• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    خطبة: وسائل السلامة في الحج وسبل الوقاية من ...
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

خاتم النبيين (38)

خاتم النبيين (38)
الشيخ خالد بن علي الجريش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/2/2023 ميلادي - 30/7/1444 هجري

الزيارات: 2391

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خاتم النبيين (38)


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على النبي المصطفى الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد:

فمرحبًا بكم في برنامجكم خاتم النبيين وقد تمَّ أيها الكِرام في الحلقة الماضية الحديث عن بعض السرايا التي حدثت في السنة الثامنة، ومنها سرية ذات السلاسل وغيرها، وذكرنا أيضًا كذلك مقدمة عن الفتح المبين فتح مكة، وأيضًا الدروس والعبر من ذلك، ونستكمل في تلك الحلقة خلفيات ذلك الفتح وتفاصيله وخيراته العظيمة، وكان سبب فتح مكة أن خزاعة دخلت في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده، ودخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم، وكان بين القبيلتين خزاعة وبني بكر حروب وعداوات في الجاهلية، فلما جاء الإسلام أمِن كل فريق من الآخر، فبنو بكر لم ينظروا إلى هذا، وأرادوا الأخذ بثأرهم من خزاعة، فخرج من بني بكر نوفل بن معاوية، وخرج معه رجال حتى قدموا على خزاعة ليلًا وهم آمنون، على ماء لهم يُسمَّى الوتير أسفل مكة، وكان منهم المصلي ومنهم النائم، فأصابوا منهم رجالًا، فاقتتلوا حتى بلغوا الحرم، وانطلق رجال من خزاعة هاربين إلى سيد خزاعة بديل بن ورقاء في داره، فتبعهم بنو بكر حتى قتلوا منهم عشرين رجلًا عند باب الدار، وشارك في ذلك أناسٌ من قريش، وكان ذلك في شهر شعبان من السنة الثامنة؛ فندمت قريش على ذلك وذهبوا إلى زعيمهم أبي سفيان يُخبِرونه الخبر، فقال أبو سفيان: إن هذا لشَرٌّ، ووالله ليغزونا محمد؛ لأن خزاعة قد دخلت في عقده وعهده.


ولما انتهى بنو بكر من الأخذ بالثأر، وذلك بقتل هؤلاء من خزاعة خرج عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة حتى قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فوقف على رأسه وهو جالس بين الصحابة رضي الله عنهم، فقال عمرو قصيدته المشهورة:

يا ربِّ إنِّي ناشِدٌ محمدًا
حِلْفَ أَبِيهِ وَأَبِينَا الْأَتْلَدَا

إلى أن قال:

هُمْ بَيَّتُونا بِالْوَتِيرِ هُجَّدًا
وَقَتَّلُونا رُكَّعًا وَسُجَّدَا

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((نصرت يا عمرو بن سالم))، ثم لحق به أيضًا سيد خزاعة بديل بن ورقاء متجهًا إلى المدينة ومعه رجال، فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبروه تفاصيل الحدث والثأر، ثم رجع وفد خزاعة إلى مكة وفي خروجهم إلى المدينة ورجوعهم حصل عند قريش خوف ووجل، وخافوا من سوء صنيعهم فعقدوا مجلسًا استشاريًّا قرروا فيه أن يبعثوا أبا سفيان ليقوم بالاعتذار والصلح، وكان النبي الله عليه وسلم حينها قد قال لأصحابه: ((كأنكم بأبي سفيان قد جاء ليشد العقد)) وفعلًا خرج أبو سفيان إلى المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها، فلمَّا أراد أن يجلس على فِراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته أم حبيبة، فسألها عن طي الفراش، فقالت: هو فِراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت رجل مشرك نجس، فلا أحب أن تجلس عليه، فقال لها: والله، لقد أصابك يا بنية بعدي شرٌّ، ثم خرج أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، اشدد العقد بيننا وبينك، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: ((هل كان من حدث قبلكم؟))، قال أبو سفيان: معاذ الله، لم يحصل شيء، ونحن على عهدنا وصلحنا، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، فلمَّا علم أنه لن يحصل على شيء من النبي عليه الصلاة والسلام ذهب إلى أبي بكر فكَلَّمه أن يشفع عند النبي عليه الصلاة والسلام، فأبى أبو بكر ذلك، ثم كلَّم عُمَرَ، فقال عمر: أأنا أشفع؟ فوالله لو لم أجد إلا الذر لقاتلتكم به، ثم كلَّم عثمان بن عفان فأبى، ثم كلَّم عليًّا، فقال له علي رضي الله عنه: ويحك يا أبا سفيان! إن النبي صلى الله عليه وسلم قد عزم على أمر لا نقدر أن نُكلِّمه فيه؛ فحينئذٍ أظلمت الدنيا في عيني أبي سفيان، ثم ركب واتجه إلى مكة، فلمَّا وصل إلى مكة اجتمعت إليه كِبار قريش، فسألوه، فقال: إن محمدًا أبى أن يقبل شفاعتي، وتتبعت أصحابه بعده فلم أجد أحدًا أطوعَ منهم له، فلم يجز منهم أحد، ثم بعد ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها أن تُهيِّئ له جهازه، ولا تعلم أين يريد، فدخل عليها أبوها أبو بكر رضي الله عنه فسألها: أين يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فصمتت ولم تُجِبْه حتى دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليهما، فقال أبو بكر رضي الله عنه: لعلَّك تريد قريشًا يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((نعم))، فقال أبو بكر: أليس بيننا وبينهم صلح؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألم يبلغك ما صنع بنو كعب؟)) ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأنه سائر إلى مكة، وأمر بالجد والتهيُّؤ، فتجهَّز الناس وتجهَّز أصحاب البوادي حول المدينة حتى قدموا على المدينة، فاجتمع لديه عشرة آلاف مقاتل، وبعد التجهُّز والتهيُّؤ أجمَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المسير إلى مكة لقِتال قريش وفتح مكة، فحينها كتب حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه كتابًا إلى قريش يُخبِرهم بمسير النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، ثم أعطاه امرأة من مزينة، وجعل لها مالًا على أن تبلغه قريشًا، فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فعل حاطب، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا والزبير وأبا مرثد، وكلهم فوارس، فقال: ((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ؛ فإن بها امرأة من المشركين معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين، فأتوني بها))، قال علي رضي الله عنه: فانطلقنا حتى أدركناها حيث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسير على بعير لها، فقلنا لها: أين الكِتاب الذي معك؟ قالت: ما معي كتاب، فأنخنا بعيرها ونظرنا في رحلها فلم نجد شيئًا، فقال صاحباي: ما نرى معها كتابًا؟ فقال علي رضي الله عنه لهما: لقد علمتما ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال عليٌّ للمرأة: لئن لم تُخرجي الكِتاب لاجردَّنك، فأهوت المرأة إلى حجزتها- وهي معقد الإزار- فأخرجت الكتاب، وقيل: أخرجته من ضفائر رأسها، فانطلقنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام لحاطب: ((يا حاطِبُ، ما حملك على ما صنعت؟))، فقال حاطب رضي الله عنه: لا تعجل عليَّ يا رسول الله، والله ما فعلته رِضًا بالكُفْر أو ارتدادًا؛ ولكن من كان معك من المهاجرين لهم نسب يحمون به قرباتهم في مكة، وأمَّا أنا فليس لي أحد يحميهم، فأردت أن أتخذ عندهم يدًا يحمون بها قرابتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمَا أنه قد صدقكم)) فقال حينها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله، دَعْني اضرب عنقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه قد شَهِدَ بَدْرًا، وما يُدْريك لعَلَّ الله اطَّلَع على أهل بَدْر))، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم، فدمعت عينا عمر رضي الله عنه، وقال: الله ورسوله أعلم، وأنزل الله عز وجل قوله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾؛ الآية الأولى من سورة الممتحنة.


ثم بعد نزول تلك الآية وحصول هذه الحادثة أجمع النبي صلى الله عليه وسلم على الخروج إلى قريش ومقاتلتهم، فمتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم؟ وما الذي حصل له في طريقه من أحداث؟ وكيف أسلم بعض الزعماء قبل وصوله إلى مكة؟ هذا وغيره ما سنعرفه بإذن الله تعالى في الحلقة القادمة، ونختتم حلقتنا هذه بالدروس والعِبَر التالية:

الدرس الأول: في قتل بني بكر لخزاعة شرٌّ كبيرٌ، وهو أمر تكرهه أنفس المسلمين؛ ولكنه كان سببًا لخير عظيم، وهو فتح مكة وما تبعها؛ حيث أسلم كثيرٌ من أهلها ومن حولهم، ولنعلم جميعًا أيها الكِرام أن المقادير التي تحصل لنا وتكرهها نفوسُنا قد يوجد في ثناياها خيرٌ عظيمٌ، والله عز وجل يقول: ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، فإذا حصل لك أخي الكريم ما تكره فلا تجزع وقل في نفسك: لعل فيه خيرًا لا أعلمه؛ فستهدأ نفسُك، ويطيب خاطرُك، ويزداد إيمانُك بقدر الله عز وجل، وتأمَّل أيضًا وجوه الخير فيه، ولو كان وجهًا واحدًا، فهذا ممَّا يُسلِّيك ويدفع عنك الاستعجال بأقوال وأفعال غير مشروعة.


الدرس الثاني: عندما ذهبت خزاعة إلى المدينة تستنجد بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم دخلوا في عقده، وكانت قريش قد علمت بذلك، حصل لقريش من الرعب والخوف والارتباك الشيء الكثير، وهكذا صاحب الباطل يخشى كل دائرة عليه، ولا يهدأ قلبه، وقد قال الله تعالى في المنافقين: ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [المنافقون: 4] فصاحبُ الحقِّ ثابتٌ بتثبيت الله تعالى له، وأمَّا صاحبُ الباطل فهو متذبذب؛ لأنه ليس على الفطرة، وليس له أساس يصونه ويؤوي إليه.


الدرس الثالث: عندما جاء أبو سفيان إلى المدينة ليُقابِل النبي صلى الله عليه وسلم في تمديد مدة الصُّلْح دخل على ابنته أم حبيبة رضي الله عنها وهي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو سفيان حينها كان مُشْرِكًا، فرفعت أم حبيبة رضي الله عنها فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يجلس عليه أبوها، فلمَّا سألها قالت: إنك رجل مشرك نجس، وإن هذا فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتأمَّل أخي الكريم كيف عاملت أم حبيبة رضي الله عنها أباها أبا سفيان بهذه البراءة؟ مع أنه أبوها، فلم تتسامح معه وقد جاء مسافرًا، وقد غاب عنها مدة من الزمن لم يلتقيا، فلم تجامله وترِقَّ له، فإذا استقرَّ الإيمان في القلب عَظُمَ الولاء والبراء، وصارت المحبَّة والمودَّة مبنيةً على أساس الدين، ولا مجاملة في ذلك حتى ولو كان أبًا أو غيره، فرضي الله عن أم حبيبة رضي الله عنها، فقد ضربت بهذا مثلًا رائعًا، فإن موقف المسلم من الكافر هو البراء التام إلَّا في دعوته إلى الإسلام، فليعمل على المداراة معه لعله أن يسلم، وأمَّا مع المسلم العاصي فيُواليه على ما عنده من الطاعة ويبغضه على ما عنده من المعصية مع أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وفي قول الله تبارك وتعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ [المائدة: 51] هذا نهيٌ كبيرٌ عن موالاة الكُفَّار، وهذا خطر عظيم وجسيم وإن كان ظاهره كُفْر مَن تولاهم؛ لكن أقل درجاته التحريم كما قال ذلك أهل العلم، فلنتأمَّل ذلك كثيرًا لتصلُح أحوالُنا وقلوبُنا وتثبت أقدامُنا.


الدرس الرابع: سوء مغبَّة الخيانة وضررها، فماذا لو وصلت تلك المرأة إلى قريش؟ وعلمت قريش بما معها من الكِتاب؛ لحصل على المسلمين ما لا تُحْمَد عُقْباه، فالخيانة في كل أصنافها وأشكالها هي سلبية، ومن ذلك الفساد المالي والوظيفي، وأخذ الرشاوى، وأكل المال بالباطل، وتسريب المعلومات للأعداء، ونحو ذلك، فإن هذا كله مضرته قد تكون الجماعة كلها، فيا ليت ذلك الخائن للجماعة في أي مجال كان يعلم أن ما يأخذه من مال أو نحوه إنما هو سُحْتٌ ينبت به جسمه، وأنه محاسب عليه، فإن كان المال المأخوذ لبيت المال فإن كل من يستفيد من بيت المال سيكون خصمه يوم القيامة، وأمَّا إن كان المال المأخوذ شخصيًّا فإن هذا المال لشخص سيُلاقيه عند الله تعالى، ويُخاصمه في يوم لا معاملة فيه إلا الحسنة والسيئة، فمتى يفيق أولئك الذين يأكلون الأموال العامة والخاصة بغير حقٍّ خيانةً في أعمالهم؛ ولكن لعلهم يتذكَّرون، ولعلهم يرجعون، ولعلهم يتُوبُون.


الدرس الخامس: في قصة حاطب رضي الله عنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في مكان المرأة، وهذا معجزةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم أخبر اللهُ بها نبيَّه، وهذا من حفظ الله تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم وأوليائه ونصرتهم، فلم يأتِ بخبرِها أحدٌ من البشر؛ بل إن خبر السماء نزل على محمد عليه الصلاة والسلام، وهذه المعجزات هي مقويات ومثبتات للمؤمن.


الدرس السادس: بيان غيرة عمر رضي الله عنه ورِقَّة قلبه؛ فمن غيرته أنه طلب أن يؤذن له بضرب عنق حاطب؛ لأجل فعله هذا، وكذلك رقة قلبه عندما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل بَدْر دمعت عيناه، فسبحان من جمع فيه هاتين الخصلتين، وهما الغيرة والرقة!


وهذا شأن المؤمن يغار لدين الله عز وجل؛ ولكن إذا عرف الحق التزمه ولزمه، إن الغيرة هي أمر يمكن أن يكتسبه المسلم، فعندما يرى منكرًا يعلم أنه مسؤول عن هذا المنكر، ولا ينبغي أن يكون في حالة من الجمود عند رؤيته للمنكر، فإذا علم أنه مسؤول عن هذا المنكر فإن هذا العلم والإحساس يزرع عنده الغيرة على المحارم؛ إذ إنه إذا أنكر سلم وبرأت ذمته، وإذا لم ينكر فهو مسؤول عن ذلك أمام الله تعالى، فلا بُدَّ له من أحد الموقفين، فإذا جعل الإنكار سجيةً له أورثه ذلك الغيرة على محارم الله عز وجل؛ ولكن هذا الإنكار يجب أن يكون مُتَّصفًا بالعلم والحلم والحكمة والرِّفْق؛ حتى يتحقَّق الهدف وليس المقصود من الإنكار هو براءة الذمة فقط، وإنما المراد هو الصلاح والإصلاح.


الدرس السابع: في قصة حاطب قوة إيمان علي رضي الله عنه، فعندما أنكرت المرأة عندما نظروا في متاعها ولم يجدوا شيئًا، قال عليٌّ قولتَه المشهورة: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا، لتخرجن الكِتاب أو لنجردَن الثياب، فلما رأت الجد منهم أخرجته، فعليٌّ رضي الله عنه كان يحمل يقينًا لا شَكَّ فيه.


الدرس الثامن: أنه على من فعل خطأ ثم عُوتِب فيه عليه ألا ينكر؛ حتى لا يجمع على نفسه سيئتين وخطيئتين، فالبعض يبرر لنفسه فعل الخطأ إذا أخطأ، وكأنه لم يخطئ، فالاعتراف بالخطأ هو طريق لسلامة الأنفس وغفرانها لهذا الخطأ، وهو أيضًا تنازُل من صاحب الخطأ إلى تعديل سلوكه إلى الصواب، وأمَّا واقع بعض الناس يحاول أن يجعل الصواب معه دائمًا بتبرير أخطائه، فإن الناس تنفر عنه حينئذٍ ولا تثق به، وربما ابتعدت عنه، وعلى مَن اعتذر عن خطئه أن يقبل الناس عذره، وأن يُشجِّعُوه على التزامه الصواب واجتناب الخطأ.


الدرس التاسع: إنَّ حاطبًا ممَّن شهد بَدْرًا، وهو من المهاجرين الأوَّلين، وهو ممَّن اطَّلَع على الأسرار؛ ولكن فعله هذا يدل على ضعف النفس البشرية مهما كان كمالها وقوَّتُها، ولا عاصم من ذلك الضعف إلا الله عز وجل، فلا نطالب أنفسنا بعدم الخطأ؛ لأن الخطأ من طبيعة النفس البشرية؛ لكن إذا أخطأوا لنشعرهم بذلك الخطأ لنجعل ذلك الشعور سلوكًا مع من نتعامل معهم كثيرًا؛ كالأولاد والزوجات والأقارب والجيران وزملاء العمل ونحوهم، فنشعرهم بخطئهم إذا أخطأوا، ونقبل عذرهم إذا صدقوا واعتذروا.


الدرس العاشر: لم يستعجل النبي صلى الله عليه وسلم مع حاطب بعقوبة أو بتأديب حتى استفهم منه وسأله عن فعله ذلك، فإذا أخطأ أحد على أحد فلنستفهم عن الخطأ ولنستفسر قبل أي إجراء نتخذه سواء كان الإجراء قوليًّا أو عمليًّا أو حتى كان قلبيًّا، فإن الأخطاء يكون وراءها أشياء كثيرة من سوء الفهم أو الجهل أو الندم بعدها مباشرة.


إن هذا التفاهُم مع المخطئ يبني المجتمع على سلوك وتفاهم راقٍ وعدم تكرار للخطأ، فما أحوجنا إلى هذا التعامل حتى نختصر الكثير على أنفسنا! وعلى المخطئين فنسلم وأيضًا كذلك يسلمون.


الدرس الحادي عشر: فضيلة أهل بَدْر حيث ورد فيهم ((اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) فهذه منقبة للبَدْريِّين شفعت لحاطب على تلك السيئة التي فعلها، وهذا فيما ليس فيه حَدٌّ في الشريعة، أمَّا ما كان فيه في الشريعة فإنه يقام كما أقام النبي صلى الله عليه وسلم الحَدَّ على مِسْطح وجلَدَه عندما قذف عائشة رضي الله عنها مع أن مِسْطحًا ممَّن شهِدَ بَدْرًا.


الدرس الثاني عشر: التوجيه القرآني للأحداث التي تحدُث في عصر النبوة، فإنَّ الله عز وجل يرشد نبيَّه صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين في شتَّى أحوالهم التي يحتاجون فيها إلى ذلك، فيأتي القرآن مُبينًا القضية وملابساتها وحكمها، وذلك كحالة الظِّهار وحالة اللِّعان ونحوهما، وذلك لتكون الأُمَّة المسلمة تسير على خُطًى ثابتة بشريعة محكمة معصومة من عند الله عز وجل، وكما قد سمعتم معاشر الكِرام هذه هي السيرة، كلها دروس، وكلها عِبَرٌ، وكُلُّها أيضًا حِكَمٌ وأحكامٌ، فما أجمل أن يكون لكل واحدٍ مِنَّا نصيبٌ من هذه السيرة قراءةً ومناقشةً وكتابةً حتى ولو كانت عن طريق السؤال والجواب والمسابقات للأولاد وغيرهم، لنتعرَّف جليًّا على سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم وذلك علم نتقرَّب به إلى الله تبارك وتعالى فسنعلم من خلال هذه الدراسة وتلك المناقشة، سنعلم الأحكام الفقهية، ونعلم الأمور التربوية، ونُصحِّح المسارات السلوكية، ونعلم المعجزات النبوية، وهكذا نعلم العلم الكثير من خلال دراسة هذه السيرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، اللهم علِّمْنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمْتنا، واجعل يا رحمن ما وهَبْتَنا من عِلْمٍ وحفظ وفَهْم حُجَّةً لنا لا حُجَّةً علينا، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خاتم النبيين (33)
  • خاتم النبيين (34) أحداث وقعت بعد غزوة خيبر
  • خاتم النبيين (35) أحداث السنة الثامنة من الهجرة
  • خاتم النبيين (36) أحداث غزوة مؤتة
  • خاتم النبيين (37)
  • خاتم النبيين (39)
  • خاتم النبيين (40)
  • خاتم النبيين (41)
  • خاتم النبيين (42) أحداث السنة التاسعة من الهجرة
  • خاتم النبيين (43) حجة الوداع
  • خاتم النبيين (45) شيء من هديه عليه الصلاة والسلام

مختارات من الشبكة

  • خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • خاتم النبيين (لا نبي بين محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم لأصول الدين لشيخ الإسلام ابن تيمية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خاتم النبيين (44)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبودية خاتم النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • خاتم النبيين (32) أحداث السنة السابعة من الهجرة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/12/1446هـ - الساعة: 8:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب