• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الفضول وحب الاستطلاع
    محاسن ادريس الهادي
  •  
    لمحة في بيان ما ذكر في القرآن في علو منزلة الخليل ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    الجنة... النعيم الآخر (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    شفاء الصدور بحرمة تعظيم القبور (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    كفى بالموت واعظا (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    سورة ق في خطبة الجمعة وأبرز سننها الكونية ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    علة حديث: ((خلق الله التربة يوم السبت))
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    فصل آخر في معنى قوله تعالى: (وأيدهم بروح منه)
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    التسبيح فرصة للحصول على ثواب الصدقات بدون إنفاق
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    إضاءة: تساؤلات محيرة، وأجوبة واعية
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    أقوال العلماء فيما يعفى عنه من النجاسات
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الفقه الميسر (كتاب الطهارة - ما يستحب ويندب له ...
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    خير الناس أنفعهم للناس (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حين تغادر قبل أن تكتمل البركات
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

أغلق الأقصى.. فعسى الله أن يأتي بالفتح

أغلق الأقصى.. فعسى الله أن يأتي بالفتح
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/7/2017 ميلادي - 26/10/1438 هجري

الزيارات: 16433

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أغلق الأقصى.. فعسى الله أن يأتي بالفتح

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، قَبلَ أَن يَكُونَ في الأَرضِ كَنِيسَةٌ أَو بَيعَةٌ، أَو يُبنَى فِيهَا مَعبَدٌ أَو صَومَعَةٌ، كَانَت قَوَاعِدُ البَيتِ الحَرَامِ قَد أُرسِيَت، وَبَعدَ ذَلِكَ بِأَربَعِينَ سَنَةً بُنِيَ بَيتٌ مُقَدَّسٌ آخَرُ بِأَمرٍ مِنَ اللهِ، فَكَانَ بَيتُ اللهِ الحَرَامُ بِمَكَّةَ هُوَ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، وَكَانَ المَسجِدُ الأَقصَى في فِلَسطِينَ هُوَ الثَّانيَ، فَعَن أَبي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ مَسجِدٍ وُضِعَ في الأَرضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: " المَسجِدُ الحَرَامُ " قَالَ: قُلتُ: ثم أَيٌّ؟ قَالَ: " المَسجِدُ الأَقصَى " قُلتُ: كَم كَانَ بَينَهُمَا؟ قَالَ: " أَربَعُونَ سَنَةً... " الحَدِيثَ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَكَمَا تَتَابَعَت عِمَارَةُ المَسجِدِ الحَرَامِ عَلَى مَدَى الدُّهُورِ وَتَوَالِي العُصُورِ، فَقَد عَمَرَ الأَقصَى المُبَارَكَ كَذَلِكَ عَدَدٌ مِنَ الأَنبِيَاءِ وَمُلُوكِ الإِسلامِ وَالخُلَفَاءِ، مِن أَشهَرِهِم إِبرَاهِيمُ الخَلِيلُ - عَلَيهِ السَّلامُ - وَأَبنَاؤُهُ وَذُرِّيَّتُهُ، وَعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَعَبدُالمَلِكِ بنُ مَروَانَ، وَصَلاحُ الدِّينِ الأَيُّوبيُّ وَغَيرُهُم.

 

أَمَّا بَنُو إِسرَائِيلَ فَقَد كَانُوا في فِلَسطِينَ، ثُمَّ انتَقَلُوا إِلى مِصرَ إِذْ آتَى اللهُ نَبِيَّهُ يُوسُفَ المُلكَ فِيهَا، ثم عَادَ بِهِم مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ - إِلى فِلَسطِينَ لِتَحرِيرِهَا مِن ظُلمِ العَمَالِقَةِ وَتَطهِيرِهَا مِن فَسَادِهِم، لَكِنَّ بَنِي إِسرَائِيلَ وَهُم أَهلُ العِصيَانِ وَالطُّغيَانِ وَنَقضِ العُهُودِ وَالمَوَاثِيقِ مُذ كَانُوا، لم يَشكُرُوا اللهَ عَلَى أَن خَلَّصَهُم مِنَ الفَرَاعِنَةِ الظَّالِمِينَ، بَل عَبَدُوا العِجلَ مِن دُونِ اللهِ، ثم جَبُنُوا عَن دُخُولِ الأَرضِ المُقَدَّسَةِ وَتَحرِيرِهَا مِنَ الجَبَّارِينَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ * يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: 20 - 24] وَقَد آلَم نَبِيَّ اللهِ مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ - جُحُودَهُم وَعِصيَانُهُم، وَنُكُوصُهُم عَنِ الجِهَادِ مَعَهُ لِتَحرِيرِ المَسجِدِ الأَقصَى، فَدَعَا رَبَّهُ أَن يَفرُقَ بَينَهُ وَبَينَ القَومِ الفَاسِقِينَ، فَحَرَّمَ اللهُ عَلَيهِمُ الأَرضَ المُقَدَّسَةَ، وَكَتَبَ عَلَيهِمُ التِّيهَ في الأَرضِ، فَتَاهُوا في سَينَاءَ أَربَعِينَ سَنَةً، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [المائدة: 26] وَلَمَّا انتَهَى التِّيهُ وَقَد مَاتَ هَارُونُ وَمُوسَى - عَلَيهِمَا السَّلامُ -، بَعَثَ اللهُ يُوشَعَ بنَ نُونٍ - عَلَيهِ السَّلامُ - فَقَادَ جِيلاً جَدِيدًا مِن بَنِي إِسرَائِيلَ لِتَحرِيرِ الأَقصَى، وَأَرَاهُمُ اللهُ مَعَهُ مُعجِزَةً عَظِيمَةً لَعَلَّهُم يَصمُدُونَ وَيَصدُقُونَ، فَعَن‏ ‏أَبي هُرَيرَةَ‏ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - ‏قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ‏- ‏صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " ‏إِنَ الشَّمسَ لم تُحبَسْ ‏ ‏لِبَشَرٍ ‏ ‏إِلاَّ ‏ ‏لِيُوشَعَ ‏ ‏لَيَاليَ سَارَ إِلى ‏ ‏بَيتِ المَقدِسِ " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَلَكِنَّ بَنِي إِسرَائِيلَ بَعدَ هَذَا لم يُزَايِلُوا طَبِيعَتَهُم، وَبَقُوا عَلَى إِصرَارِهِم وَعِصيَانِهِم، وَظَلُّوا يُخَالِفُونَ وَيَتَنَكَّرُونَ، وَكَفَرُوا بِنِعمَةِ اللهِ بَدَلاً مِن شُكرِهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [البقرة: 58، 59] وَبِعِصيَانِ بَنِي إِسرَائِيلَ وَتَبدِيلِهِم، سُلِّطَ عَلَيهِمُ الجَبَابِرَةُ مِنَ الكَنعَانِيِّينَ، فَاحتَلُّوا بَيتَ المَقدِسِ وَنَكَّلُوا بِهِم، فَضَاعُوا وَتَفَرَّقُوا، ثم عَمَدُوا إِلى نَبِيٍّ لَهُم لِيُنَصِّبَ عَلَيهِم مَلِكًا يَسُوسُهُم وَيُعِيدُ المُلكَ إِلَيهِم، فَأُرسِلَ إِلَيهِم طَالُوتُ مَلِكًا، فَكَانَتِ المَعرَكَةُ العَظِيمَةُ، وَانتَصَرُوا عَلَى الوَثَنِيِّينَ، وَقَتَلَ دَاوُدُ - عَلَيهِ السَّلامُ - جالوت، وَآلَ إِلَيهِ المُلكُ بَعدَ طَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ النُّبُوَّةَ، وَجَدَّدَ هُوَ وَابنُهُ سُلَيمَانُ بِنَاءَ بَيتِ المَقدِسِ، لَكِنَّ بَنِي إِسرَائِيلَ عَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم وَعَصَوا رُسُلَهُ، فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيهِم الفُرسَ فَدَمَّرُوا بِلادَهُم، وَبَدَّدُوهُم قَتلاً وَأَسرًا وَتَشرِيدًا، وَخَرَّبُوا بَيتَ المَقدِسِ لِلمَرَّةِ الأُولى، ثم اقتَضَت حِكمَةُ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بَعدُ أَن يَعُودَ بَنُو إِسرَائِيلَ إِلى الأَرضِ المُقَدَّسَةِ وَيَنشَؤوا نَشأً جَدِيدًا، وَأَمَدَّهُم بِأَموَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلَهُم أَكثَرَ نَفِيرًا، فَنَسُوا مَا جَرَى عَلَيهِم وَكَفَرُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ﴿ كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ﴾ [المائدة: 70] فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيهِم بَعضَ مُلُوكِ الفُرسِ وَالرُّومِ مَرَّةً أُخرَى وَاحتَلُّوا بِلادَهُم وَأَذَاقُوهُمُ العَذَابَ، وَخَرَّبُوا بَيتَ المَقدِسِ وَتَبَّرُوا مَا عَلَوا تَتبِيرًا، ثم بَقِيَ الأَقصَى بِيَدِ النَّصَارَى مِنَ الرُّومِ مِن قَبلِ بِعثَةِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِنَحوِ ثَلاثِ مِئَةِ سَنَةٍ، حَتَّى أَنقَذَهُ اللهُ مِن أَيدِيهِم عَلَى يَدِ الخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - في السَّنَةِ الخَامِسَةَ عَشرَةَ مِنَ الهِجرَةِ، فَصَارَ المَسجِدُ الأَقصَى بِيَدِ أَهلِهِ وَوَارِثِيهِ بِحَقٍّ وَهُمُ المُسلِمُونَ، بَل وَصَارَت فِلَسطِينُ بِكَامِلِهَا بِلادًا إِسلامِيَّةً، وَصَارَ المُسلِمُونَ جَمِيعًا مَعنِيِّينَ بها وَبِمَسجِدِهَا، مَسؤُولِينَ عَنهُ إِلى يَومِ الدِّينِ، كَيفَ لا وَهِيَ أَرضٌ مُقَدَّسَةٌ، لم تُذكَرْ في كِتَابِ اللهِ إِلاَّ مَقرُونَةً بِوَصفِ البَرَكَةِ؟! قَالَ - تَعَالى -: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [الإسراء: 1] وَقَالَ - تَعَالى - عَلَى لِسَانِ مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ﴾ [المائدة: 21] وَقَالَ - تَعَالى - حِكَايَةً عَن إِبرَاهِيمَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 71] وَقَاَل - تَعَالى -: ﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ﴾ [الأعراف: 137] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ﴾ [الأنبياء: 81] وَقَالَ - تَعَالى - عَن أَهلِ سَبَأٍ: ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً ﴾ [سبأ: 18].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد ظَلَّ المَسجِدُ الأَقصَى قِبلَةَ مُعظَمِ الأَنبِيَاءِ، بَل كَانَ هُوَ القِبلَةَ الأُولَى لِلمُسلِمِينَ أَربَعَةَ عَشَرَ عَامًا، مُنذ مَبعَثِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - إِلى سِتَّةَ عَشَرَ شَهرًا مِن هِجرَتِهِ. فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي وَهُوَ بِمَكَّةَ نَحوَ بَيتِ المَقدِسِ وَالكَعبَةُ بَينَ يَدَيهِ وَبَعدَ مَا هَاجَرَ إِلى المَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهرًا، ثُمَّ صُرِفَ إِلى الكَعبَةِ " رَوَاهُ أَحمَدُ.

 

وَفي المَسجِدِ الأَقصَى صَلَّى النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لَيلَةَ الإِسرَاءِ رَكعَتَينِ، ثم عُرِجَ بِهِ إِلى السَّمَاءِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ في صَحِيحِ مُسلِمٍ. وَكَمَا كَانَ الأَقصَى هُوَ مَبدَأَ مِعرَاجِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - إِلى السَّمَاءِ لَيلَةَ الإِسرَاءِ، فَإِنَّهُ سَيَكُونُ في آخِرِ الزَّمَانِ هُوَ البَابَ إِلَيهَا بَعدَ الحَشرِ إِلَيهِ، فَعَن مَيمُونَةَ مَولاةِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَت: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَفتِنَا في بَيتِ المَقدِسِ. فَقَالَ: " أَرضُ المَنشَرِ وَالمَحشَرِ " رَوَاهُ أَحمَدُ.

 

وَمِن فَضَائِلِ المَسجِدِ الأَقصَى - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - أَنَّهُ ثَالِثُ المَسَاجِدِ الَّتي لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَيهَا، عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسجِدِ الحَرَامِ، وَمَسجِدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَمَسجِدِ الأَقصَى " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَعَن أَبي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: تَذَاكَرنَا وَنَحنُ عِندَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَيُّهُمَا أَفضَلُ: مَسجِدُ رَسُولِ اللهِ أَو بَيتُ المَقدِسِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " صَلاةٌ في مَسجِدِي هَذَا أَفضَلُ مِن أَربَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَلَنِعمَ المُصَلَّى، وَلَيُوشِكَنَّ أَن يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الأَرضِ حَيثُ يَرَى مِنهُ بَيتَ المَقدِسِ خَيرٌ لَهُ مِنَ الدُّنيَا جَمِيعًا " أَو قَالَ: " خَيرٌ لَهُ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فِيهَا " أَخرَجَهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهبيُّ.

 

وَفي عَصرِنَا الَّذِي ضَعُفَ فِيهِ شَأنُ المُسلِمِينَ، عَادَ الصَّهَايِنَةُ الأَنجَاسُ فَاحتَلُّوا الأَقصَى، وَاستَولَوا عَلَى أَجزَاءٍ مِنهُ، وَحَوَّلُوا حَائِطَ البُرَاقِ الَّذِي حَولَهُ إِلى حَائِطِ مَبكًى يُدَنِّسُونَهُ صَبَاحًا وَمَسَاءً، وَشَقُّوا الأَنفَاقَ تَحتَ أَسَاسِهِ حَتَّى تَصَدَّعَت أَجزَاءٌ مِنهُ، وَمَنَعُوا تَرمِيمَهُ أَو إِعَادَةَ بِنَاءِ مَا تَصَدَّعَ مِنهُ، وَحَاوَلُوا مُنذُ أَكثَرَ مِن خَمسِينَ عَامًا حَرقَهُ لِطَمسِ مَا يَدُلُّ عَلَى الحَضَارَةِ الإِسلامِيَّةِ فِيهِ، وَمَا زَالُوا يَعتَدُونَ عَلَى المُصَلِّينَ دَاخِلَهُ، وَيَستَبِيحُونَ دِمَاءَهُم في سَاحَاتِهِ، ثم زَادَ كَيدُهُم مَعَ صَمتِ العَالَمِ المُطبِقِ وَضَعفِ المُسلِمِينَ المُستَمِرِّ، حَتَّى أَقدَمُوا في الجُمُعَةِ المَاضِيَةِ عَلَى إِغلاقِهِ وَمَنعِ المُسلِمِينَ مِن أَدَاءِ صَلاةِ الجُمُعَةِ وَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ فِيهِ، فَنَسأَلُ اللهَ أَن يُطَهِّرَ بَيتَهُ مِن رِجسِ اليَهُودِ، فَـ ﴿ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128].

♦ ♦ ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ المَسجِدَ الأَقصَى حَقٌّ لِلمُسلِمِينَ ؛ لأَنَّهُم وَرَثَةُ الرِّسَالاتِ، وَرِسَالَتُهُم هِيَ خَاتِمَتُهَا، وَكِتَابُهُم هُوَ المُصَدِّقُ لِمَا قَبلَهُ وَالمُهَيمِنُ عَلَيهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48] وَإِنَّمَا كَتَبَ اللهُ الأَرضَ المُقَدَّسَةَ لِبَنِي إِسرَائِيلَ في أَوقَاتِ أَنبِيَائِهِم ؛ لأَنَّهُم كَانُوا إِذ ذَاكَ أَحَقَّ مَن في الأَرضِ بِهَا ؛ لِمَا هُم عَلَيهِ مِن إِيمَانٍ وَصَلاحٍ وَشَرِيعَةٍ قَائِمَةٍ، وَاللهُ - تَعَالى - يَقُولُ: ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [الأنبياء: 105] وَأَمَّا وَقَد نَزَعَ اللهُ مِنهُمُ الحَقَّ لأَنَّهُم لم يَكُونُوا لَهُ أَهلاً، وَنَسَخَ الشَّرَائِعَ بِالإِسلامِ وَجَعَلَهُ عَلَيهَا مُهَيمِنًا، فَلا وَاللهِ يَسُودُ الأَرضَ سَلامٌ وَهُم يُحَاوِلُونَ اغتِصَابَ الأَقصَى مِن أَهلِهِ، وَلا وَاللهِ يَتَحَقَّقُ أَمنٌ إِلاَّ بِعَودَتِهِ إِلى المُسلِمِينَ، وَلا يَأسَ وَلا قُنُوطَ مِن ذَلِكَ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - فَقَدِ احتَلَّ النَّصَارَى المَسجِدَ الأَقصَى مِن قَبلُ، وَتَوَقَّفَتِ الصَّلاةُ فِيهِ تَسعِينَ عَامًا، حَوَّلُوهُ فِيهَا إِلى إِصطَبلٍ لِخُيُولِهِم، فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ بِقُوَّتِهِ، قَيَّضَ لَهُ صَلاحَ الدِّينِ فَطَهَّرَهُ مِن رِجسِهِم، وَلَئِن تَوَلَّى مِنَ المُسلِمِينَ اليَومَ مَن تَوَلَّى أَو ضَعُفَ مِنهُم مَن ضَعُفَ ؛ لأَنَّهُمُ استَحَبُّوا الحَيَاةَ الدُّنيَا عَلَى الآخِرَةِ، فَلَيَجعَلَنَّ اللهُ الفَتح يَومًا مَا عَلَى أَيدِي قَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ، أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ، يُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَومَةَ لائِمٍ، نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لَن يُستَعَادَ الأَقصَى بِمُؤتَمَرَاتٍ وَلا اجتِمَاعَاتٍ وَلا اتِّفَاقِيَّاتٍ، وَلا عَلَى أَيدِي مَن يَلعَنُونَ عُمَرَ مِنَ الرِّافِضَةِ البَاطِنِيَّةِ، وَلَكِنَّ فَاتِحِيهِ بِإِذنِ اللهِ هُمُ الطَّائِفَةُ المَنصُورَةُ، الَّتي هِيَ عَلَى نَهجِ الفَاتِحِ الأَوَّلِ في الإِسلامِ عُمرَ بنِ الخَطَّابِ، أَلا فَلْيُرَاجِعِ المُسلِمُونَ أَنفُسَهُم، وَلْيُقَوُّوا عِلاقَتَهُم بِرَبِّهِم، فَإِنَّهُ وَمُنذُ عَهدِ صَلاحِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللهُ - قَبلَ مِئَاتِ السِّنِينَ، لم يُصِبِ الأَقصَى هَوَانٌ كَاليَومِ، فَللهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمَن بَعدُ، وَلَكِنْ مَتَى عَادَ المُسلِمُونَ إِلى رَبِّهِم - وَسَيَعُودُونَ يَومًا مَا وَلا شَكَّ - فَسَيَكُونُ كُلُّ شَيءٍ في الأَرضِ مَعَهُم عَلَى اليَهُودِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسلِمُونَ اليَهُودَ فَيَقتُلُهُمُ المُسلِمُونَ، حَتَّى يَختَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وَرَاءِ الحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسلِمُ، يَا عَبدَاللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلفِي فَتَعَالَ فَاقتُلْهُ... " رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نداء الأقصى
  • الأقصى ينادي
  • حديث الأقصى
  • سلب الأقصى واسترداده

مختارات من الشبكة

  • قصة الرجال الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفتح المبين من درر اليقين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التشديد بالفتح والتشديد بالفتح مع المد بالألف(كتاب - موقع عرب القرآن)
  • أغلقوا الأبواب في وجوه النمامين(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كيف أغلق قلبي ؟(استشارة - الاستشارات)
  • مخطوطة التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تحقيق تخريج مسألة (من أغلق بابه دون جاره)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وماذا لو أغلقوا أبوابهم جميعا؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/5/1447هـ - الساعة: 16:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب