• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

رفع الحجر عن البكر الرشيدة

رفع الحجر عن البكر الرشيدة
أ.د. علي حسن الروبي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/11/2022 ميلادي - 13/4/1444 هجري

الزيارات: 5180

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسائل فقهية متعلقة بالمرأة (6)

رفع الحجر عن البكر الرشيدة

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فنتناول في هذه المقالة مبحثَ رفع الحَجْر عن البِكْر الرشيدة، لكن بعد تقدمة إيضاحية لا بد منها.

 

تمهيد وتوطئة:

المرأة كالرجل في كونها تتمتع بأهلية الوجوب وأهلية الأداء، وقد تتعرض أهليتها لعارضٍ من عوارض الأهلية التي تكون سببًا في الحجر على المرأة؛ مثل: السفه والجنون والعته، لكن هذه العوارض تتشارك فيها المرأة مع الرجل، وليست مختصة بالمرأة؛ فلا تعد "الأنوثة سببًا لعوارض تختص بالمرأة، وتقيد أهليتها للتصرف في مالها غير ما يقيد به أهلية الرجل... وللمرأة استقلالها المالي وأهليتها الكاملة للتصرف في أموالها، وليس لأقرباء المرأة - مثل أبيها أو زوجها - سلطة على مالها، إذا بلغت عاقلة رشيدة، ولم يطرأ عليها أحد أسباب الحَجْرِ"[1].


وقد جاء في نصوص الكتاب والسنة من الأدلة ما يشير إلى تمتع المرأة بما يتمتع به الرجل من حرية التعاقدات المالية؛ كالبيع والشراء والإجارة ونحوها، وحرية التبرعات؛ من وصية وهِبة ووقف ونحو ذلك، ما دامت لم تَعْتَوِرْها عوارض الأهلية المعروفة، ونكتفي في هذا التمهيد بالإلماح إلى تلك الأدلة، تاركين التفصيل والاستقصاء إلى موضعه في المباحث القادمة:

فمن أدلة الكتاب الكريم قوله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 12].


ففي الآية تصريح بجواز وصية المرأة، وأن تنفيذ وصيَّتها مقدَّم على قسمة تركتها، وهذا دليل على أهليتها في إجراء التصرفات المالية[2].


جاء في التحرير والتنوير: "وأعقبت فريضة الأزواج بذكر ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 12]؛ لئلا يتوهم متوهِّم أنهنَّ ممنوعات من الإيصاء ومن التداين، كما كان الحال في زمان الجاهلية"[3].


ومن ذلك قوله تعالى ذكره: ﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ﴾ [الطلاق: 6].


قال ابن كثير: "أي: إذا وضعن حملهن وهن طوالق، فقد بِنَّ بانقضاء عدتهن، ولها حينئذٍ أن ترضع الولد، ولها أن تمتنع منه... فإن أرضعت استحقت أجرَ مثلها، ولها أن تُعاقِدَ أباه أو وليَّه على ما يتفقان عليه من أجرة"[4].


فدلَّت الآية على أن المرأة تصلح أن تكون طرفًا في عقد إجارة الرضاع، وسائر عقود الإجارة المباحة تُقاس عليه، سواء كانت هي من تقدِّم المنفعة أو من تُقدَّم لها المنفعة[5].


ومما جاء في السنة النبوية ما رواه كريب مولى ابن عباس: ((أن ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أخبرته أنها أعتقت وليدةً، ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه، قالت: أشعرتَ يا رسول الله أني أعتقت وليدتي؟ قال: أو فعلتِ؟ قالت: نعم، قال: أمَا إنك لو أعطيتِها أخوالكِ كان أعظمَ لأجركِ))[6].


وبوَّب الإمام البخاري لذلك بعنوان: "هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج فهو جائز إذا لم تكن سفيهة، فإذا كانت سفيهة لم يجُزْ"[7].


قال ابن حجر ذاكرًا وجه مطابقة الحديث لترجمة البخاري أن ميمونة رضي الله عنها "كانت رشيدة، وأنها أعتقت قبل أن تستأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يستدرك ذلك عليها، بل أرشدها إلى ما هو الأولَى، فلو كان لا ينفذ لها تصرف في مالها، لأبطله"[8].


وفي السنة أيضًا قصة مكاتبة بريرة رضي الله عنها، ورغبة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في شرائها من أهلها، وفيها ما يدل على أن المرأة لها أهلية للبيع والشراء ونحو ذلك من التصرفات، وقد ذكر البرماوي في شرحه على صحيح البخاري أن من فوائد حديث بريرة: "جواز تصرف المرأة الرشيدة في مالها بالشراء، أو الإعتاق، وغيرها"[9].


فللمرأة أن تمارسَ التعاقدات المختلفة من بيوع وإجارة ونحو ذلك؛ ذلك أنه إذا ثبت "أن التملك حق للمرأة كما هو حق للرجل دون تفريق، فذلك يستلزم أن مصادر الملكية بالنسبة لهما واحدة، ومن المعلوم أن مصادر الملكية إحراز المباحات والعقود المالية، والتولد من المملوك والخليفة – أي: الميراث - والهبات وما في حكمها من الصدقات، فهذه المصادر هي مصادر التملك لكل من الرجل والمرأة على السواء"[10].


ولا يعكر على ذلك عدم تنصيص الفقهاء في كل عقد أن المرأة كالرجل في حرية إجرائه؛ ذلك أن الفقهاء "لم يَرَوا حاجةً للنص في كل عقد أو تصرف ماليٍّ على أن المرأة كالرجل في أهلية إجراء هذا العقد أو التصرف؛ اكتفاء منهم بأن المرأة تتمتع بأهلية الوجوب والأداء كالرجل تمامًا، فتكون لها أهلية إجراء التصرفات المالية كالرجل"[11].


ولكنْ هناك مسألتان تتعلقان بحرية التصرف المالي للمرأة وقع التنازع فيهما بين الفقهاء؛ وهما:

• رفع الحجر المالي عن البكر الرشيدة.

• تبرع المرأة المتزوجة بمالها بغير إذن زوجها.

وهذا ما سنتناوله في هذه المقالة والتي تليها بإذن الله.


رفع الحجر عن البكر الرشيدة

لا خلاف بين الفقهاء في كون الصغر سببًا من أسباب الحَجْرِ على الإنسان في التصرفات المالية، كما أنهم لا يختلفون كذلك في أن الصغير إذا كان ذكرًا وبلغ رشيدًا، فإن الحجر يرتفع عنه.


ووقع الخلاف بينهم فيما إذا كان الصغير المحجور عليه أنثى: في أي وقت يرتفع الحجر عنها؟ وهل هي كالذكر في ارتفاع الحجر عنها بالبلوغ، أو لها أحكام تخصها؟


وحاصل اختلافهم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن الأنثى كالذكر يرتفع الحجر عنها إذا بلغت رشيدة؛ وهو قول الجمهور من الحنفية[12]، والشافعية[13]، والحنابلة[14].


القول الثاني: أن الأنثى لا يرتفع الحجر عنها حتى تبْلُغَ، ويدخل بها زوجها ويشهد العدول على صلاحها؛ وهو قول المالكية[15][16].


القول الثالث: أن الأنثى لا يرتفع الحجر عنها حتى تبلغ رشيدة مع ضميمة أخرى؛ وهي: أن تتزوج وتلد، أو تقيم في بيت زوجها سنة؛وهو قول أحمد في رواية عنه، وهو المروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبه قال شريح، والشعبي،وإسحاق، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعطاء، ومجاهد، وقتادة،والأوزاعي[17].


أدلة الأقوال:

استدل كل فريق لِما ذهب إليه بأدلة من المنقول والمعقول.


أدلة القول الأول:

أولًا: الكتاب:

1- قوله تعالى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 6].


ففي الآية دليل على أن اليتيم - ذكرًا كان أو أنثى - متى ما بلغ النكاح، وأُونس منه الرشد، فيسلم إليه ماله، بلا تعليق لذلك على أمر آخر من تزويج أو غيره.


"فإذا أُونس منها الرشد دُفع إليها مالها، تزوجت أم لم تتزوج، كما يُدفع إلى الغلام نكح أو لم ينكح؛ لأن الله تبارك وتعالى سوَّى بينهما في دفع أموالهما إليهما بالبلوغ والرشد، ولم يذكر تزويجًا"[18].


وقال ابن قدامة: "وهو ظاهر في فك الحَجْرِ عنهم وإطلاقهم في التصرف"[19].


2- وقوله تعالى: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 12].

 

ووجه الدلالة: "أنه لم يفرِّق بين البِكْرِ والثَّيِّب في الوصية، ولا بين ذاتِ زوج وغيرها"[20].


ثانيًا: السُّنَّة:

ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((حفِظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يُتْمَ بعد احتلام))[21].


ففي هذا الحديث جعل الاحتلام كالحد الفاصل بين جريان أحكام الحجر على اليتيم، وبين انفكاك الحجر عنه.


قال المناوي: "أشار إلى أن حكم اليتيم جارٍ عليه قبل بلوغه من الحجر في ماله، والنظر في مهماته، وكفالته، وإيوائه، فإذا احتلم وكانت حالة البلوغ استقلَّ، ولا يسمى باليتيم"[22][23].


وقال ابن رسلان: "أي: إذا بلغ اليتيم أو اليتيمة زمن البلوغ الذي يحتلم فيه غالب الناس، زال عنهما اسم اليتيم حقيقة، وجرى عليهما حكم البالغين، سواء احتلما أو لم يحتلما"[24].


ثالثًا: المعقول:

ويقوم ذلك على أمرين:

الأول: عدم الفرق المؤثر بين الجارية الرشيدة وبين الغلام الرشيد.


الثاني: عدم الفرق المؤثر بينها وبين المرأة المتزوجة.


أما عن عدم الفرق المؤثر بينها وبين الغلام الرشيد؛ فلأنها "يتيم بلغ وأُونس منه الرشد، فدُفع إليه ماله كالرجل"[25].


كما أن "من استحق تسليم ماله إليه، استحق جواز تصرفه فيه كالغلام"[26].


بل ربما كان الداعي لتمليكها مالَها قبل التزويج أولى من الداعي لتمليك الغلام ماله قبل التزويج؛ ذلك أن:

"الجارية قبل التزويج أشحُّ لما تحتاج إليه من مؤنة جهازها ونفقة نفسها، وبعد التزويج أسمح لسقوط الجهاد عنها ووجوب النفقة على زوجها، والغلام ضدها؛ لأنه قبل التزويج أسمح لقلة مؤونته، وبعد التزويج أشح لكثرة مؤونته، فلما جاز فك الحجر عن الغلام قبل التزويج في أسمح حاليه، فأولَى أن يفك حجر الجارية قبل التزويج في أشح حاليها"[27].


وأما عن عدم الفرق بينها وبين ذات الزوج؛ فلأن المرأة إذا بلغت رشيدة لا فرق في موجب أهليتها (البلوغ والرشد) عن المرأة ذات الزوج، وكما يجوز لذات الزوج التصرف في مالها، فكذلك يجوز لتلك البالغة الرشيدة التصرف في مالها[28].


ويُقال كذلك: إن "ما انفك به الحجر بعد التزويج انفك به حجر الجارية كالمزوَّجة".


أدلة القول الثاني:

بنى المالكية مذهبهم في هذه المسألة هذه على نظر عقليٍّ؛ وهو: أن الشارع لمَّا أمر برفع الحجر عن الصغير، جعل ذلك معلقًا على أمرين؛ وهما: البلوغ، وإيناس الرشد، وبالنسبة للأنثى، فإن "إيناس الرشد لا يتصور من المرأة إلا بعد اختبار الرجال"[29].


ويعللون ذلك بأن المقصود من إيناس الرشد هو معرفة المصالح والمضارِّ المتعلقة بالمال، وقبل التزويج "يكون الجهل والنقص في المعرفة حاصلَيْنِ"[30].


فهم يَرَون أن البكر لكونها محتجبة عن مخالطة الناس قبل الزواج، فلا فرصة عندها للعلم بأمور البيع والشراء وتصريف الأموال، لكنها إذا "تزوجت ودخل إليها الناس، وخرجت وبرز وجهها عرفت المضار من المنافع"[31].


وفي هذا يقول ابن يونس المالكي:

"إن من شأن الأبكار الاستتارَ، وقلة التصرف، والبيع والشراء؛ لأن ذلك يؤدي إلى ألَّا يرغب فيهن الأزواج، وإذا لم تخبُر الرجال والمعاملات لم تعرف إصلاح المال ووجوه الغبن، فكان الحجر عليها مستصحبًا حتى إذا دخل بها الزوج، وعرفت الرجال والمعاملات، وعرف ضبطها للمال زال الحجر عنها"[32].


وقد استدل المالكية أيضًا على مذهبهم بقياس الحجر عليها في التصرف المالي على الحجر عليها في النكاح؛ وذلك أن للأب سلطة تزويج ابنته البكر دون إذنها[33]، وهو نوع من الحجر، فلا حرج أن يعم ذلك الحجر التصرفات المالية للمرأة قبل الزواج[34][35].


ونُوقش هذا القياس بوجود الفارق، فإن اختبارها لمصالح النكاح لا يتأتى إلا بالمباشرة، وهي متعذرة، بخلاف مباشرة المعاملات المالية من بيع وشراء وغيره، فإن اختبارها بالمباشرة متيسر غير متعذر؛ فلا تُقاس تلك على هذه[36].


أدلة القول الثالث:

استدل أصحاب هذا القول بما جاء عن شريح أنه قال: "عهِد إليَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ألَّا أُجِيزَ لجارية عطيَّةً حتى تلد ولدًا، أو تحول في بيتها حولًا"[37].


وفي لفظ: "عهد إليَّ عمر ألَّا أجيز هبةً مملَّكة حتى تحول في بيتها حولًا، أو تلد بطنًا"[38].


قالوا: فهذا قول صحابي ولا يُعرف له مخالف فيكون إجماعًا[39].


ونُوقشت هذه الدعوى بأن هذا الأثر لم يُعلَم انتشاره في الصحابة، وعليه فلا ينبغي أن يُترك به الكتاب والقياس[40].


ويقال أيضًا: إن أثر عمرَ مختص بمنعها من العطية فلا يلزم منه المنع من تسليم مالها إليها ومنعها من سائر التصرفات؛ ولذا فإنه حتى الإمام مالك لم يعمل به"[41].


والذي يظهر أن هذا القول[42] فيه مخالفة للكتاب، فإن القرآن اشترط إيناس الرشد، وهذا القول لم يشترطه، وفيه مخالفة للقياس؛ فلكون إيناس الرشد ممكنًا قبل تلك المدة التي اشترطوها[43].


القول المختار:

المختار في هذه المسألة هو مذهب الجمهور، وأن البكر الرشيدة ينفك عنها الحجر بالبلوغ والرشد، ولا فرق بينها وبين الغلام؛ وذلك لقوة أدلة الجمهور وموافقتها للمنقول والمعقول، ولأن التفريق بين الجارية والغلام في انفكاك الحجر ليس له مستند صحيح من كتاب أو سنة أو قياس، وأن ما علقوا عليه انفكاك الحجر من الدخول بالمرأة أو بقائها عامًا في بيت زوجها، لا يصلح أن يكون ضابطًا صحيحًا يُعلَّق الحكم عليه، فإن المرأة قد تتعلم أمور البيع والشراء وتُحسِن ذلك قبل الزواج، لا سيما في هذه الأزمان المتأخرة التي صارت الأنثى تخرج للدراسة والتعلم من صغرها مثل الذكر، وأيضًا ففي أزماننا هذه صار تأخر سن الزواج ظاهرة اجتماعية، وفي منع المرأة من مالها حتى تتزوج - وقد لا تتزوج مطلقًا[44]- ظلم لها، ومنع لها من مالها، دون دليل شرعي صحيح.



[1] الذمة المالية للمرأة في الفقه الإسلامي، أيمن أحمد محمد نعيرات، (ص 66)، وانظر: المفصل في أحكام المرأة المسلمة (10/ 333).

[2] انظر المفصل في أحكام المرأة (10/ 336).

[3] التحرير والتنوير لابن عاشور (4/ 263).

[4] تفسير ابن كثير (8/ 153).

[5] انظر: المفصل في أحكام المرأة (10/ 336).

[6] أخرجه البخاري، باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها، (3/ 207) ح 2590، مسلم، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين (3/ 79) ح 2364، أحمد (44/ 400) ح 26817.

[7] صحيح البخاري (3/ 207)

[8] فتح الباري لابن حجر (5/ 219).

[9] اللامع الصبيح للبِرْماوي (3/ 229).

[10] المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني.

[11] المفصل في أحكام المرأة (10/ 338).

[12] أحكام القرآن للجصاص (2/ 352)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني (7/ 170)، مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (2/ 341).

[13] الحاوي الكبير للماوردي (6/ 353)، نهاية المحتاج للرملي (4/ 357).

[14] المغني لابن قدامة (4/ 560)، الشرح الكبير لعبدالرحمن المقدسي (4/ 517).

[15] الجامع لمسائل المدونة لابن يونس (17/ 645)، مواهب الجليل للحطاب (6/ 646)، الذخيرة للقرافي (8/ 228).

[16] جاء في مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل (6/ 646):

"وذكر في المقدمات في ذلك قولين: أحدهما: أن أفعالها جائزة، وهو قول سحنون في العتبية، وقول غير ابن القاسم في المدونة، ورواية زياد عن مالك، والثاني: أن أفعالها مردودة ما لم تعنس، أو تتزوج ويدخل بها زوجها، وتقيم معه مدة يُحمل أمرها فيها على الرشد.

وقد اختُلف في هاتين اختلافًا كثيرًا؛ فقيل في ذات الأب: إنها تخرج بالحيض من ولاية أبيها، وقيل: إنها لا تخرج بها حتى تتزوج ويمر بها عام ونحوه بعد الدخول، وقيل: عامان، وقيل: سبعة، وقيل: لا تخرج، وإن طالت إقامتها مع زوجها حتى يشهد العدول على صلاح حالها، وقيل: تخرج بالتعنيس، وإن لم يدخل بها زوجها.

واختلف في حد تعنيسها، فقيل: أربعون، وقيل: من خمسين إلى ستين، وقيل: أفعالها جائزة بعد التعنيس إذا أجازها الولي؛ فهذه سبعة أقوال، وقيل في اليتيمة المهملة: أن أفعالها بعد البلوغ جائزة، وقيل: لا تجوز حتى يمر بها بعد الدخول العامُ ونحوه، أو العامان ونحوهما، وقيل: الثلاثة الأعوام ونحوها، وقيل: حتى تدخل، ويشهد العدول على صلاح حالها، وقيل: إذا عنست، وإن لم تتزوج، واختُلف في هذه من الثلاثين سنة ومما دون الثلاثين إلى الخمسين والستين، وهو انقطاع الحيض؛ فهذه ستة أقوال، ويتخرج فيها قول سابع؛ وهو أن تجوز أفعالها بمرور سبعة أعوام من دخولها، والمشهور في البكر ذات الأب: أنها لا تخرج من ولاية أبيها"؛ [انتهى].

وجاء في بداية المجتهد ونهاية المقتصد (4/ 63):

"لأصحاب مالك في هذا أقوالٌ غير هذه، قيل: إنها في ولاية أبيها حتى يمر بها سنة بعد دخول زوجها بها، وقيل: حتى يمر بها عامان، وقيل: حتى تمر بها سبعة أعوام.

وحجة مالك: أن إيناس الرشد لا يتصور من المرأة إلا بعد اختبار الرجال، وأما أقاويل أصحابه فضعيفة مخالفة للنص، والقياس.

[17] انظر في عزو هذه الأقوال إليهم مصنف ابن أبي شيبة (6/ 412)، المحلى بالآثار (7/ 182)، والشرح الكبير على متن المقنع (4/ 517).

[18] مختصر المزني (8/ 203)، أحكام القرآن للجصاص (2/ 216).

[19] المغني (4/ 560).

[20] مختصر اختلاف العلماء (2/ 341).

[21] أخرجه أبو داود في سننه، باب ما جاء متى ينقطع اليتم (3/ 74) ح 2875، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 14) ح 3502، والبيهقي في السنن الكبرى، باب البلوغ والاحتلام (6/ 57) ح، والحديث قد أعله العقيلي، وعبدالحق، وابن القطان، والمنذري، وغيرهم، كما ذكر ابن حجر في التلخيص الحبير، ط قرطبة، (3/ 217).

وقد حسَّنه النووي في الأذكار (1/ 349) متمسكًا بسكوت أبي داود عنه كما ذكر ذلك العجلوني في كشف الخفاء (2/ 456)، قال: "لا سيما ورواه الطبراني في الصغير عن علي أيضًا، بل له شواهد عن جابر وأنس وغيرهما".

قال ابن حجر: "وفي الباب حديث حنظلة بن حنيفة عن جده، وإسناده لا بأس به، وهو في الطبراني، وغيره، وعن جابر رواه ابن عدي في ترجمة حزام بن عثمان وهو متروك، وعن أنس"؛ [التلخيص الحبير، ط قرطبة، (3/ 217)].

وقد صحح الألباني حديثَ عليٍّ في إرواء الغليل (5/ 79) ح (1244)، وحديث حنظلة في السلسلة الصحيحة (12/ 13) ح 3180.

[22] فيض القدير شرح الجامع الصغير (6/ 575).

[23] فائدة:

قال الزمخشري في الكشاف: "وحقُّ هذا الاسم - يعني اليتيم - أن يقع على الصغار والكبار لبقاء معنى الانفراد عن الآباء، إلا أنه قد غلب أن يُسموا به قبل أن يبلغوا مبلغ الرجال، فإذا استغنوا بأنفسهم عن كافل وقائم عليهم وانتصبوا كفاة يكفلون غيرهم ويقومون عليهم، زال عنهم هذا الاسم، وكانت قريش تقول لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "يتيم أبي طالب"، إمَّا على القياس، وإمَّا حكاية للحال التي كان عليها صغيرًا ناشئًا في حجر عمه توضيعًا له، وأمَّا قوله عليه السلام: ((لا يُتْمَ بعد الحلم))، فما هو إلا تعليم شريعة لا لغة، يعني أنه إذا احتلم لم تجرِ عليه أحكام الصغار"؛ [تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (1/ 463، 464)].

[24] عون المعبود وحاشية ابن القيم (8/ 54).

ثم أضاف ابن رسلان قائلًا:

"وقد يطلق عليهما مجازًا بعد البلوغ، كما كانوا يسمون النبي صلى الله عليه وسلم وهو كبير يتيم أبي طالب؛ لأنه رباه".

[25] المغني (4/ 560).

[26] الحاوي الكبير للماوردي (6/ 354).

[27] نفس المرجع (6/ 353).

[28] المغني لابن قدامة (4/ 560).

[29] بداية المجتهد لابن رشد (4/ 63).

[30] الذخيرة للقرافي (8/ 228).

[31] تفسير القرطبي (5/ 29).

[32] الجامع لمسائل المدونة (17/ 645).

[33] تزويج الأب ابنته البكر البالغ بغير إذنها هو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية وإحدى الروايتين عن أحمد، وإليه ذهب ابن أبي ليلى وإسحاق، وذهب الحنفية والأوزاعي والثوري وأبو ثور وأبو عبيد وابن المنذر وأحمد في الرواية الثانية إلى أنه ليس للأب إجبار ابنته البالغة على الزواج؛ [انظر: المغني لابن قدامة (7/ 40)، المجموع شرح المهذب (16/ 169)].

[34] انظر: الذخيرة للقرافي (8/ 230).

[35] وقد عكس ابن القيم هذا القياس فاستدل لاختياره في المسألة؛ وهو اشتراط إذن البكر، وعدم جواز إجبار الأب لها على النكاح بالقياس على انتفاء حجر الأب على مال ابنته البكر البالغة الرشيدة؛ فقال:

"وأما موافقته لقواعد شرعه، فإن البكر البالغة العاقلة الرشيدة لا يتصرف أبوها في أقل شيء من مالها إلا برضاها، ولا يجبرها على إخراج اليسير منه بدون رضاها، فكيف يجوز أن يرقها ويخرج بَضعها منها بغير رضاها إلى من يريده هو، وهي من أكره الناس فيه أبغض شيء إليها؟ ومع هذا فينكحها إياه قهرًا بغير رضاها إلى من يريده ويجعلها أسيرة عنده"؛ [زاد المعاد في هدي خير العباد (5/ 86)].

[36] المغني لابن قدامة (4/ 560).

[37] مصنف ابن أبي شيبة (6/ 412).

[38] مصنف ابن أبي شيبة (6/ 411)، والمحلى بالآثار (7/ 182)، وعزاه ابن حزم لسعيد بن منصور في سننه ولم أقف عليه.

[39] المغني (4/ 560).

[40] انظر: المغني (4/ 560).

[41] المغني (4/ 560) بتصرف.

[42] ويصدُق هذا أيضًا على غيره من أقوال أصحاب مالك التي حددت رفع الحجر بمرور عامين أو أكثر على النكاح، وقد وقعت الإشارة إليها في الهامش عند ذكر قول الإمام مالك في المسألة.

[43] انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد (4/ 63).

[44] اختلف القائلون بمنع رفع الحجر عن المرأة حتى تتزوج أو تبقى في بيت زوجها عامًا فيما إذا عنست المرأة ولم تتزوج، هل يسلم لها مالها أم تبقى على الحجر عليها؟ فقيل: تبقى على الحجر؛ لأن شرط رفعه لم يوجد، وقيل: يرتفع عنها ويسلم لها مالها؛ لأنها كبرت وبرزت للرجال؛ [انظر: المحلى بالآثار (7/ 182)، الشرح الكبير (13/ 365)، المغني (4/ 348)].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تزويج الأب ابنته البكر البالغ بغير إذنها
  • عبر من الحجر

مختارات من الشبكة

  • أبو بكر المروزي ومسند أبي بكر الصديق(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مجلسان الأول من أمالي أبي بكر الشيرازي والثاني من أحاديث أبي بكر إسماعيل النيسابوري(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • حديث: من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حديث: لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • السنة عند تزوج البكر على الثيب(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • الأرض البكر بحديث في فضل الذكر: دروس وعبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ولدي البكر وأخوه الصغير(استشارة - الاستشارات)
  • حديث: لا تنكح الأيم حتى تستأمر(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • نماذج من صبر الصحابة على الأذى والشدائد في الدعوة إلى الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحساء (قصة قصيرة)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب