• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

أثر استخدام مدرات الحليب في انتشار المحرمية

أثر استخدام مدرات الحليب في انتشار المحرمية
د. عبدالله بن يوسف الأحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/1/2025 ميلادي - 27/7/1446 هجري

الزيارات: 1803

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أثر استخدام مدرات الحليب في انتشار المحرمية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

في هذا العصر الذي انتشرت فيه العنوسةُ، والثقافة الفردانية الرأسمالية، عمَد بعض النساء إلى تعاطي الحقن والعقارات المحفِّزة لدرِّ الحليب، وقد تكون المرأة المتعاطية للمحفزات بِكرًا أو عقيمًا أو يائسًا، وقد تكون ذات زوج أو أيِّمًا، وقد تكون حاضنة أو مربيةً ليتيم؛ فترغب في الأخذ بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لسهلة بنت سهيل رضي الله عنها: "أرضعيه تُحرمي عليه"؛ رواه مسلم، حتى يكون اليتيم الذي تربيه مَحرمًا لها ومُعينًا إذا كبر.

 

فإذا ثاب الحليب ودرَّ الضرع بعد تعاطي الترياق، ثم أرضعت به المرأة مَن يكون في إرضاعه بالحليب الطَّبَعي منفعة له وغُنيةً عن الحليب الصناعي الذي ناقشتُ حكمَه الفقهي مفصلًا في كتاب: النوازل في الرضاع؛ فما حكم هذا الرضاع؟ وهل تنتشر به المحرمية؟ فيكون هذا الرضيع ابنًا لها من الرضاعة؟ وهل يستقيم ذلك وهو حليب لم يثُبْ عن نكاح؟


سيكون الجواب إن شاء الله متسلسلًا من خلال النقاط الخمس الآتية:

أولًا: المراد بالتحريم هنا وفي سائر مواطن البحث أمران: تحريم النكاح، والمحرمية التي تجيز وضع الحجاب، والخلوة، ونحوها، وهكذا يراد هذان المعنيان - الحرمة والمحرمية - إذا أطلق معنى المحرمية وانتشارها في فرع من الفروع؛ لأن أحد المعنيين قد يوجد في فرع دون المعنى الآخر؛ كما أن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن يَحرُم نكاحُهنَّ على سائر المسلمين، مع عدم ثبوت المحرمية، وإلا لجاز لهنَّ وضع الحجاب أمام المؤمنين، والخلوة بهم، وغيرها من أحكام المحرمية، ولذلك قال أبو العباس ابن تيمية: إنهنَّ أمهات المؤمنين في التحريم دون المحرمية؛ ا.هـ.

 

ثانيًا: من المناسب في مستهل بيان حكم هذه النازلة تأسيس حكم التحريم بالرضاع وبيان أدلته من الكتاب والسنة، وما انعقد عليه إجماع الأمة، فإذا تقرر أن الرضاعة مانعٌ من موانع النكاح – وهذا هو المقصود بالتحريم الرضاعي - وسببٌ من أسباب انتشار المحرمية التي تجيز الخلوة ووضع الحجاب ونحو ذلك؛ انتقلنا إلى بيان حكم النازلة إن شاء الله.

 

فمن أدلة الكتاب على أصل القرابة الرضاعية قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ حُرِّمَّتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُّكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ﴾ [سورة النساء: 23]، فهذه الآية صريحة في أن المحرم بسبب الرضاع اثنان، وهما: الأم، والأخت، ومع كون المحرَّمات بالرضاع سبعًا نظير المحرمات بالنسب، إلا أن الله سبحانه وتعالى اقتصر منهنَّ على الأم والأخت لدلالتهما على البقية، وذلك لأنه إذا تقررت المحرمية في الرضاع بنحو ما يَحرم من النسب - كما في الحديث: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) - فإن المحرمات بالنسب قسمان: قسم بالولادة، والآخر بالأُخوة؛ أما الأول فيدخل تحته الأم والبنت، وأما الآخر فخمسة أصناف، وهي: الأخت، والخالة، والعمة، وبنت الأخ، وبنت الأخت، فاقتصر من الأول على الأم، وهي تدل على البنت، وحيث حرمت الأم بالوالدية، فلْتحرم البنت بالمولودية، واقتصر من الصنف الثاني على الأخت؛ لأنها عنوان باقيه؛ إذ العمة أخت الأب، والخالة أخت الأم، وبنات الأخت وبنات الأخ فروع الأخوة، والآية وإن لم تكن نصًّا في غير الأم والأخت، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن المراد منها بقوله: "يحرم من الرضاع ما يحرُم من النسب"؛ متفق عليه.

 

وليس المراد تحريمَ ذواتهنَّ، بل تحريمَ نكاحهنَّ، وما يقصد به من التمتع بهنَّ؛ لأن الذوات لا تحرم، بل التحريم للأفعال، وهذا من قَبيل دلالة الاقتضاء؛ كما قال تعالى: ﴿ حُرِّمَّتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ ﴾ [سورة المائدة: 3]؛ أي: أكلها، والدليل على صحة هذا التقدير في مسألتنا: الآية السابقة، وهي قول الله: ﴿ وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِنَ النِسَاءِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ [سورة النساء: 22].

 

كما بيَّنت السنة مبدأَ التحريم الرضاعي، وذلك حين استأذن عمٌّ لحفصة من الرضاعة أن يدخل في بيتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين استنكرت عائشة رضي الله عنهم: "الرضاعة تُحرِّم ما تُحرِّم الولادة"؛ متفق عليه، وقال في بنت أبي سلمة رضي الله عنهم: "إنها لابنة - ولفظ مسلم: ابنة - أخي من الرضاعة؛ أرضعتني وأبا سلمة ثويبةُ، فلا تعرِضْنَ علي بناتِكن ولا أخواتِكن"؛ متفق عليه.

 

ولما عُرضت عليه ابنة حمزة رضي الله عنه للزواج منها، قال: "إنها ابنة أخي من الرضاعة"؛ متفق عليه، ولَما جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن على عائشة - وهو عمها من الرضاعة - بعد أن نزل الحجاب، أبت عائشة أن تأذن له، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت، فأمرها أن تأذن له؛ متفق عليه، وفي رواية لمسلم في المتابعات: أن عائشة قالت بعد ذلك: إنما أرضعتني المرأة، ولم يرضعني الرجل؟! فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إنه عمك، فليَلِج عليك".

 

فما تقدم من الأحاديث دال على أن الرضاع يحرِّم من النساء ما حرِّم بالنسب، وهذا المعنى يشبه أن يبلغ حدَّ التواتر.

 

وأما الإجماع، فهو أن الأمة قد اجتمع قولها، واتفقت كلمتها على أن الرضاع يُثبِت من الحرمة ما يثبته النسب، كما قد حكي الإجماع على عدم وقوع الحرمة بدم المرضع – مثاله اليوم: بنوك الدم المعاصرة - ولا بلحمها - كما لو تبرَّعت له بعضو من أعضائها - وإن أغذيا الولد.

 

وتقريرات فقهاء المسلمين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم في هذا، متوافرة وحاضرة، فمن ذلك ما رُوي عن عائشة قالت: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة؛ ا. هـ، وبنحوه روي عن ابن عباس، وابن مسعود، وسويد بن غَفَلة، وعن علي: لا تنكح من أرضعته امرأة أخيك، ولا امرأة أبيك، ولا امرأة ابنك؛ ا. هـ، وهو المذهب العملي المحكي عن الزبير بن العوام، وما كان يفتي به عروة بن الزبير، والمنقول عن ابن عمر، وجابر، رضي الله عنهم جميعًا.

 

وكذلك جاء عن إبراهيم النخعي أنه قال: يحرُم من الرضاعة ما يحرم من النسب؛ ا. هـ، وبنحوه قال عطاء، وهو المنقول عن مجاهد، والشعبي، وابن جريج، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وجابر بن زيد، وطاوس، ومجاهد، والزهري، والحسن البصري، وسفيان الثوري، والنعمان، وأبي الشعثاء، والأوزاعي، والليث بن سعد، وأبي ثور، وإسحاق، والأئمة الأربعة وأبي سليمان داود الظاهري، وأصحابهم.

 

وبذلك يتبيَّن أن هذا الحكم هو المشتهر عند أهل المدينة ومكة والكوفة والشام، وفقهاء الأمصار من الصحابة والتابعين.

 

غير أن بعض السلف حُكي عنه استثناء انتشار المحرمية من جهة الأب - زوج المرضع - في الإرضاع، واستفاضت هذه المسألة بين الفقهاء بعنوان: لبن الفحل، ورغم صراحة النصوص المرفوعة المتفق عليها التي جاءت بتحريم عمِّ حفصة من الرضاعة وعمِّ عائشة من الرضاعة رضي الله عنهما؛ إلا أن الإشكال في بادئ الأمر سبق إلى ذهن عائشة في قولها: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل! فعلَّمها النبي صلى الله عليه وسلم أنه عمها، وأنه لا مانع من دخوله عليها؛ مقررًا عليه الصلاة والسلام في ذلك سريان التحريم إلى من نزل اللبن من مائه بفعل وطئه أصولًا وفروعًا وحواشيَ، وقد طرح هذه القضية بتوسع ووضوح أبو محمد ابن حزم، وذلك بعدما قرَّر أن "لبن الفحل يحرم، وهو: أن ترضع امرأةُ رجلٍ ذكرًا، وترضع امرأته الأخرى أنثى، فتحرم إحداهما على الأخرى".

 

وما تقدم في عدم الاعتداد بلبن الفحل لو صح عن عائشة رضي الله عنها، فهو ظاهر في كونه قبل علمها بالحكم، والدليل على أنها لم تكن تعلم الحكم، قولها كما في صحيح مسلم: إنما أرضعتني المرأة، ولم يرضعني الرجل! وليكن كذلك سبب ما جاء عن غيرها، وإذا رأيت لبعضهم نقلين في المسألة كطاوس؛ ظهر لك أن هذا هو السبب.

 

ويشير إلى هذا ما روى ابن حزم بسنده إلى الأعمش؛ قال: كان عمارة وإبراهيم وأصحابنا لا يرون بلبن الفحل بأسًا - أي: لا يجعلونه محرمًا من قِبَله - حتى أتاهم الحكم بن عتيبة بخبر أبي القعيس.

 

ثم علق أبو محمد ابن حزم بقضية منهجية مهمة جدًّا، فقال: هكذا يفعل أهل العلم، لا كمن يقول: أين كان فلان وفلان عن هذا الخبر؟ ا.هـ.

 

وهذا ليس بمستغربٍ إذا علمت أنه تكرَّر في غير مسألة، فإنك تجد النقول عمن كان في صدر الإسلام أنه يقول بعدم تعلُّق التحريم فيما دون الرضعات العشر، مع ورود نسخها صريحًا صحيحًا.

 

وعدم إدراك المسألة بهذا التسلسل قد يربك الفقيه، ولذلك توقَّف في حكم لبن الفحل طائفة من الفقهاء في صدر الإسلام؛ كالذي يُروى عن مجاهد، وابن سيرين.

 

قال ابن القيم في الهدي: إن لبن الفحل (الأب) يحرم، وإن التحريم ينتشر منه - يريد: الفحل زوج المرضع - كما ينتشر من المرأة، وهذا هو الحق الذي لا يجوز أن يقال بغيره، وإن خالف فيه من خالف من الصحابة ومن بعدهم، فسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحقُّ أن تُتبع، ويُترك ما خالفها لأجلها، ولا تُترك هي لأجل قول أحدٍ كائنًا من كان، ولو تُركت السنن لخلاف مَن خالفها لعدم بلوغها له، أو لتأويلها، أو غير ذلك، لتُرِكَت سنن كثيرة جدًّا، وتُركت الحجة إلى غيرها، وتُرك قولُ من يجب اتباعه إلى قول من لا يجب اتباعه، وقولُ المعصوم إلى قول غير المعصوم، وهذه بلية، نسأل الله العافية منها، وألا نلقاه بها يوم القيامة؛ ا. هـ.

 

قلت: قد أجمعت الأمة على خلافة أبي بكر رضي الله عنه بعد الاختلاف، فليكن كذلك هنا، ومن رام قدحًا في الإجماع بعد الاختلاف، فربما تداعى ذلك إلى أصل الاحتجاج بالإجماع.

 

كما اتفقوا على أن الفحل لا يكون أبًا إذا قبَّل امرأةً، أو باشرها بما دون الفرج، ثم درَّت اللبن.

 

ثالثًا: اختلف فقهاء المسلمين في تعلق التحريم بلبن البكر، على أقوال خمسة، وهي كما يأتي:

القول الأول: إذا نزل للبكر بنت تسع سنين لبن، فأرضعت به صبيًّا، تعلق به التحريم، وصارت أمًّا للصبي، ولو كانت صبية لا يوطَأ مثلها، أو نقصت عن سن المحيض، ولا أب له.

 

وبه قال الثوري، وهو قول للحنفية، والمذهب عند المالكية، وبه قال الشافعي، وأبو ثور، وأظهر الروايتين عند الحنابلة التي عليها جماهير الأصحاب، وصحَّحها أبو محمد ابن قدامة وشمس الدين ابن قدامة، وابن حامد، لكن الرواية المنصوصة غير ذلك، وهو قول كل من يحفظ عنه ابن المنذر.

 

القول الثاني: يَحرم إذا بلغت التاسعة عمُرًا.

وهو إطلاق بعض الحنفية، ووجه للحنابلة.

 

القول الثالث: يحرم إن كان يوطأ مثلها.

وهو قول بعض المالكية.

 

القول الرابع: يحرم إن لم تنقص عن سن المحيض؛ سواء كان يوطأ مثلها، أو لا.

وهو قول عند المالكية.

 

القول الخامس: يحرم إن كانت محتملة الولادة بأن تبلغ تسع سنين، ولا يكون المرتضع ابنًا لرجل، وإنما هو ابن للمرأة التي أرضعته، أما إن لم يحكم ببلوغها، فلو ظهر لصغيرة دون تسع سنين لبن، لم يحرم.

وهو مذهب الشافعية.

 

القول السادس: لا يحرم لبنُ البكر.

وهو قول عند الشافعية، والرواية المنصوصة عند الحنابلة، استظهرها في المذهب صاحب الفروع، وصححها بعض الأصحاب.

 

الأدلة:

أدلة القول الأول:

استدل القائلون بانتشار المحرمية والقرابة الرضاعية من حليب البكر، ولو كانت البكر صبية لا زوج لها ولا يوطأ مثلها ولم تحِض، بما يأتي:

1- إطلاق النص في قوله تعالى: ﴿ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ﴾ [سورة النساء: 23]؛ حيث لم يفصل فيه بين بكر وثيب.

 

2- قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الرضاعة من المجاعة"؛ رواه البخاري (2664)، وقوله: "الرضاعة ما أنبت اللحم وأنشز أو أنشر العظم"؛ رواه أحمد (4114)، وأبو داود (2048)، وذلك عام، وهو موجود في لبن البكر.

 

قلت: حديث: "الرضاعة ما أنبت اللحم" ثابت عن ابن مسعود موقوفًا، والمقصود به: محل انتشار المحرمية في الصبي المرتضع إذا كان في سنٍّ صغيرة ينمو فيها بالحليب وحده قبل أن يغتذي على غيره من الأطعمة.

 

3- إن لبنها يغذي، فيثبت به شبهة البعضية، وألبان النساء إنما خلقت لغذاء الأطفال.

 

ونوقش: بندرته، والحكم في الشريعة للغالب.

وأجيب عنه: بأن جنسه معتاد.

 

4- إنه لبن امرأة فتعلق به التحريم؛ كما لو ثاب بوطء.

 

أدلة القول الثاني: استدل القائلون بانتشار المحرمية والقرابة الرضاعية من حليب البكر بشرط أن تبلغ تسعًا، بأنه سبب النشوء - يعني: العمر - فتثبت به شبهة البعضية.

 

أدلة القول الثالث: استدل القائلون بانتشار المحرمية والقرابة الرضاعية من حليب البكر بشرط إمكان وطئها، بالقياس على الولادة التي هي سبب ثوبان الحليب، فكذلك الوطء هو الآخر سببًا لثيابة اللبن إلحاقًا للحكم بمظنته.

 

أدلة القول الخامس: استدل القائلون بانتشار المحرمية والقرابة الرضاعية من حليب البكر، وإن كانت متزوجة بمن لم يدخُل بها، بشرط بلوغها مع إمكان حملها وولادتها عقلًا، على أن يكون انتشار المحرمية من جهة المرأة دون الزوج، بما يأتي:

أولًا: الاستدلال على نصب البلوغ علامة للبن المحرم: قالوا: إن احتمال البلوغ قائم، والرضاع كالنسب، فاكتفي فيه بالاحتمال.

 

ثانيًا: الاستدلال على أن المرتضع لا يكون ابنًا لرجل، وإنما هو ابن للمرأة التي أرضعته: قالوا: إن الحرمة إنما تثبت بين الرضيع والفحل إذا كان اللبن منسوبًا إلى الفحل، بأن يكن ثمة ولد نسَبي ينتسب إليه، نزل عليه اللبن بعد الحمل والولادة، فيلحق به من ارتضع من هذا اللبن، ويكون ولدًا رَضاعيًّا.

 

أدلة القول السادس: استدل القائلون أن حليب البكر لا ينشر المحرمية مطلقًا، بما يأتي:

1- إنه أمر نادر لم تجرِ العادة به لتغذية الأطفال، فأشبه لبن الرجال والبهيمة الذي لا يؤثر قرابةً.

 

2- إنه ليس بلبن حقيقة، بل رطوبة متولدة؛ لأن الرضاع ما أنشر العظم وأنبت اللحم، وهذا ليس كذلك.

 

ونوقش بما يأتي: إن جنسه معتاد.

كما يمكن أن يناقش بالمناقشتين الآتيتين:

المناقشة الأولى: إن معنى التغذية الموجود في حليب مَن ثاب لبنها عن حمل من انفتاق الأمعاء وسد المجاعة، ثم نشوز العظم ونبات اللحم، قد تحقق بلبن البكر الذي يحمل خصائص الحليب نفسها، فلا معنى للتفريق بين المتماثلين في أحكام الشريعة، ولا دليل على ما يخصص نصوص ثبوت التحريم العامة.

 

المناقشة الثانية: إن تحريم النكاح برضاع البكر هو مقتضى الاحتياط في هذا الباب.

 

• الترجيح: تعود الأقوال الستة في الجملة إلى قولين: التحريم بلبن البكر، وعدم التحريم.

 

وعامة قيودات أقوال أرباب التحريم ترجع إلى أمور ظنية، غلب على الظن معها عندهم أن الحليب يكون معها شبيهًا بالحليب الثائب عن الحمل أو الوطء في خصائصه وصفاته.

 

ومن لم ير التحريم يَفهم مما استدل به أن ما خرج من ثدي البكر لو كان يشبه ما ثاب عن الحمل أو الوطء من الألبان في صفاته ومكوناته، أنه يثبت به التحريم.

 

وإذا كان ذلك كذلك، لم يعد بدٌّ من القول بتحريم لبن البكر إن سُمِّي حليبًا؛ بحيث يشبه الحليب الثائب عن الحمل، فتكون البكر أمًّا رَضاعيةً للصبي واليتيم إذا أرضعته ولا أبَ له، فيجوز لها إذا كان ذكرًا أن تخلو به وتسافر معه، وتبدي له ما جرت به العادة مع محارمها من الوجه والكفين، ونحو ذلك، ويَحرم عليها وعلى أمها وأخواتها وعماتها وخالاتها نكاحه.

 

وهذا القول الراجح هو مقتضى حمل نصوص الشريعة في الباب على ما تسَعه من المعاني وتقتضيه من المقاصد، فإنها - أي: البكر التي ثاب لبنها - سدَّت جوعة الرضيع بلبنها ففتقت به أمعاءه وشدَّت عظامه، وهذا هو المعنى الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم الرضاعي، وللمرضع البكر على مَن أرضعت حقٌّ بارتضاعه واغتذائه من لبنها؛ حيث صار جزءًا من بدنها فيه، كحق الحامل به في بطنها لما غذي بدمها، وتقدم قريبًا من المرفوعات المتفق عليها: "الرضاعة من المجاعة"، والمقصود من هذا الحديث: أنه لا يحرم من حليب المرضع إلا ما كان يسد جوعة الرضيع من دون أن يجتمع معه غيره من الطعام.

 

قال ابن باز (ت 1420 هـ): كل امرأة ثاب لها لبن، فأرضعت به طفلًا خمس رضعات في الحولين، فإنه يحرم، سواء كان اللبن من امرأة حامل، أو ثيب، أو بكر متزوجة أو غير متزوجة، أو كبيرة السن، فإنه محرم، وكلام الفقهاء أن اللبن المحرم هو ما ثاب عن حمل لا دليل عليه؛ لأن الحديث عَمَّم، ولم يخصِّص؛ ا. هـ.

 

ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في الفروع الآتية:

1- إذا أراد زوج البكر التي أرضعت في بكارتها أن يتزوَّج ممن أرضعتها فلا مانع إذا طلقها قبل الدخول؛ لأن الحرمة لا تتعدى إلى زوجها، أما لو طلقها بعد الدخول، فليس له التزوج بالرضيعة؛ لأنها صارت من الربائب التي دخل بأمها، وهذا عند من يرى في لبن البكر ما يحرم، ومن لم فيه شيئًا لم يكن له مدخل في القول بالمنع.

 

2- إذا نزل للبكر ماء أصفر ليس بحليب ولا لَبَأ؛ لم يحرِّم، حتى تجري عليه أوصاف اللبن، فيحكم بها، وهذا مبني على قول من يقول بتحريم لبن البكر - وهو الراجح - وأما من لم ير فيه ما يحرم مطلقًا، فلا ترد عليه هذه المسألة.

 

3- لو أن بكرًا نزل لها لبن، فحلب - وهي لم تُمسس بنكاح ولا غيره، ولم يعلم لها حمل - فأُرضِع به مولود خمس رضعات مشبعات، كان ابنها - على المترجح - ولا أب له؛ خلافًا للقول المرجوح الذي قال فيه أصحابه بعدم تحريم لبن البكر مطلقًا، وهم نفر من الشافعية والحنابلة.

 

4- إذا نزل لثيِّب - لم يعلم لها حمل - لبنٌ، فحلب، فخرج لبن فأرضعت به مولودًا خمس رضعات، كان ابنها - على ما ترجَّح - ولا أب له.

 

5- إذا تعاطت حائلٌ عقارًا مدرًّا للحليب، فعاد ثوبان الحليب إليها، أو تضاعف، أو نشأ؛ فأرضعت به صبيًّا، أو تبرعت به لبنك، انتشرت به الحرمة على ما ترجح من قول الجمهور.

 

رابعًا: بحث بعض الفقهاء مسألة رضاع الآيسة، ورضاع الخنثى، ورضاع المطلقة، ورضاع المتوفى عنها زوجها، وحاصل ما ذكروه من الأقوال والمناطات والأدلة والمناقشات لا يخرج عما ذكروه في مسألة رضاع البكر، وعما بيَّنته في الترجيح، وقد بحثت هذه المسائل بتوسع في بحث أكاديمي عنوانه: النوازل في الرضاع (صـ100 – 138 حسب ترقيم الشاملة آليًّا)، وبينت هناك حكمَ نسبة الرضيع إلى مطلِّق المرضِع، ونسبته إلى الزوج الذي توفي عنها، وحكم نسبة الرضيع إلى زوج البكر المرضِع إن دخل بها أثناء فترة الرضاعة؛ أي: النسبة الأبوية الرَّضاعِيَّة.

 

خامسًا: المقصود من الحليب ومن اللبن في هذا البحث شيءٌ واحد، والفقهاء يسمون حليب المراضع لبنًا، وهو موافق لاستعمال القرآن في حليب البقر الذي قال الله عنه: ﴿ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ﴾ [النحل: 66]، وإنما سَمته العرب حليبًا تغليبًا للفعل المقترن باستخراجه، وهو الحَلْب، فمن هنا سُمي حليبًا، والله أعلم.

 

هذا ما تيسَّر إيرادُه، وتهيَّأ إعدادُه بحمد الله وفضله، وهو أرحم الراحمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الغيرة على المحارم والأعراض
  • حال المرأة مع الأجانب والمحارم
  • مصافحة غير المحارم
  • سؤال وجواب في الرضاعة
  • القاعدة الفقهية: يحرم من الرضاعة ما يحرم بالصهر

مختارات من الشبكة

  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في الشوق إلى دار السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في توجيه السلوك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في تحقيق الأمن النفسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اترك أثرا إيجابيا (10) حلقات مختصرة في أهمية ترك الأثر الإيجابي على الآخرين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اترك أثرا إيجابيا: عشر حلقات مختصرة في أهمية ترك الأثر الإيجابي على الآخرين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أثر سلبي وأثر نافع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة العين والأثر في عقائد أهل الأثر (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب