• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البعثة والهجرة (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    أسباب نشر الأدعية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    كليات الأحكام
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    بين الحاج والمقيم كلاهما على أجر عظيم.. (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    لا حرج على من اتبع السنة في الحج (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: إنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    "لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم".. فوائد وتأملات ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الحج: غاياته وإعجازاته
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشهيد، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة (2)
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (13)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير آية الكرسي

تفسير آية الكرسي
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2023 ميلادي - 13/1/1445 هجري

الزيارات: 4841

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير آية الكرسي

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد[1]:

قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].

 

هذه الآية تسمى آية الكرسي؛ لورود ذكر الكرسي فيها، وهي أعظم آية في كتاب الله تعالى؛ لِما ثبت في صحيح مسلم عن أُبَيِّ بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا المنذر، أتدري أيَّ آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: يا أبا المنذر، أتدري أيَّ آية من كتاب الله معك أعظمُ؟ قال: قلت: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، قال: فضرب في صدري، وقال: والله لِيَهْنِكَ العلم أبا المنذر))[2].

 

وفي لفظ عند الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله: ((أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال: الله ورسوله أعلم، فرددها مرارًا، ثم قال أُبيٌّ: آية الكرسي، قال: «لِيَهْنِكَ العلم أبا المنذر، والذي نفسي بيده، إن لها لسانًا وشفتين تُقدِّس الْمَلِكَ عند ساق العرش))[3].

 

وكانت أعظمَ آيةٍ؛ لِما اشتملت عليه من الأسماء الحسنى والصفات العلا لله تعالى، ونفي النقائص عنه سبحانه وتعالى.

 

ومن فضائلها: أنه يُرجَى لمن حافظ على قراءتها دُبُرَ كل صلاة أن يدخل الجنة؛ لِما أخرجه النسائي بإسناد جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت))[4].

 

ومن فضائلها: أن قراءتها سببٌ لحفظ البيت والنفس من الشيطان وتسلُّطه؛ فقد أخرج البخاري وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ((وكَّلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام فأخذته... الحديث، وفيه: قال: دَعْنِي فإني محتاج وعليَّ عيال، لا أعود، فرحِمته، فخلَّيتُ سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة، ما فعل أسيرُك؟ قلت: يا رسول الله، شكا حاجةً شديدةً، وعيالًا، فرحِمتُه، فخلَّيتُ سبيله، قال: أما إنه قد كَذَبَكَ وسيعود، فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنَّك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات، أنك تزعم لا تعود، ثم تعود، قال: دعني أعلمك كلماتٍ ينفعك الله بها، قلت: ما هو؟ قال: إذا أويتَ إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، حتى تختم الآية؛ فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنَّك شيطان حتى تصبح، فخليتُ سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحةَ؟ قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال: ما هي؟ قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمَا إنه قد صَدَقَكَ وهو كَذُوب، تعلم مَن تخاطب منذ ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة؟ قال: لا، قال: ذاك شيطان))[5].

 

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ [البقرة: 255]؛ أي: لا معبود بحقٍّ إلا هو، ﴿ الْحَيُّ ﴾ [البقرة: 255] الدائم البقاء، الذي لا يموت؛ كما قال سبحانه: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، وقال: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾ [القصص: 88].

 

﴿ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]؛ القائم بتدبير أمر الخلق في إنشائهم وأرزاقهم، ومن تمام حياته وقيوميته أنه ﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾ [البقرة: 255]، والسِّنَةُ هي النُّعاس، وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: ((إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفِضُ القِسْطَ ويرفعه، يُرفَع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعملُ النهار قبل عمل الليل، حجابُه النور، لو كَشَفَهُ لأحرقت سُبُحَاتُ وجهه ما انتهى إليه بصرُه من خَلْقِه))[6].

 

﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 255] مُلْكًا وخَلْقًا، ففيها إخبار بأن الجميع عبيده، وفي ملكه، وتحت قهره وسلطانه؛ كقوله: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم: 93 - 95].

 

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255]؛ أي: لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26].

 

﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ [البقرة: 255]؛ يعلم ماضيهم وحاضرهم ومستقبلَهم، ويعلم ما أمامهم وما خلفهم، فعلمُهُ سبحانه محيط بكل شيء؛ كما قال سبحانه: ﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12].

 

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾ [البقرة: 255]؛ أي: لا يعلمون شيئًا من علم الله تعالى، ﴿ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾؛ أي: إلا بما أعلمه الله عز وجل وأطْلَعَه عليه؛ كما قال تعالى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 26].

 

﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ﴾ [البقرة: 255]؛ أي: أحاط كرسِيُّــه؛ وهو موضع قَدَمَيِ الله عز وجل، ﴿ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾ [البقرة: 255]، والصحيح أن الكرسيَّ مخلوق عظيم فوق السماء السابعة غير العرش؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "الكرسيُّ موضعُ القدمين، والعرش لا يقدِرُ أحدٌ قَدْرَهُ"[7].

 

﴿ وَلَا يَئُودُهُ ﴾ [البقرة: 255]؛ أي: لا يُجْهِده ولا يُثْقِله ولا يشُقُّ عليه، بل هو القادر على كل شيء، ﴿ حِفْظُهُمَا ﴾ [البقرة: 255]؛ أي: حفظ السماوات والأرض، ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ ﴾ [البقرة: 255] بذاته وصفاته، ﴿ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255] في مُلْكِهِ.

 

وفي هذه الآية العظيمة فوائدُ:

منها: أن قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ [البقرة: 255] دليلٌ على أن الله تعالى له جميع معاني الألوهية، لا يستحق الألوهية والعبودية إلا هو، فعبادةُ غيرِهِ شركٌ وضلال.

 

ومنها: أن هذين الاسمين (الحي القيوم)، قيل: إنهما اسم الله الأعظم، الذي إذا دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئِل به أعطى؛ لأنهما جامعان لكمال الأوصاف، ولكمال الأفعال، فكمال الأوصاف في قوله: ﴿ الْحَيُّ ﴾، وكمال الأفعال في قوله: ﴿ الْقَيُّومُ ﴾.

 

ومنها: أن قوله تعالى: ﴿ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255] دليلٌ على أن الله تعالى متَّصِفٌ بجميع معاني الحياة الكاملة على وجه يليق بجلاله وعظمته، قام بنفسه، واستغنى عن جميع مخلوقاته، وقام بجميع الموجودات، فأوجدها وأبقاها، وأمدَّها بجميع ما تحتاج إليه في وجودها وبقائها؛ فهي مفتقرة إليه وهو غنيٌّ عنها، ولا قِوامَ لها بدون أمره؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ﴾ [الروم: 25].

 

ومنها: أن قوله تعالى: ﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾ [البقرة: 255] دليل على تنزيه الله تعالى عن السِّنَةِ والنوم؛ لأن السِّنَةَ والنوم إنما يَعْرِضان للمخلوق الذي يجري عليه الضُّعف[8] والعجز والانحلال، ولا يعرضان لذي العظمة والكبرياء والجلال، فلا يعتريه تعالى نقصٌ ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه، بل هو ﴿ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ [الرعد: 33]، شهيد على كل شيء، لا يغيب عنه شيء، ولا تخفى عليه خافية.

 

ومنها: أن قوله تعالى: ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 255] دليلٌ على سَعَةِ ملك الله تعالى وعظمته، فله تعالى ملك السماوات والأرض وما فيهن وما بينهما.

 

ومنها: أن قوله تعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255] دليل على إثبات الشفاعة لله تعالى وحده، فكل الوُجَهاء والشُّفَعاء عبيدٌ له مماليك، لا يُقدِمون على شفاعة حتى يأذن لهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [الزمر: 44]، وقال تعالى: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26].

 

ومنها: أن في قوله تعالى: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ [البقرة: 255] دليلًا على إحاطة علم الله تعالى بجميع الكائنات، ماضيها ومستقبلها، فقوله: ﴿ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾؛ أي: من الأمور المستقبلة التي لا نهاية لها، ﴿ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾؛ أي: من الأمور الماضية، فهو سبحانه يعلم ما كان، وما يكون، وما هو كائن كيف يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، فلا يحجُزه زمان ولا مكان، فعلمه محيط بكل شيء؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59].

 

ومنها: أن قوله تعالى: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ﴾ [البقرة: 255] فيه إثبات الكرسي، وأنه حق، والكرسي من أكبر المخلوقات، والعرش أكبر منه بأضعاف لا يعلمها إلا الله تعالى، فالكرسي في العرش كحلقة مُلْقاة في فَلَاة، وسِع السماوات والأرض، والله مستغنٍ عن العرش والكرسي، ولم يستوِ على العرش لاحتياجه إليه، بل لحكمة يعلمها، وهو منزَّه عن أن يحتاج إلى العرش أو ما دونه؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 6]، وقال أيضًا: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، فشأنُ الله تبارك وتعالى أعظمُ من ذلك، بل العرش والكرسي محمولان بقدرته وسلطانه.

 

ومنها: أن قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255] دليل على أن الله تعالى له العلوُّ المطلق؛ علوُّ الذات، وعلو القَدْرِ، وعلو القهر، وهو العظيم الذي لا شيءَ أعظمُ منه، فهو ذو العظمة في ذاته وسلطانه وصفاته.



[1] أصل هذه المقالة هو كتابي: "تفسير سورتي الفاتحة والبقرة"، وهو منشور على شبكة الألوكة.

[2] أخرجه مسلم (810).

[3] أخرجه أحمد (21278).

[4] أخرجه النسائي في الكبرى (9848).

[5] أخرجه البخاري (2311).

[6] أخرجه مسلم (179).

[7] أخرجه عبدالرزاق في تفسيره (3030).

[8] الضُّعف بالضم: يكون في الجسد على وجه الخصوص، أما الضَّعف بالفتح: فيكون في الجسد والرأي والعقل؛ [انظر: معجم الفروق اللغوية للعسكري (1316)].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير آية الكرسي
  • التيسير في تفسير آية الكرسي
  • وقفات مع آية الكرسي (4)
  • آية الكرسي
  • حديث: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة
  • آية الكرسي مفتاح كنز ومشكاة نور
  • فضائل ومعاني آية الكرسي
  • قراءة آية الكرسي قبل النوم سبب لطرد الشيطان
  • تدبر آية الكرسي

مختارات من الشبكة

  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (1) سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التنبيه على أن " اليسير من تفسير السعدي " ليس من تفسيره(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب