• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

الإسراء والمعراج: دروس ومقاصد (خطبة)

الإسراء والمعراج: دروس ومقاصد (خطبة)
د. عبدالرزاق السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/1/2025 ميلادي - 27/7/1446 هجري

الزيارات: 1383

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسراء والمعراج دروس ومقاصد

 

الحمد لله العلي الأعلى؛ أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماوات العلا، حتى بلغ سدرة المنتهى، فرأى من آيات ربِّه الكبرى، أحمَده على ما وفَّق وهدى، وأشكُره على ما أعطى وأسدَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أهمية الإسراء والمعراج:

أيها المسلمون، مرت اثنتا عشرة سنة على بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لدعوة أهل مكة إلى الإسلام، لكن جهاد هذه الدعوة الذي حمله محمد صلى الله عليه وسلم، عرَّضه لعواصف عاتية من الإيذاء والبغضاء والافتراء، ومزَّق شمل أتباعه، فما ذاقوا مذ آمنوا به راحة الركون إلى الأهل أو المال، عذَّبهم أهل مكة حتى رأوا الأهوال، وكان آخر العهد بمشاق الدعوة طرْد ثقيف للنبي صلى الله عليه وسلم وإيذاؤهم له، ثم دخوله إلى البلد الحرام في جوار مشرك، إن هوانه ذلك على الناس جعله يجأر إلى رب الناس شاكيًا راجيًا.


حديث القرآن عن الإسراء والمعراج:

أيها المسلمون، لقد تحدث القرآن الكريم عن هذه الرحلة المباركة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، إنَّ الله سبحانه أراد أن يُرِي نبيَّه من آياته، ويكشف له عن ملَكُوته، ويُطْلِعه على الغيب من أسرار الكون، فكان الإسراء من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى بفلسطين المقدَّسة رحلة أرضية أرضية، وكان المعراج من المسجد الأقصى في رحلة أرضية سماوية إلى الملأ الأعلى، إلى سِدْرة المنتهى، وفي الإسراء يقول الله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].


وفي المعراج يقول الله سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى *مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 13 – 18].

 

والأمر هنا أمر معجزة، والمعجزة بطبيعتها لا تَخْضع للسنن المعروفة، ولا للقوانين المطَّردة، ولا للمقاييس المنطقيَّة، وإنما تخضع المعجزة لِقُدرة الله ومشيئته، وقدرتُه ومشيئته لا يتقيَّدان بشيء، ولا يُحَدَّان بحدٍّ، ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [النحل: 40].

 

مشاهد من الإسراء والمعراج:

أيها المسلمون، إن آلة الركوب التي ركب عليها النبي صلى الله عليه وسلم كانت هي البراق، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: أُتِيتُ بالبُراقِ، وهو دابَّةٌ أبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الحِمارِ، ودُونَ البَغْلِ، يَضَعُ حافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قالَ: فَرَكِبْتُهُ حتَّى أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ، قالَ: فَرَبَطْتُهُ بالحَلْقَةِ الَّتي يَرْبِطُ به الأنْبِياءُ، قالَ ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فيه رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَجاءَنِي جِبْرِيلُ عليه السَّلامُ بإناءٍ مِن خَمْرٍ، وإناءٍ مِن لَبَنٍ، فاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فقالَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اخْتَرْتَ الفِطْرَةَ، ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فقِيلَ: مَنَ أنْتَ؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنا، فإذا أنا بآدَمَ، فَرَحَّبَ بي، ودَعا لي بخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ الثَّانِيَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عليه السَّلامُ، فقِيلَ: مَنَ أنْتَ؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنا، فإذا أنا بابْنَيِ الخالَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ويَحْيَى بنِ زَكَرِيّا، صَلَواتُ اللهِ عليهما، فَرَحَّبا ودَعَوا لي بخَيْرٍ، ثُمَّ عَرَجَ بي إلى السَّماءِ الثَّالِثَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فقِيلَ: مَنَ أنْتَ؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنا، فإذا أنا بيُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذا هو قدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ، فَرَحَّبَ ودَعا لي بخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ الرَّابِعَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عليه السَّلامُ، قيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، قالَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لنا فإذا أنا بإدْرِيسَ، فَرَحَّبَ ودَعا لي بخَيْرٍ، قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: ﴿ وَرَفَعْناهُ مَكانًا عَلِيًّا ﴾ [مريم: 57]، ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ الخامِسَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قيلَ: مَن هذا؟ فقالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لنا فإذا أنا بهارُونَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَرَحَّبَ، ودَعا لي بخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ السَّادِسَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عليه السَّلامُ، قيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنا، فإذا أنا بمُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَرَحَّبَ ودَعا لي بخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ السَّابِعَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فقِيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لنا فإذا أنا بإبْراهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلى البَيْتِ المَعْمُورِ، وإذا هو يَدْخُلُهُ كُلَّ يَومٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إلَيْهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بي إلى السِّدْرَةِ المُنْتَهَى، وإذا ورَقُها كَآذانِ الفِيَلَةِ، وإذا ثَمَرُها كالْقِلالِ، قالَ: فَلَمَّا غَشِيَها مِن أمْرِ اللهِ ما غَشِيَ تَغَيَّرَتْ، فَما أحَدٌ مِن خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ أنْ يَنْعَتَها مِن حُسْنِها، فأوْحَى اللَّهُ إلَيَّ ما أوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فَنَزَلْتُ إلى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: ما فَرَضَ رَبُّكَ علَى أُمَّتِكَ؟ قُلتُ: خَمْسِينَ صَلاةً، قالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فإنِّي قدْ بَلَوْتُ بَنِي إسْرائِيلَ وخَبَرْتُهُمْ، قالَ: فَرَجَعْتُ إلى رَبِّي، فَقُلتُ: يا رَبِّ، خَفِّفْ علَى أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، فَقُلتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسًا، قالَ: إنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، قالَ: فَلَمْ أزَلْ أرْجِعُ بيْنَ رَبِّي تَبارَكَ وتَعالَى، وبيْنَ مُوسَى عليه السَّلامُ حتَّى قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَواتٍ كُلَّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ، فَذلكَ خَمْسُونَ صَلاةً، ومَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كُتِبَتْ له حَسَنَةً، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ له عَشْرًا، ومَن هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها لَمْ تُكْتَبْ شيئًا، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ سَيِّئَةً واحِدَةً، قالَ: فَنَزَلْتُ حتَّى انْتَهَيْتُ إلى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرْتُهُ، فقالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَقُلتُ: قدْ رَجَعْتُ إلى رَبِّي حتَّى اسْتَحْيَيْتُ منه)؛ مسلم، ورأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشاهد أخرى.

 

مقاصد الإسراء والمعراج:

أيها الإخوة المسلمون، فإن للإسراء والمعراج مقاصدَ عظيمة ينبغي للمسلم أن يعلمها، منها:

أولًا: مقصد توحيد الله سبحانه: إنّ من أعظم المقاصد التي تتضمنها حادثة الإسراء والمعراج توحيد الله سبحانه، ووصفه بكل صفات الكمال، وتنزيهه عن كل نقصان، ودليلُ ذلك سياق الآية؛ إذ إنها بدأت بقوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ﴾ [الإسراء: 1]، حتى توجه أنظار الناس عمومًا وأهل مكة خصوصًا إلى التعرف على قدرة الله، وأنه قادر مقتدر قيُّوم على خلقه، وهذا دفعًا لعقيدة الشرك لدى المجتمع العربي من نسبة الأفعال لغير الله سبحانه؛ أي عقيدة الشرك في الفاعلية، ولكأنما الآية توجِّههم وتوجهنا إلى توحيد الربوبية، وذلك بنسبة الأفعال إلى خالقها الحقيقي لا إلى الأوثان، والتي ثبت في ضميرهم الجمعي أنها غير قادرة على الحركة والانتقال إلا بتحريك الآخرين لها؟ فكيف يُنسَب إليها الخلق والتدبير؟ ومن هنا فالمصلحة الشرِعية تقتضي من المجتمع أن يُمعن النظر فيما ينسبه من تصرفات إلى غير الله سبحانه وأن ينتبه إلِى هِذا الِنوع من الشرك.


ثانيًا: مقصد بيان مستلزمات النبوة الخاتمة:

إن من مقاصد الإسراء والمعراج بيانَ أهمية النبوة الخاتمة؛ إذ إن الإنسانية ستشرع من الآن فصاعدًا على السير وَفق الرسالة الخاتمة والشاملة لكل الشرائع السماوية السابقة التي صيغت وَفق قواعد كلية تناسب تغير الزمان والمكان.


ويتجلى في هذه الإمامة مقصد عظيم وهو (أن الأنبياء مع كل الاختلافات الفرعية كانوا حملة رسالة واحدة، كما أن من مقاصد إمامة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء إقرارَ مبدأ الشهادة؛ أي الأمة الخاتمة على الأمم السابقة والمعاصرة، وهو مقصدٌ مهم في حياة الأمة الإسلامية رغم غفلتنا عنه.


ثالثًا: مقصد الابتلاء: إن الناظر في تاريخ وأحوال وقوع حادثة الإسراء والمعراج يجدها قد وقَعَتَا في مرحلة الجهر بالدعوة الإسلامية، وينقل لنا أصحاب السِّيَر حالة النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه من المؤمنين وموقف قريش منهم، فكانت مرحلة مِحنة وابتلاء وتمحيص للإيمان؛ كقصة آل ياسر المعروفة عند العام والخاص من المسلمين، وقصة بلال وغيرهم رضي الله عنهم، وفي هذه الظروف الصعبة جاء امتحان آخر للفئة المؤمنة بربِّها، ولمدى تمسُّكها بأصول عقيدتها، وخاصة بعد الحرب النفسية التي شنَّتها قريش ضد النبي صلى الله عليه وسلم، واتهامه بالكذب والجنون مِن ادِّعائه السفر في جزء من الليل من مكة المكرمة إلى بيت المقدس، والذي كان في عُرفهم وتجربتهم أن هذه المسافة تُقطع في مدة شهرين، وإن هذه الحادثة كما ينقل لنا ابن هشام قد جعلت بعض المسلمين يرتدون عن الإسلام.


وعليه فالمصلحة الشرعية المستنبطة من حادثة الإسراء والمعراج أنه على الأمة ألا تغفل عن تهيئة الناس وتربيتهم على تقبُّل الابتلاء في صورتيه، وما يتضمنه البدني والعقلي من خير أو شر، وإلا استسلمت الأمة إلى الضَّعف والوهن.


رابعًا: مقصد بيان مصير الإنسان:

إن الإنسان بطبعه ميَّال إلى البحث عما ينفعه، ويحقِّق له مصالحه ولذاته، وعن مسألة معرفة مآله أو مصيره بعد الموت شغلت عقله، ولهذا جاءت الشرائع السماوية تبيِّن له أن مصيره إلى الآخرة، وأنه منذ بداية خلقه في رحم أمه مصيره يتدرَّج من مرحلة إلى أخرى، من مرحلة كونه جنينًا، فالولادة فالطفولة، فالشباب، فالكهولة فالشيخوخة، ثم الموت وبعدها مرحلة الحياة البرزخية، فالآخرة، أي مصيره إلى الجنة أو النار.


وإن المتأمل في هذه السياحة التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس، ثم من بيت المقدس إلى سدرة المنتهى، وما صادفه النبي الكريم من رؤيته للملائكة الكرام والأنبياء ووقوفه على الجنة والنار، وأحوال الناس فيهما، وغير ذلك من أسرار الغيب يظهر لنا وبصورة جلية أهمية الإسراء والمعراج في إتيان حقائق الإيمان، وأن الإنسانية جمعاء سوف تسير بعد وفاتها في عالم الآخرة في نفس المسار الذي سار فيه هذا النبي الكريم، ونقف على حقائق الإيمان رؤية عين وبصر، وإن مصير الإنسان إما إلى سعادة أو شقاء؟


خامسًا: مقصد التيسير والرفق بالأمـة:

إن من مقاصد الشريعة الخاتمة أنها جاءت بمبدأ إقرار مقصد الرفق والتيسير، وأن الناس عمومًا وأهل الاجتهاد منهم خصوصًا، مطالبون بمراعاة هذا المقصد في اجتهاداتهم، لِما فيه من مصالح ترجع بالفائدة على الفرد والمجتمع بالحفاظ على الكليات الخمس في حياة الإنسانية، وإن هذه المصلحة - أي الرفق والتيسير - يُمكن أن نقف عليها في حادثة الإسراء والمعراج؛ إذ نقرأ في كتب السنة الشريفة الحوار الذي جرى بين الرسول الخاتم وموسى عليهما الصلاة والسلام، ومسألة التنقيص من الصلوات من خمسين صلاة إلى خمس صلوات في اليوم والليلة (البخاري)، فحرصُ نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام على التنقيص من الصلوات، دليلٌ على أن الرفق والتيسير صفة تتضمنها كلُّ الشرائع السماوية، وأنها من مقاصد الشريعة الخاتمة.


سادسًا: مقصد وَحدة الأمة: إن مقصد وحدة الأمة يتجلى في حادثة الإسراء والمعراج جليًّا واضحًا، فإن هذه الرحلة المباركة التي قام بها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بين مكة وبيت المقدس، وإن كانت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، كما يذكر العلماء لما أصابه وأتباعه من شدة أهل مكة، إلا أن من مقاصدها أيضًا تبشير المؤمنين الصادقين الصابرين أن رقعة الأمة ستتوسع وتمتد إلى بيت المقدس؛ إذ صلاة النبي فيه دلالة على فتْحه.

 

ويدعمه جعلُه قِبلة للمسلمين بضعة عشر شهرًا من بعد الهجرة، كما أن من مقاصده الحفاظ على وحدة الأمة وعلى كِيانها؛ إذ إن سياق الآية يُخبرنا عن الصراع الذي سيكون في الزمن المستقبل في عهد النبوة وبعدها، وعلى أرض بيت المقدس بين أهل الإسلام واليهود، ومن هنا فالمصلحة الشرعية من وراء الإسراء والمعراج الحفاظ على وحدة الأمة بتوفير وسائل ذلك من الاهتمام بمشاكله، وفض المنازعات فيما بينها؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 102، 103].

 

الدروس المستفادة من حادثة الإسراء والمعراج:

1- درس في النبوات، صلاة النبي عليه الصلاة والسلام بالأنبياء إمامًا: إن صلاة النبي عليه الصلاة والسلام بالأنبياء إمامًا لها دليل، ولها دلالة أن النبوة والرسالة قد انقطعت، فلا نبوة بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا رسالة بعد رسالته عليه الصلاة والسلام: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40].

 

1- درس في بناء الرجال: والرجال لا يمكن بناؤهم إلا من خلال المواقف، عندما تحدث النبي عليه الصلاة والسلام بأمر الإسراء والمعراج، طفق القوم بين مصفِّق وبين واضع يده على رأسه تعجبًا؛ يقول ابن كثير: (وارتد ناس ممن آمن بالنبي عليه الصلاة والسلام)، فالأمر يحتاج إلى يقين، يقين بقدرة الله ويقين بصدق المصطفى عليه الصلاة والسلام، فالمحنة تفرِّز حقائق الرجال، أفرزت هذا المحنة الذي لم يستطع أن يستوعب الأمر لضعف إيمانه، وأفرزت رجالًا كأبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (لَمَّا أُسرِيَ بالنبيِّ إلى المسجدِ الأقْصى، أصبح يتحدَّثُ الناسُ بذلك، فارتدَّ ناسٌ ممن كانوا آمنوا به، وصدَّقوه، وسَعَوْا بذلك إلى أبي بكرٍ، فقالوا: هل لك إلى صاحبِك يزعم أنه أُسرِيَ به الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدَقَ، قالوا: أو تُصَدِّقُه أنه ذهب الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ وجاء قبل أن يُصبِحَ؟ قال: نعم إني لَأُصَدِّقُه فيما هو أبعدُ من ذلك، أُصَدِّقُه بخبرِ السماءِ في غُدُوِّه أو رَوْحِه، فلذلك سُمِّي أبو بكٍر الصِّديقَ)؛ السلسلة الصحيحة، إيمان ثابت، إيمان لا تَعبَث به الدنيا، ولا تُزلزله الجبال، إيمان قد استقام على حقيقة منهج الله عز وجل.


2- درس في معية الله عز وجل لأنبيائه وعبادة الصالحين: طلبت قريش من النبي عليه الصلاة والسلام أن يصف لها بيت المقدس، ورسول الله عليه الصلاة والسلام قد جاءه ليلًا، ولم يكن قد رآه من قبل؛ يقول عليه الصلاة والسلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقَدْ رَأَيْتُنِي في الحِجْرِ وقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عن مَسْرايَ، فَسَأَلَتْنِي عن أشْياءَ مِن بَيْتِ المَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْها، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً ما كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، قالَ: فَرَفَعَهُ اللَّهُ لي أنْظُرُ إلَيْهِ، ما يَسْأَلُونِي عن شيءٍ إلَّا أنْبَأْتُهُمْ به)؛ مسلم؛ أي: إن الأمر سيفضح أي النبي عليه الصلاة والسلام سوف يتَّهم بالكذب، ولكن حاشا لله أن يترك أولياءه؛ يقول عليه الصلاة والسلام: فجلى الله لي بيت المقدس، فصِرت أنظر إليه وأصِفه لهم بابًا بابًا وموضعًا موضعًا، ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]، فجلى الله؛ أي: فكشَف الله، درس لكل صاحب همٍّ، لكل صاحب قلب مكلوم، ألا يلتفت قلبه إلا إلى الله عز وجل رسول الله عليه الصلاة والسلام، رجل واحد يحمل همَّ الدنيا كلها، رجل واحد يحمل أمانة تنوء بها الجبال، ماتت زوجه خديجة التي كان يأوي إليها عند تعبه، مات عمه أبو طالب الذي كان يحميه.


3- درس في تعريف النبي بمخلوقات أخرى غير الإنسان: لقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام الملائكة تطوف حول البيت المعمور، وهو بمنزلة الكعبة في السماء، ورأى عددهم الكثير، فعن مالكِ بنِ صَعصَعةَ رَضِيَ اللهُ عنه في قِصَّةِ الإسراء: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (... ثم رُفِعَ لي البيتُ المعمورُ، فقلتُ: يا جبريلُ ما هذا؟ قال: هذا البيتُ المعمورُ يدخُلُه كُلَّ يومٍ سبعون ألْفَ مَلَكٍ، إذا خَرَجوا منه لم يعودوا فيه آخِرَ ما عليهم)؛ البخاري ومسلم.


4- درس في واقع المسلمين: تأمَّل العلماء الربط بين إسراء النبي عليه الصلاة والسلام من مكة البيت الحرام إلى بيت المقدس، فذكروا أن مكة هي رمزٌ للإسلام لدين الله عز وجل، وبيت المقدس هو رمز لحال المسلمين، فما يجري في تلك الأرض هي علامة صحوة المسلمين أو غفلتهم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسراء والمعراج
  • الإسراء والمعراج
  • الإسراء والمعراج
  • الإسراء والمعراج
  • الإسراء والمعراج.. دروس وعبر
  • سنة المغالبة وفقهها (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • رحلة الإسراء في آية الإسراء(مقالة - ملفات خاصة)
  • الإسراء والمعراج: آيات ودلالات(مقالة - ملفات خاصة)
  • ما هو الإسراء والمعراج؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج (دروس وعبر) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج دروس وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج: دروس ودلالات وعبر (4) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج: دروس ودلالات وعبر (3) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج: دروس ودلالات وعبر (2) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج: دروس ودلالات وعبر (1) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس وعبر من الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب