• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حفظ اللسان (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    {أو لما أصابتكم مصيبة}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة قصة سيدنا موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    شكرا أيها الطائر الصغير
    دحان القباتلي
  •  
    خطبة: صيام يوم عاشوراء والصيام عن الحرام مع بداية ...
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    منهج المحدثين في نقد الروايات التاريخية ومسالكهم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    كيفية مواجهة الشبهات الفكرية بالقرآن الكريم
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: الشائعات والغيبة والنميمة وخطرهم على
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    أيهما أسهل فتح المصحف أم فتح الهاتف؟ (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فوائد من سورة الفاتحة جمعتها لك من كتب التفسير ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    حديث: كان الإيلاء الجاهلية السنة والسنتين
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    من عمل صالحا فلنفسه (خطبة) - باللغة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    قصة نجاة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    فقه السير إلى الله تعالى (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الدقة والنظام وشدة الانضباط سمة الخلق الإلهي

الدقة والنظام وشدة الانضباط سمة الخلق الإلهي
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/4/2024 ميلادي - 22/10/1445 هجري

الزيارات: 2308

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدِّقةُ والنّظامُ وشدِّةُ الانضباطِ: سِمةُ الخلق الإلهي

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾ [الكهف:1].. والصّلاةُ والسّلامُ على المبعوث بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا..

 

وبعد: فإنَّ المتأمّلَ في تكوين هذا الكونِ الهائلِ العظيم، سيرى أنهُ قد بلغَ من النَّظام والدّقةِ والاتقانِ درجةً فائقةً يصعبُ وصفُها أو الإحاطةُ بها..

 

فما من جُزئيةٍ في هذا الكون الهائلِ من أصغر ذرةٍ وإلى أكبر مجرةٍ، إلا وهيَ تسيرُ وفقَ قوانينَ دقيقةٍ ثابتةٍ، مُنضبطةٍ تمامَ الانضباط، وكلّما تقدَّمَ العِلمُ وأجهزته، وتحسّنت وسائلُ الاكتشاف، ازدادت هذه المسألةُ رسوخًا وقوة.. وتنوعت الشواهدُ والأدلةُ التي تؤكدُ ذلك..

 

حتى أنَّ علماءَ المادةِ ما إن يتعرفوا على قانونٍ ما، ويحددوا طريقةَ عمله، حتى يثقوا في هذا القانون ثِقةً تامّةً، لأنهم يرونَ أنهُ يُعطيهم في كلّ مرةٍ نتائجَ دقيقةٍ ومتوازنة، خاليةً تمامًا من أيّ خللٍ أو انحراف..

 

فعلى سبيل المثال: حينما رُتبت العناصرُ الكيميائية في الجدول الدوري (بحسب الوزن الذري لكل عنصر)، لوحِظَ وُجودُ خواصٍ مُتشابهةٍ للعناصر التي تقعُ في قسمٍ واحد، وأمكنَ للعلماء أن يتنبأوا بالعناصر التي لم تكن معروفةً آنذاك، بل وأمكنهم تحديد خواص تلك العناصرِ الغائبةِ تحديدًا دقيقًا قبل اكتشافها ورؤيتها، فلما تمّ اكتشافُها وجدت مُطابقةً تمامًا لما تنبأوا به من قبل..

 

وقُل مثلَ ذلك في التفاعلات الكيمائيةِ بين العناصر، فهي لا تتمُّ إلا وفقَ قوانينَ دقيقةٍ وثابتة، ولذلك يستطيعُ العلماءُ بكل دقةٍ معرفةَ النتائجِ التي ستصدرُ عن كلّ تفاعلٍ قبلَ حدوثه، وهكذا فالكونُ كلهُ يسودهُ النظامُ الدقيق، والانضباطُ الشديد، وتحكُمهُ قوانين ثابتة لا تتغير..

 

كانَ هذا مدخلًا سريعًا للموضوع.. وفي كتاب اللهِ عزَّ وجلَّ دعوةٌ خاصةٌ لذوي العقولِ والألباب، فإن كنتَ منهم فاستمع وانصت: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب ﴾ [آل عمران:190].. ﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم ﴾ [الحديد:9].. فهي آياتٌ بينات، وضعها الخالقُ الحكيم، الرؤوفُ الرحيم، لتكون لخلقه شواهدَ ودِلالات، وجعلها سبحانهُ آياتٍ واضحاتٍ قريباتٍ، في الأَنفُسِ والأَراضينَ والسموات، وأينما قلَّبَ المرءُ نظرهُ في كون الله البديع، مُصطحبًا قلبهُ وفكره، فسيرى الانضباطَ المذهل، والدِّقةَ والنِّظام، والرَّوعةَ والاتقان: ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيب ﴾ [ق:6]، وقال جلَّ وعلا: ﴿ مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ ﴾ [الملك:3].. وقال سبحانه: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان:2]..

 

فلو تأملت السماءَ في ليلةٍ صافية، فسيمكنك أن ترى بعينك المجردة، قرابةَ الخمسةِ آلافِ نجمٍ، منتشرةً في صفحة السماء، لكن هذا العدد يتضاعفُ إلى عدة ملايين حينما تستخدمُ تلسكوبًا عاديًا، أمَّا إذا استخدمَت تلسكوبًا مُتقدمًا فإنك تستطيعُ أن تشاهدَ بلايين النّجوم.. وسترى أنَّ الفضاءَ الكوني فسيحٌ جدًا جدًا، وسترى كيف تتجمعُ النّجومُ على شكل مجموعاتٍ ضخمة، وبأشكالٍ بديعةٍ مُذهلة، تسمى المجرات.. يقول عنها علماء الفلك: إنَّ أعدادها تُقدر بألوف المليارات.. وأنَّ مجرتنا مجرةَ دربِ التبّانةِ فيها أكثر من 250 بليون نجم، وأنَّ الكونَ فيه أكثر من 200 بليون مجرة، وأنَّ هناك مسافاتٍ هائلةٍ جدًّا تفصلُ بين كلٍّ منها.. وأنَّ جميعَ النّجومِ والمجراتِ تسيرُ في مداراتٍ محددة، وأنَّ كلَّ جرمٍ منها يسيرُ بسرعةٍ مُعينةٍ تختلفُ عن غيره، وأنَّ كلَّ هذه التّحركاتِ المدهشةِ تجري وفقًا لنظامٍ دقيق، وقوانينَ مُحكمةٍ صارمة، مُنضبطةٍ تمامَ الانضباط، بحيثُ لا يصطدمُ بعضها ببعض، ولا يحدثُ في نظام سيرها أدنى تغيُّرٍ، ولو بعد مرور قرنٍ من الزمان. ولذا يستطيعُ العلماءُ تحديدَ وقتِ ومكانِ وقوعِ الخسوفِ والكسوفِ بدقةٍ مُتناهية، وكذلك وقتَ ومكانَ مرورِ الكواكبِ والنيازكِ ولو بعد عشرات السنين..

 

ويقولُ علماءُ الفلك: إنَّ كلَّ النّجومِ والمجراتِ وبلا استثناء، يؤثرُ بعضُها على بعض، وأنَّ الكونَ كلهُ يخضعُ لتوازنٍ دقيقٍ جدًا، وبشكلٍ يفوقُ الخيال.. لدرجة أنه لو كان حدثَ أدني تغييرٍ طفيفٍ في بداية تكوّنِ الكون، لأدَّى ذلك إلى عدم وجودِ أرضنا بالكلية، أو على أقل تقدير: كانت ستوجدُ بشكلٍ لا يصلحُ للحياة.. وصدق الله: ﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق:3].. وقال تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر ﴾ [سورة القمر:49]..

 

ومع أنَّ كوكبَ الأرضِ هو الأهمُّ بالنسبة لنا، فإنهُ على ضخامته لا يساوي ذرةً من هذا الكونِ الهائل، لكن المتأمل في خلقه يرى أنّ كلَّ شيءٍ فيِه قد وضِعَ بنظامٍ دقيقٍ للغاية.. فلو أنَّ حجمَ الأرضِ كان أقلَّ بقليل، أو أكبرَ بقليل، لاستحالت الحياةُ فيه، وكذلك لو اقتربَ القمرُ من الأرض قليلًا لغمرت المياهُ اليابسة، ولو ابتعدَ القمرُ قليلًا لزادت الجاذبيةُ وصعُبت الحركة.. ولو اقتربت الشمسُ منا قليلًا لاحترقنا، ولو بَعُدت قليلًا لتجمدنا.. ولو كانت قِشرةُ الأرضِ أسمكُ بقليل، لأنعدمَ الأوكسجين.. ولو كانت أقلَّ بقليلٍ لغُصنا في جوفها، ولو كانت البِحارُ أعمقُ قليلًا مما هي عليه لامتصت الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون، ولانعدمت الحياة.. ولو كان الغلافُ الجويُّ أخفَّ بقليلٍ مما هو عليهِ الآن، لوصلت النَّيازك سطحَ الأرضِ ولأحرقته، ولو زادت نسبةُ الأوكسجينِ في الهواء قليلًا لزادت قابليةُ الأشياءِ للاحتراق، ولو نقصت قليلًا لأصبح التنفسُ صعبًا.. ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون ﴾ [يس:83]، ﴿ فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم ﴾ [الأنعام:96]..

 

فإذا تأمّلَ الانسانُ في تكوينه وخلقه، فسيجدهُ بنفس المستوى من الدّقة والإحكامِ والاتقان، ففي جسم الانسانِ قرابة الـ(50) ترليون خلية، وكلَّ هذا العددِ الهائلِ من الخلايا يعملُ مع بعضهِ بتناغمٍ مُذهل، وتنسيقٍ دقيق، وتنظيمٍ مُحكمٍ غايةٍ في الإحكام.. فهذه الخلايا الكثيرة يجري داخِلها وفيما بينها، وعلى مدار اللحظةِ والثانية، ما لا يُتصورُ ولا يُحصى من التّفاعلات الكيميائية، والتّحولاتِ الفيزيائية، والعملياتِ الحيوية، ويقول العلماءُ إنَّ فيها من التعقيد الشديد، والدّقةِ المتناهية، والانضباطِ المحكم، ما لا يمكنُ للعقل استيعابه، وأنَّ ما تمَّ اكتشافهُ من تعقيدٍ وظيفيٍ، ودقةٍ مُتناهيةٍ على مستوى الخلية الواحدة، يساوى عملَ عدةِ كمبيوتراتٍ عملاقةٍ تعملُ معًا، وفي آنٍ واحد، وبأقصى طاقاتها..

 

وإذا جئنا للشفرة الوراثيةِ التي تحملُ كلَّ صفاتِ الكائنِ الحيّ، رأينا فيها من التعقيد ما لا يمكنُ وصفه، فهي عبارةٌ عن شريطٍ طولهُ مترين تقريبًا، موجودٌ داخلَ نواةِ كلِّ خلية، وهذه الشّفرةُ المعقدةُ تُحددُ وتتحكّمُ فيما يزيدُ عن المائةِ ألفِ صفةٍ وراثية، وهي مكونةٌ في المجمل من أكثر من مليار متغيرٍ وراثي، ومن مجموعةٍ هائلةٍ جدًا من المركبات الكيميائية، (الأحماضِ الامينية)، وجميعها تدخلُ في تكوين الحمضِ النووي بطريقةٍ دقيقةٍ جدًا، وبأساليبَ ومقاديرَ ثابتةٍ مُنضبطةٍ لا تتغير، بحيثُ أنه لو اختلَّ أيٌّ من هذه المركبات لانهارت الشفرةُ وتشوه الخلق..

 

كلُّ هذا على مستوى خليةٍ واحدة، وجسمُ الانسانِ يُنتجُ في كلِّ ثانيةٍ أكثرَ من (25) مليون خليةٍ جديدة، ويحتوي دِماغهُ على أكثر من مائة مليار خليةٍ عصبية، وتحتوي كبدهُ على أكثر من (400) مليار خليةٍ كبدية، وتحتوي رئتهُ على أكثر من (700) مليون ِحويصلهٍ تنفسية، وتحتوي معِدتهُ على أكثر من (35) مليون غدةٍ هاضمةٍ للطعام، ويوجد في جسمه أكثرَ من ثلاثة ملايين مُستشعِر للألم، ويمكن لأنفهِ أن يُميزَ أكثر من (50) ألف رائحةٍ مختلفة.. هذه عينةٌ صغيرةٌ جدًّا من الإحصائيات الدّالةِ على شدة تعقيدِ خلقِ الإنسان.. ولا عجب، فـ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾ [لقمان:11]..

 

من جهةٍ أخرى: فإنَّ كِميةَ الدّمِ في جسم الانسانِ تُقدرُ بخمسة لتراتٍ تقريبًا، إلا أنه يسبحُ فيهِ ما لا يقلُ عن (4000) عُنصرٍ مختلف، أهمّها كرياتُ الدّمِ الحمراء، والتي يوجدُ منها ما لا يقلُ عن (25) ألف مليار خليةٍ، يتمُّ استبدالها كلّ أربعةِ أشهرٍ تقريبًا، ثم كريات الدّمِ البيضاء، والتي تتواجدُ بمعدل (40) مليار خلية، ويتمُّ استبدالها كلّ أسبوعينِ تقريبًا، ثم الصفائحُ الدموية بمعدل: (20) مليار صفيحة دموية، ويتمُّ استبدالها كلّ عشرةِ أيامٍ تقريبًا.. كما يبلغُ مجموعُ طولِ الأوعيةِ الدّموية في جسم الإنسان (100) ألف كم، والذي يوازي محيطَ الأرضِ مرتين ونصف، وتُقدر المسافةُ التي يقطعها الدّم عبرَ الأوعية الدموية يوميًا بـتسعة آلاف كم، أمَّا ملِك الأعضاء، وأعني به القلب، تلك العضلةُ التي في حجم قبضةِ اليد، فإنها تضخُ الدم بمعدل (70) مرةٍ في الدقيقة، أي مائة ألف مرةٍ في اليوم، أي (36) مليون مرةٍ في السنة، وما يتجاوز المليارينِ من المرات لكل من يتجاوز الستين من عمره.. هذه المضخةُ الجبارة والتي تعملُ بلا توقفٍ، تضخُ ما معدلهُ (6500) لترًا يوميًا، أي ما يزيدُ على المليون برميل طوالَ الستين عامًا.. فإذا انتقلنا إلى الرئتين، فإنَّ الإنسانَ يتنفسُ قرابة العشرينَ مرةً في الدقيقة، أي ما يقاربُ العشرين ألفَ مرةٍ يوميًا، وما يزيدُ عن المائتي مليون مرةٍ في الحياة.. ثم هو يستهلكُ خلالَ تنفسهُ قرابةَ الإثني عشر مترًا مكعبًا من الهواء يوميًا، أي ما يزيدُ عن الربع مليون متر مكعب من الهواء طوالَ حياته.. أمَّا الكبدُ ذلك الجهازُ العجيب، الذي يسميهِ العلماءُ بالمصنع الكيماوي، فهو يقومُ بأكثر من (500) وظيفةٍ مختلفة، إضافةً إلى أنه يُنتجُ من العُصارة الصفراءِ قرابةَ اللترِ والنصفِ يوميًا، أي ما لا يقلُ عن الثلاثين ألفَ لترٍ طوالَ العمر.. أما أعجبُ مصفاةٍ في الوجود، أعني الكلى، فإنها تُصفي كاملَ دمِ الإنسانِ في أقل من ساعةٍ، وتعيدُ تصفيتَهُ أكثرَ من ثلاثينَ مرةً يوميًا، وترشَحُ الكلية بمعدل لترٍ إلى لترين من البول يوميًا..

 

ولمزيد من التأمَّل في مستوى الدِّقةِ والانضباط، انظر كيف يضطربُ حالُ الانسانِ ويسوءُ وضعهُ لو نقصت حموضةُ دمِه قليلًا أو زادت، أو لو نقصَ ضغطُ دمِه قليلًا أو زاد، أو لو نقصَ سكرُ دمِه أو زاد، أو لو نقصت سيولةُ دمِهِ أو زادت، أو لو نقصت خلايا الدمِ البيضاء أو زادت.. لولواتٌ كثيرةٌ، واحتمالاتٌ خطيرةٌ، في أوضاع الدمِ فقط، فكيفَ بالقلب، وكيف بالكبدِ، وكيف بالرئةِ والكليةِ والمعدة والغددِ والبنكرياس.. ووغيرها من الأعضاء..

 

فلا إله إلا الله: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات:21]..

 

إنَّ هذه الدقةِ المتناهيةِ والانضباطِ المحكم، في كُلِّ ما خلقَ اللهُ جلَّ وعلا، لهيَ آيةٌ من آيات اللهِ الباهرة، تذكِّرُ النّاسَ بعظمة اللهِ سبحانهُ وقدرتهِ المطلقةِ على كلّ شيء، وصدق الله: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل:88].. وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴾ [فاطر:44]..

 

كما أنَّ هذه الدقةِ المتناهيةِ والانضباط المحكم، تبينُ للناس وتذكِّرُهم وتُطمأنهم إلى عدل اللهِ المطلق، وإنصافهِ المظلومَ من الظالم، وقضاءِهِ بينهم بالحقّ، يومَ يبعثهم اللهُ جميعًا، ويحشرهُم إليه جميعًا، قال تعالى: ﴿ وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴾ [الكهف:47].. يومَ يُعطى كُلَّ عبدٍ كتابَ أعماله، فيرى فيه كلَّ ما عمِلهُ بمنتهى الدقة، قال تعالى: ﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون ﴾ [الجاثية:29]، وقال تعالى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف:49].. ويذكّرُهم بذلك الميزانِ الدقيق، الذي ستوزنُ به الأعمالُ بكلِّ دقةٍ، قال تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء:47]..

 

كما أنَّ المتأملَ في هذا النظامِ الدقيق المحكم، لا بدَّ أن يورثهُ ذلك تعظيمًا للخالق جلّ وعلا.. والقلبُ المعظِّمَ للهِ حقَّ تعظيمهِ هو قلبٌ موفقٌ سليم، قد أخذَ بأعظم أسبابِ الفوزِ والنَّجاة، وضَمِنَ بإذن اللهِ سعادةَ الدنيا والآخرة..

 

كما أنّ تعظيمَ القلبِ للهِ يولّدُ ثقةً مُطلقةً بالله، ويبعَثُ في النفس السّكِينةَ والطّمأنينة.. ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]..

 

ثم إنَّ العبدَ إذا عظَّمَ ربهُ عظَّمَ أمرهُ ففعلَ ما يؤمرُ به، وعظّمَ نهيهُ فتركَ ما يُنهى عنه.. ومَن عظَّمَ اللهَ تعالى وقدَّمَ أمرهُ ونهيهُ على كل مَن سِواه، فإنَّ اللهَ يُعظِّمُ قدْرهُ في قلوب خلقهِ.. ومن هانَ عليه أمرُ اللهِ فعصاه (عياذًا بالله)، أهانهُ الله، ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ﴾ [الحج: 18]..

 

﴿ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّاب ﴾ [آل عمران:8].. ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين ﴾ [البقرة:286].. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ﴾ [البقرة:201]..

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين ﴾ [الصافات:180]..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فتح العلي بفقه المنع والعطاء الإلهي (خطبة)
  • التدابير الإلهية لحفظ أموال اليتامى من الضياع
  • الإخلاص والقوة الإلهية
  • عظمة الوحي الإلهي في الإسلام
  • أصول النصرة الإلهية

مختارات من الشبكة

  • الوكالات التجارية في الفقه والنظام(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • نظرية الاحتياط في الفقه الإسلامي والنظام السعودي (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • التعويض العيني في الأعضاء في الشريعة الإسلامية والنظام السعودي(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تأديب القضاة في الشريعة الإسلامية والنظام السعودي(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • أحكام التجارة الإلكترونية في الشريعة الإسلامية والنظام السعودي(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الاستشراق والنظام السياسي الإسلامي: بين مظهر علمي ونهج متحيز(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأخطاء الطبية في الفقه والنظام(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دلالات ألفاظ الأمر في الشريعة والنظام ( دراسة تطبيقية مقارنة )(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دعوى الإعسار في الفقه والنظام السعودي (دراسة مقارنة)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الحسبة والنظام الإداري(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/1/1447هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب