• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

الإسلام دين العمل

الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/4/2016 ميلادي - 17/7/1437 هجري

الزيارات: 35515

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسلام دين العمل


الحمد لله الذي خضعت لعزَّته الرقاب، وأشرقت لنور وجهه الظلمات، وصلَح على شرعه أمر الدنيا والآخرة، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن العمل المشروع له منزلة سامية في الإسلام؛ من أجل ذلك أحببت أن أذكر نفسي وإخواني الكرام بأهمية العمل في الإسلام، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

بسم الله الرحمن الرحيم

العمل وصية رب العالمين:

(1) قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 9، 10].

 

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله):

قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ ﴾ [الجمعة: 10]؛ أي: فرغ منها، ﴿ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10] لما حجر عليهم في التصرف بعد النداء وأمرهم بالاجتماع، أذِن لهم بعد الفراغ في الانتشار في الأرض، والابتغاء من فضل الله؛ (تفسير ابن كثير جـ 13 صـ 563).

 

قال ابن أبي حاتمٍ (رحمه الله): كان عراك بن مالكٍ رضي الله عنه إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال: اللهم أجبتُ دعوتك، وصلَّيت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين)؛ (تفسير ابن أبي حاتم جـ 10 صـ 3356 رقم: 18897).

 

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): رُوِيَ عن بعض السلف أنه قال: من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصلاة، بارك الله له سبعين مرةً؛ لقول الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]؛ (تفسير ابن كثير جـ 13 صـ 563).

 

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): قوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]؛ أي: حال بيعِكم وشرائكم، وأخذِكم وعطائِكم، اذكروا الله ذكرًا كثيرًا، ولا تَشغَلْكم الدنيا عن الذي ينفعكم في الدار الآخرة؛ (تفسير ابن كثير جـ 563).

 

(2) وقال سبحانه: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15].

 

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): ذكر سبحانه نعمته على خلقه في تسخيره لهم الأرض، وتذليله إياها لهم، بأن جعلها قارَّةً ساكنةً لا تمتد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال، وأنبع فيها من العيون، وسلك فيها من السبل، وهيأها فيها من المنافع ومواضع الزروع والثمار، فقال: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ﴾ [الملك: 15]؛ أي: فسافِروا حيث شئتم من أقطارها، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات، واعلموا أن سعيكم لا يُجدي عليكم شيئًا، إلا أن ييسره الله لكم؛ ولهذا قال: ﴿ وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ [الملك: 15]؛ فالسعي في السبب لا ينافي التوكل؛ (تفسير ابن كثير جـ 14 صـ 75).

 

(3) وقال جل شأنه عند الحديث عن مناسك الحج: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: 198].

هذه الآيات دليلٌ واضحٌ على شرف العمل ومكانته السامية في الإسلام.


قال الإمام ابن جرير الطبري (رحمه الله): قيل: إن معنى ابتغاء الفضل من الله التماسُ رزق الله بالتجارة، وأن هذه الآية نزلت في قومٍ كانوا لا يرون أن يتجروا إذا أحرموا، يلتمسون البِرَّ بذلك، فأعلمهم جل ثناؤه أنْ لا بِرَّ في ذلك، وأن لهم التماس فضله بالبيع والشراء؛ (تفسير الطبري جـ 4 صـ 163).

 

روى البخاري عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: كانت عكاظ، ومجنة، وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية، فتأثَّموا أن يتجروا في المواسم؛ فنزلت: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ في مواسم الحج؛ (البخاري حديث: 4519).

 

(4) وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المزمل: 20].

 

في هذه الآية المباركة خفَّف الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم، وكلِّ مَن اقتدى به من المسلمين - أعباءَ قيام الليل؛ لأسباب، منها:

ألا يرهق قيامُ الليل الناسَ، فيقعدَهم عن طلب الرزق في النهار.


قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): علم الله تعالى أنْ سيكون من هذه الأمة ذوو أعذارٍ في ترك قيام الليل، من مرضى لا يستطيعون ذلك، ومسافرين في الأرض يبتغون من فضل الله في المكاسب والمتاجر، وآخرين مشغولين بما هو الأهم في حقهم من الغزو في سبيل الله، وهذه الآية - بل السورة كلها - مكيةٌ، ولم يكن القتال شُرع بعد؛ فهي من أكبر دلائل النبوة؛ لأنه من باب الإخبار بالمغيبات المستقبلة؛ ولهذا قال: ﴿ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾ [المزمل: 20]؛ أي: قوموا بما تيسر عليكم منه؛ (تفسير ابن كثير جـ 14 صـ 172).

 

أنبياء الله يعملون:

(1) قال تعالى عن داود صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 80].

 

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله) قوله تعالى: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ ﴾ [الأنبياء: 80] يعني صنعة الدروع؛ (تفسير ابن كثير جـ 9 صـ 424).

 

وقال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ (الدروع) وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [سبأ: 10، 11].

 

قال مجاهدٌ في قوله: ﴿ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ﴾ [سبأ: 11]: لا تُدِقَّ المسمار فيَقْلَقَ في الحلقةِ، ولا تُغْلِظْه فيفصِمَها، واجعَلْه بقَدَرٍ؛ (تفسير ابن كثير جـ 11 صـ 263).

 

(2) قال الله تعالى عن موسى صلى الله عليه وسلم: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ [القصص: 26 - 28].


قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): قوله تعالى: ﴿ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ﴾ [القصص: 27]؛ أي: على أن ترعى علَيَّ ثماني سنين، فإن تبرعت بزيادة سنتين فهو إليك، وإلا ففي ثمانٍ كفايةٌ؛ (تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 453).

 

روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم))، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: ((نعم، كنت أرعاها على قراريطَ لأهل مكة))؛ (البخاري حديث: 2262).

(قراريط): جمع قيراط، وهو جزءٌ مِن النقود.


روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن داود النبيَّ عليه السلام كان لا يأكل إلا مِن عملِ يده))؛ (البخاري حديث: 2073).


روى مسلمٌ عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان زكريَّاءُ نجارًا))؛ (مسلم حديث: 2379).

 

نبينا صلى الله عليه وسلم يحثنا على العمل:

أرشدنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى السعي والأخذ بأسباب الرزق الحلال في كثير من أحاديثه الشريفة، وسوف نذكر بعضًا منها:

(1) روى البخاري عن المقدام رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أكل أحدٌ طعامًا قط خيرًا مِن أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده))؛ (البخاري حديث 2072).


قال الإمام ابن حجر العسقلاني (رحمه الله): في الحديث فضل العمل باليد، وتقديم ما يباشره الشخص بنفسه على ما يباشره بغيره، والحكمة في تخصيص داود بالذكر أن اقتصاره في أكله على ما يعمله بيده لم يكن من الحاجة؛ لأنه كان ﴿ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ﴾؛ كما قال الله تعالى، وإنما ابتغى الأكل من طريق الأفضل؛ ولهذا أورد النبي صلى الله عليه وسلم قصته في مقام الاحتجاج بها على ما قدمه من أن خير الكسب عمل اليد، وهذا بعد تقرير أن شرع من قبلنا شرعٌ لنا، ولا سيما إذا ورد في شرعنا مدحه وتحسينه مع عموم قوله تعالى: ﴿ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90]، وفي الحديث أن التكسُّبَ لا يقدح في التوكل، وأن ذِكر الشيء بدليله أوقعُ في نفس سامعِه؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 358).


ما أجمل أن يستيقظ المسلم مبكرًا لطلب الرزق الحلال، متبعًا في ذلك سنة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم!


(2) روى الترمذي عن صخرٍ الغامدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)) قال: وكان إذا بعث سريةً أو جيشًا بعثهم أول النهار، وكان صخرٌ رجلًا تاجرًا، وكان إذا بعث تجارةً بعثهم أول النهار؛ فأَثْرَى وكثُر مالُه؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 968).


(3) روى أحمد عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن قامت الساعة وبيدِ أحدكم فَسِيلةٌ، فإن استطاع ألا يقومَ حتى يغرسَها فليفعَلْ))؛ (حديث صحيح) (مسند أحمد جـ 20 صـ 292 حديث: 12981).


(4) روى مسلمٌ عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به، فيعطيه كاملًا موفرًا، طيبةً به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به، أحد المتصدِّقين))؛ (مسلم حديث: 1023).


(5) روى البخاري عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار))؛ (البخاري حديث: 5353).


(6) روى الشيخان عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن مسلمٍ يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ، إلا كان له به صدقةٌ))؛ (البخاري حديث: 2320/ مسلم حديث: 1553).


(7) روى الطبراني عن كعب بن عجرة قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فرأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من جَلَدِه ونشاطه ما أعجبهم، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه يُعِفُّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياءً وتفاخرًا فهو في سبيل الشيطان))؛ (حديث صحيح لغيره) (صحيح الترغيب للألباني حديث1692).

 

(8) روى ابن ماجه عن المقدام، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما كسب الرجل كسبًا أطيب من عمل يده، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه، فهو صدقةٌ))؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث: 1739).

 

(9) روى الترمذي عن جابر بن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أحيا أرضًا ميتةً فهي له))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1114).

 

• الأرض الميتة: هي الأرض التي خلَتْ من العمارة والسكان، لا مالك لها، ولا ينتفع بها أحد.

• إحياء الموات: تعمير الأرض التي لا مالك لها، والانتفاع بها؛ (الموسوعة الفقهية الكويتية جـ 2 صـ 238).

 

التوكل لا يتعارض مع الأخذ بأسباب الرزق:

(1) روى أبو نعيم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن رُوح القدس نفَث في رُوعي: أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها؛ فأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصيةٍ؛ فإن اللهَ لا يُنالُ ما عنده إلا بطاعته))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث: 2085).

 

• إجمال الطلب: هو أن يطلب المسلم الرزق من الحلال، معتمدًا على الله عز وجل، ومتوكلًا عليه في حركاته، علمًا بأنه إنما يأتيه من ذلك ما يسَّره الله له، ولا يلاحظ في طلبه قُواه وجَلَده وحِيله، ولا يطلبه من الحرام؛ (الآداب للبيهقي صـ 314).

 

(2) روى الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله، لرُزِقْتم كما يرزق الطير، تغدو خِماصًا، وترُوح بِطانًا))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1911).


قال المباركفوري (رحمه الله): قوله صلى الله عليه وسلم: (تغدو)؛ أي: تذهب أول النهار، (خِماصًا)؛ أي: جِياعًا، (وترُوح)؛ أي: ترجع آخر النهار، (بِطانًا) جمع بطينٍ، وهو عظيمُ البطن، والمراد شِباعًا؛ (تحفة الأحوذي للمباركفوري جـ 7 صـ 7).

 

قال الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله تعالى): ليس في هذا الحديث دلالةٌ على القعود عن الكسب، بل فيه ما يدل على طلب الرزق؛ لأن الطير إذا غدت فإنما تغدو لطلب الرزق، وإنما أراد - والله تعالى أعلم - لو توكلوا على الله تعالى في ذهابهم ومجيئهم وتصرفهم، ورأوا أن الخير بيده ومن عنده لم ينصرفوا إلا سالمين غانمين، كالطير تغدو خماصًا، وتروح بطانًا، لكنهم يعتمدون على قوَّتهم وجَلَدهم ويغشُّون ويكذبون، ولا ينصحون، وهذا خلاف التوكل؛ (شعب الإيمان للبيهقي جـ 2 صـ 405).

 

الحرص على العمل المشروع والابتعاد عن الشبهات:

يجب على المسلمٍ أن يحرص على اختيار العمل المشروع، وأن يتجنب الوقوع في الشبهات.

روى الشيخان عن النعمان بن بشيرٍ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الحلال بينٌ، وإن الحرام بينٌ، وبينهما مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمَن اتقى الشبهات استبرأ لدِينه وعِرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمًى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))؛ (البخاري حديث 52 / مسلم حديث 1599).


غرس حب العمل في الأطفال:

يجب على الآباء ورجال التربية في المدارس: الاهتمامُ بغرس حب العمل في نفوس الأطفال، وتدريبهم على أعمال مناسبة لسنِّهم، مع إعطاء جوائز للأعمال المتميزة، تشجيعًا لهم؛ لتخرج أجيالٌ تعرف قيمة العمل وأثره في تقدم البلاد في جميع نواحي الحياة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛يقول الشاعر:

وينشَأُ ناشئُ الفتيانِ منَّا ♦♦♦ على ما كان عوَّدَه أبوه

(معجم اللغة العربية جـ 3 صـ 2208).


التحذير مِن ظلم العمال:

روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله: ثلاثةٌ أنا خصمهم يوم القيامة: رجلٌ أعطى بي ثم غدَر، ورجلٌ باع حرًّا فأكل ثمنَه، ورجلٌ استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطِ أجره))؛ (البخاري حديث 2227).


روى ابن ماجه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطوا الأجير أجره، قبل أن يجفَّ عرَقه))؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث 1980).


التحذير مِن غش الناس:

يحرم على المسلم أن يغش الناس، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين،وقد حذَّرنا نبينا من الغش بجميع أنواعه.

(1) روى مسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صُبْرةِ طعامٍ (الكومة المجموعة من الطعام)، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعُه بللًا، فقال: ((ما هذا يا صاحب الطعام؟)) قال: أصابته السماء (المطر) يا رسول الله، قال: ((أفلا جعلتَه فوق الطعام؛ كي يراه الناس، مَن غَشَّ فليس مني))؛ (مسلم حديث: 102).


(2) روى أبو داود عن صفوان بن سليمٍ، عن عدةٍ من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دنيَّةً (الأقربون) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا مَن ظلم معاهدًا، أو انتقَصه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طِيب نفسٍ - فأنا حَجِيجُه (خَصْمه) يوم القيامة))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2626).


• قال ابن حجر العسقلاني: المعاهَد: المراد به من له عهدٌ مع المسلمين، سواءٌ كان بعقد جزيةٍ أو هدنةٍ من سلطانٍ أو أمانٍ من مسلمٍ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 12 صـ 271).


نبينا صلى الله عليه وسلم يحثنا على إتقان العمل:

إتقان العمل أمرٌ واجبٌ على المسلم،فيجب علينا أن نتقي الله عز وجل في أعمالنا، وأن نعلم أننا محاسبون على هذه الأعمال،ومن صفات العامل المسلم: إتقان العمل،ويجب أن نعلم أن الناس ينظرون إلى العمل، فإن كان فيه إتقان وثقوا بصاحبه وكبر في أعينهم، وأما إن رأى الناس في عمله العشوائية والتخبط وعدم الإتقان فإن الناس تزهد فيه وفي عمله، وعدم الإخلاص في العمل هذا الذي جعل المسلم ينفر من الإقبال على ما عند أخيه المسلم، فراجت للأجنبي بضاعته، وأصبح الواحد من هؤلاء الذين لا يتقنون أعمالهم سواء في مدرسة أو جامعة أو متجر أو سوق أو في كل ميادين الحياة - موصوفًا بالغش والتزوير والاحتيال.


روى البيهقي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه))؛ (حديث حسن) (السلسلة الصحيحة للألباني حديث: 1113).


نبينا صلى الله عليه وسلم هو القدوة في العمل:

قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].


كان نبينا صلى الله عليه وسلم مثالًا للعامل المخلص المجتهد المتوكل على الله، الذي يسعى في الأرض للحصول على الرزق الحلال؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم يرعى الأغنام لأهل مكة بأجر، وكان مشهورًا في طفولته وشبابه بأنه الصادق الأمين، وكان أهل مكة يحفظون عنده أموالهم، حتى بعد أن جهَر بالدعوة إلى الله تعالى، وعندما هاجر ترك علي بن أبي طالب ليرد الأمانات إلى أهلها، وكان التجار يحرصون على أن يعمل عندهم؛ ولذا اختارته السيدة خديجة ليتولى أمور تجارتها، فربحت ربحًا كبيرًا في مدة قصيرة من الزمن.


روى الشيخان عنالبراء بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو ينقل التراب، حتى وارى التراب شعر صدره، وكان رجلًا كثير الشعر، وهو يرتجز برجز عبدالله بن رواحة:

اللهم لولا أنتَ ما اهتدينا
ولا تصدَّقْنا ولا صلَّيْنا
فأنزِلَنْ سكينةً علينا
وثبِّت الأقدامَ إن لاقينا
إن الأعداء قد بغَوا علينا
إذا أرادوا فتنةً أبينا

يرفع بها صوته؛ (البخاري حديث: 3034/ مسلم حديث: 1803).

 

حرص أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم على العمل:

روى الشيخان عن الأعرج قال: أخبرني أبو هريرة قال: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يُكثِر الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم واللهُ الموعدُ، إني كنت امرأً مسكينًا ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق (التجارة والمعاملة) بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم، فشهِدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ وقال: ((مَن يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه، فلن ينسى شيئًا سمعه مني))، فبسطت بردةً كانت علي؛ فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئًا سمعته منه؛ (البخاري حديث 7354 / مسلم حديث 2492).


(1) الخليفة أبو بكر الصِّديق:

لما استخلف أبو بكرٍ رضي الله عنه، أصبح غاديًا إلى السوق وعلى رقبته أثوابٌ يتجر بها، فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، فقالا له: أين تريد يا خليفة رسول الله؟ قال: السوق، قالا: تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين؟ فقال: من أين أطعم عيالي؟ قالا له: انطلق حتى نفرض لك شيئًا، فانطلق معهما، ففرضوا له كل يومٍ شطر شاةٍ؛ (المنتظم لابن الجوزي جـ 4 صـ 71).


(2) الخليفة عمر بن الخطاب:

روى مسلمٌ عن عبيد بن عميرٍ: أن أبا موسى الأشعري، استأذن على عمر ثلاثًا، فكأنه وجده مشغولًا، فرجع، فقال عمر: ألم تسمع صوت عبدالله بن قيسٍ؟! ائذنوا له، فدُعِي له، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: إنا كنا نؤمر بهذا،قال: لتقيمن على هذا بينةً أو لأفعلن، فخرج فانطلق إلى مجلسٍ من الأنصار، فقالوا: لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا، فقام أبو سعيدٍ فقال: (كنا نؤمر بهذا)، فقال عمر: (خَفِيَ عليَّ هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألهاني عنه الصفق بالأسواق)؛ (مسلم حديث: 2153).

• (الصفق بالأسواق): أي التجارة والمعاملة في الأسواق.


(3) عمر يحث ابنه على العمل:

قال عاصم بن عمر بن الخطاب: زوَّجني أبي، فأنفق عليَّ شهرًا، ثم أرسل إليَّ بعدما صلى الظهر،فدخلت عليه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إني ما كنت أرى هذا المال يحل لي، وهو أمانة عندي، إلا بحقه، وما كان قط أحرم عليَّ منه حين وليته، فعاد أمانتي، وقد أنفقت عليك شهرًا من مال الله، ولست زائدك عليه، وقد أعنتك بثمن مالي، فبعه ثم قم في السوق إلى جنب رجلٍ من قومك، فإذا صفق بسلعة فاستشركه، ثم بِعْ وكل، وأنفق على أهلك؛ (تهذيب الكمال للمزي جـ 13 صـ 522).


(4) عبدالرحمن بن عوف:

روى البخاري عن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوفٍ قال: قال: عبدالرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه: لما قدمنا المدينة، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع، فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الأنصار مالًا، فأقسم لك نصف مالي، وانظر أي زوجتي هَوِيتَ، نزلت لك عنها، فإذا حلَّتْ تزوجتَها،فقال له عبدالرحمن: لا حاجة لي في ذلك، هل من سوقٍ فيه تجارةٌ؟ قال: سوق قينقاع،قال: فغدا إليه عبدالرحمن فأتى بأقطٍ وسمنٍ،قال: ثم تابع الغدو، فما لبث أن جاء عبدالرحمن عليه أثر صفرةٍ (عطر)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تزوجتَ؟))، قال: نعم،قال: ((ومن؟))، قال: امرأةً من الأنصار،قال: ((كم سُقْتَ؟))، قال: زِنَةَ نواةٍ من ذهبٍ أو نواة من ذهبٍ،فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَوْلِمْ ولو بشاةٍ))؛ (البخاري حديث: 2048).


متى يكون العمل عبادة؟

أولًا: معنى العبادة:

العبادة: هي اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه؛ من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة، وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة،وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه،وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته والخوف لعذابه، وأمثال ذلك هي من العبادة لله؛ (مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 10 صـ 150: 149).

 

ومِن خلال هذا المفهوم نعلَم خطأ من يقصُرون العبادة على بعض الجوانب الروحية من الإسلام؛ فالهدف الذي خلَق الله الإنسان من أجله هو عبادته سبحانه وحده، وعبادة الله تشمل الدِّين كله، وتشمل أيضًا جميع جوانب الحياة.


وعلى ذلك نقول وبالله تعالى التوفيق: كل عمل يقوم به المسلم يمكن أن يكون عبادة لله تعالى، إذا توفرت فيه الشروط التالية:

(1) أن يكون العمل خالصًا لله تعالى، ويعتقد المسلم أنه يثاب عليه، ويقصد به أن يكف نفسه وأسرته عن سؤال الناس، وينفع المسلمين بهذا العمل.

(2) أن يكون العمل مشروعًا وموافقًا لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

(3) ألا يَشغَلَه العمل عن القيام بما أوجبه الله تعالى عليه؛ كالمحافظة على إقامة الصلوات المفروضة جماعة في المساجد، وكالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على حسب استطاعته.

فإذا تحققت هذه الشروط، كان عمل المسلم عبادةً لله تعالى، وفي ميزان حسناته يوم القيامة.


صفات العامل المسلم:

هناك بعض الصفات التي يجب أن يتحلى بها العامل المسلم، نـوجزها فيما يلي:

(1) الإخلاص وتقوى الله عز وجل في العمل، الاعتقاد بأن يثاب على عمله هذا.

(2) الإيمان بأن الله تعالى ضمن الأرزاق لجميع المخلوقات.

(3) حُسن التوكل على الله، مع الأخذ بالأسباب المشروعة للحصول على الرزق.

(4) المحافظة على إقامة الصلوات المفروضة جماعة في المساجد، والإكثار من الدعاء.

(5) التفقُّه في الدِّين، ومعرفة أحكام الحلال والحرام فيما يقوم به من العمل.

(6) استخارة الله تعالى، ومشاورة أهل الخبرة الصالحين في نوع العمل الذي يقوم به.

(7) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة.

(8) الالتزام بالصدق والأمانة، والتحلي بمحاسن الأخلاق، والصبر على العمل.

(9) تقديم العون والمساعدة للمسلمين.

(10) التحدُّث بنعمة الله وفضله عليه، وظهور أثر هذه النعمة على مظهره ومأكله ومسكنه.


أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين.

 

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل العمل الجماعي
  • العمل سبيل العزة
  • قيمة العمل
  • الإسلام دين الفطرة.. صالح لكل زمان ومكان
  • الإسلام دين لا يقبل الله سواه
  • الإسلام هو دين الفطرة

مختارات من الشبكة

  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • اليابان وتعاليم الإسلام وكيفية حل الإسلام للمشاكل القديمة والمعاصرة (باللغة اليابانية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مقاييس جمال النص في صدر الإسلام وموقف الإسلام من الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الإسلام (بني الإسلام على خمس)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح لامية شيخ الإسلام من كلام شيخ الإسلام (WORD)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب