• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    أمران من عقائد النصارى أبطلهما القرآن بسهولة ويسر ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    حجية خبر الآحاد (PDF)
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    الخرقي وكتابه: "المختصر في الفقه" (PDF)
    نورة بنت إبراهيم بن محمد التويجري
  •  
    وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    من أقوال السلف في البخل والشح
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    بر الوالدين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أسباب البركة في الطعام
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    البراء بن عبدالله بن صالح القرعاوي
  •  
    بركة الرزق (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع / في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
علامة باركود

أولو بقية ينهون عن الفساد (خطبة)

أولو بقية ينهون عن الفساد (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/2/2016 ميلادي - 12/5/1437 هجري

الزيارات: 21335

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أولو بقية ينهون عن الفساد


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، ثَمَّةَ قَضِيَّةٌ تُعَدُّ مِن كُبرَيَاتِ القَضَايَا، وَمُهِمَّةٌ مِن مُهِمَّاتِ المَسَائِلِ في الشَّرِيعَةِ، بَل هِيَ جُزءٌ مِنَ النِّظَامِ الإِدَارِيِّ الإِسلامِيِّ الأَصِيلِ، المَبنِيِّ عَلَى مَا أَنزَلَهُ اللهُ وَأَمَرَ بِالحُكمِ بِهِ وَالاحتِكَامِ إِلَيهِ، إِنَّهَا وِلايَةٌ مِن الوِلايَاتِ الَّتي تُكَلَّفُ بها الدَّولَةُ المُسلِمَةُ، يَتَوَلاَّهَا إِمَامُ المُسلِمِينَ وَسُلطَانُهُم بِنَفسِهِ إِنِ استَطَاعَ، وَإِلاَّ وَجَبَ عَلَيهِ أَن يُنِيبَ عَنهُ مَن يَتَوَلاَّهَا مِمَّن فِيهِمُ الكِفَايَةُ، مِثلُهَا مِثلُ إِمَامَةِ الصَّلاةِ وَالقَضَاءِ وَالجِهَادِ وَغَيرِهَا مِنَ الوِلايَاتِ. أَتَدرُونَ مَا هَذِهِ الوِلايَةُ العَظِيمَةُ - يَا عِبَادَ اللهِ -؟! إِنَّهَا الحِسبَةُ، الأَمرُ بِالمَعرُوفِ إِذَا ظَهَرَ تَركُهُ، وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ إِذَا ظَهَرَ فِعلُهُ. لَيسَتِ الحِسبَةُ اختِيَارًا لِلمُجتَمَعَاتِ أَوِ الحُكُومَاتِ، وَكَيفَ تَكُونُ خِيَارًا وَشَارِعُهَا مَن لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن رَأَى مِنكُم مُنكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِن لم يَستَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِن لم يَستَطِعْ فَبِقَلبِهِ، وَذَلِكَ أَضعَفُ الإِيمَانِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.


وَإِنَّهُ لَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلٌ في سَائِرِ الوِلايَاتِ الشَّرعِيَّةِ في الدَّولَةِ الإِسلامِيَّةِ، لَوَجَدَ حَقِيقَتَهَا كُلِّهَا الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ بِقُوَّةِ السُّلطَانِ، وَلَولا استِعمَالُ السُّلطَةِ وَأَمرُ النَّاسِ وَنَهيُهُم، وَأَطرُهُم عَلَى الحَقِّ وَرَدعُهُم عَنِ البَاطِلِ، وَأَخذُ الحُقُوقِ مِن بَعضِهِم لِبَعضٍ، لما بَقِيَت فِيهِم فَضِيلَةٌ، وَلانتَشَرَت بَينَهُمُ كُلُّ رَّذِيلَةٍ، وَلاكتَسَحَتِ المُجتَمَعَاتِ الشُّرُورُ وَالآفَاتُ، وَلَدَنَّسَتهَا الآثَامُ وَالسَّيِّئَاتُ وَالمُنكَرَاتُ، فَلَيسَ كُلُّ النَّاسِ يَرتَدِعُ بِرَادِعِ القُرآنِ أَو تُصلِحُهُ العِظَاتُ، وَالإِسلامُ لم يَكُنْ يَومًا مَا مُجَرَّدَ آيَاتٍ تُكتَبُ في السُّطُورِ أَو تُحفَظُ في الصُّدُورِ، دُونَ قُوَّةٍ مَادِّيَّةٍ يَحمِي بها مَبَادِئَهُ وَأُصُولَهُ، وَيَحفَظُ بها مُجتَمَعَاتِهِ وَأَفرَادَهُ، بَل لَقَد كَانَ وَمَا زَالَ قُوَّةً رُوحِيَّةً، تَدعَمُهَا قُوَّةٌ مَادِّيَّةٌ عَادِلَةٌ، مِثلُهُ في ذَلِكَ مِثلُ سَائِرِ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ، حَيثُ لم يُنزِلِ اللهُ عَلَى خَلقِهِ كِتَابًا إِلاَّ وَبِجَانِبِهِ سَيفٌ يَحمِيهِ، وَقُوَّةٌ تَصُونُ المُجتَمَعَاتِ مِن كَيدِ الشَّيَاطِينِ وَفَوضَى العَابِثِينَ وَمُجُونِ المَارِقِينَ، وَتَحُولُ بَينَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ وَبَينَ المَيلِ بِالنَّاسِ عَن صِرَاطِ رَبِّهِم مَيلاً عَظِيمًا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ [الحديد: 25] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 41] وَرُوِيَ عَن عُثمَانَ بنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللهَ لَيَزَعُ بِالسُّلطَانِ مَا لا يَزَعُ بِالقُرآنِ ".

 

وَالحِسبَةُ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - تُعَزِّزُ القِيَمَ الفَاضِلَةَ لِلمُجتَمَعِ، وَتَدفَعُ عَنهُ القِيمَ الشِّرِّيرَةَ؛ وَمِن ثَمَّ فَهِيَ خَطُّ الدِّفَاعِ الأَوَّلِ عَنهُ وَصِمَامُ الأَمَانِ لَهُ، وَمَن نَظَرَ في مُدَوَّنَاتِ السِّيَاسَةِ الشَّرعِيَّةِ وَمُؤَلَّفَاتِ العُلَمَاءِ في الحِسبَةِ وَالاحتِسَابِ وَجَدَ أَنَّ لِلمُحتَسِبِ في دُولَةِ الإِسلامِ مَهَامَّ كَثِيرَةً، تَشمَلُ جَوَانِبَ مُتَعَدِّدَةً دِينِيَّةً وَدُنيَوِيَّةً، وَتَشمَلُ حُقُوقَ اللهِ وَحُقُوقَ خَلقِهِ، مِن الأَمرِ بِالتَّوحِيدِ وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ، وَالنَّهيِ عَنِ الشِّركِ وَمُحَارَبَةِ البِدَعِ، وَمُلاحَقَةِ السَّحَرَةِ وَإِبطَالِ السِّحرِ، إِلى مُرَاقَبَةِ النَّاسِ في أَسوَاقِهِم، وَتَأَمُّلِ أَحوَالِهِم في بَيعِهِم وَشِرَائِهِم، وَمُتَابَعَتِهِم في كُلِّ مَا يَنفَعُهُم، وَحِفظِهِم مِن جَمِيعِ مَا يَضُرُّهُم، وَمِن ثَمَّ كَانَ لِلمُحتَسِبِ إِذَا كَانَ وَلِيَّ الأَمرِ أَوِ مُعَيَّنًا مِن قَبِلِه التَّدَخُّلُ المُبَاشِرُ بِأَمرِ تَارِكِ المَعرُوفِ بِفِعلِهِ وَنَهيِ مُرتَكِبِ المُنكَرِ عَنِ اقتِرَافِهِ، وَالإِلزَامُ بِذَلِكَ حَسبَ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ وَالأَنظِمَةِ المَرعِيَّةِ، وَهَذَا مَا يَجعَلُ الحِسبَةَ دُونَ غَيرِهَا هِيَ العِلاجَ الحَاسِمَ لأَمرَاضٍ تُصِيبُ المُجتَمَعَ كُلَّ يَومٍ، وَلَو أُخِّرَ عِلاجُهَا قَلِيلاً وَغُفِلَ عَن حَسمِهَا في وَقتِهَا، لَتَفَاقَمَت وَتَضَاعَفَت، وَلَصَارَت دَاءً مُزمِنًا يَفتِكُ بِالمُجتَمَعِ وَيُهلِكُ أَفرَادَهُ، خَاصَّةً في هَذَا العَصرِ الَّذِي صَارَ مِن أَوضَحِ سِمَاتِهِ السُّرعَةُ في كُلِّ شَيءٍ حَتى في المَعَاصِي.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَضَت سُنَّةُ اللهِ أَنَّ بَني آدَمَ خَطَّاؤُونَ، وَأَنَّ الخَطَأَ مَتى كَانَ فَردِيًّا خَافِيًّا لم يَضُرَّ إِلاَّ صَاحِبَهُ، وَأَمَّا إِذَا ظَهَرَ وَعَلِمَ بِهِ النَّاسُ وَرَأَوهُ، فَإِنَّهُم مُتَحَمِّلُونَ لَهُ جَمِيعًا، وَعَلَيهِم أَن يُعَالِجُوهُ وَيُصَحِّحُوهُ، وَإِلاَّ عَرَّضُوا أَنفُسَهُم جَمِيعًا لِغَضبِ اللهِ – سُبحَانَهُ -؛ فَهُوَ – تَعَالى - لا يُحِبُّ الفَسَادَ وَلا يَرضَى لِعِبَادِهِ الكُفرَ، بَل وَيَغَارُ أَن تُنتَهَكَ مَحَارِمُهُ أَو تُتَعَدَّى حُدُودُهُ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لم تَظهَرِ الفَاحِشَةُ في قَومٍ قَطُّ حَتى يُعلِنُوا بها إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوجَاعُ الَّتي لم تَكُنْ مَضَت في أَسلافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوا " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ. وَلَمَّا سَأَلَت زَينَبُ بِنتُ جَحشٍ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِقَولِهَا فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ: أَنهلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟! قَالَ: " نَعَم، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ " وَالفَاحِشَةُ لا تَظهَرُ وَتُعلَنُ، وَالخَبَثُ لا يَكثُرُ وَلا يَنتَشِرُ، إِلاَّ إِذَا تُرِكَ الأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ وَضَعُفَ جَانِبُهُ وَخُذِلَ أَهلُهُ، وَتَصَوَّرُوا - حَمَاكُمُ اللهُ - مُجتَمَعًا لا يَحتَسِبُ فِيهِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلا يُؤمَرُ فِيهِ بِمَعرُوفٍ وَلا يُنهَى عَن مُنكَرٍ، مَن سَيَقودُهُ؟! وَبِمَن سَيَقتَدِي صِغَارُهُ؟! إِنَّ المُنكَرَ سَيَتَزَيَّنُ حِينَئِذٍ، وَسَيَكثُرُ الإِغرَاءُ وَالإِغوَاءُ، وَسَيَأتي المُنكَرَ اقتِدَاءً مَن لم يَفعَلْهُ ابتِدَاءً، وَالنَّفسُ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103].


أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَأمُرْ بِالمَعرُوفِ وَلْنَنهَ عَنِ المُنكَرِ، وَلْنَكُنْ عَونًا لِرِجَالِ الحِسبَةِ في بِلادِنَا عَلَى أَدَاءِ هَذِهِ المُهِمَّةِ الجَلِيلَةِ وَالقِيَامِ بِهَذَا الفَرضِ الكِفَائِيِّ، فَإِنَّمَا نَحنُ في سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمِنَ الدِّينِ وَالعَقلِ وَالمَرُوءَةِ، أَن نَحفَظَهَا مِن كُلِّ خَرقٍ، وَنَنتَبِهَ لها مِن كُلِّ مُفسِدٍ يُرِيدُ إِغرَاقَهَا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ استَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعضُهُم أَعلَاهَا وَبَعضُهُم أَسفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسفَلِهَا إِذَا استَقَوا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَن فَوقَهُم، فَقَالُوا لَو أَنَّا خَرَقْنَا في نَصِيبِنَا خَرقًا وَلم نُؤذِ مَن فَوقَنَا، فَإِنْ يَترُكُوهُم وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيدِيهِم نَجَوا وَنَجَوا جَمِيعًا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 71، 72].

♦   ♦   ♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ مُجَرَّدَ تَركِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ وَالتَّخَلِّي عَنِ الحِسبَةِ، مُؤذِنٌ بِهَلاكٍ وَلَعنَةٍ وَعَذَابٍ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79] وَعَن أَبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُم تَقرَؤُونَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105] وَإِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالمَ فَلَم يَأخُذُوا عَلَى يَدَيهِ أَوشَكَ أَن يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِن عِندِهِ " رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَفي رِوَايَةٍ لأَبي دَاوُدَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " مَا مِن قَومٍ يُعمَلُ فِيهِم بِالمَعَاصِي ثم يَقدِرُونَ أَن يُغَيِّرُوا ولا يُغَيِّرُونَ إِلاَّ يُوشِكُ أَن يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ " وَأَمَّا الطَّامَّةُ الكُبرَى وَقَاصِمَةُ الظَّهرِ الَّتي لا قِيَامَ بَعدَهَا، فَهِيَ أَن تَجِدَ مَن يَجمَعُ قُبحًا إِلى قُبحٍ وَيَضُمُّ إِلى سُوءٍ سُوءًا؛ فَلا يَكتفِيَ بِتَركِهِ الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ حَتى يُحَارِبَ هَذِهِ الخَيرِيَّةَ الَّتي شَرَّفَ اللهُ بها هَذِهِ الأُمَّةَ وَامتَدَحَ أَهلَهَا فَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110] فَإِذَا رَأَيتُم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - مَن هَذَا دَيدَنُهُ في مَجَالِسِهِ، أَو فِيمَا يَكتُبُ أَو يَنشُرُ، لا يُرَى إِلاَّ كَارِهًا لِلمُحتَسِبِينَ، ذَامًّا لهم لامِزًا، مُتَتَبِّعًا سَقَطَاتِهِم، مُبتَغِيًا لَهُمُ العَيبَ، غَافِلاً عَن حَسَنَاتِهِم، جَاحِدًا مَا يَردُّهُ اللهُ بِسَبَبِهِم عَنِ البِلادِ وَأَهلِهَا مِنَ الشُّرُورِ وَالآفَاتِ، قَد سَلِمَ مِنهُ أَعدَاءُ اللهِ وَكُلُّ المُخطِئِينَ، وَلم يَسلَمْ مِنهُ أَهلُ الحِسبَةِ وَإِن كَانُوا مُصِيبِينَ، فَاقرَؤُوا قَولَ اللهِ - تَعَالى -: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67] نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ التَّعَرُّضَ لِهَذِهِ الشَّعِيرَةِ وَالتَّمَالُؤَ عَلَى حَربِهَا وَإِسقَاطِهَا مِن قُلُوبِ النَّاسِ أَو مِن أَنظِمَةِ الدَّولَةِ وَسِيَاسَاتِهَا، إِنَّهُ لَنِفَاقٌ وَفُسُوقٌ، وَإِرَادَةُ شَرٍّ بِالبِلادِ وَالعِبَادِ، فَإِيَّاكُم إِيَّاكُم أَن يَقَعَ في أَنفُسِكُم حَرَجٌ مِمَّا أَنعَمَ اللهُ بِهِ عَلَينَا في هَذِهِ البِلادِ مِن وُجُودِ جِهَازٍ رَسمِيٍّ لِلحِسبَةِ وَنُوَّابٍ مُحتَسِبينَ، فَتَقَعُوا في النِّفَاقِ وَتَكُونُوا مِنَ الفَاسِقِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تعليمنا والفساد الاجتماعي
  • نيجيريا: منظمات إسلامية تطالب بمحاكم لمكافحة الفساد
  • خطبة عن الفساد
  • محاربة الفساد فريضة وضرورة (خطبة)
  • خطر السكن في بلاد ينتشر فيها الفساد والانحلال
  • الرأسمالية تترنح (1) العلو في الأرض بالفساد
  • أمانة الأولاد (خطبة)
  • التناد بالنهي عن الفساد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتقوا فتنة التبرج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {أنجينا الذين ينهون عن السوء}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير: (فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قول الله تعالى: (وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: {ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/3/1447هـ - الساعة: 9:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب