• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

نشأة الأشاعرة وتأثرها بالفرق الأخرى: معلومات ووقفات

نشأة الأشاعرة وتأثرها بالفرق الأخرى: معلومات ووقفات
دلال حمدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/6/2024 ميلادي - 4/12/1445 هجري

الزيارات: 5039

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نشأة الأشاعرة وتأثرها بالفرق الأخرى: معلومات ووقفات


تربَّى الصحابة الكرام على يد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكانوا على قلب رجلٍ واحد في الاعتقاد وأصول الدين، فلم يختلفوا فيها، وقد كان الناس في صدر الإسلام على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فالصحابة أخذوا العقيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعضوا عليها بالنواجذ، ورغم اختلافهم في بعض المسائل الفقهية الاجتهادية فإنهم لم يختلفوا في مسائل أصول الدين؛ ولذلك كان فهمهم الذي اتفقوا عليه حجة لمن جاء بعدهم، وكان فهمهم معيارًا لاختبار الأقوال والأفعال، فالصحيح منها ما كان غير مخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يقول ابن تيمية رحمه الله مبينًا هذا المعنى: "والمقصود أن الصحابة - رضوان الله عليهم - لم يقتتلوا قط لاختلافهم في قاعدة من قواعد الإسلام أصلًا، ولم يختلفوا في شيء من قواعد الإسلام؛ لا في الصفات ولا في القدر، ولا مسائل الأسماء والأحكام، ولا مسائل الإمامة، لم يختلفوا في ذلك بالاختصام بالأقوال، فضلًا عن الاقتتال بالسيف، بل كانوا مثبتين لصفات الله التي أخبر بها عن نفسه، نافين عنها تمثيلها بصفات المخلوقين، مثبتين للقدر كما أخبر الله به ورسوله، مثبتين للأمر والنهي والوعد والوعيد، مثبتين لحكمة الله في خلقه وأمره، مثبتين لقدرة العبد واستطاعته ولفعله مع إثباتهم للقدر"[1].

 

وقال رحمه الله: "وهكذا الفقه إنما وقع فيه الاختلاف لما خفي عليهم بيان صاحب الشرع؛ ولكن هذا إنما يقع النزاع في الدقيق منه وأما الجليل فلا يتنازعون فيه. والصحابة أنفسهم تنازعوا في بعض ذلك ولم يتنازعوا في العقائد ولا في الطريق إلى الله التي يصير بها الرجل من أولياء الله الأبرار المقربين"[2].

 

وقد بقي الصحابة الكرام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم على تلك العقيدة الصحيحة التي تلقَّوها منه، حتى بدأ التفرق يظهر في الأمة مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"[3]، وكانت البدع الظاهرة في ذلك العصر أخفَّ من البدع التي تَلَتْها، وقد أشار ابن تيمية رحمه الله إلى أنه كلما تأخر الزمن كانت البدعة أشد، وفي هذا يقول رحمه الله: "فكان القرن الأول من كمال العلم والإيمان على حال لم يصل إليها القرن الثاني، وكذلك الثالث، وكان ظهور البدع والنفاق بحسب البعد عن السنن والإيمان، وكلما كانت البدعةُ أشدَّ تأخَّر ظهورُها، وكلما كانت أخف كانت إلى الحدوث أقرب؛ فلهذا حدث أولًا بدعة الخوارج والشيعة، ثم بدعة القدرية والمرجئة، وكان آخر ما حدث بدعة الجهمية"[4]، وهذا في المجمل، فقد ظهرت الشيعة المؤلِّهة زمن علي رضي الله عنه، وقد أحرقهم بالنار، ولا شكَّ أنه لا بدعة فوق الشرك بالله سبحانه وتعالى وتأليه غيره، والشاهد أنه كلما تأخَّر الزمن بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ظهرت البدع والفرق.

 

وقد بدأت الفتنة في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين انشق جماعة من عسكره وانحازوا وحدهم وأمَّرُوا عليهم أميرًا فعُرِفوا بالخوارج، وكانت تلك أولى الطوائف التي افترقت عن جماعة الإسلام، ثم ظهرت الشيعة في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وانقسموا إلى عدة طوائف في ذلك الزمان.

 

ثم ظهر الكلام في القدر في آخر عصر الصحابة رضوان الله عليهم، وقد كان في زمنهم عبدالله بن عمر رضي الله عنه كما قال ابن بريدة: "قدمنا المدينة فأتينا عبدالله بن عمر فقلنا: يا أبا عبدالرحمن، أنا بأرض قوم يزعمون أن لا قدر، فقال: من المسلمين ممن يصلي إلى القبلة؟ قال: نعم ممن يصلي إلى القبلة، قال: فغضب حتى وددت أني لم أكن سألته، ثم قال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أن عبدالله بن عمر منهم بريء وأنهم منه براء"[5].

 

ثم ظهرت المرجئة في آخر عهد الصحابة أيضًا، وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله: "ثمَّ في آخر عصر الصحابة: حدثت القدرية، وتكلم فيها من بقي من الصحابة؛ كابن عمر، وابن عباس وواثلة بن الأسقع، وغيرهم. وحدثت أيضًا بدعة المرجئة في الإيمان، والآثار عن الصحابة ثابتةٌ بمخالفتهم، وأنَّهم قالوا: الإيمان يزيد وينقص؛ كما ثبت ذلك عن الصحابة؛ كما هو مذكور في موضعه"[6].

 

ثم ظهر الكلام في الأسماء والصفات، فظهر التعطيل على يد الجعد بن درهم والجهم بن صفوان، ثم ظهرت المعتزلة بقولهم بخلق أفعال العباد، والجهمية في آخر الدولة الأموية[7]، وفي بيان خروج الفرق وتتابُعها يقول ابن تيمية رحمه الله: "ومعلوم أن أهلَ الكتاب أقربُ إلى المسلمين من المجوس والصابئين والمشركين، فكان أول ما ظهر من البدع فيه شبه من اليهود والنصارى، والنبوة كلما ظهر نورها انطفأت البدع، وهي في أول الأمر كانت أعظم ظهورًا، فكان إنما يظهر من البدع ما كان أخف من غيره كما ظهر في أواخر عصر الخلفاء الراشدين بدعة الخوارج والتشيع، ثم في أواخر عصر الصحابة ظهرت القدرية والمرجئة، ثم بعد انقراض أكابر التابعين ظهرت الجهمية، ثم لما عُرِّبَت كتب الفرس والروم ظهر التشبُّه بفارس والروم، وكتب الهند انتقلت بتوسط الفرس إلى المسلمين، وكتب اليونان انتقلت بتوسط الروم إلى المسلمين، فظهرت الملاحدة الباطنية الذين ركبوا مذهبهم من قول المجوس واليونان مع ما أظهروه من التشيع"[8].

 

ومن المعلوم أن كل فرقة أو طائفة تتأثر بمن سبقها، وتأخذ منها وتضيف عليها، وقد قدمت بهذه المقدمة في نشأة الأشاعرة حتى نصل إلى الفِرَق التي ظهرت قبل الأشاعرة من الكُلَّابية والماتريدية والتي كان لها الأثر الأكبر في نشأة الأشاعرة، فقد ساروا في كثيرٍ من المسائل على هاتين الفرقتين، وأخذت الأشاعرة عنها، فكان حريًّا أن نعرف الخلفية التاريخية لظهور الفِرَق حتى نعرف موقع الأشاعرة في هذا التسلسل الزمني، وبأي فرقة تأثرت في نشأتها وظهورها.

 

والأشاعرة تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري، فنشأة الفرقة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالإمام وأطواره وطريقة تقريره لمذهب الأشاعرة كمذهب مستقل متمايز عن المذاهب المحيطة، فإنه مما هو مقرر وشائع أن أبا الحسن الأشعري رحمه الله قد تربَّى في كنف زوج أمه: أبي علي الجبائي وكان معتزليًّا، فبقي في اعتزاله إلى أن بلغ قرابة الأربعين سنة، ثم أعلن انتقاله من الاعتزال؛ لما رأى فيه من اضطراب وتناقض وأسئلة لم يجد لها أجوبة شافية، وقصة انتقاله من الاعتزال إلى الكُلَّابية مشهور، يقول ابن عساكر رحمه الله ناقلًا عن ابن عزرة: "قيل لي عنه: إنه كان معتزليًّا وإنه لما رجع عن ذلك أبقى للمعتزلة نكتًا لم ينقضها، فقال لي: الأشعري شيخنا وإمامنا ومن عليه معولنا، قام على مذاهب المعتزلة أربعين سنة وكان لهم إمامًا، ثم غاب عن الناس في بيته خمسة عشر يومًا، فبعد ذلك خرج إلى الجامع فصعد المنبر وقال: معاشر الناس، إني إنما تغيَّبت عنكم في هذه المدة؛ لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة ولم يترجَّح عندي حقٌّ على باطلٍ ولا باطلٌ على حَقٍّ، فاستهديت الله تبارك وتعالى فهداني إلى اعتقاد ما أودعته في كتبي هذه، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقده كما انخلعت من ثوبي هذا، وانخلع من ثوب كان عليه ورمى به، ودفع الكتب إلى الناس؛ فمنها كتاب "اللمع"، وكتاب أظهر فيه عوار المعتزلة سماه بكتاب "كشف الأسرار وهتك الأستار" وغيرهما، فلما قرأ تلك الكتب أهل الحديث والفقه من أهل السنة والجماعة أخذوا بما فيها وانتحلوه واعتقدوا تقدُّمه واتخذوه إمامًا حتى نسب مذهبهم إليه"[9].

 

وهكذا انتقل أبو الحسن الأشعري من الاعتزال إلى طوره الثاني، ومن هنا كان الانعتاق الأكبر من ضلالات المعتزلة، والاقتراب إلى أن يكون له منهج خاص متبعًا في ذلك الكُلَّابية والماتريدية، وعليه فإنه ينبغي لنا أن نمر سريعًا على علاقة أبي الحسن الأشعري بهذه الفِرَق:

 

الكُلَّابية:

جرت العادة أن أهل الحديث يستخدمون الحجاج النقلي بتضمين الحجاجات العقلية، لكنهم لا يستخدمون الحجاج الكلامي كمنهج أساسي في الرد على غيرهم ومناقشة الأفكار الدخيلة عليهم، وقد ظهرت الكُلَّابية في النصف الأول من القرن الثالث الهجري، ومؤسسها: عبدالله بن سعيد بن كُلَّاب، وقد رد على الجهمية والمعتزلة وحاججهم بمنهج كلامي، وكان من إنصاف ابن تيمية رحمه الله أن دافع عنه، فقد قال رحمه الله: "وكان ممن انتدب للرد عليهم أبو محمد عبدالله بن سعيد بن كُلَّاب، وكان له فضل وعلم ودين. ومن قال: إنه ابتدع ما ابتدعه ليظهر دين النصارى في المسلمين - كما يذكره طائفة في مثالبه ويذكرون أنه أوصى أخته بذلك - فهذا كذب عليه؛ وإنما افترى هذا عليه المعتزلة والجهمية الذين رد عليهم"[10] .

 

ومختصر ما يعتقده الكُلَّابية: إثبات الأسماء وبعض الصفات ما عدا الصفات الاختيارية، ويثبت ابن تيمية رحمه الله أن ابن كُلَّاب أول من ابتدع هذه المنهجية الملفقة في الأسماء والصفات؛ أعني: أن الناس قبله إما أنهم كانوا مثبتة أو نفاة، فأثبت هو بعض الصفات ونفى الصفات الاختيارية، وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله: "ولكن هذا القول أول من قاله في الإسلام عبدالله بن كُلَّاب؛ فإن السلف والأئمة كانوا يثبتون لله تعالى ما يقوم به من الصفات والأفعال المتعلقة بمشيئته وقدرته. والجهمية تنكر هذا وهذا؛ فوافق ابن كلاب السلف على القول بقيام الصفات القديمة، وأنكر أن يقوم به شيء يتعلق بمشيئته وقدرته"[11].

 

ومن عقائدهم: القول بأن الإيمان هو التصديق وقول اللسان، وأنه لا يزيد ولا ينقص، وغيرها من العقائد.

 

ولسنا بصدد التعريف بالكُلَّابية لكن ألمحنا إليها لأهمية ذلك في بيان علاقة أبي الحسن الأشعري بها، ولا شك أن المنهج الكُلَّابي غير مرضي عند أهل السنة والجماعة، يقول الذهبي: "ونقل الحاكم في تاريخه، عَنِ ابن خزيمة أنه كان يعيب مذهب الكُلَّابية، ويذكر عن أحمد بن حنبل أنه كان أشد الناس على عبدالله بن سعيد وأصحابه، ويقال: إنه قيل له ابن كُلَّاب؛ لأنه كان يخطف الذي يناظره"[12].

 

الماتريدية:

وهي فرقة كلامية اعتمدت على نفس المنهج الذي اعتمدت عليه الكُلَّابية تقريبًا في الحجاج العقدي والرد على المخالفين، ومؤسسها: أبو منصور، محمد بن محمد بن محمود بن محمد، الماتريدي، وقد أخذ العلوم الشرعية من كبار علماء الأحناف، وكانت له مناظرات وجدالات مع المعتزلة، ويعد كتابه "التوحيد" من أهم مؤلفاته الكلامية، وقد بيَّن فيه معتقده في أهم المسائل الاعتقادية.


وقبل أن نبين مجمل اعتقادهم نبين أنهم مخالفون لأهل السنة والجماعة حتى في المنهج وليس فقط في أفراد المسائل، ففي اعتمادهم على العقل وكونه حجة وحده ويقدم عند تعارضه مع النقل يقول الماتريدي: "فإنا وجدنا الناس مختلفي المذاهب في النِّحَل في الدين متفقين على اختلافهم في الدين على كلمة واحدة: أن الذي هو عليه حق، والذي عليه غيره باطل، على اتفاق جملتهم من أن كلًّا منهم له سلف يُقَلَّد، فثبت أن التقليد ليس مما يعذر صاحبه لإصابة مثله ضده على أنه ليس فيه سوى كثرة العدد اللهم إلا أن يكون لأحد ممن ينتهي القول إليه حجة عقل يعلم بها صدقه فيما يدعي وبرهان يقهر المنصفين على إصابته الحق فمن إليه مرجعه في الدين بما يوجب تحقيقه عنه فهو المحق"[13].

 

وقد أرادوا التوسُّط بين المعتزلة وأهل السنة[14]، فجعلوا الإلهيات والنبوات يستقل العقل بإثباتها، أما السمعيات فلا يدركها العقل؛ وإنما تُدرَك بالسمع، يقول الماتريدي في تفسير قوله تعالى: ﴿ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء: 165]: "حقيقة الحجة، لكن ذلك إنما يكون في العبادات والشرائع التي سبيل معرفتها السمع لا العقل، وأما الدين فإن سبيل لزومه بالعقل"[15].

 

وعلى كل حال فهم يأخذون بالسمع والعقل وعند التعارض يقدمون العقل في أمور، فهم لم يتخلَّصوا من المنهج الاعتزالي وإن ردوا عليه، ومعلوم أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قد رد على هذه القاعدة ردودًا مطولة.

 

ومن الأصول المنهجية لدى الماتريدية: عدم الاحتجاج بأحاديث الآحاد في العقائد، وقد صار هذا مشتركًا بينهم وبين الأشاعرة بل هو قول المتكلمين في الجملة، فالماتريدية يرون أنه لا يوصل لليقين فيتركونه في العقائد أما في العبادات وغيرها فإنه يجب العمل به كما نص عليه الماتريدي[16].

 

أما مجمل اعتقادهم، فإنهم يوجبون معرفة الله سبحانه وتعالى بالعقل والنظر، وقد مَرَّ بنا القول بأنهم يرون استقلال العقل بالحجة في العقليات وهي وجود الله والنبوة، وهم بقولهم هذا قد قاربوا المعتزلة في مسألة الحجة العقلية في معرفة الله ولو لم يرسل الله الرسل، بل نُسب إلى الماتريدي أنه النظر العقلي واجب حتى على الصبي العاقل وليس فقط على المكلف، يقول ابن المؤقت الحنفي وهو يشرح كلام ابن الهمام: "(وزاد أبو منصور) وكثير من مشايخ العراق (إيجابه) أي الإيمان (على الصبي العاقل) الذي يناظر في وحدانية الله تعالى كما صرح به غير واحد"[17].

 

وقد ذكرت أن هذا منهج اعتزالي في الأصل تأثر به الماتريدي، ونبه إلى هذا ابن المؤقت فقال: "(والحنفية) قالوا (للفعل) صفة حسن وقبح (كما تقدم) في ذيل النهي وكل منهما (فلنفسه) أي الفعل (وغيره) أي الفعل (وبه) أي وبسبب ما بالفعل من الصفة (يدرك العقل حكمه تعالى فيه)؛ أي: الفعل (فلا حكم له)؛ أي: العقل، إن الحكم إلا لله، غير أن العقل (إنما استقل بدرك بعض أحكامه تعالى) فلا جرم أن قال المصنف: وهذا هو عين قول المعتزلة لا كما يحرفه بعضهم"[18].

 

أما اعتقادهم في الإيمان فإنهم يرون أن الإيمان هو التصديق بالقلب دون قول اللسان[19].

 

وقالوا أيضًا بعدم زيادة الإيمان ونقصانه يقول أبو المعين النسفي: "وإذ ثبت أن الإيمان هو التصديق وهو لا يتزايد في نفسه دلَّ أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، فلا زيادة له بانضمام الطاعات إليه، ولا نقصان بارتكاب المعاصي"[20].

 

كما قالوا بالمنع من الاستثناء في الإيمان، يقول الماتريدي: "الأصل عندنا قطع القول بالإيمان وبالتسمي به بالإطلاق وترك الاستثناء فيه؛ لأن كل معنى مما باجتماع وجوده تمام الإيمان عنده مما إذا استثنى فيه لم يصح ذلك المعنى، فعلى ذلك أمره في الجملة نحو أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله إن شاء الله، أو محمد رسول الله إن شاء الله، وكذلك الشهادة بالبعث والملائكة والرسل والكتب وبالله العصمة"[21].

 

أما ما يتعلق بالأسماء والصفات، فإن الماتريدية كغيرهم من المُعطِّلة الجزئية ترى أن ظاهر نصوص الصفات تشبيه الله تعالى بخلقه؛ ولذا سلكوا منهج التأويل في النصوص دفعًا لهذا التشبيع، وكتاب "تأويلات أهل السنة" للماتريدي والذي هو تفسيره مملوء بتأويل صفات الله جل وعلا، مع إثباتهم لله القدرة والعلم والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام والتكوين، ولم يروا في هذه الصفات تشبيهًا، أما أسماء الله فقد أثبتوها، وقال جمهورهم بأنها توقيفية تثبت عن طريق السمع، يقول الماتريدي: "الأصل عندنا أن لله أسماء ذاتية يسمى بها نحو قوله الرحمن ...ثم الدليل على ما قلنا مجيء الرسل والكتب السماوية بها ولو كان في التسمية بما جاءت به الرسل تشبيه لكانوا سبب نقض التوحيد"[22].

 

وما يتعلق باليوم الآخر من السمعيات عند الماتريدية يثبتون فيها ما جاء في النصوص الشرعية، أما رؤية الله فيثبتونها لورودها في السمع لكنهم ينفون الجهة والمقابلة، ولك أن تقارن هذا بمذهب الأشاعرة، يقول الماتريدي: "فإن قيل: كيف يرى؟ قيل: بلا كيف؛ إذ الكيفية تكون لذى صورة بل يرى بلا وصف قيام وقعود واتكاء وتعلق واتصال وانفصال ومقابلة ومدابرة وقصير وطويل ونور وظلمة وساكن ومتحرك ومماس ومباين وخارج وداخل ولا معنى يأخذه الوهم أو يقدره العقل لتعاليه عن ذلك"[23].

 

ارتباط نشأة الأشعرية بالكُلَّابية والماتريدية:

بعد أن استعرضنا قدرًا من عقائد الكُلَّابية والماتريدية نبين أن نشأة الأشاعرة مرتبطة بهما، فأبو الحسن الأشعري لم تكن أفكاره وليدة ذهنه، بل الأفكار تكون متأثرة ومؤثرة بلا ريب، وقد تأثر هو بعدة مدارس من قبله وهي التي أثرت في نشأة وتكوين فكر أبي الحسن الأشعري ثم الأشاعرة بالعموم.

 

أما ما يتعلق بالكُلَّابية، فأبو الحسن الأشعري لم يلق ابن كُلَّاب لكنه أخذ بمنهجه وتأثر به بعد أن كان معتزليًّا، فكان رجوعه من منهج الاعتزال إلى منهج ابن كُلَّاب، يقول ابن تيمية رحمه الله مبينًا هذا المعنى: "وأبو الحسن الأشعري لما رجع عن مذهب المعتزلة سلك طريقة ابن كُلَّاب"[24].

 

ويقول رحمه الله: "ثم جاء "أبو الحسن الأشعري" فاتبع طريقة ابن كُلَّاب وأمثاله وذكر في كتبه جمل مقالة أهل السنة والحديث، وأن ابن كُلَّاب يوافقهم في أكثرها، وهؤلاء يسمون الصفاتية"[25].

 

وقال رحمه الله: "عبدالله بن سعيد بن كُلَّاب والحارث المحاسبي وأبو العباس القلانسي كانوا يقولون بذلك، بل كانوا أكمل إثباتًا من الأشعري، فالعلو عندهم من الصفات العقلية، وهو عند الأشعري من الصفات السمعية، ونقل ذلك الأشعري عن أهل السنة والحديث كما فهمه عنهم، وكان أبو محمد بن كُلَّاب هو الأستاذ الذي اقتدى به الأشعري في طريقه"[26].

 

ولم يكن تأثُّر أبي الحسن الأشعري بالكُلَّابية مقتصرًا على تأثُّره بابن كُلَّاب فحسب بل بعدد ممن أخذ المنهج الكلامي في تقريراتهم وردودهم؛ كالحارث المحاسبي، وقد هجره الإمام أحمد رحمه الله، يقول الخطيب البغدادي: "وكان أحمد بن حنبل يكره لحارث نظره في الكلام، وتصانيفه الكتب فيه، ويصد الناس عنه"[27]، وقد ذكر أن أحمد رحمه الله قد هجره؛ لأنه قد صنف كتابًا في الرد على المبتدعة، لكن ابن تيمية رحمه الله رد ذلك فقال: "هجران أحمد للحارث لم يكن لهذا السبب الذي ذكره أبو حامد؛ وإنما هجره لأنه كان على قول ابن كُلَّاب، الذي وافق المعتزلة على صحة طريق الحركات وصحة طريق التركيب، ولم يوافقهم على نفي الصفات مطلقًا، بل كان هو وأصحابه يثبتون أن الله فوق الخلق، عالٍ على العالم، موصوف بالصفات، ويقررون ذلك بالعقل، وإن كان مضمون مذهبه نفي ما يقوم بذات الله تعالى من الأفعال وغيرها مما يتعلق بمشيئته واختياره، وعلى ذلك بنى كلامه في مسألة القرآن"[28].

 

وعلى كل حال فإن أبا الحسن الأشعري قد تأثر بابن كُلَّاب والمحاسبي، وقد أثبت ذلك جمعٌ من الأشاعرة وأهل السنة، يقول البغدادي: "وعلى كتب الحارث بن أسد في الكلام والفقه والحديث معوّل مُتكلِّمي أصحابنا وفقهائهم وصوفيتهم"[29].

 

ويقول الشهرستاني: "حتى انتهى الزمان إلى عبدالله بن سعيد الكُلَّابي، وأبي العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي، وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام، وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية، وبراهين أصولية، وصنف بعضهم ودرس بعض حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه مناظرة في مسائل من مسائل الصلاح والأصلح فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهبًا لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية"[30].

 

ويظهر من هذا أن أبا الحسن الأشعري قد سار على منوال الكُلَّابية في المنهج، وكذلك في عدد من مسائل العقيدة، وقد أثبتت الباحثة هدى بنت ناصر الشلالي تأثر الأشعري بكثير من عقائد الكُلَّابية تفصيلًا في كتابها الذي هو بعنوان "آراء الكُلَّابية العقدية وأثرها في الأشعرية في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة" فالتأثر بهم إذن تأثر في المنهج، وكذا في كثير من مسائل الاعتقاد، وهو أمرٌ ظاهرٌ.

 

والأشعري ولو لم يلق ابن كُلَّاب لكنه لقي بعض أصحابه، كما أن الأشعري نشأ في البصرة وفيها أسس ابن كُلَّاب مذهبه، فلم تكن هناك مشقة في التعرف على أفكار ابن كُلَّاب والتأثر بها، والأشاعرة يعدون ابن كُلَّاب من أصحابهم وأساتذتهم، يقول الجويني: "قد ذهب عبدالله بن سعيد بن كُلَّاب رحمه الله من أصحابنا إلى أن الكلام الأزلي لا يتصف بكونه أمرًا، نهيًا، خبرًا، إلا عند وجود المخاطبين واستجماعهم شرائط المأمورين المنهيين"[31].

 

ويقول عبدالقاهر البغدادي: "فقال شيخنا أبو محمد عبداللّه بن سعيد: أقول في الجملة: إن اللّه أراد حدوث الحوادث كلها خيرها وشرها، ولا أقول في التفصيل أنه أراد المعاصي"[32].

 

أما علاقته بالماتريدية، فإن الماتريدي كانت سنة وفاته (333هـ) في حين كانت وفاة أبي الحسن الأشعري (324هـ) فهما إذن عاشا في عصر واحد، لكنني لم أجد من ذكر لقاءً بينهما، فالأشعري كان في العراق في حين الماتريدي كان في بلاد ما وراء النهر، والمتأمل في عقائد الطائفتين يجد تطابقًا في مواطن عديدة، وتشابهًا في أخرى، وفروقات بسيطة أفرد بعض الباحثين ذكرها، وعلى كل حال فالتأثر بالماتريدية لا يظهر كما يظهر التأثر بالكُلَّابية؛ وإنما الذي يمكن أن يكون هو أن الماتريدي وأتباعه قد تأثَّروا بالفكر الكُلَّابي فتشابهت الآراء مع الأشعرية؛ وإنما ذكرتهم هنا؛ لأنهم نشئوا مع الأشعرية في عصر واحد، وتشابهوا في كثير من الاعتقادات، وكان أصلهم واحدًا فيما يظهر وهي الآراء الكُلَّابية.

 

ولا يقتصر الأمر على تأثر الأشعري بالكُلَّابية، بل تأثر بالمعتزلة، فإن أبا الحسن الأشعري حين رجع عن المنهج الاعتزالي لم يكن رجوعه رجوعًا كاملًا؛ سواء عن تفاصيل المعتقد أو عن المنهج الاعتزالي بكامله، وقد أيَّد هذا جماعة من العلماء، وهو ما يتماشى مع طبيعة الانتقال من مذهبٍ أفنى فيه قرابة أربعين سنة ثم بقي خمسة عشر يومًا يراجع المتناقضات وما رآه باطلًا ليعلن بعد ذلك تراجعه، فهذا الوقت الطويل في الاعتزال له أثره البالغ في شخصيَّة أبي الحسن الأشعري حتى وإن رجع عنه.

 

وهذا التأثُّر بالمعتزلة لم يقتصر على فكر أبي الحسن الأشعري فحسب؛ بل تعدَّى ذلك إلى الأشاعرة بالمجمل؛ ولذلك نجد أنَّ الأشاعرة في كثيرٍ من المسائل يرومون الوصول إلى السنة الحقة الكاملة لكن منزعهم الاعتزالي يمنعهم فيبقون بين المعتزلة وأهل السنة والجماعة، فهم يدورون في حلقة مفرغة في كثيرٍ من القضايا العقدية يقدمون رِجْلًا إلى أهل السنة ويؤخِّرون أخرى إلى المعتزلة، فلا إلى هؤلاء وصلوا ولا من هؤلاء تخلَّصوا، يقول أبو الحسين يحيى بن أبي الخير العمراني: "والأشعريَّة قدموا رِجْلًا إلى الاعتزال ووضعوها حيث وضعت المعتزلة أرجلَهم، وأموا بالرجل الأخرى إلى حيث وضع أهل الحديثِ أرجلهم، وهذا مثال عقلي يفقهه من فهم قولهم"[33]، وهذا واضحٌ في تقريرات الأشاعرة لكثيرٍ من القضايا؛ خاصَّة وأن بقايا الاعتزال لم تكن مسائل فقط وإنَّما بقي من المنهج الاعتزالي أشياء، وفي هذا يقول خلف المعلم -أحد فقهاء المالكية العارفين بالمذهب الأشعري- كما ينقل عنه أبو نصر السجزي بقوله: "ولقد حكى محمد بن عبدالله المالكي المغربي -وكان فقيهًا صالحًا- عن الشيخ أبي سعيد البرقي -وهو من شيوخ فقهاء المالكية ببرقة- عن أستاذه خلف المعلم -وكان من فقهاء المالكية أيضًا- أنَّه قال: أقام الأشعريُّ أربعين سنة على الاعتزال ثمَّ أظهر التوبة، فرجع عن الفروع وثبت على الأصول. وهذا كلام خبير بمذهب الأشعري وغوره"[34]، ويعلق ابن تيمية رحمه الله على هذا المعنى- أي: انتقاله في الفروع وبقائه في الأصول- فيقول: "قلت: ليس مراده بالأصول ما أظهروه من مخالفة السُّنة، فإنَّ الأشعري مخالفٌ لهم فيما أظهروه من مخالفة السنة؛ كمسألة الرؤية والقرآن والصفات.

 

ولكن أصولهم الكلاميَّة العقليَّة التي بنوا عليها الفروع المخالفة للسنَّة، مثل هذا الأصل الذي بنوا عليه حدوث العالم وإثبات الصانع، فإنَّ هذا أصل أصولهم كما قد بينا كلام أبي الحسين البصري وغيره في ذلك، وأنَّ الأصلَ الذي بنتْ عليه المعتزلة كلامهم في أصول الدين هو هذا الأصل الذي ذكره الأشعري، لكنَّه مخالفٌ لهم في كثيرٍ من لوازم ذلك وفروعه، وجاء كثيرٌ من أتباع المتأخرين كأتباع صاحب الإرشاد فأعطوا الأصول التي سلمها للمعتزلة حقَّها من اللوازم، فوافقوا المعتزلة على موجبها، وخالفوا شيخهم أبا الحسن وأئمة أصحابه"[35]، فالأشعريُّ بقي على بعض أصول المعتزلة لكنَّه خرج عن كثير من لوازمها لكن من جاء بعده التزم تلك اللوازم -حسب رأي ابن تيمية رحمه الله- وهذا الالتزام هو الذي جعلهم يخالفون أبا الحسن في عددٍ من القضايا من أهمِّها: إثبات بعض الصفات؛ كالوجه واليدين وما إلى ذلك وإن برروا هذا الإثبات وفسَّروه بأنَّه إثبات معنى، وليس الغرض الخوض في هذه المسألة بعينها؛ وإنَّما بيان أن الأشعري بقي على أصولٍ اعتزالية عدة، ونتيجة هذا أنَّ المذهب الأشعري قد وقع في تناقضاتٍ عديدة؛ لأنَّ أهله أرادوا الأخذ بالسنة مع وجود المنهج الاعتزالي لديهم، فاضطرب قولهم ووقعوا في تناقضات عديدة[36].

 

وقفات مع نشأة الأشاعرة وتأثرهم:

1- بعد العرض السابق إذا أردنا أن نتحدث عن الأشاعرة فإن نشأتها مرتبطة بأبي الحسن الأشعري الذي كانت نشأته مرتبطة بالكُلَّابية في المرتبة الأولى وكذا المعتزلة، فالأشاعرة جمعت بين هذه المناهج، وقالت بأقوال من كل هذه الطوائف ليتشكَّل المذهب الأشعري رويدًا رويدًا مع التطوير على تلك الأقوال والأصول، فالمذهب الأشعري مذهب خليط ممزوج بين هذه المذاهب كلها.

 

2- لا شك أن ما كان عليه أبو الحسن الأشعري ليس هو ما ثبتت عليه الأشاعرة لاحقًا، بل غيَّروا في عدد من القضايا وكان لهم رأي مخالف لما كان عليه أبو الحسن الأشعري، فالأشعرية إذن -في الأصل- تطور لاعتقاد الكُلَّابية، ومع الأيام قلَّ ذكر الكُلَّابية وانتشر المذهب الأشعري باعتقاداته المشابهة للمنهج الكُلَّابي والمتمايزة عنه في جوانب.

 

3- طغى المذهب الأشعري على المذاهب التي اقتبس منها؛ وذلك لشهرة أبي الحسن أولًا وأنه جاء في وقت ظهور المعتزلة، فناظرهم وألَّف فيهم وجادلهم، وأنه في الأصل كان معتزليًّا ثم انتقل عنهم، كما أن مؤلفات أبي الحسن الأشعري الكثيرة ساهمت في نشأة الأشاعرة بعيدًا عن المذهب الكُلَّابي الذي بدأ يقلُّ وجوده أو النسبة إليه مع مرور الأيام، ثم كان لتلامذته الدور الأكبر في انتشار المذهب الأشعري، فقد قام بالأمر من بعده أبو الحسن الباهلي، والقاضي الباقلَّاني، وابن فورك والإسفراييني والهروي والجويني والقشيري والشيرازي والغزالي والرازي وغيرهم من الأعلام الذين كان لهم الأثر الأكبر في انتشار المذهب الأشعري وتمايزه عن المذهب الكُلَّابي.

 

4- يظهر من خلال هذا العرض أن المذهب الأشعري له نشأة، ويُنسَب إلى رجل من رجال المسلمين، فليس هو الأصل الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فذلك منهج استمر منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والأشعري هو الذي تمايز وخرج عن هذا المنهج.



[1] منهاج السنة النبوية (6/ 336).

[2] مجموع الفتاوى (19/ 274).

[3] أخرجه أبو داود في سننه برقم (4596)، والترمذي في سننه برقم (2640)، وابن ماجه في سننه بلفظ قريب برقم (3992).

[4] شرح العقيدة الأصفهانية (ص: 199).

[5] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (4/ 649) برقم (1038).

[6] النبوات لابن تيمية (1/ 577).

[7] يُنظر: النبوات لابن تيمية (1/ 577).

[8] بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (2/ 477-478).

[9] تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري (ص: 39- 40).

[10] مجموع الفتاوى (5/ 555).

[11] مجموع الفتاوى (12/ 178).

[12] لسان الميزان، ت أبي غدة (4/ 486).

[13] التوحيد للماتريدي (ص: 3).

[14] وهذا حال كل من رد على المبتدعة بمنهج غير صحيح، فإنه يتأثر بهم ويأخذ بعض أصولهم، ونرى هذا في الماتريدية والأشاعرة.

[15] تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة (3/ 421).

[16] ينظر: التوحيد للماتريدي (ص: 9).

[17] التقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام (2/ 90).

[18] التقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام (2/ 89).

[19] ينظر: شرح العقائد النسفية للتفتازاني (ط الكليات الأزهرية) (ص: 78- 79).

[20] التمهيد في أصول الدين = التمهيد لقواعد التوحيد (ط الروضة) (508) (ص: 149).

[21] التوحيد للماتريدي (ص: 388).

[22] التوحيد للماتريدي (ص: 93).

[23] التوحيد للماتريدي (ص: 85).

[24] درء تعارض العقل والنقل (2/ 16).

[25] مجموع الفتاوى (6/ 520).

[26] منهاج السنة النبوية (2/ 327).

[27] تاريخ بغداد، ت بشار (9/ 104).

[28] درء تعارض العقل والنقل (7/ 147- 148).

[29] أصول الدين (ط دار الفنون) (ص: 308- 309).

[30] الملل والنحل (1/ 93).

[31] الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد (ط السعادة) (ص: 139).

[32] أصول الدين (ط دار الفنون) (ص: 104).

[33] الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (2/ 595).

[34] رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص: 209- 210).

[35] درء تعارض العقل والنقل (7/ 237).

[36] يراجع كتاب: مقالات في تناقضات الأشعرية لمحمد براء ياسين، والأنجم الزاهرات فيما عند الأشاعرة من التناقضات لسامح السعودي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البدور السافرة في نفي انتساب ابن حجر إلى الأشاعرة (1 / 6)
  • البدور السافرة في نفي انتساب ابن حجر إلى الأشاعرة (2 / 6)
  • البدور السافرة في نفي انتساب ابن حجر إلى الأشاعرة (3 / 6)
  • البدور السافرة في نفي انتساب ابن حجر إلى الأشاعرة (4 / 6)
  • الفلاسفة الإسلاميون بين المعتزلة والأشاعرة
  • الأشاعرة
  • هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟
  • محاضرتان بعنوان: مسائل الإيمان والقدر، ومسائل الصفات في فتح الباري، ومنهج الأشاعرة فيها
  • الرد على الذين يكفرون الأشاعرة
  • قصة الأشاعرة لعمار خنفر
  • مورد الرد على الأشاعرة والماتريدية من كتب السنة

مختارات من الشبكة

  • ديوان البريد في الدولة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العقوبة التعزيرية وشرعيتها والفرق بينها وبين غيرها من العقوبات الأخرى (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفرق: النشأة والتكوين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قصة نشأة الفرق في الإسلام وأسباب الضلال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نشأة زواج المسيار والفرق بينه وبين الزواج العرفي(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • استحداث الكلام في أصول الدين ونشأة الفرق(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • تأثر الأدب العربي بالآداب الأخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نشأة الاجتهاد ورأي الإمام الشاطبي فيه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تقرير عن نشأة علوم اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فرقة الخوارج ونشأتها(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب