• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة ...
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المسائل المختصرة في أحكام الأضحية
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    الثامن من ذي الحجة
    د. سعد مردف
  •  
    خطبة عيد النحر 1446 هـ
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    التشويق لفضائل النحر والتشريق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

{وإذ نجيناكم من فرعون..}

{وإذ نجيناكم من فرعون..}
د. خالد النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/10/2023 ميلادي - 20/3/1445 هجري

الزيارات: 2382

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ ﴾

 

﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ [البقرة: 49، 50].

 

﴿ وَإِذْ ﴾ اذكروا وقت ﴿ نَجَّيْنَاكُمْ ﴾ أصله: "ألقيناكم على النجاة" وهو ما ارتفع واتَّسع من الأرض، ثم سُمِّي كلُّ فائز ناجيًا كأنَّه خرج من الضيق والشدة إلى الرخاء والراحة.

 

وخرج بقوله: أنجيناكم إلى ضمير المتكلم المعظم نفسه من ضمير المتكلم الذي لا يدل على تعظيم؛ لأن هذا الفعل الذي هو الإنجاء من عدوِّهم، هو من أعظم أو أعظم النعم، فناسب الأعظم نسبته للمعظم نفسه.

 

والمعنى نجينا أسلافكم وآباءكم فاعتدّها منَّة عليهم؛ لأنهم نجوا بنجاتهم، ومآثر الآباء مفاخر الأبناء، فعدَّى فعل (أنجينا) إلى ضمير المخاطبين مع أن التنجية إنما كانت تنجية أسلافهم؛ لأن تنجية أسلافهم تنجية للخلف، فإنه لو بقي أسلافهم في عذاب فرعون، لكان ذلك لاحقًا لأخلافهم، فلذلك كانت مِنَّة التنجية مِنَّتين: مِنَّة على السلف، ومِنَّة على الخلف، فوجب شكرها على كل جيل منهم؛ ولذلك أوجبت عليهم شريعتهم الاحتفال بما يقابل أيام النعمة عليهم من أيام كل سنة وهي أعيادهم، وقد قال الله لموسى: ﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ [إبراهيم: 5].

 

فائدة: كل ما ذكر في هذه السور من الأخبار معجزات للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لأنه أخبر بها من غير تعلُّم.

 

﴿ مِنْ آلِ ﴾ أصل آل: أهل، قلبت هاؤه همزة تخفيفًا ليتوصل بذلك إلى تسهيل الهمزة مدًّا ﴿ فِرْعَوْنَ ﴾ عَلَم لمن ملك القبط ومصر، كما قيل: قيصر لمن ملك الروم، وكسرى لمن ملك الفرس، والنجاشي لمن ملك الحبشة، وتُبَّع لمن ملك اليمن، وقد اشتق منه: تفرعن الرجل، إذا تجبَّر وعتا.

 

والأهل والآل يُراد به الأقارب والعشيرة والموالي وخاصة الإنسان وأتباعه. والمراد من آل فرعون وَزَعَتُهُ وَوُكَلَاؤُهُ، ويختص الآل بالإضافة إلى ذي شأن وشرف دنيوي ممن يعقل فلا يُقال آل الجاني ولا آل مكة، ولما كان فرعون في الدنيا عظيمًا وكان الخطاب متعلقًا بنجاة دنيوية من عظيم في الدنيا أطلق على أتباعه آل، فلا تَوَقُّفَ في ذلك حتى يحتاج لتأويله بقصد التهكُّم كما أُوِّلَ قوله تعالى: ﴿ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 46]؛ لأن ذلك حكاية لكلام يقال يوم القيامة وفرعون يومئذٍ محقر، هلك عنه سلطانه.

 

وإنما جعلت النجاة من آل فرعون ولم تجعل من فرعون مع أنه الآمر بتعذيب بني إسرائيل تعليقًا للفعل بمن هو من متعلقاته على طريقة الحقيقة العقلية، وتنبيهًا على أن هؤلاء الْوَزَعَةَ والمكلفين ببني إسرائيل كانوا يتجاوزون الحد المأمور به في الإعنات على عادة المنفذين، فإنهم أقل رحمةً وأضيق نفوسًا من ولاة الأمور، كما قال الشاعر الراعي [لقب الراعي لكثرة وصفه للإبل] يخاطب الخليفة عبدالملك بن مروان:

إن الذين أمرتهم أن يعدلوا
لم يفعلوا مما أمرت فتيلا

جاء في التاريخ أن مبدأ استقرار بني إسرائيل بمصر كان سببه دخول يوسف -عليه السلام- في تربية العزيز طيفار كبير شُرط فرعون، وكانت مصر منقسمة إلى قسمين: مصر العليا الجنوبية المعروفة اليوم بالصعيد لحكم فراعنة من القبط وقاعدتها «طيبة»، ومصر السفلى وهي الشمالية وقاعدتها «منفيس» وهي القاعدة الكبرى التي هي مقر الفراعنة، وهذه قد تغلب عليها العمالقة من الساميين أبناء عم ثمود وهم الذين يلقبون في التاريخ المصري بالرعاة الرحَّالين وبالهكسوس في سنة 3300 أو سنة 1900 قبل المسيح على خلاف ناشئ عن الاختلاف في مدة بقائهم بمصر الذي انتهى سنة 1700 ق.م، عند ظهور العائلة الثامنة عشرة.

 

فكان يوسف عند رئيس شرط فرعون العمليقي، وكان ذلك في حدود سنة 1739 قبل ميلاد المسيح، ثم كانت سكنى بني إسرائيل مصر بسبب تنقل يعقوب وأبنائه إلى مصر حين ظهر أمر يوسف وصار بيده حكم المملكة المصرية السفلى.

 

وكانت معاشرة الإسرائيليين للمصريين حسنة زمنًا طويلًا، غير أن الإسرائيليين قد حافظوا على دينهم ولغتهم وعاداتهم فلم يعبدوا آلهة المصريين، وسكنوا جميعًا بجهة يُقال لها أرض جاسان، ومكث الإسرائيليون على ذلك نحوًا من أربعمائة سنة تغلَّب في خلالها ملوك المصريين على ملوك العمالقة وطردوهم من مصر حتى ظهرت في مصر العائلة التاسعة عشرة، وملك ملوكها جميع البلاد المصرية، ونبغ فيهم رمسيس الثاني الملقب بالأكبر في حدود سنة 1311 قبل المسيح، وكان محاربًا باسلًا، وثارت في وجهه الممالك التي أخضعها أبوه، ومنهم الأمم الكائنة بأطراف جزيرة العرب، فحدثت أسباب أو سوء ظنون أوجبت تنكُّر القبط على الإسرائيليين وكلَّفوهم أشقَّ الأعمال، وسخَّروهم في خدمة المزارع والمباني وصنع الآجر.


وتقول التوراة: إنهم بنوا لفرعون مدينة مَخَازِن (فِيثُوم) ومدينة (رَعْمِسِيس) ثم خشي فرعون أن يكون الإسرائيليون أعوانًا لأعدائه عليه، فأمر باستئصالهم وكأنه اطَّلع على مساعدة منهم لأبناء نسبهم من العمالقة والعرب، فكان يأمر بقتل أبنائهم وسبي نسائهم وتسخير كبارهم، ولا بد أن يكون ذلك لما رأى منهم من التنكر، أو لأن القبط لما أفرطوا في استخدام العبرانيين علم فرعون أنه إن اختلطت جيوشه في حرب لا يسلم من ثورة الإسرائيليين فأمر باستئصالهم.


وأما ما يحكيه القصَّاصون أن فرعون أخبره كاهن أن ذهاب ملكه يكون على يد فتى من إسرائيل فلا أحسبه صحيحًا؛ إذ يبعد أن يروج مثل هذا على رئيس مملكة فيفني به فريقًا من رعاياه، اللهم إلا أن يكون الكهنة قد أغروا فرعون باليهود قصدًا لتخليص المملكة من الغرباء، أو تفرسوا من بني إسرائيل سوء النوايا، فابتكروا ذلك الإنباء الكهنوتي لإقناع فرعون، بوجوب الحذر من الإسرائيليين، ولعل ذبح الأبناء كان من فعل المصريين استخفافًا باليهود، فكانوا يقتلون اليهودي في الخصام القليل كما أنبأت بذلك آية ﴿ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ﴾ [القصص: 15] والحاصل أن التاريخ يفيد على الإجمال أن عداوة عظيمة نشأت بين القبط واليهود آلت إلى أن استأصل القبط الإسرائيليين.


ولقد أبدع القرآن في إجمالها؛ إذ كانت تفاصيل إجمالها كثيرة لا يتعلق غرض التذكير ببيانها؛ [التحرير والتنوير].


﴿ يَسُومُونَكُمْ ﴾ يكلِّفونكم ويلزمونكم به، وقيل: يزيدونكم على سوء العذاب، وهو استعارة من السوم في البيع، إنما هو أن يزيد البائعُ المشتريَ على ثمنٍ، ويزيد المشتري على ثمنٍ.


وقيل من "السوم" وهو الرعي؛ ومنه السائمة؛ أي: الراعية. والمعنى: أنهم لا يرعونكم إلا بهذا البلاء العظيم.


وقيل: من الوسم؛ أي: يعلمونكم من العلامة، ومعناه: أن الأعمال الشاقة لكثرة مزاولتها تصير عليهم علامة بتأثيرها في جلودهم وملابسهم؛ كالحدادة والنجارة.


﴿ سُوَءَ الْعَذَابِ ﴾: أشقه وأصعبه، وحكي أن فرعون جعل بني إسرائيل خدمًا في الأعمال من البناء والزراعة والخدمة، ومن لم يكن منهم في عمل من هذه الأعمال فعليه الجزية، فذوو القوَّة ينحتون السواري من الجبال حتى قرحت أعناقهم وأيديهم، ودبرت ظهورهم من قطعها ونقلها، وطائفة ينقلون له الحجارة والطين ويبنون له القصور، وطائفة يضربون اللبن ويطبخون الآجر، وطائفة نجَّارون وحدَّادون، والضعفة جعل عليهم الخراج ضريبة يؤدونها كل يوم. فمن غربت عليه الشمس قبل أن تؤديها غلت يده إلى عنقه شهرًا. والنساء يغزلن الكِتَّان وينسجن.


﴿ يُذَبِّحُونَ ﴾ التشديد للتكثير﴿ أَبْنَاءَكُمْ ﴾ لخوف فرعون من ذهاب ملكه على يد مولود من بني إسرائيل، والمراد بالأبناء: الأطفال الذكور، يقال: إنه قتل أربعين ألف صبي.


والجملة في موضع «بدل البعض» تخصيصًا لأعظم أحوال سوء العذاب بالذكر، وهذا هو الذي يطابق آية سورة إبراهيم التي ذكر فيها ﴿ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ ﴾ بالعطف على ﴿ سُوءَ الْعَذَابِ ﴾.


قال ابن عثيمين: وجاء في سورة إبراهيم: ﴿ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ ﴾ [إبراهيم: 6] بالواو عطفًا على قوله تعالى: ﴿ يَسُومُونَكُمْ ﴾، والعطف يقتضي المغايرة؛ فيكون المعنى أنهم جمعوا بين سوم العذاب وهو التنكيل والتعذيب، وبين الذبح.


﴿ وَيَسْتَحْيُونَ ﴾ يستَبْقُون، والاستحياء استفعال يدل على الطلب للحياة؛ أي: يبقونهن أحياء أو يطلبون حياتهن ﴿ نِسَاءَكُمْ ﴾ يتركون بناتكم أحياء للخدمة، وكَّل فرعون بذلك القوابل، وإنما سُمِّي الصغار نساءً، على معنى أنهُنَّ يبقين حتَّى يصِرْنَ نساءً، وإنما كان استبقاءُ النساء من سوء العذاب؛ لأنهم كانوا يستبقونهن للاسترقاق والخدمة، فصار ذلك هو سُوءَ العذاب، لا الاستبقاء.


﴿ وَفِي ذَلِكُم ﴾ إشارة إلى ذبح الأبناء واستحياء النساء ﴿ بَلاءٌ ﴾ البلاء: الاختبار بالخير والشر، قال تعالى: ﴿ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ﴾ [الأعراف: 168]، وقال: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء: 35]، وهو مجاز مشهور حقيقته «بلاء الثوب» وهو تخلقه وترهله، ولما كان الاختبار يوجب الضجر والتعب سُمِّي بلاء كأنه يخلق النفس، ثم شاع في اختبار الشر؛ لأنه أكثر إعناتًا للنفس، فأشهر استعماله إذا أطلق أن يكون للشر فإذا أرادوا به الخير احتاجوا إلى قرينة أو تصريح كقولهم: خير البلاء، فيطلق البلاء غالبًا على المصيبة التي تحل بالعبد؛ لأن بها يختبر مقدار الصبر والأناة.


﴿ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ دليل على أن الخيرَ والشرَّ من الله تعالى، بمعنى أنه خالقهما.


﴿ عَظِيمٌ ﴾ يقال إنه سخرهم فبنوا سبعة حوائط جائعة أكبادهم عارية أجسادهم، وذبح منهم أربعين ألف صبي. فأي ابتلاء أعظم من هذا، وكونه عظيمًا هو بالنسبة للمخاطب والسامع، لا بالنسبة إلى الله تعالى؛ لأنه يستحيل عليه اتِّصافه بالاستعظام.


قال القشيري: "من صبر في الله على بلاء الله عوَّضه الله صحبة أوليائه، هؤلاء بنو إسرائيل صبروا على مقاساة الضرِّ من فرعون وقومه، فجعل منهم أنبياء، وجعل منهم ملوكًا، وآتاهم ما لم يؤتِ أحدًا من العالمين"، ولم تزل النعم تمحو آثار النقم.


﴿ وَإِذْ ﴾ واذكروا إذ ﴿ فَرَقْنَا ﴾ وأصل الفرق الفصل بين الشيئين، ومنه فرق الشعر، ومنه الفرقان ﴿ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ ﴾ [آل عمران: 4] الكتب الفاصلة بين الحق والباطل، ومنه ﴿ فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ﴾ [المرسلات: 4] يعني: الملائكة تنزل بالفرق ببن الحق والباطل، ومنه ﴿ يَوْمَ الْفُرْقَانِ ﴾ [الأنفال: 41] يعني: يوم بدر، كان فيه فرق بين الحق والباطل، ومنه ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ ﴾ [الإسراء: 106]؛ أي: فصلناه وأحكمناه.


﴿ بِكُمُ الْبَحْرَ ﴾ مكان مطمئن من الأرض يجمع المياه، ويجمع في القلة على أبحر، وفي الكثرة على بحور وبحار، وأصله؛ قيل: الشق، وقيل: السعة والانبساط.


فمن الأول: البحيرة، وهي التي شقت أذنها، ومن الثاني: البحيرة، المدينة المتسعة، وتبحَّر في العلم؛ أي: اتَّسَع، وفرس بحر: واسع العدو، ومن ذلك قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في فرس أبي طلحة الذي يقال له مَنْدُوب: (وإن وجدناه لبحرًا) والبحر أيضًا الماء المالح، لكن جاء استعماله في الماء الحلو والماء المالح، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ﴾ [فاطر: 12] واستعماله للمالح هو الأصل والأشهر، والبحر المذكور هنا: هو بحر القُلْزُم، وهو البحر الأحمر اليوم.


﴿ فَأَنجَيْنَاكُمْ ﴾ فيه بيان قدرة الله تعالى على كل شيء؛ فهذا الماء السيال أمره الله -تبارك وتعالى- أن يتمايز، وينفصل بعضه عن بعض؛ فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم؛ أي: كالجبل العظيم، وثم وجه آخر من هذه القدرة: أن هذه الطرق صارت يبسًا في الحال مع أنه قد مضى عليها سنون كثيرة لا يعلمها إلا الله عز وجل والماء من فوقها، ولكنها صارت في لحظة واحدة يبسًا، كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ﴾ [طه: 77] وقد ذكر بعض المُفسِّرين أنه كانت في هذه الفرق فتحات ينظر بعضهم إلى بعض حتى لا ينْزعجوا، ويقولوا: أين أصحابنا؟! وهذا ليس ببعيد على الله سبحانه وتعالى.


﴿ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ ﴾ زيادة في التفصيل بذكر نعمة أخرى عظيمة خارقة للعادة بها كان تمام الإنجاء من آل فرعون، وفيها بيان مقدار إكرام الله تعالى لهم، ومعجزة لموسى عليه السلام.


ولم يذكر في هاته الآية غرق فرعون؛ لأن محل المنة هو إهلاك الذين كانوا مباشرين لتسخير بني إسرائيل وتعذيبهم والذين هم قوة فرعون، وقد ذكر غرق فرعون في آيات أخرى.


﴿ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴾ وهذا الحال زيادة في تقرير النعمة وتعظيمها، فإن مشاهدة المنعم عليه للنعمة لذة عظيمة لا سيَّما مشاهدة إغراق العدو، كما أن مشاهدة فرق البحر نعمة عظيمة لما فيها من مشاهدة معجزة تزيدهم إيمانًا، وحادث لا تتأتى مشاهدته لأحد.


وإسناد النظر إليهم باعتبار أن أسلافهم كانوا ناظرين ذلك؛ لأن النعمة على السلف نعمة على الأبناء لا محالة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تأملات دعوية في قصة مؤمن آل فرعون بسورة غافر
  • دعوة موسى عليه السلام لفرعون
  • تفسير قوله تعالى: {وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب...}
  • تفسير قوله تعالى: { وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون }
  • خطبة: قصة موسى الرضيع مع فرعون الوضيع
  • عاشوراء وقصة موسى عليه السلام مع فرعون (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات عباد الرحمن {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} ، {وإذا مروا باللغو مروا كراما}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى (بطاقة)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم... )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكارم أخلاق صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول الجلي في خبر طارق بن عبد الله المحاربي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمات في الإخلاص(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب