• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوصف بالجاهلية (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    منهج الاستدلال بين القرآن والسنة: دراسة نقدية ...
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    تلك نتائج السرائر!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    التقوى زاد المؤمن (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    أصحاب الأخدود (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق القرآن
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    صفة الوجه
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث: لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    من مائدة الفقه: صفة الاغتسال والمسح على الجبيرة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الإسلام يدعو للحفاظ على النفس البشرية ويحرم قتلها ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإعاقة الباطنية: عمى البصيرة، وأمراض القلوب
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الحسنات: تلك العملة الصعبة
    محمد شفيق
  •  
    خطبة: من مغذيات الإيمان التعرف على الله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    رعاية الله تعالى للخليل عليه السلام وحمايته من شر ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    شرح حديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن ...
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    إذا أحببت الله.. (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

الإسلام يدعو للحفاظ على النفس البشرية ويحرم قتلها بغير حق

الإسلام يدعو للحفاظ على النفس البشرية ويحرم قتلها بغير حق
الشيخ ندا أبو أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/12/2025 ميلادي - 12/6/1447 هجري

الزيارات: 128

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسلام يدعو للحفاظ على النفس البشرية، ويُحرِّم قتلها بغير حق

 

إن الإسلام دين الحياة والسلام والأمن والأمان، ومن ثمَّ أقرَّ حقَّ الحياة لكل فرد من أفراد البشرية كلها مسلمًا كان أو غير مسلم! وحرَّم الاعتداء على النفس البشرية، ونهى عن ذلك أبلغ ما يكون النهي.

 

فقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ﴾ [الإسراء: 33].

 

وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 151].


لم يشدِّد الإسلام النكير على جريمة ما كما شدَّد على جريمة الاعتداء على النفس البشرية، وإراقة دمها وإزهاقها؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾  [النساء: 93].

 

وأنت أخي الحبيب إذا نظرت إلى القرآن الكريم كله من أول فاتحة الكتاب إلى سورة الناس، لم تجد مثل هذا الوعيد الذي توعَّده الله تعالى لقاتل النفس عمدًا بغير حقٍّ.

 

فللنفس البشرية في الإسلام الحنيف حُرمة عظيمة، سواءً أكانت نفس مسلم أو غير مسلم، نجد هذا واضحًا في دستور الإسلام الأغر، وقانونه المحكم القرآن الكريم، في قول الله تعالى: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].

 

غير أن نفس المؤمن تزداد حُرمتها مكانةً ومنزلةً عند الله سبحانه وتعالى، فقد أخرج الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَزَوَال الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ من قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ".


وأخرج النسائي والبيهقي من حديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قَتْلُ الَمُؤْمِن أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا".


وأخرج ابن ماجه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلىَ اللهِ سُبْحَانَهُ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ".


وإذا وضح لنا من هذه الأحاديث كلها أن حرمة النفس المؤمنة أعظم قدرًا، وأجلُّ منزلة عند الله تبارك وتعالى من زوال الدنيا بأسرها، فربما يكون من المدهش العجيب أن نعلم أن حُرمة النفس المؤمنة أعظم عند الله سبحانه وتعالى من حُرمة البيت العتيق نفسه – الكعبة - زادها الله تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا.

 

فقد أخرج ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: "مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ! مَا أَعْظَمَكِ، وَمَا أَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللهِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَتَكِ، مَاَلَهُ، وَدَمَهُ".


عقاب من اعتدى على النفس البشرية:

لقد أنزل الله تبارك وتعالى كتبه، وبعث أنبياءه ورسله وسنَّن شرائعه؛ لحفظ كليات خمس:

الدين، والنفس، والعقل، والعِرْض، والمال.

 

وحماية لهذه الخمسة، وحفاظًا عليها شرع الله تبارك وتعالى الحدود، فكان حدُّ الرِّدَّة حماية للدين، وحدُّ القتل حماية للنفس، وحدُّ الشرب حماية للعقل، وحدُّ الزنا والقذف حماية للعِرْضِ، وحدُّ السرقة حماية للمال.

 

وبغير هذه الحدود وتلك الضوابط، ستنتشر الفوضى، ويستمرئ الطغاة والظلمة والأقوياء إراقة الدماء، وإزهاق الأرواح؛ مما يجر الخراب والدمار للبشرية بأثرها، لهذا يقول الله تعالى في محكم كتابه تعليقًا على أول دم أريق على وجه الأرض، وأول نفس أزهقت في هذه الدنيا: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].

 

فعقاب من أزهق نفسًا بشرية بغير سبب شرعي كعقاب من أراق دم البشرية جمعاء، سواءً من قتل مسلمًا، أو غير مسلم.

 

والنبي صلى الله عليه وسلم يُبيِّنُ في صراحة ووضوح أن العذاب الشديد ينتظر كل من اشترك في إراقة دم مسلم، أو تسبَّب في إزهاق روحه، حتى لو اشترك في ذلك الجرم كثير من الناس، فقد أخرج الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أنَّ أَهلَ السَّماءِ وأَهلَ الأرضِ اشْتَرَكْوا فِي دَمِ مُؤمِنٍ لأَكبَّهمُ اللَّهُ في النَّارِ".

 

وعند الطبراني في الصغير من حديث أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَىَ قَتْلِ مُسْلِمٍ؛ لأَكَبَّهُمُ اللَّهُ جَمِيِعًا عَلَىَ وُجُوًهِهِمْ فِي النَّارِ".


وهذا الوعيد الشديد يلحق بكل مَن تسبَّب في قتل مسلم ولو بكلمة أو إشارة، أو أقل من ذلك:

فقد أخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أعَانَ عَلَىَ قَتْلِ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ".


وعند البيهقي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أعَانَ عَلَىَ دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَلَو بِشَطْر كلمة كَتَبَ اللهُ بَين عَيْنَيْهِ آيس من رَحْمَة الله".


أرأيت أخي الحبيب كيف أن الإسلام أعلى قدر الإنسان، وجعل له حق الحرية مسلمًا كان أو غير مسلم، فتلك هي مكانة الإنسان في الإسلام.

 

وهنا سؤال يفرض نفسه وهو: ما الحق الذي يهدر دم الإنسان؟

مرَّ بنا أن نفس الإنسان مصونة في الإسلام الحنيف لا يباح إزهاقها، ولا إراقة دمها، لكن هناك بعض الأمور إذا وقع فيها الإنسان سُلبت هذه الحرمة، ويُنزع عنها ثوب هذا الحفظ والصون، ويُعرضها لسيف الحق والانتقام.

 

2- وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحق الذي يهدر دم الإنسان مسلمًا كان أو غير مسلم.


فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَني رَسولُ اللَّهِ، إلَّا بإحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بالنَّفْسِ، وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ".


وأخرج أبو داود والنسائي من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِثَلَاثِ خِصَالٍ: زَانٍ مُحْصَن يُرْجَمُ، ورَجُلٌ قْتُلَ عَمْدًا فَيُقْتَلُ، ورَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ الْإِسْلَامِ وَحَارَبَ اللَّهَ ورَسُولَه، فَيُقْتَلُ، أو يُصْلَبُ، أو يُنْفَى مِنَ الْأَرْضِ".


وأخرج الإمام أحمد في مسنده، وأصحاب السنن عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال وهو محصور: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: رجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ، أَوْ زَنَا بَعْدَ إِحْصَانِهِ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ".


من هذا البيان النبوي الحكيم يتبيَّن لنا أن من يُهْدرُ دمه، ويُبَاحُ قتله، ثلاثة:

1- المرتد الذي كفر بعد إسلامه رجلًا كان أو امرأة.

2- من كان محصنًا: أي متزوجًا وزنىَ رجلًا كان أو امرأة.

3- من قتل نفسًا بغير حقٍّ.

 

ويضاف إلى هذه الجرائم الثلاثة، جرائم أخرى ثبتت بالكتاب والسُّنَّة، ولا تقل خطورة في تهديد المجتمع، وتفكيك وَحدته وترابطه عن هذه الثلاثة، منها:

4- من حمل سلاحه وروَّع الآمنين، وقطع الطريق العام، واستولى على أموالهم، وعاث في الأرض فسادًا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [سورة المائدة:33].

 

5- من خرج عن الجماعة، وبُويع بالخلافة بعد مبايعة الخليفة صاحب الحق.

 

فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا بُويِعَ الِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا"؛ أي: فادفعوا الآخر بالقتل إن لم يمكن دفعه بدونه.

 

6- من فسد ذوقه، وساء طبعه وخُلقه، وارتكب تلك الفاحشة النكراء، ألا وهي عمل قوم لوط.

 

روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ".


الإسلام رحيم حتى لو أقام الحدود:

لقد ركَّز المستشرقون، وأعداء الإسلام، والأغرار الجهلة من المسلمين، ركزوا هجومهم على الحدود التي شرعها إسلامنا الحنيف، وقالوا: إن في إقامة حدِّ الرجم أو الجلد أو القتل قسوة لا مبرر لها، وإن في إقامة حد السرقة تشويهًا للمرء وزيادة للعاطلين في المجتمع.

 

وفات هؤلاء الحاقدون، ومن لفَّ في دائرتهم، وسار على دربهم، وتأثَّر بمنهجهم، وأخذ بفلسفتهم من الأغرار الجهلة الذين لاحظَّ لهم من معرفة، ولا نصيب لهم من دراسة متأنية فاحصة مدقِّقة لتعاليم الإسلام وآدابه للوقوف على حكمة وتشريع الحدود.

 

أقول: فات هؤلاء جميعًا أن الإسلام جاء ليحارب الظلم والطغيان، وليستلَّ من النفوس الأحقاد، ويغرس بدلها المحبة والإخاء، ويوفر لأبنائه الأمن والاستقرار، وأنَّى يتحقق هذا الغرض السامي النبيل، إذا ما تُرك للقادر الحبل على الغارب؟ يظلم كما يحب، ويعتدي كما يشتهي؟ يسلب هذا حياته وهذا ماله، وهذا شرفه وعِرْضه؟

 

إن المجتمع حينئذ سيصبح غابة لوحوش الآدميين يفتقد فيه الناس الأمن على المال والعِرْض، والحياة والمقدسات، وبالتالي يفتقدون هدوء النفس، وراحة البال، كما يفتقدون الاطمئنان والاستقرار.

 

لابد إذًا من رادع يردع المستهزئين بالقيم، المتسلطين بقوتهم على الآمنين والضعفاء والطامعين في حقوق الغير الذين ينشدون اللذة والمتعة والثراء على حساب قيم المجتمع ومقدساته.

 

وكان هذا الرادع فيما سنَّه الإسلام الحنيف من قوانين عادلة، وشرعه من أحكام رحيمة، وإن بدا لبعض المغرضين والحاقدين أنها قاسية؛ لأن حقدهم أعماهم فلم ينظروا إلا إلى زاوية واحدة منها زاوية القسوة، وحالت أغراضهم الدنيئة دون رؤية زواياها الأخرى التي تحقق العدل، والأمن، والاستقرار، والرحمة، والرخاء.

 

أجل إن أحكام الإسلام وقوانينه بما في ذلك الحدود - أي العقوبات - رحيمة بالمجتمع ككل، وإن بدا للبعض أنها قاسية؛ لأنها أخذت على يد القوي المستهتر الماجن، فحالت بينه وبين ارتكاب جرائم شتى، وحقَّقت بذلك الأمن والاطمئنان والاستقرار لبقية أفراد المجتمع، لقد تغاضت هذه الأحكام عن مصلحة الأفراد غير المشروعة، وعملت على تحقيق الخير والمصلحة للجميع، سواء أكانوا أفرادًا أم المجتمع بأثره!

 

لقد تباكى الحاقدون على الإسلام من علمانيين وملحدين وجهلة أغرار، وسدنة الماركسية البائدة - على مَن ارتكب جريمة فاستحق عقوبتها - إقامة الحد عليه - وكان الأَولى بهم والأجدر أن يبكوا من أجل من وقع عليهم الظلم، والذين كانوا هدفًا لهذا الجاني المجرم الذي أزهق روحًا وأراق دمًا أو سَلَبَ مالًا، أو سطا على عِرْضٍ فاسْتَلبه شرفه وكرامته! بربِّك مَن الأحق بالبكاء المجرم الجاني أم المجني عليه الضحية؟!

 

إن العقل والمنطق يقول: لابد أن ينال المجرم الجزاء العادل على جريمته، والقوانين الوضعية تفعل ذلك، لكن جزاءها غير عادل، وغير رادع؛ لذا نرى نار الثأر تحرق الأخضر واليابس، ويُقتل بالواحد العشرات، وربما المئات، وتمتد العداوة إلى أجيال كثيرة متعاقبة!

 

أيهما أرحم بالمجتمع أن نوفر لأفراده الأمن والهدوء والاستقرار أم نتركهم يعيشون في هلع وخوف؟!

 

إن الحكمة من تشريع الحدود في الإسلام الحنيف هي: ردع الظالم عن ظلمه، وزجر المستهتر عن استهتاره، سدًّا لباب الشر والفساد، وتوفير الأمن والاستقرار.

 

وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النور: 1].

 

ولأهْلِ الذِّمة حُرْمَة:

قد يتوهم البعض ممن لا نصيب لهم من العلم ولا حظَّ لديه من الفقه - أن الذِّمِّيَّ[1] أو المُعَاهَد[2] مهدور الدم غير مصان النفس والمال والعِرض، والذي لا ريب فيه أن هذا فهم خاطئ، وجهل فاحش بالإسلام، ومبادئه، وتعاليمه.

 

إن لأهل الذمة من يهود ونصارى حُرمة في الإسلام العظيم، حُرمة لأنفسهم، حُرمة لأموالهم، حُرمة لأعراضهم، حُرمة مقدساتهم ومعتقداتهم. وتلك سماحة يمتاز بها الإسلام الحنيف، ويُلزم بها أتباعه والمؤمنين به في كل زمان ومكان لكن الإسلام دائمًا مُفترى عليه!

 

أجل! إن نفس النصراني أو اليهودي المُعَاهَد والذِّمِّيَّ، مصونة ومحترمة كنفس المسلم تمامًا، كما إن ماله وعِرضه ومعتقداته كذلك، فإن اعتدى مسلم على أخيه الذمِّيِّ – نصرانيًّا كان أو يهوديًّا - فأزهق روحه، وأراق دمه، وقتل نفسه، كان ظالمًا مسيئًا ومعاقبًا يوم القيامة على جريمته تلك.

 

أخرج البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ[3] رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَد مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا".

 

وفي رواية: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا".


وروى أبو داود عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ[4] حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ".

 

وروى ابن حبان عن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدة بِغَيْرِ حَقِّهَا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةَ عَامٍ"؛ (قبس من الهدي النبوي للشيخ محمد عبد الفتاح عفيفي).



[1] الذِمِّي: معناه رجل له عهد. والذِّمَّةُ: العهد منسوب إِلى الذِّمَّةِ: قال الجوهري: الذِّمَّةُ أَهل العقد. وقوم ذِمَّةٌ: مُعاهدون أَي ذوو ذِمَّةٍ، انظر لسان العرب لابن منظور مادة ذمم.

[2] المُعَاهَدْ: أي من أعطى عهْدًا ووعدًا وميثاقًا لا رجعةَ فيه، ومنها الفعل عَاهَدَ أي عاقده وحالفه، قطع عَهْدًا له.

[3] يَرَحْ: لم يجد ريحها ولا يشمها.

[4] فِي غَيْرِ كُنْهِهِ: أي في غير حقها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أمة الإسلام خير الأمم
  • الإسلام دين الحنيفية السمحة
  • الإسلام دعوة عالمية
  • الإسلام يدعو إلى التوحيد
  • يتميز الإسلام بالشمولية والعموم
  • الإسلام يجمع بين الثبات والمرونة
  • الإسلام منهج ميسر

مختارات من الشبكة

  • الإسلام يدعو لمعالي الأخلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يدعو إلى الرفق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يدعو إلى الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب فضل الإسلام - الدرس الثاني: باب فضل الإسلام (ب) (مترجما للغة الإندونيسية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب فضل الإسلام - الدرس الثاني: باب فضل الإسلام (أ) (مترجما للغة الإندونيسية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الإسلام يدعو للحفاظ على البيئة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • لطائف من القرآن (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنيس الحفاظ في لطائف الألفاظ (205) سؤالا في لطائف ألفاظ الكتاب العزيز (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دعاء الشفاء ودعاء الضائع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يدعو إلى تحرير العبيد من الرق وكفل للإنسان حق الحرية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/6/1447هـ - الساعة: 16:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب