من أقوال السلف وعلماء الأمة في الدعاء

من أقوال السلف وعلماء الأمة في الدعاء

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأوَّلين والآخرين، وعلى آله وأصحابه الغُر الميامين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، وبعد:

فهذه طاقة من أقوال السلف وعلماء الأمة في الدعاء وفضله وقبوله وأسباب الاستجابة له، أضعها بين يدي الأحِبَّة لعلها تكون نافعة في بابها، مع العزو إلى مظانِّها، راجيًا من الله القبول والإخلاص والسداد.

1- عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: إني لا أحمل همَّ الإجابة ولكن همَّ الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه؛ ذكره في اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 706).

وعنه - رضي الله عنه - قال: بالورع عما حرَّم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح؛ جامع العلوم والحكم (1/ 276).

2- وعن عبدالله بن مسعود قال: إن الله لا يقبل إلا الناخلة من الدعاء، إن الله - تعالى - لا يقبل من مسمِّعٍ، ولا مراءٍ، ولا لاعبٍ، ولا لاهٍ، إلا من دعا ثبتَ القلب؛ شعب الإيمان (2/ 50-51).

3- وعن أبي الدرداء قال: ادع الله في يوم سرَّائك، لعله يستجيب لك في يوم ضرَّائك؛ أخرجه أحمد في الزهد (ص135)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 225)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 52).

4- وعن الحسن أن أبا الدرداء كان يقول: جِدوا بالدعاء، فإنه من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له؛ أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 24)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 52).

5- وعن حذيفة قال: ليأتينَّ على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريق؛ أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 24)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 40).

6- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: دعوة المسلم مستجابة ما لم يدْعُ بظلمٍ أو قطيعة رحم، أو يقول: قد دعوت فلم أجب؛ أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 133).

7- عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: يكفي من الدعاء مع البر، كما يكفي الطعام من الملح؛ أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 40).

8- وعن محمد بن واسع قال: يكفي من الدعاء مع الورع اليسير، كما يكفي القدر من الملح؛ شعب الإيمان (2/ 53-54).

9- وعن طاووس قال: يكفي الصدق من الدعاء، كما يكفي الطعام من الملح؛ شعب الإيمان (2/ 54).

10- وعن عبدالله بن أبي صالح قال: دخل عليَّ طاووس يعودني فقلت له: ادْعُ الله لي يا أبا عبدالرحمن، فقال: ادْعُ لنفسك، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه؛ صفة الصفوة لابن الجوزي (2/ 289).

11- وعن أبي بكر الشبلي في قوله - تعالى -: ﴿ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60] قال: ادعوني بلا غفلة، أستجب لكم بلا مهلة؛ شعب الإيمان (2/ 54).

12- وكان يحيى بن معاذ الرازي يقول: إلهي أسألك تذللًا، فأعطني تفضلًا.

ويقول: كيف أمتنع بالذنب من الدعاء، ولا أراك تمتنع بالذنب من العطاء.

ويقول: لا تستبطئن الإجابة إذا دعوت، وقد سددت طرقها بالذنوب؛ شعب الإيمان (2/ 54).

13- وعن غالب القطان، أن بكر بن عبدالله المزني عاد مريضًا، فقال المريض لبكر: ادع الله - عز وجل - لي، فقال: ادع لنفسك، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه؛ أخرجه الطبراني في الدعاء (1137).

14- عن الحسن في قوله - عز وجل -: ﴿ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾، قال: اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله - عز وجل - أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله؛ أخرجه الطبري في تفسيره (2/ 94)، والطبراني في الدعاء (9).

وعنه قال: كانوا يجتهدون في الدعاء ولا تسمع إلا همسًا؛ أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 109).

15- وعن حبيب أبي محمد قال: الترياق المجرب الدعاء؛ مجابو الدعوة لابن أبي الدنيا (ص121).

16- وعن داود بن شابور قال: قال رجل لطاووس: ادْعُ لنا، فقال: ما أجد لقلبي خشية فأدعو لك؛ أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 142).

17- وعن سعيد بن المسيب قال: إن الرجل ليُرفع بدعاء ولده من بعده؛ أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 119).

18- وعن إبراهيم التيمي قال: كان يقال: إذا بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء فقد وجب، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء كان على رجاء؛ أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 24).

19- وعن النخعي قال: كان يقال: إذا دعوت فابدأ بنفسك، فإنك لا تدري في أي دعاء يستجاب لك؛ أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 33).

20- وعن وهب بن منبه قال: مثل الذي يدعو بغير عمل، مثل الذي يرمي بغير وتر؛ أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 39)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 53).

وعنه قال: من سَرَّه أن يستجيب الله دعوته فليطب طعمته؛ جامع العلوم والحكم (1/ 275).

21- وعن محمد بن حامد قال: قلت لأبي بكر الورَّاق: علمني شيئًا يقربني إلى الله - تعالى - ويقربني من الناس، فقال: أما الذي يقربك إلى الله فمسألته، وأما الذي يقربك من الناس فترك مسألتهم؛ طبقات الصوفية للسلمي (ص224)، شعب الإيمان (2/ 35).

22- وعن الأوزاعي قال: أفضل الدعاء الإلحاح على الله - عز وجل - والتضرع إليه؛ شعب الإيمان (2/ 38).

23- وعن مُورِّقٍ العجلي قال: ما وجدت للمؤمن مثلًا إلا كمثل رجل في البحر على خشبة، فهو يدعو: يا رب، يا رب، لعل الله - عز وجل - أن ينجيه؛ الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 161)، شعب الإيمان (2/ 39).

24- وعن هلال بن يساف قال: بلغني أن العبد المسلم إذا دعا ربه فلم يستجب له كتبت له حسنة؛ شعب الإيمان (2/ 49).

25- وعن السري السقطي قال: كن مثل الصبي، إذا اشتهى على أبويه شهوة فلم يُمكِّناه، فقعد يبكي عليها، فكن أنت مثله، فإذا سألت ربك فلم يعطكه، فاقعد فابك عليه؛ شعب الإيمان (2/ 53).

26- وعن ابن عيينة قال: لا تتركوا الدعاء، ولا يمنعكم منه ما تعلمون من أنفسكم، فقد استجاب الله لإبليس وهو شر الخلق، قال: ﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾ [الأعراف: 14، 15]؛ شعب الإيمان (2/ 53).

27- وقال بعض العباد: إنه لتكون لي حاجة إلى الله، فأسأله إياها، فيفتح عليَّ من مناجاته ومعرفته والتذلل له والتملق بين يديه، ما أحب معه أن يؤخر عني قضاءها، وتدوم لي تلك الحال؛ مدارج السالكين (2/ 229).

28- وقال بعض العارفين: ادْعُ بلسان الذلة والافتقار، لا بلسان الفصاحة والانطلاق؛ الإحياء (1/ 554).

29- قال ابن القيم: وسمعت شيخ الاسلام ابن تيمية- قدس الله تعالى روحه- يقول: الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؛ الوابل الصيب، ص: 63.

وقال: قلت لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يومًا: سُئل بعض أهل العلم: أيما أنفع للعبد التسبيح أو الاستغفار؟ فقال: إذا كان الثوب نقيًّا، فالبخور وماء الورد أنفع له، وإن كان دنسًا فالصابون والماء الحار أنفع له، فقال لي رحمه الله تعالى: فكيف والثياب لا تزال دنسة؛ الوابل، ص: 124.

يا رب، ارزقنا الإخلاص بالقول والعمل يا أرحم الراحمين.

وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيِّدنا مُحمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، والحمد لله ربِّ العالمين.