• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

الأسباب والدوافع الدينية للاستشراق

الأسباب والدوافع الدينية للاستشراق
أ. د. إسماعيل علي محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/3/2016 ميلادي - 22/5/1437 هجري

الزيارات: 36749

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأسباب والدوافع الدينية

للاستشراق


لقد كان للحركة الاستشراقية دوافع شتى، وأهداف عديدة، وخاصة ما يتعلق منها بالدراسات الإسلامية.


وتجدر الإشارة هنا إلى أن من الباحثين من يُفرط في الثناء على المستشرقين عند الحديث عن دوافعهم، ويذهب إلى أن الدافع العلمي النزيه كان وراء نشأة الاستشراق، وأن الرغبة في خدمة العلم كانت الحافز الأعظم للدراسات الاستشراقية، بينما يُفرط البعض في التحامل على المستشرقين؛ مجرداً إياهم من كل قصد نبيل.


"وفي الحق أن كلا من الثناء المطلق والتحامل المطلق يتنافى مع الحقيقة التاريخية التي سجلها هؤلاء المستشرقون فيما قاموا به من أعمال، وما تطرقوا إليه من أبحاث، ونحن من قوم يأمرهم دينهم بالعدل حتى مع أعدائهم، ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8]"[1].


ونحن إذ نقرر هذا فإنه يؤسفنا القول بأنه إن كان هناك من قصد نبيل أو دافع بريء للمستشرقين؛ فإنه يبدو ضئيلاً جداً، أو تائهاً في محيط الدوافع الكثيرة المشبوهة، أو الأهداف المريبة والمقاصد غير النزيهة، كما يتضح هذا من خلال إنتاج المستشرقين وأعمالهم.


ونلقي الضوء على الدافع الديني فيما يلي:

لقد برز الدافع الديني للاستشراق منذ بداياته الأولى، وقد تمثل هذا الدافع في ثلاثة أمور على النحو التالي:

أ - دراسة الإسلام من منطلق أنه دين معاد للنصرانية:

لقد لفت أنظار النصارى منذ قرون طويلة سرعةُ انتشار الإسلام، وقدرته الفائقة على التوسع والتغلب على خصومه، وخاصة عندما نازل الإسلام الصليبية وانتصر عليها في عُقر دارها، وأقام حضارة ودولة في الأندلس، ثم حينما اشتبكت الصليبية الغربية مع الإسلام في الشرق، في إطار ما عُرف بـ"الحروب الصليبية"، وما انتهى إليه الأمر بتراجعها منكسرة منهزمة؛ تجر أذيال الخيبة.


وبالإضافة إلى هذا فإن الإسلام لم يعترف بعقائد النصارى الباطلة؛ مثل التثليث وبنوة المسيح والصلب والفداء...، بل إنه فندها وبين زيفها، وقرر بطلانها وتهافتها بالأدلة الدامغة.


وكذلك فإن الإسلام قد أقام سداً منيعاً في وجه انتشار النصرانية وتمددها، بل إنه انتشر في المغارب والمشارق على حساب رقعتها، ودخلت شعوب كثيرة كانت تدين بالنصرانية في دين الحق، وأعلنت الرضا بالله تعالى ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، فتقلصت بهذا رقعة النصرانية، وانحسر مدُّها، وانقرض في كثير من الأقطار وجودها.


وفي ذات الوقت خشي النصارى في الغرب من وصول الصورة الحقيقية للإسلام إلى جماهيرهم النصرانية كي لا تعتنقه؛ إذ الإسلام دين الفطرة، ولو أتيح لغير المسلمين التعرف عليه ودراسته في جو من الإنصاف لما ترددوا في الإيمان والرضا به دينا، هذه حقيقة يعرفها الأحبار والرهبان غاية المعرفة.


لهذا وغيره أدرك النصارى أن الإسلام يشكل تهديداً حقيقياً لديانتهم، فهبوا يكتبون عنه بروح متعصبة وقلوب حاقدة، وقامت طلائع المستشرقين تعمل في دأب على تشويه صورة الدين الحنيف لدى الأوربيين كي لا يعتنقوه، واندفع رجال الدين الذين درسوا الإسلام كالمجانين يشوهون صورة الدين العظيم، في مجافاة بالغة للعقل والمنطق، والمعايير الأخلاقية النبيلة، فلم يتركوا نقيصة ولا رذيلة إلا وألصقوها بالإسلام ورسوله وتاريخه ورجاله ومبادئه، وكل ما يتصل به، من منطلق كراهيتهم له واعتقادهم أنه دين معاد للنصرانية، وخطرٌ عليها.


وقد اعترف المستشرقون المعاصرون بهذا الأمر، فقال "رودي بارت":

"حقيقة إن العلماء ورجال اللاهوت في العصر الوسيط كانوا يتصلون بالمصادر الأولى في تعرفهم على الإسلام، وكانوا يتصلون بها على نطاق واسع، ولكن كل محاولة لتقييم هذه المصادر على نحو موضوعي نوعا ما كانت تصطدم بحكم سابق؛ يتمثل في أن هذا الدين المعادي للنصرانية لا يمكن أن يكون فيه خير، هكذا كان الناس لا يولون تصديقهم إلا لتلك المعلومات التي تتفق مع هذا الرأي المتخذ من قبل، وكانوا يتلقون بنهم كل الأخبار التي تلوح لهم مسيئة إلى النبي العربي وإلى دين الإسلام"[2].


وقد سبق أن أوردنا ما اعترف به "جيبرت النوجنتي" أو "غيلبرت دونوجنت" (ت 1124م) من أنه لا يعتمد في كتاباته عن الإسلام على أية مصادر مكتوبة، وأشار فقط إلى آراء العامة، وأنه لا يوجد لديه أية وسيلة للتمييز بين الخطأ والصواب... وأنه قال في الختام - في صفاقة يُحسد عليها -:

"لا جناح على الإنسان إذا ذكر بالسوء من يفوق خبثه كل سوء يمكن أن يتصوره المرء"[3].


وللأسف الكبير فإن هذه الروح العدائية في الكتابة عن الإسلام قد ظلت مصاحبة للاستشراق طيلة مراحله، وبقيت حتى الآن أحقادا كامنة لم تُطفئها الأيام، ولا تزال تُفرز سموما وأفكارا عدائية جائرة ضد الإسلام والمسلمين.


ب - دراسة الإسلام بتأثير حركات الإصلاح الديني الكنسي:

وقد سار الدافع الديني للاستشراق في اتجاه آخر إبان ظهور ما سُمي بـ"حركة الإصلاح الديني المسيحي"[4].


وقد كان لهذه الحركة أثر في دراسة الإسلام في جانبين:

الجانب الأول: حاجة دعاة الإصلاح أنفسهم لدراسة اللغة العربية كي تمكنهم من فهم اللغة العبرية:

ذلك أنه "عندما قامت حركة "لوثر" (1483 - 1546م) بالثورة على الفاتيكان، بدأ دعوته بالدعوة إلى دراسة التوراة في لغتها الأولى، وهي العبرية، ولما كانت العلاقة بين العبرية وبين العربية وثيقة، وكانت العبرية تائهة المعالم، وغير مضبوطة، فإن الاعتماد على اللغة العربية في التعرف على الكلمات العبرية كان أمراً ضروريًا"[5].


"ومن هنا اتجهوا إلى دراسة العبرانية، وهذه أدت بهم إلى دراسة العربية فالإسلامية، لأن الأخيرة كانت ضرورية لفهم الأولى، خاصة ما كان منها متعلقا بالجانب اللغوي، وبمرور الزمن اتسع نطاق الدراسات الشرقية حتى شملت أديانا ولغاتٍ وثقافات غير إسلامية وغير عربية"[6].


الجانب الثاني: دراسة الإسلام بقصد عرض نقائصه "المزعومة" لإشغال جموع النصارى بها عن الإصغاء لزعماء حركات الإصلاح في نقد رجال الكنيسة وكشف فضائحهم:

وفي غمار تلك الحركات الإصلاحية التي تفجّرت ينابيعها، وتدفق عبر القرون ضد الكنيسة تيارها، تتحدى سلطانها، وتهتك الأستار عن حقيقة رجالها، وتكشف عن كثير من فضائحهم؛ برز دافع ديني لدراسة الإسلام، وتعرف المزيد عنه بقصد عرض "نقائصه" المتوهمة، والإكثار من الحديث عن "مساوئه" - المزعومة -، رغبة من الكنيسة في تشويه صورته أمام جموع النصارى في الغرب، حتى تنصرف هذه الجموع عن توجيه النقد لرجال الدين تأثرا بما يشيعه أرباب الحركات الإصلاحية المتتابعة خلال الأعصار، ولكي ينصرف الغربيون كذلك عن التنبه لما في دينهم من تحريفات وخرافات ما أنزل الله بها من سلطان، وحماية الكنيسة من الأخطار التي تواجهها، وتزويد رجالها بمعلومات يمكن أن يوظفوها ويتحصنوا بها ضد الإسلام.


وهذا واحد من رجال الكنيسة المضللين، وهو المسمى "بطرس الموقر"، والذي كان "راعيا لأول ترجمة لاتينية للقرآن، كما كان هو نفسه صاحب حملة جدلية طائشة ضد الإسلام"[7]، حيث كان يعتبر الإسلام هرطقة نصرانية، يبرر جهوده في سبيل إيجاد تلك الترجمة التي ظهرت عام 1143م فيقول:

"إذا كان هذا العلم يبدو من النوافل الزائدة لأن العدو ليس عرضة للهجوم بمثل هذا السلاح، فإني أرد بأن في بلاد ملك عظيم تكون بعض الأشياء للدفاع، وبعضها للزينة، وبعضها لكليهما معًا...


[إلى أن قال]: وكذلك الحال مع هذا العمل، فإذا لم يكن بالإمكان تنصير المسلمين به، فمن حق العالم على الأقل أن يساند إخوانه الضعفاء في الكنيسة الذين يسهل افتضاحهم بأشياء صغيرة"[8].


ج - دراسة الإسلام من أجل القيام بتنصير المسلمين:

وقد برز الدافع الديني للاستشراق أكثر ما برز، وتمثل في اتجاه خطير، ألا وهو "التبشير" بالنصرانية، حيث رغب النصارى في تنصير المسلمين، والقيام بأعمال وأنشطة تبشيرية بينهم، وعملوا على بذل كل ما في وسعهم لحمل المسلمين على ترك الإسلام، أو هجر تعاليمه، والتخلي عن اتخاذها منهج حياة لهم، ودستوراً يحكم جميع شئونهم.


ولهذا الدافع كان الإقبال على تعلم اللغة العربية وآدابها، ليتم لهم قراءة العلوم الإسلامية، والتعرف على مبادئ الإسلام ومصادره وشعوبه وحضارته، ولكي يتسنى لهم وضع الخطط والتصورات المناسبة لتشكيك المسلمين في دينهم، وتشويه صورته أمامهم، حتى يسهل عليهم القيام بأعمال التبشير بينهم.


ومن أظهر الدال على وجود هذا الدافع التبشيري للدراسات الاستشراقية:

أنه "جاء في تقرير المراجع الأكاديمية المسئولة في جامعة كمبردج بالنسبة لإنشاء كرسي اللغة العربية فيها، في خطاب مؤرخ في 9 من مايو 1636م إلى مؤسسي هذا الكرسي:

ونحن ندرك أننا لا نهدف من هذا العمل إلى الاقتراب من الأدب الجيد بتعريض جانب كبير من المعرفة للنور بدلا من احتباسه في نطاق هذه اللغة التي نسعى لتعلمها، ولكننا نهدف أيضا إلى تقديم خدمة نافعة إلى الملك والدولة عن طريق تجارتنا مع الأقطار الشرقية، وإلى تمجيد الله بتوسيع حدود الكنيسة، والدعوة إلى الديانة المسيحية بين هؤلاء الذين يعيشون الآن في الظلمات"[9].


فهذا الخطاب - كما هو واضح - ينص صراحة على خدمة هدفين: أحدهما تجاري، والآخر تبشيري.


كما أن المصادر التاريخية قد ذكرت أن مجمع فيينا الكنسي قرر سنة 1312م إدخال اللغة العربية مع لغات أخرى في جامعات: باريس، وبولونيا، وأكسفورد، وسلمنكا، وأن الغرض من هذا القرار كان تبشيريا خالصا، وكنيسا لا علميا[10].


وقد كان ذلك القرار نتيجة لمقترحات المبشرين الحاضرين يوم ذاك، وعلى رأسهم المبشر القديم "رامون لل القطلوني"، والذي كان أشهر المبشرين في زمانه.


وفي هذا يقول المستشرق "جوستاف إ.فون جرونيباوم": "فإنه [يقصد: رامون لُل] لما مثل أمام مجلس فيين (1311 - 1312) اقترح أمورا ثلاثة للمحافظة على شرف العقيدة الكاثوليكية المقدسة وتوقيرها ونشرها:

اولها: أنه ينبغي أن تُبنى أماكن معينة يتوفر فيها أشخاص بأعيانهم من القانتين ذوي الذكاء الرفيع على دراسة لغات شتى، بغية التبشير بالإنجيل المقدس للشعوب كافة.


وثانيها: أنه ينبغي أن يتكون من جميع الفرسان المسيحيين نظام خاص، ينبغي أن يدأب جاهدا لفتح الأراضي المقدسة.


وثالثها: أنه معارضة لرأي ابن رشد الذي حاول في أشياء كثيرة أن يعارض العقيدة الكاثوليكية؛ ينبغي أن يؤلف رجال العلم كتبا تفند الآراء المذكورة، وتبهت كل من يرى ذلك الرأي.


وكانت الثمرة المباشرة لمقترحه الأول هي إصدار المجلس قراراً بإنشاء خمس كليات لتعليم العبرية والعربية والكلدانية في روما وبولونيا وباريس وأكسفورد وسلامنكا"[11].


ولقد اعترف "يوهان فيوك" - في صراحة - بالدافع الديني التبشيري للاستشراق، فقال: إن الاستشراق لم يكن عملا علميا محضا؛ بل إن المراد منه هو الرد على الإسلام، والتبشير بالنصرانية بين المسلمين، وذلك بتراجم عربية للإنجيل[12].


ثم إن سجل الحركة الاستشراقية مليء بالكثيرين من المبشرين ورجال الدين النصارى، الذين لبسوا أردية العلم فوق عباءات الكهان، وراحوا يشتغلون بالاستشراق لخدمة الحركة التنصيرية على مر العصور، حيث سودوا ألوف الصحائف في عرض الإسلام والانتقاص منه، والطعن فيه، فكانوا بمثابة المصنع الذي يُصنع الشبهات، ويقذف بالدراسات المناوئة للإسلام والمسلمين، وتقوم الحركة التنصيرية بدور التسويق والترويج لتلك الدراسات المسمومة، واستغلالها بما يخدم أغراضهم.


وهذا "جون سي بلير" أحد المستشرقين البريطانيين يصرح في استهلال كتاب له عما زعم أنها "مصادر الإسلام"، - كتبه عام 1925م - بأنه يؤمل أن يكون كتابه مفيدا للمبشرين وللكنيسة في العمل التنصيري بين المسلمين، فيقول:

"إن المؤلف ليأمل بأن الكتاب سيكون مفيدا للمبشرين في عملهم بين المحمديين، ولجميع باحثي الإسلام، كما ستجد دوائر الحلقات الدراسية في الكنيسة الأم فيه عونا في دراستها المسألة المحمدية"[13].


وحقا ما يقرره أحد الباحثين قائلا: "ومنذ البداية كان هناك تجاوبٌ في القصد بين المستشرق الأكاديمي والمبشر الإنجيلي"[14].


وأخيرا وليس آخرا؛ فقد مر بنا في الفصل السابق أن الاستشراق قام في أول أمره على أكتاف الرهبان والقساوسة، وأوردنا بعض الأسماء القديمة، ونضيف هنا - على سبيل المثال لا الحصر - المستشرق الأمريكي "صمويل زويمر" رأس المنصرين في البلاد العربية والإسلامية، ومهندس خطة عقد المؤتمرات لمتابعة أعمال التنصير في النصف الأول من القرن العشرين[15]، والمستشرق الفرنسي "لوى ماسنيون"، والمستشرق الأسباني القديم "ريمون لول" رأس المنصرين في عصره، وصاحب المقترحات الخطيرة في مجمع فيينا الكنسي بشأن مكافحة الإسلام، والتي أوردناها قبل قليل، والأمريكي "د. ب. ماكدونالد"، والفرنسي "هنري لامانس اليسوعي"، والإنجليزي "ألفرد جيوم"، وغيرهم كثيرون، لا يتسع لذكرهم المقام.


المستشرقون اليهود والدافع الديني

ولا ننسى - ونحن نتحدث عن الدافع الديني للاستشراق - المستشرقين اليهود خاصة، فالظاهر أنهم - كما يقول الدكتور البهي - "أقبلوا على الاستشراق [أولا] لأسباب دينية، وهي محاولة إضعاف الإسلام والتشكيك في قيمه، بإثبات فضل اليهودية على الإسلام: بادعاء أن اليهودية في نظرهم هي مصدر الإسلام الأول، و[ثانيا] لأسباب سياسية تتصل بخدمة الصهيونية: فكرة أولا ثم دولة ثانيا.


هذه وجهة نظر ربما لا تجد مرجعا مكتوبا يؤيدها، غير أن الظروف العامة والظواهر المترادفة في كتابات هؤلاء المستشرقين تعزز وجهة النظر هذه، وتخلع عليها بعض خصائص الاستنتاج العلمي"[16].


والحقيقة إن عداوة اليهود للإسلام قديما وحديثا أمرٌ لا يحتاج إلى كبير جهد في التعرف عليه، ويكفي أن الله تعالى قد قال: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [سورة المائدة: 82].


ولما بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم وأخذ يدعو إلى الإسلام؛ كان ليهود على رأس من ناصبه العداوة، وخاصة في مجال الحرب الفكرية، فلكم قادوا حملات التشكيك والتشويه وتزييف الحقائق، وكانوا يتولون إمداد الكفار الوثنيين بالشبهات التي ينثرونها في وجه الدعوة الإسلامية، واشتعلت بسببهم نار الحرب الفكرية المعادية للإسلام، ولا نكون مبالغين إذا قلنا إنهم كانوا - ولا يزالون - بمثابة الشيطان في عصابة المجرمين.


ولقد ظل اليهود خلال أدوار التاريخ المتعاقبة يقذفون بالأفكار المعادية للإسلام، ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا، حتى عصرنا الحاضر الذي شهد نشاطا محموما ي هذا المجال، فقاموا على كل صعيد، وركبوا كل سبيل، وجندوا كل شيء من أجل نشر الفكر المعادي لبني الإنسان بعامة، والإسلام والمسلمين بخاصة.


وفي عالم الاستشراق وُجدت رموز كثيرة من اليهود الذين جاءت دراساتهم طافحة بالتحامل والتعصب ضد الإسلام، وبقيت - مع الأسف - مراجع للباحثين في الإسلاميات من الغربيين، بل وبعض المسلمين الذين يدرسون في الغرب، ومن هؤلاء المستشرقين اليهود: المجريُّ "جولد زيهر"، والصهيوني الأمريكي (الإنجليزي الأصل) "برنارد لويس"، والألماني "ولهلم رودلف"، وزميله "يوسف شاخت".. وغيرهم كثير.



[1] الاستشراق والمستشرقون. ص 13.

[2] الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري. ص 32 - 33، نقلا عن رودي بارت. ص 9 - 10.

[3] تراث الإسلام 1/37: 38، واسمه هنا "غليبرت دونوجنت" وانظر: حضارة الإسلام. جوستاف إ.فون جرونيباوم. ص 69. وقد سماه: "جيبرت النوجنتي".

[4] حركة الإصلاح الديني هي حركة قامت بين النصارى كرد فعل لتسلط الكنيسة الكاثوليكية، كان من أبرزها الحركة الإصلاحية ضد تعاليم البابوية التي قام بها "حنا هس" - ولد 1369م -، الذي تأثر كثيرا بأفكار أستاذه "حنا وكلف"- ولد عام 1324م -، بل إنه إلى هذين المصلحين ترجع حركة الإصلاح الكبرى "اللوثرية" التي قامت ضد الكنيسة الغربية فيما بعد، وتلخصت مبادئ "وكلف" في محاربته للكنيسة في أملاكها وتعاليمها، وإنكار التحول في العشاء الرباني، وأن الخبز والخمر في هذا العشاء يبقى بعينه، وأنكر ما يدعيه رجال الكنيسة من قدسية خاصة، وأنكر صكوك الغفران، وكذلك نيابة البابا للمسيح، ثم جاءت الحركة الإصلاحية الكبرى على يد "مارتن لوثر" في بداية القرن السادس عشر، والتي كان على رأس أسبابها بيع صكوك الغفران، وكان من نتيجتها ظهور مذهب ثالث بين مذاهب الكنيسة المسيحية هو مذهب "البروتستانت". المجامع المسيحية وأثرها في النصرانية، د. محمد رجب الشتيوي، ص 405 وما بعدها بتصرف. 1408هـ - 1987م.

وجدير بالذكر أن التاريخ قد سجل ظهور حركات إصلاحية ضد الكنيسة منذ القرن العاشر في أنحاء متفرقة من العالم الغربي النصراني. يراجع بهذا الشأن: يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء، د. رؤوف شلبي، ص 267 وما بعدها، دار البشير، طنطا. مصر.

[5] الاستشراق وجه للاستعمار الفكري. د. عبد المتعال الجبري. ص 82. مكتبة وهبة، القاهرة. ط الأولى 1416هـ - 1995م.

[6] الفكر الإسلامي الحديث، د. محمد البهي، ص 430، وفيه المراجع التي أخذ عنها.

[7] المستشرقون الناطقون بالإنجليزية ومدى اقترابهم من حقيقة الإسلام. بقلم أ.ل. طيباوي. ملحق بكتاب: الفكر الإسلامي الحديث للدكتور محمد البهي. ص 476.

[8] الاستشراق والخلفية الفكرية، ص 31 - 32، نقلا عن: "ساذرن"؛ نظرة الغرب إلى الإسلام في القرون الوسطى ص 56 - 57، وانظر: تراث الإسلام، تصنيف "شاخت" و"بوزورث" ص 40 - 41.

[9] المستشرقون الناطقون بالإنجليزية ومدى اقترابهم من حقيقة الإسلام. بقلم أ.ل. طيباوي. ملحق بكتاب: الفكر الإسلامي الحديث للدكتور البهي. ص 477.

[10] السابق. ص 476 هامش، بتصرف.

[11] حضارة الإسلام. ص 74، نقلا عن: حياة رامون لُل، لكاتب مجهول حوالي سنة 1311م ص 43.

[12] الاستشراق وجه للاستعمار الفكري، د. عبد المتعال الجبري، ص 16 - 17 بتصرف. وقد ذكر أن كلام المستشرق المذكور جاء في كتاب له بعنوان: "تاريخ الاستشراق والمستشرقين في أوروبا بدءا من القرن التاسع عشر"، نشره سنة 1943م، وأنه وضع رسالة أخرى عن الدراسات العربية في أوربا سنة 1955م لتأكيد هذا المعنى.

[13] مصادر الإسلام.. بحث في مصادر عقيدة وأركان الديانة المحمدية، تأليف جون سي بلير، ترجمة مالك مسلمان، ص 6.

[14] المستشرقون الناطقون بالإنجليزية، بقلم أ. ل. طيباوي. ملحق بكتاب: الفكر الإسلامي الحديث. ص 479.

[15] كان أشهر المبشرين في مصر والعالم العربي، وهو صاحب فكرة مؤتمرات التبشير، وقد بدأ في البحرين عام 1901م تقريباً، وانتقل منها إلى الإحساء، ثم عاد إلى البحرين، وكان يلقب نفسه بضيف الله، والأهالي يدعونه ضيف الشيطان، وقد فتح أول أمره حانوتا في السوق لبيع الكتب المختلفة، ثم تخصص بالتدريج في بيع الكتب التبشيرية، وساعدته القنصلية الإنكليزية في بناء مدرسة ومستشفى، وعُني بالكتابة عن الإسلام، وأذاع آراء المبشرين وشبهاتهم، ومن أهم كتبه الإسلام: ماضيه، حاضره، مستقبله الذي دعا فيه أوروبا إلى إثارة حملة من الدعوة إلى الإقليمية في العالم الإسلامي لتمزيق وحدته الفكرية، وخلق قضايا قومية ذات جذور تاريخية لتفريق الصف وسيادة النفوذ الاستعماري. الإسلام في وجه التغريب. مخططات التبشير والاستشراق أنور الجندي. ص 99، دار الاعتصام القاهرة.

ويقول الأستاذ المجاهد "عبد الله التل": وأعجب العجب أن يعلم القارئ بأن صموئيل زويمر هذا الذي كان يرأس مؤتمرات التبشير من "أدنبرة" في أقصى الغرب إلى "لكنو" في أقصى الشرق، والذي قاد معارك التبشير طول ستين عاماً انتهت بهلاكه سنة 1952م، قد كشف عن يهوديته الدفينة الراسخة في أعماق نفسه، وذلك بأن طلب حاخاماً يُلقنه في ساعاته الأخيرة أثناء احتضاره، وقد أخبرني راهب من أصدقائي ايام معركة القدس، أن الكنيسة تحتفظ بهذا السر المذهل، ولا تبوح به حتى لا تنكشف حيل اليهود الذي يتظاهرون باعتناق النصرانية، وحتى لا يظهر إخفاق جمعيات التبشير التي تبذل الملايين عبثاً، وتنخدع بمكر اليهود وخططهم الخبيثة لبث الفتن والبغضاء بين الإسلام والمسيحية. جذور البلاء، ص 228، المكتب الإسلامي - بيروت، ط الثانية 1398هـ - 1978م. وأوصى قبل موته بأن يدفن في مقابر اليهود. واقنا المعاصر، محمد قطب، ص 196 هامش، مؤسسة المدينة للصحافة والنشر - جدة، ط الأولى 1407هـ - 1987م.

[16] الفكر الإسلامي الحديث، ص 431.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • زيارة جديدة للاستشراق .. ولماذا الحديث عنه؟
  • دوافع الاستشراق
  • جذور الاستشراق
  • أساليب الاستشراق وأدواته
  • وسائل الاستشراق
  • الدوافع الاقتصادية للاستشراق

مختارات من الشبكة

  • الوحدة الأمنية لمعالجة الصراعات الدينية: خطة جديدة لمضايقة الأقليات الدينية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • روسيا: مناقشة المناسبات الدينية والحريات الدينية في البرلمان الروسي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الأسباب الدينية للتطاول على دين الإسلام وخير الأنام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإساءة للنبي وأزواجه.. الأسباب والدوافع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأسباب والمسببات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعظيم الأسباب الشرعية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النمسا: مطالبة بالمزيد من العقوبات للجرائم ذات الدوافع الدينية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الروح الدينية .. وأسباب ضعفها في نفوس المسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الدنمارك: عدم ارتياح سياسي بسبب الاعتبارات الدينية للمسلمين بالمدارس(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أثر البعد الدولي في الفكر الإسلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب