• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

حقوق المسلم: النصيحة

حقوق المسلم: النصيحة
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/4/2025 ميلادي - 29/10/1446 هجري

الزيارات: 532

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق المسلم: النصيحة

 

الحمد لله الذي جعل المؤمنين إخوةً في الإيمان، وشبههم في دعم بعضهم بعضا وشد بعضهم بعضا بالبنيان، وشرع لهم من الأسباب ما تقوم به تلك الأخوة وتستمر على مدى الزمان.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الألوهية والأسماء والصفات والسلطان. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث إلى جميع الإنس والجان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما.

 

وبعد:

ما زال الحديث معكم مع حقوق المسلم على أخيه المسلم، واليوم نعيش مع الحق الثالث: ألا وهو حق النصيحة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - قال: «حق المسلم على المسلم ست»، قيل: وما هن يا رسول الله قال إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه».

 

إن من أعظم القربات عند الله بعد التوحيد: رص صفوف المسلمين وتوحيد كلمتهم، وإشاعة الألفة والمحبة بينهم، وهذا لا يكون ولا يتأتى إلا بعد مراعاة ما أوجبه الله من حقوق الأخوة.

 

والنصيحة والتناصح من أعظم مقومات الأخوة في الله، ولها شأنٌ عظيم، فهي أساس بناء الأمة، وهي السياج الواقي بإذن الله من الفرقة والتنازع والتحريش بين المسلمين.

 

والمسلمُ الحق إن رأى في أخيه قصورًا أو خَللًا وجبَ عليه أن يعينه على إصلاحِه، يفعلُ ذلك من منطلق إيمانه وإسلامه، إذِ النصيحة أصل الدين، قال عليه الصلاة والسلام: "الدين النصيحة" [رواه مسلم].

 

والنصيحة كلمةٌ جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير ارادةً وفعلا.

 

أيها الكرام: قد يفهم البعض الدين أنه صلاةً وصياما وحجا وزكاة فقط، وهذا فهمٌ خاطئ، يقول عمر - رضي الله عنه - قال: «من شاء صام ومن شاء صلى ولكنها الاستقامة».

 

أيها الحبيب: إذا وقفت لتصلي فاعلم أن الصلاة امتحان، بل إنها ميزانٌ إن ما بين الصلاتين؛ استقامتك، صدقك، غضُّك للبصر، نُصحك للمسلمين، ورعك في تجارتك، وبيعك، وشرائك.

 

الدين ليس شعائر تؤدى وكفى، أو كتابٌ يُقرأ، أو مجلس علمٍ يُحضر، أو حجٌ يُؤدى، أو احتفالٌ بعيد المولد يُقام وانتهى الأمر، ونحن على ما نحن عليه، هذا هو الفهم السقيم للدين.

 

الدين شيءٌ يدخل في كل حياتك، في كل حركاتك وسكناتك، في كل نشاطاتك، في كل علاقاتك.

 

قال الفضيل بن عياض: "ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام، وإنما أدرك بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة" [((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (1 /224)]. وعن الحسن البصري أنه قال: "لو شئتم أن أقسم لكم لأقسمن: إن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده، والذين يحببون عباد الله إلى الله، ويمشون في الأرض بالنصيحة" [ أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء (36)].

 

فالنبي عليه الصلاة والسلام قال:

«الدِّينُ النَّصِيحَةُ». عبارةٌ جامعة مانعة، بقاء الدين كاملا بالنصيحة بقاء الدين ظاهرا بالنصيحة، نقاء الدين من الشوائب مرتبطٌ باستمرار النصيحة.

 

وهذا الحديث العظيم عليه مدار الإسلام، كما قال أهل العلم، فهو ينص على: أن عماد الدين وقوامه بالنصيحة، فلو عمل أفراد المسلمين وجماعتهم بما تضمنه هذا الحديث من معاني النصيحة لنالوا سعادة الدنيا والآخرة ولعاشوا إخوةً متحابين تجمعهم عقيدة واحدة وراية، واحدة ومنهجا واحدا في حياتهم.

 

«الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»...، فينصَح المسلم لنفسِه ولغيره بطاعة الله وتوحيده وخشيته والبُعدِ عن معصيته، والنصيحة لكتابه بتعلُّمه وتعليمه وفهمه والعمل به، والنصيحة لرسولِه بامتثال أوامره، ونشر سنته، والنصيحة لأئمَّة المسلمين بإعانتهم على الحقِّ وتذكيرهم به والدّعاء لهم، والنصيحة لعامّة المسلمين بجلب الخير لهم ودعوتهم إليه، ودَرء الشر عنهم وتحذيرهم منه.

 

النصيحة وظيفة من وظائف الانبياء،: فقد قال سبحانه على لسان نوح عليه السلام مخاطبًا قومه: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 62].

 

وقال تعالى عن هودٍ عليه الصلاة والسلام: ﴿ أُبَلّغُكُمْ رِسَـالـاتِ رَبّى وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف:68]، وقال عن صالح عليه السلام: ﴿ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبّى وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّـاصِحِينَ ﴾ [الأعراف:79].


وبايع النبي - صلى الله وعليه وسلم - أصحابه على النصح لكل مسلم، قال جابر رضي الله عنه: «بايعت رسول الله صلى الله وعليه وسلم على السمع والطاعة والنصح لكل مسلم». [متفق عليه].

 

والله أمر بالنصح حتى مع من علا وطغَى، وقال انا ربكم الأعلى قال الله لموسى وهارون: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه: 43]، بل أمر بالرفق معه واللين وهو من هو: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44].

 

حاجة الانسان للنصيحة كحاجته للأكل والشرب والهواء لا غنى له عنها؛ لأنها هي التي تبين الطريق وتبصر الانسان بأخطائه، وما يحيط به من مخاطر ومهالك.

 

المسلم محتاج الى النصح حاكما كان أو محكوما رجلا كان أو امرأة عالما أو متعلما.

 

وكان السلفُ يحبُّون من يُبصِّرهم بعيُوبهم، ويرفعون شعار: (رحِم الله من أهدَى إليَّ عُيوبي في سرٍّ بيني وبينه).


النصيحة ذكرى والذكرى تحتاج الى أذنٍ صاغية، وقلبٌ واع لتأتي أكُلها قال تعالى: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].

 

بالنصيحة يتنظف المجتمع من المحرمات والمنكرات والسلبيات والموبقات، إذا غابت من المجتمع النصيحة تقدمت الغيبة والفضيحة، وتراجعت الاخوة وإذا تراجعت الأخوة تقدمت الأنانية والمصلحة.

 

النصيحة دليل المحبة والتالف قال الحارث المحاسبي: "اعلم انه من نصحك فقد أحبك ومن داهنك فقد غشك" [ رسالة المسترشدين"، ص (71)].

 

أخي الكريم: للنصيحة آداب وشروط فالنصيحة تحتاج إلى ضوابط لتكون نصيحة مؤثرة، نصيحة نافعة، نصيحة مباركة.

 

أول شروط وآداب النصيحة: أن تكون لوجه الله وحده، لا لدنيا ولا رياء، ولا سمعة فمن كانت نصيحته لله ومحبة لعباد الله فهنيئا له.

 

ومن آداب النصيحة ثانيا أن تكون النصيحة خالية من التشهير والتعيير والشماتة.

 

ثالثًا أن تكون النصيحة سرًا: فالنصيحة سرًا أبلغ للقبول قال تعالى: ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴾ [النساء: 63].

 

قال السعدي: أي: انصحهم سرًا، بينك وبينهم.

 

قال ابن رجبٍ - رحمه الله -: (كان السّلَف إذا أرادوا نصيحةَ أحدٍ وعظوه سرًّا)؛ فهناك فرقٌ بين النصيحة والفضيحة، يقول الفضيل بن عياض: (إن المؤمن يستر وينصح، وإن المنافق والفاجر يهتك ويعير ويفضح).


يقول الإمام الشافعي – رحمه الله -:

تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه

 

فإن خالفتني وعصيت قولي فلا تجزع إذا لـم تـُعط طاعة.


ومن آداب وشروط النصيحة رابعا أن تكون بلطف وأدب ورفق:

صدق الله القائل: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53].

 

﴿ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ﴾ [الإسراء: 28].

 

حتى تصل النصيحة للقلب لابد لهذا القلب من مفتاح، ولن تجد له مفتاحًا أحسن ولا أقرب من اللطف والأدب والرفق، كيف لا والنبي - صلى الله وعليه وسلم - يقول: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه».

 

ابراهيم عليه السلام ينصح أباه المشرك:

﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ﴾ [مريم: 42].

 

﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ﴾ [مريم: 43].

 

انظر إلى أدب الخطاب يا أبت، ولقمان يوصي ابنه: يا بني يا بني، أدبٌ وتلطف.

 

دخل واعظ على هارون الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين اني واعظك ولكني سأشدد عليك فاسمع لي، قال: لا اسمع لك قال ولم؟ قال: يا هذا أرسل الله من هو خير منك إلى من هو شر مني، فـقـال: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44].

 

جاء شاب إلى النبي - صلى الله وعليه وسلم - يستأذنه في الزنا يقول: يا رسول الله ائذن لي في الزنا، هو يعلم تحريم الزنا لكنه جاء يستأذن رسول الله،، فدعاه النبي وقال: «يا هذا، أترضى بالزنا لأمك؟!» قال: لا، قال: «والناس لا يرضونه لأمهاتهم، أترضاه لزوجتك؟!» قال: لا، قال: «والناس لا يرضونه لزوجاتهم، أترضاه لابنتك؟!» قال: لا، قال: «والناس لا يرضونه لبناتهم، أترضاه لعمتك؟!» قال: لا، قال: «والناس لا يرضونه لعماتهم، أترضاه لخالتك؟!» قال: لا، قال: «والناس لا يرضونه لخالاتهم»، ثم إنه ضرب صدره وقال: «اللهم أعفه وحصنه وطهر قلبه»، قال - رضي الله عنه -: فما هممت بفاحشة بعد ذلك.

 

كلنا يحفظ حديث الأعرابي الذي وقف في مسجد النبي - صلى الله وعليه وسلم -وبال إلى جوار رسول الله - صلى الله وعليه وسلم -، هل تتصور هذا المشهد؟ أعرابيٌّ يدع هذه الصحراء المترامية ولا يجد مكانًا يقضي فيه حاجته إلا في مسجد رسول الله - صلى الله وعليه وسلم -، بل وفي حضرته الشريفة - صلى الله وعليه وسلم -، ويقول الصحابة مه مه، ماذا تصنع أيها الرجل؟! ، والرسول - صلى الله وعليه وسلم -سيد الدعاة يقول «لا تزرموه»، أنا لا أقول هذا من باب الإعجاب السالب أيها الأحبة، أو لمجرد الثقافة الذهنية الباردة، بل أنا أبين منهجًا عمليًّا للدعوة إلى الله تبارك وتعالى، وواجبٌ لكل سالكٍ على هذا الطريق والدرب المنير أن يكون على هذا المنهج العظيم.

 

«لا تزرموه» أي لا تقطعوا عليه بولته، ويقضي الرجل تبوله باطمئنانٍ كامل، حتى يقضي الرجل حاجته فيُنادي عليه رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - نهر الرحمة وينبوع الحنان وأستاذ الخلق والأدب ويقول إن المساجد لا تصلح لشيءٍ من هذا، إنما جُعلت للصلاة ولذكر الله وقراءة القرآن، ويأمر النبي - صلى الله وعليه وسلم - صحابيًّا فيأتي الصحابي بدلو من الماء فيشنه على أثر البول ويطهر المكان، وانتهت القضية، وانتهت المشكلة، ما أمر النبي الصحابة أن يلقوا هذا الرجل من يديه وقدميه خارج المسجد، ما عنفه، ما وبخه، ما آذاه بكلمة ولا بلفظة، لا والله، وإنما انفعل هذا الأعرابي بهذا الخلق الكريم فدخل الصلاة خلف رسول الله - صلى الله وعليه وسلم -، ثم دعا الله بهذا الدعوة التي سمعها النبي - صلى الله وعليه وسلم -، سمع الأعرابي يقول "اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا"، لم يجامله النبي - صلى الله وعليه وسلم - على حساب المنهج أيضًا، وإنما لما قضى النبي- صلى الله وعليه وسلم - صلاته قال: «لقد حجرت واسعًا»، يعني لم تضيق ما وسع الله تبارك وتعالى؟ والله جلّ وعلا يقول:﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف:156].

 

وفي قصة معاوية بن الحكم وقد عطس أمامه رجل في صلاته فشمته معاوية وهو يصلي يقول: فحدقني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه مالكم تنظرون إليّ. ؟ قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يسكتونني لكني سكت.

 

فلما انصرف رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - دعاني، بأبي هو وأمي، ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه.

 

عندما يكون الدواء مُرا يوضع في كبسولة ليسهل على المريض بلعه، فالنصيحة مرة تحتاج إلى تخفيف مرارتها بالسكر والسكر هنا هو: البسمة الطيبة والكلمة الرقيقة والرفق بالمنصوح.

 

خامسا من آداب النصيحة: أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة: قال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125]، بالحكمة والموعظة الحسنة وليس الخشنة، وجادلهم بالتي هي أحسن وليس بالتي هي أخشن؛ فإذا كانت النصيحة ستؤدي إلى تفرق الشمل، أو تؤدي إلى منكر أكبر فتركها أولى.

 

وإذا اضطر الإنسان أحيانًا إلى استخدام الشدة فإنه من المناسب أن يخلط مع أسلوب الشدة شيئًا من اللين، ويستخدم شيئًا من عبارات التلطيف.

 

ومن الحكمة أن تكون النصيحة على قدر الخطأ. وأن تكون النصيحة خالية من ألفاظ التفسيق والتجهيل، وأن تكون النصيحة بأسلوب التلميح وليس بأسلوب التصريح. علمنا النبي - صلى الله وعليه وسلم - أن نقول: "ما بال اقوام يفعلون كذا".

 

ومن آداب النصيحة وشروطها سادسا احسان الظن بالمنصوح: يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: "لا تظنن بكلمة خرجت من في امرئ مسلم سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا" [1100] ((الاستذكار)) لابن عبد البر (8 /291)]. وعن جعفر بن محمد قال: "إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا، فإن أصبته وإلا قل لعل له عذرا لا أعرفه".

 

ومن آداب النصيحة سابعا عدم الإلزام بقبول النصيحة، فمن واجب الناصح أن ينصح غيره، ولكن ليس من حقه أن يلزمه بقبولها، ان عليك الا البلاغ، وما على الرسول، فلا تنصح على شرط القبول منك.

 

ومن آداب النصيحة ثامنا اختيار الوقت المناسب للنصيحة: لأن المنصوح لا يكون في كل وقت مستعدًا لقبول النصيحة، فقد يكون مكدرًا في نفسه بحزن أو غضب أو فوات مطلوب، أو غير ذلك مما يمنعه من الاستجابة لنصح الناصح.

 

ومن آداب النصيحة تاسعا الا يكون الناصح مخالفا لنصيحته: قال تعالى: عن شعيب، يقول لقومه: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88].

 

وقال تعالى: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44].

وغير ذي تقى يأمر الناس بالتقى
طبيب يداوي الناس وهو مريض

 

لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ
عارٌ عَلَيكَ إِذا فَعَلتَ عَظيمُ
ابدأ بِنَفسِكَ وَانَها عَن غِيِّها
فَإِذا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكيمُ

 

ولا يعني هذا أن الناصح لا تقع منه المعصية البتة فكل ابن آدم خطّاء وليس الناصح والواعظ ملكا.

 

عاشرا من آداب النصيحة التثبت من الشائعات: حتى يُنكر أو ينصح على بصيرة، لا تكون المسألة ظنون. كان النبي- صلى الله وعليه وسلم - اذا أتته الأخبار سأل وتثبت حتى يبلغ به العلم اليقين، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].

 

من آداب النصيحة الحادي عشر المدح مع النصح: رأى ابن عمر رضي الله عنهما رؤيا أنه في مثل التنور فيها نار فخاف فقيل له: لا تخاف، فقُصت على النبي- صلى الله وعليه وسلم - فقال صلى الله وعليه وسلم: "نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل"، قال ابن عمر فما تركت قيام الليل بعدئذ.

 

النصيحة كلمةٌ طيبة مثلها كحبة القمح قد توضع في مكان لا ينبت تمر الايام وتأتي رياح تأخذها الى ارضٍ طيبة تنبت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة.

 

ابن مسعود يسمع رجل يغني فقال: "يا له من صوت جميل لو كان بالقرآن" ثم مضى.. فقال لأصحابه: من هذا؟

 

قالوا: عبد الله بن مسعود..

قال: صاحب رسول الله عليه السلام ؟!!قالوا: نعم..

ثم لازم هذا المغني ابن مسعود حتى تعلم القرآن.. وصار إمامًا في العلم.

 

ثمار النصيحة:

النصيحة بذرة طيبة يبذرها الناصح، ولابد للبذرة السليمة التي روعي فيها ما يصلح الزرع من ثمرة، وكذا النصيحة، فإذا روعيت آدابها وشروطها رجونا أن تتحصل منها الثمار الطيبة، والآثار الخيرة، ويمكن إجمال ثمار النصيحة في الأمور التالية:

1- تنقية المنصوح من الشوائب:

فإن الناصح عندما يرى من منصوحه غفلة عن خير، أو وقوعًا في شر، فيعمد إلى تقوية وتنقية نفسه من الشوائب سيرًا بها إلى التقليل من القصور في حق الله أولًا، ثم في حق عباده ثانيًا، وهذا مكسب كبير للإنسان لو تمعن فيه، وهذا تكميل لنقص وقع فيه المرء من حيث لا يدري أو لا يدري، فإذا بمتطوع يذب عنه النقص، ويخلصه من الذنب، وأي شائبة أشد من التقصير في حق ذي الحق؟ وأي نقاء أكرم وأبرك من حرص أخيك عليك؟

 

2- دوام المحبة والألفة:

فإن المنصوح إذا نصحه الناصح بما يسدد خطأه، ويكمل نقصه، كان ذلك طريقًا لدوام الألفة بين الاثنين، ذلك لأن الناصح محب لمنصوحه، ويحب لأخيه ما يحب لنفسه، ولابد أن يقابله صاحبه بمثل ذلك إن كان عاقلًا، وعليه فكم من نصيحة صادقة أدامت بين الأحبة ودًا، وسدت في شخصية أحدهم نقصًا، وأبعدت عن النفس غوائل الشيطان، وألحقت من تأخر وتلكأ بالركب!!

 

3- أداء حق الأخوة:

إن الناصح حين ينصح غيره إنما يؤدي ما لأخيه من حق عليه، وهذا الحق يتعلق بحب المرء لغيره مثل ما يحبه لنفسه، وهذا الأمر يؤدى بطرق منها النصيحة.

 

ذلك لأنك لا تحب لنفسك النقص ولا ترضاه، بل تعمل على إزالته وتلافيه، وواجب الأخوة يفرض عليك أن تعامل أخاك المنصوح بمثل ما تعامل به نفسك، وطالما أنك لا ترضى لنفسك النقص، فأنت لا ترضى لأخيك النقص، لذا تقوم بنصحه وإرشاده وإعانته على الخير، وإبعاده عن الشر.

 

وهذه أمور لابد لمن تآخيا من تحقيقها، وعنوان تحقيق ذلك بذل النصح لمن احتاج إليه ليكون علامة للأخوة، وطريقًا لقرب القلوب، وسدًا أمام الضغائن والمحن.

 

وفي هذا الباب يحدثنا أبو حاتم محمد بن حبان البستي فيقول: "النصيحة إذا كانت على نعت ما وصفنا تقييم الألفة وتؤدي حق الأخوة"، وفي هذا يقول الخليفة عمر بن عبد العزيز: "من وصل أخاه بنصيحه له في دينه، ونظر له في صلاح دنياه، فقد أحسن صلته، وأدى واجب حقه..." [تاريخ الطبري 6/ 572].

 

ولعل سائلًا يسأل هناك كيف تكون النصيحة من حقوق الأخوة مع أن فيها ذكر العيوب وهذا يوحش القلب؟

 

ويجيب عن هذا السؤال الإمام الغزالي فيقول: ((فاعلم أن الإيحاش إنما يحصل بذكر عيب يعلمه أخوك من نفسه، فأما تنبيه على ما لا يعلمه، فهو عين الشفقة، وهو استمالة القلوب، أعني قلوب العقلاء، وأما الحمقى فلا يلتفت إليهم، فإن من ينبهك على فعل مذموم تعاطيته، أو صفة مذمومة اتصفت بها لتزكي نفسك عنها، كان كمن ينبهك عن حية أو عقرب تحت ذيلك، وقد همت بإهلاكك، فإن كنت تكره ذلك فما أشد حمقك، والصفات الذميمة عقارب وحيات، وهي في الآخر مهلكات)) [احياء علوم الدين: 2/ 182].

 

4- حصول الأجر:

الناصح إذا أسدى لغيره نصحًا استحق عليه الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى، على حرصه على إخوانه، وحبه لهم.

 

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقوق المسلم: رد السلام
  • حقوق المسلم: عيادة المريض

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تكفير الحج حقوق الله تعالى وحقوق عباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب