• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صحيح الأخبار المروية فيمن تنبأ ببعثه خير البرية ...
    عبدالله بن عبدالرحيم بن محمد الشامي
  •  
    تشجير متن الدليل في علم التفسير (PDF)
    افتتان أحمد
  •  
    نسخة الصغاني (النسخة البغدادية) لصحيح البخاري
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    مواسم الخيرات ماذا أحدثت فينا من أثر؟
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    (سورة الماعون) من مشروع (لرأيته خاشعا "القرآن فهم ...
    د. محمد حسانين إمام حسانين
  •  
    أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    خطبة: كيف نربي أولادنا على الدعوة إلى الله
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان قولهم إلا أن قالوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الطهارة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ظاهرة تأخر الزواج (2)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الغيبة والنميمة طباع لئيمة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    قبسات من علوم القرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القادر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    غابة الأسواق بين فريسة الاغترار وحكمة الاغتناء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فرق بين الطبيب والذباب
    محمد بن عبدالله العبدلي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة
علامة باركود

لا تحقرن من المعروف شيئا (خطبة)

لا تحقرن من المعروف شيئا (خطبة)
خالد سعد الشهري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/7/2019 ميلادي - 1/11/1440 هجري

الزيارات: 63431

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِقَبُولِ الْقَلِيلِ، وَأَعْطَانَا عَلَيْهِ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ، أَحْمَدُ رَبِّي وَأَشْكُرُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَصَحَابَتِهِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ جَلَّ فِي عُلَاهِ، فَاتَّقُوا رَبَّكُمْ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102].

 

عِبَادَ اللَّهِ:

خُطْبَةُ الْيَوْمِ عَنْ أَدَبٍ جَلِيلٍ، وَأَمْرٍ كَرِيمٍ، أَوْصَى بِهِ الْحَبِيبُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ الْهُجَيْمِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْتَبٍ بِبُرْدَةٍ لَهُ قَدْ تَنَاثَرَ هُدْبُهَا عَلَى قَدَمِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي قَالَ: «اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَوَجْهُكَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ، فَإِنَّ إِسْبَالَ الْإِزَارِ مِنَ الْمَخِيلَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

اسْتَوْقَفَتْنِي عِبَارَةٌ مِنْ عِبَارَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ عُنْوَانًا لِخُطْبَةِ الْيَوْمِ؛ أَلَا وَهِيَ قَوْلُ الْحَبِيبِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا» وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَمَلَ هُوَ بِقَدْرِهِ عِنْدَ اللّهِ، لَا بِقَدْرِهِ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ، وَأَنَّ الْمَعْرُوفَ الْقَلِيلَ حِينَ يُصَادِفُ صِدْقًا فِي النُّفُوسِ يَبْلُغُ عِنْدَ اللَّهِ مَبْلَغًا عَظِيمًا.

 

عِبَادَ اللَّهِ:

لَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْكُمْ تَخْفَى عَلَيْهِ قِصَّةُ الْمَرْأَةِ السَّوْدَاءِ، الَّتِي كَانَتْ تَقُمُّ وَتُنَظِّفُ الْمَسْجِدَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، امْرَأَةٌ صَغُرَ أَمْرُهَا فِي أَعْيُنِ النَّاسِ، لَكِنَّ اللَّهَ خَلَّدَ ذِكْرَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا، لَا لِسَابِقَتِهَا فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا لِأَنَّهَا قَدَّمَتْ عَمَلًا جَلِيلًا فِي أَعْيُنِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ ذِكْرُهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ، وَتَقُومُ عَلَى خِدْمَتِهِ، بَقِيَتْ عَلَى هَذَا الْحَالِ حَتَّى مَاتَتْ فِي لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي، فَبَادَرَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ بِتَجْهِيزِهَا وَدَفْنِهَا فِي اللَّيْلِ.

 

مَضَتْ أَيَّامٌ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَرَى هَذِهِ الْمَرْأَةَ، فَسَأَلَ عَنْهَا فَأُخْبِرَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بِوَفَاتِهَا فَقَالَ: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي، فَكَأَنَّ النَّاسَ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، ثُمَّ قَالَ: دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا؟ فَدَلُّوهُ، فَوَقَفَ عَلَى قَبْرِهَا، وَصَلَّى عَلَيْهَا».

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

هَذَا الْمَشْهَدُ رِسَالَةٌ لَنَا أَلَّا يَحْتَقِرَ أَحَدُنَا مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا، حَتَّى الْقَذَاةَ يُخْرِجُهَا مِنَ الْمَسْجِدِ، فَرُبَّ عَمَلٍ صَغَّرَتْهُ الْأَعْيُنُ كَانَ سَبَبًا لِرَضَا الرَّحْمَنِ -جَلَّ وَعَلَا- وَالْفَوْزِ بِجَنَّتِهِ.

 

وَاسْمَعُوا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ، وَالَّتِي مِنْ خِلَالِهَا يَعْلَمُ الْمُسْلِمُ أَنَّ بَذْلَ الْمَعْرُوفِ -وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا- لَنْ يَضِيعَ عِنْدَ اللّهِ -جَلَّ وَعَلَا-: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ: «أَنَّ رَجُلًا رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ، فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ، حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ».

 

اللَّهُ أَكْبَرُ. إِذَا كَانَ الْإِحْسَانُ لِلْكَلْبِ -كَمَا سَمِعْتُمْ فِي الْحَدِيثِ- غَفَرَ اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، فَيَا تُرَى كَيْفَ يَصْنَعُ الْإِحْسَانُ بِصَاحِبِهِ إِذَا اهْتَمَّ بِالضُّعَفَاءِ وَالْأَيْتَامِ، وَسَعَى عَلَى الْمَسَاكِينَ وَالْمُحْتَاجِينَ، فَفَرَّجَ هَمَّهُمْ، وَأَدْخَلَ السَّعَادَةَ لِقُلُوبِهِمْ؟ فَلَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تُزِيلَ حَجَرًا، أَوْ أَذًى مِنْ طَرِيقِ النَّاسِ، فَلَرُبَّمَا غُفِرَ ذَنْبُكَ بِهَذَا الْعَمَلِ الْيَسِيرِ.

 

وَهَذَا نَمُوذَجٌ آخَرُ: نَبَّأَنَا بِخَبَرَهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «تَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، قَالُوا: تَذَكَّرْ، قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ».

 

عِبَادَ اللَّهِ:

بِالْعَمَلِ الْيَسِيرِ بُشِّرَ بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ بِالْجَنَّةِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: «يَا بِلَالُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ دُفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ» سُبْحَانَ اللَّهِ! هَذَا عَمَلٌ يَسِيرٌ، قَدْ لَا يَنْتَبِهُ لَهُ الْكَثِيرُ مِنَّا، كَانَ عِنْدَ بِلَالٍ أَرْجَى عَمَلٍ نَالَ بِهِ بِشَارَةَ الْحَبِيبِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهُ بِالْجَنَّةِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ:

الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، فَاحْرِصُوا عَلَيْهَا وَانْشُرُوهَا بَيْنَ النَّاسِ؛ فَهِيَ سَهْلَةُ الْمَنَالِ، عَظِيمَةُ الْأَجْرِ وَالْأَثَرِ:

 

بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ: يَتَّقِي الْعَبْدُ نَارَ اللَّهِ الْمُوقَدَةَ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ».

 

بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ: يَكْتُبُ اللَّهُ لِعَبْدِهِ مَنَازِلَ مِنَ الرِّضْوَانِ وَالْجِنَانِ؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ».

 

بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ: يَكُونُ لَهَا أَثَرٌ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، هَذَا مُحَدِّثُ الشَّامِ الْإِمَامُ الْبِرْزَالِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أَطْلَقَ كَلِمَةً عَابِرَةً لِتِلْمِيذِهِ الذَّهَبِيِّ، فَقَالَ يَوْمًا لَهُ: "إِنَّ خَطَّكَ يَا بُنَيَّ يُشْبِهُ خَطَّ الْمُحَدِّثِينَ!" فَأَثَّرَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي نَفْسِ الْإِمَامِ الذَّهَبِيِّ، فَأَقْبَلَ بَعْدَهَا عَلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ، حَتَّى عُدَّ إِمَامًا فِي الْمُحَدِّثِينَ، الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ سَبَبًا فِي تَأْلِيفِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وهِيَ كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مِنْ شَيْخِهِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ حِينَ قَالَ: (لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ يَجْمَعُ كِتَابًا فِيمَا صَحَّ مِنْ سُنَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ الْبُخَارِيُّ: (فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي نَفْسِي) فَأَلَّفَ كِتَابَهُ الصَّحِيحَ، الَّذِي هُوَ أَصَحُّ كِتَابٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ:

لَا يَحْتَقِرْ أَحَدُكُمْ كَلِمَةً طَيِّبَةً تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا دَلَالَةً عَلَى خَيْرٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ شَرٍّ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ خَيْرًا أَوْ يَدُلَّ عَلَيْهِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ تَبَسُّمِهِ فِي وَجْهِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَانْبِسَاطِ وَجْهِهِ عِنْدَ لِقَائِهِ، فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ»، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ».

 

نَفَعَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ كِتَابِهِ، وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا.

 

♦♦♦♦♦♦♦

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَقَّ حَمْدِهِ، أَفْضَلُ مَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِهِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ، هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

اجْعَلُوا شِعَارَكُمْ مِنَ الْيَوْمِ "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا" فَكَمْ تَمُرُّ بِنَا فِي حَيَاتِنَا وَأَعْمَالِنَا مِنْ أَعْمَالٍ صَالِحَاتٍ مَيْسُورَاتٍ، نَمُرُّ بِهَا وَنَحْنُ عَنْهَا غَافِلُونَ! فَلَا تَبْخَلُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِابْتِسَامَةٍ صَادِقَةٍ، أَوْ هَدِيَّةٍ مُتَوَاضِعَةٍ، أَوْ رَفْعِ أَذِيَّةٍ يَسِيرَةٍ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ غَفَلُوا عَنْهَا، ارْفَعُوهَا، فَرُبَّمَا كَانَتِ الْجَنَّةُ ثَمَّ!

 

وَلَا تَسْتَصْغِرُوا ثَوَابَ الشَّفَاعَةِ الْحَسَنَةِ، أَوْ قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ الْيَسِيرَةِ، فَرُبَّمَا كَانَتِ الْجَنَّةُ ثَمَّ! وَلَا تَزْهَدُوا فِي طَاعَاتٍ وَلَوْ قَلَّتْ؛ مِنْ مُوَاسَاةِ مَكْلُومٍ، أَوْ تَعْزِيَةِ مُصَابٍ، أَوْ تَشْيِيعِ جَنَازَةٍ، أَوْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ، أَوْ إِنْظَارِ مُعْسِرٍ، أَوْ حَلِّ مُشْكِلَةٍ بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ، أَوْ إِدْخَالِ سُرُورٍ عَلَى مُسْلِمٍ بِأَيِّ أَنْوَاعِ السُّرُورِ، فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكْتُبَ لَكُمْ بِهَا سَعَادَةً لَا شَقَاءَ بَعْدَهَا، وَلَعَلَّ عَمَلًا يَسِيرًا -وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فِي أَنْظَارِكُمْ- يَكُونُ سَبَبًا لِسَعَادَتِكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.

 

وَخِتَامُ الْقَوْلِ أَقُولُ: لَا تَحْقِرُوا مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُحْسِنِينَ.

 

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ اللَّهُمُّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ وَأَنْعِمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَبَقِيَّةِ الصَّحْبِ وَالتَّابِعِينَ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لا تحقرن من المعروف شيئا
  • لا تحقرن من المعروف شيئا
  • حديث: لا تحقرن من المعروف شيئا...
  • فوائد من حديث: لا تحقرن من المعروف شيئا
  • إبطال المعروف بالمن والأذى
  • لا تحقرن من المعروف شيئا (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • لا تحقرن من المعروف شيئا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تحقرن من المعروف شيئا (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حديث: يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حديث: يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تحقرن صغيرا في الدعوة إلى الله(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • لا تحقرن إبداعك(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فضل التبسم في وجوه المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحث على الصدقة ولو بالقليل(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/1/1447هـ - الساعة: 16:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب