• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

شرح باب المبادرة إلى الخيرات من كتاب رياض الصالحين

شرح باب المبادرة إلى الخيرات من كتاب رياض الصالحين
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/2/2020 ميلادي - 1/7/1441 هجري

الزيارات: 28600

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

باب المبادرة إلى الخيرات

وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد

 

قال الله تعالى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148]، وقال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].

 

قال العلَّامةُ ابنُ عثيمين - رحمَه الله -:

قال المؤلف - رحمه الله تعالى-: «باب المبادرة إلى الخيراتِ وحث من أقبل على الخيرِ أن يُتمَّه من غير تردُّدٍ»، وهذا العنوان تضمَّن أمرين:

الأول: المبادرة والمسارعة إلى الخير.

والثاني: أن الإنسان إذا عزم على الشيءِ - وهو خير - فليَمض فيه ولا يتردد.

 

أما الأول: فهو المبادرة، وضد المبادرة: التَّواني والكسل، وكم من إنسان توانى وكسل؛ ففاته خير كثير، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «المؤمن القويّ خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضَّعيفِ، وفي كلٍّ خيرٌ. احرصْ على ما ينفعُك واستعن باللهِ ولا تعجز».

 

فالإنسانُ ينبغي له أن يسارعَ في الخيرات، كلَّما ذُكر له شيءٌ من الخير بادَرَ إليه، فمِن ذلك الصلاة، والصدقة، والصوم، والحج، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، إلى غير ذلك من مسائل الخير التي ينبغي المسارعة إليها؛ لأنَّ الإنسان لا يدري، فربما يتوانى في الشيءِ ولا يقدر عليه بعد ذلك، إمَّا بموتٍ، أو مرض، أو فوات، أو غير هذا، وقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا أراد أحدكم الحج فليتعجل؛ فإنَّه قد يمرض المريض، وتضل الراحلة، وتعرض الحاجة».

 

فقد يعرض له شيءٌ يمنعه من الفعل، فسارع إلى الخير ولا تتوانى.

 

ثم ذكر المؤلف قول الله تعالى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾، واستبقوها: يعني اسبقوا إليها، وهو أبلغ من: سابقوا إلى الخيرات، فالاستباق معناه: أن الإنسان يسبق إلي الخير، ويكون من أول الناس في الخير، ومن المسابقة في الصفوف في الصلاة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير صفوف الرجال أولها، وشرُّها آخرها» وقال في النساء: « وخيرُ صفوفِ النِّساءِ آخرها، وشرُّها أولُها».


ورأى النبي صلى الله عليه وسلم أقوامًا في مؤخرة المسجد؛ لم يسبقوا ولم يتقدَّموا، فقال: «لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عزَّ وجلَّ». فانتهز الفرصة واسبق إلى الخير.


وقال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ... ﴾ [آل عمران: 133، 134] قال: سارعوا إلى المغفرة والجنة.

 

أما المسارعة إلى المغفرة: فأنْ يسارع الإنسان إلى ما فيه مغفرة الذنوب؛ من الاستغفار، كقول: أستغفرُ الله، أو اللهم اغفر لي، أو اللهم إني أستغفرك، وما أشبه ذلك، وكذلك أيضًا: الإسراع إلى ما فيه المغفرة، مثل الوضوء، والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، فإن الإنسان إذا توضأ، فأسبغ الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين؛ فإنَّه تفتح له أبواب الجنة الثمانية؛ ويدخل من أيها شاء، وكذلك إذا توضأ؛ فإن خطاياه تخرج من أعضاء وضوئه؛ مع آخر قطرةٍ من قطر الماء، فهذه من أسباب المغفرة.

 

ومن أسباب المغفرة أيضًا: الصلوات الخمس كفارةٌ لما بينهنَّ ما اجتُنبتِ الكبائر، الجمعة إلى الجمعة كفارةٌ لما بينهما ما اجْتُنبتِ الكبائر، رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر، فليسارع الإنسان إلى أسباب المغفرة.

 

الأمر الثاني: ﴿ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾، وهذا يكون بفعل المأمورات، أي: أن تسارع للجنة بالعمل لها، ولا عمل للجنة إلا العمل الصالح، هذا هو الذي يكون سببًا لدخول الجنة، فسارع إليه.

 

ثم بيَّن الله هذه الجنة؛ بأن عرْضَها السماوات والأرض، وهذا يدل على سعتها وعظمها، وأنَّه لا يقدر قدرها إلا الله عزَّ وجلَّ. فسارع إلى هذه الجنة بفعل ما يوصلك إليها من الأعمال الصالحة. ثم قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ يعني: هيئت لهم، والذي أعدَّها لهم هو الله عزَّ وجلَّ، كما جاء في الحديث القدسي: «أعْددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعتْ، ولا خطرَ على قلب بشرٍ».

 

ومن هم المتقون؟ قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136].

 

هؤلاء هم المتقون: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾ يعني: يبذلون أموالهم ﴿ فِي السَّرَّاءِ ﴾ يعني في حال الرخاء، وكثرة المال، والسرور، والانبساط، ﴿ وَالضَّرَّاءِ ﴾ يعني في حال ضيق العيش والانقباض.

 

ولكن؛ لم يبين الله - سبحانه وتعالى - هنا مقدار، ولكنه بينه في آيات كثيرة، فقال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ [البقرة: 219].

 

العفو: يعني ما زاد عن حاجاتكم وضروراتكم فأنفقوه، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67]. فهم ينفقون إنفاقًا ليس فيه إسراف ولا تقتير، وينفقون - أيضًا - العفو، أي: ما عفا وزاد عن حاجاتهم وضروراتهم.

 

﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾ أي: الذين إذا اغتاظوا - أي اشتد غضبهم - كظموا غيظهم، ولم ينفذوه، وصبروا على هذا الكظم، وهذا الكظم من أشد ما يكون على النفس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الشَّديدُ بالصُّرعةِ، ولكن الشديدَ الذي يملكُ نفسَه عند الغَضَبِ».

 

الصُّرعة: يعني يصرع الناس، أي: يغلبهم في المصارعة، فليس هذا هو الشديدُ، ولكن الشديدَ: هو الذي يملك نفسه عند الغضب؛ لأن الإنسان إذا غضب ثارت نفسه، فانتفخت أوداجُه، واحمرَّت عيناه، وصار يحب أن ينتقم، فإذا كظم الغيظ وهدأ، فإنَّ ذلك من أسباب دخول الجنة.

 

واعلم أن الغضب جمرةٌ يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم؛ إذا أتاه ما يهزه، ولكنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أعلمنا بما يطفئ هذه الجمرة، فمن ذلك: أنْ يتعوَّذَ الإنسانُ بالله من الشيطان الرجيم، فإذا أحسَّ بالغضب - وأن الغضب سيغلبه - قال: أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم، ومنها: أن يجلس إن كان قائمًا، ويضطجع إن كان قاعدًا، يعني: يضع نفسه، وينزلها من الأعلى إلى الأدنى، فإن كان قائمًا جلس، وإن كان جالسًا اضطجع، ومنها: أن يتوضأ بتطهير أعضائه الأربعة؛ الوجه واليدين والرأس والرجلين، فإنَّ هذا يطفئُ الغضب، فإذا أحسست بالغضب؛ فاستعمل هذا الذي أرشدك إليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى يزولَ عنك، وإلَّا فكم من إنسانٍ أدَّي به غضبه إلى مفارقة أهله فما أكثر الذين يقولون: أنا غضبت على زوجتي فطلقتُها ثلاثًا، وربما يغضب ويضرب أولاده ضربًا مبرحًا، وربما يغضب ويكسر أوانيه، أو يشق ثيابه، أو ما أشبه ذلك مما يثيره الغضب، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾ مدحهم لأنهم ملكوا أنفسهم عند ثورة الغضب.

 

﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ يعني الذين إذا أساء الناس إليهم عفوا عنهم، فإنَّ من عفا وأصلح فأجره على الله، وقد أطلق الله العفو هنا، ولكنه بيَّن في قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40] أن العفو لا يكون خيرًا إلا إذا كان فيه إصلاح، فإذا أساء إليك شخصٌ معروف بالإساءة والتَّمرُّدِ والطغيان على عباد الله، فالأفضل ألا تعفو عنه، وأن تأخذ بحقك؛ لأنك إذا عفوت ازداد شره، أما إذا كان الإنسان الذي أخطأ عليك قليل الخطأ، قليل العدوان، لكن الأمر حصل على سبيل الندرة، فهنا الأفضل أن تعفو، ومن ذلك حوادث السيارات التي كثرت، فإنَّ بعض الناس يتسرَّع، ويعفو عن الجاني الذي حصل منه الحادث، وهذا ليس بالأحسن، الأحسن أن تتأمَّل وتنظر: هل هذا السائق متهور ومستهتر؛ لا يبالي بعباد الله ولا يبالي بالأنظمة؛ فهذا لا ترحمه، خذ بحقك منه كاملًا، أما إذا كان إنسانًا معروفًا بالتأني، وخشية الله، والبعد عن أذية الخلق، والتزام النظام، ولكن هذا أمر حصل من فوات الحرص، فالعفو هنا أفضل؛ لأنَّ الله قال: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ فلابد من مراعاة الإصلاح عند العفو.

 

﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ محبة الله - سبحانه وتعالى - للعبد هي غاية كل إنسان؛ فكل إنسان مؤمن غايته أن يحبه الله عزَّ وجلَّ، وهي المقصود لكل مؤمن؛ لقول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]، ولم يقل: اتَّبعوني تصدقوا فيما قلتم، بل عدل عن هذا إلى قوله: ﴿ يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ لأن الشأن - كلَّ الشَّأنِ - أن يحبَّك الله عزَّ وجلَّ، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أحبابه.

 

وأما المحسنون في قوله: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ فالمراد بهم المحسنون في عبادة الله، والمحسنون إلى عبادِ الله.

 

والمحسنون في عبادِة الله؛ بيَّن النبي - عليه الصلاة والسلام - مرتبتهم في قوله حين سأله جبريل عن الإحسان فقال: «أن تعبدَ الله كأنَّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك» يعني: أن تعبد الله - سبحانه وتعالى - بقلب حاضر؛ كأنك ترى ربك تريد الوصول إليه، فإن لم تفعل؛ فاعلم أن الله يراك، فاعبده خوفًا وخشية، وهذه المرتبة دون المرتبة الأولى.

 

فالمرتبة الأولى: أن تعبد الله طلبًا ومحبة وشوقًا.

والثانية: أن تعبده هربًا وخوفًا وخشية.

 

أمَّا الإحسان إلى عبادِ اللهِ: فأنْ تعاملهم بما هو أحسن؛ في الكلام، والأفعال، والبذل، وكف الأذى، وغير ذلك، حتى في القول؛ فإنَّك تعاملهم بالأحسن، قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ [النساء: 86]، يعني: إن لم تفعلوا فتردوا بأحسن منها، فلا أقلَّ من أن تردوها؛ ولهذا قال كثير من العلماء: إذا قال المسلم: السلام عليكم ورحمة الله، قل: وعليكم السلام ورحمة الله. هذا أدنى شيء، فإن زدت: (وبركاته) فهو أفضل؛ لأن الله قال: بأحسن منها، فبدأ بالأحسن ثم قال: ﴿ أَوْ رُدُّوهَا ﴾ كذلك إذا سلَّم عليك إنسان بصوت واضح بيِّن؛ ترد عليه بصوت واضح بين على الأقل، كثيٌر من الناس - أو بعض الناس - إذا سلَّمت عليه رد عليك السلام بأنفه، حتى إنك تكاد لا تسمعه في رد السلام، وهذا غلط؛ لأنَّ هذا خلاف ما سلَّمَ عليك به، يسلم عليك بصوت واضح ثم ترد بأنفك!! هذا خلاف ما أمر الله به.

 

كذلك الإحسان بالفعل: مثل معونة الناس ومساعدتهم في أمورهم. فإذا ساعدت إنسانًا فقد أحسنت إليه، مساعدة بالمال، بالصدقة بالهدية، بالهبة وما أشبه ذلك هذا من الإحسان.

 

ومن الإحسان أيضًا: أنك إذا رأيت أخاك على ذنبٍ؛ أن تبين له ذلك وتنهاه عنه؛ لأن هذا من أعظم الإحسان إليه، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أُنصُرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا» قالوا: يا رسول الله، هذا المظلوم فكيف ننصر الظالم؟ قال: «أن تمنعه من الظُّلمِ» فإنَّ منعَك إيَّاه من الظلم نصرٌ له وإحسان إليه، والمهم أنَّه ينبغي لك - في معاملة الناس - أن تستحضر هذه الآية: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ فتُحْسن إليهم بقدر ما تستطيع.

 

﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذنُوبِهِم ﴾ [آل عمران: 135].

 

﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً ﴾ الفاحشة: ما يُسْتفحشُ من الذنوب، وهي كبائر الذنوب، مثل: الزنا، شرب الخمر، وقتل النفس وما أشبهها، كل ما يُستفحش فهو فاحشة ﴿ أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ بما دون الفاحشة من المعاصي الصغار ﴿ ذَكَرُوا اللَّهَ ﴾ أي: ذكروا عظمته وذكروا عقابه، ثم ذكروا أيضًا رحمته وقبوله للتوبة وثوابها.

 

فهم يذكرون الله من وجهين:

الوجه الأول: من حيث العظمة، والعقوبة، والسلطان العظيم، فيوْجَلون ويخْجَلون ويستغفرون.

 

والثاني: من حيثُ الرَّحمةُ وقبول التوبة، فيرغبون في التَّوْبة ويستغفرون الله؛ ولهذا قال: ﴿ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِم ﴾ ومن أفضل ما يستغفر به سيد الاستغفار: «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدُك، وأنا على عهدِك ووعْدِك ما استطعتُ، أعوذُ بك من شَرِّ ما صنعتُ، أبوءُ لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فأغفر لي، فإنَّه لا يغفرُ الذنوبَ إلَّا أنت».

 

قال الله تعالى: ﴿ ومَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا اللهُ ﴾ يعني: لا أحد يغفر الذنوب إلا الله عزَّ وجلَّ لو أنَّ الأمَّةَ كلَّها من أوَلها إلى آخرِها، والجنة والملائكة اجتمعوا على أن يغفروا لك ذنبًا واحدًا ما غفروه؛ لأنَّه لا يغفرُ الذنوبَ إلَّا الله عزَّ وجلَّ، ولكننا نسأل الله المغفرة لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، وأمَّا أنْ يكون بيدنا أن نغفرَ، فلا يغفر الذنوب إلا الله.

 

قال تعالى: ﴿ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ يعني: لم يستمرُّوا على معاصيهم وظلمهم؛ وهم يعلمون أنها معاصي وظلم، وفي هذا دليل على أن الإصرارَ مع العلم أمره عظيمٌ، حتى في صغائر الذنوب؛ ولهذا ذهب كثيرٌ من العلماءِ إلى أنَّ الإنسانَ إذا أصرَّ على الصغيرةِ صارت كبيرةً. ومن ذلك ما يفعله جهَلةُ النَّاس اليوم من حلق اللحيةِ، تجدهم يحلقون اللحيةَ ويصرُّون على ذلك، ولا يرونها إلا زينةً وجمالًا، والحقيقة أنَّها شينٌ، وأنها قُبحٌ؛ لأن كلَّ شيء ينتج عن المعصية فلا خير فيه، بل هو قبح، وهؤلاء الذين يصرُّون على هذه المعصية - وإن كانت صغيرة - أخطئوا؛ لأنها بالإصرار تنقلب كبيرة والعياذ بالله؛ لأن الإنسان لا يبالي بما يفعل، تجده كل يوم، كلما أراد أن يخرج إلى السوق، أو إلى عمله؛ يذهب وينظر في المرآة، فإذا وجد شعرة واحدة قد برزت، تجده يسارع إلى حلقها وإزالتها، نسأل الله العافية، وهذا لا شكَّ أنَّه معصية للرسول عليه الصلاة والسلام، وأنَّ الإنسان ليخشى عليه من هذا الذنب أن يتدرَّج به الشيطانُ إلى ذنوبٍ أكبر وأعظم.

 

قال الله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾.

اللهم اجعلْنا من هؤلاءِ العاملين واجعل جزاءنا ذلك يا ربَّ العالمين.

 

المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2/ 5 - 16)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح باب الصبر من كتاب رياض الصالحين
  • شرح أول باب الصدق من كتاب رياض الصالحين
  • شرح باب المراقبة من كتاب رياض الصالحين
  • شرح باب التقوى من كتاب رياض الصالحين
  • شرح باب الاستقامة من كتاب رياض الصالحين
  • شرح باب المجاهدة من كتاب رياض الصالحين
  • شرح (باب الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر) من كتاب رياض الصالحين
  • شرح باب بيان كثرة طرق الخير من كتاب رياض الصالحين
  • شرح باب الاقتصاد في الطاعة من كتاب رياض الصالحين
  • شرح باب المحافظة على الأعمال من كتاب رياض الصالحين
  • شرح باب الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها من كتاب رياض الصالحين
  • شرح باب: في الدلالة على خير والدعاء إلى هدى أو ضلالة
  • شرح باب احتمال الأذى
  • إتحاف الفالحين عن كتاب رياض الصالحين

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة شرح رياض الصالحين (الفوائد المترعة الحياض في شرح كتاب الرياض)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • خطبة عن المبادرة والمسارعة إلى الخيرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المبادرة إلى فعل الخيرات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف العباد بشرح كتاب الزاد: شرح كتاب الصلاة إلى باب الأذان والإقامة من زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العناية بشروح كتب الحديث والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح باب فضل ضعفة المسلمين من كتاب رياض الصالحين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح باب الإصلاح بين الناس من كتاب رياض الصالحين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح باب تعظيم حرمات المسلمين من كتاب رياض الصالحين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من كتاب رياض الصالحين (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب