• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الآثار المشاهدة الدالة على إرسال الرسل ونصرهم على أعدائهم

الآثار المشاهدة الدالة على إرسال الرسل ونصرهم على أعدائهم
ساعد عمر غازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/6/2017 ميلادي - 16/9/1438 هجري

الزيارات: 6373

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الآثار المشاهدة الدالة

على إرسال الرسل ونصرهم على أعدائهم


 

الحمد لله الهادي النَّصير فنِعم النَّصير ونِعم الهاد، الذي يَهدي مَن يشاء إلى صراطٍ مُستقيم ويبيِّن له سُبل الرَّشاد؛ كما هدى الذين آمنوا لما اختُلف فيه من الحقِّ وجمع لهم الهدى والسدادَ، والذي ينصر رسلَه والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويومَ يقوم الأشهاد، كما وعد في كتابه وهو الصادق الذي لا يخلف الميعاد.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وإمام المتقين، أجود الناس صدرًا، وأصدق الناس لَهجة، وألينهم عَريكة، وأكرمهم عِشرة، فله الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود ولواء الحمد الذي تحته كل حمَّاد.

 

أما بعد:

فإن تأييد الله عزَّ وجل لأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين واقعٌ مشاهَد للناس، والآثار طافحة بذلك، لا ينكرها إلَّا كافرٌ ملحِد، أو مكابِرٌ ضال، فنبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم قد أيَّده الله تأييدًا لا يؤيَّد به إلا الأنبياء؛ بل لم يؤيَّد أحدٌ مِن الأنبياء كما أيد به، كما أنه بُعث بأفضل الكتب إلى أفضَل الأمم بأفضل الشرائع، وجعله سيِّد ولد آدم صلى الله عليه وسلم، كما أيَّد نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى وداود وسليمان، بل وأيد شعيبًا وهودًا وصالحًا، تأييدًا لا يمكن أحدًا معارضتُه[1].

 

ويزيد الأمر وضوحًا قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإن سنَّة الله أن يَنصر رسلَه والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويومَ يقوم الأشهاد؛ وهذا هو الواقع، فمَن كان لا يَعلم ما يفعله الله إلَّا بالعادة، فهذه عادة الله وسنَّته يعرف بها ما يصنع، ومَن كان يعلم ذلك بمقتضى حكمته، فإنَّه يعلم أنَّه لا يؤيد مَن ادَّعى النبوة وكذب عليه؛ فلا يُعرف قط أحدٌ ادَّعى النبوَّة وهو كاذب إلَّا قطع الله دابرَه وأذلَّه، وأظهَرَ كذبه وفجوره، وكل مَن أيَّده الله من المدِّعين للنبوَّة لم يكن إلا صادقًا... الله سبحانه وتعالى نجَّى موسى ونصره لصدقه ونبوَّتِه وإيمانه، وأهلك فرعونَ لتكذيبه، وكذلك نصر محمدًا ومَن اتَّبعه على مَن كذَّبه من قومه، ونصر نوحًا على مَن كفر به، ونصر المسيحَ على مَن كذبه، ونصر سائرَ الرسل وأتباعهم المؤمنين"[2].

 

ولهذا أمَر سبحانه أن نَعتبر بما فعله في الأمم الماضية مِن جعل العاقبة للأنبياء وأتباعهم، وانتقامه ممن كذَّبهم وعصاهم، قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 171 - 173]، وقال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾ [غافر: 5]، وقال تعالى: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ * وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ * فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 40 - 46]، إلى غير ذلك من الآيات، التي تخبرنا بالوقائع والآثار التي أبقاها الله سبحانه وتعالى في العالم دلالةً على صِدق رسله، ونصره لهم، فهذه الوقائع كثيرة وكثيرة جدًّا، لم يشتهر ويتواتر شيء كاشتهارها وتواتُرِها، ولم يَعترف البشر بشيء من الأشياء أعظم مِن اعترافهم بها، ونقلُ هذه الأمور أظهر وأوضح من نقل أخبار ملوك الفرس والعرب في جاهليَّتها، وأخبارِ اليونان وعلماء الطب والنجوم والفلسفة اليونانية؛ كبقراط وجالينوس وبطليموس وسقراط وأفلاطون وأرسطو وأتباعه، وسبب وضوح أخبار الرسل أنَّ هذه الأخبار والوقائع عُلمتْ بثلاثة طرق: إما بالبصر، أو بالسمع، أو بهما[3].

 

وبيان ذلك على النحو الآتي:

الطريق الأول: ما كان علمه بالبصر والمشاهدة، ويقع ذلك: إما لمن رآه وعاينه، وإما يقع لمن رأى وشاهد آثار المهلَكين:

أولًا: ما وقع لمن رآه وعاينه، وله وقائع:

1 - كما في قصة بني إسرائيل عندما نصرهم الله على آل فرعون، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ [البقرة: 50]، ثم بيَّن كيفيَّة فرق البحر بهم: ﴿ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ﴾ [الشعراء: 60 - 66].

 

2 - كمن شاهد أصحابَ الفيل، وما أحاط بهم في مكة، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴾ [الفيل: 1 - 5][4].

 

3 - سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع أعدائه ممَّا شاهده المؤمنون من نصر الله لهم في بدر وغيرها؛ فقال تعالى في يوم بدر: ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأولِي الأبْصَارِ ﴾ [آل عمران: 13][5].

قال القرطبي رحمه الله: "ولا خلاف أنَّ الإشارة بهاتين الفئتين هي إلى يوم بدر"[6].

وقال الشنقيطيُّ رحمه الله: "ذكر في هذه الآية الكريمة أنَّ وقعة بدر آيَةٌ؛ أي: علامة على صحَّة دين الإسلام؛ إذ لو كان غير حق، لما غلَبَتِ الفئةُ القليلة الضعيفة المتمسكة به الفئةَ الكثيرةَ القويَّةَ التي لم تتمسَّك به"[7].

 

وكذا ما شاهده المؤمنون من محاصرة بني النضير - من اليهود - وإخراجهم مِن ديارهم، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ * وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 2 - 4][8].

 

ثانيًا: ما وقع لمن رأى وشاهَد آثارَ المهلَكين، وله وقائع:

1 - كمن رأى مِن أهل مكَّة آثارَ أصحاب الفيل الدالَّةَ عليهم.

2 - وكمن شاهد مِن أهل مكة آثارَ الأمم الهالكة بأرض الشام والحجاز، وغير ذلك؛ فإنَّ عامَّة مَن قصَّ الله نبأه مِن الرسل وأممهم بُعثوا حولَ مكة[9].

 

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: "وتارةً نشاهد بالعيان آثارها الدالَّة على ما حدث؛ كما قال تعالى: ﴿ وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ ﴾ [العنكبوت: 38]"[10].

 

وقال تعالى في أصحاب الحِجر قوم صالح: ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكَانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الحجر: 80 - 84].

 

وقال في قصَّة قوم لوط: ﴿ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ [الصافات: 137، 138]، وفي قوله: ﴿ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ توبيخ لمن مرَّ بديارهم، ولم يَعتبر بما وقَع لهم ويعقل ذلك ليجتنَّب الوقوعَ في مثله[11].

 

قال شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإنَّ الله سبحانه وتعالى أبقى في العالم الآثارَ الدالَّةَ على ما فعله بأنبيائه والمؤمنين مِن الكرامة، وما فعله بمكذِّبيهم مِن العقوبة، ومَن شاهد آثارهم بأرض الشام واليمن والحجاز وغير ذلك؛ كآثار أصحاب الحجر وقوم لوط ونحو ذلك"[12].

 

الطريق الثاني: ما كان علمه بالسمع: وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ذلك بقوله: "والسمع؛ فبالأخبار التي تفيد العلمَ؛ كتواتر الأخبار بما جرى في قصَّة موسى وفرعون، وغرق فرعون في القلزم، وكذلك تواتر الأخبار بقصَّة الخليل مع النمرود، وتواتر الأخبار بقصة نوح وإغراق أهل الأرض، وأمثال ذلك من الأخبار المتواترة عند أهل الملل وغير أهل المِلل، مع أن في بعض قصص من تواترت به هذه الأخبار ما يحصل العلم بخبرهم"[13].

 

وقال أيضًا: "فإنَّ هذه العجائب والآيات التي للأنبياء، تارةً تُعلَم بمجرد الأخبار المتواترة، وإن لم نشاهد شيئًا من آثارها"[14].

 

الطريق الثالث: ما يحصل علمه باشتراك البصر والسمع: كما نشاهد أرضَ الحِجر وما فيها من البيوت المنقورة في الجبال، وذكر تعالى أنهم: ﴿ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾ [الحجر: 82]، وهو المشاهَد من صَنيعهم في بيوتهم؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرَّ بالحِجر قال: ((لا تَدخلوا مساكن الذين ظلَموا أنفسهم إلَّا أن تكونوا باكين؛ أن يصيبكم ما أصابهم))، ثمَّ تقنَّع بردائه وهو على الرَّحل[15]، ونعلم بالخبر تفصيل الحال[16]، وما حدَث لهم، قال تعالى: ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الحجر: 83، 84]، وغيرها من الآيات.

 

وهؤلاء الملاحدة يكابِرون ويباهتون ويَجحدون ما اعترفت به الأممُ على اختلاف مِلَلهم ونِحَلهم، فهم تابعون لأئمَّتهم الذين قال الله عنهم: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ [النمل: 14][17].

 

فإذا تقرَّر هذا، تبيَّن أنَّه قد اتَّفقتِ الرسلُ والأنبياء وأتباعهم، وأدلَّة العقول الصحيحة والفطر السليمة التي لم تغيِّرْها العقائدُ الفاسدة - على الإيمان بالله وملائكته وكتبِه ورسله واليومِ الآخر، وجميعِ ما يجِب الإيمان به مِن الغيوب؛ لأنَّ ما جاءت به الرسل مِن شرائع الله تعالى المتضمنة لجميع ما يُصلِح الخلق: يدلُّ على أنَّ الذي أَرسل بها ربٌّ رحيمٌ حكيم، وهؤلاء الملحِدون ليس معهم نَقْل ولا عَقْل صحيح، إنَّما معهم ظنون كاذبة، وآراء خاطئة، ونظريَّات مضطربة، وتقليد أعمى للضالِّين الحائرين، قال أبو الوفاء بن عقيل لبعض أصحابه: "قد أفضى الكلام بأهله إلى الشُّكوك، وكثير منهم إلى الإلحاد، تشم روائح الإلحاد من فلتات كلام المتكلمين؛ وأصل ذلك أنَّهم ما قنعوا بما قنعت به الشرائعُ، وطلبوا الحقائق، وليس في قوة العقل إدراك ما عند الله مِن الحكمة التي انفرد بها، ولا أخرج الباري من علمه لخلقه ما علمه هو مِن حقائق الأمور"[18]، قال تعالى: ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ * وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الجاثية: 6 - 8]، وقال تعالى: ﴿ كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [لقمان: 7]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 96، 97][19].



[1] ينظر: الجواب الصحيح (1/ 410، 411).
[2] الجواب الصحيح (1/ 410)، (6/ 395).
[3] ينظر: العقيدة الأصفهانية (ص/ 137)، الأدلة القواطع والبراهين في إبطال أصول الملحدين (6/ 27).
[4] ينظر: العقيدة الأصفهانية (ص/ 135).
[5] المصدر السابق.
[6] تفسير القرطبي (4/ 25).
[7] أضواء البيان (1/ 198).
[8] ينظر: العقيدة الأصفهانية (ص/ 136).
[9] المصدر السابق (ص/ 135).
[10] النبوات (1/ 514).
[11] أضواء البيان (1/ 375).
[12] شرح العقيدة الأصفهانية (ص/ 133).
[13] العقيدة الأصفهانية (ص/ 136).
[14] النبوات (1/ 514).
[15] أخرجه البخاري (3380).
[16] ينظر: العقيدة الأصفهانية (ص/ 137).
[17] الأدلة القواطع والبراهين في إبطال أصول الملحدين (6/ 27).
[18] تلبيس إبليس (ص/ 77).
[19] مستفاد من "الأدلة القواطع والبراهين في إبطال أصول الملحدين" (6/ 26 - 27)، وشرح العقيدة الواسطية؛ لابن عثيمين (ص/ 59).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إرسال الرسل صلوات الله وسلامه عليهم
  • إرسال الرسل مبشرين ومنذرين
  • امسح سجل مشاهداتك

مختارات من الشبكة

  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مباني الأخبار في شرح معاني الآثار ج18 ( شرح معاني الآثار )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • برامج المشاهدة في الإذاعة المدرسية وأهدافها(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الآثار: إحباط محاولة تهريب مخطوط أثري بمطار القاهرة(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • الإنسان العربي بين المشاهدة والتغيير(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الآثار الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الاستدلال بالمشاهدة عند الفقهاء وأثر ذلك في تغير الأحكام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موقف الإسلام من الآثار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الآثار الإيمانية للإيمان بالرسل(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب