض اللهُ رجالَها كي يحموا حوزة الدِّين مِن كلِّ مشتهٍ مُستَحسِن؟ وكلَّما جاءَك شيخٌ يُرِيدك مُريدًا، فقل له: أنا مشغول، والمشغول لا يُشغَل، أنا مُريد محمد بن عبد الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم؛ قد سلَّمتُ له القياد، وبعْتُ له النفس والروح، فهو شيخُ طريقتي، ووِردي ومَوردي، وشفيعي عند خالقي، فليس لي إلا قلب واحد، أسكنتُه حبَّه، فليس يَقْبل حبَّ أحدٍ سواه، فإن قال لك: أنا أدلُّك عليه، فقل له: بسُنَّة صحيحة، وأثَر ثابت، وفريضة محْكَمة، وعبادة كان عليها هو وأصحابه الأكرمون، عندئذٍ تكون بالله غنيًّا، وبشرْعِه مُكتفيًا، وبما آتاك مِن الدِّين محصنًا، ويكون بينك وبين البدعة حجاب السُّنَّة، وبينك وبين الضلالة حصن الهدي، هدي محمد عليه أفضل الصلاة وأتَمُّ التسليم، وإلا تجاذبَتْك الأهواء، ولعبتْ بك البِدَع، وتَسابَق إليك المُعمَّمون يُرِيدونك نعجةً في زريبتهم، ومريدًا في طريقتهم، ثم يحتَجِبون عنك بالحُجَّاب، ويُغلِقون عليك الأبواب، ويُكثِرون عليك مِن الكلام المُبْهَم، والعبارات المُوهِمَة، وعندك كتابُ الله الواضح البيِّن، تقرؤه عذبًا طريًّا كما أُنزِل، كلمات الله فيه واضحة وضوحَ شمس الضحى، ورسائل الهدى تُحمَل إليك محصنة بـ ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9].

 

يا مُريد محمد، إنَّ طريقك إلى محمد يمرُّ عبر الصحيحين وكتُب الحديث، فهناك تجد كلَّ ما كان يَفعله في يومه وليلته، وكلَّ ما كان يَتقرَّب به إلى ربه، ولقد عاش الناسُ في العقود الماضية بَعيدِين عن المعارف والعلوم، ولم تكُن الكتُب متيسِّرة، ولا السُّنن معروفة، ولا انتَشَر العِلم والخير كما انتَشَر في زماننا، فلجَؤُوا إلى شيوخ الطرائق، وتمسَّكوا بهم؛ إذ لم يكُن لهم مِن سبيلٍ سِواهم، حبًّا في رسول الله والإسلام، أمَّا اليوم بعد أن عرَفنا الطريق، وعَلِمنا كيف عاش محمد صلَّى الله عليه وسلَّم فَلَسْنا نَبغِي سِواه، ولسْنا نتَّبِع غيرَه مهما بلَغ مِن الفضل والصلاح، فقُل: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: 43]، وثبتَت السُّنن والأحكام، وعرَفنا ما كان عليه هو وأصحابه، ولم يبقَ للناس على الله حجَّة بعد الرُّسُل، والحمد لله ربِّ العالمين، وقل لكلِّ صاحب طريقة وإمام زاوية: ﴿قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾ [الأعراف: 89]، صدَق الله، ومَن أصدق مِن الله حديثًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم
  • صراط الله المستقيم
  • الشخصية المحمدية بين البشرية والنبوة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • كيف يحضر الساحر جنيا ؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعليم الخط العربي في مدارسنا بين الطريقة الكلية والطريقة الجزئية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مخطوطة الطريقة المحمدية في بيان السيرة النبوية الأحمدية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الطريقة المحمدية والسيرة الأحمدية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باب نقض الكعبة وبنائها وباب جدر الكعبة وبابها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • ملخص كتاب كيف تقرأ كتابا: الطريقة المثلى للاستفادة من القراءة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • إثبات وجود الله بين طريقة القرآن وطريقة المتكلمين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الطريقة الصحيحة لإيصال الخبر الحزين أو السار إلى ذويه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (4) وسائل تسهيل الحفظ وتثبيته(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
8- بارك الله فيك يا شيخ حامد
حسن المنصوري - Qatar 05-10-2011 01:32 AM

اللهم اجعلنا من المتقين

7- هذا سبيلي ادعوا الى الله على بصيره وماكنت من المشركين
مهند حمو - السويد 19-09-2011 03:54 PM

السلام عليكم هذا الأسلوب من أروع ما قرأت جزاك الله خيرا

6- هذا المقال أجاب على كل تساؤلاتي
احمد سيد كاتنجا - (((((مصر العربية الاسلامية))))) 09-07-2011 06:10 PM

ما شاء الله لا قوة الا بالله وتبارك الله وصلى الله على سيدنا محمد عبد الله ورسوله والحمد لله ولا استعانة الا به بسم الله: أحمد الله لي ولك ولجميع المسلمين على أنني وجدت هذا المقال المقنع لي ولأصدقائي الذين انجرفوا نحو الطرق الضالة واقتنعوا بها لما رأوا فقط فيها من لذة الذكر . ولذلك كان عليا صعبا أن أقنعهم قبل قراءة هذا المقال جزاك الله خيرا ويسر الله لك الخير حيثما كنت أستاذ الشريف حامد الادريسي وجعله في ميزان حسناتك .....آمين.

5- فمن رغب عن سنتى فليس منى
صالح القيم - السعودية 07-07-2010 09:32 AM

كثير من بدع الصوفية وشطحاتها وضلالاتها، بدأت من هفوات بعض العباد والنسَّاك الأوائل، من غير سوء قصد منهم، وهكذا البدع أول ما تنشأ من تجاوزات، وهفوات، وزلات، وغفلات يُتَسَاهَل فيها حتى تُستساغ، ثم تنمو وتتطور حتى تكون بدعاً وأصولاً ومناهج فى سبيل الضلالة والغواية.
... وقد حذر النبى - صلى الله عليه وسلم - أصحابه من بعده من هذا، حينما أرشد أولئك النفر من الصحابة، وحذر الأمة كلها مما هموا به حين هموا بأن يتعمقوا فى العبادة، فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنى لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنى أصوم وأفطر وأصلى وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتى فليس منى).
... وهذا بيان عظيم من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأمته لئلا تقع فيما وقع فيها رهبان النصارى وعباد الأمم الهالكة.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: والمراد من ترك طريقتي، وأخذ بطريقة غيري فليس مني، ولمح بذلك إلى طريقة الرهبانية فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى، وقد عابهم بأنهم ما وفوه بما التزموه، وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم الحنيفية السمحة فيفطر ليتقوى على الصوم، وينام ليتقوى على القيام، ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير النسل.

4- تصحيح لتعبير لا يعجبني
عمر الزويني 29-06-2010 02:59 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي حامد الإدرسي أظن أن بعض الأسماء الحسنى يمكن أن نصف بها الإنسان وغيره ورأيت ذلك في القرآن الكريم .. وقد كانت موافقتك للرأي مجاملة وخلق طيب

3- baraka ALLAH fik
issad abdALLAH - algerie 28-06-2010 09:23 AM

أفأهدَى من محمدٍ أتبعه وأجعله إمامًا ومرشدًا؟ أفأحسن منه خلقًا؟ أفأكرم منه نسبًا؟ أفأسلَم منه منهجًا؟ أم أنه لم يترك لنا طريقة نمشي عليها، ولم يُبقِنا على منهج قويم، وسلوك مستقيم، وحجَّة واضحة، ومحجة بيضاء؟!

man raghiba 3an sonati falayssa mini baraka ALLAH fik

2- تعبير لا يعجبني
عمر الزويني 27-06-2010 05:08 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية نشكركم على حبكم لما ينفع المسلمين
أخي
ورد في مقالتكم شيء لم يعجبني ولا يعجبني وأراه والله أعلم غير لا ئق في حق الله ورسول الله صل اللهم عليه وسلم وآله وهو غير متعمد قلتم:
{إنَّ الإسلام كما جاء، جاء كاملاً، وكما وُضِع، وضع متناهيًا، ***لم يَمُت الرَّؤوف الرحيم بالمؤمنين*** - عليه أفضل الصلاة وأتَمُّ التسليم - إلا بعدما بلَّغ آخر حرف ممَّا علَّمه الله، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد))}
ما لا يعجبني هوتعريفكم للرأفة والرحمة لأن التعريف يخص الله وليس الرسول صل اللهم عليه وبارك وعلى آله وسلم
فالآية: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمومنين رؤوف رحيم
فلا نقول فلان هو الرؤوف الرحيم بل رؤوف رحيم، وإن بدت لنا في القرآن الكريم غير معرفة فيسبقها اٍسم الله جل جلاله كقوله تعالى{ إن الله بالناس لرؤوف رحيم}143البقرةأو ما يدل عليه كقوله :{ سلام قولا من رب رحيم}58يس.
والله أعلم

1- نديم الماضي فيس بوك
نديم الماضي - السعوديه - الرياض 27-06-2010 06:48 AM

بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء يابن العم وأسأل الله لي ولك ولكل مسلم العلم النافع والعمل الصالح اللهم امين

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب