• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / تفسير القرآن الكريم
علامة باركود

تفسير سورة الأنفال (الحلقة العاشرة - الأخيرة) الاندماج العظيم وميثاق الولاء الأعظم

تفسير سورة الأنفال (الحلقة العاشرة - الأخيرة) الاندماج العظيم وميثاق الولاء الأعظم
الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/7/2023 ميلادي - 28/12/1444 هجري

الزيارات: 3471

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة الأنفال (الحلقة العاشرة - الأخيرة)

الاندماج العظيم وميثاق الولاء الأعظم


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الغُر الميامين.


قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 72 - 75].


عندما اختار الله عز وجل للإسلام أولَ منبتٍ له في الأرض بمكة، ومكةُ حينئذ حي لَقاحٌ[1]لا يدين لملك كما قال الأسود بن المطلب أبو زمعة؛ إذ صاح في الطواف: "ألا إن قريشًا لَقاح لا تَمْلِك ولا تُمْلَك"[2]، واختار لرواده الأولين جنسَ العرب، والعرب آنئذٍ أشتات قبائل لا تجمعهم دولة، وليس لهم ولاء إلا لأنسابهم في الأسرة ومكانتهم في القبيلة، وقيم صحرائهم إيجابيها وسلبيها، كان هذا الاختيار منه تعالى أنسب بيئة اصطفى منها خيرها من بني هاشم في قريش، ومن بني هاشم خيرهم محمدًا صلى الله عليه وسلم[3]، وممن اتبعه وآمن به خيرهم في عشيرته وآل بيته، ومن قبائل العرب وبطونها خير القرون في مسيرة الدعوة الإسلامية على الأرض، في مقدمتهم خيرُ الأبطال من آل عبد المطلب: علي بن أبي طالب، وسيد الشهداء حمزة، ومن بني مخزوم آل عمار أبًا وأمًّا وولدًا[4]، ومن بني تيم خير الصديقين أبو بكر، ومن بني عدي خير الأشداء في الحق عمر، ومن قريش بعامة نخبة الصحب الكرام، ونشأ بذلك خير أجيال الأمة رضي الله عنهم جميعًا، من الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم: (خيرُكم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).


وعندما اختار الله لهذه النخبة المصطفاة أن تهاجر إلى المدينة، فلعلم منه تعالى وحكمة بالغة كانت بهما بيئة الأنصار من الأوس والخزرج، خير لحمةٍ مدنية لسُدى مكِّيٍّ ينسج بهما فسطاط الإسلام الأول، وتتبين بهما معالم دولته، نصرًا مؤزرًا في الدنيا وفوزًا عظيمًا في الآخرة، قال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].


وعندما تم الانتصار في غزوة بَدْر، كان الإعلان الرسمي عن بزوغ نجم هذه الدولة، ونزلت سورة الأنفال تقتفي آثار ما سبق من مسيرة هذه النخبة المؤمنة، وتستقصي ما تم من بنائها الإيماني والتربوي والاجتماعي والسياسي، وما يحتاجه الإنجاز الحضاري الجديد من ترميم أو تثبيت أو إضافة أو إعادة بناء، فكانت لذلك خواتيمها أربعَ آيات محكمات، تم بها بنيان أمة للإسلام رائدة في دولة للحق قائمة، ومجتمع للعدل مسلم متكامل متميز صلب لا يُغلب ولا يُخترق، وكان بدء تشييد ذلك كله وإقامته بتمييز أول فئات بُناته وحملة رسالته نشرًا لها وصبرًا على الأذى فيها بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 72]، هذه هي الفئة الأولى التي حملت هَمَّ الإسلام اعتناقًا له ودعوة إليه وبذلًا فيه وصبرًا على الأذى في سبيله، منذ استجابت لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يدعو أهل بيته وعشيرته سرًّا وعلانيةً، كما يدعو الناس عامة في الأسواق ومواسم الحج قائلًا: (أَلا رجلٌ يَحْمِلُنِي إلى قَوْمِهِ، فإنَّ قُرَيْشًا قد مَنَعُونِي أنْ أُبَلِّغَ كَلامَ ربِّي).


افتتحت هذه الآية الكريمة بحرف التوكيد ﴿ إِنَّ ﴾ الذي دخل على الجملة الاسمية، والاسم الموصول بعدها ﴿ الَّذِينَ ﴾ اسمها، والجملة الفعلية من الفعل والفاعل ﴿ آمَنُوا ﴾ صلة الموصول، وجملة ﴿ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا ﴾ معطوفة على ﴿ آمَنُوا ﴾، وجملة: ﴿ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ متعلقة بالفعل: "جاهدوا".


يذْكُر الحق تعالى هذه النخبة في القرآن ويذكِّر بها ويخصُّها بالأولوية، وقد تحقَّق النصر لها ولغيرها من الأنصار في بَدْر، ويشيد بها وبسابقتها وأفضليتها على غيرها، ويشهد لها بأربع صفات، أولاهن الإيمان الحق بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾؛ أي: تشرَّبتْ[5] قلوبهم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، كما ورد مجملًا في حديث عمر رضي الله عنه إذ سأل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فقال: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْمِيزَانِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ) قَالَ: "فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُؤْمِنٌ؟" قَالَ: (نَعَمْ) قَالَ: "صَدَقْتَ")، وكما ورد مفصلًا في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2 - 4]، وقوله عز وجل: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 6] وقوله سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴾ [المعارج: 26، 27].


ثم أضاف الحق تعالى إليهم سابقة أخرى هي الهجرة بقوله تعالى: ﴿ وَهَاجَرُوا ﴾ فاقوا بها غيرهم من المؤمنين، وميزهم بها عن الذين لم يهاجروا، وعن الذين يهاجرون لدنيا يصيبونها أو شهوات نفس يحققونها، في إشارة واضحة منه تعالى إلى أن الهجرة في سبيله عبادة راضِية مَرْضية ودرجة عالية بعد الإيمان، شرعت للمسلمين تخفيفًا عنهم وفسحًا لمجال انتشار دعوتهم، كلما استأسد عليهم الشر وأولياؤه في أرض انفسحت لهم أرض غيرها.


ثم أضاف الحق تعالى لهذه النخبة المؤمنة الأولى مع صفتي الإيمان والهجرة صفة اقتحامية أخرى هي الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس، فقال عز وجل: ﴿ وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ ﴾، بأن أنفقوها على تجهيز المجاهدين بالخيل والأسلحة والغذاء، وتوفير حاجات فقراء المسلمين، ﴿ وَأَنْفُسِهِمْ ﴾ بمباشرة قتال المشركين والدفاع عن المدينة وأهلها ﴿ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾؛ أي: مرضاة لله وحده، لا يراد بذلك إلا أن تكون كلمة الله هي العليا كما قال صلى الله عليه وسلم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) والجهاد تبعًا لذلك بشقيه المالي والنفسي أهم ما يسخو به المؤمن، في زمن الحاجة إلى المال، والحاجة إلى المدافعة والمغالبة وحماية البيضة، برجال أشداء لا يتخلون أو يجبنون أو يفرُّون.


ثم اتبع الحق تعالى بالمهاجرين إخوانهم في الدين من الأوس والخزرج، فقال عز وجل: ﴿ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا ﴾ وهم أهل بيعة العقبة الأولى وكانوا سبعة، وأهل بيعة العقبة الثانية وكانوا سبعين رجلًا، والذين آمنوا حين قدم عليهم في المدينة أبو زرارة مصعب بن عمير رضي الله عنه، ومن عمَّهم الإسلام فيها عقب هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم.


وحرف الواو في الآية الكريمة ﴿ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا ﴾ لعطف ﴿ الَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا ﴾ على ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا ﴾، أشركهم الله في الفضل الذي أسبغه على المهاجرين والدرجة التي جعلها لهم، لما آووا ونصروا، ولولا ذلك لم تكن للهجرة فائدة ولا تمكين.


والفعل: ﴿ آوَوْا ﴾ من "أوى يأوي إواء"، ثلاثة حروف هي الهمزة والواو والياء، تفيد معنيين أحدهما الإشفاق والتحنن، والثاني يفيد التجمع والتجميع، ومنه "التأوِّي" وهو التجمع، فيقال: تأوَّت الطير إذا تجمَّعت وانضم بعضها إلى بعض في مأواها، أعشاشًا في الشجر أو الجدران أو الجبال أو غيرها، قال تعالى: ﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ ﴾ [الكهف: 10]، وَقَالَ: ﴿ وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ﴾ [المؤمنون: 50]، وقال: ﴿ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 19].


ثم وثق عز وجل هذه العلاقة بين المهاجرين والأنصار بما هو أقوى وأشرف وأدوم للدنيا والآخرة، فقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾، فجعل الولاء في الله بينهم عروة وثقى وميثاقًا غليظًا، وتم معنى هذه الآية الكريمة المبدوءة بحرف "إن" واسمها في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا... ﴾، وخبرها في قوله عز وجل: ﴿ أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾.


ولفظ "أولياء" جمع "ولي"، والواو واللام والياء أصل صحيح يدل على القرب، ومنه الوَلْيُّ وهو القرب، وفي الحديث الصحيح: (يا غلام، سَمِّ اللهَ وكُلْ بيمينك وكُلْ مما يليك)؛ أي: مما يقربك، ويشتق منه لفظ المولى بمعانٍ كثيرة تتميز بحسب سياقها، ويعني السيد والمتكفل بالأمر ومالكه والمتصرف فيه، والناصر، والقريب، والمعتق، ومنه ولاية النسب وولاية الأب على أبنائه، وولاية العتق وولاية الزوجية وولاية التعاقد بكل أصنافها، إلا أن أقوى ولاية للمؤمن هي ولاؤه لله، وفي الله؛ لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يقول أحدكم مولاي فإن مولاكم الله)، قال الحق سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴾ [محمد: 11]، وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 257].


لقد كان نزول هذه الآيات الكريمة بداية تحوُّل اجتماعي في المهاجرين والأنصار، من أجل دمجهم في مجتمع المدينة وقد أصبح موضوعيًّا مجتمع دولة منتصرة يُهاب بأْسُها، بها ثلاث فئات مؤمنة، لكل منها عصبيتها القبلية الخاصة، هي المهاجرون من قريش، والأوس والخزرج من المدينة، مع أقليات غير مسلمة ينبغي توضيح علاقاتها مع غيرها، في إطار كيان سياسي مُوحَّد، وقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يُمهِّد لذلك من قبلُ، حال وصوله إلى المدينة وبنائه المسجد في دار أنس بن مالك، فآخى بين المهاجرين والأنصار فردًا فردًا، مؤاخاة بأثرها في التوارث بين كل أخوين، من ذلك المؤاخاة بين أبي بكر وخارجة بن زهير، وبين عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك، وبين عبدالرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، وبين أبي عبيدة بن الجراح وسعد بن معاذ، وبين الزبير بن العوام وسلمة بن سلامة بن وقش، وبين طلحة بن عبيدالله وكعب بن مالك، وبين مصعب بن عمير وأبي أيوب خالد بن زيد، وبين سلمان الفارسي وأبي الدرداء على أرجح الأقوال.


من أجل ذلك انتقل بهم الوحي إلى وشيجة أمتن وأقوى وأعلى وأشرف من وشائج العصبيات السائدة بينهم، قرابة وعرقًا ولونًا وقومًا وقبيلةً ومصالح دنيوية، هي وشيجة الولاء لبعضهم في الله، فظهر أثر هذا الولاء في تكتُّل إنساني متماسك صلب قوي متحرك، ومجتمع فعَّال متفاعل متغير مُغيِّر، تحولت فيه عقيدة التوحيد ربوبية وألوهية وتصورًا من حقيقتها المجردة إلى حياة الناس، وظهر أثرها في مجتمعهم وعلاقاتهم ببعضهم وبغيرهم، نصرة وتناصرًا ورحمةً وتراحُمًا، وتراجعت بذلك إلى حجمها الطبيعي ما سواها من الوشائج والأواصر والروابط، وتم الاندماج العظيم بين جميع فئات المجتمع الجديد بالميثاق الغليظ الأول، ميثاق الولاء في الله، وانعقدت بذلك بينهم أوثق عُرْى الإيمان التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أوثق عُرَى الإيمان: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله عز وجل)، وقال: (إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ)، فكانوا بذلك على خطى الأنبياء والأصفياء والمصطفين من عباد الله قبلهم، من الذين أخذت منهم المواثيق الغليظة وارتبطوا أنفسَهم بالولاء لله، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [الأحزاب: 7] كما ارتبط بذلك من قبل أبوهم آدم عليه السلام وذريته في الملأ الأعلى بقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]، وارتبطت به قبلهم جميعًا السموات والأرض في قوله عز وجل: ﴿ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]، وقامت به بعد ذلك العلاقة الشرعية الوحيدة المرضية عند الله للتكاثر بين الناس، بين كل زوجين أفضيا إلى بعضهما بميثاق غليظ في قوله تعالى: ﴿ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]، وانبثق منه الولاء بين المؤمنين جميعًا على مدى مسيرتهم في الأرض؛ إذ كلهم أولياء لبعضهم في الله، محبة وتعاونًا وتكافلًا وتناصُحًا ونصرة، قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 55، 56]، وقال عز وجل: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 257].


ثم أضاف تعالى في سورة الحديد إلى المهاجرين والأنصار صفة أخرى ليست لغيرهم هي فضيلة السبق إلى الإنفاق في سبيل الله قبل فتح مكة وقبل الإذن بقتال المشركين، بقوله تعالى: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾ [الحديد: 10]، وقوله عز وجل: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة: 100]، وقوله سبحانه: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ [الواقعة: 10 - 14]، وأسبق السابقين إلى هذه الفضيلة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وقد أنفقت على رسول الله وعلى دعوته إلى أن توفَّاها الله تعالى إليه، وقال عنها صلى الله عليه وسلم: (واسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ) وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، الصبي الذي خدمه ورافقه، وتربَّى في كنفه، وكتب له منذ بدء الوحي في غار حراء[6]، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه أول من أنفق أمواله لتحرير المستضعفين الذين كانت قريش تعذبهم في الرمضاء، وعثمان رضي الله عنه وقد جهَّز جيش العسرة، ففاقوا بذلك من سواهم من المسلمين في جميع العصور، بما سبقوهم إليه من البذل والبر والخيرات، وقال فيهم عز وجل: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]؛ ولذلك دأب الوحي الكريم يشيد بهم ويضرب المثل بصدقهم وإقدامهم ويقول عنهم: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29]، وثابر الرسول صلى الله عليه وسلم يحرض المؤمنين في كل مناسبة على الاقتداء بهم ومسابقتهم إلى العمل الصالح والاستنان بسنتهم ويقول: (مَنْ سَنَّ في الإسلام سنةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء)، ويدعو إلى اتخاذ ثباتهم على الإيمان وسخائهم بالبذل قدوة كلما انتقضت عرى الدين واغترب أهله واقتضت الضرورة رتق العرى وإعادة البناء ويثني عليهم قائلًا: (خيركم قرني)، ويدافع عنهم قائلًا: (لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفس محمد بيده، لو أنفق أحدُكم مثل جبل أُحُد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصيفه).


بهذه الآيات الكريمة وحَّد الله تعالى قلوب الفئة الأولى في دولة الإسلام، إلا أن معهم وحولهم في المدينة وفي مكة وأطراف الجزيرة فئات أخرى موالية ومعادية، ينبغي تحديد الموقف منها والعلاقة بها، في مكة تخلَّف عن الهجرة أفراد يكتمون إيمانهم رعاية لمصالح عائلية أو مالية أو ظروف خاصة، بين أغلبية قرشية مشركة متنمرة حاقدة على الإسلام والمسلمين، وفي بعض الأعراب على إسلامهم جفاء وغلظة ونفور من الهجرة إلى عاصمة الدولة الجديدة، كما قال ابن عباس: "ترك النبي صلى الله عليه وسلم الناسَ يوم تُوفي على أربع منازل: مؤمن مهاجر، والأنصار، وأعرابي مؤمن لم يهاجر، إن استنصره النبيُّ صلى الله عليه وسلم نصره، وإن تركه فهو إذْنُه، وإن استنصر النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الدين كان حقًّا عليه أن ينصره، فذلك قوله: ﴿ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ﴾، والرابعة التابعون بإحسان.


وقال عبيد بن سليمان: سمعت الضحاك يقول في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا ﴾ إلى آخر السورة: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وترك الناس على أربع منازل: مؤمن مهاجر، ومسلم أعرابي، والذين آووا ونصروا، والتابعون بإحسان".


وفي المدينة ومن حولها ظهرت ناشئة للمنافقين قال فيهم تعالى: ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ﴾ [التوبة: 101]، ومعهم يهود قريظة وبني النضير وبني قينقاع الذين كانت خاتمتهم الإجلاء عن الجزيرة؛ لما مردوا عليه من الخيانة والتآمر والعدوان.


لذلك أخذ الوحي الكريم في تنظيم هذه العلاقات وضبطها، مبتدئًا بالمؤمنين الذين لم يهاجروا بقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا ﴾، كالأعراب المؤمنين حول المدينة والذين يكتمون إيمانهم في مكة ﴿ مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ ﴾ ولفظ الولاية في هذه الآية يعني نصرتهم والدفاع عنهم، قرأها الأعمش وابن وثاب وحمزة بكسر الواو: [وِلايَتِهِمْ]، وقرأها الجمهور بالفتح؛ أي: ليس عليكم نحوهم ﴿ مِنْ شَيْءٍ ﴾؛ أي: من شيء واجب ﴿ حَتَّى يُهَاجِرُوا ﴾، إلا حين يهاجرون إليكم فتتم الولاية بينكم وبينهم بما لها من حقوق وما عليها من واجبات، ﴿ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ ﴾، وإن سألوكم نصرتهم في الدفاع عن الدين ﴿ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ﴾، وجب عليكم نصرتهم وإعانتهم وحمايتهم بحكم الإيمان المشترك بينكم وبينهم، وتقييد النصرة في هذه الآية بموجبها الذي هو الدين، يقتضي ألا يُنصَروا في حروب قبلية أو ثَأْرات جاهلية وما يشبهها أو يدخل في حكمها ﴿ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ﴾، إلا إذا كانت نصرتهم تقتضي نقضًا لعهد لكم مع غيرهم، فالأولى الوفاء بعهودكم وعدم نصرتهم ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ شهيد على تعاملكم معهم ومع خصومهم.


وتبقى الطائفة الأخرى من المعادين للإسلام والمسلمين في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ من المشركين وسائر الديانات الأخرى، وقد بيَّن تعالى طرائق التعامل معهم فيما سبق من هذه السورة الكريمة وتفسيرها، حربًا وسلمًا، توافقًا واختلافًا، وفاء بعهود أو نقضًا ونبذًا لها، وأضاف في آخرها تنبيهًا مجملًا وضروريًّا للاحتماء من مكرهم بقوله تعالى عنهم: ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾؛ أي مهما سالمتموهم أو عاهدتموهم أو جاملتموهم، ومهما سايروكم وأحسنوا لكم القول فإن ولاءهم لا يكون لكم أبدًا ما لم يؤمنوا، وإنما ولاؤهم لأهل ملتهم، وليسوا أهلًا للثقة بهم أو الركون إليهم، إلا أن يعاملوا بالبر والإحسان المأمور به شرعًا، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [هود: 113]، وقال عز وجل: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [آل عمران: 118]، وقال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الممتحنة: 1].


ثم حذر تعالى من عاقبة الغفلة عن هذه الحقيقة فقال عز وجل: ﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ ﴾ إن غفلتم عن هذه الحقيقة فلم توالوا بعضكم وركنتم إلى أعدائكم ﴿ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾ أخطأتم في سياستكم لبعضكم، ودبت الفتنة إلى صفكم واخترقكم أعداؤكم فأفسدوا دينكم ومجتمعكم.


ثم بيَّن تعالى بكل موضوعية حقيقة العلاقة التي ينبغي أن تقوم بين ساكنة دولة الإسلام الأولى، مهاجرين وأنصارًا، أو مؤمنين قعدت بهم نفوسهم أو ظروفهم عن الهجرة، أو كفارًا آثروا مسالمة المسلمين أو محاربتهم أو معاهدتهم، مبتدئًا بأفضل هذه الفئات عند الله وأقربها إليه، فقال عز وجل: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا ﴾ [الأنفال: 74]، وهم الذين جمعوا بين فضل السبق إلى الإيمان والهجرة والجهاد، والسبق إلى إيواء الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته والجهاد معه ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ﴾، هم الذين حققوا في دينهم ودنياهم درجة الإيمان الحق، ﴿ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ كتب الله لهم المغفرة التامة والرزق الواسع الذي يحفظ كرامتهم في الدنيا والآخرة، وألحق بهم في الفضل والدرجة طائفة أخرى تأتي بعدهم بقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ ﴾، وهم من هاجر بعد صلح الحديبية وقد نصت اتفاقيته على أن يرد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قريش من هاجر إليه إلا النساء، وأن تحتفظ قريش بمن رجع إليها، فكان أولهم أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية رضي الله عنه إذ هاجر فرَدَّه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قريش ففَرَّ منهم، والتحق به أبو جندل بن سهيل وعصابة مؤمنة أخرى رضي الله عنهم، فكانوا يعترضون قوافل قريش ينهبونها ويقتلون رجالها، فأرسلوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن احتفظ بمن هاجر إليك ولا تردهم إلينا.


وفي هذه الفترة أيضًا كانت هجرة طائفة من المؤمنات فيهن سبيعة بنت الْحَارث الأسْلَمِيَّة، نزل فيهن قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ﴾ [الممتحنة: 10]، ثم انقطعت الهجرة إلى المدينة بانتفاء أسبابها، إذ فتحت مكة وصارت أرض إسلام، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا)، وبقي تشريعها قائمًا بين الإباحة والوجوب حسب ظروفها، ما دام في الأرض صراع بين الحق والباطل، واستئساد لأهل الباطل على أهل الحق واستضعاف لهم، بقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 100]، لا سيما وواجب الدعوة إلى الإسلام قائم أبدًا، وركب القائمين بها لا يتوقَّف ولا يرتدُّ، والبلاء سنة كونية ماضية بقوله تعالى: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 2، 3]، وحالات الاضطرار إلى الهجرة في كل عصر متجددة، بل إن الامتناع عنها في بعض الحالات يعد ظلمًا للنفس يحاسب المرء به؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 97]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل)، وما أخبر به عليه الصلاة والسلام عن عصور للجمر والغربة يبتلى بها المسلمون إذ قال: (يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر) وقال: (إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء)، فكانت بذلك الهجرة من أقدار الله الماضية التي أباحها في حالات وأوجبها في حالات.


بذلك تكاملت سورة الأنفال المباركة وتتامَّتْ فيها تشريعات التعايش الآمن بين أصناف الفئات الإيمانية وغيرها داخل الدولة الإسلامية الناشئة موالاة ومسالمة، وتطورات اجتماعية واقتصادية وسياسية وحزبية، في هذه الفترة من نشأتها، وقد تأثرت العلاقات أثناءها داخل الأسرة الواحدة سلبًا وإيجابًا، فتآخى المهاجرون والأنصار فيما بينهم، وتوارثوا بقوة الإيمان، وانقطعت أخوَّة الأرحام، وقاتل الأخ أخاه، والولد والده؛ لاختلاف المعتقد.


وإذ تميز المجتمع المؤمن عن الكافر، وعمَّ الإسلام وقامت دولته، أعاد الحق سبحانه إلى الأسرة لحمتها وتماسُكها وتوارث أعضائها فيما بينهم، وقال تعالى ختامًا لهذه السورة المباركة وفتحًا جديدًا لمرحلة من مراحل تطور المجتمع المسلم: ﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ ﴾؛ أي ذوو الأرحام، القرابات التي أصلها أرحام الأمهات من زواج شرعي ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ في التوارُث والتآزر والحقوق والواجبات التي قررها الله في كتابه وطوقهم بها بقوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، وقوله عز وجل: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11]، امتثالًا لما شرعه الله لهم في الكتاب والسُّنَّة، ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ لا تخفى عليه نواياهم وأقوالهم وأعمالهم دقيقها وجليلها، يحاسبهم ويجزيهم بها.


بهذه التشريعات الربانية استقرت الأسرة المسلمة وسادها الأمن والرضا، واندمجت عضوًا فعالًا في مجتمعها المسلم الإنساني، ودولتها الواحدة الموحدة، ولاؤها لله وحده، لا لمال أو جاه أو عرق أو لون أو أمير أو مأمور، شعارها: ﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ [الأعراف: 196]، على هذا الهدي تسير، وبكتاب الله وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه سلم تسترشد.


وبها أيضًا يتم تفسيري لهذه السورة المباركة بما يسَّره الله وتكرَّم به من عون وسند، أسأله تعالى الستر الجميل، والأجر الحسن الجزيل، وصلاح الحال والمآل، لأهلنا وذريتنا وأمتنا ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286].


لندن، في الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد، سادس ذي الحجة، سنة 1444 من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم (25/ 06/ 2023).


الراجي عفو مولاه: عبدالكريم مطيع الحمداوي الحسني الهاشمي.

 


[1] اللقَاح بِمَعْنى الإلقاح، يُقَال: ألقح الفحلُ النَّاقة إلقاحًا ولقاحًا، وفِي النَّخل يلقحونه؛ أي: يجعلون الذكر في الأنثى وهو التأبير، وفي الريح تلقح النبات، واستعير لبني آدم.
[2] وذلك أن رجلًا من بني أسد أعطاه قيصر القسطنطينية تخويلًا بالملك على العرب، فجاء مكة وأخبر أهلها بذلك مُلوِّحًا لهم بقوة القيصر، فكان جوابهم أن نادى الأسود بن المطلب أبو زمعة في الطواف: "ألا إنَّ قريشًا لَقاح لا تَمْلِك ولا تُمْلَك"، فلم يتم ما أراده القيصر.
[3] قال صلى الله عليه وسلم: (ما بالُ أقوال تَبلغُني عن أقوامٍ؟ إنَّ الله -تبارك وتعالى- خَلَق السمواتِ فاختار العُليا فأسكنها مَن شاء مِن خَلْقه، ثم خَلَق الخَلْق فاختار مِن الخلْق بني آدم، واختار مِن بني آدم العَرَبَ، واختار مِن العرب مُضرَ، واختار مِن مُضر قريشًا، واختار مِن قريش بني هاشم، فأنا مِن بني هاشم، مِن خيارٍ إلى خيارٍ، فمَن أحبَّ العربَ فبحُبِّي أحبَّهم، ومَن أبغض العربَ فبِبُغْضي أبغضَهم)؛ رواه الحاكم في المستدرك.
[4] ياسر بن عامر بن مالك، وقد مات تحت التعذيب في الهاجرة ببطحاء مكة، وسمية أول شهيدة في الإسلام، طعنها أبو جهل بحربة قتلتها، وعمار ابنهما قتلته الفئة الباغية.
[5] شَرَّبَ تَشْرِيبًا، من تَشْرِيب القِرْبَةِ؛ أي: تَطْييبهَا بالطِّينِ أو الشيح إِذَا كَانت جَدِيدَةً.
[6] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أصاب نبي الله صلى الله عليه وسلم خصاصة، فبلغ ذلك عليًّا رضي الله عنه، فخرج يلتمس عملًا يصيب فيه شيئًا ليغيث به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى بستانًا لرجل من اليهود فاستسقى له سبعة عشر دلوًا كل دلو بتمرة، فخيَّره اليهودي من تمره سبع عشرة عجوة، فجاء بها إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة الأنفال كاملة
  • تدبرات في سورة الأنفال
  • مقاصد سورة الأنفال
  • تأملات في سورة الأنفال
  • التوحيد في سورة الأنفال
  • هدايات سورة الأنفال

مختارات من الشبكة

  • تفسير آية: يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • تفسير: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى الأنفال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الأنفال (الحلقة التاسعة) نماذج فريدة من الحزم والشدة واللين والرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الأنفال (الحلقة الثامنة) سياسة السلم والحرب والعهود وفاء أو نقضا أو نبذا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (6) من سورة الأنفال إلى سورة النحل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التفسير الصوتي لسورة الأنفال(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سورة الأنفال كاملة بأسلوب سهل جدا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سورة الأنفال كاملة بأسلوب سهل جدا (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير الربع الأخير من سورة الأنفال كاملا بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب