• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

أهمية التعاون

الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/4/2016 ميلادي - 28/6/1437 هجري

الزيارات: 56870

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أهمية التعاون

 

الحمد لله الذي له ملك السموات والأرض، يحيي ويميت، وهو على كل شيءٍ قدير،هو الأول والآخِر، والظاهر والباطن، وهو بكل شيءٍ عليم،والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:

فإن التعاون على البر والتقوى من أفضل القربات التي يتقرب بها المسلم لله تعالى؛مِن أجل ذلك أحببت أن أذكر نفسي وإخواني الكرام بفضل التعاون ومنزلته في الإسلام.

 

معنى التعاون:

التعاون: المساعدة على الخير؛ (معجم اللغة العربية المعاصرة جـ 2 صـ 1580).

 

التعاون ضرورة اجتماعية:

يعتبر التعاون على الخير بين أفرد المجتمع ضرورة إنسانية واجتماعية، لا يستطيع الناس الاستغناء عنها.

قال عبدالرحمن بن خلدون (رحمه الله تعالى):

إن الاجتماع الإنساني ضروري، ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم: الإنسان مدني بالطبع؛ أي: لا بد له من الاجتماع، وبيانه أن الله سبحانه خلق الإنسان وركَّبه على صورة لا يصح حياتها وبقاؤها إلا بالغذاء، وهداه إلى التماسه بفطرته، وبما ركب فيه من القدرة على تحصيله، إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من ذلك الغذاء، غير موفية له بمادة حياته منه، ولو فرضنا منه أقل ما يمكن فرضه، وهو قوت يوم واحد من الحنطة مثلًا، فلا يحصل إلا بعلاج كثير من الطحن والعجن والطبخ، وكل واحد من هذه الأعمال الثلاثة يحتاج إلى مواعين وآلات لا تتم إلا بصناعات متعددة من حداد ونجار وفاخوري، وهَبْ أنه يأكله حبًّا من غير علاج فهو أيضًا يحتاج في تحصيله حبًّا إلى أعمال أخرى أكثر من هذه الزراعة والحصاد والدراس الذي يخرج الحب من غلاف السنبل، ويحتاج كل واحد من هذه إلى آلات متعددة وصنائع كثيرة أكثر من الأولى بكثير، ويستحيل أن تفي بذلك كله أو ببعضه قدرةُ الواحد؛ فلا بد له من اجتماع القدر الكثيرة من أبناء جنسه؛ ليحصل القوت له ولهم، فيحصل بالتعاون قدر الكفاية من الحاجة لأكثر منهم بأضعاف، وكذلك يحتاج كل منهم أيضًا في الدفاع عن نفسه إلى الاستعانة بأبناء جنسه؛ لأن الله سبحانه لما ركب الطباع في الحيوانات كلها، وقسم القدر بينها، جعل حظوظ كثير من الحيوانات العجم من القدرة أكمل من حظ الإنسان، فقدرة الفرس مثلًا أعظم بكثير من قدرة الإنسان، وكذا قدرة الحمار والثور والأسد والفيل أضعاف من قدرته،ولما كان العدوان طبيعيًّا في الحيوان جعل لكل واحد منها عضوًا يختص بمدافعة ما يصل إليه من عادية غيره، وجعل للإنسان عوضًا عن ذلك كله الفكر واليد؛ فاليد مهيأة للصنائع بخدمة الفكر، والصنائع تحصل له الآلات التي تنوب له عن الجوارح المعدة في سائر الحيوانات للدفاع؛فالواحد من البشر لا تقاوم قدرته قدرة واحد من الحيوانات العجم، سيما المفترسة، فهو عاجز عن مدافعتها وحده بالجملة، ولا تفي قدرته أيضًا باستعمال الآلات المعدة للمدافعة؛ لكثرتها وكثرة الصنائع والمواعين المعدة لها، فلا بد في ذلك كله من التعاون عليه بأبناء جنسه، وما لم يكن ذلك التعاون فلا يحصل له قوت ولا غذاء، ولا تتم حياته لِما ركبه الله تعالى عليه من الحاجة إلى الغذاء في حياته، ولا يحصل له أيضًا دفاع عن نفسه لفقدان السلاح، فيكون فريسة حيوانات، ويعاجله الهلاك عن مدى حياته ويبطل نوع البشر، وإذا كان التعاونُ، حصل له القوت للغذاء والسلاح للدفاع، وتمت حكمة الله في بقائه وحفظ نوعه، فإذًا هذا الاجتماع ضروري للنوع الإنساني، وإلا لم يكمُلْ وجودهم وما أراده الله من اعتمار العالم بهم واستخلافه إياهم؛ (المقدمة لابن خلدون صـ 55: 54).

 

التعاون وصية رب العالَمين:

(1) قال سبحانه: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البِر، وترك المنكرات، وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل، والتعاون على المآثم والمحارم؛ (تفسير ابن كثير جـ 5 صـ 18).

قال الإمام ابن جرير الطبري (رحمه الله): الإثم: ترك ما أمركم الله بفعله، والعدوان: مجاوزة ما حد الله لكم في دِينكم، وفرض لكم في أنفسكم وفي غيركم؛ (تفسير الطبري جـ 9 صـ 490).

 

(2) وقال جل شأنه: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103].

قال الإمام القرطبي (رحمه الله): الله تعالى يأمر بالأُلفة، وينهى عن الفُرقة؛ فإن الفُرقة هلَكة، والجماعة نجاة،ورحم الله ابن المبارك حيث قال:

إن الجماعةَ حبلُ الله فاعتصِموا ♦♦♦ منه بعُروتِه الوثقى لِمَنْ دانا

(تفسير القرطبي جـ 4 صـ 168).

 

نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يحثنا على التعاون:

(1) روى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا)) وشبك بين أصابعه؛ (البخاري حديث: 2446 / مسلم حديث 2585).

 

(2) روى مسلم عن النعمان بن بشيرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَل المؤمنين في توادِّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد (أي دعا بعضه بعضًا إلى المشاركة في ذلك) بالسهر والحمى))؛ (مسلم حديث: 2586).

 

قال الإمام النووي (رحمه الله): هذا الحديث صريح في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعضٍ، وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ؛ (مسلم بشرح النووي جـ 8 صـ 385).

 

(3) روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسر على معسرٍ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه))؛ (مسلم حديث: 2699).

 

(4) روى الشيخان عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلِمُه (يتركه إلى الظلم)، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلمٍ كربةً، فرج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة))؛ (البخاري حديث: 2442/ مسلم حديث 2580)

.

(5) روى الشيخان عن أم عطية، قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُخرج في الفِطر والأضحى، العواتق (البنت في أول الحيض، والتي لم تتزوج)، والحيض، وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: ((لتُلْبِسْها أختُها من جلبابها))؛ (البخاري حديث: 351/ مسلم حديث: 890).

 

أقوال السلف في التعاون:

(1) قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: عليك بإخوان الصدق فعِشْ في أكنافهم؛ فإنهم زَيْنٌ في الرخاء، وعُدَّة في البلاء؛ (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ 84 رقم: 35).

 

(2) قال عطاء بن أبي رباح: تفقدوا إخوانكم بعد ثلاثٍ، فإن كانوا مرضى فعُودوهم، أو مشاغيل فأعينوهم، أو كانوا نَسُوا فذكِّروهم؛ (إحياء علوم الدين للغزالي جـ 2 صـ 176).

 

(3) قال رجلٌ لداود الطائي: أوصني، قال: اصحب أهل التقوى؛ فإنهم أيسرُ أهل الدنيا عليك مؤنةً، وأكثرهم لك معونةً؛ (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ 95 رقم: 43).

 

(4) قال يونس الحذَّاء: سئل أبو حمزة الشيباني عن الإخوان في الله عز وجل، مَن هم؟ قال: هم العاملون بطاعة الله عز وجل، المتعاونون على أمر الله عز وجل، وإن تفرَّقت دورهم وأبدانهم؛ (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ 99 رقم: 49).

 

(5) قال ابن المعتز: مَن اتخذ إخوانًا، كانوا له أعوانًا؛ (أدب الدنيا والدين للماوردي صـ 161).

 

(6) قال بعض البلغاء: صديق مساعد، عَضُدٌ وساعد؛ (أدب الدنيا والدين للماوردي صـ 161).

 

(7) قال بعض الحكماء: من جاد لك بمودته، فقد جعلك عديل نفسه؛فأول حقوقه اعتقاد مودته، ثم إيناسه بالانبساط إليه في غير محرمٍ، ثم نصحه في السر والعلانية، ثم تخفيف الأثقال عنه، ثم معاونته فيما ينوبه من حادثةٍ، أو يناله من نكبةٍ؛فإن مراقبته في الظاهر نفاق، وتركه في الشدة لؤم؛ (أدب الدنيا والدين للماوردي صـ 176).

 

(8) قال بعض الحكماء: العقل والتجرِبة في التعاون بمنزلة الماء والأرض، لا يطيق أحدهما دون الآخر إنباتًا؛ (ربيع الأبرار ـ للزمخشري جـ 3 صـ 445 رقم: 32).

 

(9) قال بعض الحكماء: فضيلة الفلاحين التعاون بالأعمال، وفضيلة التجار التعاون بالأموال، وفضيلة الملوك التعاون بالآراء والسياسة، وفضيلة العلماء التعاون بالحكم الإلهية، والفضيلة المشتركة بين الأصناف الأربعة هي التعاون على ما يصلُحُ به المعاش والمعاد؛ (الكشكول ـ لبهاء الدين الهمذاني ـ جـ 2 صـ 289).

 

(10) قال أحمد شوقي:

إن التعاونَ قوَّةٌ عُلْويَّة ♦♦♦ تَبْني الرجالَ وتُبدِعُ الأشياءَ

(صيد الأفكار ـ لحسين المهدي ـ صـ 303).

 

(11) قال بعض الشعراء:

همومُ رجالٍ في أمورٍ كثيرةٍ ♦♦♦ وهَمِّي مِن الدنيا صديقٌ مساعدُ

(أدب الدنيا والدين للماوردي صـ 161).

 

نبيُّنا صلى الله عليه وسلم هو القدوة في التعاون:

(1) روى الشيخان عن عائشة أم المؤمنين قالت (وهي تتحدث عن أول نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وبعد عودته من غار حراءٍ): فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلدٍ رضي الله عنها، فقال: ((زملوني زملوني))، فزملوه حتى ذهب عنه الرَّوْع (شدة الخوف)، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: ((لقد خشيت على نفسي))، فقالت خديجة: كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا (أي لا يضيعك)؛ إنك لتصِل الرحم، وتحمل الكَلَّ (أي تنفق على الضعيف واليتيم)، وتَكسِبُ المعدوم (تتبرع بالمال لمن عدمه، وتعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك)، وتَقْرِي الضيف (أي تكرمه وتقدم له الطعام والشراب)، وتعين على نوائب الحق (هي ما ينزل بالإنسان من الشدائد)؛ (البخاري حديث: 3/ مسلم حديث: 160).

 

(2) روى البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، تعني خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة؛ (البخاري حديث 676).

 

(3) روى الشيخان عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره، وكان رجلًا كثير الشعر، وهو يرتجز برجَز (أي يردد شعر) عبدالله بن رواحة:

اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينةً علينا
وثبِّت الأقدام إن لاقينا
إن الأعداء قد بغَوْا علينا
إذا أرادوا فتنةً أبينا

يرفع بها صوته؛ (البخاري حديث: 3034/ مسلم حديث: 1803).

 

(4) روى مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: بينما نحن في سفرٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلةٍ له، قال: فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا (أي متعرضًا لشيءٍ يدفع به حاجته)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان معه فضل ظهرٍ (أي زيادة ما يركب على ظهره من الدواب)، فليعُدْ به على من لا ظهر (أي من لا دابة) له، ومن كان له فضل من زادٍ، فليعُدْ به على من لا زاد له))، قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحدٍ منا في فضلٍ؛ (مسلم حديث: 1728).

 

قال الإمام النووي (رحمه الله): في هذا الحديث الحث على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب والاعتناء بمصالح الأصحاب؛ (مسلم بشرح النووي جـ 6 صـ 275).

 

(5) روى أحمد عن عثمان بن عفان قال: إنا والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، فكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير؛ (حديث حسن) (مسند أحمد جـ 1 صـ 532 حديث: 504).

 

صور من تعاون الصحابة:

(1) روى الشيخان عن أبي موسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الأشعريين إذا أرملوا (أي فَنِيَ زادهم) في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوبٍ واحدٍ، ثم اقتسموه بينهم في إناءٍ واحدٍ بالسوية؛ فهم مني وأنا منهم))؛ (البخاري حديث 2486 / مسلم حديث 2500).

 

(2) روى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال - وهو يتحدث عن بناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم -: كنا نحمل لَبِنةً لَبِنةً، وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فينفض التراب عنه، ويقول: ((ويح عمارٍ، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار))، قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن؛ (البخاري حديث: 447).

 

(3) روى أبو نعيم عن مالكٍ الداراني: أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أخذ أربعمائة دينارٍ فجعلها في صرةٍ، فقال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح، ثم تلبث ساعةً في البيت حتى تنظر ما يصنع، فذهب بها الغلام، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: وصله الله ورحمه، ثم قال: تعالَيْ يا جارية، اذهبي بهذه السبعة إلى فلانٍ، وبهذه الخمسة إلى فلانٍ، وبهذه الخمسة إلى فلانٍ، حتى أنفذها،فرجع الغلام إلى عمر رضي الله تعالى عنه وأخبره، فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبلٍ، فقال: اذهب بها إلى معاذٍ، وتَلَهَّ في البيت ساعةً حتى تنظر ما يصنع، فذهب بها إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: رحمه الله ووصله، تعالي يا جارية، اذهبي إلى بيت فلانٍ بكذا، اذهبي إلى بيت فلانٍ بكذا، فاطلعت امرأة معاذٍ فقالت: ونحن والله مساكين فأعطنا، ولم يبقَ في الخرقة إلا ديناران، فدحا بهما إليها (أي أعطاهما)، ورجع الغلام إلى عمر فأخبره، فسُرَّ بذلك وقال: إنهم إخوة بعضهم من بعضٍ؛ (حلية الأولياء لأبي نعيم جـ 1 صـ 237).

 

تعاون عجيب:

روى البخاري عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قدم علينا عبدالرحمن بن عوفٍ، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وكان كثير المال، فقال سعد: قد علمت الأنصار أني من أكثرها مالًا، سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فأطلقها حتى إذا حلت تزوجتها، فقال عبدالرحمن: بارَك الله لك في أهلك؛ (البخاري حديث 3781).

 

التعاون لدفع الشر عن الناس:

قال سبحانه عن ذِي القَرْنين: ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف: 93 - 98].

في هذه الآيات الكريمة صورة من صور التعاون على الخير ودفع الشر عن الناس، والتصدي للمفسِدين في الأرض.

 

التعاون في مجال الدعوة إلى الله:

حثَّ الله تعالى عباده المؤمنين على نصرة الإسلام وأهله، ونصرة نبيه ومؤازرته ومعاونته على إقامة الدِّين ونشر الدعوة، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [الصف: 14]؛ أي: مَن يساعدني في الدعوة إلى الله؟ ﴿ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ﴾ [الصف: 14]، وكان ذلك في قريةٍ يقال لها: الناصرة،فسُمُّوا النصارى بذلك؛ (البداية والنهاية لابن كثير جـ 2 صـ 489).

 

التعاون على إقامة العبادات:

قال موسى الأشعري رضي الله عنه لبعض أصحابه:

"انظروا - رحمكم الله - واعقِلوا وأحكموا الصلاة، واتقوا الله فيها، وتعاونوا عليها، وتناصحوا فيها بالتعليم من بعضكم لبعض، والتذكير من بعضكم لبعض من الغفلة والنسيان؛ فإن الله عز وجل قد أمركم أن تعاونوا على البر والتقوى، والصلاة أفضل البر؛ (طبقات الحنابلة ـ لأبي الحسين ابن أبي يعلى جـ 1 صـ 354).

 

التعاون على قيام الليل:

كان أهل البيت الواحد من سلفنا الصالح يتعاونون على قيام الليل.

(1) روى البخاري عن أبي عثمان النهدي قال: تضيفت أبا هريرة (أي نزلت ضيفًا عليه) سبعًا، فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثًا: يصلي هذا، ثم يوقظ هذا؛ (البخاري حديث: 5441).

 

(2) روى أبو نعيم عن عبدالقدوس بن بكر بن خنيسٍ، قال: كان الحسن بن صالحٍ، وأخوه علي، وكان علي يفضل عليه، وكانا يقرأان القرآن وأمهما، يتعاونون على العبادة بالليل، لا ينامون، وبالنهار لا يفطرون، فلما ماتت أمهما تعاونا على القيام والصيام عنهما وعن أمهما، فلما مات عليٌّ قام الحسن عن نفسه، وعنهما، وكان يقال للحسن: حية الوادي - يعني لا ينام بالليل؛ (انظر حلية الأولياء جـ 7 صـ 328).

 

التعاون في طلب العلم:

روى الشيخان عن عبدالله بن عباسٍ، عن عمر، قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيدٍ، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك، فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته، فضرب بابي ضربًا شديدًا، فقال: أثم هو؟ ففزعت فخرجت إليه، فقال: قد حدث أمر عظيم،قال: فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: طلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: لا أدري، ثم دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت وأنا قائم: أطلقت نساءك؟ قال: ((لا)) فقلت: الله أكبر؛ (البخاري حديث: 89 / مسلم حديث: 1479).

 

التعاون بين المسؤولين:

ينبغي أن يتعاون جميع الأفراد الذين يجمعهم عمل واحد، من أجل إنجاز هذا العمل على الوجه المشروع، الذي يرضي الله تعالى، وهذا هو المقصود من نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبلٍ وأبي موسى الأشعري حين بعثهما إلى اليمن.

 

روى الشيخان عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن قال: ((يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تنفِّرا، وتطاوَعا ولا تختلفا)) (البخاري حديث: 3038 / مسلم حديث: 1733).

 

التعاون بين الدول الإسلامية:

ما أحوج الدول الإسلامية هذه الأيام إلى تحقيق التعاون فيما بينها في جميع المجالات: الاقتصادية، والثقافية، والسياسية، والعسكرية، إن الله تعالى قد وهب للبلاد الإسلامية نعمًا كثيرة، منها: الماء العذب، والتربة الزراعية الخصبة، والبترول، والمعادن، والأيدي العاملة، والمناخ المتنوع، والموقع الجغرافي الممتاز،وهذه الخيرات الربانية قد لا تتوفر جميعها في غير البلاد الإسلامية،ومن العجيب أن نرى بلادًا غير إسلامية قد سبقتنا إلى تحقيق التعاون فيما بينها، كالدول الأوربية، التي قامت بتوحيد عملتها المالية، وأقامت سوقًا اقتصادية مشتركة، وأزالت الحواجز الجمركية فيما بينها، وأقامت معاهدة للدفاع المشترك ضد أي اعتداء على أي دولة أوروبية،وقد ظهر هذا التعاون في أماكن أخرى من العالم.

 

إن الدول الإسلامية أَوْلى من هذه الدول بتحقيق هذا التعاون؛ وذلك لأن ديننا الإسلامي يدعو إلى الوحدة والمودة والإخاء، ويدعو المؤمنين جميعًا إلى التعاون على الخير في جميع مجالات الحياة؛قال الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

 

فوائد التعاون:

(1) التعاون يساعد في إنجاز الأعمال الكبيرة التي لا يقدر عليها الأفراد.

(2) التعاون يجعل الإنسان يشعر بالقوة وينزع عنه الشعور بالعجز.

(3) التعاون دليل حب الخير للآخرين.

(4) التعاون يساعد على مواجهة الأخطار المحيطة بالإنسان.

(5) التعاون ثمرة من ثمرات الإيمان، فضلًا عن كونه حاجة ماسة للإنسان.

(6) التعاون أساس التقدم والإنتاج والنجاح والتفوق.

(7) التعاون من ثمرات الأخوَّة الإسلامية.

(8) التعاون يؤدي إلى الشعور بالمساواة في الإنسانية.

(9) التعاون ينزع الحقد من القلوب الضعيفة، ويُزيل أسباب الحسد.

(10) التعاون طريق موصل إلى محبة الله ورضاه وجنته.

(11) التعاون سببٌ من أهم أسباب الألفة والمحبة بين الناس.

(12) التعاون يحقِّق سنَّة الله تعالى في خلقه، ويوافق طبيعة الأشياء؛ (موسوعة نضرة النعيم جـ 3 صـ 1027).

 

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم،وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين.

 

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التعاون
  • رابطة التعاون
  • آيات عن التعاون
  • إقرار مبادئ التعاون الإنساني في القرآن الكريم
  • التعاون: أهميته وفوائده
  • التعاون

مختارات من الشبكة

  • "أهمية التعاون في تنفيذ الأنشطة الإسلامية" ورشة عمل بـ "نيجيريا"(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أهمية التضامن والتعاون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية الذكر وأقسامه وآدابه وفوائده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية الأمن الفكري والنفسي والاجتماعي لدى الأيتام(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهمية علم المناسبات في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السماع وأهميته في صناعة النحو العربي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهمية عمل القلب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فضل الإيمان وأهميته في قلوب الأبناء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية الأمانة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب