• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوصف بالجاهلية (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    منهج الاستدلال بين القرآن والسنة: دراسة نقدية ...
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    تلك نتائج السرائر!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    التقوى زاد المؤمن (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    أصحاب الأخدود (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق القرآن
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    صفة الوجه
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث: لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    من مائدة الفقه: صفة الاغتسال والمسح على الجبيرة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الإسلام يدعو للحفاظ على النفس البشرية ويحرم قتلها ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإعاقة الباطنية: عمى البصيرة، وأمراض القلوب
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الحسنات: تلك العملة الصعبة
    محمد شفيق
  •  
    خطبة: من مغذيات الإيمان التعرف على الله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    رعاية الله تعالى للخليل عليه السلام وحمايته من شر ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    شرح حديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن ...
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    إذا أحببت الله.. (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الكسل في مواسم العمل (خطبة)

الكسل في مواسم العمل (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/6/2022 ميلادي - 23/11/1443 هجري

الزيارات: 27936

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الكسل في مواسم العمل


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانِ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ أَعْظَمِ الْأَدْوَاءِ الَّتِي تُصِيبُ الْإِنْسَانَ فَتُقْعِدُهُ عَنْ مَصَالِحِهِ الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ دَاءُ الْكَسَلِ. فَإِذَا أَقْعَدَ الْعَبْدَ عَنِ الْعَمَلِ لِآخِرَتِهِ كَانَتْ خَسَارَتُهُ أَعْظَمَ مِنْ خَسَارَةِ الدُّنْيَا كُلِّهَا، وَهُوَ الدَّاءُ الَّذِي أُصِيبَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ؛ فَإِنَّهُمْ كُسَالَى فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ لِفِقْدَانِهِمْ نِيَّةَ التَّعَبُّدِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 142]. «مُتَثَاقِلُونَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرْجُونَ عَلَى أَدَائِهَا ثَوَابًا، وَلَا يَخَافُونَ عَلَى تَرْكِهَا عِقَابًا».

 

وَحَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ التَّكَاسُلِ عَنِ الطَّاعَاتِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 38]. «أَيْ: تَكَاسَلْتُمْ، وَمِلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ وَالدَّعَةِ وَالسُّكُونِ فِيهَا». وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَلِخُطُورَةِ الْكَسَلِ فِي تَعْطِيلِ مَصَالِحِ الْعَبْدِ، وَلَا سِيَّمَا كَسَلُهُ عَنْ مَصَالِحِهِ الدِّينِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِنَجَاتِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَفَوْزِهِ بِرِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْجَنَّةِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ أَنَسٌ: «كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَوَاتٌ لَا يَدَعُهُنَّ» فَذَكَرَهَا. بَلْ جَاءَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهُمُ التَّعَوُّذَ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ التَّعَوُّذَ مِنَ الْكَسَلِ مِنَ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي وَاظَبَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ مَسَاءٍ.

 

وَهَذِهِ الْعِنَايَةُ فِي النُّصُوصِ بِالتَّحْذِيرِ مِنْ دَاءِ الْكَسَلِ، وَالتَّعَوُّذِ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ؛ يَجِبُ أَنْ تَدْفَعَ الْمُؤْمِنَ إِلَى الْحَذَرِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ دَاءٌ يُعَطِّلُ الْعَبْدَ عَنْ مَصَالِحِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ. بَلْ لَوْ كَسِلَ عَنْ مَعَاشِهِ وَمَا يُصْلِحُ دُنْيَاهُ مُدَّعِيًا الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا لَكَانَ مَذْمُومًا، فَكَيْفَ بِمَنْ يَكْسَلُ عَنِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؟! قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ زَاهِدًا بَطَّالًا فَسَدَ أَعْظَمَ فَسَادٍ، فَهَؤُلَاءِ لَا يُعَمِّرُونَ الدُّنْيَا وَلَا الْآخِرَةَ؛ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ بَطَّالًا لَيْسَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَلَا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ... فَمَنْ تَرَكَ بِزُهْدِهِ حَسَنَاتٍ مَأْمُورٍ بِهَا كَانَ مَا تَرَكَهُ خَيْرًا مِنْ زُهْدِهِ، أَوْ فَعَلَ سَيِّئَاتٍ مَنْهِيًّا عَنْهَا. أَوْ دَخَلَ فِي الْكَسَلِ وَالْبَطَالَاتِ فَهُوَ مِنَ الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا؛ ﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الْكَهْفِ: 104]». وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَالْعَجْزُ وَالْكَسَلُ قَرِينَانِ؛ فَإِنْ تَخَلَّفَ الْعَبْدُ عَنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ وَالْفَلَاحِ، إِنْ كَانَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ فَهُوَ الْعَجْزُ، وَإِنْ كَانَ لِعَدَمِ إِرَادَتِهِ فَهُوَ الْكَسَلُ».

 

وَالشَّيْطَانُ يَتَدَرَّجُ مَعَ الْعَبْدِ فِي دَاءِ الْكَسَلِ عَنِ الطَّاعَاتِ، فَيَبْدَأُ بِهِ فِي الْكَسَلِ عَنِ النَّوَافِلِ فَيُقَصِّرُ فِي أَدَائِهَا، وَلَا يُوَاظِبُ عَلَيْهَا، حَتَّى يُثْقِلَهُ عَنْ أَدَائِهَا فَلَا يَأْتِي بِهَا مُطْلَقًا. بَلْ يَكْتَفِي بِالْفَرَائِضِ؛ بِحُجَّةِ أَنَّ النَّوَافِلَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً، وَالنَّوَافِلُ هِيَ سِيَاجُ الْفَرَائِضِ، فَمَنْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ فِي الْكَسَلِ عَنْهَا جَاوَزَهُ إِلَى الْكَسَلِ عَنِ الْفَرَائِضِ؛ فَيَتَأَخَّرُ عَنْهَا، وَإِذَا أَدَّاهَا لَمْ يَقُمْ بِهَا حَقَّ قِيَامِهَا، وَلَرُبَّمَا أَوْصَلَهُ كَسَلُهُ إِلَى تَرْكِهَا أَوْ أَدَائِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا؛ كَمَنْ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ يَجْمَعُونَ الصَّلَوَاتِ بِلَا عُذْرٍ لِلْجَمْعِ، فَلَيْسَ فِيهِمْ دَاءٌ إِلَّا التَّثَاقُلُ وَالْكَسَلُ.

 

وَمِنَ السِّيَاسَةِ فِي مُعَالَجَةِ كَسَلِ النَّفْسِ عَنِ الطَّاعَاتِ أَنْ يُحَافِظَ الْعَبْدُ عَلَى سِيَاجِ النَّوَافِلِ لِيَحْمِيَ بِهَا الْفَرَائِضَ، فَإِذَا أُصِيبَ بِالْفُتُورِ وَالتَّثَاقُلِ خَفَّفَهَا وَقَلَّلَهَا وَلَكِنَّهُ لَا يَقْطَعُهَا، وَهِيَ السِّيَاسَةُ الَّتِي أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ بِهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ: قَالَتْ لِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «لَا تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ أَوْ كَسِلَ صَلَّى قَاعِدًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. وَوَجَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، خُذُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَإِذَا تَذَكَّرَ الْعَبْدُ أَنَّ جَزَاءَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ خُلْدٌ فِي جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَنَعِيمٌ مُقِيمٌ فِي الْبَرْزَخِ ثُمَّ فِي الْآخِرَةِ؛ نَشِطَتْ نَفْسُهُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَنَظَرَ بِقَلْبِهِ إِلَى مُسْتَقْبَلِهِ الْأَبَدِيِّ السَّرْمَدِيِّ، وَاشْتَاقَ إِلَى مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ؛ فَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَصَبَ أَرْكَانَهُ فِي كُلِّ طَاعَةٍ، يَتَلَذَّذُ بِهَا أَشَدَّ مِنْ تَلَذُّذِ أَهْلِ اللَّهْوِ بِلَهْوِهِمْ، قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَهْلُ الدُّنْيَا خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يَتَطَعَّمُوا أَطْيَبَ مَا فِيهَا، قِيلَ لَهُ: وَمَا أَطْيَبُ مَا فِيهَا؟ قَالَ: الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».

 

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آلِ عِمْرَانِ: 15-17].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ الْخِذْلَانِ، وَأَشَدِّ الْخُسْرَانِ؛ التَّكَاسُلُ عَنِ الْعِبَادَاتِ فِي الْمَوَاسِمِ الْفَاضِلَةِ؛ حَيْثُ فَضِيلَةُ الْعَمَلِ، وَمُضَاعَفَةُ الْأَجْرِ؛ كَالْجُمُعَةِ وَرَمَضَانَ وَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ. فَإِنَّ الْكَيِّسَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْتَعِدُّ لِاسْتِقْبَالِهَا، وَيَسْتَنْفِرُ نَفْسَهُ لَهَا، وَيَجِدُّ وَيَجْتَهِدُ فِيهَا، وَيَكُونُ لَدَيْهِ خُطَّةٌ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي سَيُنْجِزُهَا، وَيَحْرِصُ عَلَى أَنْ يَكُونَ وَقْتُهُ كُلُّهُ طَاعَةً؛ لِيَظْفَرَ بِفَضِيلَةِ الزَّمَانِ، فَيُوقِعَ فِيهِ فَضَائِلَ الْأَعْمَالِ.

 

وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ هِيَ خَيْرُ الْأَيَّامِ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا لَيْسَ كَمِثْلِهِ فِي غَيْرِهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ -يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ- قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارِمِيِّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى». قَالَ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «لَا تُطْفِئُوا سُرُجَكُمْ لَيَالِيَ الْعَشْرِ، تُعْجِبُهُ الْعِبَادَةُ وَيَقُولُ: أَيْقِظُوا خَدَمَكُمْ يَتَسَحَّرُونَ لِصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ».

 

وَحَثَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كَثْرَةِ الذِّكْرِ فِيهَا فَقَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَجْزُومًا بِهِ. فَفَرِّغُوا أَنْفُسَكُمْ لَهَا، وَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا فِيهَا؛ فَإِنَّهَا فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ، مَنْ فَاتَهُ اسْتِثْمَارُهَا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَقَدْ حُرِمَ خَيْرًا كَثِيرًا.

 

وَمَنْ عَزَمَ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ -وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ- فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ مُنْذُ دُخُولِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى أَنْ يَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أهمية العمل التطوعي (خطبة)
  • آيات عن العمل
  • كلمة عن أهمية العمل
  • حبوط العمل (خطبة)
  • التحذير من الكسل (1)

مختارات من الشبكة

  • العجز والكسل: معناهما، وحكمهما، وأسبابهما، وعلاجهما (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: مواسمنا الإيمانية منهج استقامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعوة إلى العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف يوفق الشباب إلى البركة وحسن العمل؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من الكسل (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • الأمل والعمل بين اليقين والزهد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوسل إلى الله بصالح الأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/6/1447هـ - الساعة: 16:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب